Skip to main content

Full text of "المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها م 1-4"

See other formats


عمحفه 


0 


المملكة الأردنية الهاشمية جامعة مؤتة 


المجلة الأردنيّة في 


اللغة العربية وآدابها 


3 3 
ل ١‏ في |/ هم بي 
٠‏ يما أبن 


المجلد (”) العدد (*) جمادى الآخرة 47/8 ١ه‏ / تموز ٠1/‏ ٠9م‏ 


15511 1026-1 


المجلة الأردنية فى اللغة العربية وآدابها 
مجلة علمية عالمية محكمة أسستها اللجنة العليا للبحث العلميء وزارة التعليم العالي والبحث العلميء الأردن 
وتصدر عن عمادة البحث العلمي. جامعة مؤتة؛ الكرك. الأردن. 


ترسل البحوث وجميع المراسلات إلى العنوان الآتي 


رئيس تحرير المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها 
عمادة البحث العلمي» جامعة مؤتة؛ء المملكة الأردنية الهاشمية 


ص .ب )١19(‏ مؤتة - )117١١(‏ الأردن 
هاتف 995 - 57١/558٠.‏ (3 -157) 
فاكس: 571/.09.05 (3 -157) 


22200[ :لنمد 1 


0111-3[ /:111212.6011.[10/0127لظا.15353357//:ماغط عاأتقطء .1 4ار»[ 


نميل كتب 3553.5770102155.6»012طاطه//نصاغط 


المجلة الأردنيّة في 


اللغة العربية وآدابها 


3 3 
ل ١‏ في |/ في بي 
٠‏ 4 4 


المجلد (”") العدد (”*) جمادى الآخرة 4748 ١ه‏ / تموز ٠1/‏ ٠7م‏ 


رئيس التحرير 
أ.د سمير الدروبي 


سكرتير التحرير 
سالم سليمان الجعافرة 
هيئة التحرير 
أند. حسيبسن عطوان أند. نهد المويسى 
أ.د. يوسسف بكار أند. محسصددود مغلسة 
أ.د. عبداااتقاح الحموز أ.د. خالد الكركي 
الهيئة الاستشارية للمجلة 
أ.د عبدالك ريم خليفة أ.د ناصر الدين الأنسد 
أردم دحمو السمرة أ.د شاكر الفحام 
أ.د أ الضبيب أ.د عبدالملئك مرتاض 
أأد أحمد ممشغل وب أرد عبدالسملام المسدي 
أدمحصطدددبن شريفه أ.د عبدالعزيز المقالح 
أد عب دالعزيز المانع أ.د عبدالقادر الرباعي 
أ.د عبدالجالبيل عبدالمهدي أ.د ص لاح فضل 


التنضيد والاخراج الضوئيَ 
نهلة عبدالكريم يونس 


التدقيق الفني 
نايف النوايسة 


بسم الله الرحمن الرحيم 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها 


تصدر عن اللجنة العليا للبحث العلمي في المملكة الأردنية الهاشمية 


أ- شروط النشر: 


لغة المجلة هي العربية ويمكن أن تقبل بحوثاً بالإنجليزية أو أية لغة أخرىء بعد موافقة هيئة التحرير. 

يقبل للنشر في المجلة البحوث والنصوص المحققة والمترجمة ومراجعات الكتب المتعلقة باللغة العربية 
وآدابها. 

يشترط فيما يقدم للمجلة أن يكون أصيلاً ولم يسبق تقديمه لمجلة أو أية جهة ناشرة أو أكاديمية (وألاً يكون 
جزءاً من رسالة علمية). ويتعهد الباحث بذلك خطياً عند تقديم البحث للنشر. 

أن يكون البحث المقدم خاضعاً لأسس البحث العلمي وشرائطه. 

يصبح البحث بعد قبوله حقاً محفوظاً للمجلة ولا يجوز النقل منه إلا بالإشارة إلى المجلة. 

يجوز للباحث إعادة نشر بحثه بعد مضي سنتين على نشره في كتاب بعد موافقة هيئة التحرير الخطية على 
أن يشار إلى المجلة حسب الأصول. 

يتولى تحكيم البحث محكمان أو أكثر حسب تقدير هيئة التحرير. 

يقدم الباحث أربع نسخ مطبوعة ونسخة إلكترونية على قرص ممغنط "(5,؟) '[مم110 أو مدمج (00©) 
باستخدام البرنامج الحاسوبي (77010 315) بمسافات مزدوجة بين الأسطر وهوامش 5,"سم» وعلى 
وجه واحد من الورقة (45) ٠‏ بحيث لا يزيد عدد صفحات البحث على )5٠(‏ صفحة. 

يكون نوع الخط المستخدم في المتن ©1721 114160م102ذ5 بنط 5 .١‏ أما الحواشي فتكون بنفس الخط وبنط 
,١‏ 

يذكر الباحث على الصفحة الأولى من البحث اسمه ورتبته الأكاديمية والمؤسسة التي يعمل فيها. 

تحتفظ الهيئة بحقها في عدم نشر أي بحث وتعدُ قراراتها نهائية. 

لا ترد الأبحاث التي لم تقبل لأصحابها. 

يلتزم الباحث بدفع النفقات المالية المترتبة على إجراءات التحكيم في حال سحبه للبحث أو رغبته في عدم 
متابعة إجراءات التقويم. 

يلتزم الباحث بإجراء التعديلات التي يقترحها المحكمون خلال شهر من تاريخ تسلمه القزار. 

يخضع ترتيب الأبحاث في النجلة لتحارير) فنية رز اها عرفة التدرين: 

الأبحاث المنشورة في المجلة تعبر عن آراء أصحابها ولا تعكس بالضرورة آراء هيئة التحرير أو الجامعة 
أو سياسية اللجنة العليا أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في المملكة الأردنية الهاشمية. 


ب - تعليمات النشر: 

- أن يُكتب ملخصٌ للبحث باللغة العربية وآخر بالإنجليزية بما لا يزيد على )١5١(‏ كلمة لكل منهما وعلى 
ورقتين منفصلتين بحيث يكتب في أعلى الصفحة عنوان البحث واسم الباحث (الباحثين) من ثلاثة مقاطع مع 
العنوان (البريدي والإلكتروني) والرتبة العلمية وتكتب الكلمات الدالة (1663/100105) في أسفل صفحة 
الملخص بما لا يزيد على خمس كلمات بحيث تعبر عن المحتوى الدقيق للمخطوط. 

- يُشار إلى المصادر والمراجع في متن المخطوط بأرقام متسلسلة توضع بين قوسين إلى الأعلى هكذا: !'. 
', '' ويكون ثبتها في أسفل صفحات البحثء وتكون أرقام التوثيق متسلسلة موضوعة بين قوسين في 
أسفل كل صفحة:؛ فإذا كانت أرقام التوثيق في الضصفحة الأو مكلا قد انتهت عند الرقم (5) فإن الصفحة 
التالية ستبدأ بالرقم .)١(‏ ولا يعاد إيرادها عند نهاية البحث» ويكون ذكرها للمرة الأولى على النحو الآتي: 


الكتب المطبوعة: 

اسم شهرة الكاتب متلواً باسمه الأول والثاني وملحقاً بتاريخ وفاته بالتاريخين الهجري والميلادي: واسم الكتاب 
مكتوباً بالبنط الغامق» واسم المحقق أو المترجمء والطبعة» والناشرء ومكان النشر وسنته» ورقم المجلد - إن تعددت 
المجلدات - والصفحة. مثال: 

الجاحظ؛ أبو عثمان عمرو بن بحر ( ت755١ه/‏ 51م): الحيوان. تحقيق وشرح: عبدالسلام محمد هارون» ط١”ء‏ 
مصطفى البابي الحلبيء القاهرة» :١975‏ ج”7,» ص٠‏ 5 . ويشار إلى المصدر عند وروده مرة ثانية على النحو الآتي: 
الجاحظء الحيوان» ج» ص. 


الكتب المخطوطة: 

اسم شهرة الكاتب متلوا باسمه الأول والثاني وملحقاً بتاريخ وفاته بالتاريخين الهجري والميلادي: واسم المخطوط 
مكتوباً بالبنط الغامق» ومكان المخطوطء ورقمه؛ ورقم اللوحة أو الصفحة. مثال: 

الكناني» شافع بن علي (ت70اه/ 17720م): الفضل المأثور من سيرة السلطان الملك المنصور. مخطوط مكتبة 
البودليان باكسفوردء مجموعة مارش رقم (575)» ورقة .5٠‏ 


الدوريات: 
اسم كاتب: المقالة» عنوان المقالة موضوعاً بين علامتي تنصيص ٠"‏ "ء واسم الدورية مكتوبا بالبنط الغامق» رقم 


المجلد والعدد والسنة» ورقم الصفحة» مثال: جرارء صلاح: "عناية السيوطي بالتراث الأندلسي - مدخل". مؤتة 
للبحوث والدراساتء المجلد العاشرء العدد الثاني» سنة 15١5١ه/‏ 11955١م؛»‏ ص ١75‏ -717, 


وقائع المؤتمرات وكتب التكريم والكتب التذكارية: 

ذكر اسم الكاتب» واسم المقالة موضوعة بين علامتي تنصيص "2 “,. واسم الكتآب كاملا بالبنط الغامق» 
واسم المحرر أو المحررين إن كانوا غير واحدء ورقم الطبعة» واسم المطبعة والجهة الناشرة» ومكان النشرء 
وتازيقة ورقم الضشهةر ذال ؟ الغزاردي» مضسطفق + "توطق. القيائل: الحزينة .في أؤلاف جند. ارون حتى نهاية افون 
الرابع الهجري"؛ في محراب المعرفة: دراسات مهداة إلى إحسان عباسء. تحرير: إبراهيم السعافين» طاء دار 
صادر ودار الغرب الإسلاميء» بيروت». 115317١م؛‏ ص7١‏ 5. 


- تكتب الأعلام الأجنبية حين ورودها في البحوث باللغة العربية والإنجليزية بعدها مباشرة محصورة بين 
قوسين ( ). 

-2 يراعى النظام المتبع في دائرة المعارف الإسلامية عند كتابة الأسماء والمصطلحات العربية بالحروف 

ترسم الآيات القرآنية بالرسم العثماني بين قوسين مزهرين7 4 مع الإشارة إلى السورة ورقم الآية. وتثبت 
الأحاديث النبوية بين قوسين هلاليين مزدوجين((1 )) بعد تخريجها من مظانها. 

تكو الم تتتلاك اغلى التق الآتي: 


رئيس تحرير المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها 
عمادة البحث العلميء: جامعة مؤتة» المملكة الأردنية الهاشمية 


ص.ب )١19(‏ مؤتة - )117١١(‏ الأردن 
هاتف 99- 5١0/558٠.‏ (35 -157) 
ناسوخ (فاكس) : 5/١/5‏ (155-0) 
0 ©2121 َل ااتمد ا 


0111-1 /:1011]212.6011.[0/0121. 1737737//: وراغط عأتعطء.خ1 24[ 


محتويات العدد 
المجلد (") العدد (") جمادى الآخرة 477 ١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


البحوث باللغة العربية 


اسم البحث اسم الباحث الصفحات 
« المنامات الأيوبية: روافد التلقي - ١‏ د. خالد محمد الجديع +-0١‏ 


الرؤية الفكرية - البنية السردية 
» المفارقة ذات المعطيات التراثية في | د. ثناء نجاتي عياش مم 
ديوان "يمر هذا اليل" 
٠‏ الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب أ د. جزاء محمد المصاروة 8 ١٠.+-‏ 
العربية (دراسة وصفية دلالية) 
« المنية في الشعر (دراسة في دلالتها ' د. خليل عبد سالم الرفوع ١١. ١.0]‏ 
وصورها الاستعارية) 
« الملكة اللغوية عند ابن خلدون؛ | د. فايز عيسى المحاسنة ١49-18‏ 
دراسة لسانية معاصرة 
« الطعينة في قصيدتي الهجاء د. يوسف محمود عليمات | ١ه١-هم١‏ 
والمديح عند بشر بن أبي خازم 
الأسدي: قراءة تأويلية ثقافية 


"١ عمان في شعر حسن بكر العزازي | د. حامد كساب عياط‎ ٠ 


٠٠.7١ | د. عبدالحليم حسين الهروط‎ ١ الرسالة الجدية لأبي الوليد أحمد بن‎ ٠ 
زيدون 042 د اك تحقيق د. محمود عبدالرحيم صالح‎ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية | د. عبدالله عنبر 0 
لاكتناه التماسك النصي وفرادة 
التشكيل 

» معارضة (ملقي السبيل) للمعري في | د. أيمن محمد ميدان ام ده لم 


الأندلس 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 
المنامات الأيوبية: 
روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية 


د. خالد بن محمد الجديع * 
تاريخ تقديم البحث: 7٠١5/1/51‏ تاريخ القبول: 0 0 


ملخص 

مع طفرة المناهج النقدية الحديثة من أسلوبية وبنيوية وسيميائية» ومع بروز نظريات القراءة والتلقي شهد النص المقامي 
تحولا مساريا جديداء حيث تغيرت مواقع التبئير ومناطق الرؤية في المقامة العربية» فاكتسب المشهد المقامي فعلا قرائيا جديدا 
برهن على أن المقامة لا تزال قادرة على إمتاع القارئ وإثارة الناقد. 

وقد أعادت هذه القراءات البحثية المقامة إلى عالم الإبداع» وأغرت الدكتور صلاح جرار بكتابة نصوص سردية حديثة 
البنية» عالية المستوى على الطريقة المقامية» سماها ( المنامات الأيوبية ) ويحاول هذا البحث المقاربة مع هذه المقامات 
لاكتشافها وتفكيك بنيتها. 

يتكون هذا البحث من ثلاثة مباحثء أولها رصدت فيه روافد التلقي» وثانيها كان خاصا بالرؤية الفكرية للمنامات الأيوبية؛ 
تلك الرؤية التي تسربل الكاتب لدى التعبير عنها بثلاثة دروع هي : العنوان الترائي: والشكل المقاميء والأحلام. 

أما ثالث المباحث فقد تلمست فيه الراوي الحقيقي لهذه المقامات بعد أن أفضت في الحديث عن مجموعة الرواة 
وأدوارهم. ولأنه لا يمكن تصور نص سردي دون شخوص فقد توقفت عند الأبعاد المختلفة لشخصياته وكيفية تعامله معها. بعد 
ذلك أوضح البحث التمازج الموغل بين الزمان والمكانء بالإضافة إلى ذوبان المدد الزمانية وتكسر الحدود المكانية في هذا 
العمل؛ وفي الختام تعمقت في دراسة طبيعة البنية السردية في هذا النتاج مقترحا بنية مختلفة عن بنى المقامة التراثية» رأليت 
أنها تحقق الخصوصية لهذا الأثرء ويمكن أن تكون مفتاحا له. 


71 


215 - 15 011 لق4 
(-56114111 ع1 , ام0لكل؟ لهتتاعة11اع)د1 غطا رسمتامعءء» 01 دععء سرود عط)) 
(560177 ]"امطد عتطوترة لدع ز1وكد1) ) مسد د11 01 عتتدعع عط 

0 110001121 7710655 320 3231797515 01 1025اع01 1021 أ5115565 , 1062311125 2657 3 116لاوعم 
.7 01ع12 102امععع1 320 عاع10 امعد ,5159:1151 , 231121176 ما طاعتدعدع 320 طاع10مم3 تتعلمجط عطا ما علصقطا 
5 15 , 71617 01 001265 الاع2 ,32215515 01 7005طأعط اع2 أوع51155 5420312103 عاطدعث عطا لعع1]20 
.ع0 لاع:178 مقطا عمحم عط 01110 

طقلة5 ل0ععتلء5 حفط غ1 , كنوع 01 170110 عغطا 0 ومتمنة]81 عطا لعصباع مقط عمتلمع] /تاعم حلط 1' 
.معلاععئىء 15 :1211ل عذمط/13 ماوعا 22112117 جتاع17200 711 ما كوكه ل 

1 111011002اممه كتلط 2ط .(81202122215 كمحدع01[) 5قتلطفصدة1/ط 5أتصطدند11 15 ذاءرع عدعطا 01 عمطتهم عط 1" 
كلط!' . 5غطعة20مم2 31ع511ه عطناهد أدعا [ 220 , 51303522 01 عتتناع تماد عطا غنا0طة 2م10ودناء015 عطا تاعممع] 
ع0 12 ,امتاوععع1 01 5عع50101 أمعتء ]01 عطا عنوع10 1 0116م أوك8 عطا م[ : 1515م ععغطا دعلتاعما ا.وعوعم 
795 ع1 .1120220215 15طناملتق4 12 7151058 عط ع0قتماععمه00 ع1م0) عط طع03]ممة 1[ تدهم 20ممعع5 
ع0 ص[ .كتطدع:1ل عغطا 220 ,تمتقعة1/1 ]01 جطمتظ عطا , عع 12 عط عط'1' :دع متلدعط ععغطا نا لعدوع1معء حفط 102كل؟ 
01 01715197 عطا عكاملهء 1 , 10165 لإعطا 320 221126015 عطا عمتمتععممه 501039 عدم1 2 ععالة ,تعامده لختطا 
. عمطت 220 عع3م؟5 مععتتكاع 12)105ع1 عطا مته1[مت 1 220 , 5ك100كمعطمطتل 02116ه5عم 

1[ 4مة , أعنز 0ع55ناء015 وعء6 غ20 عتكقط طاعتط8ا دمندنة11 01 ع11اأع تناد عطا معمععل 1 مه10كنااعممء عطا مآ 
اعنتوعوع1 عطا معممع 220 تتصدوة11ا 01 عتمعع م10 2[1طاع1ه عككاع طعتط عتتاع نكاد ع2 2 ع05مم10م 
أءاع] قلطا عمتطن1ععمم 


* كلية اللغة العربية» جامعة الإمام محمد بن سعود. 
حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة, الكركء الأردن. 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


مدخل : 
١‏ - تحولات الجنس واختلاف الاستجابات : 

مرت المقامة العربية على اختلاف العصور التي كتبت فيها بتحولات عنيفة قلبت مسار 
النمط السردي الثابت لهاء ذلك النمط الذي أسس له بديع الزمان الهمذاني والحريريء والذي يقوم 
على قصة قصيرة لها بطل محتال يخلب ألباب سامعيه بكلمه؛ وراوية يتابعه ويكتشف شخصيته: 
وأسلوب يزخر بالألفاظ الغريبة» ويتشح بالصنعة الكلامية!"". 

لقد تكسرت هذه الأسس بعد هذين الرائدين» وغدا الفن المقامي أكثر تحررا وأرحب أفقاء 
لكن اتجاه القراءة لهذا الجنس المثير للجدل ظل منصبا - في غالبه - على نتاج رائديه البديع 
والحريري ومحكوما بوعيهما المقامي!". 

فمع بداية عصر النهضة كان هاجس الأدباء والمثقفين فيها بعث تراث الأمة وتخليد إرثهاء 
وقد فرضت هذه القراءة الإحيائية فعلها الثقافي المتمثل في إخراج مقامات البديع والحريري من 
ظلمة مطالعتها في مخطوطات معرضة للسقط والكشط والتعليق إلى نور تمظهرها في مدونة ناجزة 

كما تضمن مسار التلقي الإحيائي إنشاء مقامات تسير في اتجاه مواز للخط المقامي 
عند مبتكريه» تبدى ذلك لدى اليازجي حينما كتب ( مجمع البحرين ) وعند المويلحي حينما أنشأ ( 
حديث عيسى بن هشام ). 

لكن الحس الإحيائي ما لبث أن خفت وارتفعت أصوات تزعم أنها تحطم هيبة التراث القائمة 
على الجعجعة والضجيجء وبذلك ظهر فعل قرائي جديد ينحو في تلقي المقامات منحى استبعادياء 
ويدعو إلى الإجهاز عليها ودفنها ؛ لأنها نصوص جافة جامدة خالية من أية حياة تغري بقراءتها بله 
التصدي لها بالدراسة والبحث. 

بدت هذه القراءة عند محمد مندور الذي يرى أن الفضل في نهضتنا الحديئة يعود 
لتأثرنا بالأدب الغربيء أما النص التراثي فقد خلا عنده " من كل إحساس أوفكر أو فن صحيح. 
وغلبت عليه اللفظية والتكلف حتى أماتت الأدب» وظلت تلك الكارثة مستمرة إلى أن ظهرت نهضتنا 


)١(‏ انظر : فكتور إلككء بديعات الزمان؛ الطبعة الثانية» دار المشرقء بيروت؛: ١117١م»‏ ص38 ؛ . ويوسف نور عوضء؛ فن 
المقامات بين المشرق والمغرب, الطبعة الأولىء دار القلمء بيروت - لبنان؛ 315١م‏ ص8 . وعبدالرحمن ياغي» 
رأي في المقامات. دار الفكر للنشر والتوزيع» عمان - الأردن» 985١م,»‏ ص5١.‏ 

)١(‏ انظر : خالد الجديع» المقامات المشرقية" .هه - ١١٠٠١‏ ه '"". الطبعة الأولى» 577١ه‏ - ١١٠7م‏ صه. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الحديثة فاستطعنا بفضل تأثرنا بالأدب الغربي أن نرفع من وقرها "!". 

وفي خط هذا المسار الاستبعادي يصرح علي الوردي بأنه لما ظهر الهمذاني " تحول النثشر 
العربي على يده إلى شعوذة:؛ فالهمذاني لم يكتف باستعمال السجع المتكلف والمحسنات البديعية في 
كتابته» وإنما أضاف إليها الإغراب» وحين تقرأ قطعة من أدبه تشعر بأنه يريد أن يظهر بها مبلغ 
براعته في الإتيان بالكلام الصعب كأنه بهلوان "1". 

ويظهر هذا الموقف العدائي من المقامات والمبني على قراءة منحرفة المسار مشوشة 
الرؤية عند كل من أنور الجندي ويوسف الخال وجبرا إبراهيم جبرا!". حيث يرى الأخير أن مشهد 
الأدب العربي القديم كاملا " يتقلص ليكون في حدود المقامات التي ظلت دهرا تتخبط في خضم 
البشنيطات لوو 

إن هذه النظرة الإقصائية المبهورة بالنتاج الغربي ومنجزاته ما كان لها أن تصمد أمام محك 
البحث العلمي الممحصء فمع الدراسات الأكاديمية الجادة تم تعديل مسار التلقي لتشهد المقامات بذلك 
فعلا قرائيا يضع الأمور في نصابها بعيدا عن التمجيد والتغني الذي ظهر في القراءة الإحيائية؛ 
وبمعزل عن الشتيمة والقطيعة اللتين بدتا في تيار التلقي الاستبعادي. 

ويحمل لواء الوسطية القرائية كل من الدكتور محمد غنيمي هلال الذي رأى في بطل 
المقامات أنموذجا إنسانيا خالدا!”)» والدكتور مصطفى الشكعة الذي أثنبت ريادة البديع للقصة 
والمقالة/'' والدكتور عبدالملك مرتاض الذي رصد أبرز الخصائص المضمونية والشكلية للمقامة 


ومع طفرة المناهج النقدية الحديثة من أسلوبية وبنيوية وسيميائية» ومع بروز نظريات 
القراءة والتلقي شهد النص المقامي تحولا مساريا جديداء حيث تغيرت مواقع التبئير ومناطق الرؤية 
في المقامة العربية» فاكتسب المشهد المقامي فعلا قرائيا جديدا برهن على أن المقامة لا تزال قادرة 


.5١7”ص محمد مندورء النقد المنهجي عند العرب؛ دار نهضة مصرء القاهرةء» ت»‎ )١( 

.7١5 علي الورديء أسطورة الأدب الرفيع؛ الطبعة الثانية» دار كوفان للنشرء بيروت؛. 995١م» ص‎ )١( 

(؟) انظر مناقشة لآرائهم في : نادر كاظمء المقامات والتلقي: الطبعة الأولى» المؤسسة العربية للدراسات والنشر» بيروت» 
*٠٠آمء‏ 2097 75 7, 

(:) جبرا إبراهيم جبراء الحرية والطوفانء الطبعة الثالثة» المؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروت» 987١م»‏ ص44. 

(5) انظر : محمد غنيمي هلالء النماذج الإنسانية في الدراسات الأدبية المقارنة» دار نهضة مصرهء القاهرةء 351١م»‏ 
ص ؟١7,‏ 

(5) انظر : مصطفى الشكعة» بديع الزمان الهمذاني رائد القصة العربية والمقالة الصحفية؛ الطبعة الأولى» عالم الكتبء 
بيروت؛. 507١ه‏ -19185١م‏ .ص9١‏ . 

(0) انظر : عبدالملك مرتاضء فن المقامات في الأدب العربيء. المؤسسة الوطنية للكتاب» الجزائرء 948/4١م؛ء‏ ص”787. 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


على إمتاع القارئ وإثارة الناقد. 

ويمكن أن نضع في هذا الاتجاه منجزات عبدالفتاح كليطوأ'!» ودراسة الدكتور ناصر موافي 
عن السرد القصصي في القرن الرابع الهجري/"؛ ومرئيات الدكتور عبدالله إيراهيم في كتابه الذي 
يعالج البنية السردية للموروث الحكائي العربي!"". 

ولعل هذه القراءات البحثية الحديشة هي التي أعادت المقامة إلى عالم الإبداع بعد أن 


توهم بعض الباحثين غروب شمسهاء وأحسب أن ذلك هو الذي أغرى الدكتور صلاح جرارا“ا 
كقح رضن مور لجن أخؤركة لكيه عالتة المد فوسف الساديلة المقارية ماف اناك 
الأيوبية )» وسيحاول هذا البحث المقاربة مع هذه المقامات لاكتشافهاء وتفكيك بنيتها. 


؟ - رؤية المؤلف لا رغبة المحقق ( اتصال أم وسائط متعددة ) : 

بدأ الفن المقامي شفاهياء فقد نصت المصادر على أن بديع الزمان كان يملي مقاماته في 
مجلس درسه. يذكر الثعالبي أنه " أملى أربعمائة مقامة نحلها أبا الفتح الإسكندي في الكدية 
وغيره""”' ويشير ابن شرف إلى وقت إملائها بقوله : " كان ينشئها بديها في أواخر مجالسه "!"". 


إن انبثاق المقامات البديعية من مدونات مملاة» دون إشراف البديع شخصيا على كتابتها 


.م١19/17 انظر كتابيه : الغائب ( دراسة في مقامة للحريري ). الطبعة الأولى» دار توبقال للنشرء الدار البيضاءء‎ )١( 
والمقامات : السرد والأنساق الثقافية» ترجمة عبدالكبير الشرقاويء الطبعة الأولى» دار توبقال للنشرء الدار البيضاءء‎ 
ام,‎ 

)١(‏ انظر : ناصر موافيء القصة العربية - عصر الإبداع - دراسة للسرد القصصي في القرن الرابع الهجريء الطبعة 
الأولى» دار الوفاء للطباعة والنشرء المنصورةء 65١5١1ه‏ - 1115١م.‏ 

(") انظر : عبدالله إبراهيمء السردية العربية : بحث في البنية السردية للموروث الحكائي العربيء الطبعة الثانية» المؤسسة 
العربية للدراسات والنشرء بيروت» ١٠٠5م.‏ 

(:) د.صلاح جرار من مواليد جنين عام 157١م»‏ يعمل أستاذا بقسم اللغة العربية وآدابها في الجامعة الأردنية» حصل على 
الماجستير عام 917١م»‏ وعلى الدكتوراه عام 387١م‏ لديه اهتمامات في مجال تحقيق التراث ودراسته» وقد توجهت 
عنايته نحو الأدب الأندلسيء له ارتباط وثيق بالعمل الصحفي فهو كاتب أسبوعي في العديد من الصحفء وله مشاركات 
في عدد من البرامج الثقافية في محطات التلفزة العربية ومحطات الإذاعة» ومن أشهر كتبه وأبحاثه : الأدب والحياة 
الأدبية في غرناطة» والفهرس الشامل للتراث العربي والإسلامي المخطوط : ضرورة علمية وعربية إسلامية» 
والتوقيعات الفارسية المعربة» وزمان الوصل : دراسات في التفاعل الحضاري والثقافي في الأندلس ( انظر : موقع دليل 
كتاب فلسطينء وموقع المركز الأردني للإعلام» وفهرس مكتبة الملك فهد الوطنية ). 

(5) أبو منصور الثعالبي» يتيمة الدهر في محاسن أهل العصرء تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد» الطبعة الأولىء دار 
الكتب العلمية» بيروت» 915١م,‏ 751/5. 

(5) ابن شرف القيروانيء أعلام الكلام» الطبعة الأولى» مكتبة الخانجي»ء مصرء 975١م؛‏ ص7١‏ . 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


جعل كثيرا منها نهب الضياع والانفلات من يد الزمن» إذ تشرذمت مقاماته الأربعمائة لتصبح ثلاثا 
وخمسين مقامة فحسب. 

وهذا العدد الكبير الذي تحيل إليه مقامات البديع ليس قولا شاذا عند الثعالبي. بل إن 
الحصري يشير إلى الرقم نفسه بقوله : " ولما رأى أبا بكر محمد بن الحسين بن دريد أغرب 
بأربعين حديثا... عارضها بأربعمائة مقامة في الكدية ."١"‏ 

إن الطابع الشفاهي الذي اتسمت به المقامات وقت ولادتها انعكس على مادتهاء وليس هذا 
أمرا غريباء فالقرآن الكريم الذي تكفل الله بحفظهء وأقبل عليه الصحابة تلاوة وحفظا وتدبراء تطرق 
إليه الخلاف بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم» مما دفع عثمان بن عفان إلى جمع المسلمين 
على مصحف واحدء وإحراق المصاحف الأخرىء ليخرج القرآن الكريم في عهد الخليفة الثالث " 
بالنص الرسمي المغلق "!". 

ومع ظهور عهد المطابع وبداية انقضاء مطالعة الكتب التراثية في مدونات مخطوطة 
مختلفة قام الشيخ محمد عبده بإخراج مقامات الهمذاني إلى النورء لكن هذا النشرلم يكن وفق مراد 
بديع الزمان» بل جاء تبعا لرؤية الشيخ محمد عبده؛ فالذي يسمح له الشيخ بالظهور يظهرء والذي لا 
يأذن له يغيبء لقد قدم لنا الشيخ رؤيته الثراثية لمقامات الهمذاني لا مقامات الهمذاني عندما أقدم 
على حذف مقامة كاملة من مقاماته هي ( المقامة الشامية )» وقص أجزاء من ( المقامة الشيرازية ) 
و( المقامة الرصافية )» وإهمال عبارات من ( المقامة الدينارية )» وهو يرى أنه بذلك لم يرتكب أية 
خطيئة " فقد جرت سنة العلماء بالتهذيب والتمحيص والتنقيح والتلخيصء وليس من منكر عليهم في 
شيء نا 

وهذا ما دعا أحد الباحثين إلى القول بأن محمد عبده كان قارئا عنيفا " مارس على مقامات 
البديع التشذيب والتهذيب والتعذيب "!'). وتكمن خطورة هذا العمل من كونه ظل هو المنتج الفعلي 
لمقامات البديع» إذ لم يعد إلى مقاماته ما أقصي منها إلى يومنا هذا على الرغم من ظهور طبعات 
أخرى بعد طبعة الشيخ محمد عبده. 


)١(‏ أبو إسحاق الحصريء زهر الآداب وثمر الألباب» مفصل ومضبوط ومشروح بقلم زكي مبارك؛ حققه وزاد في تفصيله 
وضبطه وشرحه محمد محيي الدين عبدالحميدء الطبعة الرابعة» دار الجيل» بيروت» 917١م, ."05/١‏ 

(؟) محمد أركونء الفكر الأصولي واستحالة التأصيلء ترجمة وتعليق هاشم صالحء الطبعة الثانية» دار الساقيء بيروت» 
5 60آمء ص57 , 

(") شرح الشيخ محمد عبده: مقامات أبي الفضل بديع الزمان الهمذانيء الطبعة الثامنة» دار المشرق»: بيروت» 954١م؛:‏ 
هن 

(4) نادر كاظمء المقامات والتلقي»ء ص78١.‏ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


أما مقامات الحريري فلم تصادف التشويه الذي وقع على مقامات الرائد» وربما عاد ذلك 
إلى كثرة نسخهاء وتوافر شروحهاء وتلقي الناس لها بالقبول حتى أنست مقامات البديع» مما جعل 
العبث بمكوناتها أمرا عسيرا. 

ويسير التغيير والتحريف مع المقامة العربية سيرا حسناء فمقامات ابن الجوزي لم يستطع 
أن يقدم محققها الأول الدكتور علي جميل علي مهنا نصا علميا سليما بل جاءت نصوص مقامات 
ابن الجوزي تحفل بكثير من التشويهات التي ربما كان أهم سبب فيها هو فقد المحقق لنعمة البصرء 
ولعل إحساسه بأنه لم يخدم مقامات ابن الجوزي كما ينبغي هو الذي دفعه إلى عدم نشرها والاكتفاء 
بالحصول على درجة الدكتوراه فيهاء وعندما عمل الدكتور محمد نغش على تحقيقها خرجت في 
شكل لا يغري بقراءتهاء فعلى الرغم من أنها رأت النور في زمن تقدم المطابع!". إلا أن حروف 
الكتاب جاءت مصفوفة على الآلة الكاتبة» وكان الضبط بالشكل يدوياء بالإضافة إلى إهمال الضبط 
لكثير من الكلمات المشكلة عند القراءة» أو ضبطها بشكل خاطيئ» وهذا أساء إلى المقامات وأظهرها 
في شكل باهت. 

وتعاني مقامات الوهراني ومناماته المشكلة نفسهاء فمع التقدير للجهد الذي بذله المحققان!", 
لكن القارئ لا يستطيع أثناء مطالعتها أن يحجب " الإحساس أحيانا بأن الكلام مبتورء وأن بعمسض 
الأوراق جاءت في غير مواضعهاء وربما كان هذا راجعا إلى الاعتماد على أصول تختلف فيما 
عي للا ا 

وأحسب أن تحقيق الدكتور سمير الدروبي لمقامات السيوطي من أفضل الأعمال التي 
خدمت بها المقامة العربية:؛ ذلك أنه اعتمد على مجموعة كبيرة من النسخ» وكشف العمل عن 
الجهد الكبير الذي بذل في قراءتها ومقابلة نسخها وضبطها وتوضيح معانيها» لكن الدروبي 
راعى - مضطرا - روح العصر فحذف من تحقيقه مقامة ( رشف الزلال عن السحر الحلال ) 
وتسمى أيضا ( مقامة النساء ) على الرغم من تأكيده نسبتها إلى السيوطي!'!. وتوافر سبع نسخ 
لجااةا: 


)١(‏ نشرت سنة ٠118١م»‏ عن دار فوزي للطباعة» القاهرة. 

)١(‏ خرج هذا العمل تحت عنوان : منامات الوهراني ومقاماته ورسائله» تحقيق إبراهيم شعلان ومحمد نغش ومراجعة 
عبدالعزيز الأهواني» دار الكاتب العربي للطباعة والنشرء القاهرة؛ /1141ه - 1954م. 

(؟) حسن عباسء فن المقامة في القرن السادسء دار المعارف بمصرء 985١م؛‏ ص9١٠١.‏ 

(:) انظر : شرح مقامات جلال الدين السيوطيء تحقيق: سمير الدروبيء الطبعة الأولى» مؤسسة الرسالة» بيروت» 1505ه 
- 1989م ,١53/١‏ 

(5) انظر : المرجع السابق. .١75/١‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إن ما تتعرض له المقامات التراثية من تحريف أو تشويه» نتيجة تقلبها في أيدي النساخ.؛ أو 
ما يحدث لها من بتر أو حذف ناتج عن رؤية محتققيهاء أو ما يدور من كلام حول صحة نسبتها إلى 
مؤلفها تسلم منه المقامات المعاصرة» فهي تخرج إلى النور معبرة تمام التعبير عن روح كاتبهاء 
بداية بتأكده من مادتهاء ومرورا بمراجعة تجارب طباعتها ( البروفات )» وانتهاء بطريقة 
إخراجهاء وشكل غلافها الذي يضم اسم مؤلفها. 

لذا فإن الدارس لنصوص الدكتور صلاح جرار التي سماها ( المنامات الأيوبية ) سوف 
يسقط من حسابه بلا شك أي تفكير في تلك الأمور التي تشغل حيزا لا بأس به عند مقاربة أية مقامة 
تراثية. 

ولعل الذي دفعني إلى عقد هذا المبحثء وأغراني بالتقديم بهذا الكلام الذي قد يقال بأنه 
يصدق على كل المقامات التي كتبت في العصر الحديث هو الخصوصية التي تتميز بها نصوص 
صلاح جرارء فهو بخلاف جميع المقاميين في العصر الحديث قد أوهم قارئه بأنه وقع في تلك 
المآزق التي عانتها المقامة التراثية» وأن عمله لم يسلم من عبث العابثين» وتحريف المحرفين» وقد 
أوصل هذه الفكرة عن طريق لعبة ذكية» أشعلت هذا الحس المختفي لدى القارئ. 

تمثلت هذه اللعبة في العنوان الذي وسم به مقاماته» فقد أثبت لها في صدر عمله عنوانين 
مختلفين» وكأن هذا الاختلاف جاء من تعاقب الدهور وكر الجديدين عليهاء إنه يخاتل القارئ بهذا 
الفخ» والعنوان بلا شك هو أول ما تصافحه عين المتلقيء ليقرر بعد ذلك بأنه ينظر إلى أثر مقامي 
تراثي» قد شهر عند الناس باسم ( المنامات الأيوبية ) لكن اسمه الحقيقي الذي يرتضيه محققه 
هو ( إخبار الأنام بأخبار المنام ). 

ومثل هذا الاختلاف في العنوان شائع في المقامات التراثية» فالقاضي الرشيد أحمد بن 
علي بن الزبير الغساني قد كتب ( المقامة الحُصيبيّة ) وتعرف أيضا باسم ( أمنية الألمععي ومنية 
المدعي )؛ وقد وقع الاضطراب في هذا الأثر الأدبي نتيجة اختلاف التسمية فتوهم بعض الباحثين 
أدهما عمدلة: مكتلفات ١‏ عمل 1 

إن هذا الاختلاف الذي يظهر عند تحقيق نسبة بعض الكتب التراثية هو الذي قصد صلاح 
جرار إيصاله إلى المتلقي» ليضرب بعمله في عمق التراث موهما أن نتاجه لا يمت إلى الواقع 
المعاصر بصلة. 

يحيل جرار إلى ذلك الفن المتعدد الوسائطء ذلك اللون الذي نشأ في بدايته على شكل أمال 


الثامن» العدد الثاني» رجب - ذو الحجة 575 ١ه‏ / سبتمبر "١6لم‏ - فبراير 5١٠5مء‏ ص590, 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


كان يلقيها البديع على طلابه» فالخطأ الذي يلمحه القارئ - في العصر الحديث: - لعمله المقامي 
والاستغراب من بعض الأفكار أحياناء يرتد إلى أطراف عدة» وتتقاذفه إن أرادت التنصل منه» 
بحيث لا يستطيع القارئ - في أحيان كثيرة - الجزم بنسبته إلى أحدهاء إنها سلسلة وسائطية : 

المؤلف ! إملاء ! مملى عليهم ( التلاميذ ). ! 

! نساخ آخرون تالون ! تحقيق ! مدونة مغلقة. 

إن الفخ الكتابي الذي نصبه صلاح جرار يحيل على هذه الوسائط جميعهاء وكأنه يقول 

للقارئ الذي قد لا يروقه بعض ما يشاهدء أو للسلطة التي قد تسائله عن شيء من أفكاره : هذا ليس 
منيء إنما هو من تحريف المحرفينء ليلغي بذلك الطريقة الحديثة في الكتابة» تلك التي يكون 
المؤلف وحده هو المسؤولء والتي تلغى فيها الوسائط التراثية جميعهاء لتتكون المادة المقامية من 

المؤلف ! مدونة مغلقة. 


عند تحديد المسؤولية الدقيقة في النص التراثي لا يمكن أن نحمل المؤلف عثرات خطوات 
لم يشرف عليهاء أو بعبارة أدق : لا يمكنه الإشراف عليهاء إن المؤلف التراثي ليس مسؤولا عن 
خطأ المملى عليه ولا عن عبث النساخ؛ ولا عن رؤية المحققين؛ فالشفاهية التي يحيل عليها عنوان 
مقامات جرار والتي ارتبطت بولادة المقامة " تستدعي انفصالا بين النص وكاتبه "٠"‏ فيتفرق الدم 
بين القبائل» وهذا ما يرومه جرار. 

على أن فذلكة العنوان التي راغ إليها جرار والتي تحيل إلى السلسلة الوسائطية لن تمدرعه 
لحظة التصاقب مع الخطر السلطويء إن رام الرقيب العربي المتجني إدانته» ولكنها تظل - على 
كل حال - لبنة الأساس التي سيشيد فوقها صرح الأحلام المنامية بوصفها العنصر الحمائي الأقوى؛ 
فهي إن لم تدلفه إلى ذلك فلن يعدم في حال خسارته المتعة القلمية» وذلك من خلال ممارسة لعبة 
كتابية لا تخلو من طرافة؛ لتكون واحدة من المتاريس الوهمية التي يدرأ بها عالم الواقع» فتنضاف 
إلى حيل أخرى ستكشف عنها الدراسة. 


المبحث الأول - روافد التلقي : 
يبدو الأمر أكثر عسرا حينما يتعلق بمقاربة فن المقامة» ذلك أنه ليس جنسا بسيطا يمكن 
الدخول إلى عالمه بسهوله؛ كما أنه ليس له نظير في آداب الشعوب الأخرى حتى يفاد من الطرق 


)١(‏ عبدالله إبراهيمء السردية العربية» ص؛ ؟. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الاقتحامية التي يسلكونهاء بالإضافة إلى " أنه ليس من الممكن مقاربة المقامة بمثل ما تقارب به 
الأنواع الشعرية التقليدية» فهذه الأخيرة» ولأسباب عديدة ذات مدخل سهل "٠"‏ . 

وأحسب أنه من المجازفة وصف المقامات بأنها " أوضح الأنواع وأكثرها تحديدا وتميزا 
بين أنواع الكتابة النثرية العربية كافة في العصر الوسيط "(". إلا إذا كان هذا الوصف يحيل 
على مقامات البديع وحدها فحينئذ يمكن عدها " بدعة أدبية تكاد من فرط تميزها عن أنماط الكتابة 
المعهودة تكون ناجمة عن غير أصل "(". 

وربما رسم القارئ أو الناقد لدى تماسه مع العمل المقامي خطوطا كبرىء. وحاول أثناء 
رصد الأبعاد المقامية الإمساك بخيوط لعبتهاء لكنه ومن خلال معايشتي له فن يستعصي حتى على 
التصنيف, لون أدبي أشبه ببهلوان يرقص فوق حبال الأجناس الأدبية قاطبة. 

تحيل هذه العبارات للوهلة الأولى إلى مبالغة قد يقال إن الدافع لها هو التقارب مع هذا الفن 
والنظرة الإعجابية لهذا اللون والتعصب التراثي لهذا الجنسء لكن هذه التهمة ما تلبت أن تتبدد حينما 
نطل إطلالة سريعة على مسيرة هذا الفن. 

لقذ لف سحن الداككدرن اليم أن أضيوك: هذا "القن موكودة عن انرون دري" لكننا كر ين مسن 
البديع أشياء أخرىء فنقرر أنه هو المبتكر لهذا الفن» وأن أصوله قد استقرت في نتاجه» لكننا نفاجاً 
عندما نقرأ مقامات الحريري أن هناك أمورا لم تصل إلى حد الاستواء في مقامات البديع فعممل 
الحريري على إنضاجهاء فالبطل الذي لم يظهر في بعض مقامات البديع» صار حاضرا في كل 
مقامات الحريريء والتغرب الذي لف جل مقامات الهمذاني؛: أطبق على جميع مقامات الحريريء 
والكدية التي خلا منها لفيف من مقامات الهمذاني صارت ضربة لازم عند الحريري. 

يحكم من يقرأ مقامات الحريري بأنه يحرص على أن يكون لمجموع مقاماته وحدة تأليفية 
كبرى هي بمنزلة السلك الرابط بين كل المقامات» وهذا ما لم نجده عند البديع» فمن يطالع عمل 
الحريري يجد الشخصين الرئيسين : الحارث بن همامء وأبا زيد السروجي يلتقيان لأول مرة في 


المقامة الأولى/*) ثم لا ينكر أحدهما الآخر في بقية المقامات على الرغم من كثرة الاغتراب» وطول 


)١‏ عبدالفتاح كليطوء المقامات : السرد والأنساق الثقافية» ص5. 

؟) فدوى مالطي دوجلاسء بناء النص التراثيء دار الشؤون الثقافية» بغداد» د.ت» ص150. 

") حمادي صمودء الوجه والقفا في تلازم التراث والحداثة» الدار التونسية للنشرء تونس»: 9184١م؛»‏ ص١١.‏ 

:) أول من قال بهذا الرأي من المستشرقين مرجليوثء انظر : دائرة المعارف الإسلامية» النسخة الإنجليزية» مادة ( مقامة )» 
57 وأشهر من تبنى هذا الرأي من المحدثين العرب زكي مباركء انظر : زكي مباركء أحاديث ابن دريد ومقلدها 
بديع الزمان» مجلة المقتطف», سنة 0٠17١م,‏ مجلد 5لا ص588. 

(6) وقد سماها ( الصنعانية ) انظر : مقامات الحريريء؛ دار صادرء بيروت» د.تء» ص6١‏ . 


! 
/ 
! 
! 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


الزمن؛ وانتحال التنكرء وتعمد الحيل؛ وتتوج المقامات بتوبة السروجي في المقامة الأخيرة!'» وقد 
أشان أحد<الباخخميق إلى ذلك 7, 

هل هذا الانتظام الذي نجده عند الحريري إيذان بثبات المشروع المقامي؛ وإعلان عن أن 
قواعده أضحت ثابتة بعد أن مرت بشيء من ذلك عند البديع ؟» إن وقوف مُطلق هذا الحكم عند 
مقامات الحريري يسوغ له إطلاق ذلك التقعيدء لكن الذي يرصد سير المقامة بعد الحريري يجد أنها 
انفلتت من أربطته:؛ ولم ترتض أن توثق بأغلال تظل حبيستها. 

لقد غابت الكدية وحل محلها الوعظ المطبق عند الزمخشري الذي أنشأ خمسين مقامة " يعظ 
فيها نفسه وينهاها أن تركن إلى ديدنها الأول بفكر فيه وذكر له إلا على سبيل التندم والتحسرء 
ويأمرها أن تلج في الاستقامة على الطريقة المثلى "!'اء وطمس مع غياب الكدية الراوية والبطل 
اللذين كانا أساسا في مقامات البديع والحريري. 

ثم تقلبت المقامة بعد ذلك بين الحنين إلى السنن الأول عند رائديه وبين شق آفاق جديدة 
تتشكل وتختفي بسرعة البرق مع كل تجربة مقامية» لقد تخلصت المقامة بعد البديع والحريري من 
طولها المحدودء فأصبح مألوفا بعدهما أن تقرأ مقامة تربو على مائتي صفحة»كما عند الشيرازي في 
مقامة ( طيف الخيال )» وصار شائعا أن ترى مقامات ليس فيها راوية أو بطل أو حتى مجرد قصء 
بل حتى السجع الذي يعد أهم مقوم للمقامة تخلصت بعض النصوص المقامية التالية للبديع و 
الحريري منها“ا. 

لقد بدأ هذا الفن أكولا للفنون الأخرىء؛ حيث ازدرد القصيدة الشعرية» شم ثارت شهيته 
فانقلب أشبه بوحش كاسر يهجم على الأجناس الأدبية جميعها ويقوم بالتهامهاء فقد احتضن الخطبة:؛ 
واستطاع ابتلاع الرسالة» وتمكن من هضم جنسين أدبيين يتصفان بثقل التجربة وشدة الوجازة هما 
المثل والخكية!, 

أيضا شملت المقامة بثوبها الفضفاض الوصية؛ وضمت السيرة الذاتية» واحتوت على أدب 
الرحلات؛ واستوعبت المقالة» مع احتفاظ بعضها بالطابع القصصيء ومحاولة قسم منها مسرحة 


.4 وقد سماها البصرية» انظر : مقامات الحريري ص47‎ )١( 

)١(‏ انظر : تطور شخصية المكدي في المقامات من الهمذاني إلى الحريري؛ بحث لالأستاذ إبراهيم حمادوء حوليات الجامعة 
التونسية» العدد 55» السنة 91/5١م»‏ ص١7١‏ بتصرف. 

(؟) مقامات الزمخشريء الطبعة الثانية » دار الكتب العلمية» بيروت؛ 501١1ه‏ - 19187 م:ء ص5 .١‏ 

(4) انظر : خالد الجديع» المقامات المشرقية. ص؟7. 

(5) انظر : المرجع السابق» ص475. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


اللخذ ا 1 

لقد أصبح القارئ بل الناقد المتمرس - في كثير من الأحيان - لا يستطيع الجزم بنسبة نص 
إلى جنسه. فلا يكاد الأثر المقروء يبين عن هويته» لقد أضحى مترددا بين فنون عدة؛ ثم هدأ هذا 
السعار المقامي مع بداية العصر الحديث فأضحت المقامات التي أنشئت في عصر النهضة موازية 
للنصوص البديعية والحريرية. 

لكن ماذا عسى ( المنامات الأيوبية ) للدكتور صلاح جرار أن تقول وهي تعد أحدث نتاج 
مقامي نشهده ؟ لقد ظهر هذا العمل في عصر التقنيات الكتابية المتطورة» في عصر السرديات» في 
عصر الدراسات السميائية» عصر التفكيك والتركيب؛ عصر الأقنعة التراثية. 

قبل أن نقارب البنية السردية لمقامات الدكتور جرارء يلح سؤال كان الداعي لتقفديم تاريخ 
المقامة السابق» هو كيف نظر الدكتور جرار إلى الإرث المقامي ؟ وكيف تعامل معه ؟ وما الروافد 
المقامية التي تلقاها أثره الأدبي بالقبول ؟ وما العناصر المقامية التي ضرب صفحا عنها ؟» وكيف 
كانت علاقة مقاماته بالأجناس الأخرى ؟ 

تسهيلا لمقاربة هذا الموضوع يحسن تقسيم روافد التلقي في ( المنامات الأيوبية ) إلى 
منبعين» أحدهما داخل الجنس المقاميء والآخر خارجه. 


: الروافد الداخلية‎ - ١ 

حتى يتم ضبط تلك الروافد فإني سألتزم مقامات البديع والحريري والمقامات التي سارت 
بمحاذاة عمليهما معيارا للقواعد المقامية» ذلك أن التراث المقامي بعدهما يصعب ضبطه والسيطرة 
عليه» وبالتالي يستحيل التأكد من أن هذا التأثر جاء من الجنس المقامي أم من جنس آخرء ولعل 
أبرز المزودات داخل التيار المقامي يتمثل فيما يلي : 

أ - مقامات بديع الزمان الهمذاني : 

وتعد الرافد الأقوى في إمداد ( المنامات الأيوبية )» ذلك أن مقامات البديع هي أساس هذا 
الفن» وهي المحملة بكثير من تقنياته الكتابية» فالراوية والبطل اللذان يمسكان بتلابيب العمل المقامي 
واللذان اخترعهما البديع لهما حضور في مقامات جرار. 

والفعل القصصي الذي هو لحمة المقامة البديعية مستلهم في ( المنامات الأيوبية )» بحيث لا 
تكاد توجد مقامة من مقامة جرار خالية من القص. 

وإذا كان التغرب سمة من سمات مقامات الهمذاني» فالبطل عنده كثيرا ما يهجر الأهفل 


. : انظر : المرجع السابق»ء ص57‎ )١( 


١ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


والوطن ويضرب في الأرض فإن شيئا من ذلك قد تسلل إلى المقامة الجرارية» فأضحى أبو أيوب 
الهندي يجوب الأقطار والأصقاع قبل أن يدلف إلى قصته. نجد ذلك واضحا في : ( المنامة 


الاسترالية) و ( المنامة الأطلنطية ) و ( المنامة الأفريقية ) و ( والمنامة البحرية ) و ( المنامة 
التوكية: ) و :( و الننافة الحكمية )او (١‏ المنانة الحمضية 3:١‏ :[ الندائدة الامتشقفينة ) و ( المفامتة 
الرومية ) و ( المنامة الصينية ) و ( المنامة العثمانية ) و ( المنامة العنكبوتية ) و ( المنامة 
القوخاطية" )تق( السافنة الفضتافة  )‏ ( المكامية المالظطيف ]نو :( :و التسائية الممسشلية )بو | المقافنة 


الهندية ). 

وقد عد بعض النقاد ( التعرف ) سمة من سمات البناء المقامي الذي شيده البديع!''» فالراوية 
بعد أن تتم القصة يتعرف على البطل لتنتهي بذلك الحكاية» لكننا لا نجد ذلك إلا في إطار رضيق 
عند جرارء إذ اقتصر اكتشاف الراوية للبطل وتعرفه على ثلاث مقامات فقط هما : ( المنامة 
الشيطانية ) تلك التي قام فيها البطل أبو أيوب الهندي بترويع الراوية علقمة بن مرة الشيباني: 
و( المنامة الطهرانية ) التي شجب فيها البطل قرارات المؤتمر ثم تعرض للضرب والركلء فلما دنا 
منه الراوية تبين معالمه؛ و ( المنامة اليمنية ) التي تلقى فيها الراوية خطابا مجهول المصدر ثم 
تبين له أن مرسله هو البطلء أما في سائر المقامات فالراوية يعرف البطل منذ مطلع المقامة. 

وتمتلئ مقامات البديع بالوعظ؛ لكنه وعظ قصد البطل منه إلى الكدية ونيل العطاء عن 
طريق الاحتيال على الناس وخديعتهم!", أما الوعظ الحقيقي الذي لم يقصد منه البطل السؤال 
والاحتيال فلم يرد عند البديع إلا في مقامتين حسبء هما ( المقامة الأهوازية ) و ( المقامة 
الوعظية) !"). ويسايره جرار في قلة الوعظ الصادق في مناماته» حيث ظهر في مقامتين أيضا هما 
( المنامة الطهرانية ) و ( المنامة المقدسية )» أما الوعظ من أجل المال أو بغرض الاحتيال فمنعدم 
في ( المنامات الأيوبية ). 

والتوظيف للآيات القرانية» أو التعالق مع كلم القرآن وعباراته بين في مقامات البديع» وقد 
تفنن جرار في الاستشهاد بالآيات القرآنية» و التعبير باللفظ القرآانيء كقوله في ( المنامة 
الاسترالية): " وحشرنا لك فيها من الأنعام» والنبت ذات الأكمام» وجعلنا لك فيها من كل زوجين 
اثنين» مما يروق للعين "!؟. 


)١(‏ انظر : عبدالل إبراهيم» السردية العربية» ص5؟7؟. 

00 انظر : المقامات المشرقية " لت 6 لاا ه". ا ص‎ (١ 

(*) انظر : المرجع السابق» ص١5؟.‏ 

(؛) صلاح جرارء المنامات الأيوبية» الطبعة الأولى» المؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروت؛: 7١٠7مء‏ ص7. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وكقوله في ( المنامة المستقبلية ) : " فمن ثقلت موازينه بالمنجزات والماثر شرعت له 
الأبواب» ومن خفت موازينه وخلت من المفاخر نصحوه بالإياب "١"‏ . 

وتحفل كل من ( المنامة البحرية ) و ( المنامة الحلبية ) و ( المنامة الدمشقية ) و ( المنامة 
الشهابية ) و ( المنامة الشيطانية ) و ( المنامة المقدسية ) و ( المنامة النعلية ) باقتباسات من أي 
الذكر الحكيم أوردها المؤلف بنصها. 

وإذا كان السجع من أهم خصائص المقامات بل يكاد يكون السمة الرئيسة فيها التي تميزها 
عن غيرها من فنون القول !") - وهو ظاهر عند البديع» ملتزم في أثره الأدبي - فإن ( المنامات 
الأيوبية ) لم تستطع أن تغفله» لذا جاء كثير من كلم جرار موشحا بالأسجاع. 

وقد كانت علاقة المقامة بالشعر حميمة» حيث حملت لنا مقامات البديع كثيرا من المقطعات 
الشعرية» وهذه الحميمية لم تختف في ( المنامات الأيوبية ) إذا تناثرت القصائد داخل البنية المقامية 
في تواشج وتآلف. 

ب - مقامات الحريري : 

إن صح أن نقول بأن بديع الزمان الهمذاني قد تحمل أعباء التأسيس لفن المقامة فإنه ليس 
من الخطل القول بأن الحريري تولى العملية التثبيتية للنسبق» وعمل على حراسته؛ فالبطل والراوية 
وإن كانا عضادتي اللون المقامي لكن بديع الزمان قد غيب البطل الإسكندري في كثير من مقاماته 
فلم يظهر - على سبيل المثال - في ( المقامة البغدادية ) و ( المقامة البشرية ا و ( المقامة 
الغيلانية ) و ( المقامة الصيمرية ) أما الحريري فلم نفتقد بطله أبا زيد السروجي في أية مقامة؛ 
بل كان حاضرا فيها جميعها ؛ لذا يمكن القول بأن جرارا متأثر في إظهار بطله في جميع مقاماته 
بالحريري لا البديع الذي لم يعمم ذلك على أثره الأدبي. 

وإذا كان بديع الزمان قد أنشأ رسائله بعيدا عن مقاماته» بحيث تمثلا عنده جنسين منفصلين 
يحمل كل منها سمات وخصائص متباينة فإن الحريري آثر اندغام الرسالة داخل بناء المقامةه فجاء 
قسم من مقاماته حاضنا لرسائله» فهو يضمن ( المقامة المراغية ) رسالة إحدى كلماتها معجمة 
والأخرى مهملة» وتشتمل ( المقامة القهقرية ) على رسالة تقرأ من أولها بوجه ومن آخرها بوجه 
آخرء وتضم ( المقامة الرقطاء ) رسالة حروفها أحدها منقوط والآخر بغير نقط. 

إن هذا التوالب بين الجنسين لدى الحريري قد جعل المقامة تطفح بالتكلف؛ وتتنضح 
بالصنعة» لكنه عند جرار جاء خلوا من ذلكء فلم يحدث من تداخل الجنسين هذا التعملء بل كان 


, ١57ص المنامات الأيوبية.‎ )١( 
انظر : فن المقامة في القرن السادس. ص؟77”؟.‎ )١( 


رد 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


التحالف بينهما متوائما ومتسقاء وأدنى قراءة للمنامة اليمنية لديه تكشف عن ذلك. 

لقد كان أثر الحريري في ( المنامات الأيوبية ) قائما على قبول مبدأ التداخل بين الجنسين لا 
منساقا نحو أسلوبه» ولهذا أحسن جرار اقتناص منصطقة التأثرء فقبل المبدأ لكنه رفض الطريقة»؛ 
ليحقق بذلك العودة الإيجابية للأموات داخل عمله المعاصر. 

ج - منامات الوهراني : 

تقرأ الحديث عن المنامات التراثية عند بعض الباحثين فتظن أنها كثيرة وأن لفيفا من الكتاب 
قد مارسوهاء فهي ترد بصيغة الجمع؛ ودون تحديد عَلم لها بل على هذا النحو ( المنامات الأدبية ) 
'' فإذا فتشت ألفيتها مرتبطة بعلم واحد هو الوهرانيء ولذا كان يحسن أن يعنون لها خشية 
المخادعة العنوانية ب (المنامات الوهرانية )» أو ب ( منامات الوهراني ) كما صنع الدكتور محمد 
زغلول سلام!" » وإذا وليت وجهك قبل هذه المنامات ودققت فيها بشكل أكبر لم تجد سوى منام 
واحد لا منامات متعددة» كما يوحي بذلك العنوان الذي وضعه محققا آثار الوهراني. 

وأحسب أن هذا العنوان وإن لم يكن دقيقا لكنه لم يأت من فراغ فابن خلكان يذكر في 
ترجمة الوهراني " أنه عمل المنامات والرسائل المشهورة "7 لكن هذه المنامات انسلت من 
العصور فلم تحفظهاء ولم يبق للوهراني غير منامه الشهير الذي يقول عنه ابن خلكان : " ولو لم 
يكن له فيها إلا المنام الكبير لكفاه "!؟. 

وقد كتب لي أن أتتبع سير المقامات عبر حقبها المختلفة إلى ما قبل العصر الحديث فلم 
أعثر على منامة في العصر الأيوبي عند غير الوهرانيء فإذا وسم الدكتور صلاح جرار عمله ب( 
المنامات الأيوبية ) فهو يقصد - دون ريب - التعالق النصي مع نتاج الوهراني ليس غير. 

لقد آثر جرار أن يسمي عمله منامات لا مقامات - مع أن المنامة ضرب من اللون المقامي 
- ليؤكد على أن مقاماته حدثت في المنام» فهي لا تعدو أن تكون أحلاما للبطل لا يؤاخذ عليهاء 
وهو بذلك يمسك بالخيط الدقيق الذي مدّه الوهراني ليسير على نهجه ليس في العنوان فحسب بل في 
القصة المقامية. 

د - المقامات في العصور التالية : 

لم تقتصر كتابة المقامة العربية على العصر الأيوبي الذي تحيل إليه مقامات جرارء بل 


)١(‏ انظر : عمر موسى باشاء الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك؛ الطبعة الأولى» دار الفكر للطباعة 
والنشرء دمشق» 505١ه‏ - 1184١م»‏ ص255. 

)١(‏ انظر : محمد زغلول سلامء الأدب في العصر الأيوبي. منشأة المعارفء الإسكندرية» ٠95١م»‏ ص755. 

(؟) ابن خلكان» وفيات الأعيان» تحقيق إحسان عباسء دار الكتب العلمية» بيروت» د.ت» 5"85/5. 

(:) المصدر السابق» 85/4؟. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


استمر العطاء المقامي متدفقا دون توقفء. وقد كان لتلك التجارب المقامية تجديدات سحبت ذيولها 
على هذا اللون المتصف بعدم قرار قواعده. 

وأنت واجد لدى تمعنك في مقامات جرار أثرا من تلك التجاربء فعلاقة اسمي الراوية 
والبطل بموضوع المقامات ليس له أثتر عند البديع والحريريء فلم يسم البديع راويته عيسى بن 
هشام أو بطله أبا الفتح الإسكندري لغرض له علاقة بنتاجه. وهكذا الأمر مع الحريري الذي لم يكن 
لاسم راويته الحارث بن همام أو بطله أبي زيد السروجي معنى ينعكس على المقامة أو تنعكس 
عليه. 

أما المقامات التالية لهما فيظفر القارئ لها بشيء من هذا الأثرء نجد ذلك واضحا عند تاج 
الدين اليماني عندما سمى راوي مقامته زارد بن لاقم ؛ لأنها تدور حول فن التطفل» وعند صلاح 
الدين الصفدي عندما سمى راوي مقامته شعلة بن أبي لهب ؛ لأنها تتناول وصف حريقء ولدى 
القلقشندي عندما أطلق اسم الناثر بن نظام على راوية مقامته ؛ لأنها تعالج صناعة الكتابة!". 

صنع ذلك جرار فسمى راويته علقمة بن مرة الشيباني ؛ لأنه لم يرو له من قصص 
المنامات إلا ما كان علقما مر المذاق/'» وعمم ذلك على البطل الذي سماه أبا أيوب الهندي ؛ لأنه 
احتمل الفلعات» وصبير:.علئ: قبدانة الزمناق وضيروفالأيام.طيين ميدكا ايوج عليه النزلةة 1 . 

أثر آخر لمقامات العصور الوسيطة على ( المنامات الأيوبية ) تمثل في طول المقامة» 
فالمقامة الهمذانية أو الحريرية كانت ذات طول يقترب من طول المقالة المعاصرة؛ أما المقامات 
التالية فقد رأينا لها أطوالا مختلفة» فمقامة ( العمامة اليمنية ) لشمس الدين البكري الصديقي تنيف 
على مائة ورقة» و مقامة ( طيف الخيال ) للشيرازي تزيد على مائتي ورقة/". 

أفاد من ذلك جرار عند كتابته للمنامة ( الحلبية ) التي أربت على ثلاثين صفحة؛ وهو طول 
لم يعهد عند متقدمي كتاب المقامة. 

وإذا كان بعض من تلا البديع والحريري قد زاوج بين السجع والترسلء ولم يلتزم الأسلوب 
المسجوع في مقاماته»ء والذي يعد أهم سمة مقامية لدى رائديه» ومن هؤلاء ابن الجوزي والجلال 
الصفدي/*! فإن جرارا يسير في ركابهم - أحيانا - فترد عنده كثير من العبارات التي يتخلص فيها 


من السجع. 


. انظر : المقامات المشرقية. ص”7 5 ؛‎ )١( 
. انظر : المنامات الأيوبية. ص"‎ )١( 
(؟) انظر : المرجع السابق» صه.‎ 

(:) انظر : المقامات المشرقية. ص7؟؟. 
(5) انظر : المرجع السابق» ص .5١07‏ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


وقد تقلبت المقامة بعد روادها الأوائل في عالم العجائب والغرائب وأدخلت خوارق العادات 
والنواميس إلى مبناهاء كما عند ابن ريان في ( المقامات الريانية )» أو عند عبدالرحيم العباسي في 
تقاماقه افعو 77م فول وى هذا القخوك إلى ( المنامات: اللويفة) 9 

لا تحتاج إلى طول بحث داخل بنية مقامات جرار لتدرك أن هذا اللون الغرائبي قد تسلل 
إلى مقاماته» فالبطل في ( المنامة الخلخالية ) يقول إن " عاصفة هوجاء قد هبت على الحيء وأحالت 
النهار ظلاماءحتى خلت إن القيامة قد قامتء فلما هدأت انقشع الغبار عن بساط موشى بديع يخلب 
الألباب» ينبسط أمامي كأنما يدعوني لأجلس عليه فلبيت الدعوة وطرحت نفسي عليه؛ فثارت 
العاصفة مجدداء وطار البساط حتى صار كريشة في مهب الريحء وأنا متشبث به» ثم راح يسبح في 
الماع قار يفوي لم101 

وهو في ( المنامة العرقوبية ) يقود " مركبة فضائية عملاقة تستطيع أن تتنقل بين الأمكنة 
مهما تباعدت بينها المسافات» وبين الأزمنة مهما تطاولت بينها الآمادء وإذا شئت أن تزور أي مكان 
في أي زمانء فما عليك إلا أن تشير بقلم دقيق إلى المكان على خارطة للدنيا مثبتة أمام كرسي 


)"( 


القيادة» وإلى الزمن الذي تريد في تقويم زمني مثبت على جانبي الخارطة 


؟ - الروافد الخارجية : 

وهي منابع استقت منها مقامات جرار شيئا من مادتهاء ولم تكن هذه المادة مستودعة في 
بنية المقامات السالفة» إنها روافدلم تمتزج بالبنية المقامية عند السابقين» ومن هذه الروافد : 

أ - الحديث النبوي : 

إذا كانت مقامات الرواد قد تفاعلت مع آي القرآن وكلمه» فإنها لم تضم داخل بنيتها شيئا من 
الأحاديث النبوية» التي أسهمت في البناء المضموني عند جرارء فهو في ( المنامة الصحفية ) 
يورد حديثين شريفين» أحدهما يندب المرء إلى ترك ما لا يعنيه» والآخر يتضمن دعوة للإنسان أن 
يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وهو في ( المنامة الصينية ) يسوق ثلاثة أحاديث يصدرها بقوله : قال 
صلى الله عليه وسلم» وتدور هذه الأحاديث حول الظلم وعاقبته الوخيمة في الدنيا والآخرة. 

ب - كتب التاريخ والتراجم : 

إن من يقرأ ( المنامات الأيوبية ) يلمس بوضوح أن كاتبها قد استشار عند تأليفها كثيرا من 
كتب التاريخ والتراجم» ويبدو ذلك واضحا في ( المنامة الحلبية ) التي شحنت بأشعار أبي الطيب 


.5 57” انظر : المرجع السابق»ء ص‎ )١( 
.٠١5ص المنامات الأيوبية»‎ )١( 
, ١5 المنامات الأيوبية» صه‎ )"( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وأخباره» وفي ( المنامة الحمصية ) التي تضم شيئا عن حياة خالد بن الوليد» وفي ( المنامة 
الدمشقية ) التي اشتملت على طرف من سيرة صلاح الدينء وفي ( المنامة العثمانية ) التي 
صورت بعض ماثر السلطان عبد الحميد الثاني. 

بل ربما كشفت المقامة عن أن الكاتب بذل جهدا في قراءة المادة المقامية المشكلة للعمل» 
وقد بدا ذلك واضحا في ( المنامة الغرناطية ) التي رسمت بدقة أدوار كل من موسى بن أبي 
الغسان وأبي عبدالله الصغير في المشهد الأندلسي آنذاك. 

ولا يكتفي جرار باندياح المادة التاريخية في عالم مقاماته من خلال أسلوبه» بل تحضر 
بعض الأقوال بنصها وتتزاحم داخل الهيكل المقامي» برز ذلك في ( المنامة الصينية ) التي توقفت 
حركتها القصصية لإيراد أقوال للخليفة العباسي المنصور وجعفر بن يحيى البرمكي وأبي بكر 
الطرطوشيء ووهب بن منبه» وبعض حكماء الهند. 

ج - التراث القصصي العربي السابق للمقامات : 

ليس المجال هنا محتملا للوقوف عند الآراء التي تناقش معرفة العرب بالقص قبل ظهور 
فن المقامات» فالحكايات الواردة في بعض الكتب التراثية تحسم الموضوع لصالح المعرفة به. 

ومن تلك الحكايات قصة الأخوين اللذين نزلا إلى مرعى خصيب يرعيان غنمهماء وكان في 
المرعى أفعى» فنهشت أحدهما فقتلته» فطلب أخوه الأفعى ليقتلها» فعرضت عليه الصلح على أن 
تعطيه في كل يوم ديناراء فوافق وحلف لها وأعطاها المواثيق لا يضرهاء وجعلت تعطيه كل يوم 
ديناراء فكثر ماله حتى صار من أحسن الناس حالاء وأكثرهم مالاء ثم إنه تذكر أخاه فقال : كيف 
ينفعني العيش وأنا أنظر إلى قاتل أخي ؟ فعمد إلى فأس فأخذها ثم قعد لها بالطريق» فمرت به 
فتبعها فضربها فأخطأها ودخلت الجحرء وبقيت أثر الفأس فوق جحرهاء ثم عاد إليها يطلب 
المضتالحة فقالك: “كيس أخاودك هذا أن فاك . 

لقد ألقت هذه القصة بظلالها على ( المنامة الكابوسية ) فأوردها بنصهاء واستثمر دلالتها في 
إسقاطات معاصرة أجاد فيها. 

د - حكايات ألف ليلة وليلة : 

وقد قصدها جرار قصدا دون بقية الحكايات الشعبية واستلب شيئا من بنيتهاء محاولا 
التجديد في الطريقة العرضية للمقامة» لقد كانت المنطقة التي شهدت تواشج ( المنامات 
الأيوبية ) مع ( حكايات ألف ليلة وليلة ) هي نقطة الانطلاق ولحظة التوقف» وهما مرحلتان 
تعتمدان في الحكايات على عبارات تتكرر في كل قصة. 


1 انظر أبو الفضل الميدانيء مجمع الأمثال» منشورات دار مكتبة الحياة» بيروت - لبنان» دء.رت)» ل‎ )١( 


"1/ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


افتتح جرار لحظة البداية في ( المنامة الطهرانية ) بقول الراوية : " بلغني أيها القارئ 
السعيدء ذو الرأي السديدء والفكر الرشيد "1" وختم لحظة التوقف بقول الراوية : " ولما أدرك أبا 
أيوب الصباح» كف عن الصياح؛ وسكت عن الكلام غير المباح "!". 

ه - التوقيعات : 

وهو جنس أدبي يقوم على العبارات الموجزة التي تكتب عند التعليق على حوادث معينة!"ا. 
ولم أر في الأعمال المقامية السابقة لجرار عملا يحاول استيعاب هذا الجنس الأدبي وإدخاله ضمن 
بنيته» لقد سبق جرار - فيما أحسب - إلى جعل مناماته تهضم هذا اللون من النثر وتضمه تحت 
عباءتها . 

ويبدو هذا التوالب بين الجنسين في ( المنامة النعلية ) التي حفلت بنصوص توقيعية لكل من 
الخليفة العباسي المعتصمء والمعتمد بن عباد ملك أشبيلية» ويوسف بن تاشفين سلطان المغرب». 
والخليفة المنصور الموحدي. 

ولم يكن هذا السرد لتلك التوقيعات بعيدا عن مرام المقامة وهدفهاء بل جاء متساوقا مع 
المضمون الذي جنحت إليه المقامة» ومحتققا للغاية التي سعى إليها المؤلف. 

و - وسائل الإعلام الحديثة : 

تقرأ منامات جرار فترى وسائل الإعلام الحديثة قد مدت قناة تضخ من خلالها مياه 
العصرية والحداثة» فتحس أن المقامات وإن كانت جنسا تراثيا نما وترعرع بعيدا عن عصرنا 
الحاضر لكنها قادرة على استيعاب معطيات هذا العصرء بل هي مستطيعة استيعاب خيالات علمية» 
يُطمح في الوصول إليها في المستقبل» وقد حكمت بهذه القدرة من خلال ما ضمته ( المنامة 
العرقوبية ) من خيال علمي لا يكاد يرى إلا في الأفلام الأجنبية. 

ظهر أثر وسائل الإعلام المقروءة من خلال ( المنامة الصحفية ) التي حاول الكاتب من 
خلالها رسم صورة معبرة لحال الصحافة والصحافيين اليوم» لقد لامس ذلك بشيء من السخرية 
عندما أشار إلى أنه تمثل للبطل " مخلوق عجيبء: ذو طول غريبء ممتد بين الأرض والسقفء 
خصره كزجاجة الماء» ورأسه كرأس المومياء» كبير مستديرء وأنفه كريشة رئيس التحريرء عيناه 
سوداوان مستديرتان» يشبهان نظارتي رقيبء فقام ينفض الغبار عن نفسه» كميّت قام من رمسه. 


, ١57"ص المنامات الأيوبية»‎ )١( 

. ١١ المنامات الأيوبية» ص؛‎ )١( 

(؟) انظر : أنيس المقدسيء تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي, الطبعة السابعة». دار العلم للملايين» بيروت» 
5م ص .١ 5١‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وراح يوزع الضحكات ويروي القصص والنكات ."١"‏ 

ولما سأله البطل من أنت ؟ قال ؛ " أنا صورة كاريكاتيرية رسمني أحدهم وأراد أن يجعلني 
على صدر إحدى الصحف كي يضحك الناس جميعهم علي» ويسخروا مني "1" . 

ويسخر جرار في شكل كوميديا سوداء من حال بعض المقالات التي أضحت على أيدي 
رؤساء التحرير مقطعة الأوصال والأجزاءء هذا إن نجت من الموت والإعدام. 

وفي ( المنامة الحوارية ) يظهر أثر وسائل الإعلام المرئية واضحاء ففيها يجلس البطل - 
أمام ملقي الأسئلة - على كرسي دوارء وبين يديه آلة مربعة الشكل تتنقل الأصابع على أطرافهاء 
ليجيب عن مجموعة من الأسئلة» التي إن تمكن من حلها فسيظفر بالمليون. وهذا السيناريو بلا شك 
قد قفز إلى منامات جرار من خلال البرنامج التلفزيوني الشهير ( من سيربح المليون ). 

ز - الأمثال الشعبية : 

كتب صلاح جرار مناماته بلغة عربية فصحىء لكن رافد الأمثال الشعبية فرض عليه 
الجنوح إلى شيء من العامية» فهو يورد في ( المنامة المالطية ) بعضا من الأمثال الشعبية التي 
تشيع في هذا العصر والتي أضحت على لسان كثير من قاطنيه. 

يسوق جرار هذه الأمثال بأسلوب قصصي على سبيل السخرية ؛ لأنه يرى أنها هي التي 
قادت للتأخرء وهي السبب في تخلفناء ومن تلك الأمثلة المثل الشهير : " امش الحيط الحيط وقل يا 
زرب الشلانة "لذو الماك :الستسن "٠:‏ للحيظان آذاق "اندر المثل الشائع: قكان يكس فضي 511 

ويحاول جرار أحيانا إصلاح اللهجة العامية» فيقدم المثل في صورة فصيحة:؛ لكنه يخسر 
بريق المثل» وسجعة المقامة» كقوله : " الباب الذي يأتيك منه الريحء أغلقه واسترح "1". 
المبحث الثاني - الرؤية الفكرية : 

حظي الدرس الأدبي في النصف الثاني من القرن العشرين بنصيب كبير من التطور على 
جميع الأصعدة؛ سواء ما تعلق منها بطبيعته أو طرائقه أو موضوعاته أو نتائجه؛ وكان أن أنتج ذلك 
عزوفا عن بعض الأجناس الأدبية وتهوينا من شأنهاء " غير أن سرعة التطور ما لبثت أن دفعت 


.١ 5١ص المنامات الأيوبية.‎ )١ 
.١ 5١ص ؟) المنامات الأيوبية.‎ 


*) المنامات الأيوبية. ص4 .١5‏ 


)1( 
)1( 
لي 
(:) المنامات الأيوبية» ص4 .١9‏ 
(5) المنامات الأيوبية» ص55١.‏ 
)1( 


؟) المنامات الأيوبية. ص55١.‏ 


55 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


القوم إلى التراجع» فأخذت هذه المعارف تتسرب من جديد إلى حقل الدراسات الأدبية» وقيض لها 
أن تلقى بعد المناوئين أنصاراء وتجدد الاهتمام بهاء وعادت لتتبوأ المنزلة التي هي بها حقيقة "!". 

لقد عادت المقامة إلى إطار الصورة بلبوس جديد على مستوى النقد» وواكب ذلك التطور 
النقدي تحديث على مستوى الإبداع» ينظر إلى تراثه بعين ويبصر بالعين الأخرى التطورات 
المتلاحقة للدرس الأدبيء, فالكاتب المقامي المعاصر يحترم إرثه» لكنه يرى " ضرورة الانخراط 
الواعي في الفكر العالمي المعاصر ؛ للاستفادة من المناهج الحديثة والتفتح على الرؤى الجديدة "!", 
فهو يرى أن الحداثة " لا تعني رفض التراث ولا القطيعة مع الماضي بقدر ما تعني الارتفاع 
بطريقة التعامل مع التراث إلى مستوى ما نسميه بالمعاصرة "!". 

تقرأ كثيرا من المقامات التي كتبت بعد بديع الزمان الهمذاني فلا تستطيع أن تحدد العصر 
الذي كتبت فيه من خلال مادتهاء وإنما يكون تحديد زمن الكتابة بالاعتماد على ترجمة كاتبهاء ذلك 
أنها لا تمثل العصر الذي أنشئت فيه» إذ هي تقليد صرف للمقامة البديعية على صعيد الشكل 
والمضمون. 

لكن من يطالع ( المنامات الأيوبية ) يتمكن بسهولة ليس فقط من تحديد العصرء بل من 
تعيين السنوات التي خطت فيها عباراتهاء إنها بنت عصرها فعلاء كشفت عن قضاياه السياسية 
والاجتماعية في أسلوب مقامي متطور. 

لا أقول هذا منحازا للعمل الذي تعالجه هذه الدراسة» ومن باب تمجيد مادة هذا البحث» ذلك 
أن الزمن الذي ترفع فيه المادة المدروسة قيمة المنجز الذي يدورحولها قد ولى إلى غير رجعة. 

جاءت (المنامات الأيوبية ) في عصر انفتاح فكري وسياسي تشهده كثير من الدول التي 
أدركت " أن اتجاه الدولة نحو المزيد من التمركز يقود إلى إضعاف الإبداع الثقافي "!؟). 

ومع هذا الانفتاح ظل المثقف حذرا من انتكاسة سياسية» وقد جعله ذلك يطلق - أحيانا - 
بعض العبارات المحتملة لجس النبضء ومحاولة قياس مساحة الحرية المتاحة» وربما لجأ إلى 
وسائل حمائية أقوى تتمثل في لبس أقنعة تراثية» يبث من خلالها وعيه المعاصر. 


- محمد القاضيء الخبر في الأدب العربي : دراسة في السردية العربية» الطبعة الأولى» دار الغرب الإسلامي» بيروت‎ )١( 
.١5ص‎ ء:م١1118-‎ ه١515 لبنان»‎ 

- محمد عابد الجابريء التراث والحداثة : دراسات ومناقشات, الطبعة الأولى» مركز دراسات الوحدة العربية» بييروت‎ )١( 
. لبنان» ١1951١م,» ص/‎ 

(*) المرجع السابق» ص6١‏ . 

(4) فاضل ثامرء المقموع والمسكوت عنه في السرد العربيء الطبعة الأولى» دار المدى للثقافة والنشرء دمشقء 5١٠7م»‏ 


هن 31: 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إن البنية المقامية بكاملها لدى جرار محكومة بفاعلية قوى القمع السياسي التي يتحرك 
متسربلا منها وراء تقنيات متعددة» يرى أنها مجتمعة يمكن أن تحقق له الأمان» فهو لا يكتفي 
بالاختفاء خلف العنوان التراثي ( المنامات الأيوبية )» ولا يقنع بتحصين التقنيات المقامية التراثية؛ 
وإنما ينقل مسرح الأحداث إلى عالم الأحلام لتذوب المسؤولية» وتتلاشى المساءلة» مثلما تتبدد 
الأحلام بمجرد الاستيقاظ منها. 

لقد ضمت ( المنامات الأيوبية ) وعيا اجتماعيا وسياسيا حرص الكاتب على إيصاله إلى 
المجتمع مع احتمائه بثلاثة دروع؛ وفق الترسيمة الآتية : 


العنوان التراثي 
السلطة جه الشكل المقامي + الكاتب -> الوعي > المجتمع 


الأحلام 


: الوعي السياسي‎ - ١ 

تحمل ( المنامات الأيوبية ) مجموعة من الهموم السياسية التي تطمح في إيصالها إلى 
المجتمع» وأحسب أن تلك المطامح التي تدفع بها مقامات جرار ليست شيئا يخشى من الجهر به. 
أوالحديث عنه» فقد أضحت كثير من وسائل الإعلام العربية تتناول مثلها وربما أشد منها بشكل 
مباشر عن طريق التحقيقات والاستطلاعات أو غير مباشر بواسطة التمثيليات والمسلسلات؛: لكن 
تلمس هذه الآمال بشكل دقيق وتقديمها في قالب فني راق هو ما يميز مقامات جرار. 

وقد دلف الكاتب إلى عرض تلك المنى مع نقطة البداية المقامية» ففي ( المنامة الأسترالية ) 
وهي المقامة الأولى من ( المنامات الأيوبية ) يتغرب البطل عن موطنه - على عادة أبطال 
المقامات - قاصدا أسترالياء ويعيش فيها عيشة رغد وهناءء وفي ذات ليلة يرى في منامه أنه يقابل 
إلفا حميما وصديقا قديماء ويدور بينهما حديث عن أرض الوطنء فينقل له الصديق صورة مختلفة 
عن المشهد الذي كان يراه أثناء إقامته في وطنهء حيث انتهى التفرق وأصبحت الأرض العربية 
وطنا واحداء ليس فيها حدود ولا رجال ضرائب ولا حواجزء وعمت الديموقراطية» ورجعت أرض 
فلسطين برمتهاء وعادت للمواطن العربي هيبته وكرامته وعزته. 

ولا يكاد هذا الصديق يكمل حديثه عن الإنجازات العربية حتى يقطعه المؤلف بحيلة 
الاستيقاظ من النوم قائلا ' وبينما كنا نتجاذب الحديث كانت الدواب والبهائم في المزرعة تزداد 
افتقأبا :هنا :واتتخلقا: خولنا تجتن كادف أن 'تلتصدق :يناه وفجاأء سحت جديغها في ,قت رحد فا لقان 
تجأر والحمير تنهق والخراف تثغي والديكة تصيح والكلاب تنبح تعالت أصواتها أكثر فأكثر 


"5١ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 
فاستيقظت من نوميء فإذا هي حيوانات مزرعتي تضج معلنة طلوع نهار أسترالي جديد "!''. 

وينكر البطل في ( المنامة الاستنساخية ) - بأسلوب مغلف بالأحلام والرمز - على حاكم 
ترك العدو الغاشم يعبث بالأراضي المغتصبة» وتوجه إلى بلد عربي مجاور من أجل احتلاله وسلب 
خيراته» ولا أظن أن القارئ سيتعب في معرفة الشخصية التي قصدها المؤلف. 

ويلتقي البطل في ( المنامة الأطلنطية ) بلفيف من الشعراءء يختلفون في الحقب التي عاشوا 
فيهاء ويمتد هذا الاختلاف من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث؛ وفي هذه المنامة تسمع صوت 
الإنذار والنصح صادرا من لقيط بن يعمر ونصر بن سيار والطغرائي والقاضي الجرجاني وأبي 
حفص الهوزني وأمل دنقل والسياب» وغيرهم. 

ويبلغ الخيال المجنح والرؤيا الوردية بالبطل مبلغا عظيماء إذ يحلم في ( المنامة الأمريكية ) 
أن الآية انقلبت فصارت الغلبة للدول العربية» وأضحت الدول الغربية نهب التوزيع والتقسيم» وفيها 
يتقاسم البطل مع راعيي غنم خارطة للولايات المتحدة الأمريكية وأورباء وتوقع وثيقة بذلك يحملها 
البطل إلى مجلس الأمن. 

وفي ( المنامة الحمصية ) يبعث الكاتب خالد بن الوليد 5ه من مرقدهء ويوقفه من خلال 
حوار مع البطل على أحوال الأمة المتردية» ويذكر له كيف أن نسل بني قريظة وبني قينقاع قد 
استباحوا ثغور المسلمين» وانتزعوا القدس منهمء في حين اكتفى العرب بالشجب والإدانة ثم قرروا 
أن يجعلوا السلام خيارا استراتيجيا. 

وإمعانا في الشكوى يقترب الكاتب أيضا من مضمون هذه المقامة في ( المنامة الدمشقية ) 
التي يحيي فيها صلاح الدين الأيوبي» ويبث معاناته إليه» وفيها إشارة إلى دور الفرنجة في معاضدة 
اليهودء واحتفاء بأبطال الحجارة من الفلسطينيين. 

ويشير إلى أثر التحالف والتكاتف في الارتقاء بشأن العرب عن طريق قصة رمزية 
ضمنها ( المنامة الشهابية ) وفيها يتعرض البطل لهجوم عنيف من قبل قطيع من الذئاب» ويطلب 
المساعدة من أحياء العرب المجاورة له فلا يسعفه أحد. 

وفي ( المنامة الطهرانية ) يبدو الكاتب مستاء من عدم جدوى الاجتماعات والمؤتمرات» إذ 
يصف مؤتمرا حضره جمع من العرب بقوله : " فتكلموا في موضوع السلام» ووقف تشويه صورة 
الإسلام» ومقاومة الإرهاب» والعمل بما ورد في السنة والكتاب» ودعا فريق منهم إلى محاورة 
الغرب» ودعا فريق إلى الحربء. وتصاولوا وتجاولواء وتحاوروا وتداولواء فمن داع إلى المصالحة» 
ومن ساع إلى المسامحة» وألقيت الخطب الرنانة» والكلمات الطنانة» وغنى كل مواله» وعرض 


. المنامات الأيوبية» ص1‎ )١( 


57 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وضعه وحاله» وتطاولت الأيام والساعات» وانشغلت بهم وكالات الأنباء والإذاعات» والمسلمون 
الذين بلغ عددهم المليارء كانوا في ترقب وانتظارء يأملون أن تكون هذه القمة بداية نهضة إسلامية 
جديدة» وخطوة نحو التعاون والإصلاح سديدة. 

ثم انقشع غبار الخطابات» واندلعت نار البيانات» فخرج المؤتمرون ببيان عريضء ذي كلام 
مستفيضء لا يضر ولا ينفع» ولا يخفض ولا يرفع» ثم تهيأوا للانفضاضء فارغي الوفاض "!". 

وتذوب حدود الأزمنة والأمكنة في ( المنامة العرقوبية )محيث يركب البطل مركبة فضائية 
عملاقة تستطيع أن تنتقل بين الأمكنة مهما تباعدت بينها المسافات» وبين الأزمنة مهما تطاولت بينها 
الآماد. فيطير بها إلى يثرب في العصر الجاهلي رغبة في مقابلة عرقوب الشهير بإخلاف الوعودء 
وعند لقائه يصب عليه البطل سيلا من الشتائم» لأنه أساء إلى العرب باتصافه بهذه الصفة» فيهب 
عرقوب مدافعا عن نفسه ويقول : " والله إن إخلافي لمواعيدي لا يعدل قطرة في بئر مواعيدكم 
الممطولة؛ قلت : وما ذاك يا عرقوب؟ قال : اسأل القدس الشريف وفلسطين والأراضي السورية 
واللبتانية الفحظة 00 , 

ويحلم البطل في ( المنامة العثمانية ) بأنه قد نبت له جناحان طار بهما إلى قصر الخليفة 
العثماني عبدالحميد الثاني» وفي أثناء مقابلته يكبر البطل فيه رفضه بيع أرض فلسطين لليهود على 
الرغم من أن الخلافة الإسلامية في تلك الحقبة كانت تعيش ضعفا وعجزا مالياء وعندما يسأل 
السلطان عبدالحميد البطل عن حال الأمة الإسلامية يجيبه بأن الأمر تغير» وأضحت فلسطين في 
أيدي اليهودء يقول البطل : " فلما سمعني أقول ذلك احمر وجهه وانتفخت أوداجه» وأخذ جسمه 
يرتعد وينتفخ شيئا فشيئا حتى بلغ مبلغا عظيماء ثم انفجر مثل قنبلة هائلة» فاستيقظت من النوم 
مذعورا على صوت تفجيرات ألعاب نارية تطلق في سماء الحي بالفوز في مباراة رياضية "1". 

ويستلهم الكاتب في ( المنامة الغرناطية ) بعضا من الأحداث الأندلسية التي كانت في زمن 
موسى بن أبي الغسان وأبي عبدالله الصغيرء محاولا توظيفها - بعد عرضها - وإسقاطها على 
الوضع الراهن» في دعوة ضمنية إلى عدم الوقوع فيما وقع فيه أولتك من التنازل لأعدائهم 
والتهادن معهم. 

ويبلغ التشاؤم حده لدى الكاتب في ( المنامة القبرصية ) فالحيوانات تستطيع فهم واقعها 
والتعامل مع الحاسوب المتطورء وتتمكن من حل المشكلات التي تهدد بقاءهاء أو تنال منها. 


, ١57"ص المنامات الأيوبية»‎ )١( 
.١594ص المنامات الأيوبية»‎ )١( 
,١57ص المنامات الأيوبية»‎ )"( 


3 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


وفي ( المنامة الكابوسية ) يقع البطل ضحية أفعى أعطته العهود المواثيق فصدقها 
وصادقهاء لكنها لما تمكنت منه لفت رأسها على عنقه وقامت بخنقه» ولا يخفى على القارئ العادي 
بله الفطن ما في هذه المنامة من دعوة إلى عدم الوثوق بالأعداءء وإلى أخذ الحذر والحيطة في 
جميع الأحوال. 

ولا يحسن بعض العرب التعرف على أعدائهم» فهم في ( المنامة الكوفية ) يضربون عبدا 
ضعيفا يزعمون أنه يتجسس عليهم ولا يلتفتون إلى العدو الحقيقي ؛ مما أثار حفيظة البطل؛ فقال 
معلقا على صنيعهم " إن هذا البغيض الذي تجتمعون على بغضه ليس إلا أداة رخيصة في أيدي 
أعدائكم» وهو مجنون أخرقء ومأفون أحمقء لكنه لا يستحق أن ينال منكم كل هذا الغضبء. وكل 
هذا الاهتمام» فهو أحقر شأنا من أقدم شسع نعل من نعالكم» ولكني أنصحكم أن تحافظوا على 
غضبكم هذاء وأن تبقوا على فؤوسكم وحبالكم ونعالكم ونصالكم في أيديكم ريثما آتيكم بمن يستحق 
منكم الجر والرفع النصب "!". 

وفي ( المنامة المستقبلية ) يتحسر الكاتب على الوضع الذي آلت إليه الأمة العربية» فهي 
تأتي في آخر القائمة إذا ذكرت الإنجازات» وتَحُدُت عن التقدم العلمي» وقد صور الكاتب ذلك من 
خلال حلم رآه البطل يذكر فيه أنه وقف أمام بوابة منيعة» ذات صنعة بديعة» مكتوب عليها ( بوابة 
القرن الحادي والعشرين ) وأنه رأى جميع الأمم والشعوب تتزاحم لدخولهاء من خلال تقديم سجل 
يحفل بذكر المآثر والإنجازات. 

وعندما يسأل عن أبناء العربء؛ يجد أنهم بعيدون عن تلك البوابة» فيحزن لذلك ويسألهم عن 
السبب» فيجيب أحدهم : " قد وعدنا أصدقاء لنا ممن سبقونا إلى القرن الجديد بأن يرسلوا إلينا من 
طائراتهم الحديثة ما يحملنا إلى القرن القادم دون أن نتكلف مشقة الطريقء» ودون وثائق أو سجلات 
كما يفعل سائر الناسء» فوثائقنا وسجلاتنا قد أحرقت في هذه الفتن الدائرة بينناء وقد يدخل بنا 
أصدقاؤنا بوسائل مواصلاتهم المتطورة جدا من البوابة الخلفية للقرن الحادي والعشرين مرورا 
بالقرن الثاني والعشرين» فأصدقاؤناء ولله الحمد صادقون أوفياء» وسوف يأتون مهما طال غيابهم 
وتأخرهم نذا 

ولا يمل الكاتب من تكرار الحديث عن فلسطين والقدس والمسجد الأقصىء فتلك قضيته 
التي سطر مجموعة من مقاماته من أجلهاء ومن تلك المقامات ( المنامة المقدسية )» وفيها يحلم 
البطل بأن القدس تحررتء ويدعى إلى مهرجان يقام بمناسبة ذلك؛ تلقى فيه القصائد والخطب» 


.,١57؟ص المنامات الأيوبية.‎ )١( 
.١ المنامات الأيوبية. ص58‎ )١( 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ويحتفل من خلاله بهذا النصرء لكن فرحة البطل لا تتم إذ سرعان ما استيقظ من نومه " على 
ضجيج مجموعة من الشبان يحتفلون بفوز الفريق الذي يؤيدونه في مباراة لكرة القدم "!". 

ويصاب البطل بحالة إحباط شديدة عندما يقارن في ( المنامة النعلية ) بين حال الأمة 
الإسلامية في الماضي وحالها في الحاضرء ويتملكه إعجاب بقادة المسلمين الذين كانوا يتحدون 
أعداءهم بالفعال قبل المقال» وفي هذه المنامة يسوق الكاتب مجموعة من التوقيعات المشهورة التي 
تنسب لبعض قواد المسلمين» من أمثال الخليفة العباسي المعتصمء والمعتمد بن عباد ويوسف بن 

ويستمر الهاجس السياسي مع الكاتب إلى آخر مقامة من مقاماته» حتى إذ وصل إليها حاول 
التتصل - عن طريق رسالة رامزة وجهها البطل للراوية - مما قد يدينه» فقال على لسان بطله 
معاتبا الراوية : " قد بلغني - أعزك الله وعافاك» وبرأك مما أنت فيه وشفاك - أنك اجتزأت جمل 
كلاميء وأكثرت في مجالسك من مؤاخذتي وملامي» حين تأولت حكاياتي» وشككت في غلياتي... 
حتى إذ ذكرت في كتابي الجبناء ظننث أنني استهدفتك وقضدتكء أو مر قلمي على ذكن آهل النفاق 
والرياء جزمت بأنني ما تعديتك» أو خطرت كلمة الكذابين أيقنت أنني ما عرّضت إلا بك... فما 
أدري أين ذهب عقلك وأنت تحمل الحسن محمل القبيح» وتجعل المواربة محل القول الصريح. 
فتنقاد إلى ما يتراءى لك من سوء المقصد والمراد» وتنساق إلى ما يتوهمه عقلك من فساد الاجتهاد. 
وما كان أحرى بك أن تطرح هذه الوساوسء» وتطرد هذه الهواجس» وتنفض يديك ورجليك مما 
يزينه لك أخابث الجلاسء من شياطين الناس» وحاذر أن يلعب بعقلك الحساد من أهل التقصيرء 
وذوي الكيد والتدبير» فإنها منقصة لا تليق بأمثالك» ومثلبة لا يصح أن تخطر ببالك "1". 

وأدنى تأمل لهذا النص يكشف عن أن الرسالة موجهة في حقيقتها إلى طائفة من القراء همها 
إدانة الكاتب» وتأويل كلامه» وحشد التهم التي تجرم فعله. 

والمؤلف وإن لجأ إلى هذه الحيلة الكتابية لتخليص نفسه؛ لكن القارئ غير المؤول ينكشف 
له قدر غير قليل من المبالغة في تصوير المشكلات السياسية» ومن التكرار الذي يحسن بالعمل 
الفني أن يتجاوزه إلى الإلماح والإشارة. 


" - الوعي الاجتماعي : 
علاقة المقامة بالمجتمع علاقة قديمة وحميمة:؛ فبديع الزمان الهمذاني قد قدم لنا - من خلال 


.٠١ المنامات الأيوبية» ص؛‎ )١( 
.,؟١7ص المنامات الأيوبية.ء‎ )١( 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


مقاماته - سجلا حافلا عن أحوال مجتمعه؛ " فهي تصور لنا أخلاق المعاصرين وأحوال العصر 
أحسن تصوير »"'٠"‏ حتى إنه يمكن عدها " من الوثائق التاريخية التي تعطينا فكرة صريحة عن 
الحياة الاجتماعية في زمانه وأحوال العصر "!". 

وقد ظلت تلك الحميمية بعد البديع» فالحريري قد " انفعل أيضا بحياة عصره الذي كان 
عصر حروب وقلاقل دعت إلى إحياء حركة الوعظ حثا على القتال أو تسلية عن النكبات أو ردعا 
غن الظلم والفساد ودعوة إلى الهداية والرشاد "0. 

ويستمر كتاب المقامات بعد ذلك - على تنوع حقبهم واختلاف توجهاتهم - في رسم صورة 
ناطقة للحياة الاجتماعية» تجعلنا نقول بأن المقامة " كانت مرآة صادقة للمجتمع على تنوع فتاته؛ 
عمو عن امالك و | لمك و تن م الع يقر كن لزنه تنو ساعو تاقة الم 1 

ولا تخرج ( المنامات الأيوبية ) عن هذا المسارء بل تواصل المسيرة» وتضيف لبنة في هذا 
البناء»ء فهي تقدم من خلال الفن رسائل إلى أفراد المجتمع تتضمن نقدا لبعض المظاهر الدخيلة أو 
الممارسات الخاطئة. 

ففي ( المنامة الإفرنجية ) يسمع الراوية علقمة بن مرة أن البطل أبا أيوب الهندي قد أعلن 
إضرابا عن الكلام ثلاثة أيام متتاليات» فيوقن أن أمرا جللا قد أصابه. وأن حدثا خطيرا قد حل 
بساحته. 

عند ذلك يقرر زيارته للاطمئنان عليه» ويطرق الباب عدة مرات فلا يجاب» حتى إذا هم 
بالرجوع فتح الباب» فإذا أبو أيوب في الداخلء لكنه لم يكن راغبا في استقبال أحد ولا مستعدا 
للحديث مع ضيفه؛ وبعد أن يسأله الراوية عن سر صمته؛ يخبره بأن السبب عائد لما رآه من حال 
بعض الشباب المتفرنج . 

ويصف ما شاهده قائلا : " صادفت شابا في شرخ الشباب» وتوقد الشهاب» فجلس الشاب 
يحادثنيء وأخذت أسأله فيجيبنيء» فسألته ماذا تفعل يا بني ؟ فقال : لقد تخرجت من الجامعة 
وحصلت على ( إل. بي. إيه ) في العلوم بتقدير ( بي. بلس ) وأسعى حاليا لإتمام دراساتي العليا 
للحصول على ( إم. إيه ) أو ( بي. إتش. دي ) من أي جامعة في ( يو. إس. إيه ) أو ( يو. كي ) 
لكنهم اشترطوا علي الحصول على شهادة ( توفل ) أو ( جي. آر. إي ) اقشعر بدني عندما سمعت 


)١(‏ بديع الزمان الهمذاني رائد القصة العربية والمقالة الصحفية ص585. 
(؟) المرجع السابق.ء ص88". 

(؟) فن المقامة في القرن السادس. ص١7١.‏ 

(:) المقامات المشرقية " .هه - ١٠.١١١ه"‏ ص8١0٠1.,‏ 


"5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


هذه اللغة الهجينة» والرموز اللعينة» ثم قلت له : يا بني لست أفقه كثيرا مما تقولء» ولكن كيف 
حصلت على عناوين الجامعات الأجنبية ؟ قال: من خلال ال( تي. في ) وخاصة محطة ال( بي. 
بي. سي ) ومحطة ال( سي. إن. إن ) فأرسلت لهم عن طريق ال( دي. إتش. إل ). 

ازداد غيظيء واشتعلت النار في صدريء ثم قلت له : لماذا لا تحاول أن تدرس هذا في 
بلدك؟ فسخر من اقتراحي وقال : لو درست هنا لما استطعت أن أؤمن أدنى متطلبات العيشء فأنا 
منذ تخرجت لا أستطيع أن أغير قميصي ال ( سي. جي. سي ) ولم أستطع أن أغير نوع التبغ 
الذي أدخنه» وهو دخان ( إل. إم )» وأتمنى أن أمتلك ( بي. سي ) وأن أشاهد أي ( سي. دي ) 
أريدء وأن أركب ( بي. إم. دبليو ) وأن أستمع إلى محطة ال( إف. إم ) فيها "1". 

زو اسل القات كقنه متكع تا هذه" التدرواف! المقطعة التي فصعت أوطبالن اللفة قله 
تقطع التفاهم بينهماء فيصاب البطل بغثيان شديدء ويضطرب تفكيره؛ فينشئ كلاما على طريقة هذا 
الشاب ويقول "أشعر أنني بحاجة أن أذهب إلى ال( دبليو. سي ) فقد أصابني كلام هذا الفتى 
بغثيان شديد» ولو بقي قليلا لاضطررتم إلى نقلي إلى ال( آي. سي. يو ) أو لتفجرت مثل ال( 
قي إن دتن ]لقند شعت بكلامه يتحؤل على أذني متل :قتانف لد( ار اتن حي 0 

وأحسب إن هذه الطريقة الساخرة - التي حاول الكاتب من خلالها تعديل الوعي لدى 
بعض أفراد المجتمع الذين حسبوا أن التطور والتقدم هو في استعمال مثل هذه الألفاظ - قد أيقظت 
الشعور بفداحة هذا الأمرء ولامست بأسلوب مضحك مكمن الداءء تاركة تقديم العلاج» واقتراح 
الحلول للندوات والمحاضرات التي يسعفها عدم اصطباغها بالرواء الفني في الصياغة العلمية 
للخطوات الكفيلة بالحفاظ على العربية. 

ويأسف الكاتب في ( المنامة البصرية ) للحال التي صار إليها الأدب» وللوضع الذي يعيشه 
والأدباءء حيث أضحوا أقل من السوقة» وأهون شأنا من الدهماءء بل إن البطل في هذه المنامة؛ 
يساق إلى الشرطة ثم يضرب ويجلد ؛ لأن هيئته لم تشفع له في إيجاد فرق واحد بينه وبين قاطع 
طريق تبحث الدولة عنه. 

وعندما يعاقب المحسن ويكافاأ المسيء يكون المجتمع قد وصل إلى حالة متدهورة من 
الخلل» لم يقترب منها إلا بعد انتكاس المفاهيم» وتغير الفطرء يحيل الكاتب في ( المنامة الحكمية ) 
إلى هذا النمط الاجتماعي عن طريق منام يذكر البطل فيه أنه زار قرية من القرى فإذا أهلها بين 
نادب ونائح» ولما سألهم عن سبب ذلك أخبر بأن الجراد غزا القرية وأغار على الحقول والبساتين 


)١(‏ المنامات الأيوبية» ص؟؟. 
)١(‏ المنامات الأيوبية» ص4". 


7/ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


فتركها قاعا صفصفاء فأشار عليهم بحيلة تخلصهم من الجراد ولم يكتف بالتخطيط بل باشر بنفسه 
تنفيذهاء حتى إذا هزم الجراد وأهلكت فلوله قام رجل ممن يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فألقى 
على أهل القرية خطبة عصماء يذكر فيها إنجازاته في هذا المجالء فيُنسى البطل ويتدافع الناس إلى 
هذا الخطيب يهتفون» وله يدعونء يقول البطل : " وكادت أقدامهم وحوافر خيولهم تدوسني في 
الرمال» وتلحقني بأكوام الجراد الملقاة في الأوحالء» لولا أنني أتكأت على معولي ونهضتء وثم 
انسللت من 0 

لقد سرق نجاح البطل كما سرقت نجاحات كثيرة حققها صغار الموظفين » لتنسب إلى 
كبارهم. 

ويقدم جرار في ( المنامة الحلبية ) صورة مشرقة للتراث العربي» فهو يرى - في شيء 
من المبالغة - أن الأوائل كانوا أصدق في وصف حياتهم الاجتماعية مناء بل إنهم أدق تعبيرا من 
كثير من الأدباء المعاصرين في وصف شؤون عصرنا الحاضر. 

ويمتطي الكاتب صهوة الشعر القديم لتأكيد فكرته» متخذا من المتنبي رمزا دالا على ما 
يؤمن به» فهو قد كتب شعرا في هذا العصر وإن لم يعش فيه. فالقيم والمبادئ التي يعاني مجتمعنا 
من تمزقهاء لها شاهد في شعر المتنبي» والطموح والسعي الحثيث نحو تحقيق الأهداف لهما نصيب 
من شعره. 

بل إنه يذهب مذهبا بعيدا - بإملاء من شعور الاعتزاز بالتراث والفخر به - فيورد 
للطائرات الضخمة والصواريخ العملاقة والقنابل المهلكة والعدسات المكبرة شواهد من شعر أبي 
الطيب . 

وللمنامة ( الخلخالية ) من اسمها نصيبء فربات الحجالء» وذوات الخلخال هن المحرك 
الأول لهذه المقامة» وفيها يحط البطل بعد أن طاف به بساط الريح في جزيرة من الجزر التي 
تسيطر عليها النساء» فيرى من دهائهن وحنكتهن في التعاطي مع الواقع ما يفوق توقعه» ويبصر 
تعاملهن الدوني مع الرجال» فيعترض أمام سيدة البلاد قائلا" لقد طفت كثيرا من البلدان» وحللت 
كثيرا من الأوطانء؛ ولكنني لم أجد أعظم شأناء ولا أقوى سلطاناء ولا أحسن يراعاء ولا أجود 
أبداعاء ولا أحكم بنياناء ولا أمضى سناناء ولا أروع تقدماء ولا أوسع تعلماء ولا أطيب نفوساء ولا 
أكثر غروساء ولا أرق وأرقىء ولا أجمل وأنقى» من هذه الجزيرة البديعة» ذات المكانة الرفيعة؛ 
غير أنها قائمة على أساس غير متين» وبنيان غير رصينء إذ تسوسها النساء دون الرجال» وهي 
محكومة بالزوال: فلا يطيب العيش إلا بهما معاء ولا يستقيم الملك إلا إذا اجتمعا "7(. 


. المنامات الأيوبية» ص57‎ )١( 
,١١7ص المنامات الأيوبية.»‎ )١( 


57 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إنها دعوة للاتحاد بين الرجل والمرأة» لأن كل واحد منهما يكمل الآخرء هذا ما تقوله 
المنامة صراحة؛ أما ما تقوله ضمنا فهو أن المرأة التي تدعي الضعف وسلب الحقوق إذا سادت 
فستمارس القمع والقهر والإقصاءء بالضبط ستصنع ما تزعم أن الرجل يفعله الآن. 

ويشبه الكاتب في ( المنامة الرياضية ) نقاشات المفكرين والأدباء والفلاسفة وملاسناتهم 
بالمباريات الرياضية التي تضج فيها الجماهير » وتعلو فيها الأصواتء ثم تنقشع الغيمة الصوتية 
دون فائدة تذكر. 

وفي ( المنامة الصحفية ) يكشف - بأسلوب فني - عن العلاقة بين المبدع ووسيلة النشرء 
فهي تتسم بالتوتر والقلق والحذرء وتقديم التهمة» ومن يتولى نشر المقالات يتملك مقصا يشوه به 
نتاج الكاتب» وربما حكم على نصه بالإعدام فلم يخرجه إلى العالم الخارجيء كل ذلك يتم بمباركة 
المجتمع الذي رضي من المقالات بالتي لا تضر ولا تنفع» ولا تسمن ولا تغني. 

ويقف الكاتب في ( المنامة الصينية ) عند بعض الأدواء التي أصابت المجتمعء مبينا أثرها 
في تخلفه» وفي تدني مستواه. يقول كاشفا عن ذلك بأسلوب يفسح المجال للعلم ويضيق أثر الفن '" 
أما الظلم فينشر الخوف والذعر بين الناس» فينصرف كل واحد منهم إلى حماية ماله وعياله؛ 
وينشغل بنفسه» ويصبح لكل منهم يومئذ شأن يغنيه» وينتشر الطمع والجشعء وينحسر التقوى 
والورع» ويحل التهاون محل التعاون» والأثرة محل الإيثار» وحب العاجلة محل حب الآجلة؛ 
والكسب الحرام محل الكسب الحلال» ويستنسر البغاث» ويعلو الأسافل» ويسود أهل الجهلء 
وتسترخص الذممء وينقلب الزمان» ويضيع الأمان» وتتنازع الناس أعراض الدنياء ويتبدد الحب بين 
الناسء وتفقد الأوطان أنصارهاء ويطمع الأعداء "1" . 

وإخال أن حرص جرار على مجتمعه واقتناعه بأن الفن رسالة اجتماعية هو الذي نحا به 
إلى أن يكسر عنصر القص في هذه المنامة وفي منامات أخرى ؛ ليقدم حديثا هو أعلق بلغة العلم 
منه برونق الفن. 
المبحث الثالث - البنية السردية : 

لكل جنس أدبي بنيته السردية التي تميزه؛ ولا يسوغ في الأسلوب العلمي النظر إلى النثر 
بمقاييس الشعرء كما لا يصح مقاربة جنس نثري بأدوات وآلات هي الأجدى عند دراسة جنس آخرء 
بل على صعيد الجنس الواحد يمكن أن نقول : إن للقصة الحدائثية بنية خاصة تختلف عن بنية 
القصة الموباسانية» وبالتالي ينبغي ألا تكون المناظير متحدة» نقول هذا والجنس واحد فكيف إذا 


.١ المنامات الأيوبية.ء ص58‎ )١( 


52. 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


اختلفت الأجناس بين قصة ورواية وحكاية خرافية ومقامة... إلخ» لا شك أن المنظور سيختلف». 
وأن الأدوات ستتباين. 

أقدم بهذا الكلام لأقرر أن النظر إلى المقامة بمعايير القصة يظلمهاء ليس لأن الثانية أشرف 
قدرا أو أحكم بناء» ولا لأنها بنت العصرء ولكن لأن الخصوصية هي المناص عند مقاربة العمل 
الأدبي» والعدول عن تلك الخصوصية ينتج أحكاما غريبة» يكون المتضرر فيها النص والمتلقي على 
حد سواء. 

إن المقامة تحمل تقنيات لا تستطيع القصة حملهاء ذلك أنها منذ ولادتها ومرورا بالقرون 
التي سادت فيها كانت حاضنا للتجريب على أيدي كتبتهاء وهذا التجريب جعل منها مهادا وثيرا 
لكثير من الأفكار التي تنوء القصة بالنهوض بها. 

لقد تمكنت المقامة من خلال أبنيتها المتعددة من كسر الحواجز بين الأجناس؛ فصارت كثير 
من الأجناس الأدبية تكتب من خلالهاء فالقصيدة والخطبة والوصية والسيرة الذاتية وأدب الرحلة... 
إلخ كلها صارت مندغمة في بناء هذا الجنس الأكول. 

وقد حملت ( المنامات الأيوبية ) السمات الأولى للمقامة العربية» وأفادت من التقنيات التالية 
في بنائهاء بمعنى أنها راوحت بين البنية الثابتة والمتحولة» فكيف كان ذلك ؟ هو ما ستجيب عنه 
دراسة البنية السردية فيها. 
١‏ -الراوي : 

إذا كان الراوي هو " الوجدان الذي ترشح من خلاله أحداث القصص حتى يدركها القارئ 
"1 وهو الذي من خلاله يمتلك الكاتب " تقنيات السرد ويمارسها معيدا إنتاجهاء ومبدعا لها "!"ا, 
وتتحدد " رؤيته إلى العالم الذي يرويه بأشخاصه وأحداثه "٠"‏ فإن ذلك يعطيه أهمية كبرى في البناء 
السردي. 

وقد حمل الراوي في المقامة العربية مجموعة من السمات والخصائص التي ترشحه 
ليكون محط نظر الناقد في العمل المقاميء وكانت الأدوار التي يقوم بها بالإضافة إلى تنوعها 
كثيرة كو 


)١(‏ مجدي وهبة وكامل المهندسء معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدبء. مكتبة لبنان» بيروت؛: 9176١م؛‏ ص775. 

)١(‏ يمنى العيدء تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي.ء دار الفارابي» بيروت»: ٠193١م:»‏ ص74. 

(") سعيد يقطينء تحليل الخطاب الروائي ( الزمن - السرد - التبئير )» الطبعة الثانية» المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر 
والتوزيع» بيروت» 951١م؛‏ ص 7854. 

(:) انظر : المقامات المشرقية.» ص595: . 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وقبل أن نصل إلى الدور الذي يقوم به الراوي في مقامات جرار نسأل سؤالا تفرضه 
طبيعة مقاماته» تلك الطبيعة التي اتسمت بتداخل الأدوارء بحيث يستحيل القول بأن راويا وحيدا هو 
الذي يدير العمل. 

إذا كان الأمر كذلك فمن هو الراوي في ( المنامات الأيوبية ) ؟ هذا السؤال الذي يبدو سهلا 
عند سماعه للوهلة الأولى قد يجاب عليه بإجابة أكثر سهولة هي : أن الراوي في هذه المنامات هو 
علقمة بن مرة الشيباني الذي سماه المؤلف في مقدمة مقاماته؛ وأبان عن سبب اختيار اسمه!'". 

لكن هذه الإجابة وإن حملت شيئا من الحقيقة فإنها ليست كل الحقيقة» إذ هناك رواة آخرون 
غير علقمة بن مرة الشيباني يتولون الرواية» فمن هم ؟. 

تبدأ كل مقامة من ( المنامات الأيوبية ) ب" حدثنا علقمة بن مرة " أو " حدثني علقمة بن 
مرة " فإذا كان المحدّث معلوما فمن المحدّث ؟ إن الشخصية التي تحيل إليها ناء الفاعلين وياء 
المتكلم هي المؤلف الذي هو الراوية الأول لمقاماته. 

وإذا كان هذا يمكن أن يصدق على كثير من المقامات التي كتبت قبل جرار فإن الأمر 
يختلف في ( المنامات الأيوبية ) إذ المؤلف - في تلك المقامات - مع وجود الراوية ( الشخصية) 
يختفي تماما ويدع الراوية ( الشخصية ) يكمل السردء أما في منامات جرار فالأمر مغاير»ء إذ لم 
يكتف المؤلف بأن يكون وسيطا بين الراوية ( الشخصية ) والقارئ» ثم يستقيل جاعلا " شخصياته 
في السرد والحوار معا هي التي تقول "!". وإنما نزل إلى ميدان المقامة بوصفه شخصية من 
شخصياتهاء وأدى دورا فاق الدور الذي يسند إلى الراوية ( الشخصية ) في بعض المنامات. 

استمع إليه وهو يستفتح ( المنامة الأسترالية ) بقوله : " حدثنا علقمة بن مرة الشيباني» وقد 
جرى ذكر الأسفار وهجر الأوطان والديار "!' لترى كيف أنه نسب إلى نفسه الاجتماع بالراوية ( 
الشخصي ) ذاكرا أنه تحدث معه بشأن الأسفار وهجر الأوطان. 

ونجد مثل ذلك في ( المنامة الوائلية ) التي صدرها المؤلف بقوله : " جرى ذكر الكذب 
والكذابين ذات يوم فتحدث علقمة بن مرة الشيباني وقال... "41). 

وأحيانا يحدد الراوية ( المؤلف ) المناسبة التي التفى فيها بالراوية ( الشخصية ) كما في 
قوله في ( المنامة المستقبلية ) ' حدثنا علقمة بن مرةالشيباني خلال ندوة للجمعية الوطنية للدراسات 


. انظر : المنامات الأيوبية» ص"‎ )١ 
,١١ صلاح فضل» أساليب السرد في الرواية العربية» دار المدى للثقافة والنشرء دمشق» 5١٠56مء ص‎ ١ 


*) المنامات الأيوبية» ص7. 


)0( 
2( 
لو 
)5( 


:) المنامات الأيوبية» ص7١7,‏ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


المستقبلية "٠"‏ فالراوية ( المؤلف ) ينص على أنه حضر تلك الندوة» وعلى هامشها استمع إلى 
حذيت الرزاوية" ( التتخصيية ١)‏ . 

وقد يشارك الراوية ( المؤلف ) في الحديث ويتولى رواية الجزء الأول من المقامة كما 
في ( المنامة الجزرية ) التي استهلها بقوله : " حضرنا وليمة عرس عند بعض الإخوان» وقبل أن 
تصل أطباق الطعام دارت أحاديث شتى بين المدعوين انتهت إلى مناظرة بين شيخين من شيوخنا 
حول المفاضلة بين لحم الخراف ولحم الأرانب» ولما استعرت نار المناظرة» واستطار شرر 
المفاخرة» وسال لعابنا لكثرة ما وصفوا لنا من أطايب اللحوم؛ نهض علقمة بن مرة الشيباني» 
وقاطعهما قائلا : أيها السادة الكرام» اتذنوا لي بنقطة نظامء فلقد ذكرتني هذه المناظفرة 
جهااكتة جوت إلى :مم كناو إنابتها ابي لوي اند 1 

وهنا يتسلم الراوية ( الشخصية ) من الراوية ( المؤلف ) راية الرواية ويواصل سرد بقية 
الحكاية. 

وربما استغنى الراوية ( المؤلف ) عن الراوية ( الشخصية ) فألغى دوره تماماء واندمج 
يروي للقارئ مباشرة أحداث المقامة» وقد صنع المؤلف ذلك في( المنامة المقدسية ) التي استفتحها 
بقوله : " اشتد القيظ ذات نهارء فخرجت أبحث عن شجرة تفتح صدرها للريح أستظل به وأتنسم ما 
يفيض عن حاجتها من الهواء العليل» فبينما أنا أسير خارج الحي التقيت وجها لوجه مع أبي أيوب 
الهندي خارجا من المسجدء وكان قد مضى علي زمن يزيد على عام لم أجتمع به» فأقبل علي وقد 
علت وجهه بشاشة عذبه تليق بمهابته ومكانته من العلم» فسلمت عليه» فبادرني قائلا : ألم يخبرك 
علقمة بن مرة الشيباني عن آخر ما رويته له من أحاديث المنامات ؟ قلت : إن موعدي معه الليلة» 
فقال : دعك منه اليوم» وسأروي لك بنفسي رؤيا رأيتها الليلة الماضية ولم أحدث بها أحدا بعد 
وأنت أولى بها من علقمة وسواه. قلت : وأي سعادة يا أبا أيوب !! إنه ما من شيء أبلغ في النفس 
موقعا من أن أحظى بنفسي بسماع رؤياك؛: وأن تخصني بحديث منامتك ! إنها لمكرمة تطوق بها 
عنقي» فأخذ بيدي ومضى بي إلى منزله؛ فأجلسني بجانبه» وقال : لقد عرفتك من قوم نجباء» ومن 
طائفة أدباء» موسوما بالفضل والعلم» ومعروفا بالمثابرة والعزم» فآثرتك بهذه الحكاية» وخصصتك 
بهذه الرواية» قلت : لقد شهدت بي شهادة أسأل الله أن يجعلني من أهلهاء وإنني متشوق لسماع 
حكائتك "(, 


, ١57ص المنامات الأيوبية.»‎ )١( 
. 5١ص المنامات الأيوبية»‎ )١( 
.٠٠١ص المنامات الأيوبية»‎ )"( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


لقد خلت هذه المقامة من أي أثر للراوية ( الشخصية ) علقمة بن مرة الشيباني» وفيها التقى 
الراوية ( المؤلف ) بالبطل مباشرة وسمع منامه. 

إذا كان الراوية ( المؤلف ) يقوم بهذه الأدوار فما دور الراوية ( الشخصية ) ؟ وهل له أثر 
في مقامات جرار ؟. 

اهتم المؤلف به ونص في مقدمته على اسمه» معللا سبب التسمية بقوله " واخترت للراوية 
اسم علقمة بن مرة الشيباني ؛ لأنه لم يرو لي من قصص المنامات إلا ما كان علقما مر المذاق ."١"‏ 

إن نص المؤلف يعلل سبب تسمية الراوية علقمة بن مرة؛ لكنه لا يقدم تفسيرا لإطلاق لقب 
الشيباني عليه» ولا نعثر من خلال قراءة مناماته على مسوغ لذلك؛: مما يرجح أن وسمه بهذا اللقب 
كان اعتباطياء وغير سائر على نمط المقامات التي يكون فيها اللقب من نصيب البطل لا الراوية؛ 
فراويتا البديع والحريري عيسى بن هشام والحارث بن همام لم يحظيا باللقب الذي حازه البطلان 
أبو الفتح الإسكندري وأبو زيد السروجي. 

ومع هذا الاهتمام الذي أبداه المؤلف بالراوية الشخصية فإنه لم يعطه المساحة الكافية 
للحركة - كما صنع كتاب المقامات السابقون -» حيث اقتصر دوره في أكثر المنامات على أن 
يكون حلقة ضمن سلسلة الرواة» على هذا الشكل : حدثنا علقمة بن مرة الشيباني قال : حدثني أبو 
أيوب الهندي فقال :... 

ولم يشارك في أحداث المقامات إلا في منامات يسيرة هي : ( الإفرنجية ) و (الجزرية) 
و ( الرومية ) و ( السلطانية ) و ( المستقبلية )» ولم تعد مشاركته على أن كانت حوارا قصيرا مع 
البطل. 

أما تفعيل الدور فلم نره سوى أربع مراتء جاءت في ( المنامة الحكمية ) و ( المنامة 
الشيطانية ) و ( المنامة العرقوبية ) و ( المنامة اليمنية )» حيث شارك الراوية البطل في تسيير 
أحداث المقامة. 

وإذا كان بديع الزمان قد غيّب بطله في بعض المقامات» وجعل الراوية ينهض بدور 
البطولة فإن جرارا لم يصنع ذلك ألبتة» فالبطل أبو أيوب الهندي حاضر في مقاماته كافة. 

وإذا كان كتاب المقامة التقليدية قد أسندوا دور الرواية للراوية ( الشخصية ) في كل 
مقاماتهم فإن جرارا قد خالفهم فأقال الراوية ( الشخصية ) من دوره في ( المنامة المقدسية ) وتولى 
بنفسه روايتها. 


وعندما نبحث عن رواية حقيقية في منامات جرار يقوم بها الراوية ( الشخصية ) علقمة بن 


. المنامات الأيوبية» ص"‎ )١( 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


مرة لا نعثر إلا على مقامة واحدة هي ( المنامة الطهرانية ) التي خلت من المنام» وتولى 
الراوية ( الشخصية ) إدارة النقل فيها. 

وهنا نصل إلى السؤال الأهم في هذا المبحثء وهو من الراوية الحقيقي لمقامات جرار ؟ 
وإذا كان الرواة متعددين فمن الذي يحمل عبء الرواية الأكبر ؟. 

إن الذي يحرك السردء ويحكي التفاصيل المقامية في ( المنامات الأيوبية ) هو البطل أبو 
أيوب الهنديء ذلك أنه يقص للراوية ( الشخصية ) في كل مقامة رؤياه التي شاهدها في المنام» فهو 
الراوي الحقيقي إذن. 

إن هذا التحول الذي يمتد مع قارئ مقامات جرار منذ البداية حتى النهاية» يجعلنا نؤكد أن 
البطل في ( المنامات الأيوبية ) قد أمسك بعضادتي باب المقامة وجعل يديرها رواية وبطولة. 

ولم يحد جرار عن جعل الرواية من وظائف البطل إلا في ( المنامة الرياضية ) التي تحول 
فيها أبو أيوب الهندي إلى حلقة في سلسلة الرواية» فالمؤلف يروي عن علقمة بن مرة الشيباني ( 
الراوية الشخصية ) وعلقمة يروي عن البطل أبي أيوب الهنديء والبطل يروي عن جاره الذي 
حدثت له القصة ورأى المنام. 

ويمكن أن تتبين ذلك من خلال هذا المقطع : " حدثنا علقمة بن مرة الشيباني» قال : سألت 
أبا أيوب الهندي يوما أن يقص علي بعض ما وقع له من أحاديث النوم» فحلف لي بالطلاق ثلاثا من 
أم عياله أنه لم يخطر عليه منام منذ بضعة عشر يوماء وأن ما من شيء في الدنيا كلها عاد يشغله 
أبداء وأنها أضحت لا تعدل عنده جناح بعوضة»؛ ولا حتى شسع نعلء قلت له : وما العمل إذن ؟ 
قال: أروي لك مناما رآه جار لي من أنصار العولمة وجهابذة البنيوية يدعى أبا جعفر القزاز» قلت: 
وما الذي رآه صاحبك القزاز ؟ قال : حدثني أبو جعفر القزاز إثر خروجنا من مجلس علمي تطاحن 
فيه عباقرة الفكر والأدب والفلسفة فقال : رأيت في ما يرى النائم... "٠"‏ . 

لقد مارس جرار في هذه المقامة لعبة ( السند الروائي )» وهو أسلوب له مرجعيته في 
التاريخ المقامي!''» ولم يكن تعامله معه من باب العبث المقامي الذي رأى تاريخ المقامة شيئا 
منها'' وإنما جاء مبررا - تماما - في هذه المقامة» حيث لم نشعر بأن الكاتب قد تبناه لمجرد التغيير 
حسب , 


وبتعدد الرواة يتعدد المروي له فمرة يعون البنطل كما في هذه المقامة» وتارة يعون 


.١؟5ص المنامات الأيوبية»‎ )١( 
. انظر : المقامات المشرقية. ص”7 5 ؛‎ )١( 
.5 (؟) انظر : المرجع السابق»ء ص57‎ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الراوية ( الشخصية ) كما في أكثر مقامات جرار التي يستمع فيها الراوية ( الشخصية ) 
لحكاية البطل» بالإضافة إلى أن المؤلف يمارس الدور مزدوجا فهو راو للقارئ ومروي له من قبل 
الراوية ( الشخصية ).» أما آخر مروي له في السلسلة فهو القارئ الذي تتوقف به محطات النقل. 

والراوي في ( المنامات الأيوبية ) على تعدد مستوياته» واختلاف مهامه ليس الراوي العليم 
الذي ربما أفسد على القارئ متعة الاكتشاف من خلال رؤية استباقية» أو تنبؤات مستقبلية» أو 
استبطان لا يدركه إلا علام الغيوب» إنه شخصية عادية تؤدي دورها متخلصة مما علق بشخصية 
الراوي من الإرث المقامي الذي يحفل بمثل ذلك. 

ومما من شك في أن هذا الوعي المقامي عند جرار كان ثمرة من ثمار التقنيات الحديثة في 
كتابة النتصوص السردية»ء تلك التقنيات التي تخلت عن الراوي المتأله» وأضحت بعد دعوات زعيم 
الرواية الجديدة ( آلان روب جرييه ) تعمد إلى اتخاذ شخصيات محددة يرى الكاتب معها الأحداث 
والأشياء وحركة المجتمه!. 

وإذا كانت المقامات التقليدية تعتمد على بنية التعرف/أ"» تلك البنية التي يتم من خلالها 
اكتشاف الراوية لشخصية البطل!"ء فإن الراوية في ( المنامات الأيوبية ) يعرف البطل منذ أول 
مقامة» ولا ينكره على امتداد المقامات الأربعين إلا في ثلاث مقامات فقطء هي : ( المنامة 
الشيطانية ) التي ظهر البطل فيها للراوية على هيئة شيطانء و( المنامة الطهرانية ) التي تلقى فيها 
البطل ضربات موجعة من بعض الزعماءء و( المنامة اليمنية ) التي تسلم فيها الراوية كتابا من 
؟ - الشخوص : 

لا يمكن تصور نص سردي دون شخوص. فالشخصيات هي الأرجل التي يسير من خلالها 
العمل» ولذلك ينبغي على الكاتب أن " يختار لها ملامح معقولة "!“)» ويتقن رسم أبعادهاء وكلما " 
تخيل الكاتب الشخصية التي خلقها بوضوح استطاع أن يضفي عليها من المواهب والصفات ما 
ا 

ومن هنا كانت عملية " رسم الشخصية:؛ وتكوينها تكوينا فنيا متماسكا - بحيث تكون منطقية 


.؟١ص انظر : أساليب السرد في الرواية العربية‎ )١( 

)١(‏ انظر : السردية العربية» ص7795. 

(") انظر : المقامات : السرد والأنساق الثقافية» ص؟١٠.‏ 

(:) أ.م. فورسترء أركان الرواية» ترجمة موسى عاصيء مراجعة سمير روحي فيصلء الطبعة الأولى» جروس برصء» 


طرابلس - لبنان» 5١5١ه‏ - 1135م:. ص77. 
(5) عمر الدسوقي. المسرحية نشأتها وتاريخها وأصولهاء الطبعة الثالثة» دار الفكرء القاهرة؛» د.ت» ص775. 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


ومقنعة - من الأمور العسيرة التي يواجهها الكاتب "(". 

وللشخصية أثر فاعل في كشف الأبعاد الحقيقية للأحداث» وسواء " أكان الحدث يعبر 
عن فكرة الكاتب المطروحة بشكل مباشر أم يعتمد في طرحه على الإيحاء والرمز فإن الحدث 
باتصاله الوثيق بعنصر الشخصية تبدو أبعاده مجلية الأعماق الداخلية للشخصية من ناحية؛» ومحددة 
السلوك الخارجي أمام القارئ ."٠"‏ 

ويعد البطل أهم شخصية داخل العمل المقامي» وقد نص جرار في مقدمة ( المنامات 
الأيوبية ) على أنه أقام أبا أيوب الهندي بطلا لها!"! » لكن الفاحص لمقامات جرار يلحظ أن بطله لم 
ينفرد بالبطولة المطلقة» بل شاركه فيها الراوية بقلة» وشخصيات أخرى بكثرة. 

وربما أدى دور البطولة غيره؛ كما في ( المنامة الرياضية ) التي تحول فيها البطل أبو 
أيوب الهندي إلى راوية ليس غيرء وتقمص ثوب البطل جاره أبو جعفر القزاز. 

وإذا كان هناك لفيف من المقاميين قد صوروا شيئا من البعد الجسدي لأبطالهمأ؟! فإن جرارا 
لم يعن بذلك», حيث لا يتمكن القارئ من رسم صورة متخيلة لشكل البطل» ولا يستطيع الوصول إلى 
تحديد عمره؛ وكل ما ورد لدى الكاتب في ذلك لا يعدو إشارة موجزة:؛ لم يتكرر مثلهاء ولم تفصح 
عن شيء ذي بالء» وقد جاءت الإشارة في ( المنامة الطهرانية ) التي اكتشف فيها الراوية شخصية 
البطل بعد أن أوسع ضربا وركلاء يقول ٠:‏ " وما كاد الشيخ يقول ذلك حتى قوبل الركلات 
والصفعاتء وانهالت عليه العصي والهراوات» حتى ظننت أنه قد مات؛» وتفرق القوم» بعد انقضاء 
اليوم» ثم دنوت من ذلك الشيخ المسكينء الدائم التوجع والأنين» فإذا هو أبو أيوب الهندي الشيخ 
القفوة لقف 1لا 

ويبالغ بعض النقاد فيحاولون إيجاد خط تطويري زمني ينتظم المجموعة المقامية» وهم حين 
لم تساعدهم مقامات البديع لجأوا إلى الحريري ؛ لأنهم يرون أن مجموعته المقامية تمثل خيطا 
متصلا تكاملياء يسعى فيه الحريري بوعي إلى تنمية شخصية البطل وتطويرها"". 


.١5ص‎ ؛م١13/7 عبدالقادر القطء فن المسرحية:؛ الطبعة الأولى» الشركة المصرية العالمية للنشرء‎ )١( 
نصر محمد عباسء الشخصية وأثرها في البناء الفني لروايات نجيب محفوظ. الطبعة الأولى» شركة مكتبات عكاظ؛ جدة.‎ )١( 
,١ 5 :هاه - 1185١مء ص‎ 


(") المنامات الأيوبية» صه. 

(:) انظر : المقامات المشرقية.» ص؛ 5 . 

(5) المنامات الأيوبية» ص4 ١5‏ ,. 

(5) انظر : غنيمي هلالء النماذج الإنسانية»ء ص5 ”5. ومجلة حوليات الجامعة التونسية» بحت للأستاذ إيراهيم حمادوء 


بعنوان: ( تطور شخصية المكدي في المقامات من الهمذاني إلى الحريري ) العدد : 55, السنة 1985١م.‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وقد كتب لي أن أتتبع هذه القضية عند الحريري ومن جاء بعده فخرجت بأن " كتاب 
المقامة قاطبة لم يراعوا هذا الترابط بين المقامات» بل كل مقامة تمثل وحدة مستقلة» وحلقة 
منفصلة» وقصة يتشكل فيها البطل جسديا حسب الدور الذي يطلب منه أن يؤديه» ونحن نظلم 
المقامة إذا حاسبناها على فقد تلك الوحدة» وطالبناها بأن تكون كل مقامة في المجموعة المقامية 
حلقة في سلسلة متصلة نامية» يتطور فيها البطل في كل مقامة عن التي قبلها جسدياء ولا يتراجع 
في العمرء ذلك أن تلك الوحدة لم تكن من أهداف المقامة» ولم تسع إليهاء فالبديع ليس وحده الذي لم 
تتوافر عنده تلك الوحدة وذلك التطويرء بل حتى الحريري يتراجع ببطله في المقامة الرابعة 
والأربعين الموسومة بالشتوية» إذ يبدو فيها شيخا مشتهبا فوداه في حين كان أكثر تقدما عمريا في 
المقامئة الشلتين *(01, 

وإدراك جرار للفرق الكبير بين الرواية والمجموعة المقامية جعله لا يلتفت إلى ما يطالب 
به أولئك الداعون إلى ضرورة تراتب المرحلة العمرية للبطل بعد كل مقامة» وإنما ظل مهتما برسم 
البعد النفسي للبطل فهو عنده ذكي.متثقفءخبير بالشؤون السياسية والاجتماعية» صبور على 
الملمات» مسكتمل للشداقة. 

ويظهر تمكن الكاتب في التعامل مع الشخوص عند النظر إلى الأبطال الآخرين الذين 
حركوا مناماته» فهو لم يورط نفسه في رسم ضوابط ومعايير لاختيارهم» وإنما فتح الباب على 
مصراعيه فسعى أبطاله معه إلى تحقيق الغاية التي هدف من خلالها إلى كتابة مقاماته. 

وقد اختار الكاتب أهم أبطاله من الرجالء؛ فهو في ( المنامة الأطلنطية ) يعقد مؤتمرا 
يحضره كبار الشعراء في القديم والحديثء ويلقون فيه الأشعار التي يرى الكاتب أنها تساعده على 
بث الوعي. 

وهو في ( المنامة الحلبية ) يبعث المتنبي من مرقدهء وفي ( المنامة الحمصية ) يستدعي 
خالد بن الوليد من قبرهء ويصنع ذلك مع صلاح الدين في ( المنامة الدمشقية ) ومع السلطان 
عبدالحميد في ( المنامة العثمانية ). 

وربما كان المستحضر أكثر من شخصية كما في ( المنامة الغرناطية ) التي تحاور فيها 
على لسان أبي أيوب مع موسى بن أبي الغسان » وأبي عبدالله الصغير. 

وهو حين يستلهم هذه الشخصيات ويبعث فيها الروح من جديد يستدعي معها صفاتها التي 
عرفت بهاء حتى يتمكن بتلك الصفات من التأثير» فحينما زار أبو أيوب الهندي في ( المنامة 
العرقوبية ) العصر الجاهلي وحرص على مقابلة عرقوب», تعرض منه لبعض المواقف التي كرست 


. المقامات المشرقية. ص7"‎ )١( 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


صفة إخلاف الوعد التي يتمتع بها. 

وحينما قابل مسيلمة الكذاب في ( المنامة الوائلية ) كان ذلك في مؤتمر لا يحضره إلا من 
كانت له قدم راسخة في الكذب والزور والبهتان. 

إن البعد النفسي حاضر لدى تصويره لتلك الشخصيات» وهو بوصفه كاتبا سرديا يهتم - 
كما يعتني كتاب النصوص السردية الحديثة - بالتقاط هذا البعد» ويحرص -عندما ينتقي الشخصية - 
على إلقاء " الضوء على جميع جوانبها النفسية لتمثيل نوع السلوك الذي هدف إلى تصويره"!". 

ولا يشعر القارئ للمنامات الأيوبية بأن جرارا قد أقحم تلك الشخصيات التاريخية داخل 
عمله» أو أنه أراد إلباس العظمة لمقاماته من خلال حضور تلك الشخصياتء ومعلوم أن الكاتب " 
قد يقع - أحيانا - تحت إغراء شخصيات تاريخية براقة يدخلها في عمله دون أن تكون ذات فاعلية 
في التكوين الدرامي "(". 

وحتى لا يوحي الكاتب بأن شخصياته من العظماء والمشاهيرء وأنه يسير في ركب 
الكلاسيكيين في جعل البطل التراجيدي ملكا أو أميرا!"؛ فقد أعطى آحاد الناس مساحة تقترب من 
البطولة؛ كما في ( المنامة الإفرنجية ) و ( المنامة المالطية ). 

وإذا كان أغلب كتاب المقامة قد قصروا البطولة على الرجال فإن جرارا لم ينس المرأة 
حيث منحها دورا مميزا في ( المنامة الخلخالية )» وجعلها تسيطر على أحداث المقامة وتتحكم في 
البطل ( الشخصية ). 

وبأثر من ( كليلة ودمنة ) يعمد الكاتب إلى عدم الاكتفاء بالشخوص البشرية» إذ تتكلم 
الحيوانات في ( المنامات الأيوبية ) وتؤدي أدوارا فاعلة وموغلة في الرمزء نجد ذلك واضحا 
في ( المنامة البحرية ) التي تتحاور فيها الحيتان» وفي ( المنامة القبرصية ) التي يعايش أبو أيوب 
فيها مجموعة من الحمير ويتعرف على كيفية حلها لمشكلاتها. 

وتتحدث الحية في ( المنامة الكابوسية )» ويكون حديثها مقنعاء فيصدق البطل كلامها ويعقد 
معها اتفاقا ينتهي بأن تلف الحية جسمها على رقبته» وتقوم بخنقه» في ترميز واضح إلى عدم 
تصديق العدو مهما قدم من العهود والمواثيق. 


)١(‏ محمد غنيمي هلالء النقد الأدبي الحديثء الطبعة الثانية» نهضة مصر للطباعة والنشرء القاهرة» د.ت» ص577. 
)١(‏ نبيل راغبء قصة الشكل الفني عند نجيب محفوظء الطبعة الأولى» دار الكاتب للطباعة والنشرء القاهرةء 9517١م»‏ 


ص7 ؟. 
صه 7" , 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وربما تشكل الجنس الحيواني على أكثر من هيئة ومر بمجموعة من التحولات التي 
تفرضها فكرة المقامة كما في ( المنامة الجزرية ) التي تحولت فيها الأرانب إلى خرافء وربما 
أسبغت عليه صفات غيرهء كما في ( المنامة الاستنساخية ) التي ركب فيها البطل بعيرا طائرا. 

ولا يقنع جرار بالكائن الحي - بشري أو حيواني - عند صناعة شخوصه. بل يعمد إلى 
الجماد فيشكل من خلاله مادة كلامية. لقد تحدثت الآلة في ( المنامة الحلبية )» وتكلم عنصر الثلج 
في ( المنامة التركية )» و في ( المنامة الصحفية ) تشكل جسم عجيب من بين الكتب والقراطيس 
ثم تمخض عن صورة كاريكاتيرية جعلت تحدث البطل بهمومها. 

إن هذا التنوع في شخوص |( المنامات الأيوبية ) لا يدفع الملل عن قارئها ويشعره بالتجدد 
فحسيةا. بل :يفكخ” الناقد .مق اكتقداق .يز اغة القاتك وتجاكه ف التعامل مع متغظيلة كتخرهية 
تستعصي على التقنين والضبط. 
" - الزمكانية : 

قد يبدو هذا المصطلح المنحوت وفق السك الحداثي بعيد الصلة بأثر يشي عند قراءة عنوانه 
بأنه ينطلق من التراث». ف( المنامات الأيوبية ) تعلن صراحة منذ ولادتها أنها تساير الأعمال 
المقامية السابقة ؛ ولذا فهي قد لا تتحمل دراسة المصطلحين مفككينء بله أن تتحملهما مدمجين. 

وغني عن القول إن كثيرا من النقاد الذين درسوا المقامة قد غفلوا أو تغافلوا عن النظر إلى 
الأثر المقامي من خلال عنصري الزمان والمكان ؛ لأنهم يرون أن هناك ظلما كبيرا سيقع على 
العمل المقامي إذا حوكم بالشروط التي رسمها النقاد المعاصرون - متأثرين بالنقد الغربي - للمكان 
الذي تقع أحداث المقامة على سطحه:؛ وللزمان الذي تدور في فلكه. 

لكني أحسب أن ( المنامات الأيوبية ) تتحمل بل تصمد بثبات للرؤى الحداثية التي اكتنفت 
طبيعة الدراسة المكانية والزمانية. 

إن المقامات التي تعالجها هذه الدراسة وإن استلت الاسم التراثي من بين أكوام الآثار 
المقامية لكنها كانت تهدف من وراء ذلك إلى شكل من أشكال الاحتراز الوقائي - كما سبق أن 
أشرنا - ولا تتغيا الإنشاء على الطريقة التراثية حذو القذة بالقذة. 

لذلك جاء هذان العشصران محملين بوعي جرار النقدي بالتغيرات التي طرأت على مسيرة 
النقد» بحيث أضحى العمل مزيجا بين الرؤية الأدبية القديمة والمنجز النقدي الحديث. 

وإذا كان الدرس النقدي قد أثبت لكل من هذين العنصرين استقلاليته وقانونه وقيمته 
الفنية!''. وأكد فيما يخص الزمن على مجموعة من الثوابت مثل : مفهومه ودلالته في الأدب 


.١6ص‎ »م١9/84 انظر : عبدالصمد زايدء مفهوم الزمن ودلالاته في الرواية العربية المعاصرة. الدار العربية للكتاب»‎ )١( 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


والفن!'! وعده مكونا أساسيا في بنية النص السردي!" فإن المكان رغم أهميته القصوى في تشكيل 
الخطاب الأدبي " ما يزال يفتقد إلى مقاربات نقدية عميقة تنظيرا وإنجازا "1. 

على أنه أضحى من نافلة القول الحديث عن أن " الفنون السردية من أكثر الففون 
التصاقا بالزمن "!4). و أن " الرؤية المعاصرة لأي نص من النصوص تتوقف على كيفية التعامل 
جع كن لكر 

لكن العبارات التي تدور حول قيمة العنصرين لن تتحول إلى قواعد يمكن من خلالها فك 
الارتباط الزمكاني في ( المنامات الأيوبية )» لقد تداخلت الأزمنة والأمكنة في كثير من هذه 
المقامات؛» بحيث أصبح من العسير جدا تفكيك بنيتها حتى في المنامات التي يبدو فيها تعامل الكاتب 
مع عنصري الزمان والمكان سطحيا. 

فعلى سبيل المثال لا يستطيع الناقد مهما أعاد التبئير والفحص الجزم بأن جرارا قد رحل 
إلى أزمنة أبطاله ( لقيط بن يعمر - عرقوب - مسيلمة بن ثمامة الوائلي - خالد بن الوليد - نصر 
بن سيار - المتنبي - الطغرائي - القاضي الجرجاني - صلاح الدين - إبي عامر أحمد بن شهيد 
- أبي حفص الهوزني الأندلسي - السلطان عبدالحميد الثاني ) وعاش في أماكنهم» أو أنه استدعاهم 
إلى زمانه ومكانه الحاضر. 

إن ( المنامات الأيوبية ) تحفل بجزء من هذا وذاكء ففيها شيء من أزمنتهم وأمكنتهم. 
وطرف من زمان المؤلف ومكانه. 

فالكاتب لم " يستخدم الوقائع التاريخية في الفترة الزمنية ٠"‏ التي يعيشها في كل تلك 
المقامات» حتى يكون التعامل على قدر من السهولة» بل زاوج بين الرحيل إلى عالم أولئك وترحيلهم 
إلى عالمه وفق رؤية لا يسوغ من خلالها " تفسير الأبعاد الزمنية في نسيج القصة بمعزل عن 
المكات "7" , 


5١ص انظر : سعيد يقطين» تحليل الخطاب الروائي ( الزمن - السرد - التبئير )ء‎ )١( 

؛م٠٠١5 انظر : مها القصراويء الزمن في الرواية العربية» الطبعة الأولى» المؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروت»‎ )١( 
. ص7‎ 

(') خالد حسين حسينء» شعرية المكان في الرواية الجديدة : الخطاب الروائي لإدوار الخراط نموذجاء كتاب الرياض» مؤسسة 
اليمامة الصحفية» العدد 87 أكتوبر ١٠٠٠7م:‏ ص55. 

(؛) الزمن في الرواية العربية. ص/,. 

(5) منصور نعمان الدليمي» المكان في النص المسرحيء الطبعة الأولى دار الكندي للنشر والتوزيعء إربد - الأدرن» 
64امء ص 55. 

(5) بناء الرواية» سيزا قاسمء الهيئة المصرية العامة للكتاب»؛ القاهرةء 9/85١م؛ء‏ ص68 5 . 

(0) الظواهر الفنية في القصة القصيرة في مصر ( 1١951‏ - 1584م )ء مراد مبروكء الهيئة المصرية العامة للكتاب» 
8 امء ص5 ,١١‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إن هذا التمازج الموغل في التلاحم والالتصاق أفرز زمكانية برزخية لا يمكن أن تحلها 
المعايير والمقاييس القديمة ولا أن تفكك رؤيتها المقاربات النقدية الحديثة. 

ولك أن تتخيل ذلك من خلال تأمل وصف الجهاز الذي جلس البطل أمامه في ( المنامة 
الفضائية )» فهو " منظار دقيق جدا تستطيع أن ترى فيه أدق التفاصيل؛ وانظر إلى هذه الآلة التي 
تلتصق به» تستطيع إن ضغطت على هذا الزر الأحمر بها أن تسمع كل ما تراه مترافقا مع ما 
ترىء وكل ما عليك أن تفعله متى أردت أن ترى شيئا أن تذكر اسمه أمام هذه الشاشة» فيتحول 
كلامك إلى أحرف مطبوعة:» فتوعز الشاشة إلى هذا المنظار فيوجه عينيه نحو المكان المطلوبء ثم 
تضغط على هذا الزر الأحمر في الجهاز الملتصق بالمنظار فترى وتسمع ما تريد "!". 

والبطل في ( المنامة المستقبلية ) يستطيع اختراق حدود الزمان والمكان والوقوف عند 
بوابة التاريخ ورؤية الأمم - على اختلاف لغاتها وتباين أماكنها وتغابر أزمانها - وهي تعبر بوابة 
القرن الحادي والعشرين» وهو يتمكن من ذلك لأنه ركب بساط الريح الذي يطوي الأزمنة والأمكنة. 

وتذوب المدد الزمانية و تتكسر الحدود المكانية في ( المنامة العرقوبية ) لأن البطل يقود 
فيها " مركبة فضائية عملاقة تستطيع أن تنتقل بين الأمكنة مهما تباعدت بينها المسافات» وبين 
الأزمنة مهما تطاولت بينها الآماد.ء وإذا شئت أن تزور أي مكان في أي زمانء فما عليك إلا أن 
تشير بقلم دقيق إلى المكان على خارطة للدنيا مثبتة أمام كرسي القيادة» وإلى الزمن الذي تريد في 
تقويم زمني مثبت على جانبي الخارطة "!". 

على :1ن الدر ان الأكااوبية مهما شحو الك للد واوامهدا النشخصني على ليحك بو الشرس 
تحاول التوسل إليه ببعض القواعد والقوانين التي تعينها في فتح مغاليقه» وكشف مستوره؛ وهو ما 
أسعى إليه في هذا المبحث. 

ولعل أول مفتاح تراثي يمكن أن تستعمله هذه الدراسة لفتح ما أوصده ذلك التداخل هو 
تسمية المنامات» فقد أحالت عنوانات المقامات لدى جرار على طريقة تراثية مرتبطة بالمكان» حيث 
إن كثيرا من مقامات البديع والحريري ومن جاء بعدهما تسمى باسم المكان الذي وقعت فيه أحداثها. 

وهكذا صنع جرارء فقد وسم عشرين مقامة باسم المكان الذي دارت فوقه قصة المنامة؛ 
وهي : ( الأسترالية - الأطلنطية - الإفريقية - الأمريكية - البحرية - البصرية - التركية - 
الحلبية - الحمصية - الدمشقية - الرومية - الصينية - الطهرانية - الغرناطية - القبرصية - 
الكوفية - المالطية - المقدسية - الهندية - اليمنية ). 


.,١18١؟ص المنامات الأيوبية.»‎ )١( 
.١650ص المنامات الأيوبية.‎ )١( 


اه 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


وهو على طريقة المقاميين القدامى يهتم بوصف المكان سواء أكان مفتوحا أم مغلقاء ضيقا 
أم واسعاء ويتأنق في الوصف خارجا عن هدف المنامة وملاحقا الطريقة المقامية التراثيةء يقول 
في ( المنامة الغرناطية ) : " فالتفت حولي فإذا هي جنة من جنات الله في الأرضء ذات الطول 
والعرضء فرحت أتجول بين الجداول والبساتين» ودخلت إلى المباني الشاهقة» والأبراج الرائقة؛ 
وأخذت أمشي في القاعات المهيبة» والمجالس العجيبة» أتأمل نقوشها وزخارفهاء وأحاور تليدها 
وطارفهاء وتذكرت سكانها الأوائل» وبكيت مجدهم الزائل... ودخلت قاعة السفراء وبهو الأختين 
وساحة الأسودء ووقفت في الشرفات البديعية والأبراج المنيعة» ثم انتقلت على جنة العريف. ذات 
القصر الظريفء؛ والجداول الصافية» والظلال الضافية؛ء والأشجار الباسقة» والمناظر الرائقة» 
فأشبعت ناظري من حسنها الفتان» وأشفقت على خافقي من تلك الأشجان "1" . 

على أن هذا الوصف يكشف عن تشظي العبارات نحو أكثر من موصوف وإن كانت داخل 
إطار مكاني واحدء فالكاتب يوزع أوصافه - بسرعة فائقة - على أكثر من منظرء ولا يقف عند 
مشهد مكاني محدد ويتوغل في وصفه. وهذا مظهر تأثري مستدعى من صورة المكان في المقامات 
التراثية. 

ومما جاء على ذلك أيضا قوله في ( المنامة التركية ) " فنزلت في طريقي بقرية عند تخوم 
الروم» ذات شجر وفاكهة وكرومء تشقها ينابيع ماء زلال» وتحفها حدائق كأنها السحر الحلال» 
وتحيط بها جبال باسقة» وهضاب شاهقة "!". 

وربما كسر جرار رتابة الوصف المكاني» وخفف من حدة ثباته عن طريق بعض 
المجازات الموحية:؛ والعبارات القصيرة المتسمة بالحركة والحيوية كقوله : " فوجدت 
الأرض قد خلعت عباءتها الخضراءء واتخذت ملاءة بيضاءء وتنقبت بناصع الثلوج» فلا يستطيع 
أحد الخروج أو الولوج "(". 

وقوله في ( المنامة العثمانية ) : " فنظرت إلى ناحية من الأرض فتراءى لي جبل يكاد 
يناطح النجم ويزاحم السحاب بارتفاعه» فهبطت فيه فإذا قصر عظيم لم أر مثله في قصور الأرض 
انقدادا و الشاضاء وجدال صينفة وام . 

وللمكان الضيق المغلق نصيب من وصف جرارء وإن كان لا يضاهي في كثرته والاهتمام 


., ١7١ص المنامات الأيوبية.‎ )١ 
. ؟) المنامات الأيوبية» ص هده‎ 


*) المنامات الأيوبية» ص هده. 


)0( 
2( 
لو 
)5( 


:) المنامات الأيوبية.» ص١5١.‏ 


إن 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


به وصف الأماكن المفتوحة» فمن ذلك قوله " ثم دخل بي إلى حجرة فيها شاشات مختلفات» 
ومتشابهات وغير متشابهاتء قلت : ما هذا يا أبا الطيب ؟ قال : إنها محطة فضائية أبث من خلالها 
شعري إلى العالم "!'. 

وقوله : " وإلى جانبه حجرة صغيرة من الجليد الصلب محكمة البناء والترتيب» ذات سحر 
كاذ وين عب ار 

وإذا كانت بعض المقامات قد كشفت عن مكان دوران أحداثها فإن عددا غير قليل من 
منامات جرار لا يستطيع القارئ لها تخمين المكان الذي حدثت فيه القصة. إما لأن المنامة لا تشير 
إلى شيء من ذلك كما في ( المنامة الحكمية - المنامة الخلخالية - المنامة الرياضية - المنامة 
السلطانية - المنامة الشهابية - المنامة الشيطانية - المنامة الصحفية - المنامة العنكبوتية ) أو لأن 
المكان خيالي لا وجود له على أرض الواقع كما في ( المنامة الفضائية - المنامة الكابوسية - 
المنامة المستقبلية ). 

ولا يتوقف تقديم الأماكن في الخطاب المقامي لدى جرار عند الحاسة البصرية» بل " يتم 
بزج الأبعاد الحواسية الأخرى في تجسيد المكان "٠"‏ تأمل قوله :" تحف بنا أسراب الطيورء ويحيط 
بركبنا شجر السنديان والحورء والليل قد بسط عباءته» والنهار قد طوى ملاءته» وبينما نحن نحث 
الركائب ونحدوء ورياح الطريق تعزف وتشدو إذ أقبلت غيمة سدت الفضاءء وقرعت طبول 
الشتاء» فمن برق وهاج إلى رعد رجاج وماء ثجاج "!4). 

لقد تضافرت عناصر البصر والسمع واللمس والشم في استثمار واضح لطاقات الحواس 
للإيحاء بأبعاد المكان. 

ولم تبلغ سطوة المكان في ( المنامات الأيوبية ) حدا يجعله يتفرد بالبطولة أو يشارك فيها 
كما صنع بعض المقاميين السابقين!"!» وإنما كان التعامل مع المكان وفق معطيات توليه أهمية 
مائزة. 

وعند محاولة استلال الزمن من قالب المكان وفك الارتباط بينهما يبرز الزمن المتشظي 
بوصفه الشكل البنائي الزمني المسيطر في مقامات جرارء ذلك الزمن الذي تخضع أبعاده " للتشظي 


. المنامات الأيوبية. ص17‎ )١ 
. ؟) المنامات الأيوبية» ص/ه‎ 


)01( 
)0 
(") شعرية المكان في الرواية الجديدة. ص8١5.‏ 
(:) المنامات الأيوبية» ص55 . 

(ه) 


5) انظر : المقامات المشرقية.» ص”55: . 


عه 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


والتكسر وتجاوز كل إشارة زمنية يمكن أن تقود القارئ إلى التتابع "(". 

فالأحداث المقامية وقعت في المنام» وصاغها البطل على هيئة رؤىء وفي عالم الأحلام 
تذوب الأزمنة وتتمنع على الضبطء بحيث " تتجاوز كل ما هو منطقي وواقعي إلى حرية لا نهائية 
في التشكيل 7 

وحينما نقرر أن الزمن في ( المنامات الأيوبية ) كان يسلك الخط التبعثري فإن هذا لا يعني 
أن المؤلف فقد السيطرة عليه إنه بوعي شديد يجيد التعامل مع هذه التقنية» لأن " التشظي بالمعنى 
الإيجابي للكلمة يتضمن نقلة من عالم تفتيت الأنا وانتثار القيمة إلى عالم قادر على أن يمنح الذات 
حرية لا نهائية» لا تقيدها حدود الشكل أو تحدها ضرورات التركيب "1" . 

وإطلالة سريعة على ( المنامة الكابوسية ) يتضح من خلالها أن جرارا استغل هذا الزمن 
ليكسب مساحة للحركة التأليفية ما كان ليدركها لو تحيز إلى البناء التتابعي ( الكرونولوجي ).» إذ 
إن هذا النسق ناهيك عن أنه " من أبسط أشكال النثر الحكائي "/*! لن يمكنه من التلاعب بالأزمنة: 
والتحاور مع الحية» وعقد التهادن معهاء لأن الزمن التتابعي الكلاسيكي يسير دون انحرافات؛ كما 
يحرص على " المنطقية والتناسب والسببية والتأثير "!*). 

وقل هذا الكلام عن أزمنة كل من ( المنامة الاستنساخية ) و ( المنامة الأطلنطية 
و(المنامة الإفريقية ) و ( المنامة الأمريكية ) و ( والمنامة البحرية ) و ( والمنامة البصرية 
و(المنامة التركية ) و ( المنامة الجزرية ) و ( المنامة الحكمية ) و ( المنامة الخلخالية 
و(المنامة الرومية ) و ( المنامة السلطانية ) و ( المنامة الشهابية ) و ( المنامة الصحفية 
و(المنامة الصينية ) و [( المنامة العنكبوتية ) و ( المنامة الفضائية ) و ( المنامة القبرصية 
و(المنامة الكوفية ) و ( المنامة المالطية ) و ( المنامة المستقبلية ) و ( المنامة المقدسية 
و(المنامة الهندية ). 

إنها أزمنة غير محددة» حرص الكاتب أن يخفي أي خيط يوصل إلى وقتهاء مستغلا عالم 
الأحلام للتواري خلفه. 

على أن الرؤى المنامية لدى جرار لا تحجب الزمن دائماء فيمكن - أحيانا - الاقتراب من 


| 
| 
| 
| 
| 
| 


.١١١ص مها القصراويء الزمن في الرواية العربية‎ )١( 

(؟) المرجع السابق» ص١١١.‏ 

(*) السيد فاروقء» جماليات التشظيء الطبعة الأولى» دار شرقيات للنشرء القاهرة» /551١م؛ء‏ ص5١‏ . 

(؛) عبدالله إبراهيم» المتخيل السرديء الطبعة الأولى» المركز الشقافي العربي» بيروت»؛ .١9195٠‏ ص8١٠.‏ 

(5) سمر روحي الفيصل,التطور الفني للاتجاه الواقعي في الرواية العربية السورية» الطبعة الأولى» دار النفائس» بيروت» 
57م ص .١4١‏ 


6: 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


تحديد بعض أزمنة مقاماته» لكنه مجرد اقتراب - لا أكثر - لن تحظى من خلاله بتعيين زمن 
دقيق» ويلمس هذا في ( المنامة الأسترالية ) و ( المنامة الإعلامية ) و ( المنامة الإفرنجية ) و 
( المنامة الحوارية ) و ( المنامة الرياضية ) و ( المنامة الشيطانية ) و ( المنامة الطهرانية )؛ 
حيث تضمنت إشارات تحيل إلى الزمن المعاصر. 

وعند محاولة التعرف على الأزمنة التي مسحتها مقامات جرارء و النظر في كيفية تعامله 
مع الزمن الداخلي يتضح أن ( المنامات الأيوبية ) تفاوتت في المدد التي تغطيهاء وقد كسبت 
مشروعية هذا التفاوت من خلال طبيعة الفن المقامي الذي يتيح مثل ذلك» فهو ليس كالقصة 
القصيرة التي تتسم بضيق زمانهاء ولا كالقصة التي ينفتح فيها الزمن قليلا؛ ولا كالرواية التي يكون 
الزمن فيها طويلا يمتد أحيانا إلى أكثر من جيلء إنها كل ذلك فمساحة الحركة داخل بناء المقامة 
غير خاضعة لوقت صارم. 

وقد استغل جرار هذه الميزة المقامية أحسن استغلالء» فمقاماته وإن كانت في الغالب تقترب 
من أزمنة القصة القصيرة؛ لكنه تحلل من ذلك في مقامات أخرى تجاوزت إلى الأشهر والأعوام. 

ومن المقامات التي يمكن أن نطلق عليها حكايات اللقطة الواحدة والتي يتساوى فيها زمن 
القصة مع زمن السرد ( المنامة الإفرنجية ) و ( المنامة الحمصية ) و ( المنامة الحوارية ) و ( 
المنامة الرياضية ) و ( المنامة الشيطانية ) و ( المنامة الصحفية ) و ( المنامة اليمنية ). 

وهذا النوع من الزمن لا يضاهي المنامات التي يكون زمنها يوما أو أياما فهي كثيرة 
منها: ( المنامة الاستنساخية ) و ( المنامة البحرية ) و ( المنامة البصرية ) و ( المنامة التركية ) 
و( المنامة الحكمية ) و ( العنامة' الكلبية” ) و( الهنافة "الخلخالية )"و ..("المثامة الدمشفية') 
و(المنامةالسلطانية ) و ( المنامة الشهابية ) و ( المنامة الطهرانية ) و ( المنامة العرقوبية ) 
و(المنامة العثمانية ) و ( المنامة العنكبوتية ) و ( المنامة الفضائية ) و ( المنامة الكوفية ) 
(المنامة المقدسية ) و ( المنامة النعلية ) و ( المنامة الوائلية ). 

وقد يستغرق زمن المقامة أشهرا أو سنواتء كما في ( المنامة الأسترالية ) و(المنامة 
الأطلنطية ) و ( المنامة الإعلامية ) و ( المنامة الأفريقية ) و ( المنامة الأمريكية ) و (المنامة 
الجزرية ) و ( المنامة الرومية ) و ( المنامة الصينية ) و ( المنامة الغرناطية ) و (المنامة 
القبرصية ) و ( المنامة الكابوسية ) و ( المنامة المالطية ) و ( المنامة المستقبلية ) و ( المنامة 
الهندية ). 

وتتخذ المقامة مجموعة من الطرق لطي مثل هذه الأزمنة الطويلة» منها الخلاصة التي 


زعازع 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


تهدف إلى الاستعراض السريع لفترة من الماضيء فالكاتب " يعود بنا فجأة إلى الوراء ثم يقفز بنا 
إلى الأمام لكي يقدم لنا ملخصا قصيرا عن قصة شخصياته الماضية "'» وذلك كقوله في ( المنامة 
الهندية ) : " كنت أيام الحداثة والشباب؛ أميل إلى الانعزال عن الأتراب؛ فما اتخذت صديقاء ولا 
لزمت رفيقاء وأمضيت صباي بين كتاب أنظر فيه» وبيت شعر أرويهء أحج إلى المدارس» وأتصدر 
المجالس» فما فتر لي عزم» ولا فارقني حزمء ولما اشتد عودي» وطال في الوطن قعودي» تملكني 
حنب احتف زافخذتي فكلة فوفك روات الأقطلاري 01 

وغالبا ما يكون تسريع السرد عن طريق الحذف " وهو نوع من القفز على فترات زمنية 
والسكوت على وقائعها "!'ا. وكثيرا ما يكون الحذف معلناء كقول جرار في ( المنامة الأطلنطية ) : 
" ورحت أجوب البحارء متقلبا من نهار إلى ليل ومن ليل إلى نهارء أصارع الأمواج» وأصانع 
البحر الثجاج» حتى وصلت بعد أربعة شهور "41. 

وقوله في ( المنامة الرومية ) : " تغربت عن وطني نحو عقدين من الزمان في جزيرة 
منقطعة يقال لها سرنديب "!*. 

وقد يكون الحذف غير معلنء؛ فلا تعرف بالتحديد الفترة الزمنية» كقول جرار : " وتطاولت 
الأيام والساغات* وانشقلت يهغ وكالات الأنباء و الإداعات :"7 , 

وكقوله في ( المنامة المستقبلية : " وعطفته ليأخذني إلى خارج حدود الزمان» فطفق يجوب 
ليالي وشهوراء وأزمنة ودهوراء حتى انتهى إلى بوابة منيعة "(". 
: - طبيعة السرد : 

إذا كان الحوار هو عصب المسرحية فإن السرد هو لحمة العمل القصصيء لأنه " الطريقة 
التي يصف أو يصور بها الكاتب جزءا من الحدث أو جانبا من جوانب الزمان أو المكان اللذين 
يدور فيهماء أو ملمحا من الملامح الخارجية للشخصية:ء أو قد يتوغل إلى الأعماق ليصف عالمها 


الداخلي وما يدور فيه من خواطر نفسية أو حديث خاص مع الذات "1 وهو لا يقتصر على هذه 


.١55ص‎ »م١95٠ حسن بحراويء بنية الشكل الروائيء الطبعة الأولىء المركز الثقافي العربي» بيروت؛.‎ )١( 

.٠١8ص المنامات الأيوبية.‎ )١( 

(؟) أ. مندولاء الزمن والرواية» ترجمة بكر عباسء مراجعة إحسان عباسء الطبعة الأولى» دار صادر بيروت» 11517م2 
ص18 , 

(:) المنامات الأيوبية» ص5١‏ . 

(5) المنامات الأيوبية» ص١7١,‏ 

(؟) المنامات الأيوبية» ص57١,‏ 

(0) المنامات الأيوبية» ص57١‏ , 

(4) طه واديء دراسات في نقد الرواية» الطبعة الثانية» دار المعارفء القاهرة» 9197١م»‏ ص١‏ 5 . 


5ه 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الأدوار بل يضيف إليها كونه " الذي ينظم أحداثئه وشخصياته؛ وبالتالي فضاءاته وأزمنته» ومن ثم 
اتقننانة :لخ السطانة أو الل 0 

وتكتسب المقامة خصوصية تجعلها تقف وسطا بين القصة والمسرحية:» فالحوار فيها يزيد 
عن حجم الحوار القصصي ويقل عن الحوار المسرحي الذي يستغرق المسرحية كاملة؛ ولذا يجب 
التعامل مع هذا اللون وفق هذه الخصوصية:؛ بمعنى أننا لا ندخل على هذا الفن وفق القواعد 
القصصية ولا ضمن القوانين المسرحية. 

وهذا الكلام لا يفهم منه عدم الإفادة من تلك الأنظمة في دراسة العمل المقامي: فهذه 
الدراسة تصنع ذلكء ولكنه يعني توظيف تلك المنجزات بحذر شديد ؛ لأنها قواعد تدخل على هذا 
اللون من خارجه؛ مع عدم إنكارنا أنها تسهم بشكل كبير في قياس مستوى النتاج وتساعد على 
تقويمه. 

والسرد في مقامات جرار له السطوة الكبرى فهو المتحكم في الحوار أيضاء بحيث لا يرد 
ألا ضمنه» ولم يستقل الحوار عن السرد حتى في المقامات التي كان له فيها القدح المعلى ك( 
المنامة الإفرنجية ) والمنامة ( الحوارية ). 

ويعلل أحد الباحثين لهذا البنية المقامية بأنها إحدى نتائج النقل الشفهي الذي يعتمد على 
السماع لإدراكه؛ فيجبر على استعمال الربط السريع بين أجزائه!". 

على أن ذلك لا يعني أن الحوار في ( المنامات الأيوبية ) لم يؤد أدوارا فاعلة» فهو قد أسهم 
بشكل واضح في تطوير الأحداث والسعي بها نحو حلقات جديدة» بالإضافة إلى أن الكاتب اتخذه 
وسيلة " يكشف بها عن شخصياته» ويمضي بها في الصراع ا 

وإذا كانت اللغة هي الأداة السردية التي يبدع من خلالها الأديب في أعماله!“)؛ إذ بها يصب 
أفكاره و" تنطق الشخصياتء وتتكشف الأدوات» وتتضح البيئة» ويتعرف القارئ على طبيعة 
التجربة التي يعبر عنها الكاتب "!*) فإن جرارا قد أولاها عناية كبيرةء فحرص فيما يتعلق بالمفردة 
على انتقائها وسلامتها من العيوب اللفظية. 


)١(‏ أحمد فرشوخ., جمالية النص الروائيء الطبعة الأولى؛ دار الأمان للنشر والتوزيعء الرباطء !١51١1ه‏ - 1995م 


ف 
- 1/5 ام ص87 , 


(:) انظر : عبدالله رضوانء الأعمال النقدية ( البنى السردية ). الطبعة الأولى» دار الكنديء عمان» 955١م؛ء‏ ص0٠‏ 55. 
(5) عبدالفتاح عثمانء بناء الرواية ( دراسة في الرواية المصرية )؛ مطبعة التقدم» 7١0٠5١ه‏ -”1187مء: ص199. 


/اه 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


فهي لفظة صحيحة اشتقاقياء لا تدخل العامية في بنيتهاء ولم يحد عن ذلك إلا في ( المنامة 
المالطية ) التي استعمل فيها بعض الأمثال العامية» مثل ( فخار يكسر بعضه ) و ( امش الحيط 
الحيط وقل يا رب الستر ). 

وألفاظه خالية من الدخيل فلا ترى أثرا للكلمات غير العربية إلا في ( المنامة الإفرنجية ) 
التي تسللت إليها كثير من الألفاظ الأجنبية» لكن هذا التسلل لم يكن لولا أن المقامة كانت تفتقر إلى 
ذلك افتقارا شديداء فهي قد أسهمت - بشكل كبير - في توصيل الفكرة للقارئ. 

وإذا كان الإغراب في الألفاظ من الأسس التي تبنتها المقامة منذ ولادتها فإن ( المنامات 
الأيوبية ) قد حادت عن هذا المسلك فاستعملت ألفاظا مألوفة قريبة من القارئ العادي لا تحتاج عند 
قراءتها إلى استشارة قاموس أو معجم» وهي تستقطب ظلال المعاصرة الذي يعلق باللفظ وتفيد من 
إيحائه» ومن ذلك قوله : " وطرت إليها على جناح السلامة» متأبطا وثائق الهجرة والإقامة ."'٠"‏ 

وقوله : " ولما استعرت نار المناظرة... نهض علقمة بن مرة الشيباني» وقاطعهما قائلا : 
أيها السادة الكرامء ائذنوا لي بنقطة نظام "!". 

ويعرف المتنبي في ( المنامة الحلبية ) إحدى الغرف التي يسكنها بقوله : " هذه الحجرة هي 
حجرة التحكم والسيطرة على جميع ما في سائر الحجرات "٠"‏ . 

وعندما يشرح البطل لخالد بن الوليد بعض المستجدات الراهنة تطفح المعاصرة على 
لغته فيقول : " لقد قرر العرب في مؤتمرات القمة أنهم جعلوا السلام خيارا استراتيجيا "!4). 

ويبدو التماسك في عبارات الكاتب على المستوى التركيبي» مع مراعاة تامة للقواعد 
النحوية أثناء الكتابة» بحيث لم تند عن المؤلف جملة واحدة خالف فيها القاعدة اللغوية» بل إنه أحيانا 
يغير في المثل العامي من أجل حراسة نسق النحوء كقوله : " الباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه 
ود 

وإذا كانت المقامة العربية قد احتفلت بالمحسنات البديعية وأولتها عناية كبيرة منذ مطلع 
شمسها ومرورا بالتطورات التي لحقتها فإن جرارا لم يول هذا الجانب عنايته» فهو يقدم نصوصا 
سردية حديثة يراعي فيها ما يراعى في النص القصصي الحديث الذي ينبغي " أن يتجنب البهرجة 


)١‏ المنامات الأيوبية» ص7. 
؟) المنامات الأيوبية» ص١5‏ . 


للق 
0 
(") المنامات الأيوبية» ص35. 
(:) المنامات الأيوبية. ص .٠١‏ 
(ه) 


5) المنامات الأيوبية» ص55 ,١‏ 


مه 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


والتكلف والإغراق في المحسنات البديعية من سجع وجناس وطباقء إلا إذا وردت عفو الخاطر... 
وفي إطار من فنية الأسلوب ومقتضيات الموقف "!". 

ولأن السجع هو الركيزة الأولى في الفن المقامي فقد وشح جرار مقاماته بأسجاع لم يلتزمها 
دائماء وإنما جاءت عباراته مراوحة بين السجع والترسلء» وغالبا ما يلف السجع كلماته الأولى التي 
يستفتح بها المقامة ثم ينطلق متخففا منه في سائرها. 

ولا يلحظ القارئ أن السجع في ( المنامات الأيوبية ) يسوق جرارا إلى حشو التركيب بلفظة 
زائدة أو إلى تقديم ما يستحق التأخيرء لأنه متى ما شعر أن هذا المحسن سيدفعه إلى ذلك أهمله 
وتجافى عنه. 

ويختلف حجم المادة المسرودة في ( المنامات الأيوبية ) من منامة لأخرىء؛ فطورا يكون 
السرد لأحداث قصيرة: وحينئذ لا ضير لدى الكاتب من الإغراق في التفاصيل كما في ( المنامة 
الحلبية )» أو التوقف لرسم بعض ملامح صور شخصياته كما في ( المنامة الرومية ) أو وصف 
مشهد مكاني كما في ( المنامة العثمانية )» لكن تلك التوقفات لا تعدو أن تكون " استراحة في وسط 
الكحداك ليوا 

وتارة تكون المادة التي سينهض السرد بحملها طويلة» وعندئذ لا مجال لأية استراحة من 
أي نوع وإنما يحاول الكاتب - في جري محموم - ضغطها وفق البناء المقامي مفيدا من قدرته 
على التشكل بحسب الأفكار السردية» وهذا واضح في ( المنامة الأفريقية ) و ( المنامة القبرصية ). 

وعلى أن المنولوج الداخلي من أبرز تقنيات قصة تيار الوعي الحديقة!" وله أهميته في 
الكشف عن " النواحي النفسية والشعورية التي تعتلج في الأعماق الباطنية للشخصية "!“افإنه لم 
يظهر في ( المنامات الأيوبية ) إلا على شكل ومضات سريعة أثرت المشهد ولم توقف السردء 
كقول البطل في ( المنامة الاستنساخية ) : " فوقعت عيناي على رجل أشيب ذي بشرة بلون البن 
المحروق وعينين متقدتين» وتراءى لي أنني شاهدت ذلك الوجه» فقلت في نفسي : كيف أعرف هذا 
الرجل وأنا أنزل هذه البلاد لأول مرة في حياتي ! سبحان الله كم صغيرة هي هذه الدنيا ثم 


نا 


.77٠ص‎ ») بناء الرواية ( دراسة في الرواية المصرية‎ )١( 

.79 حميد لحمدانيء بنية النص السرديء الطبعة الثانية:» المركز الثقافي العربيء» بيروت؛: 9197١م؛» ص‎ )١( 

(؟) انظر : آمنة يوسفء تقنيات السرد في النظرية والتطبيق؛: دار الحوار للنشر والتوزيعء اللاذقية - سوريةء 1191١م»‏ 
1/3 

(:) السيد محمد ديب» فن الرواية في المملكة العربية السعودية بين النشأة والتطورء الطبعة الثانية» المكتبة الأزهرية للتراث» 
القاهرة. 5١51١ه‏ - 115١م,‏ ص75 7, 

(5) المنامات الأيوبية» ص١١‏ , 


9ه 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


وحينما رأى أبو أيوب الهندي في ( المنامة الوائلية ) بعض المشاهد التي أثارت دهشته 

قفت عجلة السرد لحظة - لخاطر دار في ذهن البطل 0 " ثم قلت في 
ل لإضاعة الوقت» فهذه فرصة يجب اقتناصها حتى آخر لحظة» وكأس ينبغي 
احتساؤها حتى آخر قطرة: فابتلعت دهشتيء وتجرعت خيبتي وكظمت حسرتيء وتناولت أقلامي 
وقراطيسي وأخذت أستعد لتدوين مشاهداتي وتسجيل محاوراتي» ثم نهض رجل قصير.." ."١‏ 

وقد لا يسجل الكاتب في المنولوج الداخلي أية عبارة» ويكتفي بالإشارة إلى وجود حديث 
للنفس؛ لأنه حريص على تتابع الأحداث وعدم قطعهاء وهذا واضح في ( المنامة الشيطانية ) التي 
يقول فيها الراوية : " أصابني الضجر ذات مساءء وحال الهم بيني وبين النوم» فأخذت أمشي في 
فناء الدارء فضاق بيء فخرجت بعيدا عن الدورء وأنا أتفكر في ما يجري ويدورء فقادتني قدماي 
إلى مكان ناء» على مسافة ميل أو يزيدء فنظرت فإذا ظلام دامسء وليل عابسء فحدثتني النفس 
بالرجوعء فلما هممت بإدارة جسمي إلى الوراءء إذا بيد تشدني من كتفي... "1". 

ويحاول بعض النقاد الذين يتعاملون مع المقامة العربية وفق رؤية نقدية متطورة أن يتلمسوا 
البنية السردية المهيمنة على الفن المقامي من خلال استعارة نشطة وحيوية للمنجزات التي أدركها 
النقد العربي الحديث في مجال الدرس السردي. 

ولا تخلو هذه المحاولات من اكتشافات تثير الدهشة وتبعث على الإعجابء, ولعل عبدالفتاح 
كليطو هو أول من ركب هذه الموجه.» حيث حرف مسار التلقي الاستبعادي» وغيّر مناطق 
التبئير»فتمكن بذلك من " استيعاب مجموع المقامات ومجموع مظاهرها وسماتها "1" من خلال 
اقتراح بنية سردية تكون هي أهم فعل من بين سلسلة الأفعال السردية» لقد اقترح بنية ( التعرف ) 
بوصفها العمل المميز للمقامة العربية!؛! ثم حاول التعارك مع المقامات التي لا تسير وفق هذه 
البنية!*ا. 

ويتعمق الدكتور عبدالله إبراهيم في فحص هذه البنية التعرفية من خلال دراسة إحصائية 
لبعض المجموعات المقامية» ثم يقرر أن " التعرُف سواء تقدم أم تأخر هو مظهر أساسي وثابت من 
مكلا هن" البنية الكو 011 


.7١ المنامات الأيوبية» ص؛‎ )١( 
, ١77ص المنامات الأيوبية.‎ )١( 
.5 ١7ص (؟) نادر كاظمء المقامات والتلقي»ء‎ 

(:) انظر : المقامات : السرد والأنساق الثقافية ص”١٠.‏ 
(5) انظر : المرجع السابق»ء ص”١٠.‏ 

(”) السردية العربية» ص؟7؟7. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ولا يميل الدكتور ين تستوعب مقامات البديع كلهاء فهناك 
مقامات له لا تعرف فيهاء ويقترح موافي بنية تعتمد على عنصري الاتصال والانفصال دون تركيز 
على علاقة عيسى بن هشام بأبي الفتح فحسب!"". 

وعلى ما في هذا المقترح من حيطة منهجية ومن قدرة استيعابية لكنه فضفاض جدا بحيث 
يمكن من خلاله نظم الفن القصصي التراثي كله؛ء وهذا مناف للخصوصية التي يحاول راسم البنية 

وإذا كانت بنية التعرف لم تستطع أن تهيمن على مقامات البديع فإنها في (المنامات الأيوبية) 
لا تشكل شيئا ذا بال» إذ الراوية يعرف البطل منذ المقامة الأولى وتستمر هذه المعرفة حتى آخر 
ما ب ع ل ا ابارت لحي ا ا 


الشيطانية ) و ( المنامة الطهرانية ) و ( المنامة اليمنية )» وهي لا تشكل نسبة تذكر في مقاماته 
الأربعين. 


ومن هنا أقترح بنية أحسب أنها تنتظم مقامات جرار كلهاء وتحقق الخصوصية المقامية في 
آن» ويمكن أن تكون هذه البنية منطلقا للدراسة» ومفتاحا مقاميا يتسم بالتميزء وتتمثل هذه البنية في: 
يقظة > نوم ->ه) حلم -> استيقاظ 

إن هذه البنية الكبرى - التي روعي في تحديد بناها اختزال العلاقات قدر الاستطاعة 
للخروج بخيط سردي ناظم لهذا النتاج - تنسحب على كل المقامات التي ضمتها (المنامات الأيوبية) 
سوى مقامة واحدة ندت عن هذا النظام» بل ندت عن حدود عنوان هذه المنامات لافتقارها إلى حلم» 
تلك هي ( المنامة الطهرانية ) التي تنكبت الخط المقامي ووجهت وجهها قبّل حكايات ألف ليلة 
وليلة. 

وعند محاولة تفكيك هذه البنية الكبرى إلى بنى صغرى للتعرف عن نمط كل بنية على حدة 
نجد أن بنية اليقظة ليست هي الجزء الأهم في المنامة وغالبا ما يشتمل هذا الجزء على إرهاصات 
تنبئية عن طبيعة الحلم. 

وطول هذا البنية غير ثابت فتارة تكون في سطر أو سطرين كما في ( المنامة 
الأطلنطية) و ( المنامة الإعلامية )» وطورا تكون في صفحة أو صفحتين كما في ( المنامة 
الأسترالية ) و ( المنامة الإفرنجية ). 

وتفضي بنية اليقظة إلى بنية النوم التي - أحيانا - ينص السارد على الداعي إليه كما ( في 


)١(‏ انظر : القصة العربية عصر الإبداعء ص4/. 


1١ 


المنامات الأيوبية: روافد التلقي - الرؤية الفكرية - البنية السردية خالد بن محمد الجديع 


المنامة الأفريقية ) و ( المنامة البحرية )» وكثيرا ما يُدلف هذه البنية دون كلام عن السبب الدافع 
ال 


وتحتل بنية الحلم المرتبة الأهم في هذه البنى» فهي منطقة الثقل» وبها يتحقق هدف المقامة ؛ 
ولذا تشغل الجزء الأكبر كمياء ومن خلالها يحقق البطل ما عجز عن تحقيقه في حالة صحوه. 

ومع بنية الاستيقاظ تنتهي محطات المنامة» فهي بمنزلة الخاتمة الشعرية للقصيدة» ومع 
كل منامة يرد السبب الذي جعل البطل يستيقظ من نومه؛ وكثيرا ما كان السبب يشتمل على مفارقة 
مضحكة بين ما رآه في منامه وما يراه في صحوه. 

وختاما آمل أن تكون هذه الدراسة قد كشفت عن روح جرار المقامية» تلك الروح التي 
تروغ بذكاء عن الألغام التي زرعها الهمذاني والتي وقع في فخاخها كثير ممن رام مسايرته وسلوك 


15 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " 


د. ثناء نجاتي عياش * 
تاريخ تقديم البحث: ٠٠١5/١١/9١‏ تاريخ القبول: ٠٠17/7/١١‏ 


ملخص 


يعرض هذا البحث للمفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان " يمر هذا الليل " للشاعر الأردني حيدر 
محمود .لما ما في المفارقة من قدرة على إبراز التناقض بين التراث والواقع الذي بات مخيباً للآمال كما صوره 
الشاعر. 

وحللت الباحثة نماذج تطبيقية دالة على أنماط هذه المفارقة وهي المبنية على نص تراثي» والمفارقة 
ذات الطرف التراثى بأنواعها المختلفة كما تجلت فى ديوانه . 

وتطرقت الباحثة إلى الأنماط الأخرى للمفارقة التي ظهرت في ديوانه في أثناء تحليلها للمفارقة الترائية. 
منها على سبيل المثال المفارقة اللفظية والدرامية والسخرية ... الخ. 


71 


دمناعع للم 05:امتسطة1ة مدملتماط ست عدم هروط 
55 أطع 1لا علط!' (له21275 مطامط مسد ؟) 
5 1715 األعاط0ت عع113اعط عطا ما لعنتهاع1 أقطا <31200م عط ذتنإهام015 طاعتوعوع] حلط 1" 
2 ««ممندل؟) لعللدء طاعتط؟ 0نامسطدلةا علدع21 أع0م ‏ تتقتصهل10 01 ممععلامء عطا ما 
عطا /إ12[مكتل مغ ء017م عطا كقط :1200م عطا كوعتعط1ا زمعدكو غطوتلط كتط1' (لوإؤهله 
أع00 عطا 35 012]125مم0153 عمتدععط أهطا , لاتلدع1 عط عمة عع12لاعط عطا اععتتكاعط ماع01 همه 
. غآ لعطترعوعل 
طعتط, 5200م 01 وع91ا5 عوعطا ذ5وع1معء أقطا 5أع2200 21ع0اع13م لع2إلقة اعطاعتوعوع عط 1" 
كلطا طا 15و6م3 أآقطا, 3200م 015 كلصكا ألمعتع تل عطا ممه عا عع12 عط عطا ذه لعمهةم 
0001 


0 عع خلطا صا تتقعمم3 غهط) ,3100م 01 دع اتاد تعطاه عطا غنامطة لعكللة) مكلة تتعطعجوعوع: ع1" 
. 2312001 126028110167 320 ع1أ2مطهةتل , 601ل1ع7 ركه أعناد دوعء10م 121 زلقمة مكنال 


* قسم اللغة العربية» الجامعة الهاشمية. 
حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة, الكركء الأردن. 


11 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


المقدمة : 

يدرس هذا البحث المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان "يمر هذا الليل" لالشاعر حيدر 
محمود !' ! وغلب على هذا البحث الجانب التطبيقي لذا لم أطل الوقوف عند الجانب النظري لمفهوم 
المفارقة وأنماطها ووظائفها في العمل الفني وسأكتفي بذكر موجز سريع لمفهومها ذي الصلة 
المباشرة بموضوع هذا البحث . 

ويمكن القول إن المفارقة من المصطلحات الغامضة وغير المستقرة ومتعددة الأشكال بدليل 
كثرة تعريفاتها! ' ). فعلى سبيل المثال ذكر لها ميويك خمسة عشر تعريفاً في كتابه» وبين "أنها لا 
تعني اليوم ما كانت تعنيه في عصور سابقة» ولا تعني في قطر بعينه كل ما يمكن أن تعنيه في 
قطر آخرء ولا عند باحث ما يمكن أن تعنيه عند باحث آخر" "). وصرفني هذا القول عن محاولة 
استقصاء تعريفات المفارقة» ولا مناقشتها فهذا مما يطول الكلام بشأنه» وقد يخرجني عن دائرة 


5 


ومن أبرز خصائص المفارقة اعتمادها على التناقض الظاهري بين الكلام المذكور والمعنى 
الموااذ: #.ؤلذا قإن قوامها: عير" الدال عق مدلول يكفئ مداولا آخرا منتافكا معةء علي قحو متنا 
يقال لرجل سفيه (كم أنت ذكي) ! ويبدو المدلول المختفي معبراً عن حقيقة القول؛ ولكنه يظل ملتبساً 
إذ إن قصدية المتكلم يمكن التشكيك فيهاء ولا تتضح إلا من خلال سياق ثقافي فكري مشترك بين 
منتج القول ومتلقيه"!؛ ) وهذا يعني أن القارئ شريك أساسي في صنع المفارقة» فهو مطالب باستنباط 


)١(‏ حيدر محمود شاعر أردني معاصرء ولد في الطيرة - حيفا في عام ٠١97‏ تدرج في عدة مناصب في المملكة 
الأردنية الهاشمية منها : مستشار للقائد العام للقوات المسلحة الأردنية و مستشار لدولة رئيس الوزراء» ومدير عام دائرة 
الثقافة والفنون» ثم سفير الأ ردن في تونس لعدة سنوات» ووزير للثقافة» ومدير مركز الحسين الثقافي» وهو عضو 
رابطة الكتاب الأردنيين» واتحاد الكتاب العرب .حصل على جائزة ابن خفاجة الإسبانية في 2١985‏ ترجم بعض شعره 
إلى اللغة الإسبانية .من مؤلفاته : الشعر الحديث في الأردن وألوان من الشعر الأردني . ومن دواوينه : يمر هذا الليل» و 
شجر الدفلي على النهر يغني» وأقوال الشاهد الأخير .ولمزيد من التفاصيل ينظر: معجم البابطين للشعراء العرب 
المعاصرين, ج ”.ء ص .١15- ١15‏ والمشايخ» محمد حسن : الأدب والأدباء والكتاب المعاصرون في الأردن» مطابع 
الدستورء عمان» 9895١.ء‏ ص .١5١‏ 

2١9417 ميويك. دسي : المفارقة وصفاتهاء ترجمة د. عبدالواحد لؤلؤة : دار المأمون للترجمة والنشرءبغدادء‎ )١( 
-١5 ص‎ ١314 ص75- "547 والدكتور سليمان» خالد: المفارقة والأدب» .دار الشروق للنشر والتوزيعء عمّان»‎ 
١ 

() ميويكء المفارقة وصفاتهاء. ص .١5‏ 

(:) رشيدء أمينة: "المفارقة الرواتية والزمن التاريخي". مجلة فصولء المجلد الحادي عشرء العدد الرابع» سنة54١154ه/‏ 
114١م‏ ص ١617‏ . 


515 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المعنى المراد وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ظاهر النص» وهذا يقتضي من المؤلف مده" بالخيط 
الذي يعينه على اكتشاف المستوى الكامن الذي يقف على بعد من المستوى الأول "27 ولذا يمكننا 
توصيف المفارقة بأنها" لعبة لغوية ماهرة وذكية بين طرفين (صانعها وقارئها) يقدم فيها صانع 
المفارقة النص بطريقة تستثير القارئ وتدعوه إلى رفضه بمعناه الحرفي لصالح المعنى الخفي "") 
ولا يمكن للقارئ تحقيق الهدف المرجو منه إلا من خلال استعانته بما يتركه له المؤالف من 
إشارزات تساعده على اسشتياط: المع "المراك :: 

ومن الأسباب الأخرى التي تشجع المبدع على الاستفادة من المفارقة إعانتها له على "الانفلات 
من دائرة المباشرة والبساطة والدخول في آفاق الضبابية الجمالية والشفافية"!"/وهي من الصفات 
المميزة للشعر الرفيع ؛ لأنها تتجاوز البعد الواحد والرؤية الأولية» وتكشف عن قدرة صانعها على 
استجلاء الواقع وما وراء هذا الواقع» وتكشف كذلك عن وعي درامي بالحياة وما تنتظضمه من 
مفارقات ؛ لذا فهي آلية من آليات بناء النص الشعري!!! . 

وفي ذات الوقت تمنحنا المفارقة" فرصة التأمل فيما تقع عليه أعينناءأو يتنبه عليه إدراكناء مما 
يحيط بنا من مظاهر التناقض والتغيرء فيدفعنا للتبصر به» والبحث عن العلاقات التي تجمع عناصر 
المتفكل أمامتا وها بيدها مانتال أ تافر 17 فيضذها تقياذ الأخياء #ولعل::هذا الأمر يكير 
حرص شاعرنا على ذكر الجوانب المضيئة من تراثنا بجانب بعض سلبيات واقعنا الراهن» تاركا 
المجال للقارئ ليدرك مقدار التناقض بينهما . 

ونظرا لتعدد تعريفات المفارقة و تعدد أنماطها وتقسيماتها و درجاتها و طرائقها وأساليبها 
وتأثيرها وإلى موضوعها''. كان لا بد من اختيار نمط من أنماطها؛ ليكون محور هذا 
البخث :قجاءتة. المفارقة ذ اك الميعطيانة الثرائذة لتحقق :هذا :الغواطن : 

أما ديوان" يمر هذا الليل " فتميز ببروز المفارقة بشكل لافت بأنماطها المختلفة:؛ ولا تكاد 
تخلو قصيدة من قصائد الديوان من شكل من أشكال المفارقة» لا بل وجدت قصائد بأكملها تقوم على 


,177 إبراهيمء نبيلة" المفارقة "» مجلة فصولء,المجلد السابع» العدد الثالث و الرابع» سنة 5/8 ١٠ه/19187١م: ص‎ )١( 

,١737؟ نفسه.ء ص‎ )١( 

(؟) الرواشدة»ء سامح عبد العزيز: " المفارقة في شعر أمل دنقل",» مجلة دراسات للعلوم الإنسانية» المجلد الثاني و 
العشرونء العددء» السادس سنة 5١5١ه/‏ 115١م2»‏ ص7886؟ 

(4:) يوسفء. حسني عبد الجليل : المفارقة في شعر عدي بن زيد. الدار الثقافية للنشرء القاهرةء» 27٠١١‏ ص ه. 

(5) الرواشدة» المفارقة في شعر أمل دنقلء ص 5178. 

(5) سليمان» المفارقة والأدب.» ص 7-5١4‏ , 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


المفارقة» واكتفيت بتسليط الضوء على المفارقة ذات المعطيات التراثية لتكون ممثلة للمفارقة في 
شعر حيدر محمود هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى لتضمنها أنماطا أخرى من المفارقة سيتم إبرازها 
في أثناء التحليل في ثنايا هذا البحث. 

ويعد ديوان" يمر هذا الليل" من أوائل دواوين الشاعر حيدر محمود بالنظر إلى سنة 
نشره(170١)‏ ويتكون هذا الديوان من تسع وعشرين قصيدة» وبلغ عدد صفحاته مئة وسبعا 
وأربعين صفحة . وتنوعت موضوعات هذا الديوان ما بين الموضوعات الوجدانية البحتة كما في 
قصائد : تظلين أنت الوحيدة ولماذا التقينا وأحبك وحين تبكي حبيبتي ...إلخ إلى الموضوعات ذات 
الصبغة الإنسانية كما في قصائد: يا أصدقاء واعترافات مقاتل ...إلخ 

وتغنى الشاعر بصفات المغفور له - بإذن الله - الملك حسين في قصيدة عنوانها "بطاقة حب 
إلى الحسين الإنسان " عبر فيها عما يكنه من محبة وتقدير للراحل الكبير . واختص الجيش الأردني 
بعدد من القصائد مجد فيها القوات المسلحة كما في قصائد:المجد للكوفية الحمراءء ونقيد 
الدروع...إلخ. وعبر عن حبه الشديد للأردن من خلال وصفه لنهر الأردن الذي أسماه " نهر 
الأنبياء " . 

واستوحى أحداث نكبة فلسطين بدليل قوله في إحدى قصائد ديوانه (سأخبركم لماذا كانت 
النكبة) وعلى الرغم مما في حديثه من مرارة إلا أنه بدا متفائلا بدليل حديثه عن الذين يصنعون 
الفجروتوجيهه بطاقة حب إلى مدينة القدس عنونها ب " يمر هذا الليل" بشرها فيها بقرب التحرير 
والخلاص» وبدليل إرساله خمس بطاقات إلى الأهل في الأرض المحتلة حثهم فيها على الصمود 
والتصدي للأعداء . 

ولم يغب واقع الإنسان العربي عن ذهن الشاعر عندما وجّه خمس بطاقات للألم وصف فيها 
الوضع العربي الراهن أبلغ توصيف. وضمنها الحديث عن عجز الإنسان العربي»ء وعدم قدرته 
على فعل أي شيء إزاء انقلاب الموازين في عصرنا الحاضر كما في قصيدة (يا موسى لا تلق 
عصاك)التي بدت أقرب إلى صرخة صادرة من أعماق نفس مقهورة» لعلها تجد صدى في ضمير 
كل من يسمعهاء لعلها تحرك فيه ما سكن وتدفعه إلى تغيير واقعة . 

ولم ينس الشاعر الحديث عن عذابات الإنسان المعاصر ومعاناته بسبب تعقد الحياة المحطية 
به وكثرة منغصاتها مما أدى إلى إحساسه بالاغتراب؛ لذا جاءت قصائد : الغول .. الصمت وغريب 
وشمس الغربة لتعبر عن هذا المعنى . 
المفارقة ذات المعطيات الترائية: 


هي" تكنيك فني يقوم على إبراز التناقض بين بعض معطيات التراث وبين بعض الأوضاع 


11 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المعاصرة'!'' ويمثل التراث الذاكرة المختزنة عند الشاعر أو المخزون الاستراتيجي يستعين به عند 
الحاجة إليه. فتراث أي أمة يتميز بغناه؛ لذلك تتعدد صور الاستمداد منه» ولن يعدم الشاعر الوسيلة 
للاستفادة منه في تفسير بعض معطيات واقعه وعصره فهو" يستعين بالماضي لاستنطاق الحاضر" 
.''١‏ وهذا يعني أن لجوء الشاعر إلى تراثه يقوم على الانتقاء والاختيار» فلو لم يبجد في الحدث 
التراثي أو الشخصية التراثية التي استمد منها ما يشفي غليله لما استعان بها . 

وقد يلجأ الشاعر إلى تراثه ليبوح بمكنونات نفسه التي لا يستطيع التعبير عنها بصراحةء 
فيحمل العناصر التراثية التي يحييها ما تنوء نفسه بحمله؛أن" حين يتحدث على ألسنة شخوص 
يستحضرها من التاريخ إنما يمثل دور المتجاهل الذي يروي مجرد أحداث غابرة: لكن القارئٌ 
الواعي يستطيع إقامة خيوط تتواصل بين النصوص المتداخلة ليصل إلى إشارات صانع 
المفارقة"!". 

وفيما يلي استعراض لأبرز أنماط المفارقة ذات المعطيات التراثية كما ظهرت في ديوان 


الشاعر حيدر محمود: 


المفارقة المبنية على نص تراثي : 

تقوم هذه المفارقة على اقتباس نص تراثيء لا يبقيه الشاعر كما هوء بل يحور فيه ليولد من 
هذا التحوير دلالة معاصرة تتناقض مع الدلالة التراثية للنص التي ارتبطت به الأذهان /6). ويمنح 
هذا التناقض بين النصين القصيدة تكثيفا دلاليا وإيحاء مؤثرا ناتجا عن استحضار النص التراثي» 
ثم قلب دلالته المعروفة للتعبيرعن موقف جديدء يوصف من خلاله واقعه الراهن *! وتجلى هذا 
النمط من المفارقة في نص عنوان (ياموسى لا تلق عصاك) وتبدأ المفارقة منذ العنوان الذي حافظ 
فيه الشاغن علئ: الستاضدين "القن زنية التحادكة" (موسى: و العضيا و الإتقاء) لكده قلت الؤلاقة التراافية تداتا 
باستعانته بحرف النهي لاء فإذا كان النص القرآني يقول: ( وَأُوْحَيْنَا إلى مُوسَى أن ألق 
عَصاكَ»1''بصيغة الأمر ألق ( افعل) فإن المطلوب عند الشاعر - بعد التحوير - أصبح الكف عن 


.١556 ص‎ ١157 زايدء علي عشري : عن بناء القصيدة العربية الحديثة» مكتبة الشباب» القاهرةءه‎ )١( 

.١75 ص‎ 7٠٠١” شبانة» ناصر : المفارقة في الشعر العربي الحديث. دار الفارس للنشر والتوزيع» عمان»‎ )١( 

(") نفسهء صه١7,‏ 

(:) زايدء عن بناء القصيدة العربية الحديثة. ص70١.‏ 

(5) الزعبيء زياد: " تبسيط الخطاب الشعريء دراسة في بنية اللغة الشعرية ومصادرها عند حيدر محمود " ضمن كتاب نص 
على نصء. منشورات أمانة عمان الكبرىء» عمان.» ,.7٠٠١”‏ ص9١.‏ 

(5) الأعرافء آية /ا١١,‏ 


11/ 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


الفعل وعدم الإلقاء (لا تفعل). وجعل الشاعر عنوانه جزءاً من النص وبنى عليه ليعلل طلبه 
الجرقء وغين' اللتوقسع؟ لذن لغ تيكن عذؤاته بهذف" النشويق أو التنهيد .:. :الع مهار متسارك 
عليه من وظائف العنوان ؛ لأن الشاعر أراد من عنوانه صدم القارئ واستفزازه لعل مثل هذا 
العنوان يحرك ما سكن في أعماقه وازداد استفزاز الشاعر للقارئ عندما قال: (هذا عصر 
السحر) فكيف لا يلقي موسى عصاهءوهدف الإلقاء -حينذاك - تحدي السحرة !! 
وبنى الشاعر نصه على مجموعة من المفارقات الجزئية المتساوقة فيما بينها لتكون الصورة 
الكلية للمفارقة التي أراد إبرازها هناءإذ يمكن للقارئ تصور موسى - عليه السلام -وهويهم 
بإلقاء العصاء فيأتيه صوت الشاعر من وراء الستار ينهاه عن الإلقاء . 
وافتتح الشاعر مشهده بجملة اسمية(هذا عصر السحر) ليبرز مقدار التشابه بين الععصرين: 
عصر النص التراثي وعصره هو على الرغم من التباين الظاهري بينهماء واستعانته بالجملة 
الاسمية تبين أنه يقرر حقيقة واقعة لا متخيلة» وهنا تكمن المفارقة . 
فعصر موسى- عليه السلام - تميز ببراعة القوم في السحر وتفوقهم فيه. أما عصرنا 
فظاهرياً لا سحرة فيه» ولا يتميز بتفوق السحرة بالمعنى المتعارف عليه للسحر والسحرة لكن في 
عصرنا شخصيات ومواقف تجعل اللبيب حيران» ويوجد فيه أناس لا يمارسون ألاعيبهم وحيلهم 
على المسرح أمام مجموعة من النظارة بحيث يسلبونهم عقولهم - كما يفعل السحرة - ولكنهم 
يقومون بأعمال لا تقل في مفعولها وتأثيرها على النفوس عن مفعول السحر.وعغرف السحرة في 
عهد موسى - عليه السلام - بأعيانهم وذواتهم وأعلنوا سحرهم» أما سحرة عصرنا فقد ذابوا في 
مجتمحاتهم يديك لا يظهرون عياداً أمام الناس4 ولذا انتطاعوا آداء أدوارهم يوا مسن حلفت 
الستار في مسرح الحياة. ودليلنا على هذا قول الشاعر : 
يكفي أن تغلق عينيك 
كي تشعر أن دماغك في قدميك 
والأرض على كتفيك !". 
وكما يقول ميويك: يحجب المعنى الحقيقي في المفارقة" بمعنى لا يزيد عن كونه غير صريح.» 
أو لا يقصد له أن يُفهم بشكل مباشر"!" لأن واجب القارئ استتباطه إما مما يقوله الشاعر أو من 
السياق الذي ورد فيه؛ ولهذا حافظ الشاعر على العناصر التراثية للحادثة ( موسى والعصا والحيات 


)0 محمودء يمر هذا الليل»ء ص7" , 
(١‏ ميويك» المفارقة وصفاتها. ص كع 


16 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


والبحر والسحر) لكنه قلب المدلول التراثي لهذه الحادثة رأساً على عقب بإسقاطه بعض المعطيات 
السلبية لعصرنا عليها ومن ثم أفقد شخصية موسى الألق والحضور الذي أض فته عليه الحادشة 
التراثية» وبصنيعه هذا " أمست الضحية ليست مجرد شخصية تاريخية جامدة بقدر ما هي شخصية 
واقعية يُعمل فيها الكاتب معول الهدم والتشوية "1''. ففي الماضي نفذ موسى - عليه السلام - 
التعليمات؛ لذا حقق النجاحات المستحقة على الرغم من أنه كان يعيش في عصر السحر والتجبر 
والطغيان المتمثل في شخصية فرعونء وكان السحرة إحدى أدواته» والآن لو نفذ موسى - في 
عصرنا - التعليمات لما نجح؛ وكأن الشاعر يريد القول إننا نعيش في عصر أسوأ مما كان عليه 
الحال في عصر موسى .ويريد القول كذلك إن السحرة في زمننا أقوى وأعتى مما كانوا عليه في 
عصر موسى - عليه السلام -على الرغم من أن القرآن وصف فعل السحرة في ذلك الوقت بب: 
(وّجاءوا بسخر عظيم 14" وشهد لهم بالكفاءة والمقدرة بدليل قول فرعون «اتَتُوني بكل سَاحر 
عَليم4!" ومع ذلك فقد تفوق موسى - عليه السلام -عليهم بدليل قوله تعالى : (قلَما ألقَوأ قال مُوسَى 
ما تيه النككر ةن الله تزكللة 117 رمذلرك: اسان السحرة كادي فز عر ليم كنا فس نلك ال 
الكريم . 
وأدخل الشاعر عنصراً جديداً لم يكن له أثر يُذكر في الحادثة الأولى يتضح من قوله : 
هاجت كل الحيتان 


ونادت 

ارسي التو داك ادق 
ولن ينقض الطوفان 

لاتلق عصاك 


لكلا قفي الحنات 1" 


وهذا مظهر آخر من مظاهر تحوير الشاعر في النص القرآني بما يخدم رؤاه الفكريةة. 
)١‏ شبانة» المفارقة في الشعر العربي الحديث. ص .5١5‏ 
؟) الأعرافء آية .1١١5‏ 


)01( 
)1 
(؟) يونسء آية 9, 
(:) يونسء آية١4,‏ 
(ه) 


6 محمودء يمر هذا الليل»ء ص لاك دلى 1 , 


15 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


فالحيتان في زمن موسى-عليه السلام- غيّب دورها عن مسرح الحدث على الرغم من وجودهاء أما 
حيتان الحاضر فذات فعل مؤثر ونهت موسى عن الفعل؛ بل تحدته وحذرته من الفعل؛: وجاء 
تكرار النفي ( فلن ولن) ليؤكد إصرارها على منعه. 

وها هو الشاعر من جديد يقلب دلالة الحادثة التراثية إذ عندما ضرب موسى - عليه السلام - 
البحر انفلق» وكانت سببا في النجاة بدليل قوله تعالىإفأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر 
فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم»١'‏ وتبتلع كل ما يلقي إليها السحرة كما وصف القرآن 
الكريم: وكما سيتضح لنا بعد قليل . فهذه العصا الفاعلة والمؤثرة في النص القرآني تحولت إلى 
مجرد عصا لا حول ولا قوة لهاء بل تلقفها الحيات انسجاما مع الموقف المقلوب الذي يعبر عنه 
الشاعرا". 

ولعل الشاعر رمز بالحيتان والحيات هنا لروؤس الفساد والطغيان في العصر الحاضر التي 
ستقف بالمرصاد لأي عنصر يبحث عن الإصلاح حتى لو كان هذا العنصر هو الأنبياء أنفسهم؛ 
ليكني بذلك عن مدى استفحال خطر هذه الفئات في مجتمعنا»كما أنه يصور بطريق غير مباشر أن 
المعجزات تعجز عن الوقوف في وجه هؤلاء. 

وكنى الشاعر عن اتحاد الحيتان واتفاقهم على رأي واحد بقوله (كل) لإفادتها العموم 
والشمول.فهم سيتصدون بكل ما لديهم من قوة ونفوذ لمن يحاول تهديد مصالحهم؛ وما أفدح المفارقة 
حينما تتفوق رموز الشر والطغيان على رموز النقاء والصفاء والخيرءلا بل تصبح كلمتهم 
مسموعةءولهم النفوذ والسلطة يسيرون دفة الأمور وفق ما يحقق مصالحهم .وكان الشاعر واقعيا 
عندنا تجدتك نفو هلاه الفكة من الدائن يهذه الكنورةالموجية:فهى ضنوو هد يصون الؤاقيق المطسكن 
الضامن لنتيجة أي فعل حتى قبل حدوثه؛وفي هذا تصوير لمدى خطورتهم أيضا. 

وبنى الشاعر مفارقته في المقطع الآنف الذكر من قصيدته على الدمج بين ثلاثة نصوص من 
سورتين مختلفتين هما (الأعراف»7١١)‏ و (الشعراء7؛ و"17) وبرع في توظيفهما في نصه بحيث 
دخلا في نسيج نصهء ولولا معرفتنا المسبقة بالنص القرآني لما شعرنا أنهما من سورتين مختلفتين . 

وتكمن المفارقة كذلك في نتيجة الفعل في النصوص التراثية ونتيجته في نص الشاعرء 
وعندما نضع النتائج إزاء بعضها البعض ندرك فداحة المفارقة»وعمق إدانة الشاعر لعصره؛ فنتيجة 


,517 الشعراءء آية‎ )١( 
/ ه1١5477 العدد الأول » سنة‎ ٠ محمود " » مجلة دراسات للعلوم الإنسانية والاجتماعية . المجلد الثامن والعشرون‎ 


لم و ص 7١١‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إلقاء العصا في النص القرآني ( فإِذَا هي تلقف ما يَأفكون»1"). والنتيجة كذلك(قألقي السّحرة 
تاجدين»1!) وجاء التعقيب الإلهي ( فَوقَعَ الْحق وَبَطل ما كَانُوا يَعْمَُونَ16 أما نتيجة ضرب 
البحر بالعصا فكانت ٠‏ قانقلق فَكَانَ كل فرق كالطّد الْعظيم) “) والنتيجة كذلك وأَنجِيْنَا مُوسَى 
لتم اكقة افون ذا أغره. لاحريع )1 فالديحة فين :ضرق 7الإنماق و اسان ”الكورء إلى بعلقة النخير 
وتفوقه على عنصر الشر» وجاءت النتائج الآنفة الذكر عقب معركة خاضها معسكر الإيمان والخير 
بكل ما يمثله من قيم ومعان . 

وكما اتضح لنا فقد رسم الشاعر نتيجة مغايرة تماما للنتائج التراثية لتلك المعركة؛ لأنه يرى 
أننا نعيش في عصر يحمل في طياته كل المفارقات الممثلة لانقلاب القيم والموازين''اء وبمعنى آخر 
لو أتيح لتلك المعركة أن تحدث في عصرنا لما خرجت نتائجها عن تمرد البحر وعدم انشقاقه. 
والحيات ستلقف عصا موسى. وكأنه يريد القول إن قدرة موسى -عليه السلام- لا حول ولا قوة لها 
أمام منحرة عصراناء فادواتهم: أكثر:قوة.وتدميّز "من أدؤات: السحرة فى عضين تموسى عليه السلام- 
وهذا يعني أن الشاعر قلب دلالة الحيات أيضاء فالحيات المعاصرة ستلقف عصا موسىء بينما 
الحيات التراثية لم تفعل ذلكء فالشاعر هنا لا يعنيه تسجيل الحادثة التراثية بمقدار ما يعنيه التعبيير 
عن ذاته ودوافعه تاركا لقارئه إعادة إنتاج الماضي بما يتساوق والحاضرا". 

وكما بدأ الشاعر المقطع السابق من قصيدته بقوله :(يا موسى لا تلق عصاكاختمه بقوله: (لا 
تلق عصاك.لئلا تلقفها الحيات) متبعاً البناء الدائري الذي يقوم على ابتداء الشاعر النص بموقف 
معين أو لحظة نفسية ثم العودة إليه ثانية ليختتم به» ولهذا نراه يكرر الفكرة نفسها!". 

ويلفتنا في هذه القصيدة كذلك توظيف الشاعر لحرف النهي (لا) إذ كرّره ثمان مرات بما فيها 
العنوان»ء وكأن حرف النهي بات لازمة يكررها الشاعر في أثناء حديثه عن كل أمر يصدم القارئ 
غردمة كبرق ووخصومتا هلما تخدكا عن اتقاقب الموازين فى بعصيو ناه تعول واسمور الطهيدر 
و النقاة إلى ريدو ز لكاتز لوقو الشعف و التخاذل جغة مكلا فول" 


.١١١/ الأعرافء آية‎ )١ 

الشعراءء آية 55. 

الأعرافء آية.8١١.‏ 

الشعراءء آية» ؟57, 

الشعراء» آية 54 --55, 

الزعبي» تبسيط الخطاب الشعريء ص؟١.‏ 

شبانة» المفارقة في الشعر العربي الحديث» ص ,7١5 - 7١5‏ 


غنيم» كمال أحمدء عناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطرء : مكتبة مدبوليء القاهرة» ١334‏ ص 779 -770, 


١ 
3 
5 
ه5‎ 
5 
,/ 


/ 


)0( 
2( 
لو 
)5( 
)5 
)3 
2( 
)0( 


7/١ 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


لا تسأل كيف يصير شعاع البدر 
أحذية لبنات الليل 
أو كيف تصير خيوط الشمس 
جوارب للمنزلقات!". 
وأدى التقابل بين طرفي المفارقة في المقطع السابق وظيفة انفعالية كبرى» " فالتوتر الناشئئ 
من المفارقة يزداد حفزاً كلما ازداد التباين بين حديها!". ولولا المفارقة لما استطاع الشاعر الجمع 
بين أعلى شيء (شعاع البدروخيوط الشمس) حيث الضياء والجمال والنقاء وحيث هالات من البهاء 
والرونق وبين أدنى شيء(أحذية بنات الليلك وجوارب المنزلقات) حيث الانحراف والسقوط 
والهوان.وحتى لا يبادر المتلقي بالاستهجان سبقه الشاعر بقوله ( لا تسأل)لأنه لا مجال للسؤال أو 
الاستهجان في عصر انقلاب الموازين هذا . 
وعمّق الشاعر من مفارقته عندما بيّن أن فتح الفم مجرد فتح الفم بات غير مسموح به حتى لو 
رأيت أعز المقدسات تنهار أمام ناظريك: كما يتضح من قوله: 
لا تفتح فاك» إذا ما نادى 
كات فياف النحة ار 
واختار الشاعر صلاة الفجر لما توحيه من نقاء وهدوء ووقار وطمأنينة ؛ لأنها تؤذن ببداية 
يوم جديدء فلنا أن نتخيل ماهية ذلك اليوم الذي أعلن عن بزوغه خمار!! والمفارقة الأليمة في 
اجتماع كلمة خمّار مع صلاة الفجر في سياق واحد "فيبدو حسن أحدهما بازاء قبح الآخرء أو يبدو 
قبح أحدهما بإزاء حسن الآخر"!“!. والصدمة في صيغة المبالغة ( فعّال ) لما فيها من مداومة على 
الفعل وكثرة حدوثه؛ وفي هذا إدانة صريحة وقاسية من الشاعر لعصره ولأبناء عصره . 
وهكذا تتوالى المفارقات الصادمة للمتلقي من جهة» والمُدينة للواقع من جهة أخرىء لتعلل سر 
تعامل الشاعر السلبي مع الرموز التراثية في المقطع السابق من قصيدته»ء حتى لا يظهر أمامنا 
بصورة المتجرئ على النص التراثي» أو المتطاول على الأنبياء . 
وإذا كان الشاعر بدأ قصيدته بعنوان يحمل في طياته الكثير من الألم والإحباط ختم قصيدته 


.5/8 محمودء يمر هذا الليل» ص‎ )١( 

(؟) الرباعي»عبدالقادر: "صور من المفارقة في شعر عرار "» ضمن كتاب بحوث عربية مهداة إلى الدكتور محمود السمرة. 
تحرير: د. حسين عطوان و د.محمدحورء دار المناهج للنشر والتوزيعء عمانء ١51315‏ ص" .,5١‏ 

(؟) محمودء يمر هذا الليل» ص 551. 

(:) الرواشدةء المفارقة في شعر أمل دنقل» ص 88/ا؟ - 531785. 


72, 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


بعبارة باتت النتيجة الطبيعية في عصر انقلاب الموازين هذاء ولا تخلو من مرارة ساخرة : 
هذا زمن لا يرحم 
فالشكية قل" . 
وختمها بالجملة الاسمية ليقرر واقعاً وحقيقة ثابتة ودائمة لا مجال لتغييرهاء ونسب الحدث فيها 
إلى الزمن من باب المجاز العقلي؛ ليكون هذا أبلغ في إدانة عصرناء وليتوج سلسلة المفارقات التي 
تضمدتها قضيدكه بجملة تحذت" أبلغ الأثل: بأقل الوسائل تبذين! "1"1. 
واستوحى الشاعر قول أبي بكر الصديق المشهور" احرص على الموت توهب لك الحياة "!"ا 
في قوله : 
المدلجون غربوا 
والمدلجون احترفوا الموت 
ليصنعوا الحياة 
ما أجمل الموت الذي يفضي إلى الحياة 
والهول عندما يكون في ركوبه النجاة /“). 
ويتضح لنا أن الشاعر حافظ على دلالة النص التراثي» كما أنه حافظ على السياق الأول 
الذي قيل فيه» فأبو بكر الصديق قال ما قال في سبيل الحث على الاستشهاد في سبيل اللهء وعدم 
التكالب على الدنياء وهذا يعني أن الشاعر تعامل تعاملاً إيجابياً مع معطيات النص التراثي واستعان 
به ليبين مدى التوافق والانسجام بين ما قاله أبو بكر وبين ما اختارته فئة من أبناء عصرنا ؛ لأنها 
فهمت قول أبي بكر قولاً وفعلاء لذلك وصفهم بالذين يصنعون الفجرء والطريف في الأمر أن أبا 
بكر الصديق بنى قوله السابق على المفارقة كما سيتضح لنا بعد قليل . 
وبدأ نصه بعنوان يحمل من الرصيد النفسي والشعوري الشيء الكثيرءإذ حمّله كل ما يحلم به 
هو وأبناء جيله من وجود فئة ستصنع الفجر؛لذا استحقت أن يطلق عليها وصف الرجال(قولاً وفعلاً) 
بدليل قوله: 
يارب كن مع الرجال 


١‏ محمودء يمر هذا الليل»ء ص الا 


ميويك» المفارقة وصفاتهاء ص 57 . 
العقاد»ء عباس محمود :عبقرية الصديق»: المكتبة العصريةء» بيروتء ص759؟١.‏ 


محمود. يمر هذا الليل»ء ص الا 


١ 
5 
3 


)0( 
2( 
لو 
)5( 


0707 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


كن مع الذين يصنعون الفجرا". 


واستطاع الشاعر إعادة صياغة قول أبي بكر صياغة جديدة مع محافظته على دلالته الأصلية 
بقوله :( ما أجمل الموت الذي يفضي إلى الحياة). ولو قرأنا النص السابق مجرداً من سياقه لأثار 
استغرابنا توسط الموت بين صيغة التفضيل أجمل وبين الحياة بل كيف يمكن للموت أن يكون 
جميلاً؟ والموت هو الموت كما وصفه سبحانه بالمصيبة في قوله :( فأصابتكم مصيبة الموت )"ا 
ولكن الشاعر ومن قبله أبو بكر لا يتحدثان عن الموت التقليدي إنه موت آخرء إنه الموت المفضي 
إلى الحياة» الموت الواهب للحياة . 

وعمّق الشاعر دلالة المفارقة المتضمنة في قول أبي بكر بقوله:(والمدلجون احترفوا الموت) 
فهذه الفئة من الناس ذابت الأنا عندهم في الآخرء ولم يعد للأنا محل في وجدانهم لأنهم لا يبحشون 
عن مجد شخصيء فهم تساموا فوق ذواتهم لذلك احترفوا الموت» فالموت بات بالنسبة إليهم حرفة؛ 
أي وسيلة للكسب والحياة» وفي هذا إيحاء بصفتي الاستمرارية والانتظام» وهنا تأتي المفارقة لتمجد 
عظيم صنع هذه الفئة» لبيان أنه لا يقوى على فعل ما فعلوا إلا ذو حظ عظيمء فهؤلاء احترفوا 
حرقة ا نعتر فيا كل" الناد «أختر فو هر فد مفاون: لبا مخكر قد الكانو ين وخذا كين ' العقال قله فين 
المتوقعة» فعندما نسمع كلمة الاحتراف يتبادر إلى الذهن وسائل الكسب التقليدية من صناعة وتجارة 
... الخ» أما أن يأتي ذكر الموت في سياق الاحتراف فلا يخطر بالبال» ولا يُتوقع حدوثه إلا في 
سياق صناعة الفجر . وقبل أن يزول تأثير المفارقة عن القارئ يأتيه صوت الشاعر معللاً له 
سر احترافهم الموت بقوله:( ليصنعوا الحياة). وأظن أن قول الشاعر (ليصنعوا الحياة) قد أضعف 
إلى بهد..ماامن قؤة نصة؛ لذ كان بإمكاتة خذفها لأنهاامفقومة نمدا من:قوله: (نا أجمك النوت الذي 
يفضي إلى الحياة) أو لعله أراد بذكرها وضع الدلالتين معاً إزاء بعضهما بعضاً ليعمق المعنىءومن 
باب تأكيد عظيم صنع هذه الفئة. (احترفوا الموت ليصنعوا الحياة) لاحظ احتراف الموت مقابل 
صناعة الحياة ولاحظ الموت مقابل الإفضاء إلى الحياة في ( ما أجمل الموت الذي يفضي إلى 
الحياة). 

وتضمن القول السابق مفارقة أخرى غير معلنة تدين الطرف المقابل لهذه الفئة. وهي الأغلبية 
الذين احترفوا الحياةء وحرصوا عليهاء لذلك مكثوا في أماكنهم لا يفغلون شيئاً !! لذا لم يشاركوا 
في صناعة الفجر ولا الحياة. ومن خلال هذه الثنائية المتضادة تولدت المفارقة. 


.75 نفسه» ص‎ )١( 


(؟) المائدة» آية ,١٠١5‏ 


7: 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وبرع الشاعر في اختيار عنوان نصه (الذين يصنعون الحياة) وفي توظيفه بطريقة مؤثئرة 
؛لأن القارئ بمجرد أن تقع عيناه على العنوان سيقفز إلى ذهنه مجموعة من التساؤلات:من الذين 
يصنعون الفجر؟ما صفتهم ؟ما عملهم؟وأي فجر قصد الشاعر؟ وكيف يصنع الفجر؟لذلك جاء جواب 
الشاعر بالجملة الاسمية[المدلجون غربوا) وبتكرارها(والمدلجون احترفوا الموت) للدلالة على ثباتهم 
على موقفهم وتحملهم الصعاب كافة في سبيل تحقيق هدفهم ؛ لذلك سوف يستعذبون الألم المفضي 
إلى النجاح» وهذا يعني أن الشاعر أسقط دلالة النص التراثئي على الطرف المعاصر من مفارقته؛: 
بحيث جعله هو هو دون أن يذكر ذلك صراحة معتمداً على فطنة القارئ .ورسم الشاعر ملامح 
الطرف المعاصر كاملة ولم يشر إلى ملامح الطرف التراثي صراحة:» وبدا لنا كأنه يتحدث فقط عن 
حدث معاصر ولكن القارئ بوعيه وثقافته يدرك أن ما وراء النص الظاهري نص تراثئي هو 
الأساسء والمنطلق للنص المعاصر . 

وإذا كان النص التراثي جاء بصيغة المفرد" احرص على الموت توهب لك الحياة" فإن 
الشاعر عمّق من دلالته بإلحاحه على توظيف صيغ الجمع (المدلجون» غربواء احترفواء ليصنعواء 
هؤلاء ينسجونء, يزرعون ) للدلالة على العمل الجماعي وأهميته فهم فئة آمنت بهدفها وضحّت في 
سبيل تحقيقه .وبذا يكون الشاعر حول الخطاب الوارد في قول أبي بكر من صيغة المفرد ( احرص 
_ لك ) إلى صيغة الجمع (احترفوا_ ليصنعوا) لإفادة العموم» فالخير الناتج عن نجاح هذه الفئة في 
مهمتها لن يقتصر عليها وحدهاء فبموت الفرد حياة للجماعة . 

كما أن الشاعر كرّر كلمة (المدلجون) وكأنه أراد التغني بذكرهم:والتلذذ بالحديث عنهم هذا من 
جهة»ومن جهة أخرى ليعلي من شأنهم وتعظيمهم ؛ لأنهم يقومون بعمل لا يقوى عليه كثير من 
الناس . 

وتتضمن كلمة (المدلجون) كناية وإدانة مريرة لواقع الشاعر وإن بدت ظاهرياً متناسبة مع 
العنوان لأن الفجر لابد أن تسبقه الدلجة . والدلجة هنا تكني عن مقدار التضحية التي قامت بها هذه 
الفئة؛واستعدادها لتحمل الصعاب كافة في سبيل إنجاز عملهاء وتحقيق حلمها . أما الإدانة فتتمثل 
في اضطرار هؤلاء الفتية للعمل ليلا على الرغم من مشروعية عملهم» شأنهم شأن من يقوم بعمل 
غير مشروع فيستتر في ظلمة الليل!. 

ولعلنا نلمح ملمحاً دينياً في قول الشاعر (المدلجون) لعله استوحاه من قول الرسول عليه 
الصلاة والسلام: ((عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل)) !'! فلذلك عملهم مباركء لأنهم التزموا 
فقولا وفغلا يما حك عليه الفسلاة والشتلام: لذلك سيحفقون الإتجازلت : 


.١915٠ أبو داودءسليمان بن الأشعث السجستاني (5175"م/681م): سنن أبي د اودء بيت الأفكار الدولية»‎ )١( 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


وحرصاً من الشاعر على تعميق المعنى الذي استوحاه من قول أبي بكر الصديقء ليتمم 
جوانب المفارقة في نصه استعان بالاستعارة ثم بالمفارقة . في قوله : 
وهؤلاء» ينسجون من خيوط الليل ثوباً للصباح .. 
ويزرعون الشوك 
كي يطلع في أوانه الأقا-!". 
بتجسيده ظلام الليل بالخيوط التي تنسج وبتشبيهه الصباح بالكائن الحي الذي يحتاج إلى 
الثياب» ثم جاءت الكناية المفهومة من قوله (ينسجون) لتتمم جوانب الصورة المشرقة التي رسمها 
لتجسد عمل هؤلاء الفنية» فالنسج بحاجة إلى دقة ومهارة وجهد في صناعته خصوصاً إذا كان 
النسيج في الليل» إذن تضافرت الاستعارة والكناية للتعبير عن الفعل ونتيجته» فالفعل النسيج ليلا 
ينتج عنه ثوب الصباح» وهكذا تحقق صناعة الفجر . 
أما المفارقة فتتمئل في قوله :( يزرعون الشوك) فعندما نقرأ الزراعة يتبادر إلى الذهن أي 
شيء يُزرع ما عدا الشوك فالشوك يُقلع ولا يزرع: والذي يُزرع ما فيه مادة الحياة والجمال في ما 
يؤكل ويقيم حياة الإنسان» وفي ما يتمم الجمال في نفس الإنسان. وبما أنها مفارقة غير متوقعة 
سارع الشاعر إلى التعليل بقوله: (كي يطلع في أوانه الأقاح) . 
وبما أن هذه الفئة لا تزرع ما يزرعه الناس» بل يزرعون ما لا يقوى عليه إلا الصفوة: 
يكون حصادهم مختلفاء بل حصاد من نوع خاص يليق بزراعتهم. ولا يمكن للشوك أن يزرع إلا إذا 
كان مفضياً إلى الحياة والحرية والنور. ولولا هذا لبدت لنا كلمة الشوك متضادة مع سياقها. فكيف 
للشوك أن يتوسط الزراعة وبروز الأقحوان؟لاحظ كيف جمع الشاعر بين الشوك والأقحوان:و لاحظ 
كذلك ظهور الأقحوان من الشوكءفالشوك رمز إلى التضحيات التي قامت بها هذه الففة وصعوبة 
عملهمورمز بالأقحوان إلى نتيجة عملهم. إذن جمع الشاعر بين القوة القادرة على الردع المتمثلة 
في الشزك وبين الجمال المضان بالشوك المتمثل في الأقحؤان» ويذلك تجسدت ثتائية الموث والحياة 


1 
ويرجح أن قول صفي الدين الحلي: 
لوي لخدي رركن كط لال امن فش الله 
ومن أراد العلا عفوا بلا تعب قضى ولم يقض من إدراكها وطرا 


قد خطرت بذهن الشاعر وهو يبني مفارقته في مقطعه السابق . 


)0 محمودء يمر هذا الليل»ء ص "١‏ 


7/5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المفارقة ذات الطرف التراثي: 

وفيها يقابل الشاعر بين طرف تراثي وطرف آخر معاصر. ولها أنماط منها: 

تصريح الشاعر بملامح الطرف المعاصر نافيا عنه كل إيجابيات الطرف التراثي؛ الذي يلقي 
بطلأله على الطوف المعغاصر المتتاقضن معه:دون التضريح بملامخ الطزف"الثراقي "ومن خلال 
التفاعل العميق بين الملامح الحقيقية المضمرة والملامح المعاصرة تبدو المفارقة فادحة وأليمم"!". 
ويمثل هذا النوع من المفارقة قول الشاعر : 

أن نكتب شعراً هذا اليوم 

أن نكتب نثراً أو 

نلقي موعظة في مقهى أو جامع 

أى مشي مكلا دوقت في الشبار خ 

الثأر الثأر 

أمر يشبه بنت هوى 

تتعرى في سوق خضارا". 

ويصور الشاعر في مقطعه السابق فداحة سوء الحال والمصير الذي آل إليه واقعنا الحالي؛ 
بمجموعة من المفارقات لا تخلو من مرارة عميقة» فكيف يمكن تشبيه كتابة الشعر أو النثر أو إلقاء 
الخطب ببنت هوى تتعرى في الشارع؛ لولا أن الشاضن فك أملهافي تكين واقسه الجن الأحسن» 
وتصدمنا مفارقة الشاعر في اقتران الجامع بالمقهى» وتساويهما وشتان بين دلالة الاثنين؛ وكذلك 
تبدو كلمة مقهى غريبة لتوسطها بين كلمتي موعظة وجامع فالموعظة تتناسب مع الجامع لكنها 
تتقاطع مع المقهى:وزاد الشاعر صورته قتاماً وإيلاماً عندما بنى مفارقته على التشبيه عندما شبّه 
إلقاء الموعظة ببنت هوىء ولا يحدث مثل هذا الأمر إلا في مجتمع تبلدت مشاعره؛ وما عاد يحرك 
ساكنا إزاء ما يحدث في واقعه ولولا أن الشاعر يدين واقعه؛ المعاصر ويهدف إلى تعرية أبناء 
مجتمعه لما جرؤ على وضع لفظ الجامع في سياق هكذا. وبقوله السابق جرد الجامع من كل معانيه 
التراثية المقدسة؛ والمفارقة أيضاً في فقدان الجامع في واقعنا المعيش دوره وتأثيره الديني والتعبوي 
الذي كان يؤديه على مر العصور .وتتوالى إدانات الشاعر لواقعه الذي يحاول تغطية ضعفه وخوره 
بالتغني بالأمجاد الزائفة» والتضليل الإعلامي وإتقان فن الكلام ولا شيء غيره. مما نتج عنه 
شخصية سلبية ترفض التعايش مع واقعهاء بل سئمت ما تراه وما تسمعه. كما يفهم من قوله : 


15-5١ محمودء يمر هذا الليل»ء ص‎ (١ 


8 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


سأدير اليوم مفاتيح المذياع 

لأسمع لغة غير عربية 

يكن 8 امن مرفظة لقن إن أنمك: 

أو تهديداً بالثأرء يصكء. يمزق لي سمعي . 

فجميع مواعظنا بلهاء . 

تافهة» »» وأمانينا جوفاء . 

ماذا لو جربنا أن نصمت لو مرة . 

وكسرنا الأقلام . 

عار أن انيقي تجان كلام !', 

وكأن الشاعر يرنو إلى قوله تعالى :يا أَيُهَا الذين آمنوا لمّ تفولون ما لا تفعلُون كَبْرَ مَقَنَا عند 
لله أن تَقولُوا ما نَا تفعلون 16". 

والشاعر هنا اكتفى بتوصيف الطرف المعاصر لمفارقته» وبيّن أبرز ملامحه التي تتقاطع مع 
الطرف التراثي» الذي لم يذكره اعتماداً على فطنة القارئ» وقدرته على إدراكه؛ فنحن أحفاد الآباء 
الأوائل الذين كان للكلمة عندهم مفعول السحرء الذين إذا قالوا فعلوا» والذين صمتوا أكثشر مما 
تحدثوا لذلك حققوا الإنجازات. أما نحن !!! 

وتتوالى مفارقات الشاعر فهو لا يريد سماع اللغة العربية التي باتت في نظره لا تعني إلا 
الكلام الأجوف الخالي من أي دلالة» وأي فعل مؤثرء وبنى مفارقته على الاستعارة عندما صوّر 
المواعظ بالبلهاء والأماني بالجوفاء» فالمواعظ التي كانت ذات يوم مؤثرة» وكانت تؤجج النفوس 
خمابة فته لاءول كان قادة الجيوقن يحريضون كلق "الفاغ 'اتقطتن والسواعظ قل خوصحعية 
معاركهمء إدراكاً منهم لأهميتها باتت في واقع الشاعر المعاصر لا تبعث إلا الاشمئزاز . ومن منا 
لا يذكر استعانة سعد بن أبي وقاص بالخطباء في معركة القادسية. إذن اللغة هي اللغة والمواعظ 
هي المواعظ لكن المتلقين ما عادوا هم هم» النفوس تغيرتء وإلا كيف نبرر نجاح اللغة والكلام 
فيما مضى وفشلها الآن ! إذن أسهمت المفارقة في الجمع بين الماضي والحاضر الذي لا يمكن له 
أن يجتمع بهذه الطريقة لولا مفارقة اختلاط الزمكانيات!'؛ زمكانية معاصرة (معلنة) وأخرى 
تراثية (غير معلنة). 


)0 محمودء يمر هذا الليل» ص 1 
(؟) الصفء آية ”؟ -", 


فق شوقي» سعيد بناء المفارقة في الدراما الشعرية. ايتراك للنشر والتوزيع» القاهرة, ١‏ .)ص 55ل -/اك56١,‏ 


7270 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وبلغت المفارقة قمتها عندما صوّر الشاعر التهديد بالثآر يمزق له سمعه» حتى التهديد بالثأر 
الذي ينبغي أن يكون موجها للأعداء» لما فرغ من مضمونه بات يرتد على أبنائه فيمزق 
آذانهم» وفي اختياره لكلمتي (صكء مزق) ما يدل على شدة المعاناة والألم لأن الصك يدل على 
الدفع بقوة» وكذلك التمزيق يدل على الشق بقوة» إذن ولد التنافر بين القول والفعل المفارقة» وأسهم 
في تصوير واقعنا على حقيقته دون رتوش وأبرز عمق الهوة بين المنطوق وواقع الحال. 
واستعان الشاعر بمفارقة عكس المتوقع ليصور ما يصدر عنا من أفعال وما تعقبه من نتائج 
في قوله : 
نتلو آلاف الدعوات 
ونصلي لله تعالى 
كي ينجينا من ذل النكبات 
لكنذًا وتالحالة مراة 
مز الك تقلنا السو 
ففي هذا النوع من المفارقة" يكون عمل بناء منطوق العبارة في اتجاهه تشير كل مفرداته 
اللغوية إلى نهايته بمعنى معين مرتقبء لكن النتيجة تكون مخيبة للآمال إذ فجأة ينتهي بمعنى 
مخالف تمامآء لاتجاه عمل منطوق العبارة'!"' وبما أن الفعلين (نتلوونصلي) خاليان من الفعل القادر 
المؤثرلذلك لانتوقع أن تكون النتائج مغايرة لما قال الشاعر.كيف يمكن لمن يقوم بالفعل نفسه ولا 
يغيره أن يتوقع نتيجة مغايرة فالفعل هو هو لم بتغير بدليل قوله آلاف الدعوات. والخطأ هو الخطأ 
لم يُصوّب إذن النتيجة (تقتلنا الحسرة) وفي قوله (ما زالت) يوحي باستمرارية المعاناة وصورها 
تقتل ليكني بذلك عن شدة المرارة. وتكمن المفارقة في رأي الشاعرفي تعامينا عن طريق النجاح 
الذي أعلنه الله - سبحانه وتعالى - لناء والذي جربه أجدادنا فنجحواء فالمشكلة فينا : 
وطريق النصر - كما قال الله - على الأعداء . 
محتيوغ يكم النهداء 1" 
وبدأ الشاعر قوله بالجملة الاسمية لإفادتها الديمومة الثبات وأسند القول إلى الله سبحانه وتعالى 
ليبرز مدى تقاعسنا عن اتباع ما أمر الله به.ولبين أن الفعل والتضحيات في سبيله هي التي تحقق 
الإنجازات وليس الدعوات فقط التي هي حيلة الضعيف؛ ولهذا فإن ما تفضي إليه المفارقة في قوله 


)0 محمودء يمر هذا الليل»ء ص 845 
)١(‏ شوقيء بناء المفارقة في الدراما الشعرية» ص .١55‏ 


فق محمودء يمر هذا الليل»ء ص 0 


2 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


السابق مبرر. 
والشاعر يعقد مقارنة ضمنية بين موقف أجدادنا الذين أدركوا أن النصر على الأعداء كما 
وصفه سبحانه» فالتزموا به قولاً وفعلا فحققوا الإنجاز تلو الإنجازء أما نحن الأحفاد فالتزمنا به 
قولاً لا فعلاً فجنينا الهزيمة تلو الهزيمة» والمفارقة بين الفعلين وبين النتيجتين. المفارقة إذن في 
مخالفتنا لأمر الله ونحن ندعي أننا نصلي لله وندعوه لكي ينصرناء إذن لا عذر لنا والحل بين أيدينا 
والطريق واضح ولا عذر لنا حيث رأينا أجدادنا نجحوا حيث فشلنا. فالمنهج هو المنهج لكن الفرق 
في المتلقي والتطبيق وإلا فما سر نجاحه في مضى وفشله الآن؟. 
وإمعاناً من الشاعر في إدانة واقعنا وتعريته انتقل من دائرة المفارقة الضيقة إلى 
الدائرة الأوسع عندما تحدث عن نظرة العالم إلينا في قوله: 
أرضي ما زالت بركة دم 
وضمير العالم لم يستيقظ بعد من النوم!". 
وبنى الشاعر مفارقته على المقابلة المُركبة ليقارن بين موقفين يمثل الأول موقف الأعداء منا 
وما فعله الأعداء بناء ويمثل الثاني موقف العالم إزاء ما يحدث بنا. واستعان بمفارقة السلب لينفي 
الاستيقاظ عن ضمير العالم» إذ كان من المتوقع أن يهب العالم لإنقاذ الضعيف أو الضرب على يد 
المعتدي ولكن هذا لم يحدث وهنا مكمن المفارقة .إذن من هانت عليه نفسه فهي على غيره أهون. 
وتضمن قول الشاعر مفارقة أخرى فالمقطع السابق يتكون من مفارقة كلية مبنية على مفارقة 
جزئية»وتلتقي المفارقتان في النتيجة وهي عدم الفعل» فالعالم لم يفعل شينئا إزاء المظلومين 
والمظلومون أنفسهم لم يفعلوا شيئا لأنهم كما صورهم : 
أهلي ما زالوا خلف الأسوار 
الملعونة ينتظرون الفارس 
أن يأتيهم بالبشرى 
بالمعجزة الكبرى!". 
والمفارقة في عدم فعل المظلومين شيئاً لرفع الظلم عنهم فهم اكتفوا بالانتظارء وهل الانتظار 
هو الحل؟ والمفارقة في انتظارهم حدوث المعجزة فهم يدركون أن زمن المعجزات قد ولىء 
والمفارقة في هذا المقطع هي النتيجة الطبيعية للمفارقات التي صوّرها الشاعر في المقطعين 


)0 محمودء يمر هذا الليل».درص 1 


1( نفسه» ص 16 ., 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


السابقيين من قصيدتهءلا بل تضمّن هذا الجزء من قصيدته عدة مفارقات مركبةعفالمفارقة الأولى: 
اكتفاء الأهل خارج الأرض المحئلة بالقول دون الفعل» إذن هم بالنتيجة لم يفعلوا شيئاً. والمفارقة 
الثانية :انتظار الأهل داخل الأرض المحتلة الفارس المعجزة إذن هم بالنتيجة لم يفعلوا شيئاً. 
والمفارقة الثالثة: انتظار الطرفين من العالم أن يفعل شيا لنصرتهم أو لإيقاف محنتهم. والمفارقة 
الرابعة: رؤية العالم ما حدث لهم ومع ذلك لم يفعل لهم شيئاً. وهذه المفارقات المتتالية تشعرنا بعظم 
الفادحة وعظم المأساة. 

وعمّق الشاعر من دلالة المفارقة في قصيدته عندما استوحى القول الشائع : " نسمع جعجعة 
ولا نرى طحناً " ليبني عليه قوله : 

فلكم غنينا وكتبنا 

ولكم أنشدنا وخطبنا 

وتظل تلاحقنا النكبات!'". 

ولو دققنا النظر في الأفعال (غنينا وكتبنا وأنشدنا وخطبنا) لصدمتنا النتيجة فهي كلها أقوال 
ولا شيء غير الأقوال فأين الأفعال؟ :هذا هو شأننا دوم ونحسب أننا نحسن صنعاً وفي تكراره ل 
(كم) التي تفيد التكثير إدانة صريحة لواقعنا وسوء أفعالنا؛لذلك جاءت الاستعارة (وتظل تلاحقنا 
النكبات) لتوصّف حالنا أبلغ توصيف إذ شبه النكبات بكائن حي وكأنه متخصص بمطاردتنا نحن 
دون الناس.وفي اختياره للفعلين (تظل تلاحقنا) ما يوحي باستمرارية المعاناة»كما أن الشاعر اختار 
صيغ الجمع في مقطعه السابق ليكني من خلالها عن اشتراكنا جميعاً في صنع مأساتنا فلا أحد منا 

إذن بنى الشاعر مفارقتة السابقة على مبدأ التضاد العالي وقوامه" الفرق بين ما ينتظر حدوثه 
وبين ما يحدث فعلاً وكلما ازداد هذا الفرق كبرت المفارقة!" فالتوقعات عظيمة والنتائج مخيبة 
للآمال؛ لذلك لا نستغرب أن يتمنى الموت من كان هذا حاله» كما يفهم من قوله : 

أفضل :من هذا :العمل العنوت 1" , 

شارك جارد الوك ارا روط سوا وى الأو مان اه انر اليج 
الحياة لولا أن حياته باتت لا تطاق» والمفارقة الأعظم في تمني الموت وعدم القدرة على تحقيقه ! 

ويمكننا القول :إن المفارقات السابقة المعلنة تتضمن في باطنها مفارقة غير معلنة؛ لأن الشاعر 


)0 محمودء يمر هذا الليل» ص كه 
(١‏ ميويك» المفارقة وصفاتهاء. ص 54. 


فق محمود. يمر هذا الليل» ص17 ., 


م١‎ 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


استدعى إلى وعي القارئ الطرف التراثي دون أن يصرح بملامحه التراثية اعتماداً على أنها 
مضمرة في وعي القارئ» فالمفارقة المعلنة قوامها الكلام دونما فعل والنتيجة خسارة كل شيء: 
والمفارقة المضمرة قوامها الفعل دونما كلام والنتيجة تحقيق الإنجازات والنجاح؛ وبمعنى آخر رسم 
الشناعن للؤاقع صون#مولقة في زاطتها وسم:الضؤؤة المشرزقة للقاضى :وكانه ييه سن النظقبي 
المقارنة بين الحالين لعله يحرك شيئاً ما في داخله يدفعه إلى تحسين واقعهء وحتى يحدث مثل هذا 
الأمر لم يجد الشاعر أبلغ من الدعوة إلى الصمت ليختم بها قصيدته : 

فلنصمتء». خير من كل اللغو 

الصمت!". 

وبما أن الشاعر بنى مفارقته السابقة على تضاد سياق الفعل مع القول لأن "كلام الشخصية 
على عكس ما تفعله تماماءومن ثم يتحول قولها إلى مجموعة من الشعارات الرنانة التي لا تقدم 
للفعل شيئ"!'). جاءت دعوته للصمت مبررة؛لأنه وصف كل ما قلناه باللغو واللغو "مالا يعتد به من 
كلام وغيره؛ ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع " (ابن منظورء لغا). إذن ماذا يتوجب علينا فعله ؟ 
الصمتء لا شيء سوى الصمتء .والمفارقة هل سنقوى على فعله !!! 

وفيما يبدو فإن الشاعر يؤرقه كثيراً رؤيته للواقع العربي المهزوم والضعيف بينما كان هذا 
العربي نفسه ذات يوم سيداً للعالم؛ لذلك أكثر من المفارقات المصورة لمرارة الواقع وذلك بتوصيفه 
للحالة المعاصرة» مستدعياً معطيات تراثية» وأضفاها سلباً على ملامح الواقع وذلك بنفيها عنه. 
فعلى سبيل المثال قال في سياق حديثه عن النكبة : 

سأخبركم لماذا كانت النكبة 

لأنا حين كنا نقرأ القرآن 

نقرأه بغير وضوءا". 

فالمفارقة في قراءة المعاصرين للقرآن بغير وضوء ناسين أو متناسين قوله تعالى: (في 
كتاب مُكتون نا يَمَسسهُ لآ المُطَهّرون2*! الشاعر يريد إبراز مقدار التردي والانهيار الذي وصنلنا 
الجكم كيان كهرؤنا :عل المقفياك.: وقيم ميخالظتا عليهاء ]بادك العلاقكا مع الل قكيف توفع مده 
أن ينصرنا !وبالمقابل فإن الطرف التراثي التزم بما أمر الله سبحانه وتعالى به فكانت النتيجة 


6 نفسه» ص 17, 

.77١ شوقيء بناء المفارقة في الدراما الشعرية» ص‎ )١( 
30 فق محمودء يمر هذا الليل»ء ص‎ 

(:) الواقعة» آية 8لا - 9ل, 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


مغايرة تماماً لما وصلنا إليه» إذن نحن مطالبون بإعادة بناء شخصيتنا من جديد ومن الجذور على 
أسس صحيحة هادينا في هذا المجال ما فعله أجدادنا . 
وزاد الشاعر (مفارقة عدم اتساق الشخصية مع نفسها) فداحة عندما صور المعاصرين 
يبرعون في إرسال المواعظء وهداية الآخرين وهم أنفسهم غارقون في بحر السوءء والميزة الأساس 
في المفارقة كما يقول ميويك "تباين بين الحقيقة والمظهر"7' إذ نرى الضحية تسلك سلوكاً مشيناً ثم 
تدعي أنها شخصية نبيلة» فالتضادُ يقوم على أساس التعارض بين موقف الضحية أو مفهومها 
للأشياء ومسلكها!'! وكلما ازداد التباين بينهما (عدم اتساق الشخصية مع حديثها وفعلها ) تعمقت 
المفارقة» وكيف يمكن لمن يكون هذا حاله أن يكون مؤثراً في الآخرين وناجحاً في مسعاه كما يُفهم 
من قوله : 
ونهدي العالمين إلى طريق الخير 
نرسل ألف موعظة 
ونحن نخوض بحر السوء "ا 
وبرع الشاعر في تصوير سوء حالنا عندما صوّرنا نخوض في بحر السوء؛ الخفوض يدل 
على دخول الشيء والمشي فيه.كناية عن استغراقنا في السوء؛واستعان بإيجاز القصر ليشمل كل 
أنواع الموبقات التي وقعنا فيهاءويبدو تركيب بحر السوء متضاداً مع سياقه ولولا المفارقة لما ساغ 
مجيئه مع الهداية وطريق الخير والموعظة. 
ورسم الشاعر صورتين متقابلتين الأولى في ظاهرها صورة إيجابية: ورتنا ونحن نرشد 
غيرنا والثانية صورة سلبية: ورتنا ونحن نخوض في بحر السوءء من التضاد بين الصورتين يبرز 
عمق الهوة التي وصلنا إليها . 
وفي اختياره لكلمة (ألف) ما يفيد التكثيرء أي كثرة إرسالنا المواعظء ومع ذلك لم تثمر هذه 
المواعظ لأن علي بن أبي طالب قال ذاث يوم: " من نصتب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل 
تعليم غيره» وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه» ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم 
الذائن ومويين 11 
وختم الشاعر مجموعات المفارقات التراثية التي بنى نصه عليها بمفارقات التضاد لأن"' ما 


. 5” ميويك, . المفارقة وصفاتهاء ص‎ )١( 

.١١؟ شوقيء بناء المفارقة في الدراما الشعرية»ص‎ )١( 

(؟') محمودء يمر هذا الليلء» ص .٠١‏ 

(4) الشريف الرضيء محمد بن الحسين(5٠:4‏ ه ٠١١5/‏ م) : نهج البلاغة»تحقيق وشرحمحمد أبو الفضل إبراهيم» دار 


5 57١ ج",ص‎ 2»١555»توريب»ليلجلا‎ 


م 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


يجري يكون على النقيض مما هو منتظر باطمئنان'!')"إذ يؤدي الحدث إلى عكس ما هو متوقع منه 
بطريقة فجائية غير متوقعة'!"! فالتضاد بين المتوقع واللامتوقع يبرز عمق المفارقة؛ لذلك: - 
فلم تمرع حقول القمح» وهي فسيحة رحبة 
وكل بيادر الزيتون لم تطلع ولا حبة . 
لأنا حين كنا نزرع الزيتون . 
كذ كحيك النزن. 
وحرص الشاعر على توظيف صيغ الجمع(حقولء بيادر)ليكني عن الخراب الشاملء وزاد 
صورته إيلاماً بجمعه بين( كل )الدالة على العموم في سياق واحد مع( لم تطلع ولاحبة)» وبرع 
الشاعر في ترتيب جمله بحيث أوحت بعظم المفارقة» فالتعميم الناتج عن (كل) يقابله نفي الجنس( 
ولاحبة) !! حتى الشجر البعل الذي لا يحتاج إلى رعايتنا له أيضاً لم يثمر بدليل قوله (كل). إذن 
نحن نخسر ما وهبنا إياه الله سبحانه وتعالى» والمفارقة تكمن في الخطأ الجماعي الذي وقعنا فيه 
بدليل قوله :( لأنا وكنا ونجهل ) . 
ويلفتنا جمع الشاعر بين( لم تمرع وهي فسيحة رحبة) في سياق واحدء فهو نفى الخصب عن 
حقول القمح على الرغم من سعتها وكان بإمكانه القول أجدبت حقول القمح ولكنه اختارصيغة النفي( 
لم تمرع) ليشعرنا بمقدار المرارة والمعاناة؛ لأنا عندما نقرأ (تمرع) يتبادر إلى الذهن معنى الخصب 
والخير والنماء الذي كان من المتوقع حدوثه» ثم تأتي (لم) بدلالتها على النفي لتسلب كل المعاني 
الجميلة التي تبادرت إلى الذهن لأول وهلة» وفي ذات الوقت صور لنا بقوله (لم تمرع) الصورتين 
معاً المتوقعة والحقيقية» صورة الخصب والنماء من دلالة مرع مقابل صورة الجدب والقحصط من 
دلالة لم» تاركاً المجال للمتلقي ليقارن بين الصورتين . 
وتمّم الشاعر مفارقته بقوله وهي فسيحة رحبة» ففسيحة تدل على السعة والامتداد وكذلك 
رحبة» وكان بإمكانه الاكتفاء بواحدة منهما للدلالة على الأخرىء ولكنه قصد الجمع بينهما ليكني عن 
مقدار سعة حقول القمح وامتدادها والمفارقة أنها أجدبت كلها؛ ليشعرنا بمقدار الخسارة ومقدار خيبة 
الأمل كما أنه استعان بالجملة الاسمية (وهي فسيحة رحبة) للإفادة من دلالتها على التبات 
والديمومة» وأكد الثبات والديمومة باستعانته بالصفة المشبهة فعيلة -فعله لدلالتهما على الثبات 


)0 ميويك» المفارقة وصفاتهاء ص17 3 
)١(‏ بناء المفارقة في الدراما الشعرية.» ص /ا١٠.‏ 


فق محمودء يمر هذا الليل»ء ص ٠0‏ 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


والملازمة . 
وبعد أن صدم الشاعر المتلقي بتلك المفارقات علل له السر بقوله الذي لا يخلو من مفارقة 
أليمة : 
لأنا حين كنا نزرع الزيتون 
كنا جين روا 
فإذن نحن نعمل ( الزراعة ) ولكنها لم تكن ذات جدوى لجهلنا بالتربة» لعله أراد بذلك الكناية 
عن أن أفعالنا غير مبنية على أسس علميةء ولا تخطيط فيها؛ لذلك كنا نزرع في المكان الخطأء 
وأبجديات الزراعة تقتضي معرفة التربة قبل زراعتها وفي اختياره لشجرة الزيتون مفارقة مؤلمة؛ 
لأن الشجر المبارك والدائم الخضرة يتحول بين أيدينا إلى أشجار عجفاء لا تثمر ولا حبة؛وليت 
الأمر وقف عند هذا الحدءبل وصل بنا التردي إلى: 
ولا نهتم إن أعطت 
وإن لم تعط 
نترك أمرها لله 
يحرثها ويسقيها 
وينفخ روحه فيها!". 
وإذا كان مناط المفارقة الأولى في الجهل والعشوائية والارتجال؛ فمناط المفارقة الثانية في 
عدم المتابعة وإهمال ما نبدأ بفعله» ولا يوجد عندنا نفس طويل ولا صبر على المتابعة» والمفارقة 
الثالثة في فهمنا الخاطئ لمفهوم التوكل لذا تركنا أمرها لله دون أن نفعل شيئاً يذكر. وكان لطباق 
السلب (أعطت - لم تعط) أكبر الأثر في إبراز فداحة المفارقة» وكأننا كنا في حالة من غياب 
الوعي الجماعي . 
واتخذ الشاعر من عملية الزراعة رمزاً لتوصيف واقعنا أبلغ توصيف فالزراعة من الأعمال 
التي تقتضي حسن العمل والتخطيط والتنفيذ الجيد والمتابعة والرعاية.. الخ لنجني محصولاً وفيراً 
في نهاية الموسمء وبما أن زراعتنا كانت بهذا المستوى المهلهل كانت النتيجة أننا حصدنا النكبة أو 
كما قال نصنع قصة النكبة» إذن تباشير الهزيمة لاحت قبل وقوعها. ولم يكن حدوثها إلا تجسيداً 
لهزيمة كان لا بد من حدوثهاء فمنطق الأشياء يقول ذلك . 


)0( محمودء يمر هذا الليل»ء ص 00 
(١‏ نفسه» ص ١‏ - 4 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


المفارقة ذات الطرف التراثي الواحد: 

لهذه المفارقة أنماط عدة منها: تصريح الشاعر"بطرفي المفارقة -التراثي والمعاصر - محتفظا 
لكل منهما بتميزه واستقلاله عن الآخرء وتتحقق المفارقة عن طريق المقابلة بين الطرفين 
المتمايزين"7'). ويمثل هذا النوع من المفارقة قوله في سياق تعليله لحدوث النكبة : 

ونحن على سطوح الحلم 

كنا نشهد الفصل الكوميديا 

يدغدغناء فنفرح 

مثلما الظمآن . 

إن يبصر سرابا 

ظلية مزاع قيفي 1 

وبنى الشاعر مفارقته على التشبيه التمثيلي المستوحى من قوله تكالي: (والذين كفرثوا أعمَالهُم 
كَسَرَاب بقيعة يَحْسَبْهُ الظّمآن مَاء حَنتَى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجدْهُ شنا وَوَجِدَ الّهَ عند فَوَقَاهُ حسابَةُ وَالَهُ 
سَرِيعْ الحساب» (". فالمشبه الطرف المعاصر كما صوّره الشاعر والمشبه به الطرف التراثئي 
الميشيحى من التضن الفزآني:فإذا كان "ال جعتحانه وتعالق قد شيه أحمان: الكفان الت الأ تقبل عد 
لعدم استنادها إلى الإيمان بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاء فالكفار 
عملوا وما عملوا؛ لأن أعمالهم لا تقبل عند الله حالها حال السراب الذي لا وجود له» وتكون خيبه 
أملهم كبرى يوم القيامة عندما لا يجدون شيئاء حالهم حال الظمآن مع السراب الذي ظنه ماءء 
والمفارقة في تشبيه الشاعر حالنا بحالهم فنحن عملنا وما عملنا وكنا نظن أنفسنا عملنا (إشارة إلى 
أعمالنا قبل النكبة) وعندما احتجنا إلى ما عملناه كانت خيبة أملنا أكبر من خيبة الكفار والظمآن معا 
؛لأن أعمالنا أثمرت النكبة بأفدح صورها فحيثما ارتحلنا وحيثما يممنا وجوهنا تصفعنا الحقيقة المرة 
وهي صناعتنا للنكبة كما قال . 

ويتضمن المقطع السابق كذلك مفارقة السخرية التي" تفتح آفاقاً من الدلالات تتعدد بحجم 
ضحيتها"!*! وإلا فما سر ورود كلمات تدل في ظاهرها على الفرح والمتعة ( الحلم؛ الكوميدياء 


. ١55 زايدء عن بناء القصيدة العربية الحديثة» ص‎ )١ 


. 1 محمود. يمر هذا الليل» ص‎ ١ 
."9 النورء آية‎ 


شوقيء بناء المفارقة في الدراما الشعرية»ء ص 754. 


(0) 
(3 
2) 
(5) 


3 


/1 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


يدغدغناء نفرح ) في سياق يتحدث عن سر هزيمتنا وصنعنا للنكبة! وهذا التصوير يبرز المفارقة 
بصورة مؤلمة فنحن ضحايا أنفسنا أولاً وأخيراً. ولنا أن نتخيل مقدار الحسرة والإحساس بالمرارة 
لخيبة الأمل التي يشعر بها من كان يشهد مسرحية كوميدية» وإذا به يفاجأ بانقلابها إلى تراجيدياء 
والأمر نفسه يقال عندما تتحول مشاعر الفرح والبهجة فجأة إلى الحزن والكابة . 

وتضمن كذلك مفارقة درامية لأنه صور الشخصية (المشاهدون) يتصرفون بطريقة تتنصف 
بالجهل بحقيقة ما يدور حولهم من أمورء وبخاصة عندما تكون هذه الأمور: بالصورة التي تراها 
بها الشخصية: مناقضة تمامأ لوضعها الحقيقي!'! إذن المفارقة تكمن في إدراك الجمهور بعد فوات 
الأوان أنهم كانوا يتفرجون على قصتهم هم لا قصة غيرهم» ويشهدون انهيارهم هم» حالهم حال 
الظمآن الذي يظن السراب ماء حقيقياً فيندفع إليه لعله يروى عطشه فيتجدد أمله» وعندما يصل إليه 
لا يجد شيئاً فيصاب بخيبة أمل كبرىء فالفرح الظاهري في الحالتين مؤذن بخيبة أمل كبرى» وبما 
أن الفرح في بادئ الأمر كان جماعياً كانت الخيبة أيضا جماعية» وهذا هو سر إصرار الشاعر 
على الإكثار من الصيغ الدالة على الجمع (نحنكناءنشهدءيدغدغناءنفرح) وهذه الصيغ تبرز لنا 
عمق إدانة الشاعر لواقعه فالكل شارك في صنع المأساة (النكبة) لا أحد منا بريئاً مما حدث فالخطأ 
كان جماعياً ؛ لذلك كانت المأساة جماعية لم يسلم أحد من ويلاتها. 
النتائج: 

ومما سبق ذكره يتضح لنا : 

أولا: أغنى استلهام التراث تجربة الشاعر لما فيه من طاقات موحية ودالة» مكنت الشاعر من 
إضاءة الحاضر بالماضيء واتخذ شاعرنا من المفارقة ذات المعطيات التراثية مطية لتوصيف واقعنا 
الراهن أبلغ توصيف ؛ لذا لم يبق النص التراثي كما هو بل أعمل فيه معوله بالتحوير والتغيير» بل 
قلب دلالته التراثية ليحمله مضامين جديدة تنسجم مع معطيات واقعة» ونجح الشاعر في إدخال ما 
استوحاه من التراث في نسيّج:نصة بحيث بدا جزءاً لا يتجزأ من قصيدته . 

ثانيا : تعددت أنماط المفارقة التراثية التي ظهرت في ديوانه» ما بين المفارقة المبنية على 
نص تراثي إلى المفارقة التي قابل فيها الشاعر بين طرف تراثي - أخفى عن قصد ملامحه التراثية 
- وطرف معاصر صترح بملامحه المتناقضة مع الطرف التراثيء وانتهى بالمفارقة التي صرح 
فيها بالطرفين معاً (التراثي والمعاصر) وفي كل الأحوال أشرك الشاعر القارئ في إعادة إنتاج 
نصه؛ معتمداً على وعيه وفطنتهء لعله بذلك يدرك عمق الهوة بين الطرفين : التراثي ( المشرق) 


."١ سليمانء المفارقة والأدب.» ص‎ )١( 


/ا/ 


المفارقة ذات المعطيات التراثية في ديوان" يمر هذا الليل " ثناء نجاتي عياش 


والمعاصر( المخيّب للآمال)» وهذا أشعر القارئ بعظم المرارة والفقد والخسارة مرتين : الأولى 
من خلال إبراز مواطن القوة والتميز في ماضيناء مقابل الضياع والخور في حاضرناء والثانية من 
خلال سلب المواقف والشخصيات التراثية دلالتهاء ومن ثم إسقاطها على المعاصرين ؛ وبهذا تبرز 
فداحة المفارقة وعمقها. 

كالذا :تنيت المفاز قة:ذانت «المنغطناك التراقنة عند أنماظا: خودي للمقا قة منها *غفاز قنانت 
التضاد والسخرية وعكس المتوقع» والدرامية ....الخ وكلها تساندت فيما بينها للتعبير عن مدى 
إحساس الشاعر بالألم والإحباط والمرارة من عالم يحمل في طياته الكثير من المفارقات . 


م/م 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية 
(دراسة وصفية دلالية) 


د. جزاء محمد حسن المصاروة ” 
تاريخ تقديم البحث: ٠٠١5/1/٠١‏ تاريخ القبول: ٠٠17/7/١7‏ 


ملخص 


لم يدرس القدماءٌ أسلوب النفي دراسة مستقلّة» بل جاءت مسائله منثورة في الأبواب النحويّة المختلفة» أمَا 
المحدثون فتركزت دراسائهم لأسلوب النفي على الناحية التركيبيّة» فجاء هذا البحث ليدرس قضيّة محددة في أسلوب 
النفي» وهي تلك الألفاظ التي لا تُستعمل إلا منفيّة» في محاولة لدراسة هذه الألفاظ دراسة دلالية في منهج وص في 


وقد بِيْنَ :هذا البحث تفسير القدماء' لهذه الألفاظ» وأنه كان فسيرا سياقياً مخضاء :كما بين المقصود .من لؤوم 
هذه الألفاظ لسياق النفي» وسبب ملازمتها له» وجعل هذه الألفاظ على أنواع عدة بحسب السبب الذي جعلها ملازمة 


71 


1511017 ل :2)002ع»1١‏ 01 أزع)د0) عطا' دز 0ع05] ععدة أقط!' مممتدوع:: مدآ 0ع)12ءظ]1 ع1" 
لع رمن عع تمدرء 5 220 


12خ 2723ل .101 


0 12 26526108 01 9(ع3356010طم عطا 01555 ]20 010 11325ةتمصوعع طوعث لدعتذمداء عط 1' 
5 6أمع590]3 ألمعتء 1ل عطا 01 أتتهم كه غ16 0عكاعهةا تزعطا ,لدعاكما :560103 أمعلمعءمء120 
561017 كتط1' .526005ع2 01 ع11مأع نكاد عط ده تزلمه لع15اء10 كطقالتهةصتصصومع لاع عط1' ,اعنلكمع1/101 
81 616551025 عغطا ع3 اعتط 8 551005ع1مء ع1157أ2ع26 01 عم77] علاععم5 2 105أدع1أدء101 21 كمطلدة 
ع1 .3115م0112161© تكد 20 5غ 0م1دعع2 00159 عطاء6 5ه ع28ناع مدا عتاطوعتكث عطا مآ أكلدء 
ع5ع16] 01 1165أدع1 علامممداعد عط 5107 0غ طعده2ممة 1دع0الإ[همة عكتامتهوع0 عطا 5ز10مصطء :500103 
.5 غ2 
40 0162012622 ختطا 101 13226101تء *ك5ممقكةتستصوعع لوع1دمم1اء عطا زه غطعنا كلعطد 5601039 عط 1" 
أكللاء 65016551025 ع5ع12] 1753 كمتقايعء غ1 .121ءتع ادم 'وتلمتمصط 15 مأفسصدامعء ختطا أقطا تزع كم 
65 5ع1دكه1ه 2150 غ1 .0112166102115 ع157أ تاكتك 20 طغللا 0م 26ع26 عطاء6 35 عع تتاعطها عطا مآ 
ع5ع6] عكلقطط غآهط]ا 025كدع1 أامعلتءع 01 0غ عمتلل1مء26 د5ع11معع21ه أالمعلع 01 مم1 كدماووع رويد 
1 له عماءط 35 أكللاء كنمزووع01دء 


حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة. الكركء الأردن. 


5 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


المقدمة. 

بيخ الخلمناء القنضاء أن في اللعة الفاظا ل مستعيل الأا.هى "سداق النفي + وقد حاول ينيم جمنينا 
وتصنيفهاء فجمعوا كثيراً من هذه الألفاظ في معجماتهم ومصنفاتهم: وكلما ذكروا لفظأ منها نبّهوا 
على أنه لا يُستعمل إلا في التفي» أو أنه يُكثر استعماله في النفي» وحاول بعضنُهم جمعَ هذه الألفاظ 
في أبواب مستقلّة» خاصة أولتك الذين ألفوا معجمات المعاني» أو كتباً تعنى بالألفاظ والتراكيب. 

ومن هؤلاء العلماء ابن السكيت الذي أفرد في كتابه (إصلاح المنطق) باب بعنوان "ما يُتكلمُ فيه 
بالكضاو اخر مطن 8" من !8 تك فو إلا والحهدا!' !ا ومكهم كردائع النمل في كتابه (المُنتخبْ من 
غريب كلام العرب) إذ أفرد باباً بعنوان "باب التفي"!''.ومنهم المرزوقي في كتابه (ألفاظٌ الشمول 
والعموم)!". ومنهم ابن سيده في كتابه (المخصتص) إذ أفرد باب بعنوان "أبواب النفي"؛) تحّث فيه 
عن النفي في المواضع والنفي في الطعام والنفي في اللباس والنفي في المال...؛ ومنهم سَّآمة بن 
صلم الصُحاريّ العوتبي في كتابه (كتاب الإبانة في اللغة العربيّة)!"؛. ومنهم السيوطي في 
كتابه[المزهر في علوم اللغة وأنواعها) إذ جمع ما تفرق من هذه الألفاظ في كتب سابقيه!'!. يضاف 
إلى ذلك ما جمعه العلماء الذين ألفوا في الأمثال؛ إذ أفرد بعضئهم باب خاصا للأمثال المنفية» فحشدوا 
فيها كثيراً من الألفاظ التي تلازم سياق النفي!". 

وكان من حرصهم على جمع هذه الألفاظ وتبويبها أن عد ابن فارس عدم معرفتها منقصة في 


)١(‏ انظر: ابن السكيت» يعقوب(ت75454"ه) إصلاح المنطق» تحقيق أحمد شاكر وعبدالسلام هارون؛ دار المعارف بمصرء 
طث, دءت؛ هلىأا, 

)١(‏ انظر: كراع النمل؛ علي بن الحسن(ت ١٠٠ه)‏ المنتخب من غريب كلام العرب» تحقيق محمد العمريء معهد البحوث 
العلمية وإحياء التراث الإسلامي -مكةء ط١‏ 989١م: ,551/١‏ 

(؟) انظر: المرزوقيء أبا علي(ت ١47ه‏ الفاظ الشمول والعمومء: تحقيق خليل إبراهيم عطية» دار الجيل بيروت؛» ط١‏ 
45م ”57 

(5) انظر: ابن سيدهء أبا الحسن بن إسماعيل(ت 458ه االمخصّصء تحقيق لجنة إحياء التراث العربيء دار إحياء التراث 
العربي بيروت» د.تء. 75/8/١5‏ 

(5) انظر:العوتبي الصحاريء سلمة بن مسلم(ت 5475ه) كتاب الإبانة في اللغة العربية»تحقيق عبدالكريم خليفة وآخرين؛: ط١‏ 
امعد ان 74-7735 

(5) انظرء السيوطيء جلال الدين(ت ١١35ه‏ المزهر في علوم اللغة وأنواعهاء تحقيق فؤاد علي منصورء دار الكتب 
العلمية بيروت؛ ط١‏ 198١م:‏ ؟59/7١.‏ 

(0) انظرمثلاً: الميداني» أبا الفضل أحمد(ت 8١5ه)‏ مجمع الأمثال» تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميدء دار المعرفة - 
بيروتء؛ د.تء» 7١53/7‏ وما بعدهاء والبكريء أبا عبيدإزت 4807) فصل المقال في شرح كتاب الأمثال» تحقيق إحسان 
عباسء وعبدالمجيد عابدين» مؤسسة الرسالة بيروت. ط"؟ ”98١م:‏ 517 وما بعدهاء والزمخشريء أبا القاسم محمود» 
المستقصى في أمثال العرب.دار الكتب العلمية بيروت»: ط؟ 941١م ٠‏ 770/7 وما بعدها. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الأديب في شريعة الأدب؟ولو قيل له: هل تتكلمٌ العرب في النفي بما لا تتكلمُ به في الإثبات» ثمّ لم 
يعلمئُه لنقصه ذلك في شريعة الأدب عند أهل الأدب!". 

ولم تحظ الألفاظ التي تستخدمٌ في أسلوب النفي خاصة بدراسة تبيّنُ دلالاتها وخصائصهاء وإذا 
كان القدماءٌ قد أغفلوا موي الس :وله وفصوو داك لاقل قن مطكاقية احرعمة ل عيترا 
منائلة مقاراقة فى وان« انلوق الححاقن لم وهار ووز ابعر افق للنقر جنا فرك فم سن 
القدماء» فكانت دراساتهم دراسات نحوية وصفية» أي إنها تدرس أسلوب التفي من الناحية التركيبية 
وخشبء كه تصف طرائق دوك فى امتتواي موف لفق 

ومن هذه الدراسات دراسة مصطفى النحاس في كتابه (أساليب النفي في العربية» دراسة وصفية 
تاريخية)» وقد فرق مؤلفه في أوله بين التفي اللغوي والنفي المنطقي» ثم تحدّث عن أدوات القفي 
بسيطها ومركبهاء وتحذدث عن النفي الضمني والنفي الصريحء ثم ختم كتابه بالحديث عن بعض 
مظاهر النفي في اللغة المعاصرة» وهو في كل ذلك غالباً ما ينطلق من فكرة المقارنة بين النفي في 
اللغة القديمة والنفي في اللغة المعاصرة. ولم أرَ تشابهاً بين ما عناه في بحثه وما عنيثه إلا في أثناء 
حديثه عن استعمال المعنى المعجميّ استعمالاً وظيفياء حيث ذكَرَ بعض الألفاظ والتراكيب التي دلت 
غلى النفئطثل؟ لا كرم وما فغلته قط دولا بأن: :وال فحالة, بولا ويف" وهذه الألقاظ أصبحت 
كالأدوات للنفي لا ألفاظاً تقع في سياق النفيء أي إنها مما يُنفى به لا مما يُنفى. 

فموضوعات هذا الكتاب كما نرى موضوعات تركيبية نحوية لا علاقة لها بالألفاظ التي لا 
تستفمك: إلاافى: اللفي و لذلكنا. 

وثمة كتابٌ آخر لأحمد ماهر البقريء بعنوان (أساليب النفي في القرآن)منشور في عام 185١م:‏ 
وهو أيضاً دراسةٌ تركيبية لأسلوب التفي في القرآن» إذ قم الكتاب إلى قسمين؛ القسمٌ الأول في 
النفي الصريح؛ تحدّث فيه عن نفي الحال» ونفي الماضيء ونفي المستقيّل» والأدوات المستعملة في 
هذا النوع» أما القسمٌ الثاني ففي النفي الضمني كخروج الاستفهام إلى معنى النفي. 

وهناك كتابٌ ثالث لخليل عمايرة بعنوان (أسلوبا النفي والاستفهام في العربية في منهج وص في 
في التحليل اللغوي)؛ وقد انصبّت دراسته على معنى النفي وأدواته وتحويل الجملة من جملة توليدية 
إلى جملة تحويلية بوساطة إحدى أدوات النفي. 00 

ونلاحظ حك ا الدراسات عدم تعرّضها للألفاظ المختصة بأسلوب النفي من قريب أو بعيدء 


)١(‏ انظر:ابن فارسء أحمد(ت 7”35ه الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامهاء تحقيق عمر 
الطباع» مكتبة المعارف جيروت» ط١‏ ام 1 
)١(‏ انظر: النحاسء أساليب النفي في العربية» منشورات جامعة الكويت» 915١م‏ 7575 و7"50ء و759. 


5 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


وأنها كلها تدور في مدار واحد. 

ولعل دراسة فاضل السامرائي هي أول دراسة حديثة تشير إلى مثل هذه الألفاظ التي تلازم 
النفي» وذلك في كتابه(معاني النحو) لكنها إشارة سريعة اكتفى فيها المؤلف بالقول بأن هناك أسماء 
تلازم النفي» مثل أحد وعريب وديّار وكراب وطوري» وكلها عنده بمعنى واحد!". 

أما هذا البحث فلن يُعنى بأدوات النفي» أو تركيب جملتة ء أو نفي الماضي أو الحاضر أو 
المستقبل» بل سيسلط الضوء على ألفاظ وتراكيب يبدو أنها كانت حكراً على أسلوب التفيء ولا 
تستعمل في الإثبات» وسيبيّن تفسير القدماء لها ويقف على أبرز خصائصهاء ويبِيّنْ معنى لزومها 
لسياق النفي» ويخاول تَفسَِيْنَ سبي افتضيازها على سياق النفي. 


إن المتتبع لمادة (ن ف ي) في المعاجم العربية يجدها تدل على معنّى عام واحدء وهو الإبعادء 
فنجد في المعاجم: تفى الشيءٌ ينفي بمعنى تنحّى» وتفى شعرٌ فلان» إذا ثارَ واشعان» وثورانٌ الشعر 
يعني تباعد بعضه عن بعضء ونفيانٌ السيل ما فاض من مجتمعه؛ وتفى الرجل من الأرض ونفيكه 
عنها؛ طركقة: زالطوة إبعافء وانتفى منه: تبرأء ونفت الريحٌ التراب: أطارته» وفي الحديث: "المدينة 
كالكيو تفي حبنية!'! أي تدرجه والنفي؟ الإبعاد عن البلدة وتفت الستحابة الناء :مجه وكل مس 
ردئتّه نفيتّدا". 

أما في الاصطلاح فقد عرفه التهانوي بقوله"النفي...عند أهل العربية من أقسام الخبر مقابل 
الإثبات والإيجاب» قيل بل هو شطر الكلام كله'!؟) بعض المحدثين بأنه '"ضدٌ الإثبات» ويعني سلب 


الحكم عن شيء بأداة نافية"!”) غير أن النفي قد يكونْ بأدوات غير أدوات النفي المعروفة في كتب 


.1917 ءم5٠٠١7 انظر: السامرائي» فاضلء معاني النحوء دار الفكر -عمان» طا3.‎ )١( 

)١(‏ البخاري» محمد بن إسماعيل(ت 55١ه)‏ صحيح البخاريء تحقيق مصطفى البغاء دار ابن كثيرء اليمامة بيروت» ط؟ 

7١م‏ 51770/5,» والنيسابوري.مسلم(ت ١75ه)‏ صحيح مسلم, تحقيق محمد عبدالباقي» دار إحياء التراث العربي بيروت» 

دت الكددل, 

(؟) انظر: الفراهيديء الخليل بن أحمد(ت 175هامعجم العين» تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي» منشورات 

وزارة الثقافة والإعلام -العراق.» 5/85١م»‏ 585/8» والجوهريء إسماعيل بن حماد(ت 737ه)الصحاح تاج اللغة وصحاح 

العربية» تحقيق أحمد عبدالغفور عطارء دار العلم للملايين بيروتء. ط7 1973م 765971/5 -75515, والفيروزآباديء 

مجدالدين محمد(إت ١1١81/ه)ء‏ القاموس المحيطء الهيئة المصرية العامة للكتاب» 517١م‏ 5"131/5, وابن منظورء محمد بن 

مكرم(ت ١1١لاه).‏ لسان العرب» دار صادر جيروت: ط”؟ 155١م‏ 6١/1//597؟؟.‏ 

(:) التهانوي» محمد عليء كشاف اصطلاحات الفنون» تقديم وإشراف رفيق العجم, تحقيق علي دحروج وعبد الله الخالدي 
وجورج زينائيء مكتبة لبنان ناشرون “لبنان» ١‏ 135١م‏ 

(5) انظر: التوتنجيء محمدء والأسمرء راجيء المعجم المفصل في علوم اللغة» دار الكتب العلمية بيروت. ط١‏ ”937١م‏ 
5 » ويعقوبء أميل بديع» موسوعة علوم اللغة» دار الكتب العلمية بيروت» ط١‏ 5١٠7م‏ 77/9؟5, 


0١ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


النحوء فيكونٌ بالاستفهام أحياناًء ويكون بغير أداة أحيانء إذ يدل عليه تنغيمُ الجملة ونبرُ الكلام» لذا 
عرفه الدكتور خليل عمايرة بأنه"باب من أبواب المعنى» يهدف به المتكلمٌ إخراج الحكم في تركيب 
لغوي مثبت إلى ضذه؛ وتحويل معنى ذهني فيه الإيجاب والقبول إلى حكم يخالفه إلى نقيضه؛ وذلك 
بصيغة تحتوي على عنصر يفيد ذلك؛ أو بصرف ذهن السامع إلى ذلك الحكم عن طريق غير 
مباشرة..." !0 ش 
وعلى الرغم من أنّ هذا التعريف يشمل المنفيً بالأداة والمنفيَ بغير أداة» إلا أني أخالفه. بل إِنّ 
طبيعة هذا البحث ومادته يفرضان على الباحث مخالفة هذا التعريف. ذلك أن التعريف السابق 
يفترض أن التركيب يي ل منفياء والواقع اللغوي يبيّنْ لنا أنّ 
هناك تراكيب لغوية لم تستخدم إلا منفية: بمعتى أنها لم تكن مثبتة في واقع الاستمال اللغوئ هذه 
التراكيب هي التي جعلناها موضوع هذا البحث؛ لذا أرى أن التعرزيفت الأماق للق أنه الوب للد ب؟ 
ل تك ارا رو ا بأداة وقد يكون بغير أداة» وقد يكون 
صريحاً وقد يكون ضمنيًاً 
معنى لزوم هذه الألفاظ للنفي. 

ا وراك ص ارا وكاو واد امك ا 
النفي» لكن قصرهم هذه الألفاظ على سياق الثفي فيه تعتيم ولبسء» إذ لم يوضحوا المقصود بذلك» 
فهل مقصودهم أن اللفظ المفرد لا يستخدم إلا في الثفي؟ أم يقصدون أن التركيب الذي ورد فيه هذا 
اللفظ لا يستخدم إلا منفيا؟ والفرق بين المقصودين كبيرء ولتوضيح ذلك نضرب مثالآء جاء في 
كتاب إصلاح المنطق لابن السكّيت في باب (ما لا يُتكلم فيه إلا بالجحد)؟يُقال جاءت وما عليها 
خَربَصيْصّة!' فهل المقصود أن كلمة خَرْبّصيْصة لا يُتكلم بها إلا في الثفي» فلا يجوز أن يقال مثلا 
هذه خَربّصيّْصة» أو رأيت خَربٍصيْصة؟ أم المقصوذ أن هذا التركيب عيتَهُ لا يستخدم إلا منفيّاء فلا 
يقال: جاءت وعليها خربصيصة؟. 

فإن كان مقصوده هو الأول فليس ذلك بصحيحء لوجود شواهد كثيرة تبين أن هذه الألفاظ 
يمكن أن تستخدم في سياق الإثبات» فكلمة (خَربٍصيْصة) سابقة الذكر جاءت في سياق الإثبات في 


قوله صلى الله عليه وسلم"من تحلى ذهبا أو حلى وله مثلّ خَربصيْصة." "'وقوله؟إنّ نعيمَ الدنيا 


)0( عمايرة» خليل» أسلوبا النفي والاستفهام في العربية في منهج وصفي في التحليل اللغوي, دءن» 61 . 


57 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


أهون عند الله من خَربّصيْصَة!' ومما يدل على عدم وضوح مقصودهم من قولهم "لا يستعمل إلا 
في الثفي" أن ابن منظور بعدما أورد هذين الحديثين ذكر أن قولهم "جاءت وما عليه خَربَصيْصَة" لا 
يستخدم إلا في الثفي» فيُفهم من كلامه أنه قصد التركيب لا اللفظ المفردء لكنّه في موضع آخر 
قال "والأهزَغ من السهام: الذي يبقى في الكنانة وحدهء وهو أردؤها...وقيل الأهْرَغ خير السهام 
وأفضلها...وقيل إنما يتكلم به في التفي» فيقال: ما في جفيره أهزغ, وما في كنانته أهزغ؛ وقد يأتي 
به الشاعر في غير التفي للضرورة, فإنّ النمر بن تولب أتى به مع غير الجحدء فقال: 
فأراس تكن لتاشاكا فشك تواهِقة والقَم"!") 

فقوله"للضرور"" وتمثيله بهذا الشاهد يدل على أنه يقصد اللفظ المفرد لا التركيب!! وهذا 
ليس رأي ابن منظور وحده بل هو يوافق ابن السكيت في ذلكء إذ يرى ابن السكيت أن (أهزع) لا 
يستخدم إلا في الثفي إلا أن النمر بن تولب جاء به في الإثبات» ثم يذكر البيت السابق!": 

ومن ذلك أن اللغويين يذكرون كلمة (تامور) و(تأمور) من الألفاظ التي تلازم الثفي/“أفيقال: 
"ما فيها تامور"؛ لكنّ هذا اللفظ استعمل في الإثبات كما في قول الشاعر: 

أنبتتُ أنّ بني مُحَيم أولجوا ‏ أبياتهم تامور نفس المُنذر 

قال الأصمعي: أي مهجة نفسه؛ وكانوا قتلوه!”' واستعمالها في الإثبات يدل على أن المقصود 
من لزوم الثفي التركيب لا اللفظ المفرد. 

ومن ذلك أن كثيرا من النحويين واللغويين يقرّرون أن كلمة (أحد) لا ستعمّل إلا في الثفي» 
لكثهم عندما يصطدمون بالواقع اللغوي فيجدونها مُستعملة في سياق الإثبات كما في قوله تعالى:طقل 
هُوَ الله أحَدْ» ١!‏ نجدهم يفسترون كلمة (أحد) على أنها بمعنى واحد وهي عندهم تختلف عن تلك التي 
لا تستخدم إلا في سياق التفي. جاء في كتاب إعراب القرآن للنحّاس "وقال أهل النظر: في (أحد) 
من الفائدة ما ليس في واحدء لأنك إذا قلت: فلان لا يقوم له واحدء جاز أن يقوم له اثنان وأكثرء فإذا 


قلت: فلان لا يقوم له أحد.» تضمّن معنى واحد وأكثرء قال أبو جعفر: وهذا غلطء لا اختلاف بين 


,7 5/٠ المصدر نفسه.‎ )١( 

. 37١/8 ابن منظورء لسان العرب؛‎ )١( 

(") انظر:ابن السكيتء إصلاح المنطق» 585. 

(:) انظر: ص ؛ ١‏ من هذا البحث. 

(5) انظر: الأزهريء أبا منصور محمد بن أحمد(ت ١ه‏ اتهذيب اللغة» الجزء الرابع عشرء تحقيق يعقوب عبد النبي 
ومحمد علي النجارء الدار المصرية للتأليف والترجمة» 7857/١5‏ 

.١ الإخلاص:‎ )5( 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


النحويين أن أحدا إذا كان كذا لم يقع إلا في الثفي...فإذا كان بمعنى واحد وقع في الإيجاب...فكذا 
قل هو الله أحد"!' والواقع أنّ (أحد) في حال كونها كلمة مفردةً ثستعمل في التفي والإثبات » كما في 
قوله تعالى:إأو جاءً أحدٌ مِثْكُمْ مِنَّ الغائْط4!' وقول الأقيشر الأسدي""ا 
غضيبت دودان من مسجدنا ‏ وبه يعرقهم كل أحد 
لذلك أرى أن المقصود من لزوم هذه الألفاظ لسياق الثفي هو أن التركيب برمته لا يأتي 

مثبتا فتقول: "ما رأيت أحد" أو"ما في الدار أحد" » ولا يقال"رأيت أحدا أو في الدار أحد"!“ا 
تفسير القدماء لهذه الألفاظ. 

إن أغلب هذه الألفاظ له دلالتان: الالة معحمتة وذلالة ينياقية:» :الك لالة:العسيافية تار بالسياق 
فتتبدل بتبئله» وتتغيّر بتغيّرهء فكلمةً (الليل) مثلاً تعني عكس النهار في دلالتها المعجميّة: لكنها في 

جملة"طال ليل الأمة" تعني الظلمَ أو التخلظف» أو اله وبعض الجمل كذلك له معنيان: معنى حرفي 
وفعت متخاني» قبذاذ خطلة نافد فنك 'علقة كل الكوانةا" تكلف «الالقيا "كن مخملة الخاصكن القيط 
فسد عليه كل الأبواب" إذ تحمل الأولى معنى مجازياً لسَدّ الأبواب !*ا 

لكنّ الملاحظ على العلماء القدماء أنهم في الغالب يسردون هذه الألفاظ والتراكيب سردا دون 
شرح أو تفصيل لمعناهاء وإذا ما فسروا شيئاً منها جاء تفسيرهم تفسيراً سياقياء مما أوقعتهم في 
الس قو كن ملك اللمنان رونا اللفظ الواحد بأكثر من معنى» وهذا ليس بمستبعد» فقد يلجا 
أحدنا إلى تفسير لفظ ما بالاعتماد على السياق دون فهم دقيق ق لأصل هذا اللفظ كما أنه ليس شرطا 
أن يعرف العربيُ المعنى الدقيق ق لكل كلمة يسمعهاء قله كرف عون رن للستت اليه و الله عنه 
معنى كلمة(الأب) في قوله تعالى:##وفاكهة ةَ وَأبَّا4” ولم يعرف عبالله بن عباس معنى كلمة 
فاطر "١‏ 

ومن الأمثلة على التفسير السياقيّ لمثل هذه الألفاظ أنهم فسروا قول العرب"ما بها عَريبٌ 
ومُعرب؛ وما بها دَبِيجٌ وما بها ذوري وطوريّ ووابر وصافرٌ وديّار” وكثيراً من هذه الألفاظء على 


ة أبو د ها إعراب القرآن» تحقيق زهير غازي زاهدء عالم الكتب 'لبنان.ءط7؟ ام هله ؟, 
(؟) النسا 

(؟) انظر:الأصفهانيء أبا الفرج(ت 7557ه االأغانيء تحقيق سمير جابر»ء دار الفكر بيروت» ط", د.ت ,775/١١‏ 
(:) وانظر: ابن منظورء. لسان العرب» ”ااه , 

(ه) وانظر الخولي» محمد» علم الدلالة(علم المعنى) دار الفلاح للنشر والتوزيع -الأردن» .١‏ آم 1١7‏ 

6 عر :عطار» أحمد عبدالغفور. مقدمة الصحاح, دار العلم للملايين بيروت» ط ام ١5-١17‏ 


أت 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


أنها تعني شيئاً واحداًء فكل لفظ من هذه الألفاظ بمعنى(أحد)!'! فمعنى هذه التعبيرات كلّهما واحد: 
وهو: ما بها أحدء ولم يفسروا خي الغالب -المعنى المعجميً لكلمة عريب أودبّيج أو طوري...إلخ. 

ومن ذلك تفسيرهم لقول العرب؟ما بها أرمٌ أو أريم" على أن المعنى: ما بها أحدء أو إنسان!". 
ودلالة كلمتي أرم أو أريم على (أحد) دلالة سياقية كما سنرى بعد قليل. 

بل إنهم أحياناً يفسّرون اللفظّ الواحد بأكثر من معنى بحسب الستياق» من ذلك تفسيرٌهم لكلمة 
(عبقة)» جاء في كتاب المنتخب من غريب كلام العرب "ويقال: ما في التي عبتقة...أي: لطخ 
ووضتر» ويقال: ما بقيت لهم عبقة...أي: بقيّة من أموالهم؛ ويقال ما في النعي عبكة...فالعبكة: 
قطعة من شيء أو كسرة]والكاف فيها بدل من القاف] .:.ويُقال : ما ذقت عيقة أي: أكل7" وفدترها 
ابن السكيت على أنها بمعنى شيء من السَّمئْن/' اوضترها أبو عبيد فيما يرويه ابن سيده على أنها 
بمعنى الرئب!*: ش 

ومن ذلك أيضاً تفسيرهم لكلمة (طحرة) جاء في المخصتص؟ما عليه طحرة؛ إذا كان عارياء 
وكذلك ما بقي على الإبل طحرة: إذا سقطت أوبارهاء وما على السماء طحّرة: أي شيء من 
الغيم"لة). 

فهذا تفسير سياقيَ واضحٌ» يتغير معنى الكلمة بتغيّر السياق» وقد قمت في هذا البحث بتفسير هذه 
المفردات تفسيراً معجمياء وحتى لا يكون كلامي مكرراً أكتفي هنا بتفسير المثالين الأولين اللذين 
ضربتهما آنفاء وسأفسّر بقية الأمثلة وأمثلة أخرى في ثنايا البحث القادمة. 

أما كلمة (عريب) و(مُعْزِب) فيبدو لي أن هاتين الكلمتين مشتقتان من الفعل أعرب الذي يعني 
أبان وأفصحء فيقال"أغرب عن لسانه وعَرّب أي أبانَ وأفص"" و"أعرب الرجل بحُجّته إذا أقفصحَ 
عنها" "أو"رجل عَريبْ مُعْرب"!'' فيكون المعنى في قولهم؟ما بها ريب أو ما بها مُعْزب" ما بها 


(١)انظر:‏ ابن السكيت؛ إصلاح المنطق» :593١‏ وكراع النمل؛ المنتخب من غريب كلام العرب. :"51/١‏ وابن دريدء أبا بكر 
محمدإت “7١‏ “7“ها)جمهرة اللغة.» دار صادر بيروت "7/١‏ ١وابن‏ سيدهء المخصتصء. .7858/١7‏ وابن منظورء لسان 
العرب. ١/١/ا‏ و4 7/6 ؟, 

."”715/5 انظر: العوتبي الصحاريء كتاب الإبانة في اللغة العربية»‎ )١( 

(") انظر :كراع النملء المنتخب من كلام العرب. ١/55"؟.‏ 

(:) انظر ابن السكيتء إصلاح المنطق. 585. 

(5) انظر :ابن سيده؛ء المخصّتص. .75.0/١7‏ 

(5) انظر "المصدر نفسه. ,75١- 550/١9‏ 

(0) ابن منظورء لسان العرب؛ .588/١‏ 

() ابن دريدء جمهرة اللغة» ,588/١ 777/١‏ والزبيدي» محمد مرتضى(ت 5١١١ه)‏ تاج العروسء الجزء الثالث» تحقيق 
عبد الكريم العزباويء: مطبعة حكومة الكويت؛ 951١م‏ 65/19؟", 

(9) ابن منظورء لسان العرب». .585/١‏ 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


من يُعرب عن نفسه؛ أي ما بها إنسان؛ لأنّ الإنسانَ هو من يُعربْ عن نفسه. 
أما كلمة أرم في قولهم؟ما بها أرم" فأرى أن المعنى المعجميً لها هو العلم, أو الراية في 

مفهومنا الحديث؛ جاء في لسان العرب ؟والآرام: الأعلام؛ واحدها إرم وأرم وأيرمي»؛ وقال 
اللحياني: أرّمي ويرمي وإومي 1" وييذق أنّ العلاقة بين المعنيين: المعنى المعجمي(العَلم) والمعنى 
السياقي(أَحد) أنّ الأعلام دليل على الناسء فالديار التي بها أعلام بها ناسء فلجأ المتكلم إلى نفي 
الناس عن طريق نفي شيء من خصائصهمء وجوده يستلزم وجودهم. 
أسباب لزوم هذه الألفاظ لسياق الثفي. 

من خلال تتبع الألفاظ التي لزمت سياق الثفي والبحث عن معانيها المعجمية يظهرُ أن 
السبب في لزومها سياق الثفي أنها تدلُ على قلة مطلقة» أو على عموم الجنس البشري» أو على 
الإحاطة بالمنفي» أو على استمرارية في زمن الثفي» وقد اختصّت هذه الألفاظ بسياق الثفي 
للاختصارا" فبدلا من أن يكرر القائلُ منفيات كثيرةٌء يلجأ إلى نفي لفظٍ دال على عموم هذه 
المنفيات»ف "ما رأيت أحد" ما هي إلا اختصارٌ لقولنا: ما رأيت رجلا ولا امرأةً ولا صغيرا ولا 
كبيراً.. 

وسأجعل هذه الألفاظ في الأنواع التالية. 
النوع الأول: ما دل على القلة المطلقة. 

من خلال البحث عن المعاني المعجمية للألفاظ التي تستخدم في سياق الثفي نجد أن كثير 
منها يدل على معنى القلة المطلقة» ونفيُ قليل الشيء يعني نفيّ كثيره بالضرورة؛ لذلك قر القدماءً 
هذه الألفاظ بمعنى(شيء) في الغالب؛ فكأنَ العرب لجأت إلى هذه الألفاظ للمبالغة في الثفي» فنفي 
القليل المطلق من الشيء يعد مبالغة في نفي وجوده. 

ومن هذه الألفاظ ما جاء في المعاجم من قول العرب"ما أصبت منه حبَربّر" أي شيئاء لا 
يُستعمل إلا في الثفي» و"ما أغنى فلان عتي حبربر". أي: شيئاء و"ما له حبرب ولا حورور”. أي 
شيء» و"ما أصبت منه حبربرا ولا حبثبر". أي ما أصبت منه شيئاء و'ما على رأسه حبرزبرة", أي 


ما على رأسه 0 


.١5/١7 المصدر نفسه.‎ )١( 


ط١‏ 999١م‏ ١/م8‏ دوم 


(") انظر :ابن دريدء جمهرة اللغة, تذخاف و5عهة, وابن منظور. لسان العرب» 5 إحبر). 


1/ 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


ونلاحظ أنّ هذا اللفظ قد قسّر تارة بشيء وتارة بشعرة» وهذا تفسير سياقي» ويبدو أن 
[حبّربّر) تدل في أصل وضعها على الشيء القليل جدآء فربما استعمل في المال'ما أصبت منه 
حَبّربّر"!'! أو في الطعام أو في الشراب؟ما ذقت حبر" وقد ذكر ابن دريد أن معنى ١حَبَرْبّر)‏ 
الشيء القليل ومثل لها بقول الشاعر: 

أمانيُ لا ثجدي عليه حَبَرْبّر]!"ا 

وأرجّح أن المعنى المعجمي للكلمة يعني الأترء وأن هذه الألفاظ مشتقة من الحبّرء فقد جاء 
في المعاجم أن الحِبْر والحبّر: الأثر من الضربة إذا لم يُدم...والحبار الأثر...والحبار والحبر: أثر 
الشيءا ونفيُ أثر الشيء مبالغة في نفيه؛ فعندما يقال"ما أصبْتْ عنده حبَربّر" فكأنما قيل"ما 
أصبت عنده أثرآ من مال أو طعام”" أو أي شيء يقتضيه السياق. 


وعندما يقال: ما على رأسه حبربّرة» أي ما على رأسه أثر للشعر فضلاً عن وجود الشعر 


أما حبثبّر وحورور وحَبْريْر وغيرها فما هي إلا تبدلات صوتية ليس هذا محل بحيْهاء لكن 
هذه الأقوالَ في معظمها أمثالٌ أو كالأمثال» يكثرُ دورائها على ألسنة العامة والخاصة لذا تكون 
موضعا للتغير والتحوير. 

ومن ذلك قولهم: ما على فلان طخرة أو طخربة!”!» وفي الحديث عن يوم القيامة"تدنو 
الشمس من رؤوس الناس وليس على أحد منهم طحراب"! وفسّرها ابن منظور هنا باللباس!'!ء وفي 


قولهم" ما في السماء طحربة" فسّرت على أنها قطعة من السحاب"'.وذكر ابن دريد أنها بمعنى 


8 )0 
دسي ع , 


)١(‏ انظر:ابن السراجء أبا بكر(رت “١ه‏ الأصول في النحو. تحقيق عبدالحسين الفتلي» مؤسسة الرسالة ناشرون بيروت» 
طة 1119م 517/9 

(؟) ابن دريدء جمهرة اللغة, 071١/19‏ 7؟, 

(") انظر :الفيروزآباديء القاموس المحيط. ”/7”. وابن منظورء لسان العرب؛. ,.١51/54‏ والزبيديء تاج العروسء. 2505/٠١‏ 
وكثه. 

(:) انظر: ابن دريدء جمهرة اللغة» 5١7/7”‏ ,ابن منظورء لسان العرب» 5937/5. 

(5) انظر: ابن الأثيرء أبا السعادات(ت 705ه) النهاية في غريب الأثرء تحقيق طاهر الزاوي ومحمود الطناجيء المكتبة 
العلمية بيروت؛ 991١م ١١7/7‏ 

(1) انظر:ابن منظورء لسان العرب». 5317/5. 

() المصدر نفسه. 5917/5 

(8) انظر :ابن دريدء جمهرة اللغة, ؟/7١5,‏ 


1/0 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ويبدو أن المعنى المعجمي لهذه الكلمة يدل على القطعة الصغيرة من كل شيء»؛ وأن أصل 
المعنى من (طحرة) وهي قطعة السحاب الصغيرة» جاء في لسان العرب "وروي عن الباهلي: ما 
في السماء طحرة؛ وطخرة:, بالحاء والخاء: اللطخ من السحاب القليل» قال الأصمعي: هي قطع 
مستدقة رقاق"!'' ثم صارت في التفي تعني الشيء القليل مطلقا سواءٌ أكان سحابا أم لباسا أم غير 
ذلك يدل على ذلك قولهم: ما في التّحي طخرة» وما على الإبل طخرة: 0 الوعدا"ا 

ومن ذلك كلمة (خَربَصيْصة) في قولهم: جاءت وما عليها خَربصيْصة!'! وقد فُسّرت على 
أنها شيء من الحِثي!*! كما شرت على أنها بمعنى ثوب وأصل الترابتصيْصة: الهتة الصغيرة التي 
تتراءى في الرمل لها بصيص كأنها عينْ جرادة!'' ثم صارت دلالتها على مطلق القلة» فقالوا: ما في 
السماء خَربّصيْصة؛ أي شيء من السحابء وما في السقاء والبئر خَربَصيْصة»؛ أي شيء من الماءء 
وما أعطاه خَربَصيْصة!"» وربما تكون الصادُ فيها بدلا من السين فيكون الأصل (الخربّسيسة) جاء 
في كتاب الجمهرة؟فأما الخَرْبَسيس فالشيء الثافة"!*) 

ومن ذلك قولهم: ما تلمّك عندنا بلماك؛ وما ذاق لماكاء أي ما ذاق شيئا”!"! قال المفضّل: 
التلمّك: تحريك اللحيين بالكلام أو الطعامء قال: والتلمّك: التلمّظا'' فيكون المعنى الحرفي لمثل هذه 
الجملة: ما ذاق عندنا شيئا ولو كان قليلا يتحرك له الفم.ولا أستبعد أن يكون المعنى المعجمي 
ل(اللماك) شيء ثكحل به العين» جاء في تهذيب اللغة"وقال ابن الأعرابي: اللماك واللمك: الجلاء 
يُكحل به العين"٠''أوعلى‏ كلا المعنيين فهو يدل على الشيء القليل. 

ومنه قولهم: ما لفلان صيرًٌ؛ أي ما عنده درهم ولا دينارء يقال ذلك في التفي خاصة""" 


.597/5 انظر:ابن منظورء لسان العرب».‎ )١( 
5917/5 انظر: المصدر نفسه.‎ )١( 

(؟) انظر :المصدر نفسه. 5/17 7. 

(4:) انظر :المصدر نفسه. 57/1 . 

(5) انظر: ابن دريدء جمهرة اللغة, ؟/7١5,‏ 
(") انظر:ابن دريدء جمهرة اللغة » ,5١7/9‏ 

() انظر:المصدر نفسه. 9/؟5.", 

(8)المصدر نفسه. ؟/07١7,‏ 

(9) انظر: ابن السكيت» إصلاح المنطق. ,."1١‏ وابن منظورء لسان العرب» .584/٠١‏ 
(١٠)انظر:‏ ابن منظورء لسان العرب» .584/٠١‏ 

(١١)الأزهريء‏ تهذيب اللغة. .7717/٠١‏ 

(١1)انظر:ابن‏ منظورء لسان العرب». .55١/5‏ 


18 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


وأصل المعنى من الصريرء وهو الصوت "درهم صيري وصرّي: له صوت وصرير"! فيكون 
المعنى: ماله شيء ولو درهم واحد يصرء وهذا يدل على مطلق القلة. 

ومن ذلك: ما أثابه ثقرة» أي شيئاء لا يستعمل إلا في الثفي/'وأصل النقر صويت يسمع من 
قرع الإبهام على الوسطى!' فالمعنى الحرفي: ما أثابه شيئا قليلا مثل نقرة الأصبع. 

ومن ذلك الهلببسيسء في قولهم: وليس بها هِلبّسيسء أي أحد يُستأنس به. وجاءت وما عليها 
هلبّسيسة» أي شيء من الحثيء وما عنده هِلَبّسيسّة؛ إذا لم يكن عنده شيء» وما في السماء هِلْبّسِيسّة: 
أي شيء من السحاب!'! وأصل المعنى في الهلبسيس الشيء اليسيرا* فهي تدل على القلة» لذا قيلت 
في قلة الناس وقلة السحاب وقلة الحلي. وقد مثل لها ابن دريد بقول الشاعرا"!: 

يا ليْتَهُ لم يُعط هِلَبَسيسا وعاش أعمى مُقعدا ريسا 

ومن ذلك:ما ذقت صماتاء أي ما ذقت شيئاء ويقال لم يُصْميثه ذاك» أي لم يكفه» وأصله في 
التفي وإنما يقال ذلك فيما يُؤكل ويُشرب!"! وأصل المعنى من الصمت نقيض الكلام؛ فالإنسان إذا 
أكل شيئا ذا بال صمت عن الكلام» فإذا لم يصنميت» دل ذلك على أنه ما أكل شيئاء أو شيثا ذا بال؛ 
فيكون المعنى الحرفي: لم يأكل شيئاء يجعله يصمت عن الكلام. 

ومنه قولهم: ما بالدار شفرا. أي ما بها أحدء قال ابن قتيبة: "ومن ذلك أشفار العين» 
أصلْ(ش ف ر) في اللغة القلهُ» ومن ذلك قيل لحرف كل شيء شقرء لأنّه أقله...ومنه قولهم: ما 
بالدار شر بفتح الشين» أي: ما بها أحد" !"ا 


وقد يكون اللفظ الملازم للنفي فعلاً مثل الفعل (نبس) كقولهم : ما نبس بكلمة!'') أي: ما تكلم 


.55١/5 انظر :المصدر نفسه.‎ )١( 

,7؟١/5 انظر :المصدر نفسه.‎ )١( 

(") انظر :المصدر نفسه. 5/١؟7,‏ 

(؛) انظر :الأزهريء تهذيب اللغة» 519/5», وابن منظورء لسان العرب؛. 75٠0/5‏ 

(5) انظر:ابن دريدء جمهرة اللغة» 01١/7‏ 5» وابن منظورء لسان العرب. 7750/5. 

(") ابن دريدء جمهرة اللغة, ١١/19‏ 5, 

() انظر:المصدر نفسه؛. ؟/4ه 

(8) انظر: الأزهريء تهذيب اللغة» ,"51/١١‏ والعوتبي الصحاريء كتاب الإبانة في اللغة العربية. 771/4 

(9) الجواليقي» موهوب بن أحمدإ(ت ٠45ه)‏ شرح أدب الكاتب» تحقيق طيبة حمد بوديء مطبوعات جامعة الكويت» 
6امء 168., 

(١٠)انظر.ابن‏ سيده. المخصص,. .١55‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


بكلمة» وأصل النبس الحركة!' فعندما يقال: ما نبس بكلمة» أي ما حرك شفتيه بالكلام» جاء في 


الحديث "فما يَيسونَ عند ذلك"!"ا 


النوع الثاني: ما دل على عموم الجنس البشري. 

من الألفاظ التي ذكر العلماء أنها مقصورة على سياق الثفي ألفاظ كثيرة جاءت دالة على 
عموم الجنس البشري» فنفي وجودها يعني نفي وجود الإنسان» وهي غالبا ما تستخدم لنفي وجود 
إنسان في الديار أو في الدار. 

من ذلك قولهم "ما بالدار تأمور" ('' وقد فستر القدماء هذا اللفظ بأنه بمعنى أحدء كما شر بأنه 
بمعنى الماء في قولهم"ما بالركية تامور" وشئّر مرة ثالثة بأنه بمعنى الحَمْرأ”أوهذه التفسيرات 
تفسيرات سياقيّة كما هو واضح. ويبدو أن المعنى المعجمي لهذا اللفظ هو النفس» فقد جاء في 
المعاجم "وقيل التامور: النفس وحياتهاء وقيل العقل» والتامور أيضا دم القلب وحبّثه وحياثه» وقيل 
هو القلب نفسه"!' أفالمعاني كنّها تدلُ على الإنسان وما يتصف به من قلبٍ أو عقل أو حياقِء والنفس 
كلمة عامة تدل على عموم الجنس البشريء لذلك كان التركيب "ما بها تامور أو تأمور" مختصا 
بالتفي؛ لأنّ إثبات وجود النكرة العامّة أمر لا فائدةً فيه» فلو قيل: رأيت في السوق إنساناء كان الكلام 
عبتا لا غنى فيه. 

ويبدو أن دلالة هذا اللفظ قد استخدمت مجازآ للدلالة على الماء أو الخمر في قولهم"ما 
بالركية تامور"!". 

وربما كانت هذه الكلمة من المعرب الذي دخل إلى العربية في وقت مبكرء جاء في كتاب 
الجمهرة"ومما أخذ من السريانيّة التامور وربما جعلوه صيبغا أحمر وربما جعلوه موضع السرور 
وربما مُمّي دم القلب تامور !"ا 


.575/5 انظر: ابن الأثيرء النهاية في غريب الأثرء 7/5 وابن منظورء لسان العرب.‎ )١ 
"/5 ابن الأثيرء النهاية في غريب الأثرء‎ )” 

'"') انظر: الزبيديء تاج العروس. 7/٠١‏ 

5) انظر: ابن منظورء لسان العرب». 7/5”. 

5) انظر: المصدر نفسه. 1/5”. 

5) الأزهريء تهذيب اللغة. 5١/١58؛‏ وابن منظورء لسان العرب. 37/5؟, والزبيديء تاج العروس. 7/٠١‏ 
)٠‏ وانظر: الزبيديء تاج العروسء» ./4/٠١‏ 

( 


/ 
/ 
/ 
/ 
/ 
/ 
/ 
(4) ابن دريدء جمهرة اللغة. .501١/”‏ 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


ومن ذلك قولهم "ما بها طوري"؛ لا يستعمل إلا في التفي/'أوقد فسر القدماء (طوري) بمعنى 
أحدء والأصل في معناها أنه مأخوذ من طور الدارء وهو ما يمد معها من فنائها وحدودها!''ومعنى 
ذلك أن طوري منسوب إلى طور الدارء والدور من مستلزمات الكائن البشري» فالمعنى في "ما بها 
طوري" أي: ما بها إنسان» وكلمة إنسان عامة تشمل الجنس كله؛ لذلك اختص هذا التركيب بالثفي. 

وقد يكون الأصل في هذا اللفظ (دوري) بالدال» فقد روي عن العرب قولهم:"ما بالدار 
دوريّ ولا ديّار ولا ديّور على إبدال الواو من الياء» أي ما بها أحدء لا يستعمل إلا في الثفي"!"ا 
ويبدو أن لهذه الكلمات علاقة بالدارء روي عن اللحياني" ما بها داري» وحقيقة الداري الذي لا 
يبرح منزله» ولا يطلب معاشاء فهو منسوب إلى الدار"!“أفهي بذلك تدل على عموم الإنسان؛ لذلك 
لزمت التفي» وقد وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى :رب لا تدر على الأرض من الكافرين 
دياراي !". 

ومن ذلك قولهم "ما في الدار دَبيجُ" ولا يستعمل إلا في الثفي!'وفستره ابن جني بقوله "هو 
فعيل من لفظ الديباج ومعناه» وذلك أن الناسَ هم الذين يشئونَ الأرضُ وبهم تحسن» وعلى أيديهم 
وبعمارتِهم تجِمُل"!"!, وهذا التفسير وإن كان مقبولا إلا أنّ فيه مبالغة» خاصة أن فيه اشتقاقا لصيغة 
المبالغة (دَبّيج) من الاسم الجامد(ديباج)» وأرجّح أن أصل هذا اللفظ بالياء لا بالجيم» أي: دَبَيَء فقد 
روي عن الفراء قوله"ما في الدار دبيج ولا دَبِي"!*) وقال الجوهري: سألت عنه في البادية جماعة 
من الأعرابء فقالوا: ما في الدار دَبِّيء قال وما زادوني على ذلك"7الذا أرجح أن الياء بدل من 
الجيم» وقد أبدلت الياء جيما في كثير من الأنماط اللغوية» وهو ما عرف في اللهجات القديمة 
بِالعَجْعجة!'''. وقد ذهب الأزهري إلى هذا الرأي » فقال"والجيم في دبيج مبدلة من الياء في دبي"!") 


.”717/5 والعوتبي الصحاريء كتاب الإبانة في اللغة العربية,»‎ "1١ انظر :ابن السكيت؛ إصلاح المنطق»‎ )١ 

؟)انظر: ابن منظورء لسان العرب» 5.01/5 -5.08. 

“)انظر : المصدر نفسه . 591//5 

4) ابن سيدهء» المخصص. 75/8/١7‏ 

5) نوح: 735 

*)انظر: ابن منظورءلسان العرب. 777/٠7‏ 

")المصدر نفسه. 77/١‏ 

) انظر: العوتبي الصحاريء كتاب الإبانة في اللغة العربية. 755/5 

1)انظر: ابن منظورءلسان العرب » 77/7 

١7٠١ انظر : عبدالتواب» رمضانء فصول في فقه العربية» مكتبة الخانجيء القاهرة» ودار الرفاعي -الرياضء د.ت؛‎ )٠ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ا" ودبي مأخوذة من الدبي» وهو المشي!") فيكون المعنى ما فيها من يدبي أي يمشيء وهذا يدل 
فى بجوم الحكدن :لذ تحايظ شدزية فى :هذا التركيب ساف نلعن 


ومن ذلك كلمة أحدء فقد جاء في كتاب سيبويه أن لفظ أحد لا يستعمل إلا في الثفي”"ا 
)4(1١‏ 


وللمة 


ويروى عن الأصمعي أنه قال "تقول العرب: ما جاءني من أحد» ولا تقول: قد جاءني من أحد 
وكلمة أحد واضحة الدلالة على عموم الجنسء فنفيها يفيد نفي الجنس كله» وقد سبق تفسير هذه 


النوع الثالث: ما دل على الإحاطة بالمنفي. 

وهذا النوع لا يكون لفظاً مفردآء بل يكون تركيبا عطفياً يتكون من معطوف ومعطوف 
عليه» يُحيط بالمنفي لينفيّه كله» فكأنَ المنفي ينحصر بين المعطوف والمعطوف عليه» وقد يكون أحد 
المتعاطقيّن دالا على القلة والآخرُْ دالا على الكثرةء وقد يكون كل منهما يمثلُ أحد طرق المنفي. 

من ذلك قولهم"ماله حائة ولا آنة"!") فالحائة: الناقة التي تحن إلى ولدهاء والآثة: الشاة: 
وقيل: هي الأمة لأنه تئن من التعب'' وهذا تعبير يدل على الفقرء إذ أحاط القائل بالمال أو المُلك» 
فنقى امتلاك الإبل أو الشياهٍ أو الإماء» وهذان يشكلان طرفين للغنى. 

ومنه قولهم"ما أجَلّني ولا أحشاني" "ا وقد شير على أن المقصود: ما أعطاني ناقة عظيمة 
ولا صغيرةٌ» على أنّ الجليلة هي الناقة العظيمة» والحاشية هي صغيرة الإبل!' ولا أميل إلى قبول 
هذا التفسير إلا على أنه تفسير سياقيء وأرى أن المعنى: ما أعطاني شيئا جليلا أي: عظيماء ولا 
قليلاء يدعم هذا أنه ورد عن العرب قولهم أيضا "ما أعطاني دقيقا ولا جليلا7'! وهذا الثفي إحاطة 
بالمنفي إذ نفى قليله وكثيرة. 


(١)انظر:‏ ابن منظورءلسان العرب ٠‏ 3557/7, ولم أعثر عليه في تهذيب اللغة. 
(١)انظر:‏ المصدر نفسه . 911١/١‏ 

(؟) انظرء سيبويهء الكتاب» 554/١‏ 

(؟)انظر: ابن منظورءلسان العرب ٠‏ 5553/7 

(5)انظر: ابن سيده. المخصصء, .,"5١‏ وابن منظورء لسان العرب» 78/١7‏ و171١,‏ 
(؟) انظر: ابن منظورء لسان العرب. .78/١”‏ 

(0) انظر: ابن السكيتء؛ إصلاح المنطق؛. 85". وابن سيده. المخصصء. .١5١‏ 

(8) انظر: ابن السكيت؛ إصلاح المنطق. 2584 وابن منظورء لسان العرب2١١/117.‏ 
(9) ابن منظورءلسان العرب, ١51/٠١‏ (دقق) 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


ومن ذلك قولهم ماله إِمدُ ولا إمّرة"' لوصف الرجل بالإعدام!'! والإمّر: الصغير من الحُمْلان؛ 
والإمّرة: الأنثىا'ء وقيل هما الصغيران من أولاد المعزء فذلك إحاطة بطرفي المنفي: المذكر 
والموفة: 

ومن ذلك قولهم؟ما له حبّضٌ ولا نض" والمعنى العام لهذا التعبير: ما به قوة!؛) وأصل الحَبّض 
أن يرمي الرجل بالسهم فيقع بين يديه لضعفه» والتَبّض أن يأخذ الوتر بإصبعيه ثم يطلقه من يدها*ا 
وهذا يدل علن. الأحائلة بالقزة لنفيها جميعيا: 

ومنه قولهم؟ اماله كُمَّ ولا ر" أي: لا يملك قليلد ولا كثيرا!' ويفسّز القدماء ذلك يقولهم: 
"الثم :ماش الناس أساقيهم وآنيتهم؛ والرم: مرمّة البيت"!" أي متاعه؛ وأرى أن الثم متاع البيت» أما 
الرُمّ فكل شيء بال لا ينتفع به» ومنه الرّمّة: الحبل البالي» والرّمّ: ما على وجه الأرض من فتات/*) 
فيكون المعنى المقصود: ماله شيء» لا ما ينتفع به ولا ما لا ينتفع به. 

ومنه قولهم: ما له صامت ولا ناطق"( فالصامت الذهب والفضتة» والناطق: الإبل والخيل 
والغنم!''! وفي ذلك إحاطة بالمال كله» إضافة إلى ما فيه من العموم في الدلالة على كل مال. 

ومن ذلك: "ما له أقدٌ ولا مريش"!''! والأقة: السهم الذي لا ريش عليه؛ والمريش الذي عليه 
لدو 1111 لفكتي الاكورلاك اأنيفا سوام مق الفا ديه كو 
وكذلك قولهم "ماله هْبَعٌ ولا رْبَ"!"" والهبّع الذي ينتج في الصيف والرُبّع الذي ينتج في 


(١)المصدر‏ نفسه. 4/؟5. 

(؟) انظر: الأزهريء تهذيب اللغةء .717/١©‏ 

(؟) ابن دريدء جمهرة اللغة.» ١/7715ءوابن‏ منظورء لسان العرب. 17/ 75-77 وه 

(:) ابن دريدء جمهرة اللغة. ١/5؟١7؟,‏ 

(5) انظر: المصدر نفسه., 5١4/١‏ 

(5) ابن منظورء لسان العرب» 81/١7‏ 

(0) الجوهريءالصحاحء. ١177/5‏ » وابن منظورء لسان العرب». 7554/١7‏ 

(8) انظر: الجوهريء الصحاح. .١9117/5‏ 

(9) ابن السكيتء» إصلاح المنطق» 587. 

)٠١(‏ المصدر نفسه. ؟578, 

.150١ الأزهريء تهذيب اللغة» 2775/7 وابن سيدهء المخصّصء؛‎ )١١( 

)1١١(‏ انظر: الجوهريء. الصحاح. 559/7. و”/8١٠٠,‏ وابن فارسء أحمد(ت 15"ه ) معجم مقاييس اللغة» تحقيق 
عبدالسلام هارون» مصرء ط5 1377١م»‏ 7/5 والفيروزآباديء القاموس المحيط؛. ."554/١‏ 

.5814 ابن السكيتء إصلاح المنطق»‎ )١( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الربيع!'' وهناك الكثير من هذه الألفاظ اكتفينا بأمثلة تدلل عليها!": 

النوع الرابع: التراكيب التي تدل على الاستمرارية. 

هناك تراكيب لغوية تدلّ على استمرارية الحدث فيهاء بمعنى أن الفعل يقعٌ من الفاعل على 
الدوام» ولا ينقطع» وهذه الاستمرارية تُعطي التركيب خاصية العمومية الزمنية التي تجعله صالحا 
للنفي» فإذا ما سبق هذا التركيب ب(ما) المصدرية الظرفية صار التركيبُ دالا على زمن مستمرء 
فإذا ما نفيت قيامك بعمل ماء ما دام هذا الزمن مستمرا كان فعلك مستحيل الوقوع. 

ومن أشهر هذه الألفاظ الظرفان (قطٌ) و(عوض) وهما ظرفان دالان على الزمان» فقط 
للزمان الماضيء وعوض للزمان المستقبلء. كلاهما يدل على زمن عامء فنفي الحدث بوساطة 
الأول» يدل عل عدم وقوعه في عموم الزمن الماضيء كأن تقول: ما رأيته قط ونفي الحدث 
بوساطة الثاني يدل على عدم وقوعه في عموم الزمن المستقبل» كأن تقول: لا افعلٌ ذلك عوض!". 

ومعنى قط من القطعء؛ فمعنى قطه: قطعهأ“ء فكأنه ظرف يدل على ما قطع من العمر 
وولى!”! ومعنى عوض: الدهرا"! وهو دال على عموم الزمن. 

ومن ذلك قولهم "لا أفعله ما وَسَقْتْ عيني الماءً» أو ما ذرقت عيني الماء"!"! فإمكانيّةُ درف 
العين للماء أمرٌ مستمرٌ لا يتوقفء وهذا يعني أن القائل لا يفعل ما نفى فعله أبدآا في طويل الزمان 
وقصيره. لأن المعنى الحرفي لهذا التعبير: لا أفعل هذا الشيء ما دامت عيني تذرف الدمع. 

ومن ذلك قولهم*لا أفعله ما أرزمت أمٌ حائتل"!" والحائل: الأنثى من أولاد الإبل ساعة 
توضتّع!"' وأرزمت: حتت إلى ولدها”''' والناقة لا تنفك ترزم إلى ولدها عند وضعه؛ ومعنى ذلك أن 
الفعل مستحيل الوقوع. 

ومنه قولهم:لا أفعله ما أنّ في السماء نجماء وما عن في السماء نجمٌّء وما أنّ في الفرات 
قطرةًء وما دعا الله داع» وما حج لله راكبْ» وما أنّ السماءَ سماءٌء ما اختلف الملوان» والقتيان 


5/5 المصدر نفسه.‎ )١( 

(؟) المصدر نفسه. 585, 

(") انظر: السامرائي» فاضلء معاني النحو. 2,١85/7‏ و1/81. 
(:) انظر: ابن منظورء لسان العرب؛. .5"80/1٠‏ 

(5) انظر: السامرائي» فاضلء معاني النحو. ؟/1/1. 

(5) انظر: ابن منظورء لسان العرب». .١97/107‏ 

()ابن سيده » المخصص. ,751/١7”‏ 

(6)ابن سيده.» المخصص. .751/١7”‏ 

(9) انظر: الفيروزآباديء القاموس المحيط. ”/075"؟. 

,751/١7 ابن سيده.المخصص.‎ )٠١( 


الألفاظ الملازمة للنفي في تراكيب اللغة العربية ( دراسة وصفية دلالية) جزاء محمد المصاروة 


والعصران والجديدان'!'! فكثها تراكيب تدلُ على استمرارية وقوعهاء ومن ثم استحالة وقوع الفعل 
الذي تتسلط عليه أداة الثفي. 

وأحيانا يحدث العكسء, إذ يكون التركيب نفسئه مستحيل الوقوع. فيُعلّقْ القائلُ فعله لأمر ما 
على وقوع معنى هذا التركيب» فتكون النتيجةٌ الحتميّة أنه لن يفعل ذلك. 

ومنه قولهم "لا أفعله حتى يؤوب المُتكل"!"» وقولهم؟ لا أفعله حتى يحِنّ الضَّبُ في أثر 
الال الصيادن 6 !' والمتكل أن فغوة :و الضعة لذا دق :إلى الماع وأنش ل يشرام :السام وكفال انه ذا 
عطش فتحَ فمه للريح فكان في ذلك ريّها“'» فالنتيجة أن القائل لا يفعل هذا الفعل أبدا. 

وفي نهاية هذا البحث نخلص إلى أن لزوم هذه الألفاظ لسياق التفي يُقصد به ضمن تراكيب 
معيّنة» وليس المقصودُ من ذلك اللفظ المفردء وأنّْ اللغويين القدماءَ قد فستروا هذه الألفاظ في الغالب 
تفسيرآ سياقياء ولم يفرقوا بين التفسير السياقي لهذه الألفاظ والتفسير المعجميء مما أوقعهم في 
الغموض أحياناء ففسروا اللفظ الواحد بأكثر من معنىء كما نخلص إلى أن السبب في لزوم هذه 
الألفاظ لسياق الثفي أنها تدلَ على القلة المطلقة» أو عموم الجنس البشري» أو الإحاطة التامة 
بالمنفي» أو الاستمرارية في الثفي» وكلُ ذلك يدل على العموم» واستخدام العام في الثفي أبلغ من 
استخدام الخاص. 


والله ولي التوفيق. 


)١(‏ انظر: ابن سيده» المخصصء. 7017/١7‏ والملوان والفتيان والعصران والجديدان: الليل والنهار. 

)١(‏ المصدر نفسه. .557/١7‏ والمنخل قيل هو القارظ العنزيء رجل من بني عنزة خرج ليجلب القرظ وهو الدباغ فهلك ولم 
يرجع. 

(") الميداني» مجمع الأمثال» .777/١‏ 

(:) انظر : المصدر نفسه. ,5١١/١‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المنية في الشعر الجاهلي 
"دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية" 
د. خليل عبد سالم الرفوع * 
تاريخ تقديم البحث: ٠٠١5/1/55‏ تاريخ القبول: ٠٠17/7/١7‏ 


مده ادر ا اشنعف قن عدج اللفنية فى لكر الحاطل “مق جمدو تيا صمحو ذا لكا 
وبينت أنها تدل على الرسول المكلف بقبض الروح البشرية» وأنها ليست الموت أو مناة الصنم الوثني المععروف» 
ولها صور استعارية فلها مشاعر الإنسان وحركته وقوته لكنها قوة تستمد انتصارها على الإنسان ‏ وبخاصة 
المحاربين الأبطال ‏ من القوة التي تبعثها فهي حتمية لا سبيل لمواجهتها أو ردها. 


ل 011 


65 10112311م2اع11 220 كعتنتصدء81 115 01 56107 4م 


عطا 1010] .ل1اء0م 27111(70ل عطا ما لعأمعوعم طاتدعل 01 أمععد0 عط ده دعكناءم1 107ناد عط 1" 
1001 غطا غ20 15 غآ 5أاء 0م 27711(70ل عطا م10 أغهطا 510175 ناعم3م عطا , 561014 طاتدعل 01 5ع12228 كناملكهة؟؟ 
اطع ,األعطاء 27207 عد5مط7 عاعصذ طأدءآ[ عطا اناا 15ناهد 5 مقتصطتط دعتتتامدء مط 21 سل 01 
.5 67 ع1طدع70ع11 ممه ع1ط12لاعم1 عه 17111 مه 


حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة. الكركء الأردن. 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


١‏ - دلالتها وحتميتها: 
أ. المنية والموت: 

من القضايا الوجودية التي وقف عندها الشعراء الجاهليون متأملين ومحاورين الموت بكل 
ما يبعث من تأزم روحي وقلق نفسيء فثمة عالمان متناقضان يفصل بينهما تلك اللحظة الفارقة 
بين الواقع الذي ينتهي بمأساة الموتء والعالم الآخر الذي غابت تفاصيله عن التصور الذهني 
للشاعر الجاهليء والمنية شكلت في الشعر الجاهلي دلالة شديدة الارتباط بالموت بإيحائته العامة 
لكنها لم تكن إياه بل انمازت عنه إلى درجة الاستقلال وإن ظنّ غير ذلك» فهما إذا جاز التصوير 
فكرتان متكاملتان ضمن دائرة واحدة يفصل بينهما رسيس شعريٌ بسيط» فالموت يعني الهمود 
وانقطاع الحركة وكل ما سكن فقد مات(". وأما الدلالة اللغوية للمنية فهي لا تقر على معنى 
واحدء ومنها القدر والموت والحدث وقدر الموت والقصدا"؛ فالموت ليس هو المنية وإنما هو 
من الألفاظ المعادلة لها ومن تلك الألفاظ أيضاً: الهلاك؛ القتل» الحتف:الحيفء القؤدء الحمّام 
الخالج» التحوّلء الزوالء الهمْيّخ, السأم» الفتك» الإقعاصءالإقصارء الذبح!". 

وافي الشعق: الجافلق عه الذي يمثل مضدرا :رسيا للقة حساقفنة إثنازاك تكتنقب عن النباين 
الحقيقي وظيفياً ودلالياً بينهماء ومن ذلك قول أمية بن أبي الصلت““): 
إذَا ما الموت عسكر بالمنايا وزايلت المُهندة الجفوتا 

فالموت يعسكر بالمناياء كما يعسكرٌُ القائك بالجيش فهو قوة مطلقة تتعشل في القيادة 
والتوجيه» وأما المنايا فهي جند الموت وأداته لتحقيق النصرء. وجاءت المنايا جمعا لتأكيد 
مهمتها وأنها الوسيلة العملية الفعلية الوحيدة للنصر الذي سيكون سبيله قبض أرواح الأعداء 
(البشر)ء ويقول المستوغر بن ربيعة/": 


)١(‏ ابن منظور » محمد بن مكرم ابن منظور » (ت١1١/اه‏ ١١13م).,‏ لسان العربء دار صادر للطباعة والنشر ودار بيروت 
للطباعة والنشرء بيروت» 1578١م»‏ موت. وانظر: الفيروزآبادي » محمد بن يعقوب الفيروز آبادي(ت117/هه!: ١م)‏ 
القاموس المحيط . دار الجيلء بيروت . مصطفى »٠‏ إبراهيم» المعجم الوسيط. مجمع اللغة العربية بالقاهرة» مطابع دار 
المعارف؛ مصرء 1377١م:‏ ط5. ابن سيده » أبو الحسن علي بن إسماعيل المعروف بابن سيدهء (ت58 5ه ©586١٠١م)ء‏ 
المخصص. . المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق» مصرء 1١117هء‏ 15 1717, 

(؟) ابن منظورء اللسان , الفيروزآبادي ٠‏ القاموس المحيط . مصطفى ٠.‏ إبراهيم؛ المعجم الوسيط » مني. 

(؟) انظر: عوضء خيري صابرء الفارس والموت في الشعر الجاهلي . رسالة ماجستيرء جامعة اليرموك؛: 9517١م؛‏ صه - 
06, 

(:) الحديثي ٠‏ عبد الغفور » أمية بن أبي الصلت حياته وشعره » دراسة وتحقيق » ط”ء ص 755 . زايلت: فارقت. 

(5) المعيني» عبد الحميد محمودء شعر بني تميم في العصر الجاهلي. جمع وتحقيق » منشورات نادي القصيمء السعودية» 
امء ص58 . والمستوغر هو: عمرو بن كعب من تميم شاعر جاهلي قديم» كان أحد فرسان العرب؛ وهو من 
المعمرين» كنيته أبو بيهس مات في صدر الإسلام .انظر :المرجع السابق»ء ص؛ ؛. عبد الرحمن » عفيف » معجم الشعراء 
من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأمويء دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع؛ بيروت؛: 91935١م؛‏ ص55 7. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


كاك اله لبن القدواة سوى الموت المُنَطّق بالمنايا 
وذ أن فصبور "بتو ايقئة طهر بالنعانا + فين دلاثة نتف عن أنها امسا رمميور قوع فانمنا 
يحل تكون بين يديه فهي ليست إياه بل هي أداته التي يستعين بها لتخليص الإنسان من تلك 
الروح الكامنة فيه التي يعدُ لها الموت جيوشا من المنايا منتطقا بهاء فهي التي تسبقه في الإجهاز 
عليهاء وقبضها من بعد ذلك فهي وظيفتها المنوطة بها. 
والمنية غير الحتوف عند أبي ذؤيب الهذلي!": 
منايا يَُربّنَ الحتوف لأهلهًا جَهَاراً ويستمْتعْنَ بالأنس الجُبل 
فالمنايا تسبق الحتوف لمن حُكم عليه بالموت» فهي تأتي قبله وتقرب موعده.ء وقد 
القفحت: أبن بزئ إلى هذه الدلالة فقال بعد ذكنه البيث " فجعل: المتايا قفرب المنوت وم 
يجعلها الموت"٠"".‏ وهي ليست الأجل (وهو الزمن الذي أوقت فيه الموت) فهي تنطلق قبله 
يقول الشماخأ": 
ألايا أصبِحَاني قبل غارة سنجال 22 وقبل منايا باكرات وآجَال 
وكزيقة امن هذا السمفى قزل الأعتتى مدنا ياس إن اقيض لتاقي كان 
إذاما سار نخو بلاد قوم أَزَارَهُمْ المنيّة والحمامًا 
فالنف اتزون أعذاه إناءس :رالا كيل الوك هرد رفي رز ابن أن النطي في لفك 
الجاهلل تطلق ,كلق :القوة القادز#“علن إخدات الفنوت» أ التكلفة يقيطن الو عه وكرييه من هده 
الدلالة قول فضل بن عمار العماري "إن المنية تأتي لتجهز على الأمنية التي تدفع بالمرء إلى 
مواصلة الحياة'!”» وفي الفكر الإسلامي ثمة ملك الموت المكلف بذات المهمة» وفي ذلك 
متارية اتصبوووية للنجايا الت تقزم يحهسة كليم 
ب. المنية ومناة: 
إن اضطراب مفهوم المنية عند المعجميين وعدم استقراء سياقاته في الشعر الجاهلي 
أذق إلى امكتنتاجات"تنظرية "عند بعضن. البانشين :في الأساظين الذين أزهلو] فني التيحناس 


(١)السكري ٠»‏ أبي سعيدالحسن بن الحسين السكري . (715“ه 188م) شرح أشعار الهذليين»: تحقيق عبد الستار أحمد فراج» 
راجعه محمود محمد شاكرء مكتبة دار العروبة» القاهرة» ١75 :١‏ . الأنس: الأمة من الناس. الجبل: الكثير. 

(:)الشماخ 2( الشماخ بن ضرار الذبياني(57"ه) 1 .الديوان» تحفيق صلاح الدين الهادي» دار المعارف» القاهرة, ام 
ص"5ه ؛ , 

(4؛)الأعشى 2( ميمون بن قيس (تلاه) : الديوان 2( تحقيق محمد حسين» مكتبة الآداب» مصرء» ام ص935١.,‏ 

(5) العماري . فضل بن عمارء المنية والأمنية: فكرة الموت في الشعر الجاهلي . مجلة جامعة الملك سعودء المجلد 
السادسء الآداب (١):19915م»‏ ص؛ . 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


الشكلي مع أساطير الشعوب الأخرى ومجمل رأيهم يدور حول فكرة تخيلية مضمونها أن 
ثمة علاقة بين المنية ومناة الصنم المعروف التي هي نفس مامناتوا البابلية " لأن الدهر والقدر 
في تسيو العرب والشعراء رجل لا امرأة أما مناة فهي بنت الإله عند العرب :قال تعاك؛ 
(ألكم الذكر وله الأنثى) كما كانت بنت الإله عند البابليين» وقد ملت الموت عد ' جوت كنا 
كانت تمثل الموت والقدر أيضا عند البابليين وقد قالوا في خطاب هم إلى مامناتوا:يا 
إلهة القدر والموتء ويا أيها الروح المخيف وملك الموت"7"". ويبدو أن بعض اشت قاقات 
الكلمة قد سوّغت لهم ذلك فمنها المنون بمعنى الدهرء والمنون أيضا المنية والمنية يراد بها 
المورك وكذللة من متعاتييا قدا 
ويذكر سبتينو موسكاتي أن مناة كانت من آلهة النبط أيضا ويسمونها (منوتو) وكانت 
معروفة لدى أهل تدمرء يسمونها (منوت) ويدخل اسمها في كثير من الأعلام اللحيانية 
والثمودية!". 
والحق أن النظرة الثاقبة في دلالة اللفظة تؤكد وجود تشابه في دلالة الك يي 
الشعر الجاهلي وإحدى دلالات مامناتوا البابلية التي تعني ملك الموت كما كانت تَخَاطّبْ أحيانا 
وهذا يعني بالضرورة أن الدلالة تسربت إلى العربية من البابلية أو من العربية القديمة في 
شمال شبه الجزيرة العربية ولكنها في الوقت نفسه لا تعني الآلهة البابلية أو مناة الواردة في 
الثالوث الصنمي المذكورة في القرآن الكريمء فقد قر معناها حسب الشعر الجاهلي على 
دلالة وزاجدة هي :ملك «الموتء «زليين' الفوت: أو 'الآلية '(مناة) النذقورء فى قوله عاتن ؟ أفرأيكم 
الات والشرئ ومئاة الثالثة الأخرذى ألكه الذكر ول الأنكى". وادرآي اغالب ينين أل 
الأخبار”: أن مناة كانت على ساحل البحر من ناحية المُشلل بقُديد وقديد موضع قرب مكة: 


)١(‏ خان » محمد عبد المعين ٠»‏ الأساطير والخرافات عند العرب»ء ص .١578‏ وانظرء عليء جواد ٠‏ المفصل في تاريخ العرب 
قبل الإسلام» دار العلم للملايين» بيروتء مكتبة النهضة:؛ بغدادء ط”. 918١م‏ 15 ,75٠‏ 

؟)النعيمي» أحمد إسماعيل ٠»‏ الأسطورة في الشعر العربي قبل الإسلام » سينا للنشرء القاهرة» 555١م‏ . ط١اء‏ ص0١15١.‏ 

“")موسكاتي ٠»‏ سبتينو؛ الحضارات السامية القديمة » ترجمة د. السيد يعقوب بكرء دار الكاتب العربي » القاهرة» ص59؟. 

:) سورة النجم. آية .١9‏ 

5) انظر: الكلبي » هشام بن محمد السائب الكلبي (ت5١7٠ه‏ 5١١م)‏ » الأصنام » تحقيق: أحمد زكي » نسخة مصورة عن 
طبعة دار الكتب سنة 175١م‏ » الدار القومية للطباعة والنشر » القاهرة» 5١9١م؛»‏ ص١‏ . ابن هشام »أبو محمد عبد 
الملك بن هشام (ت”١١ه‏ 8١1م)‏ ء السيرة النبوية » تحقيق : مصطفى السقاء إبراهيم الإبياري» عبد الحفيظ شك لبي » 
دار إحياء ادك العربيء بيروتء ط؟. ١91١م :١‏ 4817, 88 . ابن كثيرء عماد الدين أبي الفداء إسماعيل(ت؟/الاه 
"7١‏ لم)ء تفسير القرآن العظيم » دار مكتبة الهلال» بيروت؛: 985١م‏ 5: 73١5‏ . الفيروزآبادي » محمد بن يعقوب 
الفيروز آبادي(ت !11 هه ١غ‏ ١م)‏ » تنوير المقباس من تفسير ابن عباس , دار الكتب العلمية» بيروت . ص56 : . 
العمادي ٠‏ أبو السعود محمد بن محمد (ت3/7ه 1575١م)‏ » تفسير أبي السعود . دار إحياء التراث العربي» بيروت » 
٠58 7‏ . عليء جواد . المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام» 5: 7545. 


! 
! 
! 
! 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


والمشلل جبل يُهْبَطُ منه إلى قدّيد من ناحية البحرء وكانت هذيل خزَاعَة وقيل الأوسُ والخزرجٌ 
وتَقيِف يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة وقيل إن العرب كانت جميعا تعظمها وتذبح 
حولها » وأما شكلها فقيل إنها صخرة مْمَيّت بذلك لأن دماء النسائك كانت تمتى عندهاء أي 
ل : إنه صنم على هيأة ومثال» وقد نحت من حجارة وجعله بعض الرواة في الكعبة 
مع بقية الأصنام؛ فكان مكانها مقّساً وقد خصُصٌ بإله ينشرٌ السحب ويرسل الرياح فتأتي 
بالأمطار لتغيث الناس وإن لهذا الآلهة صلة بالبحر وبالماء ولذلك يم معبذه على ساحل البحر 
والصورة التي كانت في مخيلة عبدة مناة عنه هي أنها تمثله إلها كريماً يُسْعدُ عباده ويساعدهم 
في المكاره والمُلمّات ويعطيهم ما يحتاجون إليه!". 

وف كبو هنا سيق أقئة 'المااكطات القالية: 

أوالا: إخ الدلالة اللغوية للمنية تتباين مع دلالة مناة» فالمنية من منى - يمني منياً ‏ أي 
قدّر والماني هو: المقدرٌ ومنه قول الشاعر: 

ولا تقوآن لشيء سوف أفعلَّه حتى ثلاقيّ ما يمني لك الماني!") 

وسمّيت مناة بهذا الاسم لما يُراق عندها من الدماء» فهم يُريقون الدماء عندها لتهبهم 
الغيث الذي فيه حياتهم؛ فارتباطها بالحياة أكثر من ارتباطها بالموت!. 

ثانياً: إن بعض القبائل العربية عبدت مناة ومنها هذيل بيد أننا لم نجد أي إشارة في 
شعر الجاهليين - ومنهم شعراء هذيل وهي القبيلة الوحيدة التي وصلنا شعرها مجموعاً في 
ذيواق:تشين إلى 'أن المنية آلية خلى: الراعم من كثزة شعناء .هذيل يخاضة:.والشعراء السذين 
ذكروا المنية أشاروا إلى دلالات لا علاقة لها بمناة. 
ثالثا: إن الباحثين الذين درسوا هذه المسألة في ضوء الأساطيرا' لم يستشهدوا ببييت شعري 


(١)عليء‏ جواد » المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام,» 1:5 17557ل7ا75. 

)١(‏ ابن منظور » اللسان » مني . والبيت لأبي قلابة الطابخي » انظر :ديوان الهذليين» نسخة مصورة عن طبعة دار 
الكتب.الدار القومية للطباعة والنشرء القاهرة.375١م»7:‏ 559.ورواية ديوان الهذليين :حتى تبيّن ما يمنى لك الماني. أبو 
قلابة الطابخي: هو عويمر بن عمرو وقيل الحارث بن صعصعة شاعر قديم من هذيلء» وهو عم الشاعر المتنخل. انظر: 
المرزباني» أبو عبدالله محمد بن عمران (ت7854ه)ء: معجم الشعراءء تحقيق عبد الستار أحمد فراج. ص76. عبد 
الرحمن ٠‏ معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأموي. ص .5١7‏ ويذكر ساعدة بن جؤية أن الماني 
هو الدهر في قوله: 

ولو سامني الماني مكان حياته أناعيمَ دهر من عباد وجامل 
ديوان الهذليين»7: 7١6‏ .الجامل:القطيع من الإبل.وانظر :العماري ٠»‏ المنية والأمنية: فكرة الموت في الشعر 
الجاهلي.ص؟7١.‏ 
(') انظرمثلا: علي ٠‏ جواد » المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام.الأساطير والخرافات عند العرب. النعيمي ٠‏ الأسطورة 
في الشعر العربي قبل الإسلام. عبدالرحمن » نصرت »٠‏ الواقع والأسطورة في شعر أبي ذؤيب الهذلي الجاهلي » دار 
الفكر للنشر والتوزيعء عَمَّانء 145١م‏ 


ل 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


واحد يؤكد رأيهم الذي ذهبوا إليه وهو أن المنية آلهة الموت؛ ولا يوجد وثيقة تسند رأيهم ولا 
يكفي إسقاط خطاب البابليين لآلهتهم على الفكر العربي قبل الإسلام بكل مظاهره الحضارية 
والاعتقادية فانتشار الأساطير يكون في طور بدائي لشعب من الشعوب ولم يكن العرب 
يعيشون في ذلك الطورء وتسرّب بعض المعتقدات إليهم لا يعني إيمانهُم بها وكأنهم أمة 
منسوخة عن غيرها . 
رابعاً: إن الفرق الجوهري بين مناة والمنية هو أن الآلهة (مناة) معتقد ديني أو هو تمثال 
منصوب في المعبد وأما المنية فهي فكرة شعرية متخيلة من أبداع الشعر الجاهليء ولا 
نستغرب أن أغلب صور المنية جاءت في سياقات استعارية» ولم ترد ضمن وصف موضوعي 
إنشائي كما في وصف المحسوسات الواقعية المختلفة . واستكمالا لذلك فإن أي مقاربة بين 
فكرتين متباينتين غير متقاطعتين لا تستند على نصوص واضحة لا يُعَوّلَ عليهما ولا تنهض 
دليلا قوياً يُطْمَأنُ إليه فرأي الأستاذ الدكتور نصرت عبد الرحمن لا يستند إلى أدلة تدعمه في 
قوله؟ إنه لا يستبعد العلاقة بين المنية عند أبي ذؤيب ومناة الصنم "٠"‏ وقد أسس هذه العلاقة 
على قوله " بأن هذيلا كانت تعبد مناة الصنم وأن بعض الدارسين جعلوها ربة الموت "1" 
وقوله أيضا: "إن العرب كغيرهم من الوثنيين يعتقدون بوجود أحد الأرباب يسبب الموت 
فالبابليون مثلا كانوا يعتقدون بوجود عالم للأموات تمتلكه ربَّة غليظة اسمها (إرشكيجال 
لهعكاآطوء:] ) ولها وزير اسمه (نمتار 71312431 ) ورهط من العفاريت الذين لا يعرفون 
الطعام والشرابء ولا يأكلون الدقيق البسيس ولا يشربون ماء القرابين يأخذون الزوجة من 
حضن زوجهاء ويخطفون الرضيع من ثدي أم". ولا يوجد أي نص يؤكد أن مناة 
(الصخرة) كانت ربة الموت» وتسرب الاسم من البابليين لا يعني أنها آلهة الموت والمنية: 
وبخاصة أن اسمها ارتبط باستمطار الأنواء عندها تبركا بها» وهي في الأصل سميت مناة 
ثرة ما يمنى عندها من دماء النسائك وليس لما تحدث من موت ودمارء والمعلوم أنها كغيرها 
من الأوثان كانت وسيلة يتقربون بها إلى الله زلفى كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك. وعاى 
الرغم من تنوع أصول الشعراء الجاهليين والإسلاميين الذين تناولوا المنية واختلاف أماكنهم 
وتباعدها إلا إنهم صمتوا عن مُرسلها وباعثهاء وإن كنت لا أستبعد أن سبب صمتهم مرجعه 
أن تلك القوة التي تتحكم بالمنية وتأمرها هو الله الذي يؤمنون بأنه خالق السموات والأرض 


.١78ص المرجع السابق »ء‎ )١( 
.١78ص (؟) المرجع السابق»ء‎ 
. ١7ص المرجع السابق »ء‎ )*( 


١١ ؟‎ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الذي هو أعظم من اللات والعزى ومنة الثالثة الأخرىء وهذا كان إيمان أكثرهم في 
الجاهلية وثنيين وغير وثنيين. 
خامساً: إن دلالة المنية استمرت بعد الإسلام كما كانت عليه في الجاهلية؛ فلو أنها كانت 


تعني مناة أو أي آلهة لوجدنا نهيآ في القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف أو من 
الصحابة من بعد عن استخدامها لأن المنية كانت ظاهرة شائعة في الشعر الذي يعبر عن 
وجدان الأمة وفكرها ومعتقدهاء فالدلالة هي نفسها لم يعتورها أي حلحلة عما قرت عليه 
حتى عند شعراء هذيل القبيلة التي ذكر أنها كانت تعبد مناة في جاهليتها ومعبدها قريب 
منهاء يقول يربوع بن غيظ ابن مرة وهو إسلامي!': 
لتخذى العنايا. ديك شا بت افيا مُحلَلَةَ بعد الفتى ابن عَقَيْل 
ج. حتميتها : 
لقد شغلت فكرة الموت عقل الشاعر الجاهلي وتأملها تأملاً فلسفياً واقعياً من حيث أنها 
واقع حتميء ونهاية منطقية» وكان وقوفه عندها وقوفا وصفيا لحقيقة ماثلة أمامه بكل ما 
تحمل من مأساة وانقطاع وتوقف تستغرقها دهشة استغرابية لواقعيتها وللسرعة في الفقد. كما 
أنه لين تاملا فينما معد المويك 2ن «القضيعة السناكة تخسن نا ون اهام ل ل ل 1 
وعرفت أنّ منيّتي إن تأتني 09 الا يُنْجني منها الفرارُ الأمترغ 
زلكل مقا مدية تستظرة فإن,حاعت لا يستظيم الإنشان دفعها أل الفران نهاء ويقرن عمرة 
بن كلثوم فلسفة واقعية في قوله!": 
وإنا سوف تدركُنًا المنايا مُقدرة لنا ومقتريتا 
فالمنية تأتي في وقت محدد لا منجاة منها ومنه وهي أيضا مقدرة من قوة أقوى منه 
ومتحكمة بها وبالقدر معاء وهي لا تأتي سراً بل جهاراً وعلانية لا تخشى قوة تصدهاء يقول 
متاعدة بزع العف كا 


(١)السكري‏ . شرح أشعار الهذليين» 5٠١:١‏ 
(١)عنترة.‏ عنترة بن شداد العبسي (ت5ادم) » شرح الديوان ؛ تحقيق محمد سعيد مولوي» المككتب الإسلامي. بيروت» 


8 ١مء‏ الطبعة الثانية» ص5554. 


(")عمرو بن كلثوم» عمرو بن كلثوم التغلبي» شرح الديوان » شرح وتحقيق: رحاب عكاوي» دار الفكر العربي» ام 


ص"5. وانظر: عبيد ابن الأبرص » عبيد ابن الأبرص بن عوف بن جشم الأسدي (ت١٠6م)‏ » الديوان» تحقيق: حسين 
نصارء مطبعة مصسطفى الحلبي وأولاده. القاهرة, /11 ام ص١1‏ , 


(:) السكري ٠‏ شرح أشعار الهذليين» .١:777‏ جراهية: تعني علانية وجهاراً»وجره الأمر: أعلنه. وساعدة بن العجلان هو: 


أحد بني خثيم بن عمرو بن سعد بن هذيل» عاش في الجاهلية والإسلام. انظر:عبد الرحمن ٠‏ معجم الشعراء من العصر 
الجاهلي حتى نهاية العصر الأمويء ص١١١.‏ 


١١1 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


فلولا ذاك آجتك النتيا جراهية وما عنها مَحِيِد 
وقوتها تظهر في قدرها وغلبتهاء وهذا ما يدعو أبا خراش الهذلي إلى القسم بأن المنايا 
غالبة على قوة أي إنسان ولو كان في حرز مكينء يقول!"ا: 


لعَمْركَ والمنايا غالبات على الإنسان تتام 
ومهما حاول الإنسان إبعاد المنية فليس ذلك بمتحقق» يقول قيس بن الخطيم!"ا: 
فقل للمُتقي عرض المنايا توق وليسَ ينفَعُكَ اتقاُ 
ولا يمكن أن تدقع بالولد أو بالمال لأنهما قوتان أضعف من صاحبهماء فهي لا تبحث عن 
2 


سلب أي شيء غير الروح؛ يقول ساعدة بن جؤية 
وما يُغْني امْرأ ولَدْ أُجَمّت مَتيّتّهولامال كيل 
وأقنازائ ذوؤيب:اليذلي إلى يحتمية المتية مهنا :اول الإنسان :الأب" اتقاءها وتنفعها عن 
بنيه» يقول/4ا: 
ولقذ حرصت بأن أدافع عَنْهمْ فإدًا المفيّة أفبَلّت لا تدقع 
وقد عبرصخر الغي عن فكرة أبي ذؤيب وهو يرثي ابنه تليدا مكرساً استحالة نفع التمائم 
في لحظة غلبة المنايا وسوقها لهء يقول/"ا: 


لغمر كز شان #اليسنات وها كفني 'القدينات الحماننا 
لقد أجرى لمصرعه تلية وناففته لصفي مين لذانا 
إلى جدث بجنب الجَوّ راس كبام موه 


ولزن سل ينها عق الفلتقة لما :ومن املد ليم سوا لارق ل بحريقة رن نيد لفيا : 


)١(‏ ديوان الهذليين» .17١ :7 ٠‏ وأبو خراش: هو: خويلد بن مرة من هذيل كان فارسا جاهليا أسلم وحسن إسلامهء انظر: 
عبد الرحمن » معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأموي» ص37. 

(؟)قيس بن الخطيم » قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي(ت١17م)‏ »الديوان: تحقيق : ناصر الدين الأسدء دار صادرء بيروت» 
ص97١,‏ 

(؟) السكري ٠‏ شرح أشعار الهذليين» ': 58 .,١١‏ 

(:)أبو ذؤيب الهذلي ٠‏ خويلد بن خالد الهذلي » الديوان » شرحه وقدم له: سوهام المصريء المكتب الإسلاميء بيروت» 
4مء. ص"43 ١‏ .ويقول صخر الغي في رثاء أخيه مؤكدا المعنى نفسه: 

أخي لا أخا لي بعده سبقت به منيته جمع الرقى والطبائب 

انظر :ديوان الهذليين:١‏ :57 .والطبائب : جمع طبيبة.أوهم: الأطباء. 

(5) المرجع السابق . ” :57 . أذاما: من أشهر أودية مكة.الجو:مكان .راس :مقيم ثابت. 

(1)أبوتمام » حبيب بن أوس الطائي(ت١7ه1515١م)‏ » الحماسة » تحقيق:عبدالله بن عبد الرحيم عسيلانء إدارة الثقافة 
والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية» السعودية» ١38١م‏ 1:407. وحريث بن زيد الخيل: شاعر عاش في 
الجاهلية والإسلام وصحب الرسول عليه السلام» انظر: عبد الحمن » عفيف », معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى 
نهاية العصر الأموي. ص5"97. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


فلا تجزعي يا أمَ أوس فإنه تَصيْبُ المنايا كل حاف وذي نعل 
حتى الملوك فهم كذلك ستدركهم ويصيبهم كيدهاء يقول متمم بن نوير:!'!: 
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا 2 أصاب المنايا رهط كمئرى وتبّعا 
ويعبر الشعر الجاهلي عن حتميتها الغالبة كونها ترافق الإنسان منتظرة لحظة الانقضاض 
كما يقول أبو قلابة الطابخي/": 
لا تأمَتنّ ولو أُصببَحت في حرم إن المنايا بِجَنَبي كل إنسسّان 
فالئقة قن بحسي تكو انها ساة لخن حنها رلانزدها لقره إل أ عله اقفن 
مهمتهاء إنها القوة المطلقة التي تجلب الموت أينما وجدت» وإرسالها يكون من قوة أعظم 
منها لعلها قوة المعبود الذي يقدر قدرها ويأمرها بتخليص جسد العابد من الروء. فقوتها 
الغالبة تأخذ من مرسلها حتميتها القاهرة. 


؟. دائرة الحرب: 
أ. المواجهة: 

من السياقات الموضوعية التي وردت فيها المنية الحربُ؛ فهو ميدانها وفهه يكون 
خصومها الأبطال الأشداء الذين يفتكون بأعدائهم» وحينئذ تتربص بهم الدوائر وتقبض 
أرواحهم؛ تقول الخنساء في رثاء أخيها!": 

فشن المنايا إذ أصابك رَيْبْهَا لتَغدُو على الفتيّان بِعْدكَ أو تسْري 

ووشفا اليف اماق :عن تكرفيى: إزرلتهنة لاف الإقيارة رلى :أز وينيه النكاا امات لها 
الشاعرة أي أن المنايا لم تواجهه مباشرة بل أصابته بريبها دون أن تدخل معه في صراع: 
وثانيهما: أن المنايا تعد نفسها لمواجهة الفتيان الآخرين فتغدو إليهم أو تسري وكأن دونهم ‏ 
من قوتهم خا أهو ال ينيد أن أخاها أخذ على حين غرة دون استعداد لها» وهنا يكمن الدور 
الوظيفي للمنية وهو الاستعداد الدائم والحركة الدائبة لمواجهة أولتك الرجال . 

ويذكر بشر بن أبي خازم الأسدي أنه يخشى قدوم المنايا قبل أن يلاقي قبيلة كعب أو 


(١)المفضل‏ الضبي ؛ المفضل بن محمد بن يعلى (ت178ه 715م) المفضليات؛ » تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر 
وعبدالسلام محمد هارونء دار المعارف؛ مصرء 3315١م:‏ 51 .ومتمم بن نويرة : شاعر مخضرم كان أعور أسلم 
واستفرغ شعره في مراثي أخيه مالكء انظر: عبد الحمن » عفيف : معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر 
الأموي. ص7717. 

,7١ شرح أشعار الهذليين» ؟:‎ )١( 

(")الخنساء» تماضر بنت عمرو(ت: 7ه) ء الديوان » شرح ثعلب ٠»‏ تحقيق: أنور أبو سويلم » دار عمارء عمّانء 984١م»‏ 


هَل 11 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


كلاب يقول!'': 
فَعَنَ علي أن عَجل المنايا ولَمّا ألق كعبَاً أو كلاب 
ويعلن عروة بن الورد مواجهة حربية مع المنية أثناء تطوافه في البلاد بحثا عن الغنى 
وفي لقاء المنية تنكشف الفروسية المحمودة في نفسه بلا جزع. وهنا يقر مبداأً المواجهة وأن 
كلفه ذلك الموت بسهم المنية القاتل» فهو أمام خيارين: الموت المبعوث على سهم المنية ل يُعلمَ 
أنه لا يميل عن مواجهتها ولا يوليها دبره» وحسبه موت عزيز يغيظ المرجفين من أولئك 
الأغنياء الذين يمنون عليه وعلى أهل بيته بالمال» والآخر: أن يفوز هو على المنية ويخلص 
نفسه وأهله من ذل السؤال والجلوس خلف البيوت يسألون الناس إلحافاًء ونتيجة كلا الحالتين أو 
الحسنيين عزة نفس وخلود ذكرى وحياة» يقول مخاطبا زوجها"ا: 
ذريني أطوف في البلاد عستي أخليك أو أغنيك عَن ملواء مَحَضَرِي 
فإنن فَانّ سَهْمٌ للمفيّة لَمْ أكان << جزوعاً وهل عَن ذاك من مُتأخري 
وإن فَازَ سَهمي كَفَكُمْ عن مقاعد 0 لكُمْ خلْف أَدَبَارالبّبُوت ومَنظّر 
فذالك إن يلق المنيّة يلقهًا حميدا وإن يستغن يَوْمَا فأجدر 
ويفخر المفضل النكري بقومه الذين استطاعوا أن يدفعوا عنهم المنية فتدافعت» 
فالصراع معها هو صراع مع قوة خارقة لا تتزحزح وأن تراجعت فهو إلى حين لأنها الغالبة؛ 
يقول!": 
وهم دقَمُوا المنية فاست قلت دراكَاً بعْدَ ما كاتت تحيق 
وذ كان الامفضل الكوى :يقلن إلى موالجية قرس اللمية زنقوضها أمامهم فإن:طرفة ين 
العبد يبادرها بقوته الفردية التي قد يُراد بها القوة المادية (السلاح) أو القوة المطلقة من نبل 
وكرم وفروسية وهنا يتجلَّى التحدي لقوة مطلقة أيضاء فهي منيته الموكلة به: يقول 


(١)بشر‏ بن أبي خازم » بشر بن أبي خازم الأسدي(ت518ه) ء الديوان » تحقيق:عزة حسن »٠‏ وزارة الثقافة. دمشقء» 
لم ص8 7. 

(١)عروة‏ بن الورد » عروة بن الورد العبسي (ت.ق.ه) » الديوان » تحقيق : عبد المعين الملوحي » مطبوعات مديرية 
إحياء التراث القديم» دمشق» ص517"/. 

(1]0 الأمسعي »أو سعد عبد الملقتين أويب ث١‏ كح )+ الأضمعياتاتطيق وشرع: أحمد محمد تاكن وإفدد 
السلام محمد هارونء دار المعارف؛ مصرء طلاء 5137١م»‏ ص ١٠٠7.المفضل‏ النكريء هو مفضل بن أسحم شاعر جاهلي 
مغمور وقد اختلف في اسمه؛ وسمي المفضل لقصيدة مطلعها: 

ألم تر أن جيرتنا استقلوا فنيتنا ونيتهم فريق 

انظر :عبد الرحمن ٠‏ معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأمويء ص59 7. 


١١5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


طرافة وة(١).‏ 
إن كنت لا تسطيعٌ دفعَ منيتي فذرني أبادرنها بما ملكت يدي 
وفي لحظات النشوة الحربية تنداح الصورة في جو السماء» فيشعر الأبطال حينكذ بأنهم 
يهبطون على المنايا في تبادل متخيل للوظيفة المنوطة بكل منهما ومن يهبط من عل يكون 
الأقدر على التحكم بالآخرءيقول قيس بن الخطيد!"ا: 
فنحن النازلون على المنايا 2 ونحن الآخذون بكل قغر 
وساحة المعركة هي المكان الضيق الذي تجر فيه المنية أذيالها مسرورة لكثرة ما تقبض 
من أرواح ولمناجزتها أخا الخنساء الذي يحاربها ويحارب أعداءه معاء يطاعنها فتهرب منه 
مولية ولحظتئذ يطعنها في ظهورهاء فر فيجري الدم غزيرا على أعجازها وأعقابهاء تقول!": 


ب ترك ييا سيق مجر المنية أذيّلها 
عاعتنيا فإذا السرت ت بللت من الدم أكفالهًا 


والصراع ليس متخيلا وحسب بل هو ملموس يُرىء ففعل المنايا حينما تفتك بالأبطال يكون 
ضعقاً من العذاب وفيه ضروب من القسوة؛ فهنَ أولاً لا يخترنَ من الناس إلا الرجال الأشداء 
ويتركن الأخساء الجبناء» ثم يستهمن عليهم؛ فلكل منها نصيب ثم يبدأنَ بالفتك بالجسم لحما 
ودماء يقول المثقب العبدي/“!: 


ححا كادينا شناة يدها كافك يف كدى الحدت 
سس ع 
من منيا يتخاسَين به يبتدرن الزول من لحم ودم 


ب. أسبابها: 
للمنية أسباب تسببها وأحداث تحدثها كي تلقي الإنسان وتقبض روحه فزهير بن أبي 
سلمى يضيف الأسباب للمنية؛ لأنها هي المتحكمة بها فلا مهرب منهاء يقول!"ا: 


(١)طرفة‏ بن العبد» طرفة بن العبد بن سفيان البكري (ت255م) » الديوان بشرح الأعلم الشنتمري» تحقيق: درية الخطيب 
ولطفي الصقالء؛ مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق. 115١م»‏ ص؟”7. 

(؟)قيس بن الخطيم ٠‏ الديوان » ص187١.‏ 

(")الخنساء . الديوان » ص2.57 17. 

(4؟)المثقب العبديء, عائذ الله بن محصن بن ثعلبة (ت.ق.ه) الديوان » تحقيق وشرح وتعليق: حسن كامل الصيرافي» معهد 
المخطوطات العربية» جامعة الدول العربية مصرء ١97١م‏ ص 077١‏ 777. شأس: هو شأس بن نهار ابن أخت 
المثقب. وخالد: هو ابن أنمار بن الحارث. حاقت: حلت . يتخاسين: يقتسمن. الزول: الشجاع. 

(5)زهير بن أبي سلمى » زهير بن أبي سلمى المزني (ت7١1م)‏ » شرح الديوان صنعة ثعلب». نسخة مصورة عن طبعة دار 
الكتب سنة 1545١مء‏ الدار القومية للطباعة والنشر 41755١مء‏ القاهرةء؛ ص٠”.‏ 


١١ا/‎ 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


رقن مات المكايا جلك ولؤادال اكاب الا تلم 
وتحقق المنية فعلها بوساطة دليل يسيح خلال الناس ليهدي المنايا إإلى مرادها ويسهل 
طريقهاء يقول لكان 


أذ اموت حد كي تسيا واإنما ,افك نايا الداين يس :نيا 
والمنايا لها أعين ترى بها أثناء بحثها عن الإنسان ولها رسول يُعَبّدُ لها السبيل كي تصل 
إلى بغيتهاء يقول أبو ذؤيب!": 
يقولون لئ لَوْ كان بالرّمل لم يمت 202 نشَيْبَةَ والطراق يكذب قيلها 
ولو انك اابتول اك القي لار تفن *إلنة المدايا يها ورسيولما 
وعلق السكري على البيت الثاني قائلا: " عينها: يقينها. ورسولها: مثل"1. ولكن 
البيت يوحي بأن للمنايا عينا ورسولا ليكتمل بناء االصورة في أذهاننا إذ إن عناصرها 
متخيلة» فهي صورة استعارية كما سنرى تهدف إلى تقريب المشهد وتجسيده كي يدرك فعل 
المنية ذهنيا من خلال تجسيد أجزائها الفاعلة. 


ج:. أدواتها: 
للمنية أدوات بها تنجز مهماتهاء وهي على أية حال أدوات بشرية استعارها الشعراء 
للمنية لتقريب فعلها وتأكيده» وهي: 
١‏ - السهام: وهي أداة معروفة تكون قاتلة إن أحسن رميهاء وحينما تستخدمها المنية فإنها 
لا تطيش كما يقول لبيد بن ربيعة!“): 
صادفن منهًا غرة فأصَبتها إن المنايا لا تطيش سهامُها 
مق نصوة ظك اجام يدقن مق #إقهاة تقول الخفتان !"ا 
لكن سهام المنايا مَنْ يُصبْنَ لة 202 لم يُشفه طب ذي طب ولا راق 
؟. السيف: من خصائص سيف المنية أنه قاطع حاد لا ينبو وأداة قاتلة يقول النابغة 


١)الأعشى‏ , الديوان » ص717١.‏ 

؟) شرح أشعار الهذليين» .١75 :١‏ 

.١75 :١ المصدر السابق»‎ 

)لبيد العاملي ٠‏ لبيد بن ربيعة العاملي(ت١54:ه)‏ » شرح الديوان » تحقيق : إحسان عباسء وزارة الإرشاد والأنباءء 
الكويت» 1757١م,‏ ط3”ء ص08". 


)0( 
2( 
لو 
)5 


(5)الخنساء.» الديوان 3 صه ١5١‏ 


١1١8 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ذاه (كل, 
الذبياني!"!: 
75 - 206 ع و 7 5 و د 0 و 
وأنت ربيعٌ يَنْمَش الناسَ سَيْبِهُ 2 وسيف أَعَيْرتَهُ المنية قاطعغ 


فالنعمان بن المنذر عند النابغة الذبياني يتحول إلى ربيع يحيي الناس ويبهجهم»وفي زمن 
الحرب يكون سيفا حادا تستعيره المنية لتضرب أعداءه به» فالسيف أداة تجمع إلى مضائها 
إحساس النعمان وبطشه؛ وقد جعله النابغة سيفا بيد المنية لتكون الصورة مركبة من موتين 
محققين لا يُفلَت منهما وهما: المنية والنعمان . 
". الحبال: وللمنايا حبال تحملها المنايا معها في كل مكان تترصد فيه الإنسان» وهي 
حبال إذا ألقيت عليه فإن منتهاه سيكون عندها مهما حاول التفلت» يقول عبيد بن الأبرص!": 
وللمبراع ينام تعة وقنة راضنت 2 :يال المئايا تلفي كل مرصد 
ويعبر طرفة بن العبد عن فلسفة الحبل فهي تشي بحتمية الانقياد الإنساني الكامل للمنية: 
وهو انقياد إجباري ينطوي على إذلال لا ينفع معه أي محاولة للخروج من ربقة المنية 
المحكمة) 1 
إِذَا شاءَ يوماً قادَهُ بزمامه ومن يك في حبل المنية ينقد 


4. الرحى: وهي أداة لطحن الحبوب معروفة» وتستعار للحرب كثيراً لتعبر عن شدة 
الفتك بالإنسان فهي منجم لطحن البشرء وقد استعارها زهير بن جناب للمنايا وفي ذلك إشارة 
إلى قسوة الفعل وشموله» ومن يحرك تلك الرحى هم بنو عامرا"ا: 

واستدارت رحى المنايا عَليَهم ليوك من عامر وجناب 
ه. السبع: ويأتي في سياق الحديث عن البقرة الوحشية وفقدانها ابنهاء يقول الأعشى|"ا: 
وذاكَ إن غفلت عنة وما شرت 22 أن المنية يوم أرسلت سبْعا 
وفي البيت نرى المأساةً ماثلة أمامنا فضعفان يقاب لهما قوتان مطلقتانء البقرة أمام 
المنية والابن أمام السبع؛ وماذا يفعل الابن الصغير أمام وحشية السبع رسول المنية التي لا 


(١)النابغة‏ الذبياني » زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني » (ت5١٠م)‏ » الديوان » تحقيق: محمد الطاهر ابن عاشورء الشركة 
التونسية للتوزيع والشركة الوطنية للنشر والتوزيع؛ الجزائرء 115١م»‏ ص11١.‏ 

؟)عبيد بن الأبرص » الديوان » ص7ه. 

*) طرفة بن العبد » الديوان » ص١6١.‏ 

عبيد » أحمد محمدء شعراء جاهليونء جمع وتحقيق ٠»‏ المجمع الثقافي أبو ظبيء الإمارات العربية المتحدةء ص”7. 


ه) الأعشى » الديوان » صه١٠.‏ 


2( 
لو 
)5( 
)5 


ااا 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


تخطئ طلبتها ! وما أرسلته إلا لتعمق فجيعة الأمومة» ولا ريب أن أدواتها تتوافق مع الحالة 
النفسية للطرف الذي تواجهه؛ ولاحظنا في كل أداة سداد الرمي وشدة الأخذ ودقة الفتك بلا 


2 


رحمة . 

د. سيرها مع الجيش: إذا كان مشهد الحرب هو ميدان المنية في صراعها مع الرجال فإن 
سيرها مع الجيش مطلب طبيعي تسعى إليه مشتاقة» كما عبر الأعشى في إشارته إلى أن إياس 
و3 اتتروضنة ككدل جعة المددة و المت متها حمعها يفويكة إلى هده مكايا ».ويفوك لمظاون 


٠.‏ واكاء 
ررارهة . 
وما زال فيهم حيست كان شتؤة شير المنايا.حيت سازت كتاقشبة: 


فالمنايا تسير حيث يسير الجيشء ومرافقتها للكتائب والمحاربين لأسباب يريدها الشعراء 
منهاء فهي تبعث الحماسة في نفوس من ترافقهم وتقذف الرعب في قلوب أعدائهم؛ وعلى أية 
حال فالمنية ترافق الأقوى لأنه عون لها في قبض أرواح من جاءت إليهم» وهي تلمع متك شفة 
في القتام ليراها جميع من كان في دائرة الحربء يقول أوس بن حجراا: 
وجئنا بها شَهْبَاءَ ذات أشلّة 2 لَهَا عارض فيه المنية تلمَعْ 
ون مزؤروة خرويز ذه اناه نلق في لافقا الذي أحدثته الخيل السريعة التي تشبه 
القطا في السرعة» يقول مجمع بن هلال!“: 
وخيل كأسسْراب القطا قذ ورَعتَهًا 9 لَهَاسَبِل فيْه المنية تلمغ 
ه. الضرب بها: يتحول السيف في أيدي الأبطال إلى منية لا ثُرَُ ضربتهاء فالسيف ليس 
أداة معدنية وحسب بل هو منية تخطف الأرواح وتنشر الهلاك يقول الطفيل الغنوي/“"): 


(١)الأعشى‏ » الديوان » ص99١.‏ 

.5١8ص المعيني » شعر بني تميم في العصر الجاهلي»‎ )١( 

(") أوس بن حجرء أوس بن حجربن مالك التميمي (١١1٠م)‏ » الديوان » تحقيق: محمد يوسف نجم»؛ دار صادرء بيروت» 
صل١اه‏ . 

(:) أبوتمام » حبيب بن أوس الطائي(ت١71ه5؛1١م)‏ » ديوان الحماسة . شرح التبريزيء دار القلم» بيروت. ,.7907:١‏ 
ووردت تلمع في روابة أخرى: تكرعء انظر: أبو تمام » الحماسة؛ تحقيق: د. عبدالله بن عبدالرحيم عسيلان» :١‏ 707. 
ومعنى السبل: المطرء ولكني أرى أن دلالتها هنا: الغبار الذي تخلفه الخيل» وذكر ابن منظور: أن معناها في هذا البيت 
الرمح. انظر: اللسان» سبل. والشاعر مُجَمّع بن هلال» هو من بني تيم الله بن ثعلبة من بكر بن وائل من الشعراء 
الفرسان في الجاهلية» وهو من المعمرين .انظر: المرزباني » معجم الشعراء. ص"": . عبد الرحمن ٠‏ معجم الشعراء من 
العصر الجاهلي حتى نهاية العصر الأمويء ص١‏ 5 ١7‏ 

(5)الطفيل الغنوي » الطفيل بن عوف الغنوي ,٠‏ الديوان : تحقيق محمد عبدالقادر أحمدء دار الكتاب الجديدء 974١م‏ ص"5؛ . 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ولكن يجَابْ المُتَغْيْتْ وخيلهم 2 عليها حماةً بالمنية تضئرب 
وفي الحرب تنفرج المنايا من كفي النعمان بن المنذرء فلا يسلم أعداؤه منهاء يقول النابغة 
النبؤافي !1 1: 
تحين بكفيّه المنايا وتارة تسُحَان سحا من عَطَاءِ ونائل 
و. تساقيها: في سياق المنية يتحول الماء من حالته الإحيائية إلى حالة مشبعة بالموت فجعل 
المنية منهلا يعني حتمية ورودهاء فتحويل منهل الحياة إلى منهل فيه المنية ساقية هو قلبّ 
للحقائق الكونية؛ وتبادل لأدوار غايتها الإنسان البطل وحده لسلبه إرادة الحياته وهل يحارب 
الأبطال إلا لشرب رحيقها؟! ولكن إذا لم يكن من ورودها بدٌ فليُشربْ ماؤها بالكأس الذي 
تقدمه هي كما يقول عنترةا"ا: 
بكرت تخوفني الُتؤف كأنني2 أصبَحت عن عرض الحتوف بمغزل 
َأجَنِتْهَا إِنَ المنيّة منَهَلٌ 2 لابه أن أنقى بكأس المنهل 
ولكل امرئ ذنوب من منهل المنية» يقول أبو ذؤيب!"ا: 
َعَمرَْك والمنايا غالبات لكل بني أب منها دنوب 
وللمنايا حياض سيردها الإنسان» ولا فرق بين من شرب ومن سيشربء. وهي حياض 
كثيرة لا تغيض مهما شرب منهاء يقول زهير بن أبي سلمى/“ا: 
حياض المنايا ليس عنها مُرَحْرَخْ ‏ فمُنتظرٌ ظمئا كآخر وارد 
ويتحول مشهد الحرب كله إلى حياض من المنايا يرذها المحاربون» ومن ينجو فعودته لا 
محالة صائرة إليهاء لكنه يأكل الكلاً السيء الوخيم فتلك بداية الحرب يقول زهير بن أبي 
1 
فقَضوا منايا بيْنهم ثم أَصدَرُوا 2 إلى كلا مسْتوبل مُقَوَكْم 
ويجلي عنترة فلسفة الموت والحياة من خلال تضخيم صورة المنايا فلها بحر واسع 
يخوضه الشيخ الكبيرء ويعود دون أن تمسه المنايا أو يغرق فيه بينما يموت الطفل قبل أن 


.7١١ص‎ » الديوان‎ ٠ النابغة الذبياني‎ )١ 

؟) عنترة » شرح الديوان »ء ص757,. 

*') شرح أشعار الهذليين» .٠١5 :١‏ 

5) زهير بن أبي سلمى » شرح الديوان » ص<77. الظمء: حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورود. 
) المصدر السابق» ص؛ ". المستوبل: السيء العاقبة. المتوخم: الوخيم. 


لك 


١*١ 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


يفطم يقول!1): 
يخوض الشيخ في بخر المنايا ويرجع سالماً والبحر' طامي 
ويأتي الموت طفلاً في مُهُوؤد 2 وِيَلْقَى حَتَقَهُ قبل الفطّام 
والصورة تنفتح على مشهدين متضادين: شيخ يخوض في بحر المناياء وطفل رضيع 
يأتيه الموت قبل أن يفطم فيموتء فالشيخ المقبل على الموت لا يموت والطفل المقبل على 
الحياة يموت؛ وما يهمنا صورة البحر الذي لا ينقص بل يزيد ويرتفع فهو طامء ويقول النابغة 


الذبياني!": 
:شتوك شور للطعن أر عاونا إل اواك إركان الماك لماعب 
فيه تاكن انكف بدي بأِدِيْهِمُ بيض رقاق الَضارب 


. صورها الاستعارية: تكمن القيمة الجمالية للشعر فيما يحمل من رؤية استعارية متكاملة 
شوى فى هينه سدوريه النتكافة الك ترح الالاقينا بالرواك اك مستجدزة يهنا اكفناق 
والذائقة التي تواكبه وترصده. فالوقوف عند الدلالة المعجمية المباشرة يعني مشاركة سالبة في 
إماتة النص وليس إحياءه وقول ما لم يقله» وهذا يعني أن الشعر قد أعاد إنتاج الدلالة للمنية من 
كونها فكرة ذهنية محضة إلى مجالات أكشر رحابة وحيوية وجدّة وانطلاقاً في الفضاء 
الشعري أي إخراجها من دائرة السكون إلى دوائر تمور بالحركة» ومن جمود اللافعل إلى 
نشاطه. وهذا التتصور يتساوق مع ما أطلق عليه في الدرس البلاغي الاستعارة المكنية التي 
عبر عنها عبد القاهمر الجرجاني في قوله: " فإنك لترى بها الجماد حيا ناطقا والأعجم 
فصيحاء والأجسام الخرس مبينة والمعاني الخفية بادية جلية» وإذا نظرت في أمر المقاييس 
وجدتها ولا ناصر لها أعز منها ولا رونق لها ما لم تزنهاء وتجد التشبيهات على الجملة غير 
معجبة ما لم تكنهاء إن شئت أرتك المعاني اللطيفة التي هي من خبايا العقل كأنها قد جسمت 
حتى رأتها العيون» وإن شئت لطفت الأوصاف الجسمانية حتى تعود روحانية لا تنالها 
الظنون"7". ويقول العسكري في أوصاف الاستعارة المصيبة" الاستعارة نقل العبارة عن 
موضع استعمالها في أصل اللغة إلى غيره لغرضء وذلك الغرض إما أن يكون شرح المعنى 
وفضل الإبانة عنه أو تأكيده والمبالغة فيه أو الإشارة إليه بالقتيل من اللفظ أو تحسين 


(١)عنترة‏ » شرح الديوان » شرح الخطيب التبريزيء قدم له مجيد طرادء دار الكتاب العربي» بيروت» 5م طاء ص 150 , 
(؟)النابغة الذبياني ٠‏ الديوان » ص 517 . 


المعرفة للطباعة والنشرء بيروت» وام ص١١‏ 


فر 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المعرض الذي يبرز فيه "١!؛‏ وعن أهميتها يقول؟ ولولا أن الاستعارة المصيبة تتضمن ما لا 
تتتيدنه الكقيفة جم 315 3ق لكان الحقزقة أوالى حا النتشوار" الوويسية رن ادسبطروعة 
أهميتها كذلك؟ إنها أعظم الأساليب وآية الموهبة الطبيعية في الشعر"!". 

وفي النقد الحديث أخذت الاستعارة قيمة واسعة في الكشف في جماليات النصوص 
الأدبية وتذوقها "وأصبح من المتعارف عليه في النقد الحديث القول بأن أرفع أشكال الاستعارة 
هي تلك التي يتبادل طرفاها التأثر والتأثير على نحو يفضي إلى تخلق معنى جديد ناتج عن 
العلاقة المتفاعلة بين الطرفين"!؟!, 

فالمعنى الذهني المجرد من خلال الاستعارة أي انزياح الدلالة اللغوية يبدو محسوسا 
مطلقا متحركا بروحه وجسده ومشاعره في المكان والزمان . وتبيان هذا المعنى يتوقف على 
مدى فهمنا للسياق الدلالي ولعل هذا ما قصده عبد القاهر الجرجاني من إطلاقه مصطلح 
معنى المعنى الذي كان سَبْقا جديدا في التفكير البلاغي آنذاك في قوله عن الاستعارة "موضوعها 
على أنك تثبت بها معنى لا يعرف السامع ذلك المعنى من اللفظ ولكنه يعرفه من معنى اللفظ"!*ا, 
وقد عبر الشعر الجاهلي عن براعته الفنية الكامنة في التشكيل الاستعاري ومنح الجملة 
الشعرية حيوية ودهشة أخرجتها من سذاجة المعنى ومعجمية اللفظ إلى قوة تشخيصية 
مشحونة بالإحساس والعقل والحركة والحياة . 

وقد نجح الشعر الجاهلي في التعبير عن المنية ( الفكرة الذهشنية المجردة ) ومنحها 

مشاك اننائدعة كمون ذاقنا بالكدر كذ النجذة و لعفاف ويد * ذل فين خلال ملسيلة من الو افقانت 
الإنسانية والحيوانية والحق أن أغلب الدلالات للمنية ومجالاتها المرادفة هي استعارية محضة 
وسأشير إلى أشهرهاء فقد استعار الشعراء لها صورا خيالية وواقعية مفزعة ففي شعر عنترة 
نلحظ تدويرا في الصورة بينه وبينهاء يقول!'!: 


البجاوي و محمد أبو الفضل إبراهيم؛ مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاهء ط؟.» ص775. 


, 7725 المصدر السابق» ص‎ (١ 


(؟) عصفورء جابرء الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العربء. دار التنوير للطباعة والنشرء بيروت». 947١م»‏ 
طثةء ص8١‏ 7, 

(:)االمرجع السابق ص5١٠7.‏ 

(5)الجرجاني ٠‏ عبد القاهر الجرجاني (ت١547ه)‏ ٠؛‏ دلائل الإعجازء حققه وقدم له: محمد رضوان الداية و فايز الداية» مكتبة 
سعد الدين» دمشقء؛ 141١مء‏ ط؟”؛» ص 785, 


(1)عنترة » شرح الديوان » ص5””. 


ررد 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


وأنا المنيةُ حين تشتجر*' القنا والطّْعْنُ مني سابق الآجال 
وفي بيت آخر يقول!"': 
إن المية لو تمشل مُتْلَتَ 22 مثلي إذا تَزلوا بضنك المنزل 

فكلا البيتين قيل في سياق حربيء بيد أن تشبيه عنترة نفسه بالمنية نمطي الصورة 
لأن المنية مثل في المخيل الشعري والشعبي للفزع وقسوة الفتك وقد أردفها بصورة الطعن الذي 
يسبق الأجل وهو آت منه أي من المنية» وفي البيت الثاني نرى تحولا في الدور؛ فالمنية شكلا 
وقوكاياني عليه كد ,رجا كين الدداة قرحم الجمال اللندري: فصر جية فنع إحدات 
انقلاب حسي معاين تمثل في تبادل الأمكنة في خيال متلقي النص إنه هو المثل الرمز في القوة 
وشدة الفتك ولذا فإن أقرب المدركات خياليا (وليس واقعيا) لصورته وفعله المنية» ولا ريب أن 
هذا الامتزاج بين عنترة والمنية في البيتين السابقين منح المنية تشخيصا مشحونا ببسالة فائقفة 
ونادرة لإفزاع الآخرين وترهيبهم وأخذ أرواحهم بلا رحمة. 

ويقول تأبط شر!ا!"ا: 
إذَا هَرَهُ في عَظم قرن تَهللت توَاجذ أفواه المنايا الضتّواحك 

فللمنايا نواجذ تتهلل بفرح وأفواه واسعة ضواحكء وهي تتفاعل مع السيف لحظة اهتزازه 
في عظم الإنسان وتنبئ عن مشاعرها بتلك الصورة الوجهية» وكأن القاتل سد مسدها في الفعل؛ 
فقد أخرج الشاعر المنايا من الخيال الذهني إلى العالم الإنساني الواقعي ليظهر وحشية المنايا 
وذلك بفرحها حين رؤية القسوة في الانتقام؛ فالسيف يهتز في العظم لا في اللهم, إن وظيفتها 
الأساسية قبض الروح وإحلال الموت فإن وُجد من يقوم بتلك الوظيفة ويقتل بقسوة فإن سعادتها 
ستكون مضاعفة عَبّرَ عنها بتهلل نواجذها وضحك أفواههها وكأنها تعدها لالتقام تلك الفريسة 
المستعصية؛ وقد ذكر عبد القاهر الجرجاني في حديثه عن هذا البيت أن الاستعارة لا تكمن في 
استعارة ألفاظ للمنايا من الإنسان وإنما هي جعل المنايا أناساء يقول" فإنه لما جعل المنايا 
تضحك جعل لها الأفواه والنواجذ التي يكون الضحك فيهاء فأنت لا تستطيع أن تزعم في بيت 
الحماسة (البيت السابق) أنه استعار لفظ النواجذ ولفظ الأفواهء لأن ذلك يوجب المُحال» وهو أن 
يكون في المنايا شيء قد شبهه بالنواجذ وشيء قد شبهه بالأفواه» فليس إلا أن تقول إنهلمّا 
ادّعى أن المنايا تسر وتستبشر إذا هو هن السيف وجعلها لسرورها بذلك تضحك أراد أن يبالغ 


(١)عنترة‏ » شرح الديوان »ء ص757,. 
)١(‏ تأبط شرا » ثابت بن جابر بن سفيان الفهمي » (ت٠25م)‏ » ديوان تأبط شرا وأخباره؛ جمع وتحقيق وشرح: علي ذو 
الفقار شاكرء دار الغرب الإسلامي» 64ام 4 صهه ١‏ , 


١" 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


في الأمر فجعلها في صورة مَنْ يضحك حتى تبدو نواجذه من شدة السرور فقد تبين من غير 
وجه أن الاستعارة إنما هي ادعاء معنى الاسم للشيء"!". 

وتشف الاستعارة عن جمال فني يكمن في تهلل النواجذ القاطعة أي تلك الفرحة العارمة 
التي تتجلى في حدة مضائها لحظة الانقضاض على اللحم والعظمء وفي تلك الأفواه الفاغرة التي 
لا تشبع» وهي لا ريب كانت صورة حركية سريعة ساخرة من مصير الإنسان سواء أكان فاعلا 
أم مفعولاء فنهايته ستكون بين نواجذهاء فقسوة فتك الإنسان بأخيه الإنسان تَقَابَلُ من المنية 
بسخرية من عبثية ذلك الفعل وإن كان معاونة لها لإبقاء بشرها واستبشارها. 

ومن الصور الاستعارية جعل المنية تنطق» ونطقها يكون بالفعل لا بالكلام» يقول الأعشى 
في النعمان ابن المنذر ("ا: 

ويقسمٌ أمر الناس يوماً وليلة وهم ساكتون والمنيّة تنطق 

وسكوت الناس هو من هول فعل المنية الذي عبر عنه الشاعر ب“ينطق" وهو فعل 
مضارع ينبئ عن الديمومة والاستمرار كما ينبئ اسم الفاعل"ساكتون"عن دوام السكوت ما دامت 
المنية تنطقء» فالنطق والسكوت يسيران متنافرين على خط واحد غير متناه والتنافر يشمل 
الفاعلين في كلا المتناقضين: هم (الناس جميعا) والمنية مفرد» ونطقها تمثل في فعلها المستمر 
الذي يكون بقبض الأرواح في لحظة الجمود الإنساني» فالاستعارة تشي بتحول القوة البشرية 
الناطقة إلى ضعف ينميه السكوت وأما المنية فهي الفاعل الرئيسي الوحيد الذي يزداد حركة 
فعا 

ومر معنا في هذه الدراسة أن مكان المنية الطبيعي في صراعها مع الإنسان هو ساحة 
الحربء إذ إنها مكلفة بقبض الأرواح ثمة وقد عبرالشعر بصيغ الجمع (منايا) حينما يك 
بحو إضير أكيا يفول تابط 1 : 

وأمر كَسَد المنكرين اعتَلَيْتَهُ فنفست مثهُ والمنايا حواضر” 
زيكسوووفا الي الاكلحة اماه والكارة و لووط لحك ناهين الكره عر ف الجر النطار 

ومضاعفة أعداد القتلى فالكل أعداء وكلما ازداد الموتى ازدادت فرحا وأنسا ففي قول أبي ذؤيب 
الهذلي "ويستمتعن بالأنس الجبل"!' تعبير عن مشاعر إنسانية ظامئة للدم الغزير المسفوك. 


78/- الجرجاني » دلائل الإعجاز» ص7817‎ )١( 
.7١9ص‎ » الديوان‎ , ىشعألا)١(‎ 

(") تأبط شراً » ديوان تأبط شرا وأخباره». ص35. 
)5 


:)أبو ذؤيب الهذلى » الديوان »ء ص1865١.‏ 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


فالفعل يستمتعن الدال على استمرارية المتعة بهدوء نفسي بطيء على الرغم من كشرة الناس 
المقتولين ينبئ عن رغبة في إبقاء تلك المتعة ومن يستمتع بالشيء سيسعى إليه» ولا يخفى تباين 
هذه المشاعر مع فلسفة الإنسان الشاعر الذي سيكون من مستحضرات تلك المتّعة وأسبابها 
واستمرارها في يوما ماء وقد عبرت الخنساء عن لحظة انتشاء المنية بأنها تجر أذيالها!'' حبورا 
كأنها امرأة تخرج في زينتهاء وتتجلى متعتها كذلك بمقاسمتها المنتصرين في غنائمهم وههي 
ليست أموالآ :ولا أنعاما بل النفومن القى تولت عليا وعدها فكانت الأوشر نيا والأعسز فيل 
تقول امرأة من بني شيبان وقيل بأنها لبنت فروة بن مسعود بن عامرا": 
بعين أَبَاعَ قاسئنا المنايا فَكَانَ قَسِيْمُهَا خَيْر القسيم 
وأهم ما يميز المنية الحركة فهي متحركة لا تسكن لحظة» يقول النمر بن تولب!ا: 
وأعلمُ أن ستذركتي المنايا فإن لا أتبعها تتبعني 

ومسوغ تلك الحركة رغبتها في ألا تغفل عن طلبتها فأينما تشعر بت حقيق أمنيتها 
تسعى إليها وحينئذ لا ينجي الإنسان منها الفرار الأسرعأ/"!؛ وهذا السعي عبر عنه الشعر 
بدلالات تمور بالسرعة واللهفة» فالمنايا باكرات/" مع الغارات وقبل الآجال؛ والبكور انطلاق 
للحياة لكنه مع المنايا انطلاق في الزمن لإحلال الموت ولا يحول دون مبتغاها بعذ الشقة وعلو 
المكان؛ فهي تطلع كل نجدا"'!ء وحركتها تتجاوز المكان المحدود في التتصور البشري لترقى 
وتصل إلى قلب الشمس إن كان ثمة إنسان أستودعْها كما يشير أبو ذؤيب الهذلي''! ويعقب هذا 
الارتقاءَ حدة في البصر - تفيض بالموت - وعزمٌ رسولها على تنفيذ أمرهاء وإذا كانت المنايا 
مشحونة بطاقة تتجاوز الفعل البشري فإنها في صورتها الارتقائية السابقة تجسد حركة وفعلا 
متخيلين لكنهما يمثلان الصراعٌ بين قوتها النافذة المطلقة وتلاشي القوة البشرية الواهفنة أمامها 
مهما جهدت في البقاء والاختباء» وسعيها يستمر مع الزمن لا يتوقف"لتغدو على الفتيان بعدك أو 


.575 1:١ أبو تمام الحماسة . تحقيق: د. عبدالله بن عبدالرحيم عسيلان»‎ )١( 

(؟)النمر بن تولب » النمر بن تولب بن زهير بن أقيش العكلي (ت5١1ه)‏ » شعر النمر بن تولب» صنعة نوري حمودي 
القيسي» مطبعة المعارف بغداد»91759١م»‏ ص9١١.‏ وانظر: ص١١٠.‏ 

(4:) انظر: عنترة » شرح الديوان » ص755. 

(5) ديوان الهذليين. ”: ١17١‏ . والشعر لأبي خراش الهذلي. 

(0) شرح أشعار الهذليين» .١75 :١‏ 


11 


! 
! 
/ 
! 
! 


١ 
3 
3 


( 
( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


دروا اناهن غدل اك 1 

ولها دليل يسعى بين الناس كما يقول الأعشى/". ووجود هذا الدليل هو لزيادة الإحساس 
بالفجيعة وليست وظيفته إرشادية لأنها ليست بحاجة لمن يدلها على بغي تها لكان حضورها 
لقبض أرواح لاذه لو بطقوس يعدها الدليل» وإذا ما أرادت تعميق المأساة الوجودية فإنها 
ترسل السباع المتوحشة ذات الفعل الافتراسي لابن البقرة الوحشية وحيدها وصغيرها كما 
يدك الأعقرا وف ينها حبال الموبت موياة فى كل مكان ولامان »يفول عممرو ين أحمن 
الباهلي *): 

رأيْت المنايا طبهت كل مرّصد << يَقَدنَ قياداً أو يُجردْنَ حاديا 

فالمنايا تزاحمت في الأمكنة» وملأت كل مضيق وطريقء فدلالة "طبقت" باجتماع الطاء 
والباء المضعّفة والقاف ‏ وكلها حروف قلقة جهورية حادة - تعبر عن ثقل في الجثوم على 
الأرض (المرصد) وقوة تأكيد على البقاء الذي سينتهي بانفراج حركي بتحقيق رغبتها وهو 
إحلال الموتء؛ وقد عبرت التاء الساكنة عن تلك النهاية المسكتة» والصورة ماثلة أمامنا عقب تلك 
النهاية إنها استمرار في تعزيز مظاهر سخريتها من الذين كانوا يحذرون مراصدها فهم بعد 
موتهم يُقادون بإذلال وفي الطرف الآخر صورة أولتك السادة الذين جردتهم من عزتهم وأموالهم 
والفعلان "يقدن" و"يجردن" يشفان عن حركة هادئة في سير المنايا واستسلام كامل من أولئك 
الذين مردوا من قبل على الهروب المتواصل منها وهم يعلمون أنها ترصدهم رصدا لا غفلة فيه 
ولا مهادنة» وهذا ما أكده عدي بن زيد العبادي في قوله!"ا: 

أعَاذلَ إن الجهل من ذلّة القتى 2 وإنٌ المنايا للرجال بمَررصد 

وهي تنقب عن طلبتها ولا تكتفي بالرصد لأن التنقيب يكون لمن اختبأ وسكن فإذا ما ظهر 
تلقفته في مراصدهاء فلو اختفى المرء في حصن منيع فوق جبل شامخ لا يُرتقى إليه فإن فعل 
المنية حينئذ يكون تنقيبا دقيقا وبحثا في تفاصيل الأمكنة لأن الحرص البشري في الممانعة 


,١١ الخنساء » الديوان » ص5‎ )١ 


عروة بن الورد 3 الديوان » ص17 ., 
الأعشى » الديوان » ص/77ا١.‏ 
المصدر السابق » ص5 .٠١‏ 


مجمع اللغة العربية بدمشق» ص77١‏ . وانظر: شرح أشعار الهذليين» .١57- ١55 :١‏ والشعر لصخر الغي. 


والتوزيع 2 بغداد» 6 ام ص١١٠,‏ 


١7 / 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


والخداع يحتاج إلى فعل مواز له في الحركة والمخاتلة وهذا ما أكده المخبل السعدي من خلال 
حرفي التأكيد اللام ونون التوكيد الساكنة ولا يخفى تضعيف القاف المجاورة للباء في تقوية 
الدلالة ليصبحّ التنقيب فعلا قويا قاطعاء يقول!'!: 

ولئن بنيْت لي المُشكرَ في هضنب تقصنرٌ دونه العم 

كسمي هن افيه 2 الله ليس كحكمه حُكُمُ 

ويكون أخذها سريعا معبرا عنه بالخطف إن أبى من سلك سبيل الإصرار في الممانعة؛ 

يقول عدي ابن زيد في التعبير عن أولئك الملوك الذين ركنوا إلى عزهم الزائل» وظنوا أنهم 
مخلدون في قصورهم الحصينة!"ا 


عأمكان الناس أبن آل عفن تكله كد مكاي وات ا 
خط د ومتكة عراف ووس اق كل التشر! 


فالبيتان يشفان عن قوتين متكاملتين قامتا بإنهاء حياة سابور وهما:الدهر والمنية من خلال 
فعليهما طحطح وخطفته؛ فالأول يدل على ثقل حركة الدهر وبطء بطشه. والثاني يدل على خفة 
المنية وسرعة أخذها. ويتحول الخطف 0 الاغتيال بمايحمل من 
دلآلات: المفاجأة والإجراء والظلم: يؤل أب خراثن الهثلي!؟! 
إن نَكُ غالتكَ المنايا وصرفهًا فق عشت مَحَمُودَ : الخلائق والحلّم 
وهذا الخطف يكون سريعا كالومض وقد يكون تأشنا عن تقبين مح حطظ لمق فيل : 
وعبر أبو صخر الهذلي عن هذا الفعل بالنسج الذي تنفرج دلالته على الأناة والصبر والإحكام 
وشدة الفتك, وحينما تنتهي المنية من نسجها تمده لتتساقط عليه الأنفسء يقول !“ا 
وينسى الذي يَمنْضي وفي كل مرة يُسَدَى له ننج المنايا الطّوالب 
وحينما تَقْرَعْ طبول الحرب تستبشر المنية لأن مشاركتها مؤكدة وفعلها سيكون مضاعفاء 
فشبين ,مغ الجيوئن:متشظرة الفقاء الأغداء فهي تسير. حيث 'ستارت الكثاقب!” وتشومضن 
كالبرق فوقها مبتهجة مسرورةا'! ليتم لها مرادها فالإنسان هو من يهيئ لها عملها لتكون النتيجة 


)١(‏ المفضل الضبيء المفضليات » ص8١١‏ .المعيني» شعر بني تميم في العصر الجاهلي» ص7١١‏ . ونسب لطرفة بن العبد» 
انظر: ديوانه» ص8١١,‏ 

(؟)عدي العبادي ٠‏ الديوان » ص54. 

(؟) شرح أشعار الهذليين» ': ,١1775‏ 

(4) المصدر السابق, 7: 518. 

(5) المعيني » شعر بني تميم في العصر الجاهلي. ص8١".‏ 

(5) أوس بن حجر » الديوان » ص58. 


١77 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


موتا يعم المشهد كله وحينئذ تتحول إلى بطل أسطوري يضرب بالإنسان بدلا من السيف كما 
يقول النابغة الذبياني!'' لتتسع دائرة الفجيعة» ووصف هذا السيف - النعمان بن المنذر ‏ بحدة 
القطع يزيد الدهشة النفسية لحظة الرؤية إيلاما ووجلا ورعبا.إنها تعرف كيف تضرب بالإنسان 
الإنسان» وكيف توجعهما معا بُعَيْدَ المواجهة» وهي دقيقة في الرمي لا تطيش سهامها!"'؛ مدربة 
على المراقبة والقنصء» لا تضطرب ولا تسهو ولا تهتز مشاعرها من كثرة النجيع والجنث 
والأشلاء فقد ران عليها شهوة الانتقام . 

وإذا عبر الشعر الجاهلي في مشهد الحرب بأن الفرسان يتساقون المنية بينهم ويوردون 
أعداءهم حياضها فإن المنية في إشارة نادرة في شعر حميد بن ثور الهلالي تكون هي الشاربة 
والإنسان هو المشروب يقول/"ا: 

ف المشسيندة ها شارك من القوم عاتت لأمنارها 
وتتمثل الصورة أمامنا كاملة الدلالة» فهي تشرب من القوم (المحاربين) ما طاب لها الشرب» 

فإذا رويت اكتفت وإذا عانها الطلدا وشعرت بشيء من عطش في أحشائها وأفواهها عاودت 
شرب البقية الباقية من سؤرهاء فدلالة "ما أسأرت" توحي بأنها هي المتحكمة في ترك الشربء 
كما أن دلالة "لأساره" أي جعل "ه" ‏ التي تعني ما تبقى من القوم ‏ مضففة إليها يدل على 
أنها في الننالكة التي تقبويي أ كنا بت 

واستعارة الحيوان للمنية قليل في الشعر الجاهلي وثمة ثلاث صور تشير إلى ذلك وفيها 
تركيز على عنصري الخوف والحركة:» فالأولى يكنها بيت أبي ذؤيب الهذلي المشهورء إذ 
يقول!“ا: 

وإذا:المنية أنشيدت الفارها لقنت كل تَمِئِمَة لا تَْفَعْ 

والعرعة كون ريك كتر رم كد اللطونيدن زاف الرريع د لذ الباق الل هدو 
تنشب أظفارها في روحه يَهْدَآن ويسكنان معاء ولنا أن نتخيل ما توحي به عملية إنشاب الأظفار من 
وحشية في إلقاء القبض على الإنسان وتمزيق الروح المنشوبة وتعذيبها في كل جزء من أجزائهاء 
فالأظفار تحولت في أيدي المنية إلى مكالب ومقامع لا انفكاك منهاء ولا تنفع حينئذ التمائمُ والرقىء 


175» )التابغة الذبياني + الديؤاق‎ ١ 
١ ١ ١ص لبيد العاملي» شرح الديوان‎ )١( 
("؟)حميد الهلالي » حميد بن ثور الهلالي 3 الديوان » صنعة ' عبد العزيز الميمني» الدار القومية للطباعة والنشرء القاهرة,‎ 


١0امء‏ ص5 3. 


(:) أبو ذؤيب الهذلى » الديوان »ء ص57 .١‏ 


115 


المنية في الشعر الجاهلي - دراسة في دلالتها وصورها الاستعارية خليل عبد سالم الرفوع 


إذن المنية حيوان غير عادي» ولا ريب أن مما يزيد في بشاعة الصورة هو توقف الزمن عند لحظة 
الإنشاب: وكأنه المراد ولا شيء سواهء فالخلاص منه راحة للروح من عذاباتها ؛ إن بقاء اللحظة 
هو إبقاء لنشوة النصر التي لا تريد المنية مفارقتهاء وفيه إحساس الرائي (الشاعر) برزية الثككل 
ودورانها أمامه لتعود دائما إلى نقطة البداية لحظة الفقد. 

والصورة الثانية في قول زهير بن أبي سلمى!": 

رأيْت المنايا خبْط عشواء مَّنْ تصب << تَمثَهُ ومن تخطئ يُعَمَرا فهرم 
فهي ناقة عنيفة الخبط لا تفرق بين البشرء فالانتقاء هنا يتلاشى أمام خبطاتها المتتالية» 

والبيت يشف عن وحدة فعل الواطئ (المنايا) وثقله وعنفه واستمراره وكأن الموطوئين حُشرُوا 

في شعب ضيق فوق صعيد واحدء لا فرق بين من تميته ومن تبقيه؛ فمن تخطئه سيبقى مجذوبا 

إلى خبطاتها ومعلقا بمزاجها ولو بُسط له في العمر؛ فمأساته يومئذ أكثر من أولئك الذين ماتوا 

شباباء والزمن بين الخبطنين الخاطئة في الشباب والصائبة في الشيخوخة هو زنمن الخوف 

والترقب» وكأنه يُخبَط في كل وقت وحين؛ لأن المنية نكود كما وصفها عبيد بن الأبرص في 

قول!": 

قسست ل مشا كوه اشام ا را 
وأما الصورة الثالثة فقد وردت في قول خفاف بن ندبة!": 
وعتان فشن لي انان وما أَذتئِت إلا ذنبّ صخر 

فالمنايا حيوانات ثقيلة الوطء تدب على الأرض فلا تتوقف باعثة الرعب في قلوب من ينتظرها 

هناك» ولا شك أن الجامع بين الصور الثلاث السابقة هو الحركة الثقيلة التي لا تخطئ طلبتها 

وحتمية الوقوع بين أظفارها أو تحت أخفافها وحينئذ يجتمع على الإنسان عذابان هما: الرعب 

والموت المؤكد: 


(١)زهير‏ بن أبي سلمى » شرح الديوان »عص؟7. 

(؟) عبيد بن الأبرص » الديوان » ص55 . 

(") خفاف السلمي» خفاف بن عمير بن الحارث بن شريد السلمي (ت0٠15م)‏ » شعره » جمعه وحققه: نوري حمودي القيسي» 
مطبعة المعارفء بغدادء 171١م»‏ ص 44 .عباسء» هو: عباس بن مرداس. وصحر هو: ابن أخت لقمان بن عادء يضرب 
به المثل. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الخاتمة 
يبقى الشعر الجاهلي مصدراً خصباً لكثير من الدلالات اللغوية والإيحائية والفكرية 
والحضارية؛ فتجدد قراءته عبر سياقاته يعطي قدراً متعددا من المعاني المتجددة» وتظهر الدراسة 
أن مفهوم المنية يختلف عن الموت» وهي ليست منة الثالثة الأخرى كذلك بل هي الرسول الذي 
يقوم بقبض الأرواح؛ فهي حتمية وأن ميدانها الحرب ففيه تكون مواجهتهاء ولها أسباب وهداة 
يدلونها وعيون؛ ومن أدواتها: السهام والسيوف والحبال والرحى والوحوشء وتسير مع الجيوش 
جالبة معها الموت وحينئذ يتساقاها المحاربون. 
وقلة يفيل الفدى «لخاطارن كن لكيه الاار 6 افيا مظاك رتسافة اتوي لتنا 
بالحركة والجدة والحياة» وهي صور خيالية مفزعة فلها نواجذ ضاحكة وأفواه واسعة؛ وهي 
تنطق بالموت والناس ساكتون» وحركتها غير محدودة في الزمان والمكان» ولها دليل يسعى بين 
الناس وهي ترصد الرجال في كل مكان وتنقب عن طلبتها »وتقوم بفعل الخطف والاغتيال وأهم 
ما يميز صورتها الاستعارية الحركة؛ فلها مشاعر الإنسان وتفكيره وحركته؛ وشخصت حيوانا 
كقيل 'الوظ مدعنيت الشيظط: 
وقد صدرت هذه الدراسة عن رؤية ترى أن القراءة التأملية المتجددة للشعر الجاهلي 
وسيلة نقدية تتجاوز الانطباعات التفسيرية المعجمية لنتاج فكقري غزير اتسم بالنضوج اللغوي 
والتأمل النفسي العقلي والرصد الدقيق ق لمشاعر المكونات المحيطة به» وفي ذلك مقاربة وجدانية بين 
الشعراء والموجودات المختلفة حوله» نتج عنها عمق في الرؤية ودقة في الوصف وتوحد في 
الصورة العامة. 


1 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الملكة اللغويّة عند ابن خلدون 
دراسة لسانيّة مقارنة 
د. فايز عيسى المحاسنة * 
تاريخ تقديم البحث: ٠٠١5/9/١١‏ تاريخ القبول: ٠٠67/7/٠١‏ 


ملخص 


تدرس هذه الور قةٌ مفهوم الملكة اللغوي يه (الداعهط د5ع1اك1باعصلط) عند ابن خلدون”» باعتباره أحد رواد 
اللفكين للسادي في الحضارة للمربية. ابل أي حرام هار مار ا تمولكة فى 'الفحيكة لكوي سم بالحددة 
والطرافة" 

يتعلّق مفهومٌ الملكة اللغويّة في الفكر الخلدوني» بأبنية المواضعة اللغويّة التي تشكل نسيجاً مناظراً لأبنية 
الحقائق في التصوّر والإدراك؛ وبغياب هذا المقرئر المبدئي» يرتفع العقد الجماعي بين أفراد المجموعة اللسانيّة 
الواحدة» وهذا يعني أنه لا يوجدُ اختصاصٌ ما قبلي بين إنسان من م اللغات» وإنما يخرج الكلام 
من حيّزٍ القوّة إلى حيّز الفعل» بإدراك السام أو اهتدائه إلى نسيج المواضعة التي تألف عليها الكلام. 

وكشكن الجلهد اللخرية. كما بكر .أبن مفلذون على بحست نذأ الاتنياطن واالمعار دق فيكورة "كنا الحذة 
اللساني ناتج معادلة الممارسة والتكرار. 

ويتطابق مفهوم الملكة اللغويّة مع مبدأين أساسيينءهما: 

ميدأ العلم أو" التعركة 

- ومبدأ القدرة أو الاستطاعة 
وبينهما من التفاعل مثل ما بين الإدراك والتعبير؛ أي: مثل ما بين التلقي والبث أو التفكيك والتركيب؛ وعليهء فإنّ 
اللغة لها جانبان: 

الأول: الأحداث اللغويّة المنطوقة. 
الثانئي: المخزونات العقليّة. 

ويلاحظ أنّ الجانب الأول هو الأسبق؛ أي أنّ الارتياض والمعاودة هما الأساس في الظاهرة اللغويّة» وهذا 
يعني أنّ الأصل في الخطاب هو المتلقي وليس الباث» ويتشكل المخزون العقلي أو المعرفة على ضوء المنطوق» 
وهذا هو المحور الأساس في فهم الحدث اللساني عند ابن خلدون. 

فهل جاء هذا التصوّر النظري موافقا للدرس اللساني - عند أعلامه - في العصر الحديث؟ 

مع أتنا نؤكد - ابتداء - على تباين المنهجين في إطارهما الفكري؛ فهما وليدا حضارتين مختلفتين. 


* قسم اللغة العربية وآدابهاء جامعة مؤتة. 
حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة. الكركء الأردن. 
* أطلق نهاد الموسى على ابن خلدون والجاحظ وابن حزم... أصحاب النظر العام (غير النحاة). انظر: نظرية النحو 
العربي في ضوء مناهج النظر اللغويّ الحديث؛» عمّان: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشرء ط١ء‏ ١٠978١م»‏ هامش (55). 
)١(‏ المسديء عبدالسلام: التفكير اللساني في الحضارة العربيّة» ليبيا تونس: الدار العربيّة للكتاب» ١98١م»‏ ص7”7. 


١١ 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


7 


:1 دط] 0) عدتل:م0عع4 #«الساعد"آ1 13222511256 
51077 11511ا5ارآ 00123021:2137) مر 


مط] نإ 11206156000 1735 غ1 35 "7التاعة1 ع1322851128آ" 01 2061052 عغطا 56010165 3201م المعوع1م حلط 1' 
حلطلا ]01 7715102 5110115 220 عااكلعطءع1مططمء 2 1ع011 0غ 0ع1] 780 أ15تاعطتلا طوعك أالاعصتحطه2م 2 ,سمنامل1 حط][ 
1200 

عطا ,15 غ12 .100أمععظ1عء7 2120 1002812261052 5اعآع1 17ناع 12 عع تناع طة]1 أقطا لع؟عناء6 نامل[ قطكا نط1 
3212 ,010665565 10 10 0116 122811286 3011156 طقء 30 #عكلدءم5 120191011231 عطا مه 15 عتناعط كنهء10 
210 

"اللاطومقء" لمة "عع08ع12011" ,2001025 (1120317م 1580 غ71 10م0ع26 12 لاععد 15 13111637 ع1328ا328آ 

ع5 ,(7[ا10128مععم .ع مكلدعءم5 220 102أمععلءم دعع:15اء5 أقطا 10 100اع 12122 تتملتسصتد 2 تتامطد اعتطاى 
اععءم5 ععطا5 ععطتعاءمطامه وعل0عععآ1م ععتطممطملمء2 .ععمعاءم012ه 320 ععطدم11م1لءم ,ق5اععم25 50 قط 
721 غهط©] 533/128 10 310201126 كلط 1 .2012ع20502ع1طم ع1اكاتاعصلا نإمهة 101 5ع25 عط ع215 0م0اتاعمع7 20مة كاأأطقط 
,15 .(621028م5 ]20 ]ا 0052أمعع6م .1.6) 5طالااع طقطا تعطاة ,عساكاعءع 15 21ادع20210ن1 ممم 15 
5 .ع0611011221 ]0 عع2عنال0ء20025 3 35 101100 15 ععتعاءم00102 ع15]1ناع112 ,0نامل1[قطكا 10 0غ عمتلر1مء26 
15 للاع1200 01 أقطا جه ععمععع 11ل عاطما ملاع" 2 51015 عمتلطة5ء120 01 رمد 


تعريف الملكة: 

يُطلق لفظ (الملكة) في العربيّة على القدرة الفطريّة أو المكتسبةأ'/. على أداء فهل ماء أو 
أعمال معيّنة بحذق ومهارةا"'. نحو: الملكة العدديّة» والملكة اللغويّةا"ا 

وتحقيق 7 الملكةء نه تحصل للنفس هيئة (10150051100) بسبب فعل من الأفعال/؛ 

وهي التي تسمّى حالة (512605)» فلا تلبث أن تزول بسرعة» فإذا ما 6 ومارستها 
النفس» فإنها تتمكن وتصبح راسخة؛ ويكون تلاشيها وزوالّها بطيئاًء فتصبح ملكة*ا 

فعل له هيئة له كيفيّة نفسانية (حالة) ---»> ملكة 


ويرى جوفروا (إ10110) بأنه ليس للنفس سوى ملكة حقيقة حقيقيّة واحدة "الاستطاعة 


21195 الحلوء عبده: معجم المصطلحات الفلسفيّة: بيروت: المركز التربوي للبحوث والإنماءء مكتبة لبنانء؛ طاء‎ )١( 
»م٠٠٠١ ص5 5» وانظر الحنفي» عبدالمنعم: موسوعة علم النفس والتحليل النفسي . القاهرة: مكتبة مدبوليء؛ ط؛؛‎ 
595 ضن‎ 

(؟) عبدالخالق» أحمد محمّد: معجم ألفاظ الشخصيّة» الكويت: مجلس النشر العلمي» جامعة الكويت» ط١ء‏ ١٠٠7م؛‏ ص8 ده 
وانظر: المعجم الوسيط؛ مجمع اللغة العربيّة» القاهرة: دار المعارف. ط؟. 51177١مء‏ مادة (ملك). 

(؟) عبدالخالق» أحمد محمّد: معجم ألفاظ الشخصيّة» مرجع سابق» ص57ه. 

(:) الحنفي» عبدالمنعم: المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة؛ القاهرة: مكتبة مدبولي؛» ط"”. ١٠٠٠7م؛‏ ص875» وانظر: 
الجرجاني: التعريفات». بيروت»: مكتبة لبنان» 91/26١م»‏ ص57 7. 

(5) المناويء محمد عبدالرؤوف: التوقيف على مهمّات التعاريف. تحقيق: محمّد رضوان الداية» دمشق: دار الفكرء ٠199١م»‏ 
ص 517/6 , 


١7 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


السمكضتقا بور "قفوت نقد الاي تكن سلكاك إلا شاوه امتكدرة اللبون اا 2ك انيع هي ةا فلييتا 
ا 

لاقن الفلك هل بوهية اناوه الم رار ل ع ري 
مع ل و مر لأ للغة الإنسائيّة كلّها أساساً فلسفياً!") 

و حرانت ور سول المنكةا "بلي" هذا مرف الى رليات الالشلة ا رمو فلن 
(الأنا)؛ فهو الذئ ينقد العمليّات:-فكما ]8 الميدا القريت الذئ :جز يوساطكه العتلئنات الفسسيواء حئة 
هو العضو؛ فإنَ المبدأ القريب الذي تنجزٌ بوساطته العمليّات الذهنيّة» هو الملكةا“ا 

وو اأوشنول يجني أذ انافك الملكات كاقانت كائلة متك لاجمل للحن مهيز لكي 
وباستقلال الواحدة عن الأخرى. فالملكة لا تعمل» وإنما هو شيء بوساطته نقوم بالعمل؛ إنها ليست 
العين التي ترىء ولا الذهن الذي يفكرء ولكنني أرى من خلال عيني وأفكر بوساطة نشاطي 
العقلى ما 

وعلك توما شق مز كذزيفة لتنا للملكة والمراحل التي تسلكها حنّى تصبح صفة 
رابحة في السو اناس لواريمك انخاس لين لي القذرية عل السك فقس عمل تنا أن 
التصرف بهء بعد أن شبكرلن :عليه الشن' وشياطة ند فيعزة إليها حنهة مدي أن رحد كال 
وتكراره ليصبح صفة راسخة. 
أهميّة البحث: 

تأد تي أهميّة هذه الورقة» لما تحمله من آراء لغويّة» 3 تفتقت عنها العبقريّة الخلدونيّة؛» فهي 
توازي في طرافتها ما في النظريّات اللسائّة المعاصرة من أفكار؛ وعلى رأس هذه الأفكار الملكة 
اللغويّة (اللسانيّة)؛ لي نا جميو انقو أساسياً في الفكر الكلدودرة: فوى: تبت عنذز القدرة على 
استعمال اللغة الاستعمال الصحيح في شتّى ظروف الكن :إن الكتادةز ايده على كن خا لالحا 
العناشئن والاقيق 'بقواقين /الإغر ابه :ومطوم آزة متكله اللغة لا يمكنة أن يتكلم اللغة القى هي تتظليم مت 
الرموزء قائمٌ على قواعد وتراكيب ودلالات» وأصوات لغويّة» ما لم يكن ملمّاً بهذه القواعدء ولا 
يني ذلك نهمل يصوزرة مجاقرة بيذه :التو اهدم فيك التراص فتيح اككبيها كبو شبرة اللشوي 


. 5١ موسوعة لالاند الفلسفيّة» ترجمة: خليل أحمد خليل» بيروت: منشورات عويدات» (د.ت)؛ م١'ء ص؛‎ )١( 

(؟) دونسيل» جي. ف: علم النفسء ترجمة: سعيد أحمد الحكيمء بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة (آفاق عربيّة). طاء 
5امء ص 75. 

(؟) المرجع نفسه. 75. 

(:) المرجع نفسه. 75. 

(5) المرجع نفسه. 5/,. 76, 


مضت 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


الطبيعي» وفي مراحل اكتسابه اللغة!". 

تتم عمليّة التكلم بصورة مستقلّة عن قواعد اللغة المرسومة» وتم بالذَّات من خلال الملكة 
اللسانيّة؛ فالملكة اللسانيّة تفترض الإلمام الضمنيّ بقواعد اللغة» في حين أنّ معرفة قوانين الإعراب 
لا تعني بالضرورة امتلاك الملكة اللسانيّة. 

لقد أدرك ابن خلدون بحسّه العلمي» » أنّ موضوع علمْ اللغة؛ هو الملكة اللسانيّة وأن كل 
إسان ترعرع في بيئة معيْدةء فإنه يكتسب كفاية لغويّة في لغة يينته» فهو يستطيع أن يعبر في كل 
لحظة؛ كما أنّه يستطيع الحكمّ بأُصوليَّة الجمل بصورة بديهيّة؛ أي أنّه يستطيعٌ أن يحكمٌ على الجمل 
أو التراكيب التي يسمعها حين تتوافق والقواعد الضمنية التي يطيّقها متكم اللغة بصورة لاشسعوريّة 
وَالكامتة طمن كانه اللعوفة "ا 'وإذا عرض عليه الكلامُ؛ حائداً عن أسلوب العرب وبلاغتهم في 
نظم كلامهم أعرض عنه ومجّه' ...» "وهذا أمر وجدانيّ حاصل بممارسة كلام العرب؛ حتّى يصير 
كواحد منهم'!". 

فالمتكلّم لديه حَدْس لغويٌ» نابعٌ من ملكته اللسانيّة» فيحكم بواسطته على جملة ماء إذا كانت 
من جمل لغته الأصوليّة, أذ 4 ذلك أن أبن اللغة يصذن عن لغته صدوراً غير واع, 

ويرتبط مفهومٌ الملكة اللغويّة ارتباطا مباشرا بالمواضعة اللغويّة, التي تنبئ عن عقد 
تقاض يو مق تستلامة الاتصال :يون :الاك و المظد: 

ويتسلق نية|المقوم (الملكة اللغويّة) ظاهرة الاكتساب, التي ت تثير كثيراً من التسساؤلات؛ ولا 
سيما في تناول العربيّة» ليس تنظيراً أو تحديداً لقوانينهاء وإِنّما كمهارة للاتصال» فقد استطاع ابن 
دوو فرك انفعط لسار الع فيل الساكة الخدت الكلامي (ان6ءم؟ 05 6عة)ء وليس 
الكلمة كما كان الحال عند دي سوسيرء ولا الجملة كما هو الأمر عند تشومسكي/". 


إن هذا الفهمَء قد يكون لنا عوناً في مستوى من العربيّة» يُجمع عليه أهل اللغة في اختيار 
وا الور لا التطوارء ليفيّ بحاجة أبناء العربيّة» وليقدّمها بصورة مقبولة لمن يرومُّها 
من غير الثاطقين بهاء ولنا في تجارب الأمم في لغاتهم أسوة, 


.7 زكرياء ميشال: الملكة اللسانيّة في مقدّمة ابن خلدون: بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشرء 9185١م؛ ص5‎ )١( 

(؟) زكرياء ميشال: الملكة اللسانيّة في مقدّمة ابن خلدون» مرجع سابق»ء ص" ؛ . 

(؟) ابن خلدونء, عبدالرحمن بن محمّد: المقدّمة؛ تحقيق: علي عبدالواحد وافيء القاهرة: دار نهضة مصر للطبع والنشرء 
طثء (دءت)ء 179/95, 

(:) زكرياء ميشال: الملكة اللسانيّة في مقدّمة ابن خلدون؛: مرجع سابق» /5. 

(5) الراجحيء عبده: اللغة وعلوم المجتمع»: بيروت: دار النهضة العربية» ط؟؛ 5١٠7”مء‏ ص7١.‏ 


ا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


مفهوم الملكة اللغويّة عند ابن خلدون: 

عرفنا أن الملكة بمعناها العام» هي القدرة على عمل أو التصرف به. بحذق؛ وبصورة 
القامةكيد ل شتلق عليه اللعزن :حول بن حرام ذلك لأساف واكتفى :رهد عد يمن 
خلدون' لااتخريج عن هذا المعقى العاد إلا أنه[ قد؛ خماضيت بالرضيف:«فهي تلك لتنائتة” (لعوية). 

واللغة في عُرّفه جملة اصطلاحات الأمة بعد أن تحدّد بكونها عبارة المتكلم عن مقصوده. 
بفعل لساني يصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لهاء وهو اللسان!". لكنّ هذه اللغة تقتضي قوانين 
تسيّرها وتحفظ انتظامهاء غير أنّ استعمال اللغة لا يتوقف على معرفة واعية لتلك القوانين» فالحدث 
لمحي كفب ددن عن طربيق: التحسيل: بالأموننة الى مكاكاء والقيعاً والساقراه تعن مخ عبار 
ابن خلدون!١!.‏ وَلكن هذا الأكتساب الأمومي سرعان ما يتحول إلى ضرب من الإدراك الخفي 
لقوانين تلك اللغة» ذلك أن الظاهرة اللسانيّة من شروطها الأوليّة: 6 سافن الو ب لاا 
تهنا نيل أن تيكلق؟ النقفذاة :ما تنمر علوه جود الشبوق ةو كدر ب والمشجمفة والدالية "!وني 
وفع أن تخصاق الملكة بالعلم و القكلم وتو الالفاءه خينصن زه تحتصؤل اتيك عبن المباتحزة أي 
الاكتسات: بالتحاكاة :و التلقين) أقة» استحكاماء: و أقوى :زويف , 

إن الملكة اللسائيّة (اللغويّة) اصطلاح خلدوني» مع أننا نجده في الفكر اللساني العربيّ عند 
أصحاب النظر العام غير النحاة» وتتردّد أحياناً على ألسنة النحاة » ويُقصد به قدرة اللسان على 
الفدكم فى اللقة و الفطر تك افتهاء "هما يافق :هنا حك عل شيوة» المعاجد» فب قتي" (النلقة) 
انحقوااء: اللنتى ارقم الالقداك يه لعي تهنا (ملقة لنرانتة]١'فهي‏ امتشرية الى اللسانة الذي هو محليةا: 
وتقنيق ملك لدو ]ذا اشر اللعاد تكن مفها اكه بجالةا : 

وهي بهذا الفهم أساس كل دراسات اللسان العربي!"؛ فهي تفيّرُ لنا كثيراً من القضايا 
اللقوية: من مث الاكتسابه اللفوي والاختيان» والمستويات” اللغوية.؛..:وغيرها من القسصايا الي 
تحتاج إلى حلول غير تقليديّة في المشكلة اللغويّة. 


,١755/9 المقدّمق,‎ )١( 
.,١؟5ه5/19 (؟) المرجع نفسه.‎ 
(؟') المسديء عبدالسلام: اللسانيّات وأسسها المعرفيّة. تونس: الدار التونسية للنشرء الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب؛:‎ 
73١ 5امء ص‎ 
.١؟55/* المقدّمة. مرجع سابق»‎ ):( 
.)575( انظر الموسىء نهاد: مقدّمة النحو العربي في ضوء مناهج النظر اللغوي الحديث. هامش‎ * 
عيدء محمد: الملكة اللسانيّة في نظر ابن خلدونء القاهرة: عالم الكتب» 1175 ١مء (التقديم).‎ )5( 
المرجع نفسه.‎ )5( 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


لقد استطاع ابن خلدون بنظرة شموليّة أن يميّرَ بين الملكة وصناعة العربيّة» وهذا مدخل 
مدق فين معالجة مسألة الاكتساب؛ لأ.ء المعرفة لا تصنع مهارة» فهو يقول7"!: "ذلك أن صناعة 
العربيّة» إنما هي معرفة قوانين هذه الملكة» ومقاييسها خاصة؛ فهو علم بكيفيّة» فليست نفس الملكة: 
وإثما هي بمثابة . من يعرف صناعة من الصنائع علماء ولا يحكمها ع ا ويقول" "مكنذا 
العلم بقوانين الإعراب مع هذه الملكة في نفسهاء فإنّ العلم بقوانين الإعرابء إِنما هو علم بكيفيّة 
العمل وليس هو نفس العمل (...)» فمن هذا تعلم أن تلك الملكة هي غير صناعة العربيّة» وأنها 
مستغنية عنها بالجملة".» 

لقد نفذ ابن خلدون بحسئّه اللغوي الفذ إلى التمييز بين (المهارة اللغويّة) و(المعرفة اللغويّة: 
وهو في هذا التمييزء يبني تصوراً لغويّاً نافعاً في اكتساب اللغة» ولا سيما في بناء (المحتوى 
اللغوي)؛ فالحديث عن بنية اللغة من حيث: الأصوات وأبنية المفردات» وأنماط الجمل.... يؤدّي في 
أحسن الأحوال إلى معرفة علميّة باللغة» ولكنه لا يؤدّي بالضرورة إلى مهارات لغوية!". 

إن الرؤية الخلدونيّة اللغويّة» تقر أنّ (المهارة)» لا يمكن أن تكتسب من طريق المعرفة 
اللقرية!* :وإ كافك فاه المعرفة شناض أو تحدم تلك المهازة: 

وقد أَدّت المبالغة في المعرفة اللغويّة» ولا سيما في عرض قواعد النحو وتركيزهاء وعدم 
العناية بتنمية المهارات اللغويّة والاقتصار على التحليل الإعرابي حول تعليم اللغة إلى معرفة 
نظريّة» وفي هذا يقول ابن خلدون: "فأصبحت صناعة العربيّة كأنها جملة من قوانين المنطق العقليّة 
أو الكدلموكقك عن لاحن اللندان وولكفةم .م كلك القرافينة إنماً سان لاتعكو ةر لصي 
أجبروها على غير ما قصد بهاء وأصاروها علماً بحت وبعدوا عن ثمرتها"!". 

وهكذا كان التركيز على "صنعة الإعراب": وبدأ تصئّر خاطئٌ يخلط بين الكفاءة اللغويّة: 
القى: تع ركنا أتناية في الكووى الطلمى للمضلم وصسة العو انيب" الى نكن بها المتخمتصون فين 
غلوع اللغةا". 


.1787/19 المقدّمة.» مرجع سابق‎ )١( 

(؟) المرجع نفسه. ,١7481/9‏ 

(؟) حجازيء محمود فهمي: النظريات الحديثة في علم اللغة وتطبيقاتها في تعليم العربية على المستوى الجامعيء دمشق: 
مجلة التعريب» ع5: 9317١م»‏ ص50. 

(:) عمرء أحمد مختار: أزمة اللغة العربية المعاصرة, والحاجة إلى حلول غير تقليديّة» (سلسلة كتاب قضايا فكرية)ء القاهرة: 
الكتاب السابع والثامن عشرء مايو 151١م»؛‏ ص59, ص١7.‏ 

(ه) المقدّمة: ؟/788١,‏ 

(1) حجازيء محمود فهمي: النظريات الحديثة في علم اللغة» ص7". 


انا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


أولاً: مفهوم الملكة والمواضعة اللغويّة. 

يُزقيظ مفهرم التلكة اللقزية في موروخا النتضالة الغربية) بتاريحة المواسعة اللغويسة: 
وكلافنة الأقضنابة اللعوي» ويتحلن هذا القهم عق 'أضيهات التظار: العام وغل بر اسيم اق خلحدونة 
قرف تاوك هذا المشكل على صو عاففتة يتين المخطون. 

تناول الفلاسفة والمفكرون القدماء علاقة اللفظ بدلالته من وجهات مختلفة» غير أنها تتشعّب 
إلى شعبتين أساسيتين: ْ 

الأولي: علاقة الارتباط الطبيعي؛ أي أنّ لفظا معيّناً يُثير معنى معيّناء أو أن المسمّى يوحي 
شر لكقيان لأسي لذ 

الثانية: علاقة مصطنعة؛ أي أن الإنسان هو الذي يفرضها بإرادته» ويحكم طول ملابسة 
اللفظ للدلالة» فينشأ ما يُشبه التلازم بينهما!". 

وقد بقيت هذه العلاقة» التي أثارت هذا الخلاف منذ فلاسفة ما قبل الميلاد حتّى زماننا هذاء 
قضيّة أوليّة في فلسفة علم الدلالة» ثثير سلسلة من التفسيرات المتناقضة» يقول ستيفن أولمان!"): "منذ 
بداية الفلسفة الغربيّة» وربّما قبل ذلك بكثير»ء والعلاقات بين اللغة والحقيقة» هي المشكلة الأولى في 
فلسفة علم الدلالة» ولقد أثارت سلسلة من التفسيرات المتناقضة". 

لفك تقل درفني إلى عجالة اسل لكلا + كل أنيا لضع هن مسسائل تلم النفه: :فهو يق" 
"إنّ مسألة أصل الكلام. ليست من سائل علم اللغة (...)» فغالبيّة أولتك الذين كتبوا عن أصل الكلام 
منذ مئة عام يهيمون في تيه من الضّلال؛ لأنهم لم ينتبهوا إلى هذه الحقيقة". 

لهذ الهرة لقسانة أل كاوه :قد قحك قلير | من لصون الى اونب لامي ين 
تضرب في طرق مسدودة كما يشعرون!؟. 

إن اللفةانظام مخ" الم اشعات» وهو نكاد كلام مفرد»:وقيمة الرمو ا اللقويافية كما يفسول 
ماريو باي/*: "لا تتعدى تقبّل المجتمع له؛ واتفاقه على استعماله» ولو غيّر المجتمع رأيه» لتغّرت 
فعا لذلك قنمة هذا الرمد» أو" فك هذه الفيمنة كاكلا . 

ِل إن القيمة النن يدل علبينة الرمق: اللخوية لد ابطريك:التمك والقرطن؛ ولهانوين ساك 


. مندورء مصطفى: اللغة بين العقل والمغامرة, الإسكندرية: منشأة المعارف. 915١م ص47‎ )١( 

6 66 .2 ,1©5اقتفصءك5 01 دعامتعصعط عط1' :ممحصسلان] 
7 ,071010 

(؟') فندريس: اللغة. تعريب: عبدالحميد الدواخلي ومحمد القصاصء القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريةء ٠15١م»‏ ص59. 

(4:) مندورء مصطفى: اللغة بين العقل والمغامرةء هامش (15). 

(5) بايء ماريو: لغات البشر؛ أصولها وطبيعتها وتطوّرهاء القاهرة» قسم النشر بالجامعة الأمريكيّة ١517١م»‏ ص77. 


١7 / 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


أي رابطة فطريّة بين اللفظ ومدلوله!". 

وتعتمد المواضعة على القصد والوعي بما يتمّ التواضع عليه!"؛ والقصد هو القانون الداخلي 
فق تلب التو اضتة اللفوثة» الذى تحثة توحة اجناءن 'الحظاب» زهو العتصين امراب يدين اللفنة 
والمواضعة؛ من خبر أو أمر أو استخبار» فيتحوّل بالصياغة اللسائيّة من الوظيفة الإبلاغيّة إلى 
الوظيفة الاقتضائيّة كما في الأمر والنيس :انلصت 

فنظرية المواضعة؛ أو قانونهاء هو المولّد الحركيّ لكل ضروب الكلام في أجناسه؛ ودلالته: 
وعلائق تركيبه!''. وهذا يعني كما يقول ماريو باي": أن "اللغة (...) تعتمد على الاصطلاح: 
والاضاق الماع بن أعضاف الحماقة اللدوقة كل "المشن »از امعان المكينة"السس :يه عييا 
أصوات خاصة". 

ولكنّ الغرض الأساسي من المواضعة» "ليس مجرّد أن تصبح الألفاظ رموزآء أو علامات 
علن :أشياء (:1:) ولنما الهدشة الأصلى هن وضع المقرذات لمسكياتهاء هو أن سطده يمعطم 
بعضء لتتأتّى الفائدة المركبة: وهذا شيء يعمّ جميع المفردات مع ما يتركب منهة!". 

فالألفاظ المفردة - التي هي أوضاع اللغة - لم توضع لتعرف معانيها في أنفسهاء كما يقول 
عبدالقاهر الجرجاني» ولكن لكي يضمّ بعضها إلى بعضء فيعرف ما بينها من فوائدا". 

وقد عَدَ المسدّي (المواضعة) دعامة الانتظام الإبلاغيء والنظريّة المحوريّة في اللغة؛) من 
حيث هي تشكل دائم ومخاض مستمرا". 

ولا شك أنّ المواضعة قائمة على مبدأ العقد اللغوي» وهو ملزم للجميع؛ في المجتمع اللغوي 
المتجانس» في جدوليه: الجدول الدلالي المستمد من معاني الألفاظ مجرّدة (محور الاستبدال)؛ 
المستند إلى الرصيد المعجميء والجدول النظمي المجسّم لدخول الألفاظ في سياق التركيب» وهو ما 
يجعل القانون معمّماً على مبدأ الاستبدال ومبدأ التراكن في اللغةا". 


(1) ياي ماري أنسى غلم الألقة:اترجمةة لحم سكدان عن القالهرنة» حالم العف للا #انة اده هن 21 

(؟) عبداللطيفء محمّد: العلامة والعلاميّة؛ دراسة في اللغة والأدبء القاهرة - بيروت: الوطن العربي للنشر والتوزيع» 
(دءت)ء» ص”؟7؟, 

(؟') المسديء عبدالسلام: اللسانيّات وأسسها المعرفيّة» مرجع سابق» .١557‏ 

(4) المرجع نفسه؛ /؟١.‏ 

(9)“ناي مازيو” أنسش: علج اللقة: ورجعاسابق» 4 

(1) عبدالمطلبء, محمّد: العلامة والعلاميّة» مرجع سابق » .١5‏ 

(9) المرجع نفسه. 75. 

(4) المسديء عبدالسلام: التفكير اللساني في الحضارة العربيّة» .١١‏ 

(9) المسدّيء عبدالسلام: التفكير اللساني في الحضارة العربيّة» مرجع سابق» ص5١.‏ 


١77 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ويكجلى أفهم النقاسة لمحتو زسالة التتكل + باعقد انه لق متليج: العو اشينةة الت تالف بيت 
الكلام» فليس الكلام سوى "مقول" محيل على "متصوّر". يرجع بدوره إلى "واقع' موف سوبا من 
التركيب. وبانعدام المواضعة يرتفع العقد الجماعيّ بين أفراد المجموعة اللسانيّة الواحدة!". 

فعلى الصعيد النظري» لا يوجد اختصاص ما قبلي بين أي إنسان من البشر مع أيّ لغة من 
اللغات: خالإتشان متكلمح يللقزة > يكل اللفاك» بل .نما لأنهاية له.من' اللعات» ومأ كرح كيدي 
من حيّز القوة إلى حيّز الفعل» هو إدراك مواضعاتها!". 

وعليه» فإنّ العالم اللغوي فندريس ينفي نفياً قاطعاًء بل يستغرب ترتيب العلاقة بين اللغة 
والجنس» يقول!!: "فكرة الربط بين اللغة والجنس (...) لا شيء أشد غرابة على القارئن من هذا 
الترتيب". 

وهو يدعو إلى عدم الخلد بين الفكرتين» يقول/!: "لا نستطيع أن نقول بوجود روابط 
ضروريّة بين هاتين الفكرتين» إذ لا ينبغي الخلط بين المميّزات الجنسيّة المختلفة» التي لا يمكن 
تحصيلها إلا بالدم وبين النظم من لغة ودين وثقافة» التي تعد أعياناً قابلة للنقل» تعار وتتبادل" . 

له إنه ينك أن اماحاولة التريهية ييخهناء عتيف لانذائك مكو" ا "افكل بهار له تيل لكر كي 
ني 'اللغة والحش اعبت الئل حو 

تبرز نظرية "المواضعة اللغويّة' في فكر ابن خلدون» بصورة تدل على فهم واع للظاهرة 
الوذ سيو عاطلام فاللقةا يراء :من لمر إسمة كفل إلى مذكة من لدو يداك لتر حية» تكفون 
ناموسها (اللغة)» منصهرأ في قانون المواضعة الكلي!". 

إذا:المواضيعة #جفلة من القوافيع المرونة اليناء:اللقة في سيك دو اليا "لآ الذي في اللعبيان 
والنطقء إِنما هو الألفاظ وأا المعاني» فهي في الضمائر موجودة عند كل واحد وفي طلوع كل 
فكر "1" , 

إنَ تأليف الكلام للعبارة من المعاني» محتاجٌ للقوالب التي تفرزها المواضعة اللغويّةا"). وهذا 


.١5١ص المرجع نفسهء‎ )١ 


(01) 

(؟١)‏ المرجع نفسه. ص57١.‏ 
(؟) فندريس: اللغة» مرجع سابق» ص7937. 

(4:) فندريس: اللغة» مرجع سابق»ء ص758. 

(5) المرجع نفسه. 5918. 

(5) المسديء عبدالسلام: التفكير اللساني في الحضارة العربيّة» مرجع سابق » ص78١.‏ 
)٠(‏ المقدمة. مرجع سابق ؟/7١171.‏ 

(4) 


04 


5 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


يعني انتفاء البرهان العقلي على مواضعات الكلام» وهو ما عناهُ ابن خلدون بقوله!": "إن اللغة لا 
تثبت قياسا". 

لقد اهتدى صاحب المقدّمة إلى أن اللغة مثالات مجردة تقوم مقام المنوال أو القالب أو 
الأسلوب'", ثمّ يأتي اكتساب الكلام لجملة منوالاته المؤكدة له؛ وبالاعتياد والتكرار والممارسة 
يتجرد في ذهنه من جملة هذه القوالب» قالب كل مطلق!'! يحذو حذوه في التأليف. 


الملكة اللغويّة وظاهرة الاكتساب: 

إن أن جر انس فسترة: الكنيا سوتدق الوممية العامة العاشقه ١ه‏ للم وماتكر لداسسماة 
اللغة. بحيث يصبح ممارسة لتلقين اللغة» فهو مواضعة لنواميس الكلام مستخرجة من ذاته!". 

يُرقبِط تعليم. اللعلةا كتير يظذاهرة الأكقساب» بل إن "كوودر" غة تعليمها فنا !"4 أي أنه :شاط 
عملي يقتضي مراناً عالياًء يكتسب بالدُربة المتواصلة؛ وقد يتداخل مفهوم الفنّ بالعلم, غير أنَّه إذا 
كانت معرفتنا بالعوامل الضابطة لهذا النشاط ناقصة, فيتعيّن تحاشي الإجراءات الجازمة بغية درس 
ذه اومس النشاظ في بخين10531 تلم الثقاف سق عابو مسشطلدة» أي أنه اسمن النوايست 
في شيء» فلا يُستطاع سبر قيمهاء ولو أَلَمّ الإنسان بها!". 

١ن‏ أو سواف انهيية الكضاب :مر الويجية الذز لق انان نهدل واو لتو التينفات 
اللغةا"اء بحيث يصبح ممارسة لتلقين اللغة؛ لكونه مواضعة لنواميس الكلام مستخرجة من ذاتها". 
وهذا ما يخرج اللغة من وظيفتها المرجعيّة؛ أي التبليغيّة إلى وظيفة ما وراء اللغة؛ أي الحديث عن 
اللغة باللغة. وهذه الوظيفة هي المرتبة الثانية» فيرتقي الإنسان من ممارسة تلقين اللغة فعلياً إلى 
وصف عملية التعليم وطرقه؛ حيث يتحول دور عالم اللغة من فاحص لتحوّل اللغة من أداة خطاب 
أولاً إلى أداة تلقين (مواضعة) الخطاب ثانيآء فإذا به يصوغ ملاحظته الإفسارة مس د اميه 


و 


.٠١7؟7/7 المقدّمة. مرجع سابق‎ )١( 

(؟) المقدّمة. مرجع سابق» 01799 311501 1709, 

("') المرجع نفسه. ص5 .١١١‏ 

(:) المسديء عبدالسلام: التفكير اللساني في الحضارة العربية» مرجع سابق» ص”7١7.‏ 

(5) مدخل إلى اللغويات التطبيقيّة» ترجمة جمال صبريء الرباط: اللسان العربي؛ مج5١؛‏ ج١1‏ 215175 ص54 -75, 

(5) المسديء عبدالسلام: اللسانيات وأسسها المعرفيّة» تونس: الدار التونسيّة للنشرء الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب» 


15 ام ص١3 ,١‏ 
في قطي 6 العريرة مو جد دسا 1 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


كلاماً في الكلام الملقن به الكلاء!") 

ويأتي أخيراء تحسٌش المواضعة وسنن أنظمتها في اللغة المعنيّة بالدرس !"ا 

ولعل أكبر حدث لسانيء وهو المتمثّل في ظهور المدرسة التوليديّة» إنْما هو ناتج عن موقف 
ا 0 تشومسكي عن الهيكلين (البنويين) 

"ا فعرتف اللغة بأنها ملكة فطريّة تكتسب بالحدثء معتبراً أن صيغها الأوليّة ليس إلآ مجرّد قادح 

لشرارة هذه الملكة. في حين يعد الهيكليون اللغة عادة من العادات تكتسب بالمحاكاة والقياس/؟) 

ويلاحظ أنّ الخط الفاصل بين كثير من مدارس اللسانيّات المعاصرة» يرجع إلى اختلاف 
تكديد اللغة انظلاقاً من معايين أكتساب مواضيهاني !)ا 

كان لرواد الفكر اللساني العربي؛ حديث جادٌ في ظاهرة الاكتساب؛: ولا سيما علماء الننفر 
في المناقطة والفلاسفة وعلماء الاجتماع؛ فقد استطاعوا أن ينفذوا إلى خصائص الظاهرة اللسانيّة: 
بالاغتفاد على هلايسات افتناتها وطزائق تحصيلها. 

يقول عبدالسّلام المسدّي في 5 انك !1" أولعنا حكمنا كد موزوظ الحطاز ه العوسحة 
في هذه القضية» تحديد اللغة بكونها ملكة» والملكة مفهوم متعدّد الجوانب» متداخل المقاصدء غير أنه 
تحصو الكبال؟ فى "الشتوة على : إكفن اع مالم يكن مكفسيا من «الشلك الكو ف 

باتو ابن خلدون على رأس العلماء الذين ساهموا في الحديث عن مشكل العلاقة بين مفهوم 
الملكية اللغوية» وظاهرة الاكتساب» وكان حديثه هذا فتحاً يدا في الظاهرة اللغويّة» تتيح لدارسي 
اللغة بداية طيّبة في علاج مشكلاتها. 

لقد نفذ ابن خلدون بحس لسانيّ دقيق إلى مفاعلات الاكتساب اللغوي انطلاقاً من فكرة 
الملكة وملابساتها التجريبيّة» وأول ما يتقرئر لديها": "أن الملكة في الحدث اللساني تستند إلى 
حصوله كلا لاايتجزأ؛ أي أن ممارسسة الإنسان للغة بالملكة شفي: أن يكون واعيا مفرداتها عن 


المرجع نفسه. ص؟١١.‏ 

المرجع نفسه. ص؟7١١.‏ 

انظر باقرء مرتضى: نظرات في النحو العربي» ص7١٠.‏ مجلة كلية الآداب» جامعة البصرةء ع١١2‏ 19175, 

إبراهيم» زكريا: مشكلة البنية» القاهرة: مكتبة مصرء دار مصر للطباعة؛ (د.ت)ء ص8ه؛. ص551. وانظر: سامسون» 

جعفري: مدارس اللسانيات؛ التسابق والتطور؛ ترجمة محمد زياد كبة» مطابع جامعة الملك سعودء 11154: الفصل 

الثالث؛ الوصفيون (ص١ه‏ -لالا), 

(5) المسديء عبدالسلام: التفكير اللساني في الحضارة العربية» مرجع سابق» ص7١5١.‏ وانظر: المسديء عبدالسلام: ابن 
خلدون والفكر العربي المعاصر؛ الأسس الاختبارية في نظرية المعرفة عند ابن خلدون. ص57١.‏ 

() المسدي: التفكير اللساني» مرجع سابق » ص4 .7١‏ 

(0) المسدّي: ابن خلدون والفكر العربي المعاصرء مرجع سابق» ص١5 .١‏ 


لا 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


تراكيبها . 
وعليه» فإنَ الظاهرة اللغويّة في رأي صاحب المقدّمة» تلحق الاكتساب عن طريق المنشأ 
الطبيعي بقوانين الإدراك الشموليّ» حيث يعي الإنسان الكل دون أن يكون حتمأ قد وعى أجزاءء!", 
فيو يقول71: ]8 اللعة فح عبان المكلم عن قوذ وتلك: العدارة قعل لشاكرة قلا قن أن عصير 
ملكة متقرترة في العضو الفاعل لهاء وهو اللسان". 
ويعرض ابن خلدون فكرة الملكة بالاعتماد على مستويين!: 
الأول: فصل أبنية الدوال في الكلام عن أبنية المدلولات. 
والثاني: بيان مراتب التعبير إبلاغاً أو إبداعاً. 
وهو في هذا يفسسّر كيف تتنحصر مواضعات اللغة باعتبارها جملة القوانين المرتبة لبنائها في 
شيخ الدوال اللقوية» الا الذي في اللبنان والنطق» إنمااهو الالفاكك» و انا المتدائي قبي في السصمائر 
موجودة عند كل واحد وفي طوع كل فكر"!*). 
وهكذاء يكون تأليف الكلام للعبارة عن المعاني محتاجاً للقوالب التي تفرزها المواضعة 


ويخلص ابن خلدون إلى أن"": "الجاهل بتأليف الكلام وأساليبه على مقتضى ملكة اللسان؛ 
إذا حاول العبارة عن مقصوده ولم يُحسن بمثابة المقعد الذي يروم النهوض ولا يستطيعه؛ لفقدان 
القدرة عليه" . 

فيكون مفهوم الملكة اللغويّة متطابقاً مع مبدأين» هما(": 

مبدأ العلم أو المعرفة» ومبدأ القدرة أو الاستطاعة» وبينهما من التفاعل العضوي مثل ما بين 
الإدراك والتعبير؛ أي مثل ما بين التلقي والبث أو التفكيك والتركيب. 

لاحظ ابن خلدون أن الدارسين للظاهرة اللغويّة قد خلطوا خلطأً واضحاً بين مفهومي الملكة 
من جانب, والطبع والجبلّة من جانب آخرء بل إِنْهم عدُوها بدائل لفكرة الملكة؛ إلا أنه استطاع 


.١1775/79 المقدّمة. مرجع سابق‎ )١( 


ص .١١‏ ص ه١١‏ , 


انظر في المقدمة, 1717/9 3.5 013.6 3١5‏ 1, 
المقدّمة» مرجع سابق .171١7/9‏ 


ا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


بالبحث والاستقراء أن يفصل بينهماء وهو في ذلك يعزل البعد اللغوي الذي تمثله الظاهرة اللغوية 
عن مطعيات الجبلّة» من حيث هي الطبيعة الأولى للإنسان!''. 

يقول ابن خلدون!": "ولذلك يظنّ كثير من المغفلين ممّن لم يعرف شأن الملكات: أنّ 
الصّواب للعرب في لغتهم إعراباً وبلاغة أمر طبيعي؛ ويقول كانت العرب تنطق بالطبع وليس 
كذلك: واإنما هن :ملكة لسائثة :في نظم الكلام تمكنت وويتخت فظورك في نادىة الزأي أنها جبلّة 
0 

لحك لخاد إلى جوهر قضية الاكتسابء ليدعم به رأيه في تمييز الملكة عن الطبع 
في شأن اللغة مؤكدًا" أن "هذه الملقة إنما تتصلل يمعارنة كلذد العرك ب وتكرار». على التتقنه! 
والفمدق تكواضن قر كريد ولعت حل تعر فة التزائرم الحلبكة فى ذلك القسي اليستقيطها أسل 
صناعة اللسان» فإِن هذه القوانين» إثما تفيد علماً بذلك اللسان» ولا تفيد حصول الملكة بالفعل في 
محلّها"!؟), 

يتّخذ ابن خلدون من اللسان محوراً مركزيّاًء إذ ينسب إليه الاستعداد بالملكة والرياضة 
وبالصنعة» فهو يجعل مبدأ اجتماع عنصري الملكة والصناعة في مفهوم اللغة» وذلك بإدخال محلهما 
جميعاً وهو اللسان» فيصبح الكلام مهارة مكتسبة بالاستعداد والمران في نفس الوقت!") 

وقد تنوّعت عبارة ابن خلدون في وصف اللغة» فهي: "ملكة اللسان"1'). وهي "صناعة ذات 
ملكة"!"'ء وهي "ملكة في اللسان بمنزلة الصناعة"!". 

قد يكون الاحتكام إلى جوهر قضية الاكتساب اللغويء بالاهتداء إلى حقيقة الحدث اللساني؛ 
الذي هو ملكة تروّض كما تروّض اليد على التجارة أو الحدادةء هو الذي قاد رواد 3 انحو في 
الفزاات العرني» إلى القاكية على أذ اللغة خالا مجردة تضاع بالشدود والقوافيخء'واع تهنا يتؤلد 
بالقياس الكلام المنطوق؛ والمنجز فعلا وفي مفترق القالب والقانون تكمن ركائز الملكة الصناعيّة 
في لبر اللغةة زا وديف المقالانة التجردة ساهو الاتكيذاه الناقيلن اصنياعقيا وسياعة بتدائلها: 


المسدي: ابن خلدون والفكر العربي المعاصر. مرجع سابق ص57١.‏ 
المقدّمة» مرجع سابق .١1785/9‏ 

المسدي: التفكير اللساني» مرجع سابق » ص7١7.‏ 

المقدّمة» مرجع سابق 1785/9 ,١179٠0‏ 

المسدي: ابن خلدون والفكر العربي المعاصر. مرجع سابق ص57 .١‏ 
المقدّمة. مرجع سابق» 1515/9 1777/9, 

المرجع نفسه. .١75/8/”‏ 

المرجع نفسه. .١179//9‏ 


1 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


ولأنَ القانون اللغوي؛ هو الممارسة الاختبارية... وهكذا يصبح اكتساب اللغة عمليّة جدلّة بين 
التلقي والإفراز!"". 

واللى عنهية انان في" الاكقتاب اللقري "حت رار انحن حكلتدون !إن "السو احير 
الملكات اللسائيّة؛ فلسان الإنسان صورة للسان من ينشأ بينهم؛ لأنه يسمع كلامهم وأساليب 
مخاطبتهمء وكيفيّات تعبيرهم عن مقاصدهم ابتداءً بالمفردات في معانيهاء وانتهاءً بالتراكيب في 
انتظام بعضها ببعض7» و"لا يزال سماعهم يتجدّد في كل لحظة؛ ومن كل متكلم: واستعماله يتكرّرء 
إلى أن يصير ذلك ملكة وصفة راسخة". 

إن الأساس المبدئي الذي يصدر عنه ابن خلدون في مفهوم الملكة» هو مبدأً الارتياض 
بالمعاودة؛ أي أنّ الحدث الكلامي» هو محصول معادلة الممارسة والتكرارء وهذا هو حدُ الملكة/'). 
يقوك ازن: كلدون !"1 "و الملكلت» ل تحسكق! إلا يتكر ال الكقعال؛الأت الفعل رقم أوالأ» وكيود نت للذات 
صفة تتكرئر» فتكون حالاء ومعنى الحال؛ أنْها صفة غير راسخة؛ ثم يزيد التكرارء فتكون ملكة؛ أي 
مع 


ويمكن إيضاح فكرة ابن خلدون في الفعل اللساني المفضي إلى الملكة بالخطاطة الآتية: 


١‏ - فعل لساني” صفة الذات 
١‏ - تكرار الفعل حال (صفة راسخة) 
" - تكرار متزايد ملكة (صفة راسخة) 


إنّ لحظة عقد الاكتساب» تتحدّد بحصول القدرة على التصرف في التعبير بحسب ما وعاه 
الإنسان من تراتيب الألفاظ وأساليب النظم. وقد أطلق عليه المسدّيء لحظة التحول من الاختزان إلى 
الإنجاز بالتصرف العفوي» والابتداء التلقائي!". وهو ما يسمّيه ابن خلدون: "فتق اللسان بالمحاورة 
والمناظرة'(", 


المسدي: التفكير اللساني. مرجع سابق » ص5١27»‏ ص١77.‏ 

المقدّمة» مرجع سابق .١1775/7‏ 

المسدي: ابن خلدون والفكر المعاصر. مرحع سابق» ص57 .١‏ 

,١791//9 المقدّمة,‎ 

المسددّي: التفكير اللساني في الحضارة العربية» مرجع سابق » ص757. 

المقدّمة» مرجع سابق 17179/9. 

* انظر في هذا: زكرياء ميشال: الملكة اللسانية في مقدّمة ابن خلدون» مرجع سابق » ص .١‏ 
() المسدّي: ابن خلدون والفكر المعاصر. مرجع سابق » ص5 .١5‏ 

(8) المقدّمة. مرجع سابق» .٠١71/”‏ 


1 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وممًا يذكر لصاحب المقامة في”الجانيي النظري؛ء اهتداؤه إلى تحديد اللغة 58 مثالات تقوم 
مقام المكو اك ]از الكالت أن ترف "لان هدلت الكلام هو كالبتّاء» أو النسّاج» والصورة الذهنيّة 
المنطبقة كالقالب الذي يُبنى فيه» أو المنوال الذي ينسح عليه"!". 

إنّ ملكة اللسان» رهينة بالمعاودة المفضية إلى ارتسام المنوال الذي نسجت عليه مواضعات 
اللغة في مخيّلة المتعلم؛ » فهو في خطابه ينسجٌ من حيث يشعرء أو لا يشعر على منوال متننها!". 

فإن تلقاه وحفظه عند الاستعمال والاختبار» وإن ذهب رسمه الحرفي الاهز من التذاكرة 
"فقد تكيّفت التفس به حتّى انتفش الأسلوب فيها كأنه منوال يأخذ بالنسج عليه!؟). 

ثمّ يأتي ابن خلدون على العلاقة الجدليّة بين ملكة اللسان وصناعته؛ أي تميّز علم الشيء 
عن موضوع العلم يه» يقول/": "إنّ ملكة هذا اللسان غير صناعة العربيّة» ومستغنية عنها في 
التعليم» والسبب في ذلك إِنّ صناعة العربيّة: إنما هي معرفة قوانين هذه الملكة» ومقاييسها خاصة:؛ 
فهو علم بكيفيّة لا نفس كيفيّة فليست نفس الملكة» وإنما هي بمثابة من يعرف صناعة من الصنائع 

علماً ولا يحكمها عملا (...)؛ وهكذا العلم بقوانين الأعراب مع هذه الملكة في نفسها.. " 


الملكة اللغويّة عند ابن خلدون والدّرس اللسانيَّ الحديث: 

لم نرد من هذا الجزءء الذي نتناول فيه الملكة اللغويّة عند ابن خلدون ومقابلتها بما في الدرس 
الحديث من مفاهيم» أن تمل هذا المفهوم قسراً على ما في النظريات الغربيّة من مفاهيم» هي وليدة 
ظروف مغايرة تماماً لمنهج الدرس اللغويّ العربي» ولكثنا نحاول أن نعرض لهذا المفهوم؛ء الذي 
غرف في هذين المنهجين» بتحديد ملامحه في كليهماء مع التقدير ابتداء أنه في كل منهج ألصق ما 
يكون بإطاره الفكريّ الذي نشأ فيه. 

للغة جانبان من الوجودء هما") 

وجود بالقوة (20164131).: أو ما يُعرف بالطاقة الكامنة» أو القدرة» وهذه يحكمها القانون 
اللغوي. 


7 


.7١9ص‎ » المسدّي: التفكير اللساني, مرجع سابق‎ )١ 

المقدّمة» مرجع سابق» .١7١7/9‏ 

المسدّي: التفكير اللساني. مرجع سابق » ص7؟7. 

المقدّمة» مرجع سابق» 1705/7 1707. وانظر: المسدي: التفكير اللغوي في الحضارة العربية؛. مرجع سابق» 
شا ؟, 


١ 
3 


)0( 
3( 
لو 
)5 


3 


(ه) المقدّمة, مرجع سابق» ل /ام؟ ١‏ , 
(1) بشرء كمال: اللغة العربيّة بين الوهم وسوء الفهم. القاهرة: دار غريب للطباعة والنشرء 9995١م؛‏ ص”35. 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 


والآخر: وجود بالفعل (42©1031)»: أي: الطاقة المنجزة: أو الأداء الفردي»ء وهذه يحكمها 
المفا سين ال 

تبدأ الرسالة اللغويّة بنطق الكلمات والجمل والعبارات» وهي مشحونة بالعلاقات» والخواص 
التركيبيّة» التي تمثل القوانين الضابطة لتأليف الكلام: وهي المعروفة بقواعد اللغة المعيّنة التي 
تستخلص من الأحداث المنطوقة» وتنطبع في الذهن وتستقر فيه فتترك استعداداً للتأليفء فيما يجة 
من أحداث فعليّة منطوقة!'!» لا على منوالها فحسبء بل بصور نطقية جديدة» لم يكن منها تمتخ 
كام من قل :او العلا عليه لد كريت” فالضاظ: اللكزى القلاق» عقو أعند اسه هلمن 
التفكن اللقد 1 

وهذا يعني أنّ الصور النطقيّة» والقواعد التركيبيّة المخزونة في الذهن» هي التي تمثل جانب 
اللغة الموجودة بالقوة» وأنَ الأحداث المنطوقة المسموعة»؛ تعني الجانب الموجود بالفعلء والعلاقة 
بين الجانبين علاقة أساسيّة» فلا وجود لأحدهما دون وجود الآخرء وإِن كان الموجود بالفعل أسبق 
من صاحبه؛ وهو الجانب الفعّال الذي يمنح الجانب الأول (الجانب العقلي» أو القواعد المخزونة في 
الذهق) وحوده وماتتا". 

يلاحظ أن ابن خلدون قد قدّم الجانب الموجود بالفعل؛ أي الأحداث اللغوية (المنطوقة) على 
الجانب الآخر (المخزونات العقليّة)؛ وذلك لأنه المصدر الذي يستمد منه الجانب الثاني حقيقته؛ وقد 
أشار ابن خلدون في غير ما موضع من مقدمته إلى أهمية الجانب الأول!؟. 

ففي إصلاح الموجود بالفعل إصلاح للموجود بالقوّة» وفي إصلاح الموجود بالقوة» تفعيل 
لدوره في إصلاح الموجود بالفعل» فكيفما يود الكلام ويسمع؛ يكن حال المخزون في الذهن صحة 
وخطأ! ....؛ فهو كما يقول ابن خلدون: السمع أبو الملكات اللسانيّة!'!. 

ومعنى :ذلك أ السامع يتكلم يناء على ما 'اختؤنة فئ ذهنهه .متا اكشسبة من نظم البنية اللعوتة 
الت مكيكن كيه :"قو يتكلم هلين الكزفه و اتعادةاللغة اليكنمم القع عرق :قبت تفن لحني :اقضيويا 


المرجع نفسه. ص15. 

عياشيء منذر: اللسانية والتنظيرء بيروت: معهد الإنماء العربي» ع57: 91485١م:»‏ ص770, 

بشرء كمال: اللغة العربية بين الوهم وسوء الفهم» مرجع سابق » ص14. 

انظر المقدّمة: 17557/9 1755 567ل ه5ال 555 18 589 15998 15097.ء 1١١54‏ ... الخ» طبعة: 
دار نهضة مصر للطبع والنشرء الفجالة - القاهرة» ط”. 

(5) بشرء كمال: اللغة العربية بين الوهم وسوء الفهم» مرجع سابق » ص15. 

(5) المقدّمة. مرجع سابق» .١775/7‏ 


6 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


بتدريب الملكة اللسانئيّة وتعوّدها!'. فالأساليب الذهنيّة التي تصير كالقوالب» إنما يحصلها الملقي من 
حفط أشعاز الغرز وكلامهم؛ وهي تطنت عتده من النظن الظويل في .هنين الفنيت 17 

كان ينظر إلى "اللغة" قبل الخمسينيات من القرن العشرين؛ على أنها نوع من أنواع السلوك 
ليس فيه إلا ما نجده في لاقوة ون هلها يجري كما يجري أنواع السلوك الأخرىء فلما 
ظهرت مدرسة القواعد التوليديّة على يد (تشومسكي).؛ أحدثت من التغيير ما يشبه الشورةل". من 
مثل: أساليب البحث اللساني ومناهجه؛ والمنطلقات النظرية التي يتأسّس عليهاء وما تبع ذلك من 
إغاذة تخريف لموهوهه د اللقة الشركة رو التطاركة اللستاكة كولكل اقم ككين متك يذه المدرئتة 
الأسس الفلسفيّة التي يتأسس عليها البحث اللساني؛ فقد نظرت إلى اللغة كنظام معرفي عقليء لا 
يكفي لمعرفته وصف ما يظهر منه. بل لا بد أن تتعدّى دراسته ذلك إلى تفسير طبيعته واكتسابه. 
وامتكد امه من ما" تفريشه حدوه: العدل الشرى غلية» ورعلى غير هتين الفظة الموزتفكحة أولاء 
وق (الضنؤاة الخاضية بهذا" النطاد تعدد ا وه الماك التى شنم جدوده وميادتة سنا يس كل 
اللغلة البقوية ا 

بل إنّ تشومسكي كان يرى أنّ هدف الدرس اللساني؛ يتمثل ببناء نظرية للغة الإنسانيّة - 
وهذا ما يجعل من هذا الدرس علماً - نظرية تفسّر الظاهرة التي يتصدى لها!*. 

وفي سبيل التعريف ابالمعرفة اللغويّة)» فرق تشومسكي بين النظام الداخلي؛ أي القدرات 
القواعديّة» أو النظام الشكلي اللغويء وبين الجوانب الأخرى من الظاهرة اللغويّة» تلك الني تأتي 
نتيجة تداخل اللغة بغيرها من مجالات المعرفة؛ أي مجالات أو جوانب السلوك اللغوي أو الأداء 
اللقوى:ترهو الت يبل الانقون 1 

وهذا يعني فى جيل الرسنول إلى فيج الأداع اللقروةلقانة أن تتقذى ألا كمد ذلك الخو 
المهم» وهو فهم القابليّة اللغويّة؛ أي المعرفة الضمنيّة بنظام لغتنا القواعدي!". 

عرف تشومسكي القابليّة اللغويّة بأنها ملكة تكتسب بالحدس؛ وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن 
يتكلم بالئغة إلا إذا سمح :ضيعها الأولثة في نشاته قإذ مناغ تلك الصبيغ لبون كو الذى يخاق الفلندرة 


.؟١ص‎ » عيدء محمّد: الملكة اللسانية في نظر ابن خلدونء, مرجع سابق‎ )١( 

(؟) المرجع نفسه. ص55. 

(؟) سامسون» جفري: مدارس اللسانيّات؛ التسابق والتطوّرء مرجع سابق» ص5؟١.‏ 

(:) باقرء مرتضى: مقدّمة في نظرية القواعد التوليديّة» عمان: دار الشروق؛ 7١٠7م»‏ ص3. 
(©) المرجع نفسه» ص١ء‏ ص1 . 

6) 

3 


المرجع تفسه., ص١3‏ , 


١ /ا‎ 


الملكة اللغويّة عن ابن خلدون - دراسة لسانيّة مقارنة فايز عيسى المحاسنة 
اللغويّة في الإنسان وإنما يقدح شرارتها فحسب!". 

ويذكر مازن الوعر أنّ تشومسي عرف النحو في بداية كتابه البّنى النحويّة» بآنها": "جهاز 
فق :فو كام مصث الانذاج الككل في اللقلة وقد حاف بعلن ذلك قاكاذ "زم وتوم اتسظ أن 
تشومسكي استخدم كلمة ينتج (26001106) مما يحمل على الاعتقاد دون شك بأنَ بنية اللغة النحويّة 
توإضنت مو تويجية نظن المتكلم:وليتن المستى؟» . 

كان غرض تشومسكي الانتقال بالدرس اللسانيّ من دراسة السلوك اللغوي الفعليء أو 
المحتمل؛ ونتاج ذلك السلوكء. إلى دراسة نظام المعرفة الذي يتأسّس عليه استخدام اللغة وفهمهاء 
ومن هذا إلى دراسة الموهبة الداخليّة التي وهبها البشرء التي تجعل توفرهم على هذه المعرفة أمراً 
ع 

الظفك ثولت عه رساك :شك عدود وتفظائطن ملعة' اللكة الشركة اف عالقا الأرلتى 
(ح صفر)؛ أي حالة القواعد الكليّة * (5ةنتطتة1 © 1[219761501]). أمّا ما تختلف به لغة بشرية عن 
أخرىء فهو الاي يتعلبه اللدل :في منت اكتسناية للعك نيه :بيني شكلا اكش ديد ليحذا النظامء 
وبمواجهة الطفل للغة - يستمر تغيّر حالات ملكة اللغة حتى تصل إلى مرحلة تكون فيها في حالة 
استقرار أو حالة نضج؛ أي (ح ق)“). 

ويرئ تشومسكيء أن اكتساب اللغة لا يكون مجر تعلم ن طريق محاكاة الطفل لما يتلقاه: من 
تلك القادة التعرقةا "+ فالتشياظ اللعوي تقوم على التر كيده بلك نه تشتاظ الخادو له وهو حك أحيم 
كعاتن نكن النفوني بك .ناهتما علس شاد "ا 
الخاتمة: 

أضدت تلم الات الطبيعكة أمرا كبر ورا نتيجة تداخل المعارفء والتقاء الحضارات؛ حيث 
عمدت بعض الدول إلى تسويق لغاتهاء بعد أنْ أخرك لاخطيطا وكيا في طل ولت علد القن 
التطبيقي (1181015]105 1160م7م4) في الخمسينيات من القرن العشرين. 


10 السفذن ‏ عبوالنات » النتقرن اناي في التكشيازة الروئية د درفم ساف صن 

(؟) الوعرء مازن: تشومسكيء اللسان العربي. ع١7, 2١91488‏ ص55١.‏ 

(؟) باقرء مرتضى: مقدّمة في نظرية القواعد التوليديّة» مرجع سابق» ص١”.‏ 

وض مجنوع الحمنائطن 'الغامة الف حمكد:اللدات الشرحة. الفى رك ما فردهةا النظام المعرفي الذي تدعى لكة نطق 
باقره مرتضى: مقدمة في نظرية القواعد التوليديّة» مرجع سابقء ص57 . 

(؛) باقرء مرتضى: مقدّمة في نظرية القواعد التوليديّة» مرجع سابق» ص58 . 

(5) المرجع نفسه. ص"59؛ . 

(1) عياشيء منذر: اللسانية والتنظيرء مرجع سابق»ء صه”77. 


١5/ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


اهف ا المشكثة اللغوية فح الدلاد العريكة اتحداتم إلى قرف هذا للف عدي ووية :واضحة لكاء 
لغوي محكم,ء تأتي ظاهرة الاكتساب اللغوي فيه من أولوياته» حيث يعمد إلى اختيار لغوي لاصطناع 
إشناع) ندل فيد العشنات بلقل .نكاد الكفانة الاتوضة الذنى خايكف فيه اللكة التقرنة (الفدرة 
الطبيعيّة) لدى الإنسان العربية في بيئه تعتدكفيها المستوياتة اللغوية؛ وتخين ير اللغويُّون في تحديد 
(الاختيار)ء الذي يخدم المتلقي» مما يحتم عليهم إعادة النظر في المسألة اللغويّة في العربيّة» والإفادة 
فخ الآززاء. النافعة لدى: كلمانا وك النظرياكا الفزيتة و اختيان 'النكانتي نيا قبتي يكن 
الدارسون من الانتفاع من كل ذلك. 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم 
الأسدي: قراءة تأويلية ثقافية 


د. يوسف محمود عليمات ” 
تاريخ تقديم البحث: ٠٠١5/91/14‏ تاريخ القبول: ٠٠17/7/٠١‏ 


ملخص 

تحاول هذه الدراسة قحضن:موضوحة التلعينة. فق قصيدتي الهجاء والمديم :عند القناءن الجاهلي بشن يمن أبعي كازرم 
الاسدي. 

وقد جاءت مناقشة موضوعة الظعينة في محورين أساسيين هما: 
أولاً: المحور التنظيري؛ ويركز على فاعلية تأويل النصوص الشعرية» ودراسة إشكالياتها الموضوعاتية» واستكناه أبعادها 
الدلالية والنسقية في ضوء المناهج النقدية الما بعد حداثية. وفي إطار هذا المهاد النظري تمكن الناقد الثقافي من الكشف عن 
قيمة التأويل الثقافي للنص الشعريء ودوره الفاعل في توليد الأنساق الثقافية المضمرة في البنى النصية. 
ثانياً: المحور الإجرائي؛ وقد تمت فيه معاينة موضوعة الظعينة عند بشر بن أبي خازمء وتحديداً في إطار قصيدتي الهجاء 
والمديح. 

وقد أبرزت الدراسة» من خلال منهجها النقدي؛ أن الظعينة تشكل في شعر بشر ظاهرة متكررة تستحق الفحص والتأويل؛ 
نظراً لما تطرحه هذه الموضوعية من رؤى نافذة للشاعر الجاهلي تجاه الموضوعات الكونية بفضاءاتها الإنسانية واللاإنسانية؛ 
والمكانية» والزمانية. 


7 


الف نتطعاظ 01 11201 ل0صبد دزت 01 مدصعو© 1570 صز قطقل11010 ااعتدن) دز معحيره11 
لدتتنلنن) كن - 1لوعخ لذن ساحدك]1 


11062111 5 


]0 كططعوط 150 12 خطقل:1017 -اعمتةن) ما معمده1؟ 01 أعء[16ا5 عطا عمتصتمعء م1 كاعء5 ناءعم0م حلط 1' 
لذ ستتقط]ا [ظلخ. 8 تاواظ 01 طتلة31 ممه 


:5 10 02 0150115560 15 كط20103 اأعمتةن) 11 تاعم170 01 عمتاعغطا عط 1" 


الدع 1اعمعمططاعط 05 تزعدعقء عطا زه 5عغ#2امععممء طعتط"؟ ,اعع1 لمعتاء معطا عطا :)وتلا 
1121اع0120الا5 220 ,120162197 تاعطا عمتمطامط 12 320 ,ك0 دع تلطه عااأممطعطا خاعطا عه1ق5610 ,ذاءدء) علاعمم 
عط 17011 عطق 1دعناع1مع0) كتطا صنطا1]1 .ل1معط) 1دع ته علاأئ1ممع7200 غومم 085 غطعنا عطا ما كمماكمعصستل 
5 320 اءاع] عناء0م عطا 01 عتالة؟؟ علاتاعمعططتعط 9للدتتكلته عطا عمتلدعتء1 ما 0ع0ععع51016 علكتك لنتتقانه 
لقتناءع] عطا 1ل اع تعطصا كاعم 121نكلتك عط 1 مله 17اعة صا غ101 عتلتاعة 

7اللهتتالعع50م طععط فقط طهل201 أعممدن) 12 اعمطم 01 عممعطا عط1' .اعمع1 لوتتتلعء10م عط :0جمعءع5 
70 كل 01 1521061011 عط 10 ,(الدعلاععم5 ,320 مستحمطكا امطخ.ظ تعطحاظ 01 (إزاء0م عط ما لعمتسصسدى 
0 ع0 أقطا لعااع تلطعتط ققط ,121531مم2 11221تك 15 لاع نامغخطا ,ناعم3م كتط1' .طتلد81 ممه "درط 01 كسسعمم 
5 م5126 ,2]109لتلمططقئتء 1]1221اعدع عط 2 177105ء5ع0 20262012عطام 0عنأدعءمع1 2 15 5 ”طقل مط اعصندن0) 
-1201 2110 01021اط 01 1551165 1121761531 01 115101 12]18اعءم 5 اع0م عتدتج[15]-ع1م عطا 10115210 كأتام عممعطا 
..15 502112311 220 علطلا 01 220 ,كطاعع02ت تممصتتط 


* قسم اللغة العربية وآدابهاء الجامعة الهاشمية. 
حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة. الكركء الأردن. 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


١‏ مهاد نظري: تأويل النص الشعري في ضوء النقد الثقافي 

يرتبط مصطلح التأويل أو الهيرمنيوطيقا 1161776610]105 في دلالته الأولية بالمعنى 
الديني أو الأسطوري. فمصطلح "هيرمنيوطيقا" مشتق من كلمة "هيرمينيا 2أءعمعممء8 " التي تتعلق 
بوضوح باسم الإله هرمس (وعتم,ع]])الذي كان وعدا من آلهة الأرض عند الاعوي م وقد كان 
هرمس كائناً متقلباً وعامضاء إذ إنه كان أب لكل الفنون وَرَيَاً لكل اللصسوض» .كما كان شيخا وشائاً 
في الوقت ذاته!". 

وقد ظل مصطلح التأويل مقتصراً على تأويل الكتاب المقدّسء لكنه وسّع مجاله في 
غضون القرن التاسع عشر ليطال إشكالية التأويل النصّي قاطبة!"'. ومن ثم جاء شليرماخر 
(تعطعة]/3 معزعلطك؟) فكان "أوّل من نقل المصطلح من دائرة الاستخدام اللاهوتيء: ليكون علماً أو ففا 
لعملية الفهم وشروطها في تحليل النصوص7). بعدها أخذ هذا المصطلح يحظى باهتمام عدد 
من الفلاسفة والمفكرين الألمانء إذ "يعد المفكران الألمانيان شليرماخر ( 2وزواطاه5 
#عطء 12 ) وديلثي (لإعط1نط) سلفا هايدغر (جعععء1»10]) الأكثر شهر في هذا المجالء أْمَا خلفه 
الأشهر فهو الفيلسوف الألماني المعاصر هائز جورج غادامير (0615:ة11.620) صاحب كتاب الحقيقة 
والمنهج(95١00(1.‏ 

يحدد أمبرتو إيكو(ه-15 60:ءطدهت]) التأويل بقوله؟ فالتأويل هو تفاعل مع نص العالم» أو 
تفاعل مع عالم النصّ عبر إنتاج نصوص أخرى".أي أن التأويل وفقاً لهذا التحديد "علم يبحث في 
فهم النص بشكل .عام وذلك بإثارة أسئلة معقدة ومتشابكة حول النص: طبيعته: وعلاقته بمحيطه من 
جهة» وعلاقته بمنشئه وبقارئه من جهة أخرى"!". 

وترتكز النظرية التأويلية لتدمءط1 عناناءمءعده181 في مفهومها المعاصر على جملة من 
المفاهيم التي تؤسس بكليتها لتحقيق ما يسمّى بالقراءة العالمة أو العارفة عصنلهء1 0عدمئهآ1. وهذه 


)١()‏ 14 ,1986 ,(-1)1[1اءتكاعة81 8511 ,نمع20ع]1 دعا ناعمعستعط عط 1" ,تع لاع بكة تنا ,تعسلامما 

(1) إيكوء أمبرتوء التأويل بين السيميائيات والتفكيكية؛ ترجمة وتقديم: سعيد بنكراد؛ المركز الثقافي العربيء ط١ء‏ (الدار 
البيضاء جيروت)؛ ١٠٠7؛:‏ ص ص 78 -595, 

(؟ ) إيغلتون» تيري» نظرية الأدب» ترجمة: ثائر ديب» منشورات وزارة الثقافة» دمشق» سورياء :١955‏ ص8١١.‏ 

(: ) أبو زيد» نصر حامدء إشكاليات القراءة وآليات التأويل» المركز الثقافي العربي» ط؟. :١3157‏ ص١7.‏ 

(5 ) إيغلتون» نظرية الأدب» ص ص ,1١9-1١8‏ 

(5 ) إيكوء التأويل بين السيميائيات والتفكيكية» ص8١١.‏ 

(0) الرباعيء عبد القادر» التأويل: دراسة في آفاق المصطلح ٠‏ عالم الفكرء العدد؟: المجلد١"؛‏ المجلس الوطني للثقافة 

والفنون والآداب» الكويتء أكتوبر/ديسمبرء :.7٠٠١”‏ ص"5١,‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المفاهيم هي : 
الفهم منلمة)72065] » والفهم الذاتي عمناصة)دمعلمسلاءة» وسوء الفهم عمناصة)كمع0م نكت 
والدائرة التأويلية عاعءمك عناناءمعصمع11. 

إن عملية الفهم في التأويل النصّي تشكل جهازاً مفاهيميا مهّماً بالننسبة للمؤول لاس تكناه 
النصّ وسبر أغواره؛ وهذا الجهاز المفاهيمي يجمئّد كفاءة معرفية وخبرات تقافية وتاريخية مسبقة 
تؤهله لولوج عالم النصّ ومساءلته. ولا شك في أن هذه القدرات ار التي تغدو منوطة 
بالمؤول تحقق عملية الفهم الذاتي أو الخاص بالمرجعيات والأنساق التي يضمرها النص. 

وبناء على ذلك فإذا كان الفهم يفترض عملا سابقاً يشكل توافقاً أنطولوجياً وتاريخياً مع 
الفعر :#الكهرج: فإ :كل عاذقة الس" خاسنة و اكمان تحهي ف ]ليد امسسواطن اخلدن وس 
هرمنيوطيقية ينصهر فيها أفقان: 
-أفق المؤول المرتبط بحاضره التاريخي والمتحرك فيه وهو أفق تلعب فيه الآراء المسبقة دوراً 
مركزيآء ومن ثمة طابعه الإشكالي بوصفه بؤرة توتر ونزاع. 
-أفق الماضي الذي يمنح للأفق السابق وجوده»ء وهو يتشكل من مجموع الأسئلة التي يطرحها 
لقو ا هين" التضن! : 

وأما الدائرة التأويلية» فهي انفتاحٌ لا نهائي على لغة التساؤل المعرفيء كما أنها انفتاح على 
لا نهائية الإنتاج الدلالي والنسقي في النص الأدبي. فالمؤول حسب مفهوم الدائرة التأويلية يملك 
حرية اختيار (ده1ه561) نقطة البدء في مساءلة النص» بيد أنّ فهمه الخاص وخبراته المعرفية 
المتراكمة تاريخياً لا تسعفه في إنتاج المعنى النهائي للنص» أي أن الفهم الخاص لمغنى النص في 
الدائرة التأويلية يؤدي بالنتيجة إلى سوء الفهم؛ وهذا ما يتساوق تماماً مع فكرة تعددية المعاني بتعدد 
القرّاء في نظرية استجابة القارئن 126019 16500256 130617 ومفهوم القراءة الآثمة في النقد 
التفكيكي ع«ذ0ه2115:6 عتنة 12620085 11ى. فهناك نظريات حديثة» كما يذهب إيكوء تقول بأنَ القراءة 
الوحيدة الجدية للنصوص هي قراءة خاطئة» والوجود الوحيد للنصوص يكمن في سلسلة الأجوبة 
التي تثيره"!". 

ولهذاء فإن "الدائرة التأويلية عند غادامير هي التي تتحول بثبات الشكل إلى أقصى قواه 
الدينامية"!". إذ إِنّ هذه الدائرة "تدور حول ثلاثة أقطاب: المؤلف التاريخيء والمفستّر الذاتي» والنصٌ 


.٠١ص‎ :7٠١7 ,١طءءاضيبلا الزاهيء فريد» النصّ والجسد والتأويل» أفريقيا الشرقء الدار‎ ) ١( 
(؟ ) إيكوء التأويل بين السيميائيات والتفكيكية» ص77.‎ 
, لق ( طلبة» منى» الهرمنيوطيقا: المصطلح والمفهوم» إيداع» الهيئة المصرية العامة للكتاب» العدد الرابع»أبريل» 325 صاثمه‎ 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


في معناه الكلي» وهي دائرة تنتهي» وكل سؤال فيها يؤدي إلى سؤال جديد"! ''. وبالتالي يتحول 
النص إلى "كون 0ع مع م0 مفتوح بإمكان المؤول أن يعكتشف داخله سلسلة من الروابط 
اللانهائية "00 , 


وهكذاء فإن المنهج التأويلي» كما يرى غاداميرء يسعى إلى إيجاد المكان الملائم لكل عنصر 
من عناصر النص في كل متكاملء وذلك في عملية (سيرورة) اشتهرت باسم "الحلقة التأويلية"» حيث 
يتم فهم الخصائص الفردية بارتباطها مع السياق كاملاء ويتم فهم السياق الكامل عبر الخصائص 
ل يوك 

ع من هذا المفهوم المتحصل للدائرة التأويلية» فإنّ هاته الدراسة تؤكد في مجالها 
النظري أن تأويا يل الأنساق الثقافية 01:565ع02:6) 01101231 المضمرة في البنى النصية طلست و ع 
معرفيّاً بطبيعة جدلياتها وتحولاتها الدائبة من قبل المؤول» بحيث تك حالة الوعي المعرفي هاته 
على مسألة أنطولوجيا الفهم التي أشرنا إليها أثناء الحديث عن الدائرة التأويلية,. وبما أن النقد 
الثقافي» كما يشير فنسنت ليتش «0)ن7.1.6» يوظف المعطيات النظرية والمنهجية في السوسيولوجيا 
والتاريخ والسياسة والمؤسساتية دون أن يتخلى عن مناهج التحليل الأدبي النقديأ“). فإنَ هاته 
المعطيات والمرجعيات بكلية وظائفها تولد أنساقاً متعددة العوالم والإشاريات. وبالنتيجة؛ فإن "النسق 
في ضوء انفتاحه على مكوّن الثقافة -اللغة يؤسس نظاماً من العلاقات المرجعية الخاصة: 
والاحتمالات الإشارية اللانهائية» حيث تضحي العلاقة بين الدال والمدلول اعتباطية لا حد لها!". 

لقد ذهب عبد الله الغذامي في حديثه عن القيم الدلالية والسمات الاصطلاحية الخاصة بالنسق 
إلى أنّ النسق "يتحدد عبر وظيفته» وليس عبر وجوده المجرّد» والوظيفة النسقية لا تحدث إلّفي 
وضع محدّد ومقيدء وهذا يكون حينما يتعارض نسقان أو نظامان من أنظمة الخطاب أحدهما ظاهر 
والآخر مضمرء ويكون المضمر ناقضاً وناسخاً للظاهر"!". 


.51- طلبة» منى» الهرمنيوطيقا: المصطلح والمفهوم.ص ص58‎ ) ١ 
. إيكوء التأويل بين السيميائيات والتفكيكية[(مرجع سابق)» ص57‎ 
فتاوه وريه سورة للع ع ا‎ 
- الغذاميء عبد اللهء النقد الثقافي:قراءة في الأنساق الثقافية العربية» المركز الثقافي العربي(الدار البيضاءءالمغرب‎ 
والمرجع الذي يحيل إليه:‎ ."١ ص‎ .75٠٠١ ءا١ط بيروتءلبنان)ء»‎ 
,111311512أ 2051-5111 ,ل1م0ع12' (111217مآ بلكاع11ن) 121تط[انن) ,.7.8ا ,طعناعآ‎ 001110012 1171517 
21 تع ار ووع‎ 01:1 


4 ص45 ., 


(5 ) الغذاميء النقد الثقافي»(مرجع سابق)». ص/2/7. 


١ 
3 


)١) 
)١( 
(؟)‎ 
) :( 


3 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (") العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 

إن مقولة الغذامي بوجود نسقين متعارضين ظاهر ومضمر سرعان ما تنتفي في ضوء ما 
تطرحه هذه الدراسة عبر مصطلحها الجديد "التأويل الثقافي". فالنسق الظاهر بما هو وجود متعين 
في النصّ الأدبي لا يمكن أن ينتج نسقاً أحادياً مضمرأً كما أشار الغذامي؛ بل إن هذا النسق الظاهر 
يتميز بالمخاتلة التي تفرض على المؤول الثقافي التحصّن بكفاءات وخبرات لفصص هذا النسق 
ومساءلة إضماراته؛ مما يجعل المؤول الثقافي» وكما هي الصورة في الدائرة التأويلية» يكتشف أن 
النسق الظاهر ينتج سلسلة من الأنساق المضمرة اللامتناهية. ولهذا يرى غادامير أن "معنى العمل 
الأدبي لا تستنفده أبدأ مقاصد مؤلفه؛ وكلما عبر العمل من سياق ثقافي أو تاريخي إلى آخرء يمكن 
أن تغربل منه معان جديدة ربما لم يتوقعها أبداً مؤلف العمل أو جمهور معاصريا!'". 

ونث قدو كدالة القيه لحان اناق لكاي الأنى مان الحتصر وو يمنال بالقسيدة 
للمؤول الثقافي» وذلك من أجل الكشف عن حركية هذه الأنساق وفاعليتها في بنية الخطاب الأدبي. 
وقد بين الناقد الثقافي الأمر يكي ستيفن غرينبلات (01126م16 © «معطامء]9) أهمية الفهم في التحليل 
الثقافي للنصوص بقوله؟ مهمتنا التفسيرية يجب أن تكون الفهم الدقيق لنتائج تلك الحقيقة(العلاقة 
المتبادلة) عن طريق دراسة كل من الحضور الاجتماعي في عالم النصّ الأدبيء والحضور 
الاجتماعي للعالم في النص الأدبي"!". 

إن طرحنا لمقولة التعدد النسقي في التأويل الثقافي للخطاب الأدبي يغدو مسوغاً كذلكء إذا 
ما أدركنا أنّ انتماء النصّ إلى سياق ثقافي أو تاريخي محدد يفترض مؤولاً ثقافياً عارفاً بتك 
السياقات» ليتمكن من فك مغاليقها وتأويل أنساقها الثقافية والأيديولوجية المضمرة في الخطاب 
الأدبي. فكل مظاهر الثقافة» كما يقول ديك هابدغ(ءعذلطء11 10©)ء تمتلك قيمة سيميوطيقية؛ كما أن 
معظم الظواهر المفترضة يمكن أن تؤدّى بوصفها إشارات: أي بوصفها عناصر في النظام 
الاتصالي المحكوم بوساطة قواعد وشيفرات دلالية» والتي لا تكون نفسها مدركة بشكل مباشر في 
التجربة!". وهذه الإشارات» حسب هابدغ؛ تكون آنئذ معمية تماماً كالعلاقات الاجتماعية التي تنتجها 
وتمثلها!"!. 


.١177ص إيغلتون» تيري» نظرية الأدب:(مرجع سابق)»‎ ) ١( 
حمودة» عبد العزيز» الخروج من التيه: دراسة في سلطة النص» عالم المعرفة» المجلس الوطني للثقافة والفنون» والآداب»‎ ) ١( 
ص555. والمرجع الذي يشير إليه:‎ 7٠٠١7 الكويت» عدد /75» نوفمبر‎ 
عوعم5ع521 م1 ع110 بصمصط :عممتطمه21اء5 ععمدددتهمعا1 ,معطمعاك ,أكلاطمعءعء 0ن‎ )011280: 
ور,(5و216 117وا]ع كلمانا معدعتط0)‎ 5. 
1ة1تكاناكت 320 177ع]1آ) 111150 7قه1ء ما ,/23متطععع11 م1 ع1ن نان جه[ كاع1ط ,عع تلاع1‎ 5630165( ) *( 
,(تلتقتطع 0م.آ) تع اع لطاءد 1500210 0ه 015هئ[ ددهن) أترعط80] ::ز6 لعاتلظ ,ممغتلظ لكك‎ 1998, 2.660. 

(؛ ) .1010.,11660 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


سينا على هذاء يمكننا القول إِنّ "تأويل الحدث الأدبي يتبع الدائرة التأويلية في مراجعتها 
لنسيج المعنى التقليدي» والتي بدورها تكوّن موض وعات /موتيفات 34011065 خاصة بالفاعلين 
الاجتماعيين!''. ونظراً لأنَ التأويل الثقافي للنصّ معني بفحص الرؤى الأيديولوجية والممارسات 
الاجتماعية في بنية الخطاب الأدبي بوصفها أنساقاً غير بريئة:؛ فإننا نجد أن "الأثر الأدبي: 
أيديولوجياً» لا يتجلى فقط في ملكية "العاطفة" و "الذوق" و"الحكم"؛ وليس كذلك في الأفكار الجمالية 
الأدبية» إنه يقدم العملية نفسها: طقوس الاستهلاك الأدبي؛ والممارسة "الثقافية"!". 

إن التأويل الثقافي للنص الأدبي يعني "وضع ذلك النصّ داخل سياقه السياسي من ناحية» 
وداخل سياق القارئ من ناحية أخرى("؛ وهو ما يشي وفقاً للنظرية التأويلية» باندماج أفق المؤول 
مع الأفق الخاص بالنص. 

ولهذا تبدو قصيدة الظعائن في الشعر الجاهلي عامة» وعند بشر بن أبي خازم الأسدي 
نموذج الدراسة خاصة. مرتبطة من وجهة نظر المؤول الثقافي بموقف سياسي ورؤية أيديولوجية 
للشاعر الجاهلي إزاء قضية الحرب في المجتمع الجاهلي. فالقصيدة الظعينية بفعل ارتباطها 
بالحرب» تجسد خطاباً حجاجياً معارضاً يتبناه الشاعر الجاهلي نتيجة الطارئ والمتحول الذي يهدد 

فالشاعر يرى أن رحلة الظعينة هي تصريح بانتفاء الذات أمام هيمنة الآخر نإممرععع11» 
وهي الجدلية التي تفضي حتماً إلى انهيار دولة النظام /القبيلة»؛ وبالتالي تفكك منظومة العقد 
الاجتماعي. 

وتأكيداً لمقولتنا المنصرمة بلا نهائية الأنساق في ضوء التأويل الثقافي للخطاب الأدبي؛ فإن 
هاته الدراسة تحاول فحص موتيف الظعائن في قصيدتي الهجاء والمديح عن بشر بن أبي خازم 
الأسديء إذ ترى الدراسة الآنية أن هذين الغرضين التقليديين يتضمنان في بنيتهما عتبات نصية 


وتشكيلات نسقية ظاهرة ذات أبعاد دلالية ونسقية مكثفة. 


)١)‏ 01 111011ن) 0051176 2 01 م1100-0010 2طاع 102 علاتاعمعطممعط عط1' ,أعد105 ,تعطعاعاظ 
.3 .102001آ بلتتوظ تدوع ]1 لطنة عع01160] ,501010577 220 لاكأمعله5 
)١(‏ أاعتكاع812 ,عل0دع1 77-4 1م0ع12' 11177[ 111151 ,الاع:01[ ,عملتاطا له تناع 1' ,ممأعاعوط 
.290 ر,(لى. 0)1[.5.آ وتعطئتاطنط 
(" ) حمودة؛ عبد العزيزء الخروج من التيه.(مرجع سابق)» ص55١.‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


١‏ الإجراء: الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الأسدي: قراءة 
تأويلية ثقافية: 

تشكل الظعينة في شعر بشر بن أبي خازم الأسدي ظاهرة تكرارية بارزة تستحق الفحصص 
والتأويل» حيث يشمل ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي إحدى عشرة قصيدة ورد فيها ذكر 
الظعائن/الخليط''. ويمكننا القول» بداءة» إن الظعينة في رؤية بشر بن أبي خازم تجمتد موقفاً إنسانياً 
كلها قكاء مقر داك : الو نجوه فو سؤعاقة: الانبانية و النعاديةا و الدجائية خف : اللؤرت ناقيس + الح 
الذي جعل موتيف الظعينة 710114 يمثل عتبة نصيّة ودالة في جل شعر بشر بن أبي خازم 
وتحديداً في قصيدتي الهجاء والمديح» وكذلك مقطعاً بنيوياً فاعلاً ومتوالداً في إطار علاقته الكليّة بما 
يثيره النص الشعري من موضوعات وإشكاليات. 

وتكشف القراءة الثقافية الفاحصة لموتيف الظعينة عند بشر بن أبي خازم الأسدي عن شبكة 
من العلاقات النسقية» التي تتمظهر بفعلها معالم الصراع الإنساني في ضوء إشكالية الحرب كما 
تتجلى في المحورين التاليين: 
أولاً: الظعينة ونسقية النصّ الهجائي. 
ثانياً: الظعينة ونسقية النصّ المدحي. 


أولاً: الظعينة ونسقية النصّ الهجائي: 

تأتي الظعينة في شعر بشر بن أبي خازم مرتبطة في بعض القصائد بغرض الهجاء. وهذا 
يعني أنّ الظعينة تكون نواة مركزية ذات وظيفة نسقية مؤثرة في القصيدة الهجائية. يقول بشر في 
هنف الكلغيدة وبسكا اران يم تحار 13" : 


/ 5 | 1 3 5 3 1 2 7 5 1 للها : و 7 تصناتودا 5 5 1 


بدو واائحة ابا مها التتهزا لوجهتهم وقذلعَ الضتحاء!') 


١(‏ ) عز الدين» حسن البناء شعرية الحرب عند العرب قبل الإسلام:قصيدة الظعائن نموذجاًء دار المفردات للنشر 
والتوزيع»الرياضءط؟: 594١ء‏ ص55. 

(؟ ) ابن أبي خازم الأسديء بشرء ديوان بشر بن أبي خازم الأسديء قدم له وشرحه:صلاح الدين الهواري» راجعه: ياسين 
الأيوبي» منشورات دار ومكتبة الهلال» طاء :١1351‏ ص ص 7” -/7. 

(5 ) تعتى القلب؛ أضناه وأرهقه. بانوا؛ ررحلوا وافترقوا. 

2 لأا صو إطاء ع الهاو "ذهو الو ار واكك الحبنعا ار نشم اميك 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


وأدن لتحيل شحاف هال | ال تك لان 
أكاتمٌ صاحبي وجدي بسلمى وليْس لوجد مُكتتم خقاءً 
كتين التشوو رسيت لوعي ويتتين سي نري اسمن لقنا 
7ك 2 متكا لك لك اكت افت > كك 0 
وف الأطمحان ابكار وعجون كَعيْن الستر أوجُهها وضتاء("ا 


عَقَامِنهنَ جزغ غريتقات فصترة فالقوارغ فالح سا 


يقدم بشر في هذه الأبيات صورة سلبية للواقع المأساوي الذي استحال إليه بعد رحلة 
الظعائن. فالرحلة الأنثوية» كما يبدو» تسهم في خلق واقع جديد يرتبط بفكرة الشقاء الإنساني التي 
تكملنة كوو و انها في عزف القدا عزتني لفل د ب فجن للقلب #شقادر ,م قلا القلكنا د العا كينل اماه 
فلما أدبروا ذرفت دموعي...» وليس لوجد مكتتم خفاء". 

لقد كان بشر منفعلاً بحدث الرحلة الظعينية في هذه الأبيات؛لأنَ هذه الرحلة تجسد في 
مفهومها تجربة الفقد وتلاشي الحضور الإنساني. 

إن حزن الشاعر على فراق الظعينة/سلمى هو مرثاة حقيقية لمعالم الحياة التي كانت مبثوئة 
في المكان قبل رحلة المحبوبة الظاعنة. وقد جاء هذا الرثاء حاراً وممثلاً لمعنى اللوعة والحزن عند 
الشاعر؛ إذ إن المحبوبة سلمى تستحضر في وعي الشاعر صورة الخصب المندثرء ومنظر التشتت 
القهري للجماعة. 

ولذلك؛ فإن غياب المحبوبة والمجموع الإنساني عن المكان هو نتاجٌ بدهي للقوة التدميرية 
التي سببتها الحرب للإنسان والمكان على حدّ سواء.أي أن الرحلة الظعينية في القصيدة الجاهلية 
بشكل عام وعند بشر بن أبي خازم الأسدي تخصيصاً هي رحلة قسرية اضطرارية مجهولة 
المصير بسبب الفعل الإنساني لا الزمني. ومن هناء فقد كانت هذه الرحلة مجسدة لشمولية الغياب 


١(‏ ) آذن بالأمر: أعلم به وأخبر. ظعنوا:ارتحلوا بأمتعتهم. 

١(‏ ) الحمول: واحدها: حملء وهو البعير عليه الهودج. محلم: اسم موضع. 

(” ) الأظعان :جمع -مفردها الظعينة» وهي المرأة في الهودجءالعون: جمع العوان» وهي المرأة النصف التي ليست بالكبيرة ولا 
الصغيرة. العين: واحدتها: العيناء» وهي واسعة العين» يريد بقر الوحش. السدر: شجر النبق» وهو شجر شديد الحلاوة» 
طيب الرائحة. 

(؛: ) عفا: خلا. عريتنات» وصارة» والفوارع والحساء: مواضع. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


في رؤية الشاعر: غياب المحبوبة(سلمى:غياب الملم) » وغياب الجماعة (القبيلة)؛ وغياب 
الجمال(وفي الأظعان أبكارٌ وعون...)» وغياب/عفاء لحضارة المكان (عفا منهنَ جزغٌ 
عريتنات...). 
وبما أنّ رحلة الظعينة أسهمت في صنع سلسلة من التحوّلات المتعلقة بفكرة الشرء فإنها 

تبدوء لأول وهلة» على وشيجة تامة مع مقطع الهجاء في القصيدة نفسها. يقول بشر بن أبي 
خا: (1), 

رم ٠‏ 
فهاعَجٍاعببِت لآل لأم اتكنا ديك ا امسفوجكروا تع ةا 


كا نحت 11 حجعنينا لمتحدل رحدو لوا سصوب اناج ال 
وأنة ام إذّا ان 85 .2 0 خا من مخافتها النسا !ا 


أقذف : هم ب 8 أت ١‏ | 8 بد د هلك 3 01 


فبجحباكورتح ةك شحصرا كك اكل الئ ال 2 لاني 
ل ار شك ا 0 تحن لتر :1 اكحجناة 


قتبؤان انحشاك تجن ارت 7 للكت 2 امك 1 


من اللافت في هذه الأبياث أن فكرتها تثير صراعا حادًا بين نسقين ضديين؛ يتمشل الأول 
في صوت الشاعر الذي يوجّه هجاءً جارحاً لآل لأم (قبيلة أوس بن حارثة خصم الشاعر). وقد 
أسهب الشاعر في تعرية نسقه المضادء وكذلك في كثفه العيوب النسقية الخارجة على العرف 
التقافي الاجتماعي. حيث يحرص آل لأم على الغدر بالآخرين "أما لهم إذا عقدوا وفاء". ويغيّبون 
قيمة العقل مما يوقعهم في التخبط والطيش " مجاهيل إذا ندبوا لجهل.." . كما أنهم لا يحفقون 
أعراضهم عندما تشتد المعارك والخطوب: 
ل | ال 0 000 2 0 هت لكر 


.79- 58 بشرء ديوانه» ص ص‎ ) ١ 

١‏ ) آل لأم: يريد بهم رهط أوس بن حارثة. 

“"' ) ندبوا: دُعوا. الجهل: الحمق والطيش. الغناء: النفع. 

أنكاس: جمع نكسء وهو من الرجال: الضعيف المقصر عن الجود والكرم. استعرت: اشتعلت. ضروس: صفة الحرب. 
المشنعات: صفة لقصائد الهجاء. 


5 ) بجير: هو ابن أوس بن حارثة بن لأم وكنيته أبو لجأ. الألاء: شجر الدفلى» وهو حسن المنظر مر الطعم. 


3 


لك 


)١( 
)١( 
)9( 
) :( 
(ه)‎ 
)5( 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


إن هذه الصفات اللاخلقية التي أضحت مسلكا قصدياً في عالم النسق المضاد أثارت حفيظة 
الشاعر ودهشته على حد قوله؟ فيا عجبا لآل لأم..". ولا شك في أنّ انتهاكات الآخر للقيم الإنسانية 
النبيلة جعلت الشاعر يرفض مثل هذا السلوك اللاواعي واللاملتزم؛ ويشرع في هجاء قبحياته. 

ويبدو أن رفض الشاعر لتجاوزات الآخر جاء منطقياً؛ إذ إن هذه السلوكيات السلبية في 
الحياة لا يمكن أن توّلد سوى الموت والتدمير للإنسان والمكان على حدّ سواءء وهو مايؤدي 
بالنتيجة إلى إفراز نموذج الظعينة الذي وصف الشاعر صورته بإسهاب في مفتتح النص. 

إن حضور صورة النسق المضاد/ آل لأم يعني في ثقافة الشاعر غياباً لفكرة الجمال في 
الوجود كما تمثل في رحلة الظعينة. فالشاعر يرىء إذن» أنّ صفات الغدر والجهل والتخلي عن 
صون الأعراض التي يكرسها آل لأم في الحياة» إنما هي سبب فعليٌ في خلق نموذج الظعينة وتبدد 
الوحدة القبلية. لذاء فإننا نلحظ أنّ هجاء بشر لآل لأم جاء مرتبطاً بموضوعة الظعينة وفكرة 
الحرب» وكأنه يريد إخبارهم بأنهم لو التزموا بمبادئ الوفاء والتعقل والحميّة تجاه الذات لما 
انوجدت هذه المأساة الإنسانية التي خلفتها الحربء ولتمكنت القبيلة من صون وحدتهاء والذود عن 
محرماتهاء وتأسيس معالم الحياة في إطار المكان. 

وبما أنّ النسق الجمعي كان في رؤية بشر خارجاً على كل هذه القيم» فإن الشاعر يتخذ من 
الهجاء أذاة قمحية'بغية إظهار مساوئ الآخرء وتخليد صورته السيئة في الذاكرة الإنسانية: 
سأقذف نعوهم بم ثشتعات لمحا ميق الت ببو مله حجن بتكا 


وهكذا تبدو لغة الشاعر مفعمة بالتهديد والوعيد لآل لأم؛ فهو يرى في الهجاء قوة تدميرية تجرد 
الخصم من المناقب الحميدة» وتحوّله إلى نموذج هامشي مستصغر في عيون الناس. فإذا كانت 
الظعينة ضحيّة للحرب القائمة على الغدر وعدم الالتزام الأخلاقي في الدفاع عن النموذج المثال» 
فإنَ الهجاء يضحي هو الآخر معادلاً للحربء إذ إنه يجعل من المهجو ضحيّة لنقد الشاعر الهاجي 
وتهديده. وهذا المعنى يتفق كلية مع ما ورد في المخيال الأسطوري والثقافي العربي حول أثر 
الهجاء في القضاء على خصوم الشاعر. فقد روي أن "الشاعر في الجاهلية كان إذا أراد الهجاء لبس 
اح وبحاق تحزن أنه إلا ذؤابتين» ودهن أحد شقي رأسه وانتعل فلا وي 

ويمضي الشاعر دائباً في الكشف عن زيف النسق المضاد /آل لأم من خلال توصيف 


١(‏ ) ينظر المرتضىء أمالي المرتضى: غرر الفوائد ودرر القلائد»ء القسم الأول» تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم» دار الكتاب 
العربي» بيروتء لبنان» ط؟”. /ا55١,.‏ ص١15١.,‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


باكر وت موتكم نيت هرا بعد تهحا تجا انكو أله 
يكواة الفستادى اخسطر ينجيق عيحيد ولتستحية للحت نه و تبحا 
ل 0 كك ل 1 0 ال ١‏ 


فالمدح يتحول في ثقافة آل لأم إلى وسيلة كاذبة ومخاتلة» وهذا يشي بأن الكذب يغدو 
ممارسة سلوكية تهدف إلى خداع الممدوح بالكلام الزائف المعسول؛ إذ شبّه الشاعر هذا المدح 
الزائف بشجر الدفلى» الذي يغري الناس بجمال منظره. مما يجعلهم في نهاية المطظاف يتجرعون 
مرارة مذاقه» وكأن الشاعر يعمد من وراء هذا التشبيه إلى تعزيز الصورة السالبة التي آل اليها بنو 
لأم في رؤيته» إذ إن من يصغي إلى كلامهم؛ أو يرتضي مديحهم يقع في شرك الخديعة والوهم 
الذي لا يجر على صاحبه إلا الدمار والهلاك. وهذا المديح يعني من وجهة نظر القراءة الفاحصصة 
حيلة نسقية خادعة هدفها تحريض الممدوح وإخضاعه لفتنة القول ليكون ضحيّة مأساوية بفعل 
اندهاشه للمديح المراوغء الأمر الذي يسمح بغياب جانب التعقل لدى الممدوح والانخراط في عالم 
الطيش والجهل. 

كما يتخذ الشاعر من انفصام العلاقة بين بجير وأبيه "أوس" مثلاً حيّآً على مشهد التهدم 
والتشرذم الذي يصيب العلاقات الإنسانية؛ وهو لا شك مشهد سلبي سرعان ما يذكره بالمشهد 
الظعيني الذي أورثه التوتر والانفعال. 

ويبرز في الهجاء أيضاً نسق ضدي آخر للشاعر يتمثل في شخصية أوس بن حارثة» الذي 
حرص الشاعر على تقريعه ومواجهة تهديداته بثقافة الهجاء. يقول بشر في هجاء أوس بن 


ار ل" 

فيا عجب! أيوعدني ابن سُعدى وقتبسح لبد صب ةن البسص 1 
ومكتوولي حون بتكي أنجية سيول كمثل الليل ضاق بها الفضاء!" 
مقن ووووا افك طتحيى نميه ل ع كك لا م بن 


١‏ بشرء ديوانه» ص ص احرد تك فرت 


* ) حلول: اي قوم حلول؛ حلوا بالمكان ونزلوا فيه. 


)1١( 

١(‏ ) ابن سعدى: هو أوس بن حارثة» وسعدى أمّه. 

)*( 

(؛ ) القطا: جمع قطاة» طائر معروفء سمي بذلك لثقل مشيه. الحساء: منخفض من الأرض يستنقع فيه الماء. 


1 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


كنول اللسجم ييا بو طويييل لنافي حوض حَوزتهم دُعاء!" 
حاتي م تيك ابحو انيه 1 ار 
لهم مايرم إذا تهافى زلا اللبسدس و يي اللن ا 
نه كيق م المتوعسش عنس عريض الجانبين له زهاإء !“ا 
1 نا تاه ل بز 3 5 535 بيد | كن ! 1 له 5 فلم 
بشيب لاتخيمٌ عن المنادي ورد لا يروّعها لقا" 
؛ 3 3 2 ّ : وجَاهها 3 | ف 5 مجو 00 أقلر 
تكشف القراءة الثقافية الفاحصة لهذه الأبيات عن محاولة الشاعر الجادة في اتخاذ الهجاء 
ثقافة سلطوية ينتصن يها على خضمه أو 'نسلقه المضناد: وقديدا هذا الأمن جلياً في استهراء شر 
بتهديد الخصم "فيا عجبا! أيوعدني ابن سعدى". إذ يبلغ هذا الاستهزاء مبلغه عندما ينسب الشاعر 
خصمه إلى أمه لا إلى أبيه» وكأنه يريد أن يجرّده من صفات الرجولة والبطولة. ولكي يبرهن بشر 
كلك كاه الامقوةه حل خضوية فنا تلحكله يتهه دو الفرية والجاق (القداتة سد ا 
الفخر بتاريخها البطولي؛ وتفوقها على أعدائها: 


0 ل ل 2 خخحووة نفلت امسحتاقم مام الحسمين 


إن اندغام الشاعر بالقبيلة القوية سلوك واع يقصد من خلاله إثبات قدرة الذات على صنع 
المجد والبطولة في ظل حركة هذه الذات داخل الجماعة. أي أن توحد القبيلة هو الذي يكبح جماح 
الطامعين في مكانها وإنسانهاء كما أنه توحد يضمن للفرد قيم الحرية والأمن والطمأنينة في حدود 


١(‏ ) الحوزة: الناحية. الدعاء: التنادي. 

١(‏ ) سموت: علوت. السرب: الطريق. كفاء: مثيل. 

(* ) اللهام: الجيش الكثير كأنه يلتهم كل شيء. تهافى: من هفا في المشي إذا أسرع وخف فيه. رقيب القوم: حارسهم. الضراء: 
ما وارى الإنسان من شجر وغيره عمن يليذه ويختله. 

(4 ) السلقف: الجماعة المتقدمون أمام الجيئن. ند عن الشيء: تفر.وفرت هائما على وجهه. زهاء الشيء: قدرة. 

(5 ) اللبس: اختلاط الأمر. الزحف: الجماعة يزحفون إلى العدو. كفاء: نظير. 

(5 ) خام يخيم: إذا نكقص وجبن عن القتال. مرد: جمع أمردء وهو الشاب الذي بلغ خروج لحيته» وطرً شاربه ولم تب لحيته. 

( ) شعث: أي خيل شعثء وهي الخيل المغبرة. الخبب:السرعة. الوجى: الحفا. مجوعة: يريد كلاباً مجوعة. 


117 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المكان. 

ونلحظ بشراً يحاول في هذا المقطع الهجائي أن يعلن مبدأ مهماً في الحياة في ضوء فكرة 
الصراع وثقافة الحرب؛ ويكمن هذا المبدأ في أنّ كثرة القبيلة يجب أن تكون سلاحاً فعالاً في حماية 
عرضها وكرامتها؛ ولذلك فإنه يغدو متعيناً على هذه القبيلة أن تملا بقوتها الفضاء الزماني " كمثل 
الليل ضاق بها الفضاء"؛ وأن تكون مبادرة في قتالها الآخرين "هم وردوا المياه على تميم"» "وجمع 

اعد الساع يورو رحد و انعط كرك حا زاك فق كرفا صل ميدو لق :فر اندر طني 
عله :ناكة ور رخيوهة التلفينة التي :رتت ر نايك بحفيظةه: ف يدارة: الس الي فسلفتي 
الشاعل قري ة كمي من كوارة الوطز فو الحقاو ان التي عاشها بعد رحلة الظعينة مع القبيلة» مثلما 
يضمن هذا التماهي الجمعيء في الوقت نفسه؛ ثبات الظعينة رمز الخصب والشرف في مكانهاء 
نظراً لقدرة القبيلة على الذبّ عنها والحفاظ على حضورها الجمالي في الوجود. كما أنّ اعتداد بشر 
وتبجحه بقوة قبيلته يجعله قادراً على تفويض سلطة القبائل الأخرى؛ من خلال حرصه على إثبات 
مركزية قبيلته» وفاعلية أبنائها في الذود عن حماهاءوكأن الشاعر في كل هذا يبدو حريصاً على أن 
لا تتكرر صورة الظعائن المأساوية التي خبرها جرّاء ثقافة الخوف والانهزام: 
صَسبّحناهُ لتيب سة بزتخف شديد الركن ليس له كفا 


بشيب لاتخيمٌ عن المنادي كك 000 الك | للكت 


وتظهر القراءة الفاحصة في شعر بشر بن أبي خازم الأسدي أن القصة الحيوانية تشكل 
تقانة رمزية ذات أبعاد نسقية فاعلة» سواء ارتبطت هذه القصة بأغراض المدح أو الفخر أو الهجاء. 
ومثالنا على ذلك هذه القسيدة التي يجتمع في بنيتها الحديث عن الحبيبة الظاعنة» وهجاء الخصمء 
وقصة الثور الوحشي. يقول بشر في هجاء عتبة بن جعفر بن كلابء وقد قتل رجل من أسد في 
جواره ولم يمنعه!"ا: 


أليلىَ على شخط المزار تذكر ومن دون ليلى ذو بحار ومَتور"" 


وصَعبْ يزل العفرُ عن قذفاته ظن 


.1١١- ٠١4 ديوان بشر بن أبي خازم» ص ص‎ ) ١( 

(١؟‏ ) الشحط:البعد. ذو بحار ومنور: جبلان. 

(" ) الصعب: الجبل الصعب. الغفر: ولد الوعل. قذفات الجبال: ما أشرف منها. يزل: يزلق ويهوي. البان:شجر له هدب طوال» 
وكذلك العرعر. 


١17 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


ع 3000 5 ل " الب لس اروم ب 3 و 


هي العَيْش لو أنّ النوى أمنعفت بها ولكن كرا في ركوبة أغصتر*!"ا 


فدّع عنك ليلىء إن ليلى وشَأ نتها وإن ووعتتك الوغد لا يتيس 


يمكننا الذهاب بعد عملية الاستقراء الفاحصة للنماذج الأنثوية في شعر بشر بن أبي خازم 
الأسدي على تعدد أسمائها وطيوفها -يمكننا الذهاب إلى أنها تؤول جميعاً إلى موضوعة واحدة هي 
المرأة أو المحبوبة الظاعنة. ولا مندوحة في ذلكء ما دام جل شعر بشر إن لم يكن كله جاء مندرجا 
في إطان فكرة الحزب: ش 

يصور بشر في الأبيات السابقة إحساسه بتجربة الفقد المريرة» لا سيما بعد رحيل محبوبته 
ليلى التي سلبت عقله» وحلت في مكان صعب جديد يفرض على الشاعر تحديات كبيرة تحول بينه 
وبين تحقيق لحظة الوصال مع محبوبته: 


وصَعبْ يزل الغفرٌ عن قذفاته بحافاته بان طول وعرعرٌ 


لقد أكد الشاعر أن ليلى تجسد في وعيه مركزية كونية وجودية من حيث صنعها لجوهر 
الحياة "هي العيش.": ولكنه أمام هذا الشعور المتعاظم بمركزية المحبوبة الظاعنة بات يدرك جليَا 
أنه يقف أمام مفارقات الزمن ويقين اليأس "لو أن النوى أسعفت بها.... ولكانَ كرا في ركوبة 
أعصر". 

ولعل إدراك الشاعر لهاته الحقيقة هو ما دفعه إلى استحداث طرائق أخرى يتوسل بها 
للخروج من محنة الانفصامء أو ما أسماه ب"شعور الهم ". 
فدغ عنك ليلىء إن ليلى وشأنها وإن وَعَدَتك الواؤعد لا يتيسشرٌ 
1 اك 0 22 اكشة 5 إذا امكف اعد لقني لفق م 011 


بأنماءَ من سر المهارى كأنها بحرّة موشيُ القوائم مُقفر “ا 


سبته: أسرته وذهبت بعقله. منعمة: مترفة. المعصر: الجارية التي بلغت عصر شبابها وأدركت. 

المعبر: الشط المهيأ للعبور. 

أدماء: أي ناقة أدماء. والأدمة: السمرة. المهاري: جمع مهرية» وهي إيل منسوبة إلى مهرة بن حيدان» وهم حي عظيم» 
وإبلهم عتيقة كريمة.موشي القوائم: أي ثور وحشي في قوائمه بياض. حربة: رملة كثيرة البقر. 


سل الم الس سس 


1 1 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


يثر ويئدي عن عُروق كأنها 
فأضحى وصتبانُ الصتقيع كأنها 
فأدَى إليه مَطلعْ الششس نَبْأةٌ 
اراي كينا ره التطاسن ند رثمها 
فجلء ولما يَسْتين» وفؤادَهُ 
وباكرةُ عند الشروق لت 


5 2 و و مه 0 


كذ ريح فحن وتمنطل ١”.‏ 
وأرطاة حقف حتحانها النشكك حفر" 
أعنة خراز اتج سني ا 
جمانٌ بضاحي متقه يقح درا" 
وق جلت عنة الطاب تخسر" 
إلى حرتيه حافظ السسّئع مبصر!" 
ا ا الكاى 
أزل كسرحان اله لقصيمة كا 


3 الخ آَم ال اليَعا ب 1 ه و(91) 


بدا الشاعر هاهنا حريصاً على التخلص من ذكر محبوبته الراحلة "فدع عنك ليلى.."؛ إذ 
إنه لم يعد قادراً على بناء لحظة الأمل باسترجاع ماضيها الجميل. ولهذاء فقد وظف الشاعر الناقة 
بوصفها أداة ثقافية تمّهد للحظة التجاوز والتخطي التي ينتويها في البرهة الآنية "بأدماء من سر 


المهارى.." 


إنّ ناقة بشر تجسّدء في حضورهاء رغبة حالمة بالتخلص من ألم الفراقء إذ إن " رحلة 
الشاعر على ناقته هي رحلة الحياة نفسهاء وأن الشعراء كانوا يعبرون عن وجدان الجماعة العربية 


القصيمة: ما سهل من الأرض وكثر شجره. 


باكره : بادر إليه» والبكور 0 أول النهار قبل طلوع الشمس. المكلب: الصياد . الأزل: 8 السرحان :الذئب, 


31 الثلةترجكنة من اباي شوو ردكي تقفقه تيقال أكها :لشن جا لدالف الكزوف! ارم السديدة ليوب 

(؟ ) الروق:القرن. الأرطاة: واحدة الأرطى؛ وهو شجر ينبت بالرمل» ورائحته طيبة. والحقف من الرمل: المعوج. 
(" ) أعنة الخراز: : سيور الجلد التي يقدها ويصنعها. 

(: ) الصئبان: ما يتحبب من الجليد كاللؤلؤ الصغار. المتن: الظهر. 

(ه ) النبأة: الصوت ليس بالشديد ولا بالمسترسل. تحسر: تنكشف. 

ا : شك . رأد كن 0 0-6 أذناه. 

(10)ج 

)4) 


(9 ) شعث: جمع أشعث» وهو الذي تلبد شعره واغبر. كوالح: عوابس. اليعاسيب: جمع اليعسوب» وهو طائر أصغر من 


الجرادة. 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


قبيل الإسلام في قلقه ومخاوفه ومسراته وأحلامه؛ وأن هذا الشعور ليس غناء خالصاء ولكنه شعر 
درامي يتصدى لمشكلات الحياة الكبرى من حوله؛ ويحاور في أمرها''. ولذلك فقد أضفى الشاعر 
على ناقته صفات خارقة في قدرتها على تحدّي الآخر المضاد: الإنسان» والمكان والزنمان» بفعل 
تشبيهها بالثور الوحشي الذي يمضي ليلته الرجبية في مواجهة المطر والريح والصياد بثبات وعزم 
راون 

ولعله من نافلة القول أن يشير المؤول الثقافي في موضع تحليل قصة الثور الوحشي إلى أن 
السرد الحكائي يضمر في بنيته العميقة وتشكيله الجمالي» دائماء أنساقاً ثفافية مخاتلة ذات أبعاد 
ودلالات رامزة. فالثور بما هو نسق مضمر في هذه الحكاية يمثل قناعاً مهمأ لشخصية الشاعرء لأن 
القناع»8)351» كما يتجلى في النقد والشعر المعاصرينء يعد ظاهرة فنية» وتقنية رمزية يلجأ الشاعر 
إلى ”توظيقيا بعوة "#التغيين عن زقياة للعالم من داعية و الحياولة :دون قراط القصيو تحت هد 
فواظفة: المواهو هه ومشاعو» اللقاف ةا من كاتهية أخر "!فنا :كاق القنامن كذ اهبحن وحيذا ناكسا 
بعد فراق الظعينة ليلى كما أشرنا في بداية التحليل» فإن قناعه أصبح متفرداً يعيش حالة من الوحدة 
والاغتراب في مؤاجهة مصيره المجهؤل: وفي صراعه المحشدم مع:مفردات الشر: الزمان 
والإنسان. 

وتظهر القراءة التأويلية لهذه القصة الحيوانية وجود زمنيين متعينين في بنيتهاءالأول زمن 
فيزيائي حقيقي يمثله هذا الصراع الدائر بين الثور/القناع وعناصر هذا الزمن الفيزيائي الليلي:الريح 
والمطر: 


وأمّا الزمن الآخرء فهو زمن نهاري إنساني تتجلى فيه صورة الصياد الفقير كما يقول بشر: 


وباكره عند الشروق مكب أل كتكمرحان التحتصينة امسر 
أ 26 نث» تطي ف َّ 7 الح أَمْة ال اليَعا تك 00 0 


وتسمح القراءة الثقافية لهذين الزمنين بطرح سؤال محوري هو : لماذا جاء توصيف الشاعر 
تجرد ادر ,لك ستيان الم اللاي ييا » في حين كان الحديث عن صورته أو موقفه 


,5١5 رومية» وهب؛ الرحلة في القصيدة الجاهلية: مؤسسة الرسالة» دمشق» ط”, 048», ص‎ ) ١) 
,.٠١هص‎ ١ 41/ والتوزيع» عمان» الأردن» طكء‎ 


١ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


لقد كان بشر مشغولاً منذ بداية النص بقضية محوريّة مؤرقة تكمن في رحلة اللاعودة 
التهيو ةي لأ هاه لز كله كلقلف لتخا عو زجنا" (نيا ساتا وباك ققد ,ىا اح كعم اذ جا لايق طن 
في أربعة أبيات» إذ إنه بدا حريصاً على الخروج من إسار اللحظة الآنية السلبية المتعلفة بمشهد 
الألم» ومن ثم الانطلاق نحو خلق مكونات ثقافية جديدة» كما في صورة الناقة» تنسيه وإن كان كذباء 
واقعة الزمدى الدلىء بالهموم: وتولد'في لفنبة:يفين الانتضان على الزمن من خا شكيل سحورة 
الفرد/ القناع العامل الذي يكرس قدراته الجسدية والعقلية في مواجهة سلطة الزمن . ولااشك في أن 
صورة البطل العامل تبدو ماثلة في الدلالات التي تظهرها الصيغ الفعلية الآتية: وات يقتا 
يتقيها...؛ وأرطاة حقف خانها النبت يحفرء يثير ويبدي عن عروق...» فأضحى وص كبان الصقيع 

اتشاط الثون /القداع وخر كيقة الدائيةفى) الم" الجاة إشنارة:واستكة على 5 غيكة الجائكة 
فى حَمَاية شبه مق»نيظوة الزمن والامه علئ' المستؤى الزمتن الآني والستقبلن فلم يمه هنةا 
الثور/القناع يأمن تقلبات الزمنء كما أنه أضحى جاداً في تحقيق لذة الانتصار على الزمن؛ لأنه لم 
ينسى» والحال 'هذه» ضؤزة الكلعينة الق حال الزمق دون اتحقيق 'لحظلة الوضال معهساء بل كانت 
ضورة هذا الفزاق المؤلم خاضرة في ذهن: الشاعن كما يدلنا قولة: 
وقد اتاشيي :اليه علية اتتمهنان: [3 الم يكن فيه لذي اننم مب 


وبالفعل» فإن يقين الشاعر بلذة الانتصار يتحقق في النهاية على الزمن الليلي» بما فيه من 
آلام نفسية ضاغطة على الثور/القناع الإنساني الذي يتحمل وحده مسئولية الصراع مع الزمن. ولا 
ضير في أن انتصار الشاعر على زمنه الليلي يؤكد من زاوية أخرى تفرد الإنسان» وقدرته على 
الانتصار على الهمّ والمأساة» وربّما انتصار حلمه ومبدثه في الحياة. 

لقد تمكن الثور/قناع الشاعر من ترسيخ قوة الذات بفعل ثقافة العملء والاحتماء بتلك 
الأرطاة المتفردة في أسطوريتها وخصوبتها وقداستها كما تبدو في المخيال الإنساني» وكأن طقسية 
الاحتماء هذه تتحول إلى إشارة ثقافية دالة على أهمية احتماء الفرد وانخراطه بالقبيلة:فق ضحي 
الأرطاة و فقاً لذلك معادلا موضو عي ©6115 0[60]176 لقبيلة الشاعر. ولصورة الثبات 
الإنساني على صفحة الأرض/المكان. 

وفيما يتعلق بالزمن الثانوي/الزمن الإنساني؛ فإنه لم يكن زمناً مركزياً في رؤية الشاعرء 
يشر هنا كان نهنا قافتا . ومن اللافت للنظر في هذه القصيدة ة أن قصة الثشور الوحشي جاءت 
مختزلة بشكل واضح. إذ غابت فيهاء كما يلحظ المؤول الثقافي» أحداث الصراع بين الثور والكلاب 
والصيادء بل إِنّ حديث الشاعر عن الصياد جاء في بيتين يخلو منهما الصراع تماما؛ على الرغم 


١ 11/ 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


من أن صورة الصراع بين الثور والكلاب كانت تقليداً ثقافياً معهوداً عند الشعراء الجاهليين كما 
يبدو في قولة الجاحظ المأثورة: "ومن عادة الشعراء إذا كان الشعر مرثية أو موعظة أن تكون 
الكلاب التي تقتل بقر الوحشء وإذا كان الشعر مديحاًء وقال كأنّ ناقتي بقرة من صفتها كذا أن تكون 
الكلاب هي المقتولة» ليس على أن ذلك حكاية عن قصة بعينهاء ولكن الثيران ربما جرحت الكلاب 
وربما قتلتهاء وأما في أكثر ذلك فإنها تكون هي المصابة» والكلاب هي السالمة والظافرة» وصاحبها 
نا 

وبعد المقارنة المتأملة بين الزمنين الليلي والإنساني يتضح للدارس أنّ صراع الشاعر مع 
الزمن الليلي كان شاقاً؛ لأنه يؤسس لحالة التصادم الدائمة مع الزمن الذي سبب له تجربة الفقدء 
ومغاناة البحك عق الآخن :المنقوة اليك :في حي أن الزمن الأسافي جاء كلو ا مق حركة التصرام 
إذ كان تغييب الشاعر له في هاته الحكاية قصدياً ومفتعلاء لكي يبدي جانب المعاناة الإنسانية عند 
الفقوة ع الإنشاتي السلب فعلى الزاعم من أن ووه الصياد في حكاية الثرن الوسسي تفترق دالسن: 
من خلال ترويض الصياد للكلاب/أدوات الشر وتحريضها على قتل الثور بعد معركة طاحنة» فإن 
صورة الصياد الفقير تثير في نفس الشاعر إحساساً بالنبل تجاه هذه الشخصية»؛ وكأن بشرأ يرى في 
صنيع الصياد هذا بفعل توظيفه لأدوات الشر/الكلاب عملا مستحسناً إذا كان الهدف منه تأسيس 
عالم الحياة وإنقاذ الإنسان (المحبوبة/ليلى -الصبية/رمز البراءة والجمال) من الموت وجبروت 
الزمن: 
ومعاكر عجن درق لكي 5 ا الك 


أبو صِبْيّة شعث؛ تطيف بشخصه كولخ أنثال اليَعاسيْب ضمرْ 


وأمّا مقطع الهجاء في هاته القصيدة فإنه ينبني في دلالاته المضمرة على فكرة الصراع 
النسقي التي أقامها الشاعر مع الزمن في مقطع الثور الوحشي؛: كما أن لهذا المقطع الهجائي 
امتدادات إشارية وثيقة الصلة بالحالة النفسية التي آل إليها الشاعر بعد رحيل الظعينة. يقول بشر في 
سما ا و ب الا 
فَمَنْ يك من جار ابن ضَبَاءَ ساخرا فقد كانَ في جار ابن ضَباء مَمتخر7"ا 


قن قا هن 


(١؟‏ ) بشرء ديوانه» ص ص ,.١١9-١1+‏ 
(* ) جار ابن ضياء: المقصود عتبة بن جعفر الذي قتل ابن ضياء في جواره ولم يثأر له. 


١18 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


2 


وقد كان عندي لابن ضياء مقعدٌ 
وت تسعة آلاف :. بك بلاده 


دعا تحتو ذو در عه 


2 25 
١ 


وفي صّدره أظمَى كأن كعوتة 
ال در 


92 


3 1 20 ايا 
كناك “ييا ولاك 25 39 5 


ايعو ال 


١(‏ ) أجار: حمى وأنقذ. الضيم: الظلم. 


قدو حاتف التضفاع 0 


يفام عمثر قا شو مفسا”" 
سَنابك رجليهاء وَعرضك أوؤقر"" 
نهاعءء ووقن ولمعت حا 01 
ا له 1 ون 
قليل مها المعراو ل ع ا 
نوى القسْب عَراص المَهزة أشمر!"ا 
اجن حتاورة احم الهان ةا 
حَديث الخصاء وارمُ العتقل مُعْبَر”*) 
يَقأن: ألا يُلقَى على المرء 6 
وقلدها طّوق الحمامّة جَعْقَر' 


0 ارول 


١(‏ ) بقادم عصر: بمعنى زمن سابق. معسر: من الإعسارء وهو الوقوع في الضيق. 
(؟ ) الشقراء: اسم فرسء قيل إنها جمحت بصاحبها يوما فأتت على وادء فأرادت أن تثبه فقصرت,ء فاندق عنقهاء وسلم صاحبهاء 
0 الشقراء لم يعد شرها رجليها. والسنابك: جمع سنبك وهو طرف الحافر. 


3 


(؛ ) الذ 

(5 ) ال 

0 7 أ ري 

) 7 

ازفاح 

(4 ) معتب: هو عتبة بن جعفر بن كلاب. الثبور 
يتخلف عن القطيع. الجيدر: القصير. 


في صدره أظمى: أي في صدره رمح أسمر. القسب : التمر اليابس .رمح عراص: إذا هزً اضطرب . الأسمر: : أصلب 


: الهلاك والخسران والويل. أجمّ: أي كبش أجمّ لا قرن له. الخدور: الذي 


(9 ) جزيز القفا: كثير الأكل. الحجرة: الناحية. العفل: شحم خصي الكبش وما حوله. المعبر: التيس الذي ترك عليه شعره 


سنوات ولم يُجز. 


٠١(‏ ) المقاليت: جمع مقلات» وهي المرأة التي لا يعيش لها 


1١(‏ ) صفح: انم زرحلا كود كلت قن بغرا فو جو حولي اين البلق: سواد وبياض. مشهر: مشهور. 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


فأوفوا وقاءً تغسل الذمَّ عَ نكم ولاب من ضَباءَ والزّيّت يُْقْصرْ 
[ذا فزقيرت فى يلين :واد كمامتة دعسا بابن صسَتاء الحمام المقرقر” 


تتمحور هذه الأبيات حول فكرة الصراع بين نسقين متضادين حول قضيّة أخلاقية:؛ ينجم 
عن تجاوزها في المجتمع الجاهلي آنذاك خطيئة كبيرة لا يمكن أن تنمحي من ذاكرة القبيلة أية 
قبيلة. إنها مسألة الغدر وعدم الوفاء بحماية المستجيرء كما هو الحال في نموذج ابن ضبّاء في هذا 
النصء الذي استجار ب"عتبة بن جعفر"؛ ولكنه خذله ولم يضمن له الحماية» الأمر الذي أدّى إلى 
مقتل ابن ضباء" " أجار فلم يمنع من الضيم جاره... 

ونوتجة :التق "الأول اصوت: الشناعن جاع لاذها وتاخر ا حدى" الشيق: الندي" الآذر اعت 
بن جعفرء من أجل إبراز هذا الجانب اللاإنساني في موقفه من ابن ضباءء فيكون الهجاء وقتئذ آلية 
ناجعة للنيل من خصمه وإشهار مساوئه في المجتمع. 

ويبدو جلياً أن موقف بشر المتوتر من نسقه المضاد/عتبة بن جعفر كان مسوغاً في علته. 
لأن ابن ضباء هذا يجسد في ثقافة بشر نموذجا إنسانيا لقبيلة بني أسد التي ينتمي إليها الشاعر. فهو 
أي الشاعر يرى في هذا السلوك الذي أبداه عتبة بن جعفر تجاه ابن ضباء استهانة بقبيلة بني أسد 
من جهة:؛ كما أنه باعث حقيقي لتكرار مثل هذا الفعل السلبي مع أي فرد من أفرادها في قابل الأيام. 

ونلحظ الشاعر في مقطع الهجاء يقدّم وصفا دقيقاً للموقف اللاإنساني في عالم النسق 
الضديء فهذا النسق لم ينقذ حياة ابن ضباء من القتل بأن أخلى سبيله» وجعله يهرب من الأعداءء 
وإنهًا تمكن الأعداء حتد مم + غير أن يثأر له أو يدفع ديته كما تنص الأعراف الجاهلية: 
فلو كنت إذ خفت الضتيّاع أسَرتة يقادم عصنر قبَلَماهُومُعْسرٌ 
لأمشيح كالتشتراء م اكه مرها سستابكَ رجلَيْهاء وَعرضٌك أؤْقَر”' 

ويبلغ تواطؤ النسق الضدي مبلغا عظيماً في الإساءة إلى ابن ضباء رمز قبيلة بني أسدء 
عندما يتحول ابن ضباء إلى ضحيّة للعدو والمجير على حدّ سواءء فيبلغ الانتهاك الخلقي أوجه 
لدرجة أن عتبة بن جعفر لم يمنع لحم من استجار به بعد الموت من الإهانة» كما يتبدى في صوت 
النساء القائل: 
تتدل #الجست الحبساء براحت ولخ ال "كتطئ على شوم سنمور 

بيد أن بشراً على الرغم من إمعانه في الكشف عن العيوب النسقية لنسقه المضادء فإنه لا 
يستغرب في الوقت نفسه مثل هذا الصنيع السيء الذي أظهره عتبة بن جعفرء نظرا لما يتسم به من 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


طبائع مألوفة ومشهورة في قبحيتها: 

عفتنا تاقتصونة كوة ان شين وده ابل نيما" لمعي وشم يحل قفو مد 
دعا مُعْباً جار الثبور» وغرهُ جه كور بحم الحطان حدر 
كرد الها ميات يرهن ككدر: كوي 'الخخصاء :ا : الكل تت" 


كان الشاعر يحاول أن يكون إنساناً فادياً أو مخلصاً لابن ضباء/ رمز القبيلة» بتفعيل ثقافة 
العمل والفداء» نظراً للمكانة السامية التي يحظى بها الرمز في القبيلة: 


وقد كان عندي لابن ضباءَ مقعَدٌ نههءً؛ وروض بلصحارى مُتور 


و3 500 آلإاف ٍ و ٍ اده 7 0 3 دتى 3 : 5 وت . اساو 


ولكنَ النسق المضاد/ عتبة بن جعفر لم يترك لثقافة الفداء هذه سبيلاً بفعل تبرؤه من القيم 
الأخلاقية المقدسة في المجتمع الجاهلي؛ مما جعله رمزاً للشر والعار الأبدي» وهو ما يتتضح في 
حرص الشاعر على نمذجة هذا الرمز السالب» وجعله مثالاً لخلود فكرة الشر في التجربة الإنسانية: 
دق خلال تشادها"الدام مم فكوة"الشين :السلا القن تور هوبا حور الخجاء فس المبفيحان 
الإنساني.:وهذا امآ تلحظة في قول يشر: 
حبّاك بها مؤلاكة عن ظيهْر بغضة وقلْدها وق الحماهّة جر 
إذا قرقرت في بطن واد حَمَامَة دعا بابن ضَبَاءَ الحَمامُ المُقرقرٌ 

ولا يمكن للقراءة الثقافية أن تغفل ما تضمنه مقطع الهجاء هذا من صراع أيديولوجي بين 
العام و الميتعو دون :أن تسق عاهة حارو اكلمة لحيقاك هذا بالصدر ا 12 ومن لك :ريط سوق 
الصراع الذي دار بين الشاعر والزمن عبر قناعه الحيواني النسقي. 

إن هجاء الشاعر لعتبة بن جعفر يصبح فعلاً ممدوحاً ومنطقياً في رؤيته. لأن الهجاء 
بوصفه سلطة كلاميّة مرتبطة بتعزيمات تنتمي إلى عالم الشر» ينزع إلى تقفويض سلطة الخصم 
والقضاء على وجوده المتحقق في الحياة. 

ولأن الهجاء في ثقافة بشر يعد ممارسة فاعلة في إعزاز صورة الذات وإيراز مكانتها 
السامية عبر قتل نماذج الشر؛ فقد أضحى الشر عند بشر خير وسيلة لمواجهة الشرء وهو ما بدا 
لأول وهلة في صراعه مع عتبة بن جعفر. لذاء فإن المؤول الثقافي يجد أنّ هذا الشر الذي انتهجه 


١/١ 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


بشر في مقطع الهجاءء هو الشر نفسه الذي سكت عنه أو ارتضاه للصياد في لوحة الثور الوحشيء 
كما أنه الثفافة نفسها المؤسسة على قانون التحدي في مجابهة الزمن/الشر كما بدث أيضاً في مشهد 
الثور الوحشي. 

وهكذا نستنتج أن نص بشر هذا يمثل بؤرة التوتر الذي أضحى الشاعر يواجهه مع الوجود 
في إطار علاقته العضوية بالقبيلة» وما يدور فلكها من نزاعات وصراعات دائمة. أي أن الشاعر 
أصبح يصنع رؤاه وأفكاره ومواقفه تجاه موضوعات الحياة الكبرىء انطلاقاً من فكرة العقد 
الاجتماعي المقدس الذي يصهره بالقبيلة. وبناء على هذاء فإن نسقية القناع/ الثور الوحشي تمثل 
نموذجاً علوياً يحتذى في ثقافة بشر بغية مواجهة قيم الشر والحفاظ على انسجام الذات وبناء 
كينونتها. فهذا النموذج العامل كما أسميناه هو الذي يوقف حركة الظعينة القسرية نحو الموت» كما 
أنه نموذجٌّ سلطوي يقتضي حضوره.: في ظل تمستكه أو دورانه في فلك القبيلة» حماية أبناتها من 
الغدر والقتل» وحتى لا يصبح ابن ضباء مأساة قابلة للتجدد في حياة القبيلة. ولعل بمكن الخطاطة 
التالية تجلية رؤية الشاعر لإشكالية الصراع مع الأنساق المضادة له في الوجودء كما بدت في هذا 
النص الهجائي: 


نموذج الثور العامل - 
الإنسان الفادي/الشاعر الهجاء 


الشر الإنساني/عتبة بن جعفر 


حركة + ثقافة العمل 


5 


ولادة الحياة وغياب مفردات الموت 
والشر 


المرأة + الرجل 
(حماية كيان القبيلة) 


١7 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ثانياً: الظعينة ونسقية النص المدحي: 

وأما الظعينة في قصيدة المديح عند بشر بن أبي خازم الأسديء فإنها تعدُ نسقاً ثقافياً فاعلاً 
في ضوء فكرة الحرب والصراع الأيديولوجي كما تبدو في ثقافة بشر. 

وإذا كانت قصيدة الهجاء قد أماطت اللثام عن ذات إنسانية انفعالية تتبنى ثقافة الرفض لكل 
أرقت وس كسواتي ااانه :رمم كم الاق لحرن قرمة اله التي الوجود الإنساني 
بالانقراض والموت؛ فإن قصيدة المدح تأخذ منحئّ مغايراً ومحايثاً في الوقت نفسه لنسقية القصيدة 
الهجائية في ظل ارتباطها بموتيف الظعينة؛ إذ "إن خصائص وحدة المديح الجوهرية هيء دون 
استثناء بارزء تأكيد الحياة وتعميقها: إنقاذها أو الحفاظ عليها أو الصراع من أجلها أو إيرازها أو 
خلقها "(). وانطلاقاً من هذه الفكرة المحورية التي تبلورها قصيدة المديح» تحاول القراءة الثقافية 
معاينة المضمرات النسقية في القصيدة المدحية» ومن ثم استكناه الأبعاد الأيديولوجية والثقافية الثاوية 
في ما وراء المعنى الظاهر. 

والنص الذي تروم القراءة الثقافية فحصه هنا يتكون من مقاطع ثلاثة هي: وصف الظعينة» 
ووصف الرحلة والناقة» ومديح عمرو بن أم إياس. 


يقول بشر في المقطع الظعيني!": 


فض مية باللاع فب أضضنحت خلاءً كاطراد المُذهَب"ا 
لمأن جد يوا وب باش أثشجانٌ تصب للظّمائن ُتصب “ا 
نَل نعي في الرداء متَبَابة قر القليط وكنت غير مُغَلّبا*) 


تتأسس هذه الأبيات على ثنائية ضدية وعلاقة جدلية بين موضوعتين: الطلل/الظعينة. 
فالتحول السلبي الذي طرأ على المكان جعله مثلاً للجدب والخواء الذي تنتفي معه صورة الحياة 


١(‏ ) أبو ديب» كمال» الرؤى المقنعة نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي -البنية والرؤياء الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ 
35و ص”5 0 ه, 

١(‏ ) بشرء ديوانه» ص ص لاه -8ه, 

(" ) التلاع» ومثقب: موضعان. اطراد المذهب: تسلسل خطوط الذهب فيه بشكل منسق. 

(؛ ) النصب: الإعياء والتعب. 

)5( 

)5( 


كك 


الصبابة: رقة الشوق وحرارته. الخليط:اسم مفرد يعني الجمع» وهو الناس يختلطون فيما بينهم فيأتلفون. 


5 ) تكفأت السفينة» إذا تمايلت. المغرب: المملوء. 


1١7 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


وصفة الحضور الإنساني. فالمكان الحضاري الذي كان عابقاً بمقومات الحياة» بوصفه علامة على 
التثام الشمل وتوحد الجماعة: أصبح الآن مكانا متهدما يشي بقسوة الحرب التي تكره المجموع 
الإنساني على التخلي قسراً عن حضارة المكان التي أسسها عقل الإنسان. 

ولقلك فإن جقات» الخخاض عل "الطتعاين تنكل سقير لقنية تعاول دو خلتيا إعيعا» البعسانة 
اليباب "أضحت خلاء كاطراد المذهب"»؛ وإحداث حالة الانبعاث الإنساني بفعل استحداث الذاكرة التي 
تحفظ الذكريات الإنسانية» وتسجل تاريخ أفعالها ونشاطها على صفحة المكان: 


ذهب الألى كانوًا بف فعانتي 


فانكل لاتسي قفتي ادرةة الستيي: 


١| 1‏ دآ 1 50 ك5 5 8 8 : 


ونلحظ الشاعر في هذا النص» وكعادته دائمأء يرفض الاستسلام لطللية المكان أو مأساوية 
الحربء إنه سرعان ما يلجأ إلى توظيف أدواته الثقافية الخاصة للخروج من أزمة الواقع» فهو يتخذ 
الناقة التي تتمتع بمزايا خارقة وسيلة لعبور واقعه المأزوم» وأملاً بابتعاث الحياة وتجديدها. يقول 


بشر مشبهاً ناقته بالحمار الوحشي!": 

1 ا ا ا 0 
حرف مذكرة. كأن قتوتدها 
ينوي وسيقتهاء وقد وسقت له 
فقَصُكُ مَخجرءه إذا ما استافها 


,1١- بشر بن أبي خازم الأسدي» ديوانه» ص ص 8ه‎ ) ١) 


بتكجناء ضح ةادقة الهجنوا هر عدن" 
) الكلال عا شتيم الة ل 
حدب الإكام وكل قاع مُجُدب/؛ا 


ماء الوسنيقة في وعاء ل 


وجبيفئة بحوافر لم تنكقبا" 


نتحناة كار فكوت ع 1 


(؟ ) نجاء الناقة: سرعة سيرها. صادقة الهواجر: الناقة تصدق في سيرها وتصبر عليه في الهواجر. الذعلب: الناقة السريعة. 

(* ) الحرف الإبل: النجيبة الماضية. المذكرة: الناقة المتشبهة بالجمل خلقا. القتود: جمع قتدء وهو خشب الرحل.الكلال: الإعياء. 
الشتيم :الكريه الوجه» يريد حمار الوحش. الأحقب:الحمار الوحشي في بطنه بياض. 

(؛: ) الجون: الأبيض والأسودء وهو من الأضداد. الملمع من النوق والبقر: التي استبان حملها أو تحرك الولد في بطنها. الحدب: 


الغلظ من الأرض في ارتفاع. 
(5 ) وسقت الدابة: حملت. 


(5 )اصك الشيء : دفعه بقوة. المحجر : المساحة المحيطة بالعين. النكب: داء يصيب مناكب البعير وغيره. 
و7 ) تشج الفلاة :تشقها وتمضي فيها. العير :الحمار . الفتخاء :العقاب اللينة الجناح. المرقب :موضع المراقبة. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وال 1 يُراهقه | الخد 50 000 ين ل و 1 أنه ام الكو> 0 
شبح تي قي ا تتا ا الى 
فتَجارَيِا وا بَطيناً ميله هَيْهات شَأوهما وشأو القول ب(" 


أو به خَاضبّة كأن جناحها هدي تجاسرٌ في رئال خ صب !') 


يشبه بشر هنا ناقته ب"حمار الوحش" الذي يطارد أتانه في الفلاة من أجل إلقاحهاء وهو ما 
يظفر به في النهاية على حدّ وصف الشاعر: 
جون أضَر بملمع يعلو بها حدب الإقام وكل قاع مُخدِب 


ويصور لنا أيضاً في مقطع الحمار الوحشي حقيقة إصرار الحمار الوحشي على إنجاز نيته 
"ينوي وسيقتها". المتعلقة بفكرة الولادة والإنجاب على الرغم من مقاومة الأتان له وهروبها منه: 
فقَصبكُ مَحْهِره إذاما استّقها وَجبيتَهة بحقوافر لم تتقب 


وشح بالعَيْرٍ الفلاة كأها تاه كير اخيراه مو حت 


والْعدٍ يُرهقه | الخد ار وح 535 1 : تف 1 | ائة ناض الكو > 3 


إن الحمار الوحشي من منظور التأويل الثقافي يوازي في حركته الوجودية حركة الظعينة 
الراحلة» وكذلك حركة الشاعر بناقته نحو الممدوحء أي أن هذا الحمار الوحشي ما هو في جوهره 
سوى نسق قناعي رامز إلى الشاعر نفسه في بحثه اللامتناهي عن الظعينة. فالرحلة التي يقوم بها 
الحمار الوحشي مع أتانه في الفضاء الصحراوي كانت محفوفة بالمشقة والإرهاق "يعلو بها حدب 
الإكام وكل قاع مجدب...؛ والعير يرهقها الخبار..6. لذا فإن صورة الرحلة في عالم الحمار 


١‏ ) الخبار: ما لان واسترخى من الأرضء وساخت فيه قوائم الدواب. 

السبط: المطر الواسع الكثير. صارات: اسم جبل. تنضب: شجر ضخمة» تقطع منها العمد للأخبية. 

الشأو البطين: الشوط الواسع البعيد. الميل: مسافة من الأرض متراخية ليس لها حد معلوم. التولب: ولد الحمار. 

: ) الخاضب من النعام: الذي أكل الخضرة. الهدم: الشيخ الكبير. تجاسر: تطاول وارتفع رأسه. الرئال: جمع رأل؛ وهو ولد 
النعامة. 


١ 
3 


)١) 
)١( 
(؟)‎ 
) :( 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


الوكفيي شنو قن بع مقي 1ك ازبطلةلظعودةواقذلفم رولة الفاعر ربا شيعا مش سيت 
وصراعات. 1 

ولكننا نلحظ أنه على الرغم من اتساق المقاطع الثلاثة في هذا النصْ(مقطع الظعينة» ومقطع 
الحمار الوحشيء ومقطع المديح) في رحلة الشقاءء فإنها تتفق جميعاً في حركيتها القصدية الواعية 
نحو توليد الحياة من رحم الموتء وهذا ما تشي به فكرة المائية التي يبعثها الشاعر في المقاطع 
الثلاثة على التوالي: 


مقطع 0 نر الخليط» وكت غير مُغلَّب 
الظعينة 


5 ]عه . 8 58 4 2 5 خم 
فكأن ظعنهم غدة تحمّلوا سفن تكفا في خليج مغرب 
مقطع الحمار 


الوحشي 


مش سبع - بخرء يفيض لمن أناخ ببابه202 من سائل؛ وثمال كل مُعَصَّب 


سه ينوي و سيقتهاء وقد و 3 سفت لة ماء الو سيقة في وعاء ٍ معجب 


ويلحظ المؤول الثقافي لقصة الحمار الوحشي في هذا النصّ أنها وردت مختزلة في 
تفاصيلها السردية؛ إذ من المعهود في القصيدة الجاهلية أن يرافق حمار الوحش أتنه» ويجوب بها 
فركن السحن اعربكا عن 'الناء» ورم" إن تقترتت :من ماء 'اتخياة حتى:تفاجا بالضائة الذي يتريضنايها 
ريب المنون ويرميها بسهام الموت» فيقتئل بعضها ويهرب بعضها الآخر بعد أن يخيب حدسها في 
إنجاز الحلم وتحقيق ما تصبو إليه. وقد علق علي البطل على غياب جانب الصراع في قصة الحمار 
الوحشيء لا سيما في قصيدة قافيّة لبشر بن أبي خازم, قائلاً" فالشاعر يصور رحلة فوق ناقة كأنها 
حمارٌ وحشيّ له أسرة» رحيب الصدر. ثم ينقطع هذا الجزء من الصورة؛ وكان من المتوقع أن 
يكمل الوصف الجسدي له وأسرته.... مما يشير إلى أنّ هذه الانقطاعات في الصورة سببها ضياع 
الأبيات التي جاءت بها هذه العناصرء وليس إهمالاً من الشاعر لهاء وهذا الضياع كثيراً ما يعتور 
ضيوق الكمار الوحافي 10 

إن تفسير علي البطل للانقطاعات المتحصلة في صورة الحمار الوحشي بعيد في جوهره 
عن جادة الصوابء فهو تفسير مسبق لا يستند تبنيه إلى عملية الفحص القرائي للنصوص الشعرية 


١(‏ ) البطل» علي»الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني الهجري: دراسة في أصولها وتطورهاء دار الأندلس للطباعة 
والنشر والتوزيعء» ط؟. ١948١.ص‏ ص .١57- ١5١‏ والقصيدة القافية التي يشير إليها البطل هي: 
أهمّت منكَ سلمى بانطلاق وليسَ وصال غانية بباقي 
انظر القصيدة في ديوان بشرء ص ص .77١0- 7١54‏ ْ 


١/1 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


التي تحفل بصورة الحمار الوحشيء وحتى الثور الوحشي والقصص الحيوانية سواء أكان ذلك عند 
بشر أم عند غيره من الشعراء الجاهليين. ولاب من الإشارة إلى أن اختزال الشاعر للقص الحيواني 
في أية قصيدة يكون بطريقة قصدية واعية» بحيث ينسجم هذا الاختزال في إشارياته ومراميه مع 
حركة المو سو عانه: والأتكاليات ال كينا النصّ الشعري. ففي هذه القصيدة: مثلاء اختزل بشر 
بن أبي خازم مضمون قصة الحمار الوحشي من خلال حذف كثير من عناصرها؛ إذ غابت في هذا 
المقطع حركة الجماعة في صحراء الحياة (الحمار الوحشي+ الأتن)» واقتصر الترميز على الحركة 
الفردية (الحمار الوحشي+ الأتان)؛ وهذه الحركة (حركة الحمار الوحشي مع أتانه) التي تتغيا تجديد 
الحياة بفعل الولادة لا ترد بتفاصيلها في قصة الحمار الوحشي في رحلته مع أتنه نحو الماء. 
وينضاف إلى ذلك أن مشهد الصّياد الماهر الذي ينتظر بفارغ الصبر مجيء الحمار الوحشي وأتنه 
إلى الماء يُحذف أيضاً في هذه القصة. 

إن سببية الاختزال عند بشر في هذا النص تعود إلى أنّ حركة النصّ منذ البداية تدحض 
فكرة الصراع وهيمنة الموت على فكر الشاعر؛ لأن النص مبنيّ في أساسه على ثقافة العمل 
والأمل» وهو الأمر الذي ناقشه المؤول الثقافي في إطار الحديث عن فكرة المائية. كما نجد في 
مقطع الحمار الوحشي أنّ الصراع لم يكن صراعاً خارجيا(الحمار الوحشي+ الأتن+ الصياد) 
يفرض صورة المأساة والموت» وإنما بدا هذا الصراع داكليا كين الحمار الوحشي وأتانه (الذكر 
والأنثى) من أجل صنع عالم يعج بأسباب الحياة: 


اهتيا تفل كنم استجدنا بجنوب صارات دواخ 0 تنطضئب 
فتَجارِا شوواً بَطشِاًميله هيات شتَأوُهما وأو ال تولب 


وهذا المعنى المجتلى المرتكز على إعلاء قيمة الحياة ونفي صورة القتل في مقطع الحمار الوحشي؛ء 
يتفق تماماً مع معنى ثفافة العبور من المأساة والحالة المأتمية (مشهد الظعينة) إلى لحظة تحقيق 
الحلم والاندماج بالممدوح/البطل المخلصء حيث ينتصر الشاعر على اليأس ويتجاوز محنة الواقع 
لواف فق لول لتكائدة ار هقان كر لتر كافيدا عبرو بن ماين للا 


فول :امن أن اتمتانى عمصرو أرقت زنك النعامة في الكتدية التشيتت !”ا 


,57- 5١ ديوان بشرء ص ص‎ ) ١( 
أرقلت في سيرها: أسرعت. رتك البعير: عدا في مقاربة الخطو. السبسب: المفازة.‎ ) ١( 


١064 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


أرمي بها القلوات ضمزة إذا 
انك أحيامن فتاة غانيتنا 
الكمافظ الح" الحمتح» ذا اتتسنترا 
والمانخٌ المئة الهجان بأمئرها 
ولربّ زخف قد سموت بجمعه 


سمعٌ المجدُ بها صّرير الجنذب!" 
بفتحاو الا حو ابحو" 
مسن سائل» وثمال كل معصب أ" 
حَدْرٌء وأتفجعْ من هَمُوس أغلب!؛ا 
والواهب القينات شبه الربربا"ا 
تزإجى مطاظها كجنّة يقرب" 
فلبستة رفوا بأرْعَنَ مُطنب"" 


ل اك ا را 


يضفي الشاعر على ممدوحه في مقطع المديح صفات إنسانية نبيلة» لا تنفصم في دلالاتها 
وأبعادها عن عالم الحياة الذي ابتغى الشاعر تأسيسه على أنقاض المكان الطللي بعد غياب الظعينة. 
فالممدوح في رؤية بشر صانع لنعمة الحياة والبقاء من خلال أفعاله المرتبطة بالكرم والشجاعة 
"بحر يفيض...؛ وأشجع من هموس أغلب.... الحافظ الحيّ الجميع.... والواهب القينات...» والمانح 


المقة الويهات 1 : 


ومن الملامح التي يمكن رصدها في مقطع المديح؛ أنّ الشاعر لم ينس قضيته المركزية 
المائلة في رحلة الظعينة» وهذا ما نلمسه من خلال كثافة الحضور الأنثوي الدال في مقطع المديح " 
ولأنت أحيا من فتاة غالها حذر...؛ والواهب القينات شبه الربرب". ولا غرو في أنّ هذا الحضور 


١(‏ ) ضمز الحيوان: إذا أمسك بجرته في فيه فلم يجتر من القرع وغيرها. المجد:المجتهد في السير. الجندب: نوع من الجراد 


يصرً ويقفز ويطير. 


( ) النسوع: جمع النسع. سير عريض طويل تشد به الحقاتئب أو الرحال ونحوها. البرم: اللئيم» والضجر من كشرة فضول 


وغيره. 
الثمال: الملجأ والغياث. المعصب :الفقير. 


( 
( 
) الربرب: القطيع من الظباء أو بقر الوحش. 
( 
( 
( 


5 ) غالها: أخذها من حيث لا تدري فأهلكها. الهموس: الأسد الخفي الوطء. الأغلب: ذو العنق الغليظ. 


الهجان مق الأشياء: أجودها وأكرمها أصبلاً. المطافل: جمع مطفل؛ وهي ذات الطفل من الإنساق والحيؤان: 
» ) الرهو: الساكن. اللبس: الشبه وعدم الوضوح. الأرعن: الجيش العظيم الجرّار. المطنب: الذي لا يرى أقصاه لكثرته. 
6 ) اجتاب القميص والدرع: لبسه.الأياطل :جمع أيطلء وهو الخاصرة كلها. اللحق: الضامر. الشزّب :المضمّرات. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الأنثوي يجسد في واقع الحال إيمان الشاعر بمركزية المرأة/الظعينة في حياة المجتمع القبلي 
الجاهلي؛ لذا فقد تعددت الصور التي تشي في مجملها بهذه الهيمنة الأنثوية على فكر الشاعر 
ووجدانه» بوصفها أسّ الحياة وقوامها. 

وبناء على ذلك؛ فإن مقطع المديح يؤدي وظيفة نسقية مخاتلة» تهدف إلى صنع البطل 
المخلص الذي يتجاوب مع طمع الشاعر ورغبته الجامحة في الحفاظ على وحدة الجماعة/القبيلة في 
الملمات " الحافظ الح إذا شتوا", والذي يحول المكان الجديب/الطلل الظعيني إلى جنة عابقة 
بالحركة والولادة والحياة: ش 
والمانحٌ المئة الهجان بأئرها تزاجى مطافها كَجَنّة يقرب 


ولهذا بات قار! في وعي الشاعر أن هذه الجنة "جنة يثرب"؛ التي تنعم بالسلم والخصب 
تحتاج إلى نموذج البطولة/عمرو بن أم إياس من أجل حمايتها وصون "مطافله"" وظعنها بثقافة 
السلاح» الذي يصنع معنى السمو الإنساني في المجتمع: 
ولرباً زخف قد سموت بجمعه فلبستة رفوا بأرعَنَ ُنب 


000 كك 112 هك 0 كك 15 اتح عي اق سطس اران 


وأما القصيدة المدحية الثانية فإنها تناقش إشكالية رحلة الظعينة في إطار مديح الجماعة بدلاً 
من مديح الإنسان الفرد. وبالتالي» فإن هاته المدحة تتألف من ثلاثة مقاطع يمكن للقراءة الثقافية 
الفاحصة معاينتها وتأويلها من خلال المحاور التالية: 
أوصف المشهد الظعيني. 
ب -مشهد الصراع بين الثور والكلاب. 
جَ نموذج الجماعة في قصيدة المديح. 

وترى القراءة الثقافية أن موتيف الظعائن في قصيدة المدح كما هو الأمر في قصيدة الهجاء. 
يتحرك في فضاء النص ليكون بنية مركزية تتفاعل في تشكلاتها النسقية مع ما يضمره النص من 
آفاق منوضوعايثة. يقؤك بشن :وآضلفا المثنهد اللعيني!": 
بَانَ الخليط ولم وفوا بماعهووا وزودوك اشتياقاً أبِة عدوا" 


, 87١ بشرء ديوانه» ص‎ ) ١) 
(؟ ) بان: بعد وانفصل. أيةً عمدوا: أينما قصدوا.‎ 


١7 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 


)١[:- م‎ 


37 0 : 7 حؤواقة ف ر 0 7 ف نت في عرصات الذّار مفلصد 
لما أنيهقت إليهم كيال الفينة حَلبن ود نفض عنها الا حك القرذا"ا 


ا د ل ب ل نعاهة العسي الكو الذي أحكذا"ا 


ينطوي المشهد الظعيني على نقد لاذع يوجهه الشاعر للخليط بسبب انعدام وفائهم بعهودهم 
تجاه الشاعر /رمز القبيلة؛ وكذلك غياب تيلف بالتمسك بمبدأ العقد الاجتماعيء, الذي يوحّد الجماعة 
في الإطار المكاني ضدّ مفاهيم التبدتد والموت والبحث في المجهول. 

إن حالة التوتر التي يبديها الشاعر إزاء حركة الخليط/ الظعينة تشي في واقعها بجدلية 
عميقة تتجلى في قصائد الحرب عند الشعراء الجاهليين» إنها جدلية التحوّل/رحلة الخليط+الظعينة 
"بأن الخليط ولم يوفوا بما عهدوا..". والثبات /الشاعر " فأنت في عرصات الدار مقتصد". 

وينكشف لنا في هاته الجدلية الضدية أنها تتمحورء في تجليهاء حول المكان الذي يشكل 
وعاءً يحفظ وجدان القبيلة» ومعاهد الحيّ من التلاشي والضياع أمام حركية الزمن ومتااهفات 
الصراع؛ لأن "الهدم الذي أصاب الحضارة لا بد أن يفضي إلى تشرد جماعيء وهذا التشرد هو ما 
يؤرق الشاعر الجاهلي ويدفعه إلى نزعة نحو معطى متحضر ومستقر"!*). 

فالشاعرء كما يبدوء يبذل كل ما بوسعه من إمكانات فكرية وعاطفية من أجل إيقاء 
الجماعة/الخليط في حدود المكان الواحدء ولكنه يفشل بالنتيجة في تحقيق ما يصبو إليه» لأنَّ قرار 
الجماعة بهجرة المكان كان قصدياً واعيأء كما نفهم من قوله: 


نا 5 ا 1 : 7 لُ ند 3 طٌّ 017 ا 5 كْ ال ) 4 


ولهذاء فإن انفعال بشر ودهشته برحلة الخليط لم يأت من فراغ؛ فهو يحممل هذا الخليط 
مسئولية خواء المكان» واغتراب الإنسان ووحدته بعد الانضواء في روح الجماعة " شنقت عليك 


نواهم حين رحلتهم.... كادت تساقط مني منة بف" 


١(‏ ) عرصات الدار: ساحاتها. مقتصد: من أقصدت الرجل: إذا طعنته أو رميته بسهم. 

١(‏ ) الآبية: الناقة المستعصية. ناقة جلس: شريفة وثيقة الجسم عظيمة. التامك: السنام. القرد: من قرد البعير والصوف: إذا تجعد 
وانعقدت أطرافه. 

(" ) المنة: القوة,. 

(4؛ ) اليوسف», يوسفء. مقالات في الشعر الجاهليء دار الحقائق» الجزائرء 2١917٠١‏ ص58١.‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /147١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ولأن الشاعر أضحى ناقما على فعل الجماعة/الخليط» ورافضاً في الوقت نفسه لمنطق 
التحول لدذئ هذا الخليظ» فإنئا نرآه يبحك عن أدوات قافية غلها تعوضه عن لذة الفقد: ولعل: الناقة 
بما هي تشكيل أسطوريٌ حالمٌ من نسج الشاعر وخياله» تمثل نسقاً ثقافياً فاعلاً ومتكرراً عند بشر بن 
أبي خازم؛ يستعين به الشاعر بحثاً عن فرصة التطهير والخلاص من عناء التجربة المأساوية. يقول 


بشر مشبها ناقته المؤسطرة بالتور الوحشي!"': 


قم اعصززك على عمسن عدافر 
دنه صم ذا كدان الويف نينا 
طاو بردنكتةأور ال تسحتطفة 
555500577 
بََقَت لَه العقرب الأولى بتثرتها 
قفاجتة ولم يَررْهَب فجاءتها 
مَعْرُوقة الهامء في أشداقها سَعَة 


ا عبان ان تحدزقينا 


1١)‏ ) بشرء ديوانه» ص ص ام «دلى 


سي عليها خبارٌ الأرض والجذة'"" 
من وحش خبة موشي الشوى فرذا"ا 
إلى الكتاس عشي بكارة مر" 
كَنَهُ في ذَرَاها كَوكَبْ يقذا") 
كما استكانَ لشكوى عَيّنه الرتمذا"ا 
ويأة ين للسوخ الجنية الأسنة" 
عضنفْ تواحل في أعناقها القدَ!") 
وللمّرافق فيما بَينتهابب دكا" 


حامي الحقيقة يحمي لَحْمَهُ تجذ!"' 


(؟ ) اغترز:ركب. العنس: الصخرة في الماء. العذافرة: الناقة الشديدة الأمينة الوثيقة. سي عليها: أي سواء عليها. الخبار: 
التراب المجتمع بأصول الشجر. الجدد: الأرض المستوية. 

(" ) الوجيف: ضرب من سير الإبل والخيل. خبة: اسم ماء. الشوى: أطراف الجسم. موشي الشوى: يريد الثور الوحشي. الفرد: 
الثور المنفرد. 

(؛ ) طاو: خمص بطنه من الجوع. رملة أورال: تلة من الرمل دون مكة. الكناس: مولج في الشجر يأوي إليه الوحش. الصرد: 

البرد. 

الحقف: ما استطال من الرمل واعوج. 

الرذاذ: المطر الضعيف. منكرس؛ منكب. 

العقرب والأسد: برجان من بروج السماء. 

غضف: غضف الكلب أذنه: أرخاها إلى مقدمه. نواحل: دق جسمها وهزل. القدد: جمع القد» وهو السير يقد من الجلد 

لخصف النعال. 

(9 ) معروقة الهام: قليلة لحم الرأس. البدد: بعد ما بين فخذيه من كثرة اللحم. 

٠١(‏ ) أجلى: خرج من مكمنه مسرعاً. الحقيقة: ما يجب على الرجل حفظه وحمايته. نجد: شجاع؛ جريء. 


لك 


)5( 
)5( 
)0( 
)4( 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 
5 د قا 58 8 ات ١‏ 3 َك | 2 ُ 0 ال ١ ١!‏ 8 سء(١)‏ 


تندرج صورة الصراع بين الثور والكلاب في إطار جدلية الثبات والتحول التي بينها الناقد 
الثفافي في المشهد الظعينيء. فالشاعر يسعى إلى التحّرر من الآلام القاسية التي خلفتها رحلة الخليط 
من خلال وسيطه الثقافي /الناقة» التي تملك قدرات كبيرة يعول عليها الشاعر بغية التأكيد على قيمة 
العمل الإنساني المؤثر في إعادة تشكيل المكان المهجورء وإحيائه بديمومة الحضوري الجمعي 
الإنساني. 

تأتي قصة الثور في صراعه مع الكلاب مكتملة البناء في هذا النصّ الشعري كما نرىء إذ 
يقف الثور الوحشي وحيداً في مواجهة أعباء زمنه الليلي في ظل شجرة الأرطاة» التي يتوسم فيها 
القدرة على حمايته من عواصف الليل المطري وتوالي الأنواء عليه: 
قبات في حقّف أرطاة يلوذ بها كَنَهُ في ذَراهاكَوكَب يقد 
يجري الرذا ذ عليه وهو مُنَكَرسٌ كما اسكتكانَ لشكوى عَيْنه الرّمَدُ 


بَاقَت له العقرب الأولى بتثرتها وبل ةسكن طتلوع الجنهينة الأسشة 


وما إن ينتهي الثور من صراعه مع الزّمن الليلي حتى يفاجأ بالكلاب التي يمنحها الشاعر 
ضفة السوة لزعب" حضف راكل فى" أعافها القذد, مدوورقة الينداء فشي المتذافها شكعة ب 
وللمرافق فيما بينها بدد". وهذه الكلاب كما نفهم من قول الشاعر كانت حريصة على أن لا تترك 
الثور يهنأ بالانتصار الذي تحقق بفعل ثباته أمام قوة الفعل الزمني " فأزعجته...فمارس ته قليلا". 
ولكن صمود الثور وثباته أمام سلطة الزمن منحته ثقة بالنفس مكنته من الانتصار على الكلاب في 
نهاية الصراع: 
قمار فحنت للفندات فحة غاتر هنا مُجرئب الطغن فتَال لها جَسَهُ 


إن اكتمال البنية القصصية في قصيدة المديح يعني بإشارة رامزة جنوح الشاعر إلى تقديم 
نموذج حي وفاعل لإرادة الحياة» من خلال تأكيد جدوى الثبات أثناء خوض غمار المعركة مع 
النقبض. وهو ما يقدم صورة مثلى للتحدّي تغاير في تجلياتها تلك الصورة السالبة التي خبرها 
١(‏ ) مارسته: عالجته. فتال: كثير الفتل يجيد فن القتال. 


١85 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الشاعر في مقطع الخليط المتحول. فالثور في هذا النص نسق ثقافي مضمرٌ يفتعله بشر لخلق 
النموذج الإنساني المثال الذي يؤدي ثباته في المكان» وبفعل اندغامه بالقبيلة الأم/ الأرطاة إلى تغيير 
مجريات الأحداث التي تقض مضجع الجماعة وتجبرها على التفرق. فهذا الثور/ النسق الإنساني 
يلوذ بالطوطم/الأرطاة رمز القبيلة "فبات في حقف أرطاة يلوذ بها..". ويتمسك بثقافة العمل في 


دائرتها على الرغم من شدة وطأة الزمن عليه " يجري الرذاذ عليه وهو منكرس. 


.'"» فيؤدى ثباته 


هذا إل الو ان ففوقة على الزفو: الللى الشذرئ تنا ززمله هذا الاففسصنار” ال وميم التذات: 
والكته افر لباياك مو امي تشم العلاك اقيق المسيرى لقال المعادوة ون ذا الك 
عن حمى القبيلة وظعائنها من خلال الثبات في وجه الآخر/العدو "ولم يرهب فجاءتها". وتطهير 


الّنس الذي لحق بالقبيلة بتكريس ثقافة سفك دماء النسق المضاد: 


فمار, ند قا 5008 غادر | ب تنه الله 1 ال ١‏ اج 8 


إنّ تشبيه الشاعر لناقته الذكورئية العاملة بهذا النسق الثقافي العامل/الثور الوحشي يدلل على 
يقينه بانتصار خلمه» وتجاوز حالة التغير والتحول إلى حالة الثبات التي كان ينشدها في المقطع 
الظعيني» وهو ما ينجح فعلاً في تحقيقه في مقطع المديح الذي يحتفي بالجماعة/يني بدرء ويؤسطر 


لثقافة الثبات الجمعي في إطار القبيلة الواحدة. يقول بشر في مديح بني بدرا"ا: 


كنا فتهت الأمدو ا تلك ليها كر 0 الليل والسهذا"ا 

ددبي تخراو زو يلين الخد نص لحن العو ون اتح ول ةا 
اا 41 010 و م .يه -ه :ا وكٌء و 

لويُوزنون كيالا أو مُعايّرة مالوا برضلوى ولم يَعْدلهمْ أخحذ! “ا 

القاعتتنين [1 امسا الحمل نيم بحه والتساقو ااا ا ايا 

لا جَارُهم يرْهَب الأحداث وَسْطهمْ ولاطريدهمُ نابج إذا طروا"ا 

,8438- 85 بشرء ديوانه» ص ص‎ ) ١( 

١(‏ ) تخالجت الأهواء: تحركت واضطربت. دؤوب الليل : من دأب في العمل . إذ جد فيه. السهاد: الأرق. 

(" ) شم العرانين اماي رايم قد الجعد الو 0 

50 ل 50 اي . خمدوا: ذهب ضوؤهم,. 

(5 ) الأحداث : المصائب والنوب. 


الفا 


الظعينة في قصيدتي الهجاء والمديح عند بشر بن أبي خازم الاسدي: قراءة تأويلية ثقافية يوسف عليمات 
ومَاحَّستت بني بَذر نصيِبُهم في الخيرء دام لهمُ من غيري الحَسَد! 


يرى الشاعر في "بني بدر" نموذجا رائعاً وحالماً لوحدة الجماعة وثباتها على المبدأ؛ وهو ما 
يشكل نموذجاً إنسانياً يتضاد جذرياً مع النموذج الإنساني المتحول الذي تمظهر في مقطع الظعينة. 
فالمكانة السامية التي يؤكدها بشر لبني بدر" فإنهم شمّ العرانين..": لم يكن لتتوافر لهاته الجماعة 
لولا تمسكها بهوية الذات والمكان» وهذا ما جعلهم يتفوقون على غيرهم في سمة الحضور 
السلطويء وسمو الفكر: 


حي - َّء و 1 يه -ه 6 و 
لويوزنون كيالا أو معايرة مالوا برضوى ولم يعغدلهم أحد 


القاعدينَ إذا ما الجهؤْل قيمٌ به وامذفيز اما سحل فكوا 


ومن الملاحظء أسلوبياء في هذا المقطع أن بشراً يركز في مديحه لبني بدر على أسلوب 
النفي" الأاسوة وَلاحغة .:.: ولم يعكلهم أحة,:.+ الا جارهم يوهب الأحذاك وسطيم ...ولا طروندهة 
ناج إذا طردوا...» وما حسدت بني بدر نصيبهم.." إذ نجد أن هذا الأسلوب يضمر في طياته ثورة 
واحتدلها ميطناً على وزخلدة الكليظ فى طني لاضن "قل ,شيف ذلك لكايه نشافة الفانك. في الج 
المكاني» وخاصية الوحدة الجماعية/القبيلة» لتمكن من بلوغ هاته السلطة الاستعلائية النموذجية التي 
أنجها بثو بدن يوضفهم تسقاً صَدْيًا لأنساق .الضنعف: والتخول والاستسلام كما أبرزها التموذج 
الظعيني. 

إن هذا النموذج الإنساني الثابت/المكتمل (بنو بدر: البدر: الاكتمال والنضوج والسمو 
والضياء) يغدو في رؤية الشاعر مطلباً مهما وفاعلاً في حالة الحرب والصراع؛ لأنه نموذج يضمن 
للإنسان لذة العيش والطمأنينة " لا جارهم يرهب الأحداث وسطهم..". كما أنه يفرض احترامه على 
الخصوم قسراً بفعل امتلاكه لمقومات المنعة والدفاع عن الذات "ولا طريدهم ناج إذا طردوا"؛ الأمر 
ال جف مره وذ العو دا رمات كس الذي لعفا انان كمسا "ركنا يدت وص بن 1 
رمزاً للثبات والبقاء يحول دون تكرار التجربة الظعينية. وبعد استكناه الأنساق المضمرة في قصيدة 
المديح عند بشر بن خازم لأسدي وتأويل دلالاتها المتعاضدة» يمكننا تمثل حركة الأنساق وج دلياتها 
في هاته القصيدة على النحو الآتي: 


١8: 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


حركة النص: مقطع الثور الوحشي/نموذج حالم نموذج حالم بالكمال الإنساني 
تضاد تضادٌ 
)١(‏ مقطع الخليط/الظعينة مقطع المديخ (1) 
(تحول الجماعة عن (جهد فردي لتجاوز (ثبات الجماعة في 
المكان:الانهزام) المأساة وبناء الحلم) المكان:ثقافة الانتتصار) 


الخلاصة: 

لقد أثبتت هاته الدراسة» بفعل توسلها بمنهج القراءة التأويلية الثقافية:؛ أن الظعينة في 
قصيدكى اليهاء والمخيخ غند:يشس :يق أن حازم الأتدي تمل تموذجا حيًا لقدرة النصن التعرئ 
الجاهلي على إضمار الأنساق الثقافية ذات الأبعاد الفكرية والأيديولوجية المرتبطة بثقافة الحرب 
وجدليات الصراعء؛ ومن ثمّ صوغ عوالم وجودية متنامية ومتنوعة الظلال تعكسء في دلالاتهاء 
حقيقة انفعال الشاعر الجاهلي بالقضايا والإشكاليات التي تؤرقه داخل مجتمعه؛ وتحفزه؛ تالياء على 
خلق أدوات ثقافية يتجاوز بوساطتها وطأة الواقع المعيوش بعلاقاته الإنسانية» ورهاناته الزمانية 
والمكانية» الأمر الذي يسمح له بتشكيل معالم الحياة كما بدت في قصيدة (الحياة)المديح؛ والتعالي 
على كل نسق ضدي يحاول أن يقمعه أو يهيمن عليه كما تجلى في قصيدة (الموت) الهجاء. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


عمان في شعر حسن بكر العزازي 
د. حامد كساب عياط ” 
تاريخ تقديم البحث: 7٠١5/١١/51‏ تاريخ القبول: ٠٠17/7/٠١‏ 


ملخص 

تحاول هذه الدراسة أن تتعرف على صورة عمان كما بدت في شعر حسن بكر العزازيء الذي قصر معظم 
شعر ديوانه "عيون سلمى" عليهاء وقد جاءت هذه الصورة في ثلاثة أبعاد: الأول - البعد الوجداني الذاتي» الذي تجلى 
في أربع صور: الأولى - صورة صلة الشاعر بعمانء بدا فيها على صلة وثيقة بها على الرغم من اغترابه عنها 
فترة متواصلة تزيد على ربع قرن لم يزرها خلالها إلا مرتين سريعتينء الثانية - صورة فراق الشاعر لهاء إذ بدا 
فيها خائفا متألما مضطربا وهو يغادرهاء الثالثة - صورة غربته عنهاء وفيها ظهر تائها تلفه الوحدة ويكتنفه اليأس 
والمرارة» الرابعة - صورة الشوق إليها الذي كان يعانيه الشاعر بعيدا عنها. الثاني - البعد الوطني السياسيء بدا فيه 
الشاعر معجبا بمواقف عمان السياسية والوطنية» فقد صورها تقدّم هموم أمتها على همومها الخاصة» لا تدخر جهدا 
في البذل والتضحية» وفي هذا الشأن أشار الشاعر إلى نكسة سنة ١1537‏ التي حلت بالأمة» وإلى دور عمان في 
التخفيف من وطأتها؛ ما أبعده عن اليأس وجلد الذات شأن كثير من الشعراء العرب المحدثين الذين قالوا في هذا 
الحدث الكبير» وما قربّه من روح التحدي التي بدت في كثير من قصائده. الثالث - البعد الجمالي» الذي بدت فيه 
عمان - كما أحسها الشاعر - بصورة المرأة الجميلة المحبوبة» التي يفوق جمالها جمال سائر النساء» يرى مظاهر 
جمالها في كل ما له علاقة بهاء كما يراها في أحلام نومه ويقظته» وفي صورتها متجسدة بطيف الخيال يزوره؛ وقد 
جاءت هذه الصورة الجمالية صورة مثالية غير مادية» ريفية بعيدة عن البهرج والتزويق. 


عم 
1 ل -لكة كلد سدنقط 01 177اع720 عا صا مسرم 


عط 12 0ع:00115233 1735 غ1 35 تقملصسسمخ 01 عتتاعام عط 320غأدمع120 ما أممتععة نه 15 :561037 كتلط 1' 
عطق غط]!' .]1 0 0680160 '1005]19 1735 '5211027 9002لا“ ع17011 ع5م76 4222321 -حلى كلد مدكدط 01 لإتاعم0م 
1265 ,5ع:11ااع1م 101115 2آ 0ع:1337م015 105 طاعتطا 120197100321 0000001طء عطا :)ولط :1005كمعصتل عععطا م1 
]120 عطا عتامدعل غ1 ما لعطعة 0 عاألنان لعماعءد عط عاعط11 مصخ 1115 متطكدم0 ماع 5ناعم0م ع1 1 تعنمر 
0017 تمحصصسك غ151 0غ عاطه 705 عط طاعلط؟ا عمتتنال تإتتطوعه 2 01 0112111 3 101 16 0م :3103 1505 عط أقطا 
10 220 ,601115101 ,131 01 5316 2 12 نأك عطا عمتتكدع1 عتلتتومعل 5ناء0م عطا 01 عتتاعام عط1 2 ,عه1ا 
لطة د5دعمعع اط عصناءع؟ ممه (زاعده1 لعتدعممة عط طعتط8ا صا عللك صا عماكنا أع0م عطا 01 عتتنذعام عط3-1 
22610281 عط :566020 .2لفتتصطخ 0102 :215123 10105ا عاعادعططامط عصتاءع] أع0م عطا 01 عتداعام عط]1 4 ,كتومدعل 
أع20 ع1 ,00511005 0111م 220 224102021 5 تقصلصصخ لعختصصلد عط طاعتط؟ صآ مه اكمعصستل 1دع116هم لمد 
60 2985 ةقلطم .كطاعع02ء 10021 مقطا “تعطاة1 22010221 0غ 5ناء10 1001 511125 35 للقمتصحخ ل0ع:0135م 
0 ععمعتء1ع1 ع270220 أع0م عطا اأءتعاممء حتطا ص[ .كعع1تاموع1 0ع1لمطلا 115 عاامدع0 تعككاع ععلتترعدد 5ه لعطتعوعل 
01 315م0ا عطا عماعتالع1 صا ممصدحخ غ0 غ01 عطا 0د مهم عطا ما لعمعم مقط طاعتطى غدعععل 1967 عطا 
0 100كمعططلل علاأعطاوعة عطا :لختط1' .25اء0م كتلط 12 غأمع21م32 705 ععمملعل 01 عممعد كل ,تتلعع238] ختطا 
7617© 12 لاعع5 17735 انمدع ع1 .قلطه17 210760 111 أتتدع 2 35 أع0م عط 0غ 0عطاعء5 ممحصسسمخث لاعتطاى 
علط 122100ع202آ1 01 5120017 2 01 جطتام1 عط صا 01113360م 1735 عطك .تاعط طلا 00 مغ لفط غقطا عصتطا 
طقطا تعطتهة؟ ع1انالوع10 35 عطتقء عتتاعام علاأعطاوعة كتلط 1 .كدمدععل غطعته له :023 كتلط صآ مصتط 0م1151 
عط ذه غطعنا كلعطد :56105 عط .1م06 0 3111121د عطاءط 1م] 1 35 علمتتوءمم2 1226212115612 
1021017 15 22102ه1امئتء خلطا غقطا 5لع2005 320 22ع2022عطم ختطا 101 226000ه1معت *211325لتمطمقعع 1د5516ه1ء 
0 غ1" 2652160 قتاع 35 12328502856 عطا ما أكلءدء ك1005و5وع1م<ء عدعطا /1763 كمتمامءء 16 .1دنمءتعغمم 
0 150125م0ع26 501165ع21» أاعتكء] 011 1210 كمماودع1مت عدعطا 5ع5511د1ه 3150 غ1 .0115ماع أطنامك ع "كلأحم تلج 
.1 0017 ططاء5 35 أكلءء 5510205وع1متء عذعطا عكلقطط أقطا كممكدع] غمعء 111ل 


* قسم اللغة العربية» جامعة اليرموك. 
حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة؛, الكركء الأردن. 


١ /1م/‎ 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


المقدمة: 

تحاول هذه الدراسة التعرف على عمان كما بدت في شعر حسن بكر العزازي'", فقد عبّر 
الشاعر عن موقفه من هذه المدينة» وعن مشاعره المتوقدة تجاههاء وعن المعاني التي يرى أنها 
تحملهاء والجماليات التي يحس أنها تتصف بهاء ذلك الموقف وتلك المشاعر والمعاني والتصورات 
التي حولها خياله إلى قصائد ترسم صورتها كما تصوّرها أو أحسها. وغني عن القولء إن الإبداع 
الفني مهما حاول التعبير عن منشئه فإنه لا يتعدى أن يكون ظلالا باهتة لحياة خاصة يحسها هذا 


)١(‏ ولد الشاعر حسن بكر العزازي في عمان سنة 375١م»‏ وأنهى دراسته المدرسية فيهاء ومن أساتذته عودة قموه في "دير 
اللاتين"» ومحمد سليم الرشدان في'كلية الحسين". ينحدر من عشيرة أصلها من قرية عاقر في فلسطين» استوطنت الكرك 
فترة من الزمن» ثم هاجرت إلى مادباء حيث أقطعتها الدولة العثمانية جزءا من أراضي المدينة» ثم هاجر قسم من عشيرة 
العزازي إلى حوران وفيها اعتنقوا الإسلام؛ أما القسم الذي بقي في مادبا فظل على نصرانيته» ومن القسم الذين أسلموا 
هاجر جماعة إلى مصر واستقروا فيها. عمل الشاعر مدة قصيرة في الخليج العربيء قبل أن يغادر الأردن سنة ١961‏ 
إلى هولندا طلبا للعلم والعمل؛ فنال شهادة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة أمستردام» وعمل في إذاعة أمستردام 
منذ مطلع الستينيات حتى أصبح رئيسا لتحرير قسم الشرق الأوسط فيها. تزوج من فتاة هولندية رزق منها بابنته الوحيدة 
(سلمى)ء وقد زار مسقط رأسه بعد هجرته مرتين: الأولى بُعيد النكسة سنة3717١مء‏ والثانية سنة 345١م‏ حيث شارك في 
مهرجان جرشء ولم يمنعه من تكرار زياراته لعمان إلا المرض وملازمة المستشفيات في هولندا وخارجهاء وقد أدى 
التهاب مفاجئ في عينيه إلى كف بصره أواخر أيامه» توفي في5١/7١/187١م,‏ ودفن في الدنمارك. جمع شعره - أثناء 
إقامته في المستشفى سنة 387١م-‏ في ديوان سماه "عيون سلمى"؛ وتمثل هذه الأشعار الشطر الثاني من فترة هجرته في 
أوروباء ولا نعرف شيئا عن أشعاره قبل ذلك» وقد كان أغلب شعر ديوانه مقصورا على عمان؛ له عدة مخطوطات في 
الشعر والقصة والتراجم؛» كتب في مجلات عربية وأروبية» وله مقالات في النقد الأدبي» وكتابات قصصية أذاعها باللغة 
الإنجليزية في إذاعات هولندا وأمريكا وأسترالياء وكانت هذه القصص تتحدث في الغالب عن هموم العمال العرب 
والأجانب في أوروباء خاصة أنه قد عرف كثيرا من هموم هذه الفئة الكادحة عن قرب, فقد كان عضوا منتخبا في مجلس 
العمال الأجانب في هولندا. قامت دار البتراء بنشر ديوانه في187١.‏ وقد عرف الشاعر بنفسه في توطئته لهذا الديوان 
بطريقته الخاصة؛ معبرا عن مشاعره الجياشة تجاه وطنه قائلا: "أنا نسمة صلبا أردنية هيّت» وقد تكون مضت قبل أن 
يصلك هذا الديوان"» حسن حسن بكر العزازيء عيون سلمىء دار البتراء للنشر والتوزيع» عمان» ١347‏ ص,72 2١‏ 
ويشار إلى المصدر عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: حسن بكر العزازي» عيون سلمىء للمزيد من المعلومات عن 
حياة الشاعر انظر: حسن بكر العزازيء» المصدر نفسه. [توطئة الشاعر لديوانه]» ص0١ 2١7‏ و[مقدمة روكس بن زائد 
العزيزي] للديوان نفسه»ء ص3 :١7-‏ ومحمد سمحانء مقالات في الأدب الأردني المعاصرء جزء أول» وزارة الثقافة 
والشباب والآثارء عمان» .١9485‏ ص43» ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: محمد سمحان» 
مقالات في الأدب الأردني المعاصرء ومحمد المشايخء الأدب والأدباء والكتاب المعاصرون في الأردن» [مطابع الدستور]ء 
عمان» .١1484‏ ص55١»‏ ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: محمد المشايخ؛ الأدب والأدباء 
والكتاب المعاصرون في الأردن» وانظر: محمد على الصويركي الكرديء. عمان: تاريخ وحضارة وآثارء المدينة 
والمحافظة؛ دار عمارء عمان» .١9315‏ ص555 -595, ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: 
محمد الكردي؛ عمان تاريخ وحضارة» ومجموعة من الباحثين» معجم أدباء الأردن: الجزء الأول: الراحلون» وزارة 
الثقافة» عمان» ٠٠١١‏ مء ص »4١‏ ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: مجموعة من الباحثين» 
معجم أدباء الأردن: الجزء الأول: الراحلون. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المنشئ» وفي أحسن الحالات فإنه يلامس هذه الحياة الخاصة ملامسة رقيقة من الخارجا", إلا أن 
العزازي قد كان مختلفا في ذلك» فهو نسيج وحده في رسمه صورة عمان في شعره. فقد برع في 
رسمها بشكل يتصف بالخصوصية ويتميز بالفنية والحيوية؛ ما أشار إلى شدة قربه منهاء وتعلقه بها. 
وقد جاءت صورتها في شعره بأشكال عديدة أظهرته بصورة العاشق المتيم بها!"!. وأظهرتها 
بصورة مثالية تكاد تشبه إلى حد بعيد صورة المدينة الفاضلة. وقد تجلت صورة عمان في شعر 
العزازي في ثلاثة أبعاد هي: 
١‏ - البعد الوجداني الذاتي» رسم الشاعر فيه صورة صلته بعمان» وصورة فراقه لها» وصورة 
إحساسه بالغربة بعيدا عنهاء وصورة شوقه المتوقد إليها. 
١‏ - البعد الوطني السياسي» رسم الشاعر فيه صورة عمان بما تمثله في نفسه من أمل في توحيد 
الأمة» وفي إزالة آثار النكسة» التي أصابتها سنة/971١.‏ 
" - البعد الجمالي» رسم الشاعر فيه صورة عمان ممثلة بصورة المرأة المحبوبة. 

ولا بد قبل الدخول في الدراسة من الإشارة إلى أن العديد من الأدباء قد عنوا بالمكان 
الأردني في أعمالهم الشعرية؛ كعرار وحسني زيد الكيلاني ورفعت الصليبي وعبدالمنعم الرفاعي 
وحيدر محمود وخالد محادين وعائشة الخواجا الرازم وحبيب الزيودي...إلخ» وفي أعمالهم الروائية 
كعبدالرحمن منيف وزياد قاسم وسميحة خريس...إلخ» ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن العديد من 
الدراسات قد عنيت بدراسة المكان - بتجلياته المختلفة - في الأدب العربي في الأردن ومنه الشعرء 
فقد درس تركي المغيض المكان بتجلياته المختلفة في شعر عرارا"'ء ودرس قاسم المومني الأرض 
في شعر عرار أيضا"“!. ودرس محمد إبراهيم العضايلة المكان الأردني العام في الشعر الأردني 
المعاصر/*. ودرس عبدالله رضوان الأردن في شعر عرار'أء ودرس حسن ربابعة ما سمّاه ظاهرة 
المكان في ديوان "أغنيات للوطن" للشاعر قاسم أبو عين/" وهناك دراسات أخرى ليس هنا مجال 
حصرها أو إحصائها. 


)١(‏ عبدالرحمن منيف,» سيرة مدينة عمانء المؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروت» 91915١؛.‏ ص“6». ويشار إلى المرجع 
عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: عبدالرحمن منيفء. سيرة مدينة عمان. 

)١(‏ حسن بكر العزازيء عيون سلمىء [مقدمة روكس بن زائد العزيزي]» ص1. 

(*؟) تركي المغيضء "جماليات المكان في شعر عرار", مؤّتة للبحوث والدراساتء المجلد؛» العدد؟. .,١9485‏ ص87١‏ -775, 

(:) قاسم المومني» "الأرض في شعر عرار"» مؤتة للبحوث والدراساتء المجلد. العدد١ء‏ ١19١ء‏ ص"7١‏ - 709, 

(5) وذلك في رسالة ماجستير عنوانها "المكان الأردني في الشعر الأردني المعاصر". جامعة مؤتة: 1١٠7م.‏ 

(5) عبدالله رضوانء "الأردن في شعر عرار": مجلة أفكار» شهرية؛ 19347, عدد7”ء ص/ .7١-‏ 

(1) حسن ربابعة» المكان ظاهرة في ديوان اغنيات للوطن للشاعر قاسم أبو عينء المركز القومي» إربدء .١195‏ 


١8 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


المدخل: 

كانت عمان في بداية نشأتها قرية صغيرة» استوطنها مهاجرون من بلاد القفقاس» فارين 
بدينهم من بطش روسيا القيصرية» جذبهم إليها طبوغرافيتها التي تشبه طبوغرافية البلاد التي قدموا 
منهاء وعين ماء جارية في واديهاء شاركهم السكن فيها البدو المحيطون بها من جهاتها الأربع؛ 
وهي قبل ذلك المدينة الغنية بآثارها اليونانية والرومانية» وقد بقيت عمان على هذه الحال إلى 
أن اتخذدت عاصمة للبلاد بعد تشكيل الكيان السياسي الأردني؛ فنمت القرية - حول المسجد الحسيني 
ومسجد الفتح - حتى صارت بلدة كبيرة» وازداد عدد سكانها بفعل ذلك زيادة كبيرة وسريعة» تلاه 
زيادات أخرى كبيرة ومفاجئة بفعل هجرات قسرية تعرض لها أشقاء في مناطق مجاورة» فوجدوا 
فيها أهلا احتضنوهم وملجا آواهمء ثم اطرد عدد سكانها بسبب النمو الاقتصادي الذي تمتعت به 
المدينة» والذي جذب إليها عددا كبيرا من أبناء الوطن الصغير من القرى والأرياف» وعددا لا بأس 
به من أبناء الوطن العربي الكبير» الذين وجدوا فيها مناخا مناسبا لنشاطهم الاقتصادي والسياسي. 

وقد ذكرت عمان في الشعر الأردني كثيرا كما أسلفناء ولا غرابة في ذلك؛ فذكرٌُ المكان في 

الشعر العربي عامة أمر قديم» فقد ذكره الشعراء العرب في أشعارهم منذ أن عرفوا الشعرا"ا, 
فاإقذاو أ به كثير :من قضاتدهم: ولكن هذا المكان في هذه الأشعان له يحل إلا جزءا يشيظا في:يتاء 
هذه القصائد؛ وبذلك فقد ظل مكانا جزئيا يعبّر عن ذكرى مسترجعة» أو عن حنين إلى ماض غابر 
له علاقة بذلك المكان» أو عن تقليد سار عليه الشعراء اللاحقون على طريقة من سبقهم من 
أسلافهم» يذكرون فيه المكان المتروك الذي تفرق عنه الأهل والأحبة» وسواء أكان هذا المكان 
حقيقة أم خيالا فهو في الحالين رمز لمكان مفقود وزمان ضائع؛ يحاول الشعراء أن يتشبثوا بهماء 
يتبعون ذلك بالغزل أو الرحلة اللذين يرمزان إلى الحياة والأمل!". 

وإذا كان اهتمام الشعراء العرب القدماء بالمكان اهتماما جزئيا فإن اهتمام الشعراء العرب 
المعاصرين والمحدثين به قد أصبح مختلفاء فقد جاءت كثير من قصائدهم مخصصة لها" وبعض 


دار ابن كثير» دمشق -بيروت: 1383مء والتبريزي» أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد الشيباني(ت١5571ه//70١٠1م-‏ 
١.ههم//م!ا. ١‏ ١م)ء‏ شرح القصائد العشرء. تحفيق فخر الدين قباوة» طةع دار الآفاق الجديدة, بيروت» ام وانظر: 
يوسف اليوسف» مقالات في الشعر الجاهلي. دار الحقائق» [الجزائر]ء» [19540]ء ص١7١١‏ ل وانظر: عبد الله 
رضوان» أدباء أردنيون» صه ١‏ م١‏ 

)١(‏ عبده بدويء "الغربة المكانية في الشعر العربي"؛ مجلة عالم الفكرء مجلده١عدد١ء‏ سنة91854١؛»‏ ص59. 

)2 انظر مثلا قصيدة: "عمان" لعبدالمنعم الرفاعي» و"عمان" لسليمان المشيني» و"أغنية لعمان" لحيدر محمود» و"الخروج" 
لصلاح عبدالصبورء وقصيدتي "الطريق إلى السيدة» أنا والمدينة " لأحمد عبدالمعطي حجازي...إلخ. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


دواوينهم مقصورة عليه!"» غير أنه لا بد من التنبيه إلى أن المكان وإن كان موضوعا مشتركا بين 
الشعراء إلا أن أشعارهم فيه قد جاءت مختلفة» لأسباب كثيرة ليس هنا مجال تفصيلهاء فالشعر ليس 
موضوعا وحسب وإنما هو تجربة وتشكيل خاصين. 

ويظل السؤال الملح الذي يجب التنبيه إليه هو: لماذا جاء معظم ديوان "عيون سلمى" مقصورا 
على عمان كما أسلفنا؟ ولماذا كان تعلق الشاعر بها إلى هذا الحد مُغفلا ذكر غيرها من المدن التي 
يعيش فيها؟ فهل كان تعلقه بعمان تعلق الشاعر الرومانسي بمدارج الطفولة ومرابع الصبا؟ا"' أو هو 
0006 أحب في مدينته الأول دمشاظتها ويراعتها؟ أ شو تعلق الشاعر بالمدينة التي يحلم بها 
ويتمنى أن يجدها؟ والتي كادت أن ترتقي في شعره إلى مرتبة المدينة الفاضلة - كما ذكرنا - التي 
يبدعها بخياله ويراها بأحلامه مليئة بالفضائل والجمال» والتي يطمح أن يعيش فيها بهناء وسعادة. 
وهل سر تعلقه بها أنه لم يعرف مدن هولندا التي هاجر إليها فيألفها ويمتزج بأهلهاء فظل يشعر فيها 
بالغربة؟ أو أنه عرفها ولم يعجبه جوها الصاخب» ومزاج أهلها الذين لم يجد بينه وبينهم قواسم 
مشتركة في الرؤى والمواقف؟ أو أن هؤلاء لم يتفاعلوا معه فشعر برفضهم له: وأحس بغربته فيهم؟ 
وليكن السؤال بعد ذلك كله: مَنْ يرفض من؟ هل كان العزازي يرفض المكان الذي يقطنهء» فظل 
يعايشه دون أن يشعر أنه يعيش فيه بسكينة؛ فكان المكان هو الذي يرفضه.ء فيتجه منه إلى مكان 
آخر يجد فيه نفسه وجذوره وهويته؟ وهل كان تعلقه بعمان تبعا لذك ردة فعل لما لم يجده في نمط 
حياة المدينة الغربية التي هاجر إليهاء حيث لم يجده إلا نمطا مختلفا عن النمط الذي اعتاد في عمان» 
ولم يجد المدينة الغربية إلا سرابا؟ وهل كانت عمان هي مدينته(قريته) التي كان يحلم أن يعود إليها 
هاربا من المدينة التي لم يشعر تجاهها بالألفة أو المودة؟ ولماذا لم يذكر الشاعر المدينة التي يقطنها 
مدة تزيد على ربع قرن لم يزر عمان خلالها إلا مرتين!"ا 
في مقدمة ديوانه فئة مخصوصة من أهل هولندا عامة» فأورد أسماء مجموعة من أطبائها الذين 
تعهدوه بالرعاية الطبية وأرسلوه إلى خارجها للعلاج وذلك في مقدمة ديوانه!؛)؛ معترفا بفضلهم عليه 
في هذا الشأنء» ولكن الملاحظ أنه لم يذكر أحدا منهم في شعره فنعرف مشاعره نحوهمء إنه فقط 
يشعر بفضلهم عليه» ويقدر موقفهم الإنساني منه فترة مرضه. وما تجدر الإشارة إليه أن المكان عند 


"” 


)١(‏ حسن بكر العزازيء عيون سلمىء» » ص »١5‏ وراجع مثلا ديوان: "مدينة ب بلا قلب" لأحمد عبدالمعطي حجازي» و" قلبي 
عار له لفك" الرزوق * لنسه. براه اكه عقن الندفة البرعةة" "ينه السدريي واضون لني الصرن كر 
العزازي. 

لق حسن بعر العزازي» المصدر نفسه, صه ١‏ »15269 


١5١ 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


الأدباء عامة ليس موقعا جغرافيا وحسبء وإنما هو نسق مهم من أنساق أعمالهم الأدبية» يكتسب 
أهميته من درجة إحساسهم به وبساكنيه» حتى أنه ليحتل مكانة فنية قد تجعله بؤرة لإعمالهم أو بطلا 
فيها. 
تجليات صورة عمان في شعر حسن بكر العزازي: 
شكل العزازي صورة لغوية شعرية بديلة عن صورة عمان الحقيقية» وقد ظلت هذه الصورة 
لديه قادرة على النمو والتشكل بأشكال عديدة حتى ملكت عليه ذاته؛ فعاش الشاعر في الغربة وطنا 
لغويا فنيا يرسمه لعمان في معظم قصائد ديوانه» وذلك في ثلاثة أبعاد رئيسة» ضمت تجليات 
صورتها المتعددة الجوانب» وهذه الأبعاد هي: 
أولا ‏ البعد الوجداني الذاتي: 
إن الناظر إلى عمان من الخارج يرى جبالها وعماراتها وشوارعها وأحياءهاء ويرى البون 
الشاسع بين مستويات بعض هذه الأحياءء وما يتبع ذلك من تباين في المستويات الاجتماعية 
والاقتصادية بين ساكنيهاء ولكن العزازي لم يرها على أساس من هذه المعطيات المادية» ولم 
يرسمها صورة توحي بمثل هذه المظاهر المحسوسة. فقد كانت لديه صورة وجدانية خاصة تتعلق 
بهاء ويقصر معظم شعره عليها بسبب هذا التعلق» بل إنه لما أراد أن يقول شعرا في غيرها - على 
قلة ذلك - بدأ بهاء وكأنها افتتاحية خاصة للتبركء فقد بدأ بذكرها عندما أراد أن يقول شعرا لجرش 
بمناسبة مشاركته في مهرجانها سنة 5 © يقول !1" 
هل شفَك الوجد أُمْ ودعت أحبابا أمْ هل تعلقت من عمان أسبابا 
م زارك الطيف في الأحلام من جرسا فخلت أن صباك الغ ق آبا 


وصورة عمان التي تعلق الشاعر بأسبابها بعيدة عن التحديد الحسي كما ذكرنا آنفاء فقد 
استطاع الشاعر أن يلغي المكان المادي المساحيء وأن يُحل مكانه المكان الشعوري الخاص؛ وبذلك 
ارتفع بها من المكان ذي القيمة الفيزيقية المحددة إلى المكان ذي القيمة المثالية المطلقة» على نحو 
يلغي الصفة المادية فيها ليحل محلها التسامي المحض الذي يحسه تجاهها!' حتى ليبدو إحساسه بها 
كإحساس الصوفي المتوحد فيمن يحبء وكأن الله قد جمع له مدن العالم في واحدة؛ فلم يعد يحس 
بغيرهاء فصارت بذلك مكانا يصنعه الوجدان وتحسه الروح» عبر عنه بقصائد عديدة ترسم جوانب 
صورتها المكتنة في وجدانه» وتظهرها مكانا خاصا ومميزاء وتظهره كاثنا يتميز بشدة إحساسه بهاء 


6 لوتمان. يوري» مشكلة المكان الفني: جماليات المكان» ترجمة سيزا قاسم» ط".؛ عيون المقالاتء الدار البيضاء.ء 2١98/8‏ 


ص 16 ., 


10 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وغني عن القول إن المكان محتاج - على الدوام - إلى الإنسان لكي يأخذ معناه وصورته» فلا يعود 
عندها مكانا مصنوعا من مكونات مادية جامدة» وإنما يصبح مكانا آخر حيا وحيوياء يُشعر ساكته 
بمعاني الإباء والشوق والأمل والجمال...إلخ» ومثل هذه الروح نجدها في قصيدة "الشبل" التي قالها 
الشاعر وقد رأى في زيارته السريعة الأولى لعمان سنة 371١م‏ أحد أطفالها الفقراء يبيع أقلام 
الرصاص في أحد شوارعها؛ ولكنه على الرغم من فقره كان عزيز النفسء» "وعبثا حاولنا إقناعه 
بقبول ثمن أكبر لقلمه» فلما عرضنا عليه أن نشتري منه كل أقلامه أبى وقال: مش للبيع'!'!؛ وبذلك 
اسوك عاق كاالتى: هيل مع الا الدية امرووظ : اللي""" "نوفني هذا الكلين الصهين 
"الشبل" فيها'"!. يقول العزازي مخاطبا زوجته بتأثير هذا الموقف الذي يلامس قيما عالية في نفسه 
ترتبط بقيمة عمان لديه:!*ا 

لا تعجِبَنَ وهذا مربض الأمند أن تلتقي بالإبا فيه وبالرشد 

فالأسكُ ما أكلت إلا إذا افترست ولا استطابت سوى ما طاب بالطرد 

حياؤها أن تغضً الطرف مكرمة لا هيبة الخصم قادتها إلى الود 

دلت على الأسّد الضرغام صولتّة شأن الضياغم إن تحيي وإن تردي 


وقد تجلى البعد الوجداني الذي ظهرت فيه عمان في شعر حسن بكر العزازي في الصور 
الأربع التالية: 
١‏ - صورة صلة الشاعر بعمان: 

لجأ الشاعر إلى شخصية أمه في قصيدة "سلوت عمان؟!"!*!» فتصورها تسأله مستهجنة طول 
غيابه عن مدينته التي يحبهاء منكرة قطعه صلته بهاء متهمة إياه بنسيانهاء وبعدم الاشتياق إليهاء وقد 
جعل الشاعر عنوان القصيدة الجملة الأولى في البيت الأول منها؛ ما يعني أهمية هذا الموضوع 
وإلحاحه عليه» وقد أتبعت أمه هذا السؤال بأسئلة كثيرة أخرى ذات معان مشابهة» وتراه يلوذ 
بالصمك رقن أحذقه: المفاجأة ويذة الأدكلة المتوالية)قتحاحه يسنته يفول ' لها :نعم ةسلو نه فتحينه 


بصوت خفيض غير مصدقة: هذه عمان!! "من يسلو مغانيها؟!"!"!. ومن لا يشتاق إليها؟! ويلامس 


)١(‏ حسن بكر العزازيء عيون سلمى؛ ص16. 
(؟) حسن بكر العزازيء المصدر نفسه؛ ص59. 
(؟) حسن بكر العزازيء؛ المصدر نفسه.» ص59. 
(4) حسن بكر العزازيء؛ المصدر نفسه.» ص59. 
(5) حسن بكر العزازيء المصدر نفسه.ء ص١‏ 5. 
(5) حسن بكر العزازيء؛ المصدر نفسه.» ص١4.‏ 


10 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


هذا العتاب الشديد وترا مشدودا في نفس الشاعرء فتنثال رؤاهء وتجيش عواطفه؛ ويلجأ في قصيدته 
إلى أساليب جملة الطلب(استفهام» استفهام إنكاريء دعاء»ء أمر) المعبرة عن ألوان من المشاعر 
والكخؤان: الفلينة "القن «مكددياء؟ علي تشاعو على النوات متقتودانك تقنة الكن اتسين "في أيطا يما 
كه تود خناق: فسن يها مفيلة هذ الفسن امن قرحي التعان: بالضدق»: ولفاخحط تكو ان يدرف 
السين بصوته الهامس أيضا في "سلوت» يسلوء سلوتهاء تسلوء فسل» وسلء واسأل"؛ ودوره الواضح 
في هذا الهمس الرقيق الموجه من الأم المحبة إلى الابن المحبوب في شأن محبوبته في سائر 
الأبيات» وما لحروف أخرى مشابهة كالشين والصاد والضاد من أصوات هامسة مشابهة تؤدي 
الؤظيفة ذاتهاء .هذه الأصوات المتلوّة يقافية (الألف) المساعدة أيضا على اليث والتعيير :عن الألم 
والحزن وغيرهما من مكنونات النفس المشابهة الأخرىء. المسبوق بحرفي (الياء والهاء) اللذين لهما 
القيمة نفسها من البث والتعبيرء بل إن اجتماع هذه الحروف معا في آخر كل بيت (يُّها) ليعطي هذه 
الآهة الطويلة المعبرة عن الألم والحزن للبعد عنها:!"! 
سلوت عمان ؟! مَنْ يسلو مغانيها؟! وهل تطيب ربًا إلا روابيها؟! 


أما 'افتقدت -فيها .صب :وملغية ؟! ألم تشفك عيوة : اللمها 'فيها؟! 
سلوتها ؟!...فهل السلوان شارتة فيض الدموع على الخدين تجريها؟! 
وكيك شطلق ووم مولت تي فشل: .عوك ها أحر» امافنيك! 
وبل اقؤاذك. عكا “ياك “نؤحة؟! أهل به النار؟ واسأل عم يذكيها؟! 


وتبدو شخصية أم الشاعر لائمة من نوع مختلفء فهي تلوم على توهم انقطاع صلة الشاعر 
بعمان» وليس على نشوئها واستمرارها شأن اللائمات العاذلات» كما تبدو هذه الشخصية أيضا قناعا 
بسيطا يتقنع الشاعر به ليُظهِرَ من خلاله مشاعره الخاصة تجاه عمان بهذه الصورة الدافئة الرحيمة: 
وذلك بأسلوب متميز بالحنان الأمومي يشبه الحنان الذي تظهره أمه له وهو بهذه الطريقة الفنية 
الدرامية يحاول أن يخلق جوا يساعده على البوح بكثير مما يريد البوح به عن صورة صلته بعمان» 
كما يساعده أيضا على الابتعاد عن رتابة الشعر الغنائي الذي غلب على أكثر قصائد ديوانه» إن هذا 
الحوار المتخيل يكاد أن يكون حديثا دراميا داخليا - نجويا - يعبر الشاعر من خلاله عن مشاعره 
التي يحسها تجاه عمانء وبالتالي فإن صورة أمه(القناع) التي يتخيلها تلومه على عدم تواصله معها 
هي صورة نفسه اللوامة التي تلومه على الابتعاد عنها . 

وإذا كان العزازي يحس بحنان عمان التي تحاوره أمه في شأن ابتعاده عنها؛ فإنه يرى هذه 


ا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المدينة في الواقع السياسي والاجتماعي والإنساني أما تحمل صفات الأم وسجاياها!'!» فقد أسكنت 


ع 


"في قلبها كل العرب...فصاروا لها الأبناءء وصارت لهم الأم التي لا تفرق بين واحد منهم"!". والأم 
بطبيعتها مفطورة على الحنان» مجبولة على العطف والرحمة... وهي قادرة على منح ذلك لأبنائها 
جميعا'"!؛ وبفعل هذا الإحساس فقد نشأ بين الشاعر وبينها رباط وثيق جعل لها في قلبه كل هذا 
الحب» فرآها عظيمة عظمة الأم في عيني طفلها!!» وصارت صلته بها وثيقة متفردة» وجاءت 
صورتها بناء على ذلك متفردة "عمان...لا نظير له"» يعجز الشاعر نفسه عن وصفها!!*ا 

عمان لفظٌ ومعنئى لا نظيرَ لها في النطق قاطبة أو في معانيه. 

ولا ربى كربى الأردن صامدة تزري بطعم الردى مهما تعانيه 


وعلن .عكيل إحسنائن. يعطل ‏ الشعزاء العري التعاضوية والمتحدتين بمدتهمفإن,«العوازي الم 
يشعر بانقطاع صلته بعمان» على الرغم من طول غيابه عنهاء فهي المدينة التي يجد فيها ما يبحث 
غنه.من رؤئ وأحلام». فهي المدينة التي فتحت ذراعيها لكل. غربي .من مختلف» أرجاء الوطن 
الكبير» ولكل وطني من مختلف أنحاء الوطن الصغير كما أشرناء فجاء أبناؤها " وطنيون: يحبون 
وطنهم؛ ويحبون أمتهم» ويكرهون أعداءها...وكنا نحس بين أهالي... عمان مشاعر أخوية 
نكاد نلمسها بأيديناء فنجد الناس قريبيين من بعضهم بعضا "1 وكأنهم يأخذون هذه الصفة 
من معنى اسم مدينتهم!"!» ومن صفات أهلها المتميزين " بالانفتاح والاستقبال والحرارة 


)١(‏ منصور نصرة: القرية في الشعر العربي المعاصرء مركز إسكندرية» الإسكندرية» 2١137‏ ص4١5؛‏ ويشار إلى المرجع 
عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: منصور نصرة, القرية في الشعر العربي المعاصر. 

)١(‏ رناد الخطيب» عمان في عيون الشعراءء أمانة عمان الكبرى» عمانء» والمؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروت» 
5 إمقدمة حيدر محمود] للكتاب» ص5» ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: رناد الخطيب» 
عمان في عيون الشعراء. 

(؟) منصور نصرة: القرية في الشعر العربي المعاصرء ص94١٠.‏ 

(4) يرى باشلار أن الأطفال يرون "الأشياء مكبرة"؛ باشلار. جاستونء: جماليات المكان» ترجمة غالب هلساء وزارة الإعلام؛ 
ودار الجاحظء بغداد؛ [171١؟]»‏ ص184١.»‏ ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: باشلار. جاستون» 
جماليات المكان. 

(5) حسن بكر العزازيء عيون سلمى» ص15. 

(5) أمين شقيرء "عمان في عيون العمانيين: حياة عمان السياسية والثقافية: شهادات: الشهادة الثالث",» (عمان واقع وطموح: 
قضايا الثقافة والبيئة والعمران: أوراق ووقائع أعمال مؤتمر عمان: واقع وطموح"7؟ -؟ ؟حزيران؛: 19948., إعداد 
وتحرير هانيي الحوراني وحامد الدباس).؛ مركز الأردن الجديد للدراسات» عمان» ,١537‏ ص؛ ؛. 

() أطلق الملك اليوناني بطليموس فيلادلفوس (ه7417-71 ق.م) على عمان اسم 13طم51112061» ومعناه المحبة الأخوية؛ ما 
يوحي بالرحمة والألفة والأخوة» عبد الرحمن منيفء سيرة مدينة عمان. ص177. وانظر: محمد الكرديء عمان: تاريخ 
وحضارة وآثار "المدينة والمحافظة"» ص5645١:‏ وسميرة عوضء " لا غريب في عمان": عمان كما يراها المثقفون» 
إعداد رابطة الكتاب الأردنيين» وزارة الثقافة» عمان» ,5٠١7‏ (سلسلة كتب ثقافية: كتاب الشهرء؟١١)ء‏ ص .١5١‏ 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


والمودة "!'' ومن البيئة المتسامحة التي ولدت المدينة في كنفهاء حيث " التقى التسامح الشركسي 
بالتسامح البدوي"!'» لقد أحب الشاعر في عمان صفاتهاء وصفات أهلهاء فجاءءت صورتها جميلة 


3 قة 0 
لا تتسألونيت عما في حبّها قذ دهاني 


فقد أصبحت لدى الشاعر الرَبْعَ الذين يفخر بهمء والأهل الذين ينجدونه إذا ما حزبته المصاعبء كما 
أصبحت لديه نبع الحنان الذي ينهل منه؛ وبذلك فقد شعر في كنفها بالأمان» فصارت الأم التي يشعر 
بأمومتهاء في حين أراه يحس غيرها من مدن الغربة - وإن لم يذكرها في شعره - زوجة أب لا 
تشعره بحنان» ولا يحسٌ في كنفها بأمان. 
وبسبب تعلق الشاعر بعمان فإن صورتها لم تفارق خياله» فهي كلل رحيم وجميل لديه» 

ولنلاحظ طبيعة الصورة الرحيمة والجميلة التي يُظهر الشاعرُ عمان بهاء المتمثلة في كونها أماء 
وفي كونها لحنا عذباء وأغنية جميلة» وقصيدة معلقة برموش العين بما توحي به صورة التعليق من 
معنى ارتفاع القيمة والنفاسة والأهمية التي عرفناها للمعلقات في الشعر الجاهلي؛ وهي كذلك الذكر 
الذي يلهج به على الدوام حتى تستغرقه حالات خاصة في حبها تشبه حالة الاتحاد عند أهل 
التصوف كما أشرنا؛ فيصلي متهجدا في محرابهاء يدعو ربه متضرعا أن يعيده إليهاء ومن الطبيعي 
أن ينعكس هذا الشعور الرقيق المرهف على شعر الشاعرء فيأتي شعره مليئا بالعاطفة المتوقدة» ولا 
ينبغي لصيغ الفعل الماضي المتكررة في الأبيات التالية " كانت(مكررة)» تهجدء انطوىء ألفيناه" - 
أن تأخذنا بعيداء فالشاعر لا يقصد بها الزمن الماضي الذي مضى وانقضى فقطء وإنما يريد بها 
الماضي والحاضر الذي يعيشه والمستقبل الذي يأمله؟!؟) 

عمان كانت له لحنا وأغنية وكانت الأمَّ والأردنَ كان أبا 

كانت قصيدته كانت معلقة2 على الرموش تناجي الجفن والهُدبًا 

بها تهجد ليلا حين نسمعُة إذا انطوى الليل ألفيناهٌ منتحبا 


وإذا كان الشاعر يرسم لنا صورة صلته بعمان» وصورة موقفه منها على لسان أمه التي 
تعاتبه في طول غيابه عنها فإنه يكمل رسم صورة هذه الصلة من خلال قصيدة "باقة", التى يصور 
)١‏ أمين شقيرء "عمان في عيون العمانيين: حياة عمان السياسية والثقافية» الشهادة الثالثة"» ص”؛ . 


”3 حسن بعر العزازي» عيون سلمى» صغاه , 


)1( 
)١(‏ عبدالرحمن منيف, سيرة مدينة عمان» ص؟17. 
2( 

(:) حسن بكر العزازي» المصدر نفسه, ص 26 ., 


دالا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


فيها مشاعره تجاه ابنته سلمى» حيث تبدو صورتها أملا بالمستقبل المشرقء وإذا كان الشاعر قد فقد 
بعض الأمل بفعل ما أصابه من خيبات الأمة وانكساراتهاء وبفعل ما تعرض له من آلام وأسقام 
وَبُعْد عن غنداق فإن انه جلت يد" إلى لقند يعسن الأطل با ايل الدكة مله يهاء وكن لغ أن 
ان عل كانت بلس الى عدار #زالكى قفد لاع أن يخم القدر انها متكا قال 1 
إن ذهنًا .يلف “قملي. سلتن عاك يه +التسان 

وحق لنا أن نسأل أيضا: هل كانت(عيون سلمى) هي عيون عمّان التي قال من أجلها أغلب شعره؟ 
والتي تكاد أن تنزل من نفسه منزلة تعلو منزلة ابنته سلمى نفسهاء ولنلاحظ رهافة مشاعر الشاعر 
تجاه ابنته» ورقة عباراته المعبرة عن حبه لها في قصيدة "باقة". التي قالها فيها وقد جاءته تزوره 
في المستشفى» تحمل باقة من الزنبق عذبة الشذى تقول له ببراءة الطفولة: يا بابا "عندما تزيح 
المورضنة "العضباية عن «عيفبك: : متكرى أنها :ضفو !"ا غير متركة أن أياها قد ققد يصبر هه :فتجده 
يقول لها بكل عذوبة ورقة: " يا عيوني أنت يا سلمى» ما خلق الباري كسلمىء أنت...عبير الزهرء 
عيني شاهدت منك...أحلى ما بحوّاء أنت نور العين"!". وظنناه سيستطرد بالمزيد من الجمل 
والعبارات المشابهة المعبرة عن مشاعره الأبوية الرحيمة تجاههاء أو أنه سيتوقف عند هذا الحد من 
العبارات والجملء ولكننا نجده ينتقل من ذلك إلى رؤيا شعرية أخرىء فيفاجئنا بقوله: "إن سلمى مثل 
عمان!"!*)؛ فتكون عمان لديه هي المشبه به» وسلمى هي المشبّه أو الشبيه بما للمشبه به من ميزة 
الزيادة في الصفة على المشبه؛ إنه ليشبه المعلوم بالمجهول؛ فحب ابنته الذي وصفه لنا حب كبير 
كما عبّر عنه» ولكن يبدو أن حبه لعمان أكبر من ذلكء بدلالة عبارته "إن سلمى مثل عمان التي لم 
تزل في خاطري والعين ضو"» إن الشاعر بعد أن شكل ملامح المشبه ابنته سلمى بهذا الجمال 
الفائق جعلها "مثتل عمان"»؛ تاركا لنا تخيّل جمال صورة عمان بعد ذلكء بل إنه ليجعل سلمى رسولا 
يحمّلها رسائله إليها؛ ما يشير إلى المكانة العالية التي تتمتع بها في نفس الشاعرء التي تفوق عن 


)١(‏ حسن بكر العزازيء عيون سلمى»؛ ص5"؛ والبيت لحسان بن ثابت: 
إن كس يننا كبري مكل “لؤمان بيك “#الإسان 
حسان بن ثابت(ت؛ 5ه//575م)» ديوان حسان بن ثابت» حققه وعلق عليه وليد عرفاتء» دار صادرء بيروت؛ 219175 
ج١ص017»‏ والبيت منسوب أيضا إلى عمر بن أبي ربيعة: 
إن ذه “يلك عملي ايطفي.. < لزمنة دونه بالإفسان 
عمر بن أبي ربيعة(ت77ه//54:4م- 37ه//١١71م)»‏ ديوان عمر بن أبي ربيعة؛» الهيئة المصرية العامة للكتاب» القاهرة» 
:© أكتاب التراث؛ ؟)ء ص .7١9‏ 
)١(‏ حسن بكر العزازيء عيون سلمى؛ ص5". 
(؟) حسن بكر العزازيء المصدر نفسه»ء ص 5"5. 
(4:) حسن بكر العزازيء المصدر نفسه»ء ص5"5. 


١ / 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 
مكانة أقرب المقربين منه:!") 

يا عيوني أنت يا سلمى وما خلق الباري كسلمى ثمّ سوّى 
أنت نور" العين في ظلمائها وعبير الزهر في روض مروى 
حين غاب النورء عينئ شاهدت منك عبر الأذن أحلى ما بحوا 
5 مثل عمان التي لم تزل في خاطري والعين ضوًا 
كروي با لين د د في ذكرها العاطر للحبًٌ سمذًا 


وإذا كان الشاعر يوجه الخطاب إلى نفسه بلسان أمه بضمير المخاطب القريب في قصيدة 
"سلوت عمان؟!" فإنه يوجهه إلى ابنته سلمى(المخاطبّة) المشبهة بعمان بالأسلوب المباشر القريب 
نفسه؛ ما يشير إلى قرب عمان منه»ء وشدة صلته بهاء ولنلاحظ أن صورة صلة الشاعر بالمدينة قد 
أتت من خلال صورتي راحمتيه: أمه» وابنته!"!؛ وبالتالي فإن عمان متصلة بالشاعر على الدوام؛ 
ماضيا وحاضرا ومستقبلاء فأمه تمثل الماضي والحاضر وابنته تمثل الحاضر أيضا والمستقبل. 

ونتيجة لإحساس الشاعر بحنان عمان وبقوة صلته بها فإنها لا تبدو لديه موطن صراع 
اجتماعي أو طبقيء وإنما مكان دفء وألفة» فهي منسجمة مع ريفهاء متحدة بالطبيعة المجاورة لهاء 
وقد ظهرت صورة هذا الريف الهادئ من خلال صورة الريف الأردني المتصل بها بشكل مباشر 
أو غير مباشرء وهي صورة جميلة هادئة تشعر بالألفة» فالشاعر يبحث عن الطبيعة الرحيمة المليئة 
بالمناظر الموحية بهذه الصفة» فنراه يصور لنا شجر الدفلى يقبّل وجه نهر الشريعة» والقئري 
يجاذب الجنادب رخيم الألحان» والرعاة يعزفون ويغنون» وهذا جو يحس الشاعر فيه بقدر كبير من 
الدفء والتواصل والسعادة» والرومانسيون بطبيعتهم متعلقون بالطبيعة وبالريفيين وبالرعاة الودعاء» 
الذين يحتفظون ببساطتهم بعيدا عن ضوضاء المدن!'! وضجيجها. ويرسم العزازي صورة هؤلاء 
الريفيين في بعض ضواحي عمان القريبة "البيادرء وناعور"؛ معجبا بما بينهم من صلات إنسانية 


)١(‏ حسن بكر العزازيء المصدر نفسهء ص5"5. 
)١(‏ كما أشار الشاعر إلى زوجته إشارتين سريعتين» في الأولى ذكرها بكنيتهاء شاكيا لها شدة غرامه بعمان: 
يا أمَ سلمى غرامٌ الحر يضنيه البين أبعدهُ والشوق يدنيه 
حسن بكر العزازيء عيون سلمى» ص50٠١.‏ 
وفي الثانية ذكرها بالضمير الدال عليهاء وذلك عندما هزّه موقف الطفل الذي يبيع أقلام الرصاص في أحد شوارع عمان» 
عندماأبى أن يبيعه القلم بثمن أكبر من ثمنه الحقيقي أو أن يبيعه أقلامه كلها عندما أحس أنه يريد أن يتصدق عليه يقول: 
لاتعجِيّنَ وهذا مربض الأسند أن تلتقي بالأبى فيه وبالرشد 
حسن بكر العزازيء المصدر نفسه.» ص59. 
(؟) عيسى يوسف بلاطة:, الرومانطيقية ومعالمها في الشعر العربي الحديثء دار الثقافة» بيروت؛. .١916٠‏ ص58. 


١517 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


يحبهاء وهو عندما يصور هذه الأجواء الزاخرة بمكونات الريف الأردني من بيادر الحصاد 
والمذرين و"هبوب الهوا " فإنه يشعر بالراحة والسعادة» ونراه يكرر حرف الاستفهام(هل) في كل 
بيت عندما يرسم مثل هذه الصورة؛ ما يوحي بشدة تعلقه بهذه الأجواء»ء وبصورها المختزنة في 
وجدانه» وكأنه يحاول أن يطمثئن على استمرار وجودها في هذا الريف:!") 


هل الشريعةٌ فيَّاضٌَ ععادته؟ وهل تقبَُةُ الدفلى على التّغْر؟ 
هل للجنادب موسيقى منغمةٌ؟ >< وهل تغنى على ألحانه القمري؟ 
هل الرعاة إلى الأغنام قد دبكوا على المزامير حتى مطلع الفجر؟ 
وفي البيادر هل "هب الهو "!'' وشدا له 2 المذرتي فأشجى الروح بالستخر؟ 


وهل بناعور ظل الظبي يشردذ من202 ففح الهوى ويطيل الوصل بالسرٌ؟ 
ويبدو أن مثل هذه اللوحة الكبيرة المليئة باللوحات الجزئية صورة محببة لدى أكثر الشعراء العرب 
المهجريين!"؛ يحنون من خلالها إلى الأجواء الريفية الهادئة التي افتقدوها في مدن الصخب 
والاغتراب» ومثل هذه الصور الجميلة المعبرة عن الاتحاد بالمحيط والانسجام معه نجدها عند 
الشاعر في مواضع كثيرة أخرى من ديوانه/''» ويبدو العزازي في هذا الشأن متأثرا بأسلوب عرار 
من حيث عنايته ببيئة الريف الأردني وتعلقه بهاء باعتبار ذلك مظهرا جماليا رومانسيا يحبه 
الشاعرء وباعتباره مؤشرا وطنيا دالا على الانتماء أيضا. 

وقد بدت عمان كذلك - في شعر العزازي - في وصل دائم معهء فهي تبادله حبا بحب» 
ولتلاكظ قوله:في قصيذة "ليق النشامى 5 ناذا فلك 15 :وماذا طدحية فعلو0"11 وآراء يعنق عبان 
بالضمير المنفصل "هم"؛ مستحسنا مواصلتها حبّها له الذي " لا يجفو" ولا ينقطع ليصل مرة أخرى؛: 
إنه حب مستمر لا تزول ذكرياته من نفسه حتى تفارق روحه جسده!!*ا 
ويلي من العشق ويلي من جريرته ماذا فعلت وماذا هم به فعلوا 
عشق الغواني وصال تارة وجفا ‏ وعشق عمان لا يجفو ولا يصل 


) إشارة إلى ما كان يردده المذرّون من أهازيج شعبية خلال ممارستهم عملهم في بيادر الحصادء من مثل: 


"هب الهوا يا ذارئ 2 كل بلا مصارئ 
هب الهوا يا ياسين يا عذاب الدراسين!" 


(؟) أحمد بسام ساعيء حركة الشعر الحديث في سورية من خلال أعلامه؛ دار المأمون» دمشق» 5917١م»‏ ص١4‏ 5» ويشار 
إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: أحمد بسام ساعي» حركة الشعر الحديث في سورية. 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


مزقزق كعصافير مفرخة بين الجوائح أو كالجرح يندمل 
لكنّ آثارة في النفس باقية حتى يزيل ندوب الأنفس الأجل 


ولا بد من التأكيد على أن تصوير الشاعر لعمان بهذا الشكل المثالي دليل على حبه لهاء 
وتعلقه بهاء فنجده يعمد إلى خلق صورتها حسبما يحب ويرغبء ليتخيل أنه يسكنها عندما تفوته 
حقيقة العيش فيهاء فيعمد إلى استحضارها وهي البعيدة عنه إلى مكانه وزمانه الخاصين؛ وبذلك فإن 
العزازي يحمل عمّانه معه أينما حل أو ارتحل؛ فهي لديه مكان نفسي داخلي خاص يعيش فيه بهناء: 
ويتمتع بجماله متى شاء وكيف شاءء وتبدو لديه صورتها بأبهى هيئة يمكن تخيلها. 

لقد جاءت صورة علاقة العزازي بعمان صورة رحيمة» فهي المدينة الوادعة التي يألفها 
أبناؤها ويتواصلون معهاء وجاء أهلها على شبه منها متواصلين محبين» وكثيرا ما يحدث التشابه 
بين الإنسان والمكان الذي يسكنه؛ فالمجتمعات تكون على صورة المدن» فللمدن شخصية أو روح 
تنتقل عبر الأجيال!'!» وسر خاص يطبع ساكنيها بطابعهاء وقد كان لعمان سر صغير خاص بها 
يجعل الإنسان فيها أكثر رحمة ورقة وتواصلاء ويكمن هذا السر في أنها "لا تبقي من يعيش فيها 
على علاته». بل تجعله إنسانا آخر أفضل قليلا أو كثيرا...إن عمان تعمٌن أي تؤنسن من 
يسكن...فيهاء فالعماني من دمشق هو أفضل من الدمشقي الحافء وكذلك العماني من يافاء أو من 
السلطء أو من الكركء أو من بني حسنء أو بني خالدء وهو غير أهله الأولين» لقد أنسنت عمان 
الشاعر مصطفى وهبي التلء» ذلك الحوراني العصبي على دمشقء فأصبح عمانياء وسع قلبه الكبير 
العرب وغير العرب؛ وجعلت عمان من...النجدي الأديب عبد الرحمن...منيف ثائرا يحمل عمان 
الوحدة والثورة في قلبه أينما ذهب", لقد صور العزازي عمان بصورة المدينة الوادعة» المليئة 
بمعاني التراحم والمحبة» ولم نر من خلال شعره أي صورة توحي برفضه لها أو بقطيعته معها 
شأن بعض الشعراء العرب المحدثين الذين رفضوا مدنهم» أو شأن بعضهم الآخر الذين كانت مدنهم 
منهم في موقع الضدء فعمان عنده مدينة ارتبطت صورتها بصورة الأم الرؤوم أو الابنة المحبة» أو 
بصورة الريف الذي يألفه أهله ويحبونه» فظل يتواصل معها بكل مشاعر الرحمة والألفة» بل إنه 


)١(‏ انظر: أوينموس. جانء "الإنسان والمدينة"؛ الإنسان والمدينة في العالم المعاصر: ”١مقالة‏ في هذه المواضيع لمحاضرين 
ومفكرين فرنسيين» تعريب كمال خوريء وزارة الثقافة والإرشاد القومي» دمشق» 5177١ء‏ صه -1» ويشار إلى المرجع 
عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: أينموس. جانء "الإنسان والمدينة ". 

(؟) هاني السعوديء. "عمان في عيون العمانيين: المهن والحرف والفئات الاجتماعية: شهادات: الشهادة الثانية",» (عمان واقع 
وطموح: قضايا الثقافة والبيئة والعمران:أوراق ووقائع أعمال مؤتمر "عمان واقع وطموح ١7"‏ -1 ؟حزيران» 2)١5985‏ 
إعداد وتحرير هاني الحوراني وحامد الدباس» مركز الأردن الجديد للدراسات؛ عمان» .١955‏ ص37. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ليعدٌ بُعْدَهُ عنها وانقطاع صلته بها عقوقا وكذبا "في محبته"؛ والقرب منها صلة رحم "وهدى 
ونورا...وإيمانا":!"ا 

والبعة “يز زوة” في ميحينها. “يطل فيضن" الأحؤال ‏ بيتتنا 

وقربها صلة الأرحام منزلة هدى ونورا لمن يهوى وإيمانا 
؟ - صورة فراق عمان: 

مثلما أحس العزازي بحنان عمان وباستمرار صلته بهاء فقد أحس بفراقها صعبا على نفسه؛ 

فصور هذا الإحساس وهو يطل عليها من نافذة الطائرة المقلعة به منهاء فبدا متألما حزيناء تسكب 
يناه الدمواغ وهو يلقي غليها نظرة الودا ع ولاستتكمال رسع :هذه الضؤرة نجده يشتخص من ,نفسة 
شخصا آخر يخاطبه؛ فيصور بؤس حاله ساعة رحيله عنها: فعيناه تودعانها تدوران في أرجائها 
مذهولتين» وتودعان أحبابه فيها بكل مشاعر الحزن والألم» ولنلاحظ أن أبيات الشاعر التي رسم 
هذه الصورة تزخر بالجمل الفعلية المليئة بالحركة والاضطرابء المعبرة عما يعتمل في نفسه من 
الاحتراق, الذاخلى . المصور اللشدة: الت يعانيهاة:والمتمظة: بالعيون. ٠‏ الكائرة. والتظ وات المتقلبة: 
وصورة التشييع التي قد توحي بتشييع الموتى؛ ولنلاحظ الأفعال التي يستعملها لتوديع عمان في 
قشنيدة *طافق الأو |" “الى تويكي: بالخوق :و الاسطز ابه الآ "تجيل طوفا :وار | حارت 
عيونك» تشيّعْهاء لبئس يوماء وقفنا كي نودعهاء نلثم أحجارا وأشجارا ":!"ا 


تجيل طرفاً على عمان دوارا والدمعٌ يهطل من عينيك مدرارا! 
حارت عيونك في دار تشيّعها قبل الرحيل أَمْ الأحباب والجارا 
لبئسَ يوما وقفنا كي نودعها فيه ونلثمُ أحجارا وأشجارا 


ولما كان شعر العزازي عواطف ذائبة ومشاعر رقيقة تجاه عمان» فقد ابتعد شعره فيها عن 
الجزالة والفخامة» واقترب من الرقة والسلاسة» فهو كغيرة من الشعراء العرب المهجريين يرسل 
نفسه في شعره إرسالاء فيأتي هذا الشعر سهلا منساباء والشاعر المغترب عامة لا يقف كثيرا عند 
ميزة الجزالة» ولا يتعامل مع البديع وما شابهه من محسنات» فهي تتطلب نوعا من الاستقرار 
والراحة النفسيةا", ما يفتقر إليه العزازي والشاعر في الأبيات التالية يرسم صورة أخرى لفراقه 


عمان» فيستحضر صورة يوم القيامة بما فيه من خوف وذهول يصيب الناس» يضيف إليها صورة 


31 عن كن المراني قو بد و 
(8) :كيدة دكي" الغرية المكانية ف الشتسس ! العرريي “لعن 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


أخرى موحية بمثل هذا الخوف متمئثلة بالعنقاء» التي يتصور أنها تختطفه من حضن عمانء فلا 
يعود بمقدوره العودة إليهاء إلا أن الشاعر على الرغم من اتكائه على هذه المرجعيات العقيدية 
والأسطورية يسوق صورة خوفه وذهوله بأسلوب شعري سلس بعيد عن التعمّل والتصعيب كما 
ذكرناء ويجب التنبيه مرة أخرى إلى تركيز الشاعر على الجمل الفعلية التي تدفع بالحركة المتلاحقة 
والمؤدية إلى الجيشان العاطفي» "حانت الساعة» وجفتء مارتء تذكيء أحسبهاء بات تب كاناء 
00 

وحانت الساعة الكبرى فما وجفت أرضٌ كقلبك أو مارت كما مارا 

غذاة :طازت “ينا فى الخو ظائنة -وفودها ارتشتي: ننقي يها الثارنا 

ناتكلت فسني ممق مشر أن اتن حنظل ؟ فامجياك يازا 

تب الرحيل وتبت ساعةٌ شهدت مر الفراق فلا كانا ولا صارا 


ولنلاحظ إحساس الشاعر - في الأبيات التالية - بزمان الفراق الذي يعيشه بعيدا عن عمان» 
فهو زمان تيه وحياة ضياع؛ ليس لها من حصيلة إلا الخيبات المتواصلة» وجمع الأصفار بعضها 
إلى بعض؛ ما يدعوه إلى الاعتذار لعمان عن هذا الفراق/"» لنلاحظ وقع هذا الفراق على نفسه» فهو 
يعيشه أعواما طويلة من الأشواق المحرقة؛ وسنوات مديدة من التيه والحيرة» بما في السنوات من 
معنى الشدة والصعوبة» كما إنه يعيشه ليالي؛ بما فيها من معانى السواد والظلام والمحاصرة:!"! 


عَفَوَون هاما من 7الأقتواق: :والضين مرت" :فكيف 'الفضت؟ وابه 3" أدردى] 
جرى بها الدهرُ تكذيبا لمن زعموا أن الزمانَ الذي نخشاهُ لا يجري 
تلك الليالي وهي في نظري صفرًٌ يضاف بهذا البين للصفر. 
بلى وربك يا عمانٌ معذرة فلا تعددّي سني التيه من عمري 


)١(‏ انظر: حسن بكر العزازيء عيون سلمىء» ص؟7 -75ء وحنظلة الوارد ذكره هو حنظلة بن صفوان الرسّيء انظر: ابن 
حبيب» أبو جعفر محمد بن حبيب بن أبي أمية بن عمرو الهاشمي البغدادي(ت7545ه//51١م).‏ المحبّرء رواية أبي سعيد 
السكريء اعتنى بتصحيحه إيلزه ليختن شتيترء دار الآفاق الجديدة» بيروت؛: [ت]ء ص١200132‏ وانظر: ياقوت 
الحموي(ت777ه//5١75١م)ء‏ معجم البلدان» دار إحياء التراث العربي» بيروت. 979١م‏ ج؟'ص": -45» ويقال: 
"حلقت به عنقاء مُغرب"؛ كناية عن استحالة رجوعه» الثعالبي» أبو منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل(ت٠5'ه‏ - 
19ه-7١٠م)ء‏ التمثيل والمحاضرة: تحقيق عبد الفتاح محمد الحلوء دار إحياء التراث العربية» القاهرة» 
١م‏ ص 6 7؟, 

./5- كرر العزازي كثيرا هذا الاعتذار في مواضع أخرى من ديوانه» انظر: حسن بكر العزازيء عيون سلمىء» صه,‎ )١( 

(؟) حسن بكر العزازي؛ المصدر نفسه.ء ص١5.‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إن شخصية العزازي لتظهر عارية في لحظة فراقها عمان إلا من الامهاء فنراه يضرع إلى 
الله أن يرحمه من هذا الفراق(العذاب)ء تارة يدعوه بصيغة الجمع "الله يرحمناء البين ضيعناء 
نار...في حنايانا "» وتارة أخرى بصيغة المفرد "يا ربّ[مكررة) في البين» عندي» صرتء لم أجارء 
أناء أعب". إن تكرار الدعوات إلى الله والتضرع إليه في شأن فراقه عمان بهذه الصيغ الكثيرة دليل 
على ماايغانيه الشناقن:جزاع هذا الفراق: ثم إنة يوليتع صووة إاسه يقراقها فيضيون 'نفنية مترددا 
حائرا كأنه قد أضاع بوصلته التي يهتدي بهاء فيبدو "أحير من ضب "؛ مرددا بألم عبارة "الله 
يرْحَمتا!' التي يرددها أهل عمان عند شعورهم بمثل هذا العذاب» فقد كان الشاعر يحس بألم 
الفراق» وبعدم الراحة في أي مكان يقطنه عداهاء حتى وإن كان جنات تتدلى "تينا ورمانا"» في حين 
كان يرى عمان جنته الوارفة وإن كانت قفرا بلقعاء يقول في قصيدة "صبًا عمان":!"ا 
ال تركك !1" #البححدة بشييننا والشووق 305 لطي في اانا 
يا رب في البين! د الأرضن مفقرة :ولو تلت تيكما .ورصانا 
وإنّ عمانت عندي جنةٌ أنفن لو أقفرت بقيت روضا وبستانا 
يارب صرت بهذا البين أحينُ من ضبً وإن لم أجار الضبً نسيانا 
أنا القطاة اهتداءً في محبتها ومن هواها أعبُ الكأسَ نشفوانا 


* - صورة الغربة عن عمان: 

قال الشعراء العرب في الغربة المكانية كثيراء ما دفع أديبا مثل أبي الفرج الأصفهاني إلى أن 
يضع كتابا سماه "أدب الغرباء"!"» ليدلل من خلاله على عنايتهم بهاء كما أضاف مقاطع نثرية في 
هذا الموضوع إلى الأشعار التي جمعها. وقد كان الشعراء الرومانسيون عامة يشكون غربتهم في 
الحياةء دون أن يخصصوها بمكان محدد؛ حتى كادت المدينة أن تصبح لديهم رمزا للغربة 
الرومانسيةا'. ويبدو لي أن أكثر غربة العزازي هي غربة رومانسية» فهو هارب من محيطه 
المادي الذي يعيش فيه في مدن هولنداء حالم بما يسدٌ فراغ روحه الذي لا يجده إلا في عمان» 
فصور نفسه في هذه الغربة مفردا في جزيرة تحيط به حواجز كثيرة تمنعه من الخلاص من هذا 
الظثرف الصعب؛ فيتملكه اليأس من إمكانية العودة» ويشبّه ظرفه هذا بظرف طارق بن زياد وجنوده 


./5 حسن بكر العزازيء المصدر نفسه» ص‎ )١( 

)١(‏ حسن بكر العزازيء عيون سلمى؛ء ص76. 

.5٠0- انظر: حسن بكر العزازيء المصدر نفسه.» ص؟,‎ )١( 

(؟) الأصفهانيء أدب الغرباء. نشره صلاح الدين المنجدء دار الكتاب» بيروت» 19177. 
(؟) عبدالقادر القطء في الأدب العربي الحديث. دار غريبء القاهرة» .7٠١7‏ ص1772. 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


منقطعين معزولين في بلاد الأندلس؛ فيسأل نفسه: "أين المفر؟7'» مستعيرا هذه الجملة من خطبة 
طارق نفسه في جنوده آنذاك ليجعلها عنوان قصيدته» الذي تتولد فيه الدلالة الكلية للقصيدة(أزمة 
الشاعر في الغربة)» فهو وحيد مفردء يبحث عن المفرء وإلى أين يتجه في فراره ليجد المكان الآمن 
الذي يبحث عنه؟ فالبحر يحيط من كل جانب» ومن وراء البحر أسوار بعضها وراء بعضء ومن 
ورائها حواجز أخرى من الأشواك والأفاعي والصخور والصحاريء كل هذه الجزئيات في الصورة 
يريد الشاعر أن يرسم لنا من خلالها صعوبة ظرفه في الغربة بعيدا عن عمان!!"ا 

كلما قات بي الأشواق هنا لبان ين أبن المنزة؟ 

حولك البحرٌ 

وحول البحر أشواك وغيلانٌ وصخر' 

ومفازات وراءً الشوك 
ولنلاحظ أن الأشواق التي يحستها الشاعر تجاه عمان مسبوقة بأداة الشرط "كلما" بما تعطيه من 
معنى كثرة تكرار الحالة» تلحق بها جملة "فاضت بي الأشواق" بما في الفيض من معنى الامتلاء 
وعدم القدرة على استيعاب المزيد من هذه الأشواق» ولنلاحظ أيضا جملة جواب الشرط "صاح 
اليأس بي"؛ بما تعنيه من الملازمة بين فيض الأشواق وصياح اليأس به» وما يعنيه هذا الصياح من 
شدة الصوت الداعي إلى اليأمن من إمكانية النجاة من هذا الموقف الصعبء ثم إن هذه الأشواق 
الداخلية الملحة التي يعاني الشاعر لفحها في بلاد الغربة تعاونها وتقابلها "الأشواك" المختلطة 
بالغيلان والصخور والفيافي» بما بين كلمتي "الأشواق" التي تعتمل في نفس الشاعر نحو عمان 
وال"أشواك" المانعة من الوصول إليها من انسجام صوتي وافتراق معنوي وتعاون عليه فيما بينهما. 

ويشعر العزازي بسبب هذا الحصار باليأس يتملكه» فتضيق عليه هذه الدوائر حتى ليكاد أن 

يختنق» فبعد أن سأل نفسه السؤال النظري "أين المفر؟" نجده يسأل نفسه سؤالا آخر أكثر إلحاحا 
وتحديدا يوحي بضرورة العمل والحركة: "أين تمضي؟"' في هذا الخضم المتلاطم من المصاعب 
الداعية إلى اليأس؟ ولكن الشاعر يجيب متمردا على هذا اليأس: إنه يمضي إلى عمان» فهي أمله 
المنشودء وفردوسه المأمول الذي يبحث عنهء ولنتنبّه إلى جمع الشاعر بين صورة الأندلس 
"الفردوس المفقود" وصورة عمان التي يفتقدها في هذا الظرف الصعبء التي تصبح المكان الذي 
يطرد اليأس المتسلل إلى نفسه» حتى لتبدو صورتها لديه بصورة المهرة العربية الأصيلة التي لم 


1 سنن كو النوادي غوة سد مر 
)سن كن العراني فون سلب من 0 : 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /147١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


تزل تسرح في خياله وتمرح» وتضرب بحوافرها النجوم؛ فينير الشرر المتطاير منها ظلمات الغربة 
التي تلفها'/؛ وبذلك تصبح عمان المكان المحدد في الواقع مكانا غير محدد في نفس الشاعرء كما 
تصبح الضفة الأخرى التي يَعْبُْ النهر إليها؛ ليتخلص من مصاعبه التي يعانيها؛ فيشعر في كنفها 
تال 

خسئ اليس 

فما عمان إلا الوحي للفن والشعر' 

رغم أنف اليأس تبقى 

في شعوري والنوى ضفة نهر' 

تنبت الدفلى 

ويبقى البعد عنها كبقاء الموت مر 

وفي صورة شعرية أخرى يحاول الشاعر أن يظهر مشاعره المعبرة عن قسوة اغترابه عن 
عفان الح لصوو فا نين كلدل وفدة كرو ونحة قبا لقديته ا عصبوون مط فلن عضن 
شجرة» يحذره فيها من الغربة وآلامها - وهو الذي خبرها - وكأني به ذلك العصفور الذي نصحه 
بعدم الاغتراب» فلما لم يسمع له نصحا - على الرغم من توسله إليه في ذلك - بدأ برسم صورة 
الغربة القاتلة التي يحسهاء إن هذه التجربة قد حركت الشاعرء وأتاحت له إمكانية السرد الشعري 
والنجوى الداخلية؛ ما ساعده على التعبير عما يحسه من ألم دفين يعانيه في بلاد الاغتراب» عبر 
عنه من خلال أساليب جملة الطلب التي استعملها كثيرا في قصيدة "العصفور المهاجر": إن الشاعر 
عندما يسقط تجربته على ذلك الطائر يشعرنا بالألم في تجربة الغربة عامة وفي تجربته الخاصة» 
فهو يحس فيها بالوحده والوحشة والانعزال» والإنسان إذا اغترب وانفرد فكرً وتوهم وتخيل 
واستوحشء وتمثل له الشيءٌ الصغير في صورته الكبيرة» وارتاب من كل شيءء فرأى ما لا يرى» 
وسمع ما لا يسمع("اء فكيف إذا كان هذا الإنسان شاعرا مرهف الحس؟! والموضوع الغربة وما 
توحي به من آلام وأحزان في بلاد الاغتراب» يقول: !“ا 


.١5ص حسن بكر العزازيء المصدر نفسه.‎ )١( 

(؟) حسن بكر العزازيء المصدر نفسه» ص45 . 

(؟) الجاحظء أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني(ت٠5١ه//57/ام‏ -755ه//578م).: الحيوان» تحقيق وشرح 
عبدالسلام محمد هارون؛ ط", المجمع العلمي العربي الإسلامي» بيروت»؛ 11559١م؛:‏ ج51 ص١55,‏ وابن قتيبة» محمد بن 
عبدالله بن مسلم بن قتيبة(ت7١7ه//178م‏ - 7175ه//118م)» تأويل مشكل القرآن» شرح وتحقيق السيد أحمد صقرء 
دار إحياء الكتب العربية» [القاهرة].» .١155‏ ص87. 

(4) حسن بكر العزازي؛ عيون سلمى؛ء ص57. 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


كلّما حطً على الأغصا- ان عصفورٌ مهاجر” 
أنشبت ذكراك في عيل 2 ني وفي قلبي الأظافر' 
فأصلي في خشوع 20‏ لا تهاجرا لا تسافر 
طائر الأيك» ألم تش عر بقلب الغصن طائر'؟! 
جزغ الغربة كالطع ن بأسنان الخناجرٌ 
فتمهلء إِنّ دمع ال غصن في عينيه حائر 
علّهُ يمل من ري_- ش جناحيّك النواظر 


وإضافة إلى شعور الشاعر بالغربة المكانية فقد كان يشعر أيضا بالغربة الحضارية في 
أوروباء فهي حضارة تتمثل فيها سطوة المادة على المبادئ والقيم» في حين يرى الشاعر حضارته 
العربية الإسلامية حضارة مليئة بالمبادئ السامية والقيم النبيلة؛ ما يدعوه إلى الفخر بمهد هذه 
الحضارة؛ الذي ظهرت في رحابه الرسالات السماوية» وكم تمنى الشاعر العودة إلى الوطن بعد 
هذه الغربة القاسية! "كم اشرأبت إلى أرجائه عنقي!". بما في "كم" من التكثير الدال على شدة 
الشعور بالغربة بعيدا عنه» وعلى شدة الرغبة في العودة إليه» حتى أنه ليتمنى أنه لم يغادره؛ "فليت 
الل لد يكن"!!! المروسضيرلة اليك لفق نا ككل مكتده! "لماكو افق ذلك رن" إحشاين «الخلى ملي 
بالمرارة والحزن واليأسء, يقول:!"ا 
أنا الذي هاجني شوقي إلى وطني أباح للسهد عيني ثم للشجن 
كم اشرأبت إلى أرجائه عُنقي! وجال في خاطري وانبث في أذني! 
ثرى تبارك بالإسراء وانبعفت منهُ الرسالات تهدي عابد الوثن 
تمضي الليالي وأحلامي محلقة إلى رباك فليت البين لم يكن 


لقد كان شعر العزازي تجاه عمان إضاءات مهمة معبرة عن نفسه المعذبة بالغربة» التي 
أحس بسببها بعذاب الحرمان» وهو الذي كان يأمل أن يعود إليها بعد طول "البين" كما ذكرنا آنفاء 
بما في البين من البعد والشقاء» ويبدو أن مثل هذا الشعور قد ألجأه إلى استعمال أدوات النداء متألما 


)١(‏ حسن بكر العزازي» عيون سلمىء ص5 5. وراجع قصيدة " أين المفر؟ "» حسن بكر العزازيء المصدر نفسه» ص45. 

)١(‏ محمد عبدالمطلبء البلاغة العربية: قراءة أخرىء مكتبة لبنان ناشرون» بيروت» والشركة المصرية العالمية للنشر- 
لونجمان؛ القاهرة. ١351‏ ص١580»:‏ ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: محمد عبدالمطلب» 
البلاغة العربية: قراءة أخرى. 

(؟) حسن بكر العزازيء؛ عيون سلمى»؛ ص .١5‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


أو شاكيا أو داعيا الله أن يخلصه من هذا البين» وما ترتب عليه من شقاء تملكه؛ بل إنه ليسمئي 
احدى تططانف لكر هاه رركن فهو ولك تعمل ذا" الس ادال :هلي “لفق لضي نا 
تحرمانك!ء حرمت عيناي منهاء وعذاب العين في حرمانه"؛ ومن الغريب أن الشاعر لا يشعر وهو 
في الغربة أنه يفتقد أحدا أو شيئاء وإنما هو يفقد عمان وحدها:!") 
يا لحرمانك لما لم تعد 2 بعد هذا البين من سكانها! 
حرمت عيناي منها زمنا ‏ وعذاب العين في حرمانها 
إن إحساس الشاعر الشديد بهذه الغربة - المكانية والحضارية - قد ساعد على تألق شعره 
في عمان: وعلى زيادة إحساسه بالاشتعال العاظفي تجاههاء والغريب عامة لا يتصرف بكامل 
اختياره في المكان أو الزمان أو المواقف. فهو لا يملك مثل هذه الإمكانية» بل إنه يبقى يحس 
بالانفصام عن محيطها" المكاني والحضاريء ولا بد من التنبيه إلى أن اغتراب العزازي اغترابٌ 
اضطرته إليه الظروف التي لم تساعده على العودة» فظل يسكن مدنا يجد فيها جسده؛ في حين كانت 
روحه تسكن عمان مطمئنة هانئة» ترفرف فوق جبالهاء وتدرج فرحة مرحة في ملاعب صباه فيهاء 
شعن كحاهها بشعون ‏ الاشداع تجاه تيده الأول وكحاء المكاى :الذي يعدن في جنياتد و الكنانة: الى ل 
توفريها له الابكةة كردي ةا 
أين الروابي التي كانت ملاعبّناة ومالرهط الصبا لم يأت جذلانا؟! 
وأينَ منكَ بنو الأردن إن قصدوا تسابقوا للعلى شيبا وشبانا 


إن إحساس الإنسان بالمكان يزداد حدة عندما يقع في ظروف صعبة» كأن يصاب بمرض 


أو يزج في سجن وما إلى ذلك من ظروف صعبة أخرى!/*, وقد تعاورت على العزازي - في 


)١(‏ حسن بكر العزازيء المصدر نفسه. ص7”. 
(؟) إحسان عباسء اتجاهات الشعر العربي المعاصرء ط". دار الشروق للنشر والتوزيع» عمان» .١137‏ ص١١١»؛‏ ويشار إلى 
المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: إحسان عباسء اتجاهات الشعر العربي المعاصر. 
(؟) حسن بكر العزازي؛ عيون سلمىء ص”57.: ينطبق على العزازي في هذه الحالة قول الشاعر: 
جسمي معي غير أن الروح عندكمٌ فالجسمٌ في غربة والروخح في الوطن 
فليعجب الناسْ مني أن لي بدنا لا روح فيه ولي روحٌ بلا بدن 
ابن المرزبان» محمد بن سهل بن المرزبان الكرخي البغدادي(ق5ه//١٠م)»‏ الحنين إلى الأوطان» تحقيق جليل العطيّة؛ 
عالم الكتب» بيروت؛ 188١م»ء‏ ص856, ويشار إلى المصدر عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: ابن المرزبان» 
الحنين إلى الأوطان. 
(:) اعتدال عثمان» "جماليات المكان: الأندلس في الشعر العربي الحديث", الشعر ومتغيرات المرحلة " الشعر والتراث ": 
التراث والرؤية الشعرية للواقع»: دار الشؤون الثقافية - وزارة الثقافة والإعلام» بغداد» ١985‏ ص١0»,‏ ويشار إلى 
المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: اعتدال عثمان» "جماليات المكان: الأندلس في الشعر العربي الحديث". 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


غربته - انكسارات الأمة والأمراض الكثيرة والظروف القاسية؛ فكانت نفسه متألمة كسيرة» 
والغربة بطبيعتها ذلة» فإن صاحبتها قلة أو رافقتها علة فإن نفس الإنسان فيها لتمتلئ بالألم 
والحزن!'. وإذا كان العزازي شديد الإحساس بعمان في الأصلء فكم سيكون إحساسه عندما توالت 
عليه الانكسارات العامة والخاصة واشتدت عليه وطأة المرض؟! وصعبت عليه الظروف؟! ومع 
ذلك فقد كانت عمان سبيل الشاعر إلى الخروج من كل هذه المصاعب والأزماتء فالشعر هو أداته 
للبوح والتطهيرا"ء والتخفف مما يعتمل في نفسه؛ فتتطهر نفسه من خلال الإبداع» ويرتاح -مؤقتا - 
عند البوح» وقد جاءت أشعار العزازي معبرة عن هذه المعاناة التي تمازجت فيها المرارة بالألم» 
التي لم يجد لها من علاج سوى عمان التي أضحت بحسنها وبهائها ووفائها علاجا لغربته ودواء 
لآلامه. تشيع في نفسه الآمال الجميلة» وتبلسم فيها الجراح الغائرة:!"ا 
تشيعٌ في النفس آمالا مثلجة في القيظء دافئة في القرّ والبرد 
تبلسمُ الجرح تأسوهٌ وتبرئةة كما تداوي الهوى بالوصل والمتعد 
إن لغة الشعر تتصف بخروجها على النظام اللغوي المستخدم في الحياة اليومية» حيث 
تتوافر لها درجات من الانزياح تبعدها قليلا أو كثيرا عن اللغة النثرية العادية» ويكون الأمر أكثر 
وضوحا في حالة الشاعر المغترب» وذلك لزيادة إحساسه بأن الشعر هو مخرجه الوحيد للاتصال 
بالوطنء فعمان كما رآها العزازي في البيتين السابقين تبدو كالأماني الجميلة التي "تشيع في النفس 
آمالا "» وهي كالطبيبة التي " تبلسم الجرح» وتبرئه". 
لم يكن شعور العزازي بالغربة عن عمان شعورا عابرا أحمته فترة ثم بارحه لينسجم بعده مع 
المكان الجديدء وإنما كان شعورا دائما أحس به من أول اغترابه حتى وفاته بعيدا عنها؛ ما زاد في 
عمق علاقته بهاء وما ساعده على التعبير عن أحاسيسه. لقد تعاون في شعر العزازي الإيقاع 
الموسيقي العام الذي يعطي الشعر من القوة ما يعوّضه عن قلة الدقةأ“) والتصريع/* الذي يساعد 
على خلق تلاحم بين شطري البيت الواحد وعلى تسهيل الدخول في الموضوع مباشرة؛» وإحداث 


)١(‏ ابن المرزبان» الحنين إلى الأوطان»؛ ص15. 

(١‏ محيي الدين صبحي» دراسات تحليلية في الشعر العربي المعاصص. وزارة الثقافة والإرشاد القومي» دمشق» ل ا 
صه 20١‏ ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: محيي الدين صبحي» دراسات تحليلية في الشعر 
اررض التعاضر 

(4) فراي» نورثروب» تشريح النقد, ترجمة محمد عصفور» الجامعة الأردنية -عمادة ابحث العلمي» عمان» 25١‏ ص كه" 
ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: فراي. نورثروب» تشريح النق 

(ه) انظر: حسن بعر العزازي» عيون سلمى, ص57 مكل آاكلل الى اق لص مص لقص وى لاى أى الل ملل فلل 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إشباع التوقع لدى المتلقي''! - مع إيقاع المعنى'"' الذي شغلت معظمه عمان حتى صار إيقاع شعر 
العزازي بحق إيقاع عمان؛ وتبعا لذلك فقد كانت هذه الغربة مؤثرة في بنية القصيدة لديه» إذ اتسمت 
قصائده المعنية بها بالوحدة الموضوعية» فكانت كل قصيدة من قصائده مقصورة على موضوع 
واحدء كما اتسمت هذه القصائد بالوحدة النفسية؛ فالعزازي شاعر غنائي تنظم قصائده وحدة نفسية 
واحدة. 
؛ - صورة الشوق إلى عمان: 

إن فرط شعور العزازي بالغربة عن عمان فقد أكثر في شعره من ترديد المفردات والعبارات 
الدالة على شوقه إليها!"'» فالإحساس بالمكان إحساس أصيل وعميق في الوجدان البشريء خاصة إذا 
كان هذا المكان وطن الألفة والانتماء الذي يمثل حالة الارتباط البدئي المشيمي برحم الأرضء أو 
يرتبط بهناءة الطفولة وصبابات الصبا!؛). ويلاحظ أن إحساس العزازي بالمكان أكبر من إحساسه 
بالزمان» الذي يرتبط عادة بمراحل العمر المختلفة» ما بين طفولة وصبا وشباب وكهولة 
وشيخوخة/")؛ فلكل مرحلة عمرية طبيعة أحاسيسها الخاصة؛ ويزداد ضغط هذا الزمان كلما تقدم 
العمر بالإنسان» إلا أن ما تجدر الإشارة إليه أن إحساس العزازي بعمان قد ظل متواصلا وقويا 
طوزال هق كل حيافه ا 

ويتخيل الشاعر أحدا يأخذ عليه بعده عن عمانء ما يدعوه إلى استحلاف ابنته بأن تدافع عنه 


)١(‏ العسكريء أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل(ت1537ه//5١3م)»‏ كتاب الصناعتين» تحقيق محمد علي البجاوي ومحمد 
أبو الفضل إبراهيم» دار إحياء الكتب العربية» القاهرة. 157١م.‏ 

)١(‏ فراي. نورثروبء تشريح النقد.ه ص١5"‏ وعزالدين إسماعيلء الأسس الجمالية في النقد العربي» دار الفكر العربي» 
القاهرةء ص571» ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: عزالدين إسماعيلء الأسس الجمالية في 
النقد العربي. 

") حسن بكر العزازيء عيون سلمى؛ ص15. 

5) اعتدال عثمان؛ "جماليات المكان: الأندلس في الشعر العربي الحديث". ص١ه.‏ 

5) نبيلة إبراهيم» '"خصوصية التشكيل الجمالي للمكان في أدب طه حسين"؛ فصولء المجلدة» العددان١‏ -7, ١19٠‏ ص45 . 

5) أكثر الشاعر من ذكر أشواقه إلى عمان في مواضع عديدة من ديوانه: 

لله درك أشواقي التي نزعت إلى ملاهي الصبا في موطن الفخر 
إلى جباه أبيّات إلى خَلّق هو السنا من جباه الأنجم الزّهر 
حسن بكر العزازيء عيون سلمى» ص””. 
فك لفان" :وأحلام. ' #دخدعة!!. ٠.‏ .ميته البية والأفواق قصيها 
ةيكز المزازئ» المصدن نفسه صن 41 وقال: 
واثلى من القوق ويلى مق الوااعقه!- “ويلك هو البيق: شقاني يه العلل ! 
حسن بكر العزازيء؛ المصدر نفسه. ص؛ 4» وقال: 
لا تعذلوني على شوق" أكابده فعشقها أزهد الأشواق في الزهد 
كن كن لزان لمعي افيه س1 - ٠‏ 


! 
! 
! 
! 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


- بعد موته - إذا ما لاثم لام أباها لاغترابه عنهاء أو عاتب عتب عليه لفراقهاء وبعد هذا 
الامتحلات» الموكد على الطلب راض مجملة الأمر اقول "+ وجلة النيها والفير "أي كانت الأشواق 
تحرقه", فقد كان وقود هذه الأشواق وحطبها بل نيرانهاء بما في النار من معنى الإحراقء وبما فيها 
من التعبير عن الشوق الذي يحرق أحشاء الشاعرء وبما فيها من بُعْد ديني يرتبط بمعني العقاب 
على ها افترقفة من ني ابعدم قنها هشكن القتهين أ انون عق جهذا: انتب الكرين» قت إن وسقي 
دموعه السخينة لتطهره هي أيضا ولتترجم أشواقه إليهاء ولتشير إلى تحرّقه لرؤيتهاء ويبدو الشاعر 
في الأبيات التالية وكأنه يكتب وصية من نوع خاص يضعها بين يدي ابنته داعيا إياها إلى الدفاع 
ل 

بالله يا سلمى إذا ما عاتب عتبا على الفراق ولم يعلمْ له سببا 

قولي أبي كانت الأشواق تحرقةٌ فكان في شوقه النيرانت والحطبا 

وقد ترى الدمعَ في عينيه منبجسا إذا ذكرات الحمى والأربعَ انسكبا 


ومن الملاحظ أن صورة شوق العزازي لعمان ليست مجالا للذكرى الساردة؛ أو معرضا 
للأطلال الدارسة»: وإنما هي صورة تختلط فيها المشاعر الداعية إلى الفخر بالماضي والحاضرء 
وإلى الأمل بالمستقبل» وهو بتصويره لها بهذا الشكل ينطلق من الإحساس الذي يُشَعرّةُ بلذة 
الاستسلام لصورتها الجميلة المزتسمة في خياله» ومن المعروف أن الذكرى الجميلة أو خلق صورة 
جميلة تشبه الصورة المسترجعة الجميلة تجعل الشاعر يحس بحالة مشابهة لهذا الإحساس الجميل؛ 
فاقدا السيطرة عليها حتى وإن كان فاعلا في زمانهاء فهو عندما يستذكر هذا الزمان» أو - كما قلنا 
- يصنعه بخياله بما يشبه حالة الاستذكار "يصبح...مسلوب القدرة "1" أمامه مستسلما له» فحالة 
الذكرى أو ما يشبهها إذا استبدت بالإنسان فإنها "تخضته وتغيّر7"؛ فيصبح أسيرا لحالة لا يقوى 
على مقاومتهاء مع التأكيد مرة أخرى على أن صورة عمان لدى العزازي ليست ذكرى مسترجعة 
حقيقية» وإنما هي صورة مُبْدَعَة للحاضر والمستقبل يرسمها بوساطة خياله» وهو عندما يحس بمثل 
هذا الاستسلام أمامها تبدئ أشؤؤاقة إليها متأحجَة مستعرة) 

يوجّحُ الشوق في عينيّ نيرانا ويورث القلبّ فوق الحزن أحزانا 

قا ضل حينا بأحشاء ممزقة وتاهَ في سجرة لعينين أحيانا 


6 انظر: حسن بعر العزازي» المصدر نفسه, صسة/ -كلا, 
؟) عبد الرحمن منيفء سيرة مدينة عمان» ص3. 


0 انظر: عبدالرحمن منيف» المصدر نفسه. ص”,7 -/, 


/ 
/ 
ليق 
(:) حسن بكر العزازي» عيون سلمى؛ء ص57. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ولنلاحظ جمال صورة الشوق التي يرسمها الشاعر الآتي قسم كبير منها من جمال التوازي في 
البيتين السابقين» وحسن التقسيم بين شطريهما "يؤجج الشوق - ويورث القلب؛. في عينيً - فوق 
الحزن» نيرانا - أحزاناء قد ضل حينا - وتاه في سجرة "؛ ما أعطى إيقاعا صوتيا يشعر بجمال 
الموسيقى في الأبيات وإيقاعا معنويا يشير إلى ما يحسته الشاعر نحو عمان من أشواق وأحزان 
وضياع. 

ويشعرنا العزازي في قصيدة "صبا عمان" بانتعاش روحه عندما يتخيل نفحات صباها تهب 
عليه؛ فيقول متشوقا مستسلما لتأثيرها: "الأ |ااالا ة". جاعلا الفتحة على اللام الثانية للفظ الجلالة 
ألفا طويلة» معبّرا من خلالها عن زيادة نشوته بعطرهاء وارتياحه لعبيرهاء ومرددا العبارة الدارجة 
على ألسنة أهلها "يا مَرحبًا ويا هلا "» فهذه النسمة العليلة المنعشة التي يتخيلها تهب عليه من صوب 
عمان هي النسمة التي تشرح صدره وتفرح قلبه» وقديما قيل: إن الإنسان " يتروّح...بنسيم أرضه 
كما تتروّح الأرض الجدبة ببل القطر"!'» فلا يعود الشاعر يحس بعطر أطيب من شذاهاء ولا بنسيم 
أرق من صباها؛ وبذلك فقد جعل جمال صورة عمان التي يرسمها بجمال الرؤيا التي يحملها لهاء 
والتوقع الذي يحسه تجاهها:!"ا 

هنك عليك العتًا من صوب عمانا نفلت "اللت [الأألائحة مهاه “يهنا 

وقلت من نشوة والصدرًٌ منشرحٌ والقلبُث يرقص في عطفيئك فرحانا 

'يا مَرْحَبًا ويَا هلا ", أكرم بمن نشرت على الورى طيبّها رحا وريْحَانا 

وإنّ عمانَ عندي روضة أنف لو أقفرت بقيت روضاً وبستانا 

ومَنْ بأنسامها الرحمن أكرمتا وبالشذى من عبير الأهل حيّانا 

ويصور الشاعر لنا دوام شوقه إلى عمان واستمرار تعلقه بهاء ودوام طيرانه - بأحلامه - 
إليهاء إن نام رآها في أحلامه» وإن استيقظ وفارقته صورتها ظل باكيا حزيناء ولنلاحظ أهمية تقديم 
شبه الجملة "له" - في البيت الأول - على جملة الخبر "أطير"؛ ما يعني قوة هذه الأشواق» 
ال"مجنحة" التي تساعده على الوصول إليها بخياله» ولنلاحظ أيضا تكرار الجمل الشرطية "إن نمت 
ظل الحلم يقظاناء وإن صحوت جرى مجرى الدموع "؛ ما يعني ملازمتها له ملازمة جواب الشرط 
لفعله١(2)‏ 


30) الن السرزياع يسرع دن : الالاظاق ةن عاقب والسعزي» :ل ملا طلسن بون وراد رن سحوة اع اة 
ديوان المعاني, بعناية الشيخ محمد عبدة والشيخ محمد محمود الشنقيطيء مكتبة القدسيء [القاهرة]» [ت]ء ج"*ص188. 

.6٠- انظر: حسن بكر العزازيء عيون سلمىء ص؟,‎ )١( 

افق يكن لماي النصور مهم 11 


11 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


إفداقيك :لفل حيتي المذة يدانا 
حدي ليركب أشواقا وأشجانا 


لها أطير بأشفواق مجنحة 


وإن صحوت جرى مجرى الدموع على 


وفي قصيدة "العصفور المهاجر" - التي أشرنا إلى بعض أبياتها سابقا - نرى الشاعر وقد 
يئس من استماع العصفور لنصائحة يحمّله رسائله!"؛ التي هي أشواقه ودموع عينيه المعبرة عنهاء 
ولنا أن نسأل مَنْ المقصود بالضمير المتصل "الهاء"» المتكرر في شبه الجملة "له" في معظم أبيات 
القصيدة؟ "خذ له من دمعي المشتاق يا عصفور عبرة...خذ له من ضلعي المحروق والأحشاء 
جمرة...خذ له من تربة المغنى...ذرة": إن المعنيّ بهذا الضمير هو عمان الغائبة عن العين 
الحاضرة في القلب» مؤكدا أنه لم يرتح إلى غيرها طوال فترة اغترابه عنهاء هذه الفكرة التي 
كررها في شعره كما ذكرنا سابقا؟!"ا 


خذ لذ من لعي الح 
والهدايا للذي غا 
خذ لَهُ من تربة المنف 
علّها تذكي به الشف 
فأنا والعين لم نأن 


تاق يا عصفورٌ عبرة 
في هوىّ أكتمٌ سرة 
روق والأحشاء جمرة 
ب عن العينين نظرة 
نى وربع الأهل ذرة 
واق للأحباب فحيرة 
سْ بهذا العْشر غيره 


وتتزاحم في شعر العزازي الصور الشعرية الرومانسية المعبرة عن الشوق والحنين!" إلى 
عمان؛ وعما يعانيه جراء بعده عنها من ضيق وعدم ارتياح» فلا يعود يرى مهربا من كل ذلك إلا 
إليهاء فهي التي تحمل لديه كل المعاني السامية التي يحلم بهاء والتي لا يجدها في غيرهاء ويظل 
يقول القصائد لها بحنين الغائب المشتاق!؟)» ويَحملها معنى ساميا "يطير به شوقا إلى وطن"؛ ما 
يدعوه إلى الافتخار بها وبمواقفهاء يقول مخاطبا زوجته باثا أشواقه الحارة لعمان؛ التي يسميها 


محمد سمحانء مقالات في الشعر الأردني المعاصرء ص١5.‏ 

5) يشبه الشاعر في ذلك محمد حسين هيكلء» حيث كان يسدل ستائر نوافذ غرفته ويشعل المصابيح» كي لا تشغله أجواء 
باريس المحيطة عن صورة مصر التي يستحضرها أو يصنعها بخياله» كما كان يفعل الشيء ذاته عندما كان يكمل كتابة 
القصة في سويسرا أثناء العطلة الصيفية» محمد حسين هيكلء» زينب: أو مناظر وأخلاق ريفية» [مقدمة الكاتب]ء؛ دار 
المعارف». [القاهرة]ء لقف ١‏ ص ,١١‏ 


الى 
)1( 
ليق 
)5 


11 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


اما يقن 1 
يا أمّ سلمى غرامٌ الحر يضنيه البين أبِعدَهُ والشوق يدنيه 
معنىّ يطيرٌ به شوقا إلى وطن20 إلى نسور الحمى قد حلقت فيه 
ولا أرى الحر المغرم المضنى بحبه لها وبشوقه إليها إلا الشاعر نفسه المتحرر من غرام غيرها(': 
المقصور حبه عليها. 
ولكن أشواق الشاعر الممتزجة بالمرارة تزداد عندما يتعذر عليه القدوم إلى عمان!''ء حيث 
رغب في زيارتها بعد فترة علاج قضاها في القاهرة مُرسَلا من أطباء هولنداء فصوّر هذا الشوق 
الممتزج بالألم والمرارة في قصيدة "تأشيرة"؛ مستنكرا عدم السماح له بالقدوم إليهاء كونه يحمل 
جنسية دولة أخرىء يحتاج حاملها إلى تأشيرة تمكنه من القدوم إلى الأردن - مع التنبيه إلى أن 
الشعر ليس وثائق تاريخية أو أحداث يومية عادية - طارحا في قصيدته سؤالا مرا يضاف إلى 
مرارات حياته: " ما للطريق إلى عمان موصدة؟!"؛ وكان جوابه في الأبيات التالية ألما واستتكاراء 
مكررا كلمة " كأنَ "أو ما يسد مسدّها من كلمات أو معان أو أساليب توحي بالألم والاستنكار» وذلك 
في كل شطر من أشطر أبيات القصيدة تقريبا: "كأن عمان ما كانت لنا دارا" وكأنها لم تكن برموش 
العين عالقة! وكأننا لم نشخص إليها قلبا وأبصار!!؛ وكأننا لم نشخص لها قلبا وأبصاراء و"كأنها ما 
أتت في الليل زائرة!" وكأننا لم نأتها في الحلم زوارا...إلخ» وبالتالي فإن منع الشاعر من تحقيق 
رغبته في القدوم إلى عمان قد استحال لديه تيارا شعريا متدفقا مليئا بالمشاعر الملتهبة» المسكوبة 
في أسلوب الاستفهام الإنكاريء الذي عبّر من خلاله عن شعوره الذي تمازجت فيه الألام بالأحزان» 
اشوا لا 
ما للطريق إلى عمانَ موصدة؟! كأنّ عمانَ ما كانت لنا دارا! 
ولمْ تكن برموش العين عالقة! ولا شخصنا لها قلبا وأبصارا! 
كأنها ما أتت في الليل زائرة! ولا أتينا لها في الحلم زوارا! 
ولا اتخذنا من الأشواق طائرة! أو من حنين إلى عمانَ طيارا”!! 
ولا حملناهٌ ما بينَ الضلوع جوىَ! ولمْ نلذ شوقنا كالغصن نوارا! 


.55 حسن بكر العزازيء عيون سلمى» ص‎ )١( 

.55- انظر: حسن بكر العزازيء المصدر نفسه.» ص”7ه‎ )١( 

() وقد كان ذلك سنة 19175١م.‏ 

(5) حسن بكر العزازيء عيون سلمىء ص77. 

(5) ترد صورة الطائرة والطيار في شعر العزازي في مواقع أخرى؛ ما يوحي بترسخ هذه الصورة القاسية في خياله» فهما 
اللذان يبعدانه عنها أو يقربانه منهاء انظر مثلا: حسن بكر العزازيء المصدر نفسهء ص77. 


وذ 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


ولا إذا مسسّنا الشوق القديمٌ لها خلنا المسافات أشبارا وأفتارا! 

كأنّ هذا النوى ليس ابنَ زانية ‏ ولا مرارا لعناهٌ وتكرارا 
ويزيد استنكاره لحرمانه فرصة القدوم إلى عمان 5 بالخطاب إلى أهل الأردن عامة؛ جامعا 
بينه وبين عمان» جاعلا دموعه المسفوحة المعبرة عن تعلقه بها وشوقه إليها تأشيرته التي توصله 
إلى رحابها:!"! 


يا ربعنا في ربى الأردن معذرة ما طاب يومٌ بلا عمان بل جارا 
تأشيرتي سيدي في الخد قذ حفرت بام اللجتوقي شطانا اهارا 


ويؤكد الشاعر صورة شوقه هذا فيزعم أن لسانه قد كرر ادعاء نسيانهاء وأنه زهد في 
الأشواق إليهاء ولكنّ أشواقه ودموعه سرعان ما يكذبان ادعاءه هذاء فيظل شوقه يلح عليه حتى 
يستحيل شعره تيارا معبرا عن عاطفة جميلة يحسها تجاههاء ودليلا على روح معدبة بالبعد عنهاء 
حتى أنه ليدعو لها ولأيامه فيها بالسقيا؛ محبة وشوقا!!"ا 

فكمْ زعمت بهذا البين مغتربا 2 إني زهدت بشوق قاصم ظهري! 

أقول لا مهجتي من شوقها احترقت 2 ولا الحنين لك المدني من القبر 

لله درك أشواقي التي نزحت إلى ملاهي الصبا في موطن الفخر 

يكذْب الشوق ما زل اللسانُ به ويفضمٌ الدمعُ ما خبأت في الصدر 

سقياً لعهدك يا عمانْ إِنّ لنا فيض الدموع وفضح العذر بالعذر 


ويدفع الشاعر عن نفسه تهمة النسيان هذه في قصيدة " سلوت عمان؟؟ التي أشرنا إلى بعض 
أبياتها سابقاء فعندما تتهمه أمه بذلك نراه يكرر صيغا عديدة من الاستفهام الإنكاريء تارة بلا أداة 
وتارات أخرى بأدوات عديدة(مَنْ» هلء ماء لما [التي أتت بصيغة[لم] لضرورة الوزن الشعري)»؛ 
يرد من خلال هذه الصيغ عن نفسه هذه التهمة» مصورا نفسه بالهائم بهاء فكيف ينساها وهي إنسان 
العين وهوى النفس ومحبوبة القلبء, التي يحلف بها وكأنها كتاب مقدس؟! إنه يكرر عدم استطاعته 
تشياقها :"الاي للا اتطيق علق فلو انها لوا 


سلوت عمان؟! مَنْ يسلوك عمان؟! << وهل لعين بلا عمانَ إنسان؟! 
وهل لنفس إذا لم تهوها خَلَدُ؟! وهل لقلب عن الأحباب سلوان؟! 


لق انظر: حسن بعر العزازي» المصدر نفسه, ص 5:١‏ -55, 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وما لعيشك مهما ذقت من رغد طعمٌ وأنت بوادي الشوق هيمان؟ 

وَلمْ بعمان تؤلي دائما قسما كأنًّ عمان إنجيل وقرآن 

لأخين ال تليق هلق شلوافية. علدا سان عدن الله واحوان 
بل إن شوق العزازي ليوصله إلى حد تمني أن يكون قبره فيها؛ ليعود إلى حضنهاء مثلما كان في 
حضنها أيام طفولته وصباه؛ فيكون حلمه بالرجوع إليها قد تحقق ولو بعد موته!". 

لقد بدت عمان في شعر العزازي فردوسا غادره ولم يستطع الرجوع إليه» فكانت صورتها 

صورة المدينة التي يشعر في كنفها بالتواصل والرحمة؛ ويحس عند فراقها بالألم والمرارة» ويعاني 
قساوة الغربة بعيدا عنهاء وتباريح الأشواق نحوهاء ومن الملاحظ أن شعر العزازي في عمان يحمل 
كثيرا من ميزات الشعر تاعربي في المهجرء الذي ينزع إلى الرومانسية!'. ويتصف البساطة 
والتهاب العواطف والارتباطا بالوطن والإحساس بعذاب الفراق وألم الغربة ولوعة الأشواق. 


ثانيا ‏ البعد الوطني السياسي: 

التفين ‏ النشورية لذ ككتمل :واخل: دوه ذ اكباك ول عدف هذه الحذوة ممت ة كاز هيا!" وس 
بالمكان الذي تحبه وتنتمي إليه» وعلى قدر إحساس الإنسان بالمكان وارتباطه به يكون إحساسه 
بذاته» فالإنسان ليس محتاجا إلى مكان يستقر فيه فقطء وإنما هو محتاج إلى مكان يضرب فيه 
بجذوره؛ وتتأصل فيه هويته!“!. وطبيعة العلاقة بين الأديب والمكان سر من أسرار نجاح الأدب 
نفسةة. عامل من بغوافل خلودةا توعسما يفقة الأدت: هذه الخضوصكة فإنة ينقد أصنالقه! "+ وقد 


)١(‏ كان العزازي يحلم أن يدفن في ثرى الأردن» يقول في هذا الشأن: 

يطير بي الشوق للأردن كل غد على جناح أوان بعذ لم يئن 

وما يحل غدي رغم الوعود به كأنما الغد لم يحفل به زمني 

إني أعيش بحلم لا يفارقني حتى تفارق روحي يومها بدني 

أن تدفنوني إن حل بي أجلي بطيب ذاك الثرى بشراك يا كفني 
حو يكز كراقع المسسس؟ تفسية "صن 6 فشانه حلية يذلك حلم بعو ان (ك 85 قم الذي أوست” أن ف ارون شط 
أعظمه في تل إربد أو في سفح شيحان"» مصطفى وهبي التل(عرار)ء عشيات وادي اليابس» جمع وتحقيق وتقديم زياد 
صالح الزعبيء ط؟» المؤسسة العربية للدراسات والنشرء :١945+‏ ص4١4.‏ 

. 4 5١ص أحمد بسام ساعيء حركة العربي في سورية»‎ )١( 

(9) طيلة إبرواه؟ الخصوضية المشكيل الجمالى النكك في :ال له تسين م3 

(4 ]قيلة إير اهيم:#اللارجع قسية» م3 . 

(5) فالقاهرة عند نجيب محفوظ أو عند أحمد عبد المعطي حجازيء وجيكور عند السياب» ودمشق أو بيروت عند نزار قباني» 
والأرخن بقراه. ومدقه: عند غرآن كلها أمكتة: خاصة عني_يها-هولاء الأدباء, والشعراء وظهرت :من خلال أعمالهم :طبيعة 
علاقتهم بها. 

(1) باشلار. جاستون؛ جماليات المكانء ص". 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


وص الدؤاقي نفشه :هذا الأمزم افجيل لمكا 'الخاصن "يوز 2 اولك ققد متها وان أرستع فويس كينا 
الشاعر في مراحل حياته الشعرية اللاحقة» فنجده يقول في هذا المكان الخاص: "وإني لا 
أعتذر...حين أزعم أن الأدب لا يكون وطنيا دون أن يكون محلياء ولا يكون قوميا - أو حتى 
عالميا - دون أن يكون قبل ذلك إقليمي"!'. إن العزازي لا يقصد الإقليمية بمفهومها الضيق 
المرفوضء وإنما يقصد به الانتماء إلى المكان الخاص الذي يتفاعل معه الشاعر وينتمي إليه» والذي 
سماه ابن خلدون "العصبية"؛ التي عدها أساسا لقيام الدولة واستمرارها!"» فذكرٌ المكان في الأعمال 
الأدبية ليس انغلاقا ولا تعصتباء وإنما هو خصوصية خاصة تشير إلى طبيعة علاقة الأديب به؛ وإلى 
كونه عنصرا مهما في عالمية الأدب!". 
والعزازي عندما يذكر عمان باعتبارها المكان الأثير لديه فإنه يذكرنا بأن لكل واحد منا 

مكانه الخاض» وان "كلا هنا كذكن جرت طفر له الأرك!*! الذي يقلن :في النفتن: آنا الطفوقة والصيياة 
فعمان هي بيت طفولة الشاعر ومدارج صباهء وسكنه الذي يجد فيه السكينة» ومدينته التي يحس أنها 
تحقق طموحه في القيم والرؤى السياسية والوطنية؛ وبسبب هذه المكانة العالية التي يكنها الشاعر 
لها فإنينا ناخد لديه ملامح المكان الخاض» الذي ربد في 'تضوين: ويناة على هذا الإحسنامن:فإن 
التؤازي ل يقن هداعا مين مكانين : أى يون ,مشيففين» أز ريون مدينة وقرية قثن فتن مق السعراء 
العرب المعاصرين والمحدثين» فهي مكانه الذي يحبه» وهي مدينته وقريته في آن واحدء يحن إليهاء 
ويلهج في ذكرها:!*ا 

يا ربعنا في ربا الأردن معذرة ماطاب يوم بلا عمانَ بل جارا 

ولااسواها من البلدان يعجبّنا ولاهوى كهواها أشعل النارا 


ويعود سبب هذا التعلق(الهوى) في جانب كبير منه إلى أن ظروفا خاصة ومستوى عاليا 
من العلاقة الوطنية السياسية قد ربطا بين الشاعر وعمان» مثله في ذلك مثل بعض الشعراء العرب 
المعاصرين الذين تعلقوا بمدنهم أو قراهم أو أوطانهم عامة على هذا الأساس؛ فكان جانب كبير من 
أسباب تعلقهم بها راجعا إلى أسباب وطنية سياسية» وغنيّ عن القول إنه لو لم يكن لهذا الموضوع 


.١6ص حسن بكر العزازيء عيون سلمى؛‎ )١( 

)١(‏ انظر: ابن خلدون» عبدالرحمن بن محمد بن خلدون(808/ه//105١م).»‏ مقدمة ابن خلدونء المكتبة العصرية؛ صيداء 
7٠لمء‏ ص 5 1751-17, 

(") مختار أبو غاليء المدينة في الشعر العربي المعاصر.ء ص55١.‏ 

(4) باشلار. جاستونء؛ جماليات المكان» ص5. 

(5) حسن بكر العزازيء عيون سلمىء ص78. 


515 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وقع معين في نفوسهم ما ظفر منهم بهذه العناية» فظروف الحياة التي يمارسونها والإطار الحضاري 
الذي يعيش ون فيه وواقع التجربة التي يعانونها هي التي ارتفعت بهذا الموضوع إلى مستوى 
كبير من الاهتمام لديهم!"". 

والمكان في هذه الحالة ليس مجرد حيّز مرئي محدود المساحة» أو تركيب من عمارات 
وطرق وأسيجة» بل هو كيان من الفعل المعبّر المحتوي على تاريخ ما أو معنى سياسي ماء وبذلك 
يصبح هذا المكان هوية تاريخية أو وطنية/" أو رمزا سياسياء أو توجها يعبر عن هموم أمة 
وطموحاتهاء ولا غرابة في ذلك فقد تصبح المدينة رمزا لفكرة أو لقضية/". ولم يخف على 
العزازي أن هم عمان - باعتبارها عاصمة آخر معاقل الثورة العربية الكبرى - لم يكن "صناعة 
وطن أردني"!*! فقط» وإنما كان همّها الأكبر صياغة قاعدة لتحرير بلاد الشام والمشرق العربي؛ 
لتكون نواة لوطن عربي كبيرء ولنا في الأسماء التي أطلقت على الكيان السياسي الأردني أول 
تشكيله وعلى جيشه وعلى بعض مؤسساته خير دليل!؛ ولذلك لم تقم في الأردن هوية وطنية 
خاصة كما في كل الأقطار العربية الأخرى''!؛ وقد أحس العزازي أن عمان قد كرست نفستها لهذه 
الغاية السامية» مشيدا بأحد قادتها الداعين إلى وحدة الأمة على الرغم من كل الظروف الصعبة 
المحيطة بهاء فهذا "باري القوس"(". الحسين بن طلال يدعو إلى هذه الوحدة» وهو من يملك صفات 
القائد المؤهل لهذه المهمة» تواضعا وشرفا في النسب ومستوى عاليا في الطموح, يقول:!*ا 


2١31915 عزالدين إسماعيلء الشعر العربي المعاصر: قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية, طه. المكتبة الأكاديمية» القاهرة»‎ )١( 
ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: عزالدين إسماعيلء الشعر العربي المعاصر:‎ 2.586١ ص‎ 
قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية.‎ 

)١(‏ ياسين النصيرء إشكالية المكان في النص الأدبي: دراسات نقدية»: دار الشؤون الثقافية العامة بغداد» 2١985‏ ص(» 
ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: ياسين النصيرء إشكالية المكان في النص الأدبي. 

(؟) إبراهيم سعافين» "عمان في عيون العمانيين: الثقافة ودورها في تحديد هوية عمان كمدينة معاصرة". (عمان واقع 
وطموح: قضايا الثقافة والبيئة والعمران: أوراق ووقائع أعمال مؤتمر "عمان واقع وطموح "707 ١1-‏ حزيران» 
65 ») إعداد وتحرير هاني الحوراني وحامد الدباسء؛ مركز الأردن الجديد للدراسات؛. عمان» 3357١؛:‏ ص0٠”"5.‏ 

(:) سليمان موسىء "عمان في عيون العمانيين: حياة عمان السياسية والثقافية: شهادات: الشهادة الرابعة": (عمان واقع 
وطموح: قضايا الثقافة والبيئة والعمران: أوراق ووقائع أعمال مؤتمر "عمان واقع وطموح "70 ١1-‏ حزيران» 
65) إعداد وتحرير هاني الحوراني وحامد الدباس» مركز الأردن الجديد للدراسات؛ عمان» :١1347‏ [تعقيب السيد 
عبدالرؤوفالروابدة]» ص 57. 

(5) إمارة الشرق العربي؛ الجيش العربيء والاتحاد العربي( اتحاد المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية العراق سنة /55١م).‏ 

(1) سليمان موسىء " عمان في عيون العمانيين: حياة عمان السياسية والثقافية: شهادات: الشهادة الرابعة "» [تعقيب السيد 
عبدالرؤوف الروابدة]» ص 55. 

(10) حسن بكر العزازيء عيون سلمى» ص”77. 

(4) حسن بكر العزازيء المصدر نفسه.» ص”77. 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


يو كان عط وتول اله كن .له إن “كنا أن يهب الدنياوما 'فيسها 
تسابق العغرب للعلياء قلت لهم: هذا الحسين فأعطوا القوس باريها 
فالهاشميون أعلى الناس منزلة وهم أقل الورى في هذه تيها 


ولم يكن العزازي منعزلا عن هموم أمته» ولم يقدّم - مثلة مثل عمان - همومه الخاصة 
على همومهاء فقد حضر سريعا إلى عمان بعد النكسة مباشرة ليطمئن عليهاء وليقول فيها قصيدته 
"النكسة'!", التي مزج فيها بين رومانسيته الخاصة وشعوره بمرارة الانكسار من جهة وحزن عمان 
وأهلها من جهة أخرىء إنه يرى أن حزنها حزن من نوع خاصء فهو حزن من بذل ما بوسعه 
ولكنة يدرك أنه لآ نحطي أن يكف دهن أمقه كل الأدى 4 ومن الماتحظ أن: حزن 'الشناعة: في هذا 
الموقف مثل حزن معظم شعراء المدرسة الرومانسية العربيةا'! الذين أصيبوا بهول هذه النكسة» 
ولكن ما تجدر الإشارة إليه أن رومانسية العزازي لم تكن رومانسية متقوقعة» وإنما كانت رومانسية 
منفتحة» وجّهها حبا لعمان وأهلهاء ودعوة إلى الخروج من ظروف النكسة وانكساراتهاء فقد كانت 
"سنوات ما بعد الحرب صعبة في مختلف النواحي» وكانت عمان حزينة تعاني من آثار[ها]"!" 
وبفضل موقف العزازي هذا فإنه لم ير ما يدعوه إلى التلوم أو جلد الذات/“)» وإنما رأى في عمان 


)١(‏ انظر: حسن بكر العزازيء المصدر نفسهء» ص77 -18» وعبد الرحمن ياغيء البحث عن قصيدة المواجهة في الأردن[ 
١185-7‏ ]ء دار الكرمل للنشر والتوزيعء» عمان» ,١951‏ ص١١١.‏ 

(؟) كإبراهيم ناجي وعلي محمود طه ومحمود حسن إسماعيل...إلخ» الذين امتزجت رومانسياتهم بظروفهم الخاصة وبطبيعة 

(؟) رجا العيسىء "عمان في عيون العمانيين: عمان...الصحافة والنشر: شهادات: الشهادة الأولى": عمان واقع وطموح: 
قضايا الثقافة والبيئة والعمران :أوراق ووقائع أعمال مؤتمر "عمان واقع وطموح ١1"‏ -95؟ حزيران» .)١598‏ إعداد 
وتحرير هاني الحوراني وحامد الدباس» مركز الأردن الجديد للدراسات» عمان» .١5557‏ ص55. 

(4:) شأن عبدالوهاب البياتي الذي أسرف في جلد الذات» والحملة على الأمة في قصيدة "بكائية على شمس حزيران"» انظر: 
عبدالوهاب البياتي» الأعمال الشعرية» المؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروت» ودار الفارس للتشر والتوزيع» عمان» 
65 .؛ ج_"صه .٠١8- ٠١‏ التي ألقاها في دمشقء مطلع شباط سنة153١مء‏ مهديا إياها إلى ذكرى زكي الأرسوزي. 
محيي الدين صبحيء دراسات تحليلية في الشعر العربي المعاصرء ص58 »١‏ وفي قصيدته الأخرى "عيون الكلاب الميتة". 
انظر : عبدالوهاب البياتي» المصدر نفسهء ج١“<ص١١٠ ,»٠١7-‏ وشأن نزار قباني الذي سلك الأسلوب نفسه في جلد الذات» 
فكانت قصيدته "هوامش على دفتر النكس". انظر: نزار قبانيء الأعمال السياسية الكاملة» منشورات نزار قباني» بيروت» 
١0:؛‏ ج٠ص598‏ -5 70١‏ وقد صدمت النكسة العزازي كغيره من الشعراء العرب» وأثارت مرارته» ولكنها لم تدفعه 
إلى سلوك سبيل اتهامية» ولم توصله إلى جلد الذاتء والتوبيخ والتقريع» ولم توصله إلى يأس البياتي وقنوط قباني» بل إنه 
ظل متمسكا بالأمل على الرغم من هول الصدمة» وإدراكه لواقع الأمة المهزومة أمام عدوهاء وقد ظل يبث فيها العزم 
والأمل» وكان موقفه في ذلك مشابها لموقف شعراء الأرض المحتلة» الذين رأوا أن الاتصال بين الشاعر والشعب يؤدي 
"إلى تفهمه لأوضاع ذلك الشعب وتطلعاته معاء ومن ثم فلا بد أن يغدو أدبه نتيجة لذلك أحفل بالواقعية الإيجابية"» إحسان 
عباسء» "أصابع حزيران والوعي الثوري"؛ من الذي سرق النار: خطرات نقدية» جمعتها وقدمت لها وداد القاضيء [ن]» 
بيروت» 0٠1١م‏ ص55 27 ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: إحسان عباسء "أصابع حزيران 
والوعي الثوري". 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وفي مواقفها ما يدعوه إلى الأمل؛ فهي بصمودها تقتم أنموذجا إيجابيا يمل الضمير الحقيقي للأمة: 
كما رأى فيها ما يحفز على رفع معنويات الناس "الذين امتلأت صدورهم بغبار الهزيمة!"!» وقد 
صورها في قصيدته بصورة موحية» مزج فيها صورتها بصورة المرأة المكلومة» فكانت عمان 
كابية باكية» حزينة مطرقة؛ غارقة في مرارات النكسة» ولكنه في مقابل ذلك أشار إلى صورة برها 
بوعدها في البذل» ووفائها بعهدها بالتضحية؛ رافضا ما يبدو عليها من حزن وألمء باثا فيها العزم 
والهمة "ماذا دهاك؟!ء لا تطرقي أسفاء إن الجواد كبا"؛ وهذا نفس قوي يدعو العزازي الأمة من 
خلاله إلى التماسك والصمودء على الرغم من كل الصعوبات والأخطار التي تحيط بها وبالمنطقة 
كلهاء فقد كانت "عمان مثل المدن الأخرى في المنطقة تنام على آخر نشرة أخبار وتستيقظ على أول 
نشر'"ء بما تتضمنه الأوقات بين هذه النشرات من مخاطر وتهديدات» ولنلاحظ تقابل جانبي 
صورة عمان في الأبيات التالية من قصيدة "النكسة": حيث الإطراق والحزن الممتزج بالكمد والبكاء 
من جهة؛ء و"أنت المجدء بل ذرى المجدء مخضوبة الكفء ما هذا النجيع سوى شهادة البذل» الجواد 
كبا" من جهة أخرىء هذا التقابل الذي يستند إلى جدلية التضاد النابعة من روح الشاعر الرافضة 
للنكسة ونتائجها وتداعياتهاء يقول:!"ا 

ماذا دهاك أراك اليوم مطرقة تمازج الحزن في عينيك بالكمد 

مخضلة الرمش أنت المجد مذ وجدت للمجد رايةٌ عز» بل ذرى المَجد, 

مخضوبة الكف ما هذا النجيعٌ سوى شهادة البذل من كفيك والصّمد. 

لا تطرقي أسفاً إن الجوات كبا لكنَهُ قذ وفى بالوعد والعهد 
وتكاد هذه القصيدة أن تكون شعرا نضاليا له فعل النضال ذاته في النفوس المكلومة/“)» وبذلك فقد 
فكانت عمان بنضالها وتضحيتها أثيرة لديه. ومن البدهي أن المدينة إذا كانت بعدا لمعركة أو نضال 
أو طرفا في هذين البعدين فإنها لا تتمتع بتأييد الشعراء وحسب بل بحبهم أيضاة". وهذا ما أحسه 
الشاعر تجاه عمان» فهي وإن بدت كابية باكية إلا أن الشاعر يرى ذلك مجرد كبوة جواد لا يلبث 
بعدها أن ينهض . 

ولا بد من التأكيد على أن إحساس الإنسان بالمكان يزداد ويقوى إذا ما تعرض هذا المكان 


)١(‏ إحسان عباسء المرجع نفسهء ص5755. 

.7 عبد الرحمن منيفء. سيرة مدينة عمان» ص57‎ )١( 

(؟) حسن بكر العزازيء عيون سلمىء ص18. 

(4) شاكر النابلسيء مجنون التراب: دراسة في شعر وفكر محمود درويشء المؤسسة العربية للدراسات والنشرء بيروت» 


/1 »؛ ص 1»؛ ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: شاكر النابلسي» مجنون التراب. 
(5) مختار أبو غاليء المدينة في الشعر العربي المعاصر.ء ص7: ؟. 


وخا 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


للخطر أو للفقدء أو إذا ما تعرض الإنسان نفسه لخطر ممائلء فيزيد تبعا لذلك حرصه على الارتباط 
به. أملا في الصمود أمام ذلك التهديدء وأكثر ما يشحذ هذا الإحساس وايقوكية الكقاية عنه في بلاد 
الغربة!'"» فقد أكثر العزازي من ذكر عمان عندما تعرضت المنطقة كلها للخطر سنة 219517 
فكانت مجموعة من قصائده النكسة» بيض السرائرء الشبل"» فقد زاد إحساسه بها بشكل أكبرء كما 
أكثر من ذكرها عندما ذهب الالتهاب المفاجئ ببصره؛ فتراءت له صورتها كقميص يوسفء يلقى 
على وجهه فيرتد بصيراء ولنلاحظ - وهو المأزوم بانكسارات الأمة وبمرضه واغترابه - إشارته 
إلى صورة عمان بروابيها الشامخة» وأهلها المتصفين بالنخوة» وكأنه يستنجد بها وبهم وقد حزبته 
الظروف القاسية: "أين الروابي؟ وما لرهط الصبا لم يأت؟!'؛ وبذلك فصورة عمان ترتقي لدى 
الشاعر إلى مرتبة عالية حتى تصبح أملا يلقي إليه بقارب النجاة في بحر هذه الانكسارات» وخضم 
المرض والشقاء والغربة التي تكتنف الشاعر؛ فتستحيل عمان إلى أمل بالمستقبل المشرق» وإلى 


دوتا لالتكيناز "لنت اكقمنة و لأس اضرم حدمي ا 
ألقوا على عيني اليسرى إذا عميّت 20 بثوب عمان إن الشوق أضنانا 
ترتدُ مبصرة عيني وسالمة والأفا ,شق فبوينا” وزيكانا 
أينَ الروابي التي كانت ملاعبّنا< وما لرهط الصبا لم يأت جذلانا 


الثالث - البعد الجمالي: 

تمثل هذا البعد من صورة عمان في شعر حسن بكر العزازي بصورة المرأة المحبوبة: 
صورة المرأة المحبوبة: 

ربط الشعراء العرب القدماء ذكر المرأة بذكر المكان» فالمقدمات الطللية غالبا ما يتبعها - 
أو يرتبط بها - ذكر المرأة» فهما جزءان يكادان أن يكونا مترابطين في بناء القصيدة العربية 
القديمة: ابل إنهم قا ا أكازو :مق ذكوها اكت ضارت" كل اتتعارهد. :فى الجاهانة قاذ + قينا 
لشعرهم الغزلي» وحتى صار شعرهم صفحتين» دوتوا على إحداهما عواطفهم التي ابتعثها فيهم 
حبهم لهاء وعلى الأخرى جمعوا كل أغراضهم الأخرى!/*!؛ ولكن العزازي جعل أغلب شعره صفحة 


.ه١ص اعتدال عثمان؛ "جماليات المكان: الأندلس في الشعر العربي الحديث".‎ )١( 


(4:) شكري فيصلء تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام: من أمرئ القيس إلى عمر بن أبي ربيعة» ط“", دار العلم للملايين» 
بيروتء. .١9385‏ ص ,١١‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


واحدة خصصها لعمان. والشعراء - بشكل عام - يتميزون بطبيعة مزدوجة» يستثير أحد جانبيها 
انفعالات الحياة اليومية» في حين يستثير جانبها الآخر التأثيرات الجمالية!'!» والعزازي مثله مثل كل 
الشعراء يرتفع عن جزئيات الحياة اليومية العادية متعلقا بالجمال الكلي»ء صحيح أن الطبيعتين 
موجودتان معا في نفس الإنسان بشكل عام؛ ولكن الشاعر في العادة ينتصر للفن والجمال!''» ويبدو 
أن هذين القوسين الكبيرين من التأثيرات لم يتقاطعا في نفس العزازي؛ وذلك لإحساسه أن عمان 
تطغى على مؤثرات الحياة اليومية» فهي مؤثر فني جمالي كبير له في نفسه مكانة تمنعه من 
الانشغال بجزئيات هذه الحياة اليومية العادية؛ اللهم إلا ما ظهر من آلام غربته التي عاشها بعيدا عن 
عمان» وما ظهر لديه من إشارات إلى ما أصابه من انكسارات وأدواء أصيب بها؛ وبذلك فقد 
أصبحت عمان مؤثرة بجمالهاء فبدت "حوراء" فاتنة» "يحرق حبها ويذيب": فاعلة يداوي حسنها 


وبهاؤها جراح قلبه وأسقامَ بدنه» يقول العزازي مبينا مثل هذه الفاعلية لصورتها التي يرسمها:!"ا 


تكفيك عمان التي لمّا تزل حوراء يحرق حبّها ويذيب 
تشفي العيون بحسنها وبهائها وتطب قلبا ما شفاة طبيب 


لقد كانت صورة عمان التي رسمها لها الشاعر مؤثرة فاعلة تشبه في تأثيرها وفاعليتها 
فاعلية المرأة التي يرسم صورتها سعدي الشيرازي عندما يقول:!4) 
موقن العادة لق ديك لاحك .عشعت كل .هن التعجرات 


وهي عند الشاعر محبوبته الوحيدة التي لا تشاركها في قلبه محبوبة أخرىء ولا يغنيه عن حبها حب 
غيرها !ةا 

فدتك عمانٌ يوم البأس أعيننا ما كنت إلا هوىّ للقلب مذ كانا 

لاذكرٌ عمان أغنى عن مودتها ولا هوى الغيد عن عمان أغنانا 


والشاعر في مزجه بين المرأة وعمان(المكان) يرتفع بالشعر الخاص إلى مستوى إنساني 
عام؛ أي أنه ينتقل به من الدائرة الخاصة الضيقة إلى الدائرة العالمية الأوسعء فيأخذ الشعر أصالته 


,.١575 ولسون. كولن» الشعر والصوفية, ترجمة عمر الديراوي أبو حجلة» إ[ن]» بيروت. ١/ا5» ص‎ ١ 

؟) أحمد بسام ساعيء حركة الشعر الحديث. ص١5‏ 5. 

5) عبدالإله الصائغ» الخطاب الشعري الحداثوي والصورة الفنية: الحداثة وتحليل النصء المركزالتقافي العربي» بيروت» 
28 صا ويشار إلى المرجع عند وروده مرة ثانية على النحو التالي: عبد الإله الصائغ» الخطاب الشعري 

() حمين يكن العزازي» عيون متلمى» طن 24 


(1) 
(١) 
ليق‎ 
5) 


5211 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


وجزءا من قيمته من ديمومة المكان الذي ربط الشاعر بينه وبين المرأة!'' في بعض صفاتهاء وهي 
كذلك عندما تلتحم بالمكان فإنها تنعتق من ذاتها وتذوب فيه؛ فتكتسب بذلك صفة الخلودا"!» وتذوب 
الملامح الذاتية للعاطفة في العاطفة الكبيرة» بما تعنيه من حب المكان» هذا الحب الذي ارثقى عند 
الشاعر إلى درجة التصوف7". والعزازي عندما يتحدث عن جمال هذه المرأة المحبوبة فإنه يتحدث 
عن جمال عمان الذي ألقاه على هذه المرأة» والذي صوره جمالا طبيعيا فاتناء حتى إنها لتبدو 
بحسنها غزالا بريا شارداء يدل بجماله على أقرانه؛ يتعطر بأريج زهورهاء ويرتشف الرحيق من 
هناءة العيش فيهاء فيبدو أثر هذا الهناء في ثغره شهدا طيب المذاق:!“) 


وأعذ ذكرى غزال شادن تاه بالحسن على غزلانها 
عَبّق الطيب على أردانه من أريج الزهر في بستانها 
ومذاق الشهد في مبسمه من رحيق العيش في أحضانها 


بل إن جمالها ليفوق جمال كل الحسان سحرا ورقة ونضارة: ما يدفعهن إلى أن يسألنها - 
متعجبات - عن سر جمالهاء وعن سبب خلوده:!*ا 


أكل قائثة ‏ تمضي تقؤل لها باد كفا ثم لقال رو تانا! 
وكل خصر غزالي تظن به من رقة الناس في عمان ألوانا 


وقد لا تكون عمان أنذاك جميلة في الواقع بالقدر الذي تبدو عليه صورتها عند العزازي» 
ولكن شعوره تجاهها هو الذي يسبغ عليها هذا القدر من الجمال الفاتن» فالجمال عنده أمر نفسي 
داخلي يلبسه إياها ثوبا سابغاء فهو " لا يرى جمالا يفوق جمال عمان"7"» ولا حسنا يفوق حسنهاء 
وقد برع الشاعر في المزج بين جمال المرأة وجمالهاء حيث أوجد بينهما علاقة تجاوزت المرأة(أداة 
التوصيل) إلى حدود أوسعء فأضحت عمان هي الهدف الذي ترسمه صورة الشاعرء معبرا بذلك 
عن تجربة خاصة تجاههاء فجاءت أشعاره تدور بين ذاته الشاعرة ومدينته المحبوبة» هاتان الذاتان 
اللتان اتحدتا معاء فكان بين الشاعر وعمان حب لم تنله محبوبة من حبيبهاء يكتفي الشاعر بحبها عن 
حب " ليلى الشركسية "» التي انقشعت صورة جمالها من خياله أمام جمال صورة عمان انقشاع 


.٠١/ص‎ .١3188 البا مرسياء المقدّس والقدلش: ترجمة عبدالهادي عباسء دار دمشقء» دمشق»‎ )١ 
؟) شاكر النابلسي» مجنون التراب» ص4517.‎ 

") رناد الخطيب» عمان في عيون الشعراء. ص/,5. 

احتن كر العراقي» حون اسن صا 

6 حترن كن الورازي »ون سل من 0 

*) كين يكن العراذى المصدر تسسيه» [متنينة وكين ايل زان الغر يدي |ءضن 9 


! 
! 
! 
! 
! 
! 


11 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الغيوم بعد أن ألقت ماءها: (') 


دغ عنك ليلى الشركسية إنها مثل الغمام أذابه الشؤبوب 
تكفيك عمان التي لما تزل حوراء يحرق حبها ويذيب 


وقد بدت عمان لدى العزازي المثل الأعلى للمرأة المحبوبة» فهي المنافسة المنتصرة في حبه 
لهاء المستحوذة على قلبه دون سائر النساءء يجري حبها في قلبه وعروقه, حبا جامحا إذا التقاهاء 
وشوقا حارقا إذا ابتعد عنها:!") 
ألفيته بفؤادي طائشا ودمي لما التقينا وفي جفني إذا رحلوا 
وما ندمت على نار يؤججها في مقلتي وفي الأحشاء تش 


ةا 


ويبدو حبها في قلب العزازي فوق حب كل محبوبات الشعراءء فنجده في قصيدة "شكاية 
يجعل الهوى والغواني حزبا واحدا وفريقا مقابلا له ولمحبوبته عمان» ويصور الهوى يلومه على 
حبها دون غيرها من النساءء» كما يصور هذا الهوى يشتكيه إلى الحسان؛ لغيرته من هواه لهاء 
واقتصاره عليهاء فيدعوه إلى أن يستبدل حب " ليلى» وسعدى " بحبهاء فما كان جوابه إلا أن قال: 
هذا كلام "عذول كل زمان ": وإنه كان حريا بهذا العذول أن لا يتدخل في أمر هواهء فهو لعمان» 
يقصره عليها دون سواها من الغؤانه !ا 


هوى الغواني اشتكاني إلى المها والحسسان 
يغارٌ مما يرةه من عشقنا للمغاني 
ومن حنين0- لعما نَ وهي أغلى الأماني 
نكال 4 حكن حي بتغرها الأقحواذزني 
وجيد | سعدى وقداً كانه" بين بتحان 
أشهى إليكت2 وأحلى من شارع ومباني 
وما علي فهذا عنذول كيل زمان 
ما مس يوماً بشوق لمَربقتع وجنان 
قا كانَ أحرى بشاكي ال غراح: . ٠‏ كين “دعا تتحهي 


)١(‏ حسن بكر العزازيء؛ المصدر نفسه.» ص5"9. 
)١(‏ حسن بكر العزازيء المصدر نفسه»؛ ص55. 
(؟) حسن بكر العزازيء المصدر نفسه؛ ص 55. 
(:) حسن بكر العزازي» عيون سلمى؛ ص505. 
(:) انظر: حسن حسن بكر العزازيء المصدر نفسه. ص55 -55. 


ا 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


أله بطل فيا السحتان نر قاجيي 


ولما كان وجود المكان لدى العزازي وجودا داخليا نفسيا فقد نشطت حركة خياله في 
رسمهاء فظهرت صورة عمان " المرأة المحبوبة " لديه على مستويات متعددة» فهي تارة حلم يراه 
في المنام» يصور لنا رغبات الشاعر المكبوتة» ويترجم موقفه منها الذي يرسمه لنا بوساطة اللغة: 
التي تمتلك بدورها طبيعة مزدوجة: الأولى مادية ترتبط بالألفاظ وأصولها الحسية» والأخرى غير 
مادية تشتمل على نظام من العلاقات التي تعتمد على التجريد الذهني» ولكن المكان الشعري لا 
يعتمد على اللغة وحدهاء وإنما يحكمه الخيال الذي يشكل المكان بوساطة اللغة على نحو يجاوز 
قشرة الواقع إلى ما قد يتناقض معه؛ء ولكنه على الرغم من ذلك يبقى واقعا محتملاء إذ أن جزئياته 
تكون حقيقية» ولكنها تدخل في سياق حُلمي يتخذ أشكالا لا حصر لهاء يصل إليها الخيال اللغوي 
فيما يمكن أن يسمى جماليات اللغة وجماليات الخيال!", يقول:!"ا 
وها" الما" <تاقي. كلدي كلها كظبي ناعور لما كان يتتَحل؟ 
شكل النساء وفي خديه من خفر لون الورود وطعمٌ المبسم العمل 


وتبدو عمان لدى الشاعر طيفا تجود به الليالي حيناء ولكنها تبخل به أحيان أخرىء وهذا ما 
يسبب شقاءه» فيتمنى تكرر هذه الزيارات على الرغم من كونها خيالا كاذباء وكأن دوام زيارة هذا 
الطيف يزيل ما يحسه من وحشة الغربة» وما يشعر به من توتر لا يجد له ما يخففه سوى صورة 
طيفهاء ثم أن الشاعر لا يسمع في زيارة طيفها عاذلاء بل إنه ليفرح به يزوره فرح يعقوب بقميص 
يوسفء وكأن عمان هي الغائبة المغتربة التي ينتظر الشاعر عودتها؛ وبذلك فالشاعر لا يعود يفرّق 
بين بعده عنها وبعدها عنه» وعودته إليها وعودتها إليه» ولنلاحظ أن هذا الطيف يتشخص لديه في 
صور عديدة يصنعها عندما ينيم بصره فتستيقظ بشكل أكبر بصيرته» فتبدو هذه المرأة المحبوبة 
المتخيلة معادلا لصورة عمان» وخيل لنا ونحن نقرأ شعره فيها أنها "فتاة حسناء يستحضر طيفه"!ا, 
أو أنها الأمل المتجسد بصورة "قميص يوسف"؛ أملا في استرجاع بصره الذي فقده؛ أو استرجاع 
عمان التي يفتقدهاء ولننعم النظر في صيغ الجمل التي ترد فيها صورة طيف عمان في الأبيات 
التالية» لنجد أنها صيغ خطاب قريب "وجلبن طيفكء» يا ضيف جفنيء أنت القميص"؛ ما يدل بشكل 
واضح على قربها منه» فابتعاد الشاعر عن عمان لم يقلل من قيمتها في نفسه» فقد ظلت هذه القيمة 


.ه١ص اعتدال عثمان؛ "جماليات المكان: الأندلس في الشعر العربي الحديث".‎ )١( 
.5١ص (؟) محمد سمحانء مقالات في الشعر الأردني المعاصر.ء‎ 


21 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


نامية متنامية حتى ملكت هذه النفس» وظل يعيش في الغربة وطنا لغويا يبنيه قصائد وأشعاراء ولا 
بد أن ننبه إلى أن حلم الغفوة لا يكفي حاجة الشاعر في توكيد ذاته وتحقيق رغباته على النحو الذي 
يديك" فى رانس صورة :عفان لمت هذا الحلء يست الشاعل: زز ادكه ويجكل متدرا على نسكة زه 
خرجت عن طوعه وإرادته» أما حلم اليقظة وطيف الخيال فإن 0 0 حاضر 
في هذا النوع من الأحلام؛ قادر على تحويلها إلى عمل فني جميل جمال التوقع!'؛ يقول؟!' 

عَمْْ الليالي قد أطلنَ صبابتي وقصفن عود عدي وهو رطيب 

وجلبن طيفك سارياً- وأخذنة ولتفين تشرق تارة وتغيب 

يا ضيف جفني لا عدمت توولك حتى وأنت الزائرٌ المكذوب 

أنت القميص وقذ أتى من يوسف وأنا بفرحة لثمه يعقوب 

أخزيت فيك عواذلي وطردئية طرد النعاج عدا عليها الذيب 


وهذ| الخليف' المتهيل يوز ليا وهذا متاخ :ماسب لزيازكة» خيت يكلو الشاعن بنسه وقو 
يزوره "على غرة", و "على جناح من الأشواق"؛» متجسدا بصورة محبوبة "تجر أذيالها ميسا 
وغطرفة"؛ حتى لنجده من فرط حسنها حائرا فيهاء متسائلا عن ماهيتها أهي حورية من حوريات 
الجنة أم إنسانة من بني البشرء فيبدو جمال صورة عمان جمالا غير مألوف مثلما هو جمال طيفها؛ 
منا تحديةة لديه الفدن الكرين هس الدهلنة و لفاك 1" 

تأتي على غرة في الليل مدلجة وأطيب الوصل ما يأتي بلا وعد 

على جناح من الأشواق طائرة يوري ويقدح في تشبيبها زندي 

تجرُ أذيالها ميساً وغطرفة فتسلبُ اللبّ من حسن ومن رأذ 

أأنت إنسية في الخلد مربعُها أمْ أنت حورية من جنة الخلد 


ولم تبدُ صورة عمان المحبوبة عند الشاعر صورة مادية حسيّة وإنما أتت صورة معنوية مثالية؛ 
وبذلك فقد انعتق ق الشاعر من وصف المكان المادي - كما أسلفنا - واتجه إلى وصف المكان 
المثالي» فكانت صورتها صورة المرأة المحبوبة التي يشعر تجاهها بالود الو وه : 
المرأة المعشوقة المشتهاة» فصورة عمان المحبوبة لدى الشاعر من نوع مختلف». فهي " ..ثان 


لل انظر : عبدالإله الصائغ» الخطاب الشعري الحداثوي والصورة الفنية» ص١> .5١-‏ 
لق انظر: حسن بعر العزازي» عيون سلمى» ص17 حمكت وانظر مثل هذه الصورة في: حسن بعر العزازي» المصدر نفسه, 


,.١ صه‎ 


عمان في شعر حسن بكر العزازي حامد كساب عياط 


حتى لتكاد أن تكون جزءا من قلبه» فهي من "الجوانح» حتى حسبتها من جناني» وحسنها غير فان"؛ 
لا يؤثر فيه مر الزمان» وكأنه جمال تمثال صنعته يد فنان بارع؛!") 


وإن عمان شي قبل الأوائنس. ثان 
وبالجوائنح حتتى حبينها بع جخاني 
نل كارن لجنا “زنيحة امون 
فَهنَ يذبلنت يوما وكنحتكها غير فان 


وقد ظهرت صورة عمان(المرأة المحبوبة) لدى الشاعر صورة كليّة غير مجزأ بعضها عن 
بعضء فلم تبد صورتها أجزاء وتفاريق» بحيث تكون هذه الأجزاء غاية في ذاتهاء ولم يتعد الشاعر 
حدود الحشمة في تصوير مظاهر جمالهاء بل إن شعره فيها ليحمل صفات الشعر العذريء وإن ورد 
مصطلح قد يوحي بغير ذلك كالعشق مثلاء فإن الشاعر يقصد به الحب السامي وليس العشق 
المقد لأا امنا أرز هفشك إشنار الع سويجة: الى يعض للد ان :القن ادن كانيا تفتصيلية :كلفد 
والخصر والعنق والثغرء فهي أجزاء في كل واحد متكامل؛ ترسم لها صورة كلية متكاملة» فالشاعر 
معني بجمع أجزاء الصورة؛ وببث الروح فيهاء وليس بتفريقها أجزاء منفصل بعضها عن بعض. 

كما بدت صورة عمان المرأة المحبوبة صورة ريفية - شبيهة بصورة المرأة الريفية - ذات 
الجمال الطبيعي» مثلما كانت صورتها في أذهان الناس صورة القرية الريفية الوادعة؛ الواقعة على 
عين ماء جارية في واد صغيرء المتصلة بريفها المحيط بهاء فجاءت صورتها لدى الشاعر مرسومة 
بأسلوب شعري بعيد عن التزويق اللفظيء فلم يعن الشاعر في تصويرها بضروب البديع وغيره من 
المحسنات» التي ينشغل المتلقي بها عن جمال الصورة الحقيقي!". 


.51- انظر: حسن بكر العزازيء المصدر نفسه » ص5ه‎ )١( 

(1) انظر مثل هذه الصورة في قصيدة "حرمان": حسن بكر العزازي؛ عيون سلمىء ص7"؛ وقد اتجه العزازي - كما أسلفنا 
- نحو الطبيعة للتعبير عن إحساسه الجميل تجاه عمان؛ وهذا ديدن الشعراء الرومانسيين:والشاعر باتجاهه إلى الريف 
والطبيعة فى تسوين» لعمان, يعبر "عن تطلقه يها تورعن «محيقه الضادقة لهاد نو البخية :نط يديا مخ اكجزية : المناظق 
الطبيعية» في حين يصلح الوسط المدني لنشاط العشق والتبذل؛ غايي إدواردء "المدينة في شعر زماننا'ء ص7١7:‏ وقد لا 
تكون عمان مدينة ورود وزهور كمدن هولندا التي يعيش فيها الشاعرء ولكن العزازي أغنى المكان الفقير في هذا الشأن 
بإحساسه الغني بالجمال» بغض النظر عن فقره أو غناه الحقيقيين» فبقيت عمان بعبيرها كابتسامة الطفل البريئة» أو كنفحة 
الورد الشذية» تشيع في نفسه الأمل» وتشعره بدفء الروح الذي لا يجده في غيرها: 

عمازة تفحة.طيب من كنذى الوررد مكل ابتسامة ظفل أن كن الميد 
كني يكن التزارى: حون سلفى كن /0:«وسيك هذا الاخدلان الجميل الذى مهن القاعث فكاء عبان فإنه انرق :إلا 
جمالهاء قلم يوجه الشاعر نظره نحو الأرض البور أو جدران الإسمنت أو مساحات الإسفلت: 
أما تمثلتها روضا ونفحتة تلهو بأرجائه ريمٌ وغزلان 
حسن بكر العزازيء المصدر نفسه» ص47. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الخاتمة: 

كانت عمان عند العزازي مدينة استثنائية» يلهج بذكرهاء ويلجأ إليها عندما تشتد به الحالات 
النفسية العميقة الناتجة عن انكسارات الأمة وخيبات الأمل التي أصابتهاء وعن الظروف الصعبة 
التي اكتنفته والأمراض التي لازمته. وقد وظف الشاعر صورة عمان توظيفا ناجحاء فأصبحت 
مكانا تتداخل فيه صورتها التي يرسمها مع آماله التي يحلم بها وآلامه التي يحسها؛ فاشتبك معها في 
دالا تكفدية خاحية كانت روس :وكخيالة-هما" اللذان ينما أبعاد-هذة الصووة؟ ويذلك ضبان 
عنده مكانا غير عاديء ومدينة تسكن الخيال والوجدان» وكانت محطة أولى في حياته ونهائية في 
رؤاه وأحلامه» كما كانت صورة من عالم مثالي تتحقق له فيها الحياة السعيدة» ولم يكن حلمه آخر 
المطاف إلا أن يدفن بعد موته في ثراها. 

ولم تأت صورة عمان صورة جزئية أو عابرة لدى الشاعرء وإنما كانت الموضوع الأكبر 
الذي علب تعن كبعر يواتف تكاد أغلب قصائده أن تكون مقصورة عليها أو مشيرة إليهاء بل إننا 
كيذه سكول معطج فشنائكدنهها :]3 أراه أن يكوا خكر القن ,كير هاء كنا كحو ذلك يذكر يعطن 
ضواحيها أو بعض أمكنة أخرى من أرض الوطن الأوسع باعتبارها امتدادا لها أو صورة عنهاء 
وما ذلك إلا رغبة منه في توسيع صورتها لتشمل أكبر جزء من الأردن» وقد حاول العزازي من 
خلال رسمه هذه الصورة المثالية لعمان أن يعيد إلى نفسه التوازن الذي يفتقده في مدن الاغتراب. 

وقد تعددت جوانب صورة عمان في شعر العزازي لتعدد المثيرات التي دعته إلى القول 
فيهاء ولتنوع تجاربه التي صدر عنها في قصائده» ولاختلاف مستويات الخيال عنده فيهاء ولكن هذه 
الصور - على الرغم من ذلك لا تعدو أن تكون الصورة الكبيرة المفعمة بكل مشاعر المحبة 
والإعجاب والانتماء» المليئة بكل مظاهر الجمالء التي تبدو عمان فيها محبوبة لم يعجب الشاعر 
بغيرهاء حتى بدت صورة مثالية غير مادية» وقد تجلت هذه الصورة في أبعاد ثلاثة: البعد الذاتي - 
وهو البعد الأوسع - الذي شمل عددا من جوانب صورتها لديه» فبدت صورة صلته الوثيقة بهاء 
وصورة فراقه القاسي لهاء وصورة مرارة الغربة التي عاناها بعيدا عنها» وصورة أشواقه التي 
أحسّها تجاههاء كما بدت عمان بعدا سياسيا يبشر بالأمل الداعي إلى إزاحة الانكسار الذي أصاب 
الأمشابيقة 415519 :ويدت: ايكيا هذا خماليا تخلح ثفه صورتها تضورة المرأة المكنوية الحميلة: 
ونستطيع القول: إن البعدين السياسي الوطني والجمالي هما بعدان قريبان كل القرب من البعد 
الوجداني الذاتي متداخلان فيه» فهما نابعان من رؤى الشاعر الخاصة وذاته الشاعرة» مثلهما في 
ذلك مثل البعد الوجداني نفسه؛, وقد ساعدا معه في إتمام رسم جوانب صورة عمان لدى الشاعر. 
وإذا كان الشاعر العربي عموما قد وقف من المدينة وما له علاقة بها موقف الضد في كثير من 
الأحيان فإن موقف العزازي من عمان لم يكن كذلكء لما ترتبط به من معان سامية لديه؛ ولما لها 
من نهج سياسي تسلكه؛ ولما تتصف به من صفات جمالية مثالية يحسها تجاهها. 


57 / 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (545ه/١7١٠١م)‏ 


الدكتور عبد الحليم حسين الهروط * 


الدكتور محمود عبد الرحيم صالح 
تاريخ تقديم البحث: ”٠05/١١/١©‏ تاريخ القبول: 7٠17/7/7١‏ 


ملخص 


هذه رسالة كتبها الأديب العربي أبو الوليد أحمد بن زيدون ٠٠١5(‏ -١07٠م)‏ إلى أبي الحزم بن جهورء الذي 
حكم قرطبة بعد سقوط الخلافة الأموية في الأندلس» وفيها يستعطف ابن زيدون حاكم قرطبة؛ ليطلق سراحه من 
السجن الذي أودعه فيه ؛ نتيجة لإحدى الدسائسء وكان ابن زيدون وزيراً له قبل سجنه . وقد أجمع القدماء 
والمحدثون على أن هذه الرسالة تعد في طليعة الرسائتل الأدبية في تاريخ الأدب العربي . 

ظلت رسالة ابن زيدون منتشرة بين الناس بصورة ناقصة ومصحفة ومحرفة» حتى عثر المحققان على نسخة 

أصلية منهاء كتبت منذ حوالي سبعة قرون» بخط صلاح الدين الصفدي كان قد شرحها في كتاب مستقل» وكتبّ 
رسالة أدبية أخرى احتذى فيها حذو ابن زيدون. ش 

قام المحققان بتحقيق هذه الرسالة تحقيقاً علمياً؛ ليقدما نصها للقراء والدارسين في صورتها الكاملة الخالية من 
الشوائب والتحريف. 


71 


له )٠٠١5 - ٠١0١(‏ 7221002 ملظ لتمصطخ 711 عتطوعك عطا ((ط طع171 1735 7عااعا ولط 1' 


90 ]08 ع5م0113كه عطا عله ,0010063 01 لعلنكا ,اع تتطول ملظ معدا تاطك م1 غمعد 1725 
لنة[ 8012 مصتط عع م1 تاع1ن1 001002 ل0ع5655 22100115 صاظ ,تناع عطا ص[ .11512د لمك م1 1212تطك] 
5 ©1816 ع101ع5 1201215]61 2 735 عط عتاعط17 ,لطتط أقطتدع2 '7(ع1152مك02» 01 عكتتوععء6 م1 ألاعد 1735 عط 
5 اعأاع1[ عغطا أقطا لععآ17ع2 112312112011517 17711615 01217م27ع ]ممه امه 010 عغط]1 لوز م1 امعد 
ع 1طدكخ 01 1مأقلط عطا صا لصكا 15 01 عتتاء عطا لعمع10كممه 
عطا اانا 0156016 لله عأع1مططمعط1 15اعلدع1 ع0مططة ع31:211361 0عمطمتمصاع] اع ع1 2210005 ملاظ 
5 11111165ع© 561762 56101 1201ددكث ستللظ طقلة5 17/111 كتاممطد1 :07 م1716 ن[مه0ء لمملع لاه 
5001 21066مع5 2ط تاعناع1 عطا لعمتهامعء 1201ددكخ متلل8 طقلة5 .5تعطاعتتوعوع1 8:0 عطا 3ط 00تناه1 


.51 7221001125 صاظ ع ملاتا تعناع1 تعطامصة غ701 ممه 
علا أاعوع1م 16 2100ع لله عللتامدعاءد ل0مة داع 010 2 لعاعنلدمه لقط 5تعطعجوعوع] متنا ع1 
0 01560111011 1010 عع ذاعطء توعوع] تتعطاه ممه 5عمدع1 10 جرع رع ناع1 عاعامطامه 


* قسم اللغة العربية وآدابهاء جامعة الحسين بن طلال. 
حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة. الكركء الأردن. 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


مقتمة التحقيق 

هذه هي الرسالة المعروفة باسم (الرسالة الجدية) التي كتبها أبو الوليد أحمد بن زيدون 
كن لاع ره دو عاك يها دام ) إلى أب الخرم بن حهون (المترفى 486 جد اتدام) 
حاكم قرطبة بعد سقوط الخلافة الأموية في الأندلس سنة 15477ه/١7١٠م.‏ وكان أبو الحزم قد اتخذ 
ابن زيدون وزيراً له» ثم تغيّر عليه وسجنه ؛ نتيجة لبعض الدسائس . فلما طال الأمر على ابن 
زيدون - حوالي ستة عشر شهراً وثلاثة أسابيع - كتب هذه الرسالة في الاستعطاف . 

تعدُ هذه الرسالة في طليعة الرسائل الأدبية في تاريخ الأدب العربيء التي حظيت بالتقدير 
قديماً وحديثاً ؛ ومن مظاهر تقدير السلف لهاء أن بعض الأدباء نسج على منوالهاء مثل محمد بن 
نصر القيسراني (518ه/85 ١٠م‏ -4/8ه ه/ 57١١م)‏ الذي استفاد منها من الناحية الشكلية - 
لمن ديت المفاضة' ٠>‏ :قن ثاليف: كللقتنة أني نناة ١١١‏ .وم مكبى: الفووكين اكنافرت و صخت الذي 
الصفديء اللذين قلدا هذه الرسالة 7". 

ومن مظاهر تقديرها قديماً وحديثاء ترجمتها إلى بعض اللغات؛ وكدّرة الذين عنوا بشرحها”"". 
وهي .ما زالكموطع عدايّة الذارسين حتى الآن. : 

بِيْد أن هذه الرسالة - على أهميتها - اعتورها النقص والتصحيف والتحريفء وقد ظفر 
المحققان بنسخة مخطوطة نفيسة لهذه الرسالة» ممكن أن تتدارك النقص وتسد الخلل ؛ لتقديم نص 
الركالة في اهن :صَيونة و أنذيها إلى 'الضبوات:. 

وقد تمّ الاعتماد في التحقيق على النسخ الآتية : 
١‏ - نسخة الأصل : هي نسخة مخطوطة بخط صلاح الدين خليل بن أييك الصفدي 
(المتؤفى:سنة ذاه 58 ؟ اع )كنبا سنة 0417 اد حمق كتابه الموسوو يون" 
المجموع الاوك" الذى ومنتل قلق يجفا ين شور كل مق أن الحصليين: الحم او ولسوا 
الورّاق» ومجير الدين بن تميم» والشهاب العزازيء وتقي الدين بن دقيق العيد . وتأتي رسالة ابن 
زيدون في ذيل شعر مجير الدين بن تميم . 

والمخطوطة الأصلية موجودة في مكتبة آيا صوفياء تحت الرقم (954”") . وهي مصوّرة على 
ميكروفيلم في معهد إحياء المخطوطات العربية» تحت رقم (5١5/أدب)»‏ وهي مصورة في جامعة 
القاهرة» تحت الرقم (757275 مخطوطات مصورة) . 


)١(‏ حققها الدكتور حسن عبد الهادي والدكتور محمود عبد الرحيم صالحء مجلّة مجمع اللغة العربية الفلسطيني - بيت المقدسء 
العدد الثالث» رجب ١575‏ ه /أيلول 7١٠٠م‏ (ص 494 -81) , 

(؟) انظر مقدّمة ديوان ابن زيدون»علي عبد العظيم» مكتبة نهضة مصرء 9151١م؛‏ ص ١١١‏ . 

(؟) انظر : المرجع نفسه.» ص 7١١١ 7١9‏ , 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


تقع مخطوطة رسالة ابن زيدون في ثلاث عشرة صفحة:؛ في كل منها ثلاثة عشر سطرأ . وقد 
اتكذها المحقفاة أضدلة للقدفيق 4 رومز ا تيا لفحل( الاصسل): 
؟ - تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون : 
أورد صلاح الدين الصفدي نص رسالة ابن زيدون متتابعاً في أوّل كتابه " تمام المتون" نقلً من 
خط علي بن ظافر الأزدي (المتوفى سنة 717ه/5١15م)‏ . وقد رمز المحققان لهذا النص برمز 
(ت) . 
" - تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون : 
أوود. صنلا الذي الضتفدي تن وسالة ابن زيدوق: منجما في«متن كتاية" نمام المقوق؟ ‏ 
وبين هذا النص المُتجّم في المتن» والنص الوارد متتابعاً في أوّل الكتاب فروقء لم يشر إليها محقق 
الكتاب» ولم يستفد منهاء وقد عني المحققان بتتبّع الفروق بين النصتين» واستفادا منها في المقابلة؛ 
ورمزا إلى النص الوارد في المتن بالرمز([ش). 
؛ - ديوان ابن زيدون ورسائله : 
نشر محقق الديوان رسالة ابن زيدون الجديّة اعتماداً على كتاب الذخيرة لابن بسام الذي 
طبعته مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر في القاهرة سنة 175١م‏ ؛ وعلى مخطوط كتاب تمام 
المتون للصفدي المحفوظة في دار الكتب المصريّة (تحت رقم /١48‏ أدب)» ولم يشر محقق الديوان 
- مثله مثل محقق تمام المتون - إلى الاختلافات بين النص المتتابع في أول الكتاب؛ والنصّ المُنَجّم 
في المتن» واعتمد محفق الديوان - أيضاً - على كتاب نهاية الأرب للنويري المطبوع في دار 
الكتب المصريّة سنة 575١م‏ . وقد رمز المحققان إلى نسخة الديوان بالرمز (د) . 
ه - كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام (المتوفى ؟؛4هه /7؛:١ام):‏ 
إنّ ما ورد من رسالة ابن زيدون في كتاب الذخيرة يتسمٌ بالاختصار في بعض المواضع»: 
وأكثر ما يكون ذلك في المواضع التي تكتنف أبيات الشعر المُضَمّنة في الرسالة؛ وكثيراً ما كان ابن 
بسام يتجاوز عن هذه الأبيات . وقد رمز المحققان إلى نسخة الذخيرة بالرمز (ذ) . 
* - كتاب قلائد العقيان للفتح بن خاقان (المتوفى سنة 609ه/ه"١١م):‏ 
لقد عمد مؤلف قلائد العقيان إلى الاختصار والانتقاء ؛ فلم يورد نص الرسالة من أولهء بل بدأ 
من قول ابن زيدون ؟ حنانيْك قد بلغ السيل الزبى " إلى قوله ؟ ويُدعى - ولو على المجاز - 
عقابً' . أي أنه اكتفى بإيراد ما يملأ صفحتين من صفحات الرسالة في الأصل؛ وهما الصفحتان 
اللتان يميل فيهما ابن زيدون إلى الإكثار من التضمينء والتلميح . ويُفهم من ذلك أن الذائقة النقديّة 
لدى المؤلف - وربما في الأوساط الثقافية في عصره - كانت ميّالة إلى استعمال هاتين الأداتين 
الفنيتين - التلميح» والتضمين - في التشكيل الفني للعمل الأدبي . 


50 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


“” - كتاب نهاية الأرب لشهاب الدين النويري (المتوفى سنة “لاه /؟*” ام ) : 
لقد اتفق ما أورده النويري من رسالة ابن زيدون في نهاية الأرب مع ما أورده ابن بسام في 
الذخيرة اتفاقاً يكاد يكون تامأء ويكاد يصل إلى حد التطابق» لولا مواضع قليلة» وقع فيها خلاف 
بيتهماء لعل مرذه التصحيف. . وَيْفِهُمْ من ذلك أن النويري نقل ما أورده من الرسالة عن كتاب 
الذخيرة . 
وعتفر: الأمو هنا شق أن مكل الزيطانة المقاهة للذار ميم قو لخلت يجمه يدالو أضطانها 
كدوقت السو دي هذا الوضع يستدعي ظهور نسخة من الرسالة مُحققة تحقيقا علمياء من 
مخطوط أصليء ينزّهها عمّا يتخوّن محاسنها ؛ وأن هذه الثمرة الشهيّة تستحق الجهد المبذول لنيلها. 
رقة .داب المحفان :على كفزيع" الأبيات' الشنمرتة. والآبات” القرآنية الكريمة والأمثال» والأكبار 
التاريخية؛ التي ألمح إليها المؤلف من مظانها . أمّا الشرح فقد كفاهما إِيّاه صلاح الدين الصفدي في 
تمام المتون » فاكتفيا بتفسير الكلمات الغامضة وغير المألوفة» وهي قليلة ؛ لأنَ ابن زيدون لا يتعمد 
الإغراب والغموض . 
ا ل ا 02 
والمهتمين» إنه نعم المولى ونعم النصير . 
]١[‏ كتب الوزير أبو الوليد بن زيدون إلى أبي الحَزم بن جَهْور متولي أُمْر قَرَطْيَة - رحمهما الله 
تعالى , 
يا مألا وسيّدي الذي ودادي لَه واعتمادي عليه واعتدادي بها"'[ وامئتدادي منه ] 7" 
ومن أبقاة“! الله [ تعالى ] ") ماضي حَدُ العزم» واري زند الأمَلء ثابت عَهْد النعْمة» إني10 - 
وإن سلبتني - أعزك الل لباس إنعامك ولسعييين ةا إيناسكء وأَظمأتني إلى بَرئدا"ا 


) ]قال الصفاي في متتيل الراسلة في إت ت): " واها أنا أورد الرّسالة منقولة من خط الإمام علي بن ظافر - رحمه الله تعالى 
سبو افنها كملة: قر أغوذ يعكلكبوارن ها شين فنينا من أركها إلى أخري* . ونص الديباجة فيها : كتب أبو الوليد أحمد 


بن زيدون إلى ابن جهور . 


(؟) وردت في (ذء ن) : واعتدادي بهء واعتمادي عليه . 

(؟) زيادة في (د) . 

(:) وردت في (ذء ن) : أبقاك . 

(5) زيادة في (د) . 

(1)" إني " غير موجودة في (ت» شء دء ذء ن) وفيها : إن سلبتني . 
(#أورفك فى زهاق) "حلي" 


11 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


افك ا ويعستسك !"عدي قارف كدايتك» ونعستك في كن اخناطتك! .يك أن نط 
الأعْمّى إلى تأميلي لَك وأَحَسّ الجَمَادُ باستحمّادي لك" وسمعَ الأصمٌ ثشائي عليك'" فلا 
000007 
وتكون منيّة المتمني في أمنيّتهء والحَيْن قد يَسْبق جهْدَ1'") الحتري ص١"‏ 
كل التهناتت قه تسر علبي الفتضى وتهون غيْرَ شماتة الحُمادا""! 


إذى!"" لأتجلة :واروى للجاشديء 117 آني 117 9 تخت ا"الرير أوول1'1 [؟ ]نهل آنا إلا يتنه أدتاهيا 


)١(‏ وردت في (تء» شء د) :" برود" 

. عبارة (وأظمأتني إلى برد إسعافك) غير موجودة في ( ذء ن)‎ )١( 

(؟) في الأصل : وغضتيت . 

(4)" ونفضت ابي كف حياطف " :غير موجودة في (3ة):. .وقد وريد في (نء :5 وتفمقة ابي فيفك عياطكه 


وغضضت عني طرف حمايتك 

(5) كذا في الأصل: وفي (ت» ش) : باستحمادي إليكء» و في (ذ): بإسنادي إليك. وفي (دء ن): باستنادي إليك . 

(5) وردت هذه الجملة متقدمة على سابقتها في (ت» شء دء ذء ن). 

(') وردت في الأصل و له عرو د 

(8) ف فى (ت» 22 3 ن) م 

(8) تضمين لقول الشاعر : 9 من البحر البسبيط 

مَنْ غصً راوى بشراب الماء غصّته فكيف يَصَنعْ مّنْ قد غصّ بالماء 
وهو معنىَ مطروق عند الشعراءء تتبعه الصفدي في تمام المتون ص5 5 . 

)٠١(‏ من أمثال العرب المشهورة» ونصه ؛: " من مأمنه يؤتى الحَذر"» ومعناه أن الحَذر لا يدفع عنه ما لا بْدَ منه . الميداني» 
أبو الفضل أحمد بن محمد (574ه1777١1م)»‏ مجمع الأمثال » تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد» دار الفكرء ط”ء 
ام ٠ج‏ ”مص ٠‏ رقم المثل اد , 

. وردت في (ت.ن) : حرص‎ )١1١( 

)١١(‏ وهو : عجز بيت لعديّ بن زيد العبادي(؟5 ثدم)» أوله : " قد قد يدرك المبطئ من حظه حظه " . الديوان» تحقيق محمد جبار 
المعيبد» دار الجمهورية للنشرء بغداد» 5امء ص" . وقد وردت كلمة (الحَيْن) في الديوان: الخير . 

)١6(‏ البيت لعبد الله بن محمد المهلبي بن أبي غيينة : انظر : الصفديء خليل بن أيبك (55/, ه/15757م)ء: تمام 
المتون»: تحفيق : محمد أبو الفضل إبراهيم» منشورات المكتبة العصرية» صيدا - بيروت» (د .ت) صئ/اه ٠‏ ولم 
بز اليك فين زقرة مم ولم ترك ا غنار:ه" و الكون ملجة المتدى اف أمنية#رواالحزنة فك نرق كيد الحرييصي "تقي ٠.)‏ 

19 وردك ني كه شد ن) :3 ل 

. وردت في (تء شء دء ن) : الشامتين‎ )١5( 

(15) وردت في (ت» شء د) : أني لريب الدهر لا أتضَعضع . 

! 


)٠٠‏ لم ترد عبارة : " وأري للحاسدين أني لا أتضعضع " في (ذ) . وفي العبارة تضمين لقول أبي ذؤيب الهذلي. من البحر 
الكامل , 
5 5 و 3 7 هه عو 


الضبّي» المفضل بن محمد (4لاداه/ 14لام)ء المفضليات, تحقيق : أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون» طلى 
ص١475»‏ المفضلية رقم ١١‏ . 
(16) وردت في (ت» شء دء ذ) : فأقول . 


11 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


ب ها وير لطر " إكليله, ومشرفيُ ألصقة بالأرض "١‏ صاقله. وسَمهري عرضَّة 


على الثار مثقفه, وعَبْدُ دَهَبَ فيها“) 


فقسا ليزجراه ا ومَن يك حازما فليقس أحيانا على مَن يرحم "ا 


سيّده مذهب الذي يقول : 


مبححة !"لتقن نتخميوة عر الي !"اوقد ابحو غكر: لو قولتي 1" 
1 2 ا اتيت شك اللمسسجاء بدن 


وهحث! '! التكهِة سحابة صَيف عن قليل”" "1 ' ون يريبني سيّدي 


2 


ايلا كا لل ]و * - عَنَاوهء فأبطأ الدّلاء وك" اتلوفا!" وأفل 
ن و تاخر - غيْرٌ ضنين و صجعوق 


)١ |‏ تضمين لقول أبي الطيب المتنبي ار الوافر. 


الإبياري» عبد الحفيظ شلبي» مطبعة البابي الحلبي» القاهرة, اام الديوان» ج ,2 ص١١١,‏ 


. وردت في (ذءن) : عضته‎ )١( 

(*؟) وردت في تمام المتون ص77 : في الأرض 

(:) وردت في (تء. شء د) : به . ولم ترد كلمة " فيه " في (ن) . 

(5) وردت في (ت» شء دء ن) وكذلك في شرح ديوان أبي تمام : ليزدجروا .من قوله : " وعبدٌ ذهب به سيده ... إلى نهاية 


البيت " غير موجود في (ذ) .والبيت لأبي تمام من البحر الكامل 
أبو تمام» حبيب بن وش (55اه/ 517 ىم)ء الديوان» شرح الخطيب التبريزي» تحفيق راجي الأسمرء دار الكتاب العربي» 
بيروت» طاقن ام 5 ج23 ص 1١‏ 3 


(5)" هذا" غير موجودة في (ذ. ن)ء وورد بدلا منها " و" 

(10) تضمين لقول أبي الطيّب المتنبي من البحر البسيط : الديوان» ج ”. ص8 . 

(8) في الأصل: " وهذا "» ووردت في (ت.» شء» د ( 0 وهذه "2 وهي غير موجودة في إذ 00 2 

(9) إشارة إلى المثل القائل : " غمرات ثم ينجلين " . يضرب في احتمال الأمور العظام والصبر عليها . الميداني»ء مجممع 


الأمثال» ج7. ص58, المثل رقم 7574 . 
")٠١(‏ هذه" غير موجودة في ( ذ » ن )0 ووردت" و" بدلا منها . 
(١١)وردت‏ في (د.ن) : قريب . 
)١١(‏ قال المبرد كان ابن شرام ذا نزلت به نازلة قال : سحابة صيف عن قليل تقشنُع . الصفدي , تمام المتون » ص6" . 
)١(‏ وردت في الأصل :" سعيه ' وفي [ د » ش) : سحابة 000 ت ) : ولَن يريبني من سيّدي . ووردت 
لمم ا 0 1 ٠‏ يليها بيت الشعر اللاحق» وفي العبارة تضمين لبيت المتنبي » من البحر 
الخفيف. الديوان ٠‏ ج 4»ص١٠٠‏ . 
ومن الخير بُطءٌ سيبك عني ألشنرغ السُخب في المّسير الجَهامُ 


. وردت في (ت ».ش »د ) : فيْضًا‎ )١54( 
50 00 . تضمين لقول ابن المعتز » من البحر المنسرح‎ )١15( 
واستيقنوا بالرواء منهكما أإفساًوقفر ال لكلاء أملؤوهفا‎ 


ابن المعتز ٠‏ أبو العبأس عبد الله بن محمد ( /751ه/ ١٠1م)‏ » الديوان » صنعة أبي بكر الصولي ٠»‏ تحقيق : د . يونس 
أحمد السامرائي ٠»‏ عالم الكتب » بيروت . ط١ ٠‏ 991١م‏ ء ج7١‏ » ص 45 . 


1010 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الستمكاك متي أكلها رو اهة: اليك"( هااضادق خناء وألد القواه :ما اكاب لذ #تومنتم 
اليوم غد( ( ولكل أجل كتاب4!*!» له الحَمْدُ على اهتباله» ولا عَتبّ عليه في إغقاله : 
قن كن بالفول الذي ءادا قأفعالة إزلاقي :7" متعوزن السوف! 


ا ل يي 
لل ا ل اكبالك اثولا أخلو مكة أ 
أكون بريئاً فأينَ عَدلّك ؟ ١‏ ' أو مُيكاً فأَيْنَ فَضلَكَ ؟ 


ا لم 


شد 2 ( كك أو 500 وأسغ 


فريك قد لكر تزاتن ارو الس ا كتف دعل لا وميا زر ات زرا لو 


. وردت في ( ت ,»د ) ؛ الحيا . وفي ( ش ) ؛ وأنفع الحيا ما وافق جَذبا‎ )١( 
(؟) تيك لبيك التعوي: من النحنالقامل», وقد كنيه الصهدي فى تنام المتون طن 151 القفام المي منود مق‎ 
الحسين (0٠756ه/١17م)» وهو غير موجود في ديوانه» طبعه الخانجي ام‎ 
ذا (الشوان أكنى الحيحاة ومالنكه ا ا لاحن‎ 


7 


(؟) مثل عربي مشهورء نصنّه " إن مع اليوم غداً يا سُنْعدَة " . يُضرب في تنقل الول على مر الأيام وكرّها ./الميداني» 
مجمع الأمثال» ج »١‏ ص١‏ *», رقم المثل ١١4‏ . 

(:) سورة الرعدء الآية /7. 

(5) وردت في (تء د) اللاتي . 

(1) البيت للمتنبي» من البحر الطويل . الديوان» ج ؟. ص54 ١‏ . 

() في (ذ) : وليت شعري ما الذنب الذي لم يسعه العفو . وفي (ن) : فليت شعري ما الذنب الذي أذنبت ولم يسعه العفو . 

(4) من قوله : " والجهل .... إلى احتمالك "» غير موجود في إذ . ن) . 

(5) فى (تء د.ء ذء ن) : العدل . 

. في (ت» دء ذء ن) : الفضل‎ )٠١( 

. في (تء شء د) : ففضلك‎ )١١( 

)١١(‏ البيت للبحتريء من البحر الكاملء البحتريء الوليد بن عبادة (17754ه/ 617م)ءالديوان» تحقيق : حنا الفاخوري» دار 
الجيل» بيروت؛ .١545‏ الديوان» ج ؟. ص84 . 

)١6(‏ من هنا يبدأ النص في : الفتح بن خاقان» أبي عبد الله القيسي(559ه/ 75١١م)‏ ء قلائد العقيان» تحقيق : د. حسين 
خريوشء مكتبة المنارء الزرقاء. طاء 1989١م:‏ ج ”.2 ص7١73‏ . 

(14) وهو هئل مشهور» يقرب لمااجاون الحة”. الميداي + مجمع الأمثال؛ ج١1‏ ص51 زقه ا لنقل 2485 ..وريدت: في 
القلائد : قد بلغ الماءً الزبي . 

(15) إشارة إلى المثل المشهور: " حََنْبُك من شر سماعه " يضرب عند العار والمقالة السيئة» وما يُخاف منها. الميداني» 
مجمع الأمثال» ج١ء‏ ص55 .١‏ رقم المثل ٠٠١77‏ ومن بداية البيت الشعري السابق إلى هنا غير موجود في إذء ن) . 


م 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


م 


أمر ت١١)‏ بالسنجود لآم فأبيت واستكيزت !" وقال ل 'نوح:* ( اركب معنا 14" افقلت : 
اق الى حوفي بن اانه الور اليه ولاه وك ا لوي ل ل 
موسى 2316 واعْتّمفت!" على العجل! واعتديت في المّبت 3')» وتعاطيْت فَعَقَرت الناقة 


اذا وامز لت هن الحو 177" تسق لتك لمعنه تمر ة تاوق لوو قياف اذا 
لأثرهقة 0 اكد 0 على ما في الصتحيفة!*"» وتأولت في بَيْعة العقبة [0", 
وكرت إلى العير ببد كي امور" “'! بثلث الناس يوم أححد "'", وتخاة هه عن 


5 عِِ ان ع" عَِ 8 0 5 3 ع و 
)١(‏ وردت في (تء د) : وما أراني إلا لو أني أمرت . وفي إذء ن) : وما اراني إلا لو أمرت. 
(؟)أشار ابن زيدون في هذه العبارة إلى قوله تعالى:#! وإِذْ قن للملائكة اسجدوا لآدم. فسجدوا إلا إبليس» فأبى واستكبر »4 
سورة البقرة» آية 55 ., 


("؟)سورة هودء الآية 57 , 

(:)سورة هودء الآية 5:7 , 

(5) وردت في (د) : الصّرح . 

(1) سورة القصصء الآية 7 وفيها إشارة إلى فرعون حين أُمَرَ هامان أن يبني له صرحا ليطلع على إله موسى . ومن 


" استكبرت... إلى نهاية الآية الكريمة " غير موجودة في إذ) . 

(1) وردت في (تء شء» دء ذء ن» ق) : وعكفت . 

(6) إشارة إلى قصة العجل الذي صنعه السامري لبني إسرائيل . انظر سورة الأعرافء الآية ١54‏ . 

(1) إشارة إلى عقاب الله عز وجل لليهودء في قوله # ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاستين 4 
سورة البقرة» الآية 55" , ْ 

: كلمة " الناقة ' غير موجودة في (ت» شء دء ذء ن) . ووردت العبارتان الأخيرتان في (ن) بعد الآية الكريمة‎ )٠١( 
. سآوي إلى جبل يعصمني من الماء‎ ( 

. وردت في (دء ن) : من ماء النهر‎ )١١( 

)١1١(‏ وردت في (ت) : جيوش طالوت . وفي ذلك إشارة إلى ابتلاء جنود طالوت الذي ورد في قوله تعالى : '( فلمًا فصل 
طالوت بالجنود قال إنّ الله مبتليكم بنهرء فمن شرب منه فليس منيء ومن لم يَطْعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده 
فشربوا منه إلا قليلاً منهم 4. سورة البقرة» الآية 745 . 

. وردت في (ت» شء دء ن» ق) : وقدت لأبرهة الفيل . وفي (ذ) : وقدت الفيل لأبرهة‎ )١1( 

. إشارة إلى قصة أبرهة الأشرم المذكورة في القرآن الكريم سورة الفيل‎ )١14( 

)١5(‏ إشارة إلى الصحيفة التي تعاهد فيها رجالات قريش على مقاطعة بني هاشم قوم الرسول © . انظر : ابن هشام» أبو 
محمد عبد الملك (4+١57ه/؟87م)‏ السيرة النبوية, 0 
القاهرة (دء ت)ء ج 2١‏ ص7/8ا”؟ -7074, 

(1) بيعات العقبة ثلاث ذكرها صلاح الدين الصفديء وقال : " لم أقف ما علمته على أن أحدا من أهل العلم بالسّير تأوّل في 
بيعة من البيعات ... فكأنه قال : أو تأوّلت بعد مبايعتي رسول الله #2 وخالفت قولي بفعل ناقض ما بايعت رسول الله 22. 
الصفديء تمام المتون» ص”57١‏ . ّ 

(10) إشارة إلى غزوة بدر الكبرى/عير قريش . ابن هشامء السيرة النبوية . ج؟. ص5١"‏ » وما يليها 

(14) وردت في (دء نء ق) : وانخذلت . وفي (ت» ش » ذ) : وانخزلت . 

(15) إشارة إلى ما فعله عبد الله بن أُبي بن سلول حين تراجع بثلث الناس عند الخروج إلى قتال المشركين يوم أحدء وترك 
الرسول #6 " وأصحابه لقتال المشركين . ابن هشامء السيرة النبوية» ج؟. ص/7. 


ال 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


عن صلاة!" العصنر في بني قريظة '"ء وجئت بالإفك على عائشة7"؛ وأنفت') من 
إمارة 0 أن خلافة!' أبي بكر [4] فلتة''»ءورويت رمحي من 
كتيبة خالدا”, 7 فقت الأديم اذي باركت يد الله فيدا'” وَضَحيّت بالأشمّط الذي عنوان 


الع وَبَدْلْتَ لقطام 3 


. وردت في (ذ) : صلاتي‎ )١( 

)١(‏ في الأصل : قريضة . و في ذلك إشارة إلى قول الرسول #6 " ( لا يصليّن أحدٌ العصر إلا في بني قريظة »؛ حين 
عزم على غزو ديارهم . ابن هشامء السيرة النبويّة» ج؟. ص59١.‏ 

(؟) في (ت) عائتشة الصديقة . وفي (دء ش) عائشة الصديقيّة . والعبارة ليست موجودة في (ذ) . وفي ذلك إشارة إلى حديث 
الإفك. ابن هشامء السيرة النبويّة » ج "ا ص١75‏ . 

(4) وردت في (ن) وأبيت . 

(5) وردت في (ش) : أسامة بن زيد . إشارة إلى إمارة أسامة بن زيد على جيش المسلمين» وهو مازال صغير السّن . ابن 
هشامء السيرة النبويّة» ج4:. ص717 . 

(5) وردت في (ت؛ شء» د) : بَيْعَدَ» وفي (ذ) : خلافة الصديق فلتة . 

(0) وردت في (تء دء ن» ق) : كانت فلتة . ووردت في (ت)" ومن أدلة القرآن على خلافة أبي بكر "؛ وهي ليست من 
أصل الرّسالة» وإنما هي من شرح الصفدي كما هو موجود في تمام المتون» ص .١18١‏ وفي ذلك إشارة إلى قول عمر 
بن الخطاب 4ه في إحدى خطبه : " لا يغترنَ امرؤ منكم أن يقول كانت بيعة أبي بكر فلتة " . الصفديء تمام المتون» 


ص ١/9- ١728‏ , 
4 إثبارة إلى كرك اب #تجرة الملني» وهر سبلم أن هتوق ين عبد العزدق» و أمه الخياى الفاعزة:؛ من البحر الطويل 
ورويت رُمحي من كتيية خالد 7 كه كشك لكك ا هكد 


ومناسبة ذلك أن الشاعر قد حارب المسلمين بقيادة خالد بن الوليد في أثناء عودتهم من قتال بني حنيفة في حروب الرّدة . 
انظر : الواقديء أبو عبد الله محمد بن عمر (7017٠ه/577م)»‏ الرّدة»» تحقيق : د. محمود عبد الله أبو الخيسر» دار 
الفرقان للطباعة والنشر والتوزيع» عمان الأردن؛ ١115١م:‏ ص١١‏ . وقد ورد أول البيت " فرويت " . وقله : " 
أغمرة 1" يكين بكسر الميم المشدّدة»» يعني أن أفدل بعمن مكل الذي فعلت يطالد» ويزوى" أن أعش "د . 0 
يطول عمري . 

(1) العبارة غير موجودة في إذ) . وفي (ق) : الذي بارك الله فيه. وفي (ت» ش) : عليه . وفي ذلك إشارة إلى 
جز الله حيرا من عنام :وبارنقكحت ذال في ذك الأديم الممرزق 


الشمّاخ بن ضرار (1ه/5:كماء الديوان» تحقيق : صلاح الدين الهادي» دار المعارف» مصر (د ت)ء ص6 : ؛. 
)٠١(‏ يقصد بالأشمط عثمان بن عفان 5ه وفي العبارة إشارة إلى قول حمتان بن ثابت في رثائه : من البحر البسيط 
صتكوا: بأشمط عو السستجود به مج للحن تشيينا زنراتكحا 


ابن ثابت» حمستان (:ه ه /لاكم)ء الديوان» شرح د. يوسف عيدء دار الجيل» بيروت» ام » ص ه5٠١5‏ ., 


11 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


تكن ارو هد ركه وضرب علي بالحُسَام المٌُصََمّم ! 


وكتْت إلى عْمَرَ بن سعد ؟ أن جَعْجِعْ بالحسين"7"!» وتمثلت عندما بلَغني [ ما بلغني ] '" 
وقعَة الكراة: 


ليت أشياخي ببدر شهدوا “ا جَرَعَ الخزرج من وقع الأسل " 
[ قد قتلنا القرنَ من أَثياخهم وجحدة حور اكد" 


ورّجمت الكَغبة وصلَبْت العائذ بها ''' على التَنيّة ا) - لكان فيما جرى علي ما يُحْتَمل أن يُسمَّى 
نكالاء ويُّدذعى - ولو على المجاز - عقاباً (1. 


)١(‏ وردت كلمة " المصمّم " في (تء د): المسمّم. وفي (ن): المُخذم . والبيت غير موجود في (ق). وهو لعبد 
الرحمن ابن مُلْجِمْ الذي قتل علي بن أبي طالب >كرم الله وجهه -» وكان قد تقدّم لخطبة قطام فاشترطت عليه 
أن يَبْذل في صداقها ثلاثة آلاف وعَبداً أو جارية مغنية؛ وقتل علي - كرم الله وجهه - . ورد البيت مع بيتين 
آخرين» ونصه : من البحر الطويل 
ثلاة آلاف وعَ ةذ وقيَْةٌ تحرو بع بالعحيهان اله 


ا بن قتيبة الدينوريء أبو عبد الله محمد بن مسلم (717ه/5881). الإمامة والسياسة. تحقيق : د.طه محمد الزيني» مؤسسة 
الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع» القاهرة (د .ث)ء » ج١اءص ,١ 5٠‏ 

| ؟) تأتي هذه العبارة في إن ن) قبل قوله وبذلت لقطام بض ا وماك اك الو 
إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص عندما انتدبه لقتال الحسين بن علي ذه . الصفديء» تمام المنون» ص؛ ٠‏ ا 

(؟) زيادة في (ش) . وفي ذلك إشارة إلى حَرة واقم قرب المدينة لق رن اتيت لف تلم عقبة قائد يزيد بن معاوية 
بأهل المدينة» واستباح الدماءَ والأموال» بعد أن حلوا بيعة يزيد بن معاوية» ابن قتيبة الدينوريء الإمامة والسياسة. ج؟. 
صا 1-١‏ , 

(:) وردت في (ت) : علمواء في (ش) شهدوا . 

(5) البيت لعبد الله بن الزبعرىء من البحر الرمل» في الدبالمسليوع يمه معركة أحد: إؤرين: اليك الشائن في در 


فقتشنا ال ضتّعف من أشرافهم وقندنلامئئستل تدر فامتححهدل 
ابن الزّبعرى» عبد الله (5اه/"1ام)ء ث شعر ابن الزبعرى» تحفيق ' يحيى الجبوري» مؤسسة الرسالة؛ دمشق» طكتء 
17امء ص 47 ., 


(5) البيت زيادة في (دء ن) . 

[4) كانه" يها" عبن مرجودة في الحش). 

(1) من قوله : " وبذلت لقطام .... إلى هنا" الويوة في [ذ) وقولة #ورعمت القسة .ب شاوه إل حخصياو المقاء سن 
دونك لفكي لمكة ارده وها بالمتيلئق. إفتلة عيذ الله دن اديور ققهاء وسبلية عل القن ابن قتيبة: الإمامة 
والسياسة, ج ”2 ص؟ ١7-‏ . 

(9) إلى هنا ورد في (ق ) من الرّسالة» وفيه : نالني انتقام» وما يُقال إنه عقابء فلم تمتْمّع منه نداءً» ولا وّّع عنه اعتداء . 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 
ا ا 210 مراف ب اتجطاية ونا ا امو 


فكيف ولا ذَنبّ إلا نميمةً أهداها كاشحٌ» ونب جاء به فاسقء وهم الهمّازون المشاؤون بنميم؛ والوشاة 
لقوق للا انقو أن كدر تقا!'" الحمماة. و الهر ٠]‏ الذيرن: لا بتر قو كو ستسيها ءالتما ء [8] الخو 
ذكرّهم الأحنف بن قَيْسء فقال؟' ما ظنك بقوم» الفتئق متخن إلا نينا 


حَلفت فَلَمْ أترك لتفسك رييَة حون واه ال الم ل 0ت 


و والله!'! ما غششتك بعد النصيحة» ولا انحرفت عنك بعد الصّاغية ك2 ولا تَصبْت لك بعد 
التشيّع فيك؛ ولا أضمرت") يأساً منكء مع ضمان تكفلت7) به الثّفة عنك؛ وعَهْد أحَدَهُ حدْنْ الظن 
عليك!"', فلمَ!'') عَبَتْ الجَفاءً بأزمّتي ؟1'') وعاث العفوق!"'' في مواتي!''!» وتمكّنَ الضتياغ من 
وسائلي ؟ ولمّ ضاقت مذاهبي؛ وأكدت مطالبي ؟ وعَلامَ رضيْت من المركب بالتعليق!*"» وقنغت 


. وردت في (ن) : يرى حاسديه له . وفي (ت» شء» دء ذء ن) ؛ له‎ )١( 

. وقيل لعبد الصّمد بن المعذل‎ .17١ البيت للعْتبي - من البحر المتقارب - كما ذكر الصفدي في تمام المتون» ص‎ )١( 
. انظر : ديوان ابن زيدون ورسائله» ص5550»؛ الحاشية ؟‎ 

(؟) وردت في (تء. ش ) : والواشون الذين لا يلبثون أن يصدعوا . وفي (د) : يصدعوا . 

(؛) الأحنف بن قيس هو المشهور بالحلم . 

(5) من قوله : " وهم الهمازون .... إلى آخر البيت" غير موجود في إذء ن)» والبيت للنابغة الذبياني زياد بن معاوية 
5:5 3 من البحر الطويل - الديوان» تحقيق : علي فاعورء دار الفكر العربي» ط١ء‏ 551١م؛‏ ص18. 


(1) 

() كلمة" لك" غير واردة في (تء شء دء ذ» ن) . 

(4) وردت في (تء شء د) : أزمعت . 

(4) وردت في (ت) : تكلفت . 

. من قوله :" ولا أضمرت .... إلى هنا" غير وارد في (ذء ن)‎ )٠١( 
انوروك في ا(خدكن ذفن ] ف فير‎ 
/ 
/ 
/ 
/ 


كلمة " العقوق " غير واردة في ( ذءن) 

5) وردت في إدء ذء ن) : مودّتي . 

) إشارة إلى المثل : " ارض من المركب بالتعليق " يُضرب في القناعة بإدراك بعض الحاجة . الميداني» مجمع الأمثال» 
ج ٠67.0١‏ رقم 15848 , 


و 
( 
( 
ام (تء شء دء ذء ن) ؛ بأذمّتي . 
) كلمة 
( 
( 


51-6 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


من الغنيمة بالإياب!"؛ وغلبني!" المُغلَبُ و فخ على العاجزا"' الضعيفء و لَطمَتني 
يَدُ غير ذات المتوار “ا ؟ ومالك لا تمنمٌ مني قبل أن أفرس 7“ء و تدركني ولمًا أمزتق 7" ؟ أم 
كيف لم تَتَضَرم!"' جوانح الأكقاء حَسَداً [ لي] 'اعلى الخصوص بك وتتقطّع [1] أنفاسْ 
النلن 4 ينتافبنة على لكر اه لذيك 1177 [افكيف: ] 7" وقد وانتي زيل !١'‏ خضطتة» وراقي !11 في 
وَشيُ نعمتك!""» وأبليت البلاء الجميل على سماطك/' ''ء وقمت المقامٌ المَخمود على بساطك("): 


. وردت في (تء» شء د) : بل من الغنيمة بالإياب» إشارة إلى قول امرئ القيس : من بحر الهزج‎ )١( 


وقد و قد طوفت في الآفاق حتّى رضيت مسن الغنيمة بالإياب 
امروٌ القيس . كمم)ء الديوان» تحقيق : مصطفى الشافي» دار الكتب العالمية (دء ت)ء ص ١‏ . 
ومن قوله : " وتمكن الضياع ٠‏ إلى هنا " غير موجود في إذء ن) . 


(*) "العاجز" غير موجودة في (ذ) . وفي ذلك إشارة إلى قول امرئ القيس من البحرالطويل : الديوان»ء ص١7‏ . 
وإنك لم يَفْفَرٌ عليك كفاخر ضصتعيف وَلَم يَعَِكَ مثل مُغلَب 


(:) وردت في (تء. شء دء ذء ن) : ولطمتني غير ذات سوار . وهو مثل من أمثال العرب نصُه :" لو ذات سوار 
لطمتني": أي لو كانت اللاطمة خُرة لكان أخف علي . الميداني» مجمع الأمثالء ج؟؛ ص 2174 رقم المثل 791717 . 
كرت ف رضاء 3448 13+ قرس 
انقرف إلى قزل المدرق الفيدق من ادر اويل 
فإن كنت ماكولاً فكُنَ خير آكل وإلآ فأذركني ولما أمرق 


الأصمعي» أبو سعيد عبد الملك بن قريب (115ه/١ككم)ء‏ الأصمعيّات, تحفيق أحمد محمد شاكرء وعبد السلام 
هارون» طهد؛ بيروت (د .ت)ء ص 5», الأصمعية رقم مه , وقد ورد البيبت منسوبا لشاس بن نهار بن أسودء في 
ص /ا", 

(0) في الأصل : يتضرّم . وفي (ت» شء دء ن) : لا تتضرم . 

لاقي كا ا 

(9) وردت في (تء دء ن) : منافسة في الكرامة عليك . وفي (ش) : وتنقطع أنفاس النظراء منافسة في الكرامة عليك . 
ومن قوله : " أم كيف .... إلى هنا" غير موجود في [ذ) . 


)٠١(‏ زيادة في (د) 

. وردت في (د) :رصم‎ )١١( 

. وردت في (ت؛. شء دء ن) : وزهاني‎ )١1١( 

(1) وردت في (تء شء دء ن) : وسم نعمتك : والعبارة غير موجودة في إذ) . 

. وردت في (تء شء دء ن) في سماطك . ووردت في (ذ) : وأُنلْت الجميع من سماطك‎ )١4( 


54 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


علق ونا" 


لبك الكتوالج فيدك كلد 1١‏ قتضناقة . نس الاتحتة الكانك جذ لجل كنا 
شنا البو الصو "مله متصون ٠١‏ نه [5] تحال الوقن ملحي الجا 


وهل لبس الصباحٌ إلا بُرداً طرئزاثة بفضائلك (. وتقلّدت الجوزاءً إل عقداً فَصَلْتَهُ بمآثرك. 
واستملى الربيع إلا ثناءً مَاذْتّهِ ") من محاسنك 7؛ و نث '' المستك إل حديثاً أذعته عن 
وفاك لل ناور علد د انا 

وإن كنت لم أكسُك سليباء ولا سمتك غفلاًء ولا حلّيتك غطلاً 7" بل وَجَذت آجُراً 
وجصاً قبتيتء ومكان مض ذا سعة فقللت!4", وحاش لله 2" أن أُعَد [ من ] 7" العاملة 
الناضلة» بو أكشوة #انتافة”! "' التي تضيءٌ للناس وهي تحترق7", و لَك !"المقل الأعلى؛ 


. وردت في (ش) : في بساطك‎ )١( 

١ 06 وردت في (تء دء ذ)‎ )١( 

(؟) وردت في (ت» شء» د) : الرتوض . 

(4) وردت في (تء شء د) : ويخال الوشي فيه . 

(5) البيتان للبحتريء أبو عبادة؛ الوليد بن عبيد (537/785م)ء من البحر الطويلء الديوان» تحقيق حسن كامل الصيرفيء دار 


المعارف.ط”؟, (دء ت) ج ”"ء ص185١.‏ ولم يرد البيت الثاني في (ذء ن) . ووردت " منمنماً' في الديوان : مسَهّما , 


(5) وردت في (ذ»ءن) : بمحامدك . 

(1) ضيظها محقق تهام الفتؤن صن:ة؛ #ملأته يفت الثاء.. 

(4) العبارة غير موجودة في إذء ن) ٠‏ 1 

(9) وردت في (تء شء دء ن) : بث . وفي (ذ) ؛ فت 

. وردت في (ت» شء» د): في محامدك. ووردت في إذ) : بمفاخرك . ووردت في (ن) : بمحامدك‎ )٠١( 

. وردت في (ذ) : وما‎ )١١( 

.781 4 مثل عربي مشهور . يضرب في كل أُمْر مُتَعالَم مشهور. الميداني» مجمع الأمثالء ج ". ص 777 رقم المثل‎ )1١( 


. وردت في (ت» ش» د) :ولا حليتك عطلاًء ولا وسمتك غقلاً‎ )١( 
: م١ لمتنبي من البحر البسيط : الديوان» ج27 ص‎ ١ إشارة إلى قول‎ )1١غ(‎ 
وقد وجنت مكان القول ذا سعة فإن وجنت لسناً قائاً قل‎ 


والعبارة من قوله : " وإن كنت لم أكدنكَ ... إلى هنا " غير موجودة في إذء ن) . 
)١5(‏ وردت في (ت) : حاشا لك . وفي (ش) : وحاشاك . 
)1١(‏ زيادة في (ت» شء دء ذء ن). وفي العبارة إشارة إلى قوله تعالى: ! وجوه يومئذ خاشعةٌ ناصبةٌ عاملة 4 سورة 
الغاشية» الآيتان ”2 ” َ 
)١0(‏ وردت في (ت» ش22 دءن) : كالذبالة المنصوبة تضيء 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


00 بلك - وبي فيك - أولى!*ا 

ولعئري7اما جهلت أن ص”ريْدً!" الرأي أن أتحول ["] إذا بلغتي الشمسس”". ونبا بي 
المَنزل)» وأصتقح!'! عن المطامع التي تُقطعٌ أعناق الرتجال!'', فلا!'' أستوؤطئ العَجِز!"", 
أطمئن إلى الغرورا”"؛ ويُضرَبْ في الأمثل/*"! :" خامري أمَ 
المتوقة ب الساكوايه :")4 والحطة ف" 


نا ةا و[إني] “امع 


)١ |‏ إشارة ا د لحف ا ع 


ابن الأحنف » العبّاس (1117ه 7٠١5/‏ م) ء الديوان» شرح أنطوان نعيمء دار الجيل» طاء 1996١م.‏ 


(؟) وردت في (تء شء د) : فلك . 

(") وردت في (ت.شء د) : وهو 

(:) من قوله : " ولك المثل ... إلى هنا " غير موجود في إذء ن) 

(5) وردت في (ت» ش) : ولعمرك . ووردت في (دء ذء ن) : وفي فصل منها : ولعمرك ...الخ. 
(5) في (ذء ن) غير موجودة 

(1) إشارة إلى قول أبي تمّام من البحر الطويل : شرح ديوان أبي تمام» ج؟١.ص5١٠‏ 


وإن مصريح الرأيّ والخقزم لاشرءٌ إذا بلَعلآَلة ال شس أن يتحولا 


)0( إشارة إلى ما نسب إلى عنترة بن شداد بن عمرو العبسي (دثكم) البحر الكامل» الديوان» ص ”77١؛‏ شرح وضبط ؛ د 
عمر الطباع؛ دار القلم للطباعة» بيروت . 
امتلذر نجسل التممتوة لز كخاتمل “ونه وإذاافسا بتك متستول فتخول 


. 4 3 و 
(9) في (ذءن) : وأضرب . 
)٠١(‏ إشارة إلى قول البَعييث المُجاشعي من البحر الطويل . الصفديء تمام المتون.ء ص 7١؟,‏ 
طمَكفت بليلى أن تُرِمّع وإتما تطغ أعناق الرُجال المَشَامغ 


. وردت في (نء ن) : ولا‎ )١١( 

)١١(‏ إشارة إلى المثل المشهور :" العَجْزٌُ وطئ " . بُضربْ لمن استوطأ مركب العجزء وقعد عن طلب المكاسب والمحامد 
ولف ترز جقه مفافة الحصوة + الميذانن» مجمع الأمثال: علخ عن :ارقم الم اه . 

. العبارة غير موجودة في [ذء ن)‎ )١5( 

. وردت في (تء ش) : ومن الأمثال المضروبة . وفي (دء ذء ن) : فيضرب بي المثل‎ )١5( 

(14) مك تمتيون يسبرن للاي براغ ين كل قتي كنا . الميداني» مجمع الأمثال» ج ١ء‏ ص358, رقم المثل ١7508‏ . 

)15( 


5 زيادة في (ت. شء دء ذء ن)‎ ١ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ومن يُغترب عن قومه لم يمزل يرى مصارع مَظلوم مجر و ممتحبا 
رفك ا" اأنسة السادت بو كو َك ما أساءَ النارَ في رأس كيكب "ا 


- عارف!" بأن الأدب الوطن لا ينبغي'"فراقه؛ والخليل لا يُهُوى زياله!", والنسيْب لا يُجقى!"/, 
وحنل ل 0 

ثمّ ما قران السّعد بالكؤكب''" أَبْهى أَثَراء ولا أستى خطراء من اقتران غتى النفس بالمراء 
'"'. وانتظامه!"' تقاً مَعَهء فإنَ الحائز لَهُماء الضارب بِسَهْم فيهما - وقليل ما هما“ أينما 
توجّه ورد منهل بر7*”" وحطّ في جِنَاب قبول!"'!؛ وضنوحلك قبل َال رتحلها"", و أوتي'"! حك 


. في (تء د) : أن الجلاء سباء‎ )١( 

, ”7.- 5١5 من أمثال المولدين كما ذكر الصفدي في تمام المتون» ص‎ )١( 

(؟) في (ت»ء ش » د) وفي الديوان ص١7‏ : تدفن . 

(4) وردت في (ش) ؛ يُسَأ . 

(5) البيتان غير موجودين في (ذء ن) . وهما للأعشى الكبيرء من البحر الطويل؛ والبيت الأول ملفق من بيتين في القصيدة» 
والنص في الديوان : 

متى يغتتدرب عن قومه لا يجذدا له على من له رهفقط حو اليه مغضيا 

وتدفق منه الصالحات وإن يسيء يكن ما أسةة الثار في رأس كبْكبا 


الأعشى الكبير» ميمون بن قيس (1ه /م) تحقيق» الديوان» تحقيق : محمد محمد حسين» مطابع مؤسسة الأهرام» 
القاهرة, (دء ت)ء ص 1: .١‏ 


(5) في (تء دء ذء ن) : لعارف . وهو خبر إن في قوله : " إني " السابقة 

() وردت فى (ت,» شء د) : لا يُخشى . ووردت في (ذء ن) : الذي لا يخشى . 
(4) وردت في (ت» شم د) : والخليط لا يتوقعٌ زياله . ووردت في (ذء ن) : والخليط الذي لا يتوقع زياله . 
(9) وردت في (د) : والنسب الذي لا يخفى . وفي [إذء ن) : والنسب الذي لا يجفى . 
(١٠)وردت‏ في (د) : والجمال الذي لا يُجفى . وفي (ن) : والجمال الذي لا يخفى . 
)١1١(‏ وردت في (ت» شء» د ن) : للكواكب : 

. وردت في (ت» شء دء ن) ؛ به بدلا من (بالمرء)‎ )1١( 

(1) وردت في (ت». شء» دء ن) ؛ وانتظامها . 

. من قوله : " والجمال لا يخفى إلى هنا " غير موجود في إذ)‎ )١5( 

. وردت في إدء ذ) : ورد أعذب منهل‎ )١5( 

(1) وردت في (د) : وحط في جناب قبول فنزل 

)١0(‏ إشارة إلى قول حاتم الطائي : من البحر الطويل 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


حُكمّ الصبيّ على أهله!"ا 
[4] وقِل له: أفلا وسَهلاً ومَرْحَهِا فهذامبيت صالح و متيلا" 


غير أن الوطن مَألُوفء والمَنشاً مَحبوْب©). واللَّبيبْ يحنُ إلى وطنهء حنينَ التجيب إلى عطنه 
والكرِيْمُ لا يجفو أرضاً بهالة |اقوابله» ولا يَْسَى بدأ فيهاا '' مراضعًهء قال الأول !"ا 


أحبُ بلاد الله من بَيْن منعج الج ويحادئ أن طون مكايا 
بلاد بهانيْضّت علي" تمئمي ا ض مس جلّدي تر الت ةا 


هذا" إلى القالات. ملق 1"'! اجوان قد ومدافيكة :ينكل "من ترتقه:: عفادي" أن :اشع في 


اوناك محسقن تنكل لجار ال رسن ويكحهيا بدي والفسكي سنح 
وماالى لخصب للا ضياف أن ير القرى و لكثفا وجا اكججرونه 8 خصيب 


الطائي» حاتم بن عبد الله (45هم ): الديوان» تحقيق د.عادل سليمان مكتبة الخانجي» القاهرة, طى ام ص7 51, 
والبيتان غير منسوبين في البيان والتبيين . الجاحظء أبو عمرو عثمان بن بحر(ه5"ه /كم)ء البيان والتبيين» دار 
الفكر للجميع (د ادع لفن 
ا 00 
(؟) كانت العرب تقول : نزلنا على فلان» فجعل لنا حكم الصّبي على أهله . الصفديء تمام المتون, 771 
(؟) وردت كلمة " مقيل " في (دء ذ» ن) : صديق . وقد ورد البيت في البيان والتببين» ثثج ١‏ ص ١‏ اعلى النحو الآتي : 
فقلت له # امحصلا وشتهلا وموهيحهتا فيحتنة يتك ممحتالة وصحصطديق 


والبيت لعمرو بن الأهتم (251ه/177م)من البحر الطويل . شعر الزبرقان بن بدر (145ه/555م)., و عمرو بن 
الأهتم» دراسة وتحفيق ؟ سعود محمود عبد الجابر» مؤسسة الرسالة»بيروت» طى ه187ام . وقد ورد 
على النحو الآتي : 

فقلت له : أهقلا وسهلا ومرحبا فهذاص بوحٌراههنٌ وصديق 


والبيت من قصيدته القافيّة التي أولها 


(4) وردت في (دء ن) : الموطن محبوبء والمنشأ مألوف . وفي (تء ش) ؛: الوطن محبوبء والمنشأ مألوف . 

(5) وردت في (ت» شء ن) : فيها . 

(5) وردت في (دء ذء ن) : فيه . 

(1) غير موجودة في (د) . ووردت في (ن) : وأنشد قول الأول . 

()ورقت في (ذ:ش :ده ذءن) : عق الشباب : 

(9) البيتان لرقاع بن قيس الأسدي من البحر الطويل : ابن منظورء محمد بن مكرم (١١/اه/١١17م)‏ لسان العرب» مادة 
(نوط). 1 

. وردت في (ت) : لعقد . وفي (ذ) : مع مغالاتي بعلو جوارك . وفي (شء د) : بعقد . وفي (ن) : في تعلق‎ )٠١( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


غيرك طبع والغناء!' ممّنْ سواك عتاء!"ا . والتتل منك عوزا؛ والعوّضْ عنك !"ا 


أفاء لا ' 
و استعرق إتكن انحوي نفك فال كسد طسو لحن لمر وا 


ك1" الصكة ف ,توفت الدزة)! "لوقي كل «القلون انان 211 واتدلجة المراح انفكا 71 ماهد 
اللؤاعة جا بن رتك 0" اجو انيل من :1177 كن نشول انلك 0061 نيلة 71 لكام فوراك فيية اكاك فيك : 
[ووضاك لمن رغناة لف ] 7 

عو )10) 


[1] يا مَنْ يعزٌ علينا أن نفارقهُمْ وجدَاننا كل شنيء بَعدَكم عدم 


أعيذك بتقسي”! من [ أن |" أشيْم خلباًء وأستّئطر جَهامأ وأكدمَ في غير مكدءا"'", 


) وردت في (دء ذء ن) : ومنافستي في الحظ . و في (ت) : ومنافستي بلحظة . وفي (ش) : ومنافستي للخلطة. 

) وردت في (ش) : والغنى ممن . وفي إتء دء ذء ن) : والغنى من . 

) وردت هنا في (تء ش) عبارة " وكل الصّيد في جوف الفرا "» وستأتي هذه العبارة في موضع لاحق من هذه الرسالة. 

5) وردت في (ت» ش» د» ن) : أعور .وهو مثل مشهؤر نصنه : بَدل أعوز ,يبرب لكل من لأ يُرتضى بدلا من'الذاهب. 
الميداني» مجمع الأمثال» ج ١ء»‏ ص١4.‏ رقم المثل 577 . 

(5) غير موجود في (تء شء دء ذ» ن) . : 

(5) مثل مشهور نصّه : أعطاني اللفاء» غير الوفاء . يُضربْ لمن يبخسك حقك ويظلمك . الميداني» مجمع الأمثالء ج25 
ص؟١.‏ رقم المثل 75١7‏ . 

(0) البيت لعدي د بن الرتقاع (١٠٠ه/18”/م‏ تقريباً)» من البحر الكامل . ديوان شعر عدي بن الرقاع العاملي (رواية 
ب العباس أحمد بن يحيى بن تَعْلَب الشيباني (751ه/5١3م)‏ : تحقيق د. نوري حمودي القيسي و د. حاتم صالح 
الضامنء؛ مطبعة» المجمع العلمي العراقي» 507 1٠ه/19417١م؛‏ ص17 . 

8) وردت في (تء ذ) : وكل . 

؟) مثل عربي مشهورء يُضْرّبُ لمن يُفَضتّل على أقرانه . الميداتيء مجمع الأمثال» ج27 ص 175, رقم المثل ١‏ 

. وردت في (شء دء ذء ن) : وفي كل شَجَّرٍ نار . وفي (ت) : وفي كل شجرة نار‎ )٠ 

)١‏ وردت في الأصل : والغفار. وهو مثل مشهور نصّه : في كل شجر نارء واستمجد المّراخ والعفار . يُضرب في تفضيل 

بعض الشيء على بعض . الميداني» مجمع الأمثال» ج”؛ ص 5لا رقم المثل ١5ا؟.‏ 

قي :(ن)” تولك 

) " منك " غير موجودة في (ت» شء دء ذ) . 

اوونع ف (خدقن ):: والمل عم ل ميل كلك 

) وردت في (تء شء دء ذء ن) : وهلا . 

( 

( 

( 

( 


! 
! 
! 
! 


زيادة في (ت» 225 د نع ن) . 

وردت في (ت» شء دء ذء ن) ؛: ونفسي . 1 

)١‏ زيادة في (دء ذء ن) وقد أغفلت هذه المصادر حرف الجر (من). وفي (ت) : من أن . وفي (ش) : أن أشيم خلباء أو 
أستمطر جهاما. 

)٠١(‏ في (ذء ن) : وأكدم غير مكدم . وفي (ش) : وأكرم غير مكرّم . وهو مثل نصه " كدمئت غيْرَ مكدم " . يُضربْ لمن 
يطلب شيئاً في غير مطلبه . الميداني» مجمع الأمثال» ج ؟.» ص79١,‏ رقم المثل ."057١‏ 


52 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


وأشكز 00 الجريح إلى العقبان والرّخم!'! فما!" أَبْسَنت لك" إلأك) لتقدرء وحركت/" لك 
الحوار إلا "١‏ الكهرة قدو شيك إلا لكل !"ا وستريتك "إلا لكك الناوي لنيكا اقم لقعي 
)0 


من سه ؛ ومتى أعذّرت في فلك أمئري لم يتعذرا ''؛ وعلمُك مُحيْط 


بأ ككف 15و[ الكيةة و الشقافة ب كا الم وق فطال «السان كي ااانه ردقه , 


ا ا 0 محف لكافة: ككانها ل اله 


ع 


ملكي 7011 لفحي شطيشان فنك ال افير لوانتي الو مي لتك وق 1" 
جني شكري من غرس عارقتك» ويُستطاب"") عرف ثنائي من رض صنيعتك!* وأستأنف التَأحُب 


(١)إشارة‏ إلى بيت المتنبي من البحر البسيط : الديوان ١77/4‏ . 


ولاتشك إلى خلق فت متهم شكوى الجريح إلى الغربان والرًخم 
)١(‏ في (ذء ن) : وإنما 
(؟) في (ش) :- بك , 
(؛) غير موجودة في (ن) 
(5) في (د) : وما حركت 
(5) غير موجودة في إذء ن) . وهذا مثل مشهور نصه : " حرك لها حوارها تحن" . ومعنى المثل ذكرهٌ بعض أشجانه يميج 


لها . الميداني» مجمع الأمثال» ج١.»‏ ص١15١.»‏ رقم المثل ٠١١5‏ 
(1) في (شء د) : وما نبّهتك إلا لأنام . والعبارة غير موجودة في (ن).» وفي العبارة إشارة إلى قول بشار بن برد من البحر 
المتقارب : بشار بن برد(لا5اه/ ؟للام)ء الديوان» شرح حسيز الحموي» دار الجيل؛» بيروتء طاء 5امء ج323 


ص 444 
إذا أَيقظة_ق ك مسر وب الع دا ل سن 6 


(4) وردت في (ت) : وسريت إليك . وفي (ش) : وما سريت لك . وفي (د) : وما سريت إليك . وفي [ذ) : وسريت إليك 

(1) وردت في (ش) : السّرى إليك . وفي (ن) : سريت لكء ليُحمد المسرى إليك . وهو مأخوذ من المثل المشهور : " عند 
الصباح يحمد السترى " يُضربْ للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة . الميداني» مجمع الأمثال» ج7:» ص", رقم المثل 
سرض 

)٠‏ غير موجودة في (ت)ء وفي (دء ذ» ن) : بعد اليقين 

)١‏ وردت في (ت) : وإنك إن شئت عقد أمر تيسّر . وفي (ش) : وإنك متى سنيت عقد أمري تيسّر. 

وردت في (ش) ؛ لم تتعذر. 


وردت في (ت» شء دء ذء ن) ؛ ثمّرة . 


,.3١ في 1 0 أسدى ا لأبي 0 من البحر الكامل» الديوان» ج22 ص‎ ١ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وأستأنف التأدُب بأدبك!"؛ والاختمال!'' على مَذهبكء فلا أؤجد للحاسد ]٠١[‏ مجال لحظة؛ ولا أدّع 
للقادح مساغ لفظة» واللهُ مُيسّرك من إطلابي بهذه!" الاير فكتي ول يده اللفكريي يقر 


تُصيبُ بها طريق المصننع!"؛ ومنة شَنتودعها أحقظ سُنتودَع!') حسبما أنت خليق له وأنا حَريٌ 
مقف وي 1 وذلك بيده» واغى عليه عن ١1‏ 0 
ولما توالت غرر” هذا النَثْرء واتسَقت دُرره؛ فهزت عطف غلوائه؛ وجَر ذَيْلَ خيّلائه؛ عارضَتة 


النحله!"'! اشتاخياً "بل كايّدة تذاهياء حين أشنق م #1 يعتلتك !1 التتقطافه وايميل ينشساف الذافة 


الاو :"تركس انر كذ انالك نوات ورا انل 151 وتتقة إل نا" تابمل 
ا 0 ال ا ا ا ال 


)١(‏ وردت في (ش) : ويستقر النوى في ظلك . وفي (دء ذء ن) : وتستقر بي . وفي ذلك إشارة إلى قول المعقر بن 
أوس ابن حمار البارقي حليف بني نمير : من البحر الكامل . الصفديء تمام المتون» ص 555. 
فألقت عصاها واستقرٌ بها النوى كما قر عَيْناً بالإياب المافِرُ 
0 
5 


(1) وردت في : (دء ذء ن) : فتستلذ جني. 

(") وردت في : (دء ذء ن) ؛ وتستطيب . 

(؛) من قوله : " ويستلذً جني .... إلى هنا" غير موجود في (تء ش ) . 

(5) وردت في (ذ) : فأستأنف التأدب بك . 

(5) وردت في (ذ) : والاحتيال . 

() وردت في (ن) : هذه . 

(4) وردت في (ت؛ شء د) : بصنيعة تصيب منها مكان المصنع . وفي (ذ» ن) : لصنيعة تصيب بها طريق المصنع . وهو 
مأخوذ من قول أحد الشعراء : من البحر لكامل . الصفدي تمام المتون» ص/71717 , 

إن الصنيعة لا تكون صنيعة 00 

(9)" ومنة " غير موجودة في (ت) . وفي (دء ن) : ويد . وفي إذ) : وقد تستودعها . وفي (ش) ؛ وتستودعها أحسن 
مستودع . 

00 دوت فى [فنقن نبنة رن اناس خريب: 

)١1١(‏ وردت في (تء ش ) : وذلك بيده وهيّنٌ عليه . وفي (د) : فذلك بيدك؛ وهيّنٌ عليك . وفي (إذ) : فذاك بيدك» وهيّن 

ليك ..وقي دا :فذلك بيده وس طية. إقار». إلى اللاي العرضة :ل هى نطدرة هت 4 نويه مرورة القدة: 


(؟١١)‏ وردت في (ت) : بالنظم . وفي (ش) : عارضها النظمْ . 

(؟١)‏ في (ت 4 ال ري 0 

141 ورنك في زث ت) : وتميل بنفسك إلطافه» فاستحسن. وفي (ش) ؛ فاستحسن . 
(15) وردت في (تء شء دء ذ) : واعتد بالفائدة . 

(15) وردت في (تء ش) ؛ فما زال . 

(10) وردت في الأصل : يستكدُ للذهن : وفي (ذ) : يستكره الذهن . 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 
الخاط را "لجنل اح نيحا إلبتدك ليكا"! عروساً مَجلوة في أثوابهاء مُنصصة في 
حليّها!"! وملابها!؟ 


ةا 5 أعزتك الله ىت 26 الأمل» ويسظتيا لفحل لها ذف المتصدينة ورف 
الإخلاص» فَهّبا ذنباً لخرقة» واشقغ نغمَة بنثمة» ليأتي الفضل من جهاته :]١1[‏ وتسلك” إليه من 


طرئقاته”" , 

1 و 7 8 و2 1 1 ى ذاكَ : م 
ا 0 تلك النجوم والمتئى في فب وب ذاك اللنسيم 
[ ومنها ] !"ا 
و 
وطجرك هنا اتقحخس الجن أن فتكت مجحل محا شائتة بالححدذمم 
إذ 0 قفتن له ومزاج الوصال من تمنيم !"ا 
8 إلة )001 
اسح ماد سمو ال د * ل ل ل 
)١(‏ وردت في (تء شء دء ذ) !والخاظن »روك تدكن كلمة يفدكد + 
(؟) وردت في (ت) : حتى زف إليك . وفي (شء دء ذ) : حتى زف إليك منه . 
(؟) وردت في (تء د) : بحليها . وفي (ش) : بحليّها. 
(4:) وردت في (ت) ؛ ملابسها . و من قوله : " ولمّا توالت ... إلى هنا" غير موجود في (ن) . 
(5) وردت في (ت): وهي . وفي (ذ) : وها هي . ومن هنا إلى نهاية النثر ورد في (تء دء ذء ن) بعد القصيدة . 
(5) وردت في (ت»ء د) الحا لك الإسسدان تن تجهافية وتسلك إلى الفضل طرقاته» إن شاء الله تعالى . وفي (ش) : ليتأتى 


لك الإحسان من جهاته» وتسلك إلى الفضل من طرقاته . وقد ذكر في (د) مطلع القصيدة» ومن ثمّ أحال في بقيّة الأبيات 
على ديوان ابن زيدون . ووردت في (ذ) : لتأتي الإحسان من جهاته» وتسلك إلى الفضل طرقاته إن شاء الله . 


(19) ووردت في (ن) : لتأتي الإحسان من جهاته» وتسلك الفضل من طرقاته» إن شاء الله تعالى . 
(8) القصيدة على البحر الخفيف . 

(9) زيادة في (دء ذ) . 

. 71 إشارة إلى قؤله تعالى : ! ومزاجه من تسنيم » . سورة المطففين» الآية‎ )٠١( 

. وردت في (ت) ؛: وعريض‎ )١١( 

(؟١١)‏ هذا البيت والبيتان السابقان عليه لم ترد في (ذء ن) . 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


زار صُنْتَخفيا وهيهات أن يخفى سنا !"ا 
نوقحتئ الحلحن ‏ [ا :ماناو هفك الطيعنة 


البحجدء مووي حم فلي 
فحنا جوري اللحكدر اتاد ححة 


١١ [‏ ]وهو الدّهرٌُ ليس ينفك ينحو 
١‏ اك ل ا 1 1 لا 
الت 0 
فلّدالغشرٌ ذا التجارب فيه 
[أنوة الروض تطبيكَ 21 
مك اك( | كن 
ما غنائي ''" أن يألف السابق المَر 


ا 0 لحُسامٍ في الجفن يَثلي 


اقنش فحني الف تلام النهسحتيع 
إلى حس '" كاشح ب النميم 
" ليس يومي بواحد من لتو 6 
والشمس هما يُكسفان دون اتوم 


بالغصاب العظيم نحو العظيم 
د د في السسّرو [ و] 7" اللباب الصميم 
ركان" الكستوس وفمق!"! العسنوة 
واكتقفى جاهل بعلم عليم '"" 
خلق برعو هلق وسيم 
نظر - ما اغتمَاقة - وشميم]'" 
والععصا بَدءٌ قراعها للحليم '"" 
بط في العتقٍ منه والتطهيم 


. وردت في (ت) : وردت في (ذ) : سُرى . وفي (ن) : يختفي سنا‎ )١( 


. وردت في (ت) : حيئن‎ )١( 


وابلائي من حادث وقديم ! 1 


3 كلمة (سلّم) مَحْو في الأصل . 
04 وردت في (ذءن) : الفضل , 


0 ) وردت في ( د) : العليم . 


5) زيادة في (د) . ووردت في (تء ذء ن) : السّر . 


. زيادة في (ت) . وقد أخذه محقق الديوان عن (ت) وجعل اعَتَمْرتَه مكان اعتمدته‎ )١ 
)اتضيمين: للمثل العربي" الذي نضتة: :"إن العضا قرعت لذ الحلم " > يُضَرْت المثل :لمن إذا نيه انقبه:‎ 
0 صا" رقم المثل‎ 2١ الميدانيء مجمع الأمثال» ج‎ ) 3” 


الرسالة الجديّة لأبي الوليد أحمد بن زيدون (1545ه/١7١٠م)‏ عبدالحليم الهروط والدكتور محمود صالح 


وتتاجني نحن للحي" ييتحك تكأت بالكلوم قراح الكلوم كا 


ادغ لج محا 1 3 و , | ١‏ كه 5 5 به 0 2 2 | تق 

نار بق سحوى: !"1 إلحى 'جحة الأمتن لظاها ") فأصبحت كالصريم "ا 
بحَاني نت إن د شأّ ةك ورد ود لاما كثر إبير اهيه!' "ا 
[ ؟١]‏ للشفيع الثناء» والحَمْدٌُ في صَك' ب الحيا للرياح لا للغيوم 
وك شان ان نعي ا 31 ار 
حل الك 1 ل كك اكد وندو نت النقام مضني المدويدة ) 

(15) 
ووقاة تتح امسر يبنا تيتا ء» ويبقى بَقاءَ عَيْد الكريم 


وردت في (ت) : غناءٌ . وفي (د) : عسي . 


8) وردت فى إذء ن) ؛ الأرض بياتاً . 
)٠‏ إشارة إلى الآية الكريمة : # فأصبحت كالصريم 4 . سورة القل الآية 7١‏ . 

. فى الأصل : تلك‎ )١ 

؟١)‏ إشارة إلى الآية لكريمة : 8 قلنا يا نار كوني بَرئداً وسلاماً على إبراهيم © . سورة الأنبياءء الآية 14. 
١‏ ) وردت في (تء د) : يُذلل لي الصّعب . 

4 'ازيادة في (د) . ويرعم : يرعى ويراقب . ولعلها يرغم الجقاءٌ لديه . 

. وردت في (د) : مثابي‎ )١5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ا نك الت د كد عن عَنْ شوقه ولَهْو المٌقيم 7 
ل الام ومته "١‏ محواع كناس اندي 

لم يزل مُغضياً ('! على هفوة الجا ني مُصيخاً إلى اعتذار المُليم /*) 
ومَتّى تبدأ الصّنيعة يَولفك “ا تام الخفصال ب اتتميم 
والكنا إن وحدة بوضتى اله على سحن ال و لقانم 

وَكْهايَة الرسالة فى (ت) :هذه ال بمالة الزيدوئئة تجملتها نثزا ونظماء متقولة مق خط 


. ورد هذا البيت قبل سابقه في (ت)‎ )١ 
/ . ؟) وردت في (د) ؛ فيه‎ 
. ؟) وردت في (ت) : لم تزل مُغنيا‎ 
. وردت في (د) : الكريم‎ ): 

5) وردت في ( ت) ؛ يوليك . 

5) كلمات غير مقروءة . 


! 
! 
! 
! 
! 
! 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل 
د. عبدالله عنبر * 
تاريخ تقديم البحث: 7٠١5/١١/5‏ تاريخ القبول: ٠٠17/7/٠١‏ 


ملخص 

تشكل النظرية الأسلوبيّة منهجية لارتياد أشد المناطق خفاءء فهي مقاربة لاجتياج عالم الغياب لتجلية مرامي التمايز عبر مرامي 
الاحتجاب. ويصدر هذا البحث عن فكرة مؤادها أن الأسلوبيّة بحث عن المعنى الإضافي الذي يجعل اللغة لعبة جمالية تعتمد الخفاء 
في تشكيل التجاوز تحقيقا لتموقع خاص يقوده العدول المؤسس على التفرد. وتستند النظرية الأسلوبيّة إلى استراتيجية مدارها الوحدة 
العضوية التي تبلغ غايتها القضنورىوفق تخطيط :ردول العناضو ثرالا يتخ آفاق التحكم الذاتي. إذ تعتمد على تماسك نصي يتيح 
الهيمنة على عناصر المنظومة ويشكلها تشكيلا يعلو عليها. فهي بيان عن أعلى درجات التنظيم لمجهول البيان ضمن مغايرة مفادها 
تشكيل اللذة الجمالية وفق منهجية عنوانها الإشراق والتجلي عبر الامتاع والتخفي المضمر لفتنة النص عبر عالم الغياب. والملاحظ أن 
الأسلوبية تستعلي في رصد مرايا التجاوز التي تخطف جمالية التلقي عبر مرايا التجلي. وتتجلى الإبلاغية وفق تصور كلي يضع كل 
كلمة في مكانها الذي يليق بها. وهذا يعني أنها قدرة اللغة على التأثير والعدول وامتلاك الدينامية المؤلفة للانفعال الوجداني في سياق 
لذة النصء ويسعى التماسك النصي لاكتناه ما يجعل العناصر اللغوية تشكل مجموعا منظما يقام على نحو دون آخر وفق نظام مداره 
تتابع العناصر في نسق. وتوصل البحث إلى أن التشكيل الاستعاري إعادة إنتاج للعلاقات بطريقة تتقل الألفاظ من الوجه الظاهري إلى 
وجه آخر يقيم الرمز عالمه السحري من خلاله؛ إنه قصة التوغل في عالم المجاز مما يشكل تكوثراً أسلوبياً مائزاً لأشكال الإنجاز. 
وينتظم هذا البحث ضمن خمسة أبعاد جاءت على النحو الآتي: 
الأول: العدول الأسلوبي بين الاختيار والتوزيع. 
الثانى: التماسك النصى ومظاهر الوحدة العضوية. 
1ف لنظرية الإدالاضة ومررلا التماروة اسرد 
الرابع: اللغة الشعرية وفرادة التشكيل. 
الخامس: التشكيل الاستعاري ( دراسة أسلوبية) 

1ه 


©0112 ) لقتاادع'1' “101 13121115 0عع ةق 1017521:05 1ع7:023ممرخة 1:21ناأعنا )5 :511515 ]01 تإتتامعط1' ع1" 
10151 01 12015101211 عط لد 

01 170110 عغطا م0 طاعة10م27 تنه 15 غ1 ععطاذ صمع100ط غأ5مط2 غطا 7م0150 م10 كمدعمط عطا كامعدع ]مع دع1ا15 ازاك 
غ2ط) مع10 عطا مه لع625 15 لاعتتدعوع] امعدع1م ع1" .لماع اطلطة لاع تامغخطا 7211210 1122071 10 0لاممكلطمنا عطا 
5 ,مع11221م علأعطاوع2 32 12]0 ع13250138 كمتنا طاعتط؟؟ عمتصدعمط 200110021 عطا عمكاعء5 كمدعمط 55115165 
-12019101121167 طه نإ 0ع10ناع عع12م 1ه1اعءم5 2 10 عمتطاعدع] ,0112100 ع1ا15ناع 10[ عطتده1 صا طاعده]ممة علاأطناد 2 
01 1201910112117 عطا عتكاءء5 ,220100 تمدع 0 ع5:!15ا5 01 كاعتكع1 أدعطعتط عطا 5015 غ1 .ععمقلدط اعقو 
م وكلة 15 غ1 .10151021100 علاأعطاوعهة 1013105 ع1265538 عطا عطاتزء025ك /([مططتاد 0ملزء5 ع12مع ,دمماووع1معء 
17 10133505 طلدم 2 101101125 ,ومتاعع لمعم علاأعطاوعد عطا علاعتطعة ما تتعلنه صا عماعط؟ آأه ممتكهمامنىن 
عتطدع 01 عطا غهطا 50155 لاأعتمعوع1 عط]!' .عع 2نامع 0د[ 01 كعناع[أطاتاد عطا ع101مءء م1 1001 2 كاأمعدع رمع د5ع1ا15 ازاك 
عط 501776102125 ,]221 0152112 312 02 5250 15 غ1 ع5120 01ختامم» كاعد 01 دام 2 ماع تامغطا 0اء 15 وع7اع1اعة نرأتمنا 
لوع1مطمةاعطط عطا دعلتااعصا 3150 غ[آ .أمعصممعاء 1013105 غ1 علد 1م1ع1 ,112أ02 ع138ا1328[ عطا 01 5امعمرعاء 
0105 1آع1287 1112121ءم1ا5 عطا 010 25133 5ع1]]6122 ع1أذ1ناع طلا 01 ع تقتطدعطط عطا د5ع2001 أقطا متلمصتره1 
ع1 ع1أطتاى ممه عمعع0 لاعتامط 

:5 11176 01101108 عطا مغمآا لع01110 15 لاعتتمءدع1 المعوع 1م عط 1' 
220 عع01طاء عع اع 1200111226101 عنا15ا1-5 
.0177 عتممع 01 01 كاععم35 320 ععمع ت1عامه 131اعه 1' -2 
511516 01 5اعءم35 لله عتاماء -3 
051 1201910112117 2120 ع3251135آ عناءع0 -4 
50107 عتاكناا؟) ممتتممتره1 عتتمطامماء/1 -د 


* قسم اللغة العربية وآدابهاء الجامعة الأردنية. 


حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة» الكركء الأردن. 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


يصدر هذا البحث عن فكرة مؤادها أن النظرية الأسلوبّية رصد للمظاهر الجمالية للغة بحثا 
عن المنطقة العليا التي تولي الابتعاد عن النمط وجها خاصا في البيان عن المقصد. وتسهم هذه 
النظرية في البيان عن المعاني الإضافية التي تجعل اللغة لعبة جمالية تعتمد الخفاء في تشكيل 
التجاوز المؤسس على مظاهر التفرد. فهي بيان للتأثير الدلالي الناتج عن وظائف الأنظمة البنائتية 
في تشكيلها للوجه الجمالي وفق منهجية عنوانها الإشراق والتجلي عبر الإمتاع والتخفي. 

وتسهم هذه النظرية في اكتناه الرصيد المعجمي للنص بحثاً عن القيم التأثيرية التي يحتكم 
إليها في الإبانة عن المقصد. ومؤدى هذه النظرية تعيين ملاحظ القوة للأبنية للبييان عن تجليات 
الأسلوب في قدرته على التعبير عن المعنى. 

وتشكل النظرية الأسلوبّية بحثا عن المرجع الحاضر في كل البنى كشفاً عن مستويات إنتاج 
الدلالة التي تنتظم ضمن إطار ذهني يحكم كل المكونات في نسق. وتظهر طرق اتصال علاقة 
الدال بالمدلول توضيحاً للمرجع الدلالي الذي ترتد إليه الإشارات بغية تشكيلها للمقصد. فالأسلوبية 
رصد للمغايرة التي تمارسها النحوية على خارطة النص الأدبي إذ تبدأ من الاختلاف الذي تفرضه 
البلاغة بطريقة تعيد إنتاج المعرفة وفق ملاحظ التمايز. وهذا يوضح أنها تؤلف توظيفاً خاصا 
للإمكانات التعبيرية وفق اختيار ايحائي يمنح الألفاظ فرادة تشرق من خلالها البنى. وتكاشف 
الأسلوبّية المرجع المسؤول عن لعبة المفارقة للإبانة عن اختلاف درجات المعنى ضمن آفاق 
التجاوز. فهي استشراف التباينات التي تعلي من قيمة التجانس في اقتناص الدلالة الناتجة عن إدراك 
المتنخيل الذهني الذي تنجذب نحوه العناصر. وهكذا تقارب الأسلوبّية التماسك النصي الذي يسري 
في جسد البنى منتجا الدلالة الثاوية في منظومة التشكيل النصي. وتسعى لبيان العلاقات الخفية 
القائمة على مبدأ المشاكلة والاختلاف بحثاً عن السمات الخاصة التي تكسب العناصر تفردههاء 
وتعاين وظيفة كل عنصر كثفاً عن المستوى الوظيفي الموجه للأساليب التي تهيمن على تضاريس 
البنى. وترصد أسرار اغتراب البنى بما تمثله من فجوات معرفية إذ تندفع نحو الخفاء موظفة العنف 
اسوك اف ادر التجلي» فهي بحث عن الفراغ المعرفي الذي يجسد انعتاقاً لتجليات التمايز. 

وتؤلف هذه النظرية وعيا للدور الوظيفي الذي تنهض به الإشارات بكشف مكانتها في 
تشكيل النص. وتستشرف عناصر المفارقة التي تمثل نزوعاً عن الجسد اللغوي المألوف لإنتاج 
ملاحظ التمايز والفرادة. وتستند النظرية الأسلوبية إلى الوحدة العضوية التي تبلغ غايتها القصوى 
وفق تخطيط بنائي يتوخى التحكم الذاتي لتشكيل نصوصية النص. وينتظم هذا البحث ضمن خمسة 
أبعاد جاءت على النحو الآتي: 
الأول: العدول الأسلوبي بين الاختيار والتوزيع. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الثاني: التماسك النصي ومظاهر الوحدة العضوية. 
الثالث: النظرية الإبلاغية ومرايا التمايز الأسلوبي. 
الرابع: اللغة الشعرية وفرادة التشكيل. 

الخامس: التشكيل الاستعاري ( دراسة أسلوبية). 


أولاً: العدول الأسلوبي بين الاختيار والتوزيع: 

تؤلف نظرية العدول الأسلوبي منهجاً قادراً على تجاوز المستوى الأولي بحثاً عن التتشويق 
الذي يلمع في النفس وفق تجليات النصء وتأخذ هذه النظرية مكانها انطلاقا من شبكة العلاقات التي 
تحتكم إليها تجليات العناصر اللغوية في تناسق يكفل ضبطاً مع الوظيفة التي تؤديهاء فالتركيب 
اللغوي هو اتتلاف الأجزاء في تناسب موقعي مداره انسجام الكلمة في الموقع الأشكل بها. ويشكل 
اكتناه انحراف المكونات التي يحتكم إليها النص بحثا عن تناسق العناصر في ضوء الدلالة الكلية 
التي تنتمي إليهاء فالعدول الأسلوبي نهج موصل لإنتاج قيم الدلالة بطريقة تتخطى المستوى الشكلي 
إلى المعنى الأسلوبي الذي يغيب في مجهول البيان مجتازاً مظاهر المشاكلة والاختلاف لتكوين 
المقصية: 

ويشكل العدول الأسلوبي استعمالا لغوياً يخرج باللغة عن الوجه المألوف نحو تفرد ينماز 
بالتكوثر البياني الذي يقتضي الامتاع والمؤانسة. ويكشف هذا العدول عن تنوع لا حدود له إذ يشكل 
فراغاً معرفياً يدعو المخاطب لتقصيه بحثا عن كسر العلاقات النصيّة» فهو منهجية لتشكيل اللغة 
جماليا وفق اختراق للمألوف مسؤول عن سياسة البيان. 

ويبدو أنّ تحول الأشكال النمطية وانكسار التوقع يفضي إلى مفارقة المرجع بشكل يؤطر 
للانزياح بحثا عن الطاقات الكامنة في الوجه المرصود من اللغة. فالتنوع الأسلوبي يحدث أشراآً 
جمالياً يختلس التمرد على النسق توخيا للغة الانفعالية التي تقودها البلاغة. وهذا يبدي أنّ استثمار 
طرق التمايز الأسلوبي يقتضي الإفادة من النص المرصود انطلاقاً من قوانين التجاوز التي تكسب 
الكلام جاذبية وجمالاً. فاختيار الأشكال الأسلوبية يقع في سياق الصياغة المؤثرة المعتمدة على 
الأبنية العليا المؤدية لارتفاع نسبة الإعلامية» وهكذا يتم تحصيل الإمتاع والمؤائنسة عبر أساليب 
جمالية متنوعة تستمد وظائفها من ضروب التفرد اللغوي. وينكشف لنا أن بلاغة الاختيار تحقق 


التفاوت الناتج عن لعبة التحولات توخياً لاقتناص أساليب الفرادة في تشكيل النص. 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


ومن هذا يتضح أن اختيار المفردات لا ينفصل عن توزيعها انطلاقاً من تفاعل الألفاظ 
ودلالاتها في تشكيل الوجه الأشكل الذي يرتضيه المبدع. والملاحظ أن الأسلوبية تشكل تقصيا 
للروابط الدلالية التي تكسب الخطاب سماته التعبيرية في إطار التوظيف الجمالي المناسب لمقتتضى 
الحال. فمطلب التأثير مداره الإبلاغية التي تستند إلى الاختيار الذي يكسر الوجه الأولي ليعطي 
البنى تجلياتها بتكثيف الخطاب بحثاً عن فتنه الأسلوب؛ ويقع الاختيار ضمن سياق كلي يرصد علاقة 
التحولات بالتحكم الذاتي» وهذا يجعل القيم التعبيرية تشكل تناسقها الدلالي بناء على التتابع المنفضي 
إلى اعتبار ملحظ التمايز. ويبدو أنّ مقاييس التوزيع تقام على اختيار مداره تشكيل الطاقة التعبيرية 
المؤسسة على تكثيف يعد الدلالة الكلية نقطة التفاء مجموع العلاقات التي تصب في هذه الدلالة. 
ويلاحظ أن المعنى الذي يدور في ذهن الإنسان يستدعي اللفظ الذي يناسبه وفق اختيار المبدع 
لطرق الصياغة تحقيقاً لاقتران الكلام وترتيبه. ومعلوم أنّ مدار المفاضلة استخدام الكلمة في سياقها 
المناسب ضمن تتناسق الدلالات على الوجه الذي يقتضيه الأسلوب. وتتعالئ المنظومة على العناصز 
المؤلفة لها إذ ترتب الكلمات وفق القوانين التي تحتكم إليها خصوصية التشكيل. ويستند المبدع في 
توزيع العناصر على منهجية تضئ دوائر الإبداع إذ تفرض سلطانها الإيحائي بسعيها نحو الترتيب 
الداخلي الذي يولد الشعرية فقوانين النظم توجه الدلالة اللغوية نحو إصابة الغرض المراد منها. ويتم 
توزيع هذه العناصر لتأخذ وظائفها وصولاً للمستوى الجمالي المؤلف لفرادة التتشكيل. ويتضح أن 
تطبيق مبدأ الاختيار يضع الكلمات في رباط ناظم يحفظ مواقعها بما يحتم وحدة بناء يوافق فيها 
التعبير ما يقصد به من معنى» وتشي فكرة الاختيار بمسألة اقتران الذاتي بالموضوعي في صياغة 
تمنح البنى فرادة تستمدها من النسيج الكلي. 

ويقيم النص إبلاغيته عبر تحولات تكسر التوقع وتجتاز المعاني المباشرة تحقيقاً للدلالة 
الإضافية التي تقيم تعاليها النصي عبر منظومة الانحراف التي تعطي النص مستواه الجمالي؛ 
وينطوي النص ضمن تحولات تأخذ أشكالاً نظامية موافقة للمقصد المراد التعبير عنه؛ وهكذا تقيم 
البنى تحولاتها ساعية نحو وجه يكتنفه الانعتاق» فهي متوثبة في مسارات مدارها الإقصاء عن أصل 
الوضع اللغوي واقتناص الفرادة. 

ويلاحظ: "أن التراكيب النحوية من الوجهة البلاغية لها مواطن في سياسة البيانء إذ لا 
يقصد منها معانيها الأصلية التي تفهم من ظاهر اللفظ لغة ولا يراد منها دلالاتها الأولى التي يدل 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


عليها منطوق العبارة» وإنما هذه التراكيب النحوية لها في البيان شأن وفي البلاغة مكان» فالمعاني 
الإضافية التي تدل عليها التراكيب هي المرادة وهي موطن البلاغة'!''. فنظام التحويل البنائي يستند 
إلى فكرة مؤداها: "اكتناه جدلية الخفاء والتجلي وأسرار البنية العميقة وتحولاتها بل إلى أبعد من ذلك 
بكثير... إلى فكر بنيوي لا يقنع بإدراك الظواهر المعزولة» بل يطمح إلى دراسة المكونات الأساسية 
في الثقافة والمجتمع والشعر ثم إلى اقتناص شبكة العلاقات التي تشيع منها وإليهاء والدلالات التي 
تنبع من هذه العلاقات» ثم إلى البحث عن التحولات الجوهرية للبني"!". 

وهكذا يتم اكتناه أبعاد النص من خلال رصد التحولات التي تفضي إلى إنتاج دلالات جديدة 
تمنح البنى فرادة التشكيل» ومن هنا يلاحظ أن تشكيل العمل الفني: "يحدث خللاً في قاعدة الاستبدال 
حيث يتصرف في هيكل الدلالة بما يخرج عن المألوفء فينتقل كلامه من الدائرة النفعية إلى الدائرة 
الجمالية» فعندما يقول: (اختلست النظر) فإننا لا يمكن أن نخضع هذا التركيب للعملية الاس تبدالية 
بشكلها الأولي؛ لأنّ نسبة الاختلاس إلى النظر عدول عن النمط التركيبي الأصيل في اللغة حيث تم 
التأليف بين جدولي اختيار متنافرين» وهذا النمط يطلق عليه "المجاز" وهذا يعني إحداث فوضى في 
العلاقات اللغوية أو في الدلالة» وهي فوضى جمالية"!"؛ وهذا توظيف متنوع لعنصر الاختيار الذي 
يبنى على تبادل العناصر لمواقعها بحثاً عن تحولات النسق المؤلف للمقصد الكلي. فإنتاج الدلالة 
يستند إلى تكوين المتصور الذهني تكويناً يكسر النسق بحثا عن فضاء يجدد أساليب الإنزياح. 

ويسهم ملحظ التباين بتعيين وجوه التصرف في تغيرات البنية» إذ يرتاد مجهول البيان مولداً 
فراغاً معرفياً يملك تنوعاً يتعالى في اجتياح آفاق التجلي ضمن أقصى درجات التوتر. 

وقد تنبّه ابن الأثير إلى: "اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إلى وزن آخر أكثر 
منه فلا بد من أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولآء لأنّ الألفاظ أدلة على المعاني» وأمتلة 
للإبانة عنهاء فإذا زيد في الألفاظ أوجبت القسمة زيادة المعاني؛ وهذا النوع لا يستعمل إلا في مقام 
المبالغة... ألا ترى أنه إذا قيل في الثلاثي قتل ثم نقل إلى الرباعي قتل -بتشديد التاء - فإنّ الفائدة 
من هذا النقل هي التكثير: أي أن القتل وجد منه كثيرا"!“. وهكذا يتجلى أثر العدول في بلوغ مراتب 


.١18٠ عبد الفتاح لاشين» التراكيب النحوية من الوجهة البلاغية» ص 177, دار المريخ؛ الرياضء»‎ )١( 

.١9/١ كمال أبو ديبء, جدلية الخفاء والتجليء ص6. دار العلم للملايين» طةء‎ )١( 

(') محمد عبد المطلبء البلاغة والأسلوبية» ص 77 -777»الشركة المصرية العالمية للنشرء لونجمان» ط١. .١195‏ 
(:) ابن الأثيرء المثل السائرء ج7٠‏ ص 8ه -535. 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


التحول لإنتاج دلالة تكشف دينامية التباين وتبوح بفرادة الأنساق. ويلاحظ أنّ التحويل منهجية بيانية 
تستقطب مرجعيات إعادة تنظيم شكل البنية توخياً للمعنى المراد. 

ويستخدم ابن جني مفهوم العدول الذي يشكل ظاهرة بنائية تنحو منحى الإبلاغ والتكوثر 
البياني» إذ يقول: "ونحو من تكثير اللفظ لتكثير المعنى العدول عن معتاد حاله» وذلك فعَال في معنى 
فعيل» نحو طوال» فهو أبلغ معنى من طويل» وعراضء فإنه أبلغ من عريض... لما كانت فَعيل هي 
الباب المطّرد وأريدت المبالغة» عُدلت إلى فعال فضارعت بذلك فعَالاً والمعنى الجامع بينهما 
خروج كل واحد منهما عن أصلهء أمّا فعّال فبالزيادة» وأما فعَال فبالانحراف عن فعيل"!'! ومن 
الملاحظ أن مبدأ المغايرة في الصيغة يتمرد على المألوف في إنتاج وجه بياني يجتاز مشكاة البناء 
المعجمي نحو سيمياء الإيحاء؛ فتنامي التحولات بين الصيغ تنامياً درامياً يكشف تصاعد التعارضات 
نحو منعطف التجاوز الموحي بجدلية التباين المولد للإبلاغية. 

ويتضح: "أن دراسة ظواهر العدول أو الانحراف عن الأصل المثالي للغة (أو اللغة اليومية 
المعتادة) ركيزة أساسية من ركائز الدراسات الأسلوبية الحديثة في تناولها لنصوص الأدبية» 
والكشف عن التحولات المختلفة للبنى التركيبية في توترها الدائم بين البنية السطحية الإبداعية 
والبنية العميقة المثالية» فبناء الأسلوب على خلاف مقتضى الظاهر إنتاج إبداعي ملازم دائماً 
للخطاب الأدبي» بوصفه يحتوي على ركيزتين أساسيتين: 

الأولى: العدول عن البنية المثالية الأصلية وتجاوز مستوى الخطاب العادي المألوف. 

الثانية: البنية الجمالية التي تقف وراء تلك البنى الإبداعية وتدعم تأثيرها في المتلقى. 

وم لماكل أن خط هد الكساليب التلاعية الم اوغة يفقت أساطا مق البنى النتكوقتة 
التي تكثف هيمنة الوظيفة الشعرية والجمالية على الرسالة اللغوي» وتجعل من النص اللغوي نصا 
أدبياً إبداعيا"!"). من هنا يتضح أنّ العرب بنوا لغتهم على عصف بتراتيب بنية الأصل بغية إنتاج 
منظومة إبلاغية ترتب الأبنية ترتيباً خاصاً وفق مرونة تقودها مراتب التجلي. فاللغة تشكل نظاما 
محكماً يستثمر طرق الابتكار للنفاذ إلى المعنى بتغيير وحدة ترتيب المفردات من جميع جهاتها 
لتكوين جامع نصي يتضمن فرادة التعبير» ويتبين لنا أن: "اللساني يهتم بكل تجليات الظاهرة اللغوية 


)0 ابن جني» الخصائص» ج23 تحفيق محمد علي النجار» ص ١‏ الاك دار الشؤون الثقافية العامة. طءعء بغدادء 
420 , 
(١‏ أسامنة البحيري» تحولات البنية في البلاغة العربية» ص هل دار الحضارة» بسيون» ط التحوال, 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


مهما تنوعت صيغ الإفضاء وهيآت التشكل وصور الوظيفة وليس النص الأدبي في منطوقه ودلالته 
إلا مرتبة من مراتب التجلي اللغوي عموم"!''. وانطلاقاً من هذا الأساس فإنٌ الكشف عن تجليات 
المعنى يتم عبر صيغ الانتظام اللساني بحثاً عن خفايا الظاهرة اللغوية وطرق الارتقاء بها إلى 
التشكيل الأسلوبي المحقق لمستويات البيان. وقصارى ما يقال في الأسلوبيّة أنها "جملة الصيغ 
اللغوية التي تعمل عملها في إثراء القول وتكثيف الخطاب وما يستتبع ذلك من بسط لذات المتكلم 
وكشف عن سرائره وبيان لتأثيره في السامع!"". وهكذا فإنَ الأسلوبية تبنى على اقتناص طرق 
التأثير التي تؤسس على تكثيف المدارات لبناء علاقات مؤداها ساحة التباينات المؤثرة في التماسك 
النصي. ويبدو أن الوصول إلى البنى التأثيرية يشكل الحصيلة الأسلوبية التي تغني ملاحظ التواصل 
وطرق التراسل بلوغاً للمقصد: فالدلالة الأسلوبية نظطل غاية للمقازية لأنهآ تفصح عن .بنية التعيير إذ 
تمارس دورها في إطار ملحظ التجاوزء وهذا يكشف أن اكتناه الأوهاج الخاطفة لعالم المفارقة 
يضيء طاقة اللغة ويفسر طرق يك الدلالي. 

وغ النقوى 1 الاساريكة عت : راج ري لعل لحر ري ابه المصوي حي 
سياق الحدث الأدبي الذي ينطلق من 527 أبزة ها" الد كله و التعيين: و العافر:"!"! ويهكذا بيت أ 
مبدأ التأثير يستأثر في بناء تضاريس مجهولة توقد مصادر الإبلاغية وتؤلف أساليب التشكيلء إن 
وعي ملاحظ التفرد يمثل تطلعاً لتعدد الأبعاد يتقصى صور المخيلة على نحو يكشف التواصل 
الحيوي ويضيء مستويات الفضاء لبناء التجلي. ومهما يكن "تعريف الأسلوب فإنّ القدر المشترك 
هو اعتبار الأسلوب استعمالاً خاصاً للغة يقوم على استخدام عدد الإمكانات والاحتمالات المتاحة: 
وتأكيدها في مقابل إمكانات واحتمالات أخرى"!*. 

وبهذا توغل الأسلوبية في أبنية النص موجهة التحولات إلى عالم التفرد المبني على دينامية 
التوهج في تشكيل البنية» وتعصف التحولات بأفق التشكيل النصي فيزخر بالحيوية التي تجتاح مرايا 
البيان. والتعريف الذي يبدو مناسباً للأسلوبيّة هو تعريف جاكبسون الأسلوب "بكونه إسقاط محور 
الاختيار على محور التوزيع"!”. وفي ضوء هذا التعريف: "فإن الأسلوب يتحدد بأنه تطابق لجدول 


.١94817 عبد السلام المسديء اللسانيات بين لغة الخطاب وخطاب اللغة» ص 55. الأقلام: العدد التاسع. أيلول»‎ )١( 

2١ لطفي عبد البديع» التركيب اللغوي للأدب». (بحث في فلسفة اللغة والاستطيقا)» » ص 54» مكتبة النهضة المصرية؛ ط‎ )١( 
, 1 

() عبد السلام المسديء الأسلوبيّة والأسلوب. الدار العربية للكتاب» ص 78 -87, تونس» 19171١م.‏ 

(5:) عبده الراجحيء علم اللغة والنقد الأدبي (علم الأسلوب)؛ مجلة فصول. ص .١١18‏ المجلد الأول؛ العدد الشاني يناير» 
, 

(5) عبد السلام المسديء الأسلوبية والأسلوب. ص .١717‏ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


الاختيار على جدول التوزيع؛ مما يفرز انسجاماً بين العلاقات الاستبدالية التي هي علاقات غيبية 
يتحدد الحاضر منها بالغائب» والعلاقات الركنية وهي علاقات حضورية تمشل توااصل سلسلة 
الخطاب حسب أنماط بعيدة عن العفوية والاعتباط7''. وهذا يوضح أنّ المستوى الأسلوبي يؤسس 
على بعد تصنيفي يستند إلى الاستبدال؛ إِذْ تستبطن ظاهرة التوزيع تقاطعاً يجسد علاقة الحضور 
بالغياب بغية البيان عن وجه مائز يتيح الإبانة عن السمات الأسلوبية التي ينماز بها النظم في بيانه 
عن طرق التشكيل الجمالي. 

ويوافي هذا المنحى ابن الأثير في بيانه: "أنّ تفاوت التفاضل يقع في تركيب الألفاظ أكثر 
مما يقع في مفرداتهاء لأنّ التركيب أعسر وأشق". ومعلوم أنّ التمايز يقع في تغاير النسق الذي 
يتوارد عليه النظم المتسق على وجه دون آخرء ويتراسل هذا الاتجاه والمعنى النظمي الذي يقرره 
عبد القاهر الجرجاني في بيانه: "أن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها 
في أنفسهاء ولكن لأنْ يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها من فوائد"!"". ومن هنا يتتضح أن 
"كل مستوى من مستويات العمل الفني يصبح تحولاً كلياً للمستوى الدلالي» وتصبح العملية النقدية 
في جوهرها عملية اكتناه للعلاقات المتشابكة والتفاعلات التي تنشأ من اختيار مركز معين من 
النصء» عملية بلورة للبنى المتعددة لمستويات النص وكشف لقدرة كل منها على تجسيد البنى 
الأخرى فيه وتجسيد بنية الدلالية الإنسانية النابعة من مركز معين"!*). 

ومن هنا نشير إلى أن الأسلوبية تحاول ارتياد أشد المناطق إخفاء فهي تتقصى أنظمة 
العلاقات البنائية لتشكل مقاربة لاجتياح عالم الغياب لتجلية ملاحظ التمايز عبر مرامي الاحتجاب. 

ويبدو أنّ من المرجعيات التي يمكن اعتمادها في التحليل الأسلوبي استراتيجية التتشخيص 
الأسلوبي لكشف الملامح الأسلوبية التي ينماز بها النصء وبيان ذلك عند سعد مصلوح: "فرق ما 
بين التشكيل الأسلوبي الذي هو موضوع هذا المطلبء هو أن الأول عمل تركيبي يقوم به المنفشئ؛» 
أما الثاني فنشاط تحليلي يقوم به الباحثء وهدف الأول إنتاج النص أما هدف الثاني فهو الكشف عن 


الهوية الأسلوبية للنصء ومادة الأول هي المتغيرات الأسلوبية أما مادة الثاني فالتصورات الإجرائية 


عبد السلام المسديء الأسلوبية والأسلوب. ص .1١‏ 
عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز. ص ”5727» نشر: محمد رشيد رضاء دار المعرفة» بيروت. 


كمال أبو ديب» نحو منهج بنيوي في تحليل الشعر.ء ص 1١١ء‏ مواقف عدد 77 صيف 19178, 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المنهجية» وكما يقوم التشكيل الأسلوبي على محاور الاختيار والتوزيع والشيوع فلا بد أن يقابل ذلك 
من جهة الباحث عمل يكشف به عن أجدر المتغيرات الأسلوبية بأنّ تكون خصائص أسلوبيّة مائزة 
للنصء أي تلك التي يمكن أنْ توصف بأنها اختيارات للمنشئ» وعن درجات شيوع هذه الاختيارات 
وأنماط توزيعهاء ويهدف التشخيص الأسلوبي الإحصائي إلى تحقيق غايات ثلاث على النحو التالي: 
.١‏ الوصف الإحصائي الأسلوبي للنص للكشف عن الخصائص الأسلوبية المائزة فيه. 
؟. التحليل الإحصائي للنص. 
*. الحكم التقويمي أو ما يمكن الاصطلاح على تسميته (نعوت الأسلوب) !". 

هذا الموقف يبيّن لنا بوضوح أن الأسلوبيّة تقدم منهجيات جمالية متنتوعة لمعرفة النص 
اللغوي وبيان ملاحظ التمايز التي يأتلف عليها. وتسهم في اكتناه تجليات الظاهرة اللغوية واستنطاق 
مراتبها بما يقتضي امتحان القوانين التي تتشكل منهاء إذ تمتح من تموجات المخزون اللنغفوي في 
تشكيلها النصي. من هنا ترصد هذه المقاربة وجوه الانزياح المؤدية إلى تتشعب تصاريف الأداء 
اللغويء ويتبيّن أن تعيين وظائف الاستفطاب يمثل استثماراً للتكوثر البياتي المتمظهر عبر فرادة 
التشكيل الجمالي المؤسس لإبلاغية الخطاب؛ ومن الواضح: "أن التركيب الأدائي ينحرف عن النمط 
التفعيدي بأن يتضمن بعض الملامح التي يتفرد بها عما سواهء ولا ينبغي أن ننظر إلى تلك 
الانحرافات على أنها رخص شعرية أو ابتداع فردي وإنما هي في الواقع نتاج براعة استخدام المادة 
اللغوية المتوفرة وتوظيفها الذكي للإمكانات الكامنة في اللغة. وإنَ هذا ليبدو واضحاً إذا نحن اعترفنا 
بأنه ليس هناك ثمة لغوي يملك نمطأ واحدا فقط'("). وهذا يبيّن أنّ المخزون اللغوي للانحراف 
يمارس سلطة الإقصاء متجهاً نحو فضاء التشكيل المفارق للتوقع والمقارب لمستوى التشتت بما 
يخفي تمرداً خاصاً يغني اللذة بثنائية حادة تتعالى على المألوفء وهكذا يتمادى النموذج اللغوي في 
أفق يؤسس على لذة التكثيف الموحي بالتشتت والصانع للتوتر والباعث لمجهول البيان» ويقرر 
صلاح فضل أن علماء اللغة يصنفون الانزياح وفق خمسة نماذج في ضوء المعايير التي يعتد بها 


في تعيين درجات الانزياح: "وهي: 


)١(‏ سعد مصلوح, الدراسة الإحصائية للأسلوب؛. بحث في المفهوم والإجراء والوظيفة» ص »١١5‏ عالم الفكرء المجلد 
العشرونء العدد الثالث. وزارة الإعلام» الكويتء أكتوبر/ نوفمبر/ ديسمبر .١9/85‏ 
(؟) رجاء عيدء البحث الأسلوبي معاصرة وتراث» ص 58 »١‏ منشأة المعارف, الإسكندرية» .١19191‏ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


.١‏ درجة الانتشار: يمكن تصنيف الانحرافات تبعاً لدرجة انتشارها في النص بوص فها ظواهر 
محلية أو شاملة» فالاستعارة يمكن أن توصف على أنها انحراف موضعي عن اللغة العادية» 
أما الانحراف الشامل فيؤثر على النص بوجه شمولي ومثاله معدلات التكرار التي ترصد 
بطريقة إحصائية. 

؟. الانحراف ونظام القواعد: تصنف الانحرافات وفق علاقتها بنظام القواعد اللغوية» إذ يشتمل 
النص على انحرافات سلبية تتمثل في تخصيص القاعدة العامة وقصرها على بعض الحالات» 
ويتضمن انحرافات إيجابية تتمثل في إضافة قيود معينة تشكل إضافة جمالية. 

. علاقة القاعدة بالنص المحلل: تصنف الانحرافات من وجهة النظر التي تعتمد على العلاقة بين 
القاعدة والنص المزمع تحليله فترصد الانحرافات الداخلية والخارجية. 

5. المستوى اللغوي: تصنف الانحرافات وفق المستوى اللغوي الذي تعتمد عليه إذ يتم التمييز بين 
الانحرافات الخطية والصوتية والمعجمية والنحوية والدلالية. 

5. الاختيار والتوزيع: تصنف الانحرافات استناداً لتأثيرها على عنصري الاختيار والتركيب في 
انيت الكلدات7!. 

وهكذا فإنَّ الأسلوبيّة تستعلي في رصد مرايا التجاوز التي تخطف جمالية التلقي عبر أوهاج 
الدرامية المسؤولة عن دينامية النصء وتستأنف النظر في التنظيم الرمزي الذي يكشف تحولات 
البنية إِذْ توضح المحيط الذي تنداح فيه الأنساق المفعمة بالحيوية وتستشرف النظام الاستعاري 
النابض بالشعرية. والمراهنة التي تقيمها منظومة التحولات المضمرة للمغايرة أنها تؤسس على 
نسق ينماز بالانحراف اللغوي الجامع للمفارقات والمولد لخصوصية التشكيل. 

وهنا نشير إلى أن : " الأسلوبية هي دراسة اللغة» وهي دراسة للكائن المتحول باللغة» وهي 
كذلك دراسة للعمل الإبداعي» ودراسة لعملها الذاتي المبدع للعمل الإبداعي» إنها التقاط للحظات 
هاربة من خلال تركيب تبتته الكتابة إلى الأبدا"ا: 

والملاحظ أن اكتناه عناصر التكثيف وطرق التوزيع البنائي يشكل استراتيجية للبيان عن 
وجوه واسعة التصرف بعيدة الغاية في بلوغ مزية الإبلاغية التي تفوق كل المزايا الجمالية. وتستبد 


)0 صلاح فضل» علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته. ص هه١‏ كه ل الهيئة المصرية العامة للكتاب» طى همل ١9‏ , 


.١995 بيير جيروء الأسلوبية» ص (5) ترجمة: منذر عياشيء مركز الإنماء الحضاريء حلب ط (؟)‎ )١9( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


طرق التأويل الأسلوبي في بيانها عن مرجعيات التباين عبر تموقعها في المتخيل الذهني وإنتاجها 
للأنساق المؤلفة لقوى الدلالة. 

وهذا يوضح أنَ: "اللغة بناء مفروض على الأديب من الخارج والأسلوب مجموعة من 
الإمكانات تحققها اللغة ويستغل أكبر قدر منها الكاتب الناجح: أو صانع الجمال الماهر الذي لا يهمه 
تأدية المعنى وحسبء بل يبغي إيصال المعنى بأوضح السبل وأحسنها وأجملها!"! ولذلك نلاحظ في: 
"الدراسات البلاغية والأسلوبية اليوم اتجاهاً هاما يفسر الأسلوب -ومن ثم الفن الأدبي - بأنه عدول 
عن الكلام العادي مؤسس على مبادئ الاختيار"!". وتنبه عبد القاهر الجرجاني إلى تباين الأساليب 
في التعزير عن المقصند وفق نوغ النظم المستخدم: "وأنه كما يفضل كناك النظم التدنظم؛ والقاليف 
التأليف ... ثم يعظم الفضل وتكثر المزية حتى يفوق الشيء نظيره؛ والمجانس له درجات كثيرة: 
وحتى تتفاوت القيم التفاوت الشديدء كذلك يفضل بعض الكلام بعضا' وبيّن الجرجاني تعدد أساليب 
النظم فترك للمبدع حرية اختيار الأسلوب الذي يناسب موضوعه فقال: "وليس لما شأنه أن يجيء 
على هذا الوصف حدٌ يحصره وقانون يحيط به؛ كأن يجيء على وجوه شتى وأنحاء مختلفة"!*) 
يكشف هذا المنحى أن الإبلاغية تتشكل في ضوء مستويات بيانية تختلف باختلاف مقتتضى الحال 
بما يرتب نوع النظم الذي يناسبه» وتهيمن الأشكال الأسلوبية على وجوه تشكيل النسق» مما يكسبه 
أسلوباً جمالياً. فدينامية النص تبنى على كسر الأنساق المؤلفة للبنى العميقة في استنطاق دلالي 
لتأثير التحولات على بناء المقصدء وعلى هذا فإن توخي النسق اللغوي يؤسس على مقصد يقود 
البنى نحو الانتظام الذي يراعي وجوه مغايرة الأسلوب للإبانة عن الغرض وفق الوجه الذي يناسبه» 
وانتهى حمادي صمود إلى: "أن الوظيفة الأسلوبية وظيفة سياقية موضعية؛ وعلى الدارس أن 
يكتشف السر الذي يجعل نفس الحدث اللغوي يكتسي أهمية خاصة في حيز ثم يفقدها في حيز آخر 
من نفس الأثر"!*'. ويوافق هذا المذهب عبد القاهر الرباعي في بيان أن: "النص حياة جامحة ولكنها 
فريدة التنظيم» إِذ تذوب فيها الذات بالكون» متجاوزة في نزوعها العاطفي والفكري أطر الحياة 
العملية واليومية للأفراد والجماعات؛ فالنص لغة الماضي والمستقبل؛ لغة الواقع والحلم» لغة الهمجر 
والشوق» في النص تلتقي الأطراف المتصالحة والمتنافرة متزامفة الحضورء. مشتركة الرقعة 


.١98١ دار الكتاب اللبناني» بيروت. ط؟.‎ »1١71١5 ريمون طحان.ء الألسنية العربية» ج7١ ص‎ )١( 

.١1915 حمادي صمودء التفكير البلاغي عند العرب.» ص 355» نشر: كلية الآداب» تونس» ط؟”ء‎ )١( 

(؟) عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز» ص 71. 

(4) عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز.» ص 75. 

(5) حمادي صمودء المناهج اللغوية في دراسة الظاهرة الأدبية» الأقلام» العدد السابع» ص “ء نيسان» 194175» وزارة 


51١ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


والمكان؛ لتؤلف معاً وحدة من التعدد والتنوع؛ والتآلف والاختلاف()» وبذلك يتكشف لنا أنّ رصد 
التشكيل الحيوي الذي يقيمه تفاعل الأبنية يجسد دينامية الألوان البلاغية في تعبيرها عن المرادء 
ويشكل التنظيم الإبلاغي مستوئ وظيفياً يستقي من المعنى سحر الطرافة وفق هيئة متفردة تشكل 
لغة التجاوزء فبناء التباين يمثل سعياً إلى تكثيف يؤسس على مفارقة المعيار والانعتاق من المرجعية 
التي يفرضها النسق» وهكذا تشكل الإبلاغية وعياً للتكوين اللغوي الذي يعطي اللغة أبعادها الجمالية 
عبر تبيان الوظائف الخاصة التي تؤديهاء فحيوية النص تعني اقتناص لحظات التكثيف بحشاً عن 
الجامع البياني الذي تتراسل فيه معاني النفس في تشكيلها لبنية النص» والحق: "أنّ لكل من التركيب 
الخاص بكل لفظ وبنيتها وجرسهاء وما تحمله من دلالة إيحائية أثراً في جمالها وتقبل النفس لهاء 
وتسهم في إنجاح النص ومنحه فعالية أكبر وقدرة أقوى على التأثير والإثارة» كما أنّ لحسن تأليفها 
وصياغتها مع أخواتها في الجملة ما يزيد النص حلاوة ويضاعف من قدرته على التأثير والإثارة 
والحيويّة"!"؛ وبيان ذلك: "أنّ اللغة تحتوي على طرق كثيرة لأداء المعنى الواحد» وتتحصل هذه 
الطرق نتيجة التطور التاريخيء واختلاف البيئات والثقافات التي أثثرت في تكوينهاء واختلاف 
الجهات التي ينظر منها إلى الشئ الواحدء وهذا أدى إلى ما يفضل كثيرا عن حاجتها من الألفاظ 
والتراكيب إذا نظرنا إلى الغرض العملي من الرسالة. وكثرة أسماء السيف والأسد وغيرها في اللغة 
العربية شاهد على ذلك؛ وكما تتعدد المفردات لأداء المعنى الواحد تتعدد الصيغ والتراكيب"!' وهذا 
يبِيّن أنّ الألفاظ تكتسب مشروعيتها الدلالية عبر السياق الذي تندرج فيه. وتأتلف المفردات على 
نسق يمنحها إبلاغية خاصة تفوق المعنى المعجمي للفظة خارج النص. وتأتي هذه الإبلاغية من 
تراسل المفردات في مواقع تجعلها في مراتب عليا توخياً لإحكام النظم الموافق للمعنى المرادء وهنا 
نشير إلى أهمية رسوم النظم التي نادى بها الخطابي بقوله: "وأمًا رسوم النظم فالحاجة إلى الثقافة 
والحذق فيها أكثرء لأنها لجام الألفاظ وزمام المعانيء وبه تنتظم أجزاء الكلام؛ ويلتئم بعضه ببعض 
فتقوم له صورة في النفس يتشكل بها البيان"!'!» وهكذا ترسم المنظومة اللغوية آفاقها عبر تراسل 


)0 عبد القادر الرباعي» طاقة اللغة وتشكل المعنى في قصيدة "الربيع لأبي تمام' دراسة نصية» فصول. ص 3 المجلد 
الرابع عشرء العدد الثاني» صيف .١1945‏ 


,١985 طث‎ 
, ١954 


(4:) الخطابيء بيان إعجاز القرآنء ثلاث رسائل في إعجاز القرآن» تحقيق: محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام»ء ص ”7”, 


دار المعارف» مصر . 


51 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


طبقاتها التي يتموضع حولها النسق إذ تمنح الألفاظ شكلها الذي يبوح بالمعنى» وتشكل رسوم النظم 
الهيكل البياني المستند لمظاهر التلازم والمؤسس على مرايا الدلالة وتجليات النسق. 

وتنتظم هذه الرسوم على هيئة مفتاح بنائي يستقطب حركة الرموز والصور بغية انتظام كل 
المكونات في نسيج واحد. إنها تمثل النسق الكلي الذي ينظم المراجع الدلالية في تفاعل يكون 
الغرض المراد التعبير عنه. وتمارس الألفاظ في لعبة الإبداع سلطة معرفية تقيم تراسلها على 
المستوى النظامي للأبنية تحقيقاً للمضمون الإبلاغي الذي تستند إليه. 

وعلى هذا يمكن القول: "إن الجمال الأدبي هو الخصائص الأسلوبية (والبلاغة جزء منها) 
التي تعطي النص ماهيته الفنية» ومن ثم تجعله قادراً على رسم أبعاد التجربة الشعورية والمواقف. 
وهنا تتجلى الطاقة التي تحمل التأثير والتوصيل فيقترب المتلقي من النص والتجربة لتغدو تجربته 
غنية بظلال يضيفها بعد أن يبلغ مساحتها انفعالاً وإحساساًء وتستدرك لنشير إلى أنّ الجمال بعسض 
من تكوين العمل الفني لا ينفصل عنه تشكيلاء فمع ومضات التجربة يبرز لونها وقوامها الأسلوبيء 
والشاعر أو الكاتب لا ينظر مباشرة إلى المتلقي لينظم التأثير وبنية الظاهرة التصويرية مثلاء وإنما 
يتواصل هذا المتلقي مع النص لأن التجربة عرفت اكتمالاً وعمقة!". 

وتلتقي هذه الإشارة إلى السمات التي تعطي النص قيمته الجمالية عبر ملاحظ التكوين مع 
أنظار عبد القاهر الجرجاني الذي يدخلنا إلى فرادة التشكيل لإدراك المحور الدلالي الذي تأتلف عليه 
البنى لترسيخ الدور المؤثر الذي تمارسه هذه الفرادة في تموقعها البنائي. إنه يكشف عن المزية التي 
يمارسها النص لإيجاد المستوى الجمالي» فهي توظيف لترتيب العناصر توخياً لمقصدية تراعي 
الفروق الدقيقة في استخدام الأبنية» ويتجلى ذلك بقوله: "واعلم أنا لم نوجب المزية من أجل العلم 
بأنفس الفروق والوجوه فنستند إلى اللغة ولكننا أوجبناها للعلم بمواضعها وما ينبغي أن يصنع فيهماء 
فليس الفضل للعلم "بأنَ الواو" للجمع و"الفاء" للتعقيب بغير تراخ و"ثم" بشرط التراخي... ولكن لأن 
يتأتى لك إذا نظمت وألفت تميق الكو ور و ل لف 0 

وتشكل هذه النظرة بحثاً عن جماليات التركيب اللغوي عبر بلاغة المكونات في أداء المعنى 
المراد. فارتكاز البنى إلى مفاهيم الفرادة تمنح النص غنئىّ خاصاً في سياق العصف الدلالي الذي 
يهيمن على مناطق الضوء وملاحظ التمايز. ويكشف الجرجاني عن فكرة مفادها بيان موضع 
الاستحسان وعلته ومدار ذلك: "أنه لا بد لكل كلام تستحسنه ولفظ تستجيده من أن يكون لاستحسانك 


, ٠ 
.5١5 (؟) عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز. ص‎ 


5 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


ذلك جهة معلومة وعلة معقولة»وأن يكون لنا إلى العبارة عن ذلك سبيل» وعلى صحة ما ادعيناه من 
ذلك دليل"(1, 

فالجرجاني يوضح الأدوار التي تقوم بها العناصر لتكوين بنى بالغة الدلالة وساطعة التأثير 
ِذْ تغدق على النص وجوه الاستعلاء ومطالب الارتقاء نحو ذرى الإبلاغية العلياء فقد هجم على 
منازل البيان لإنتاج دلالات تهيمن على الإعلامية وتحصل خصوصية التشكيل وتستقطب منابع 
التأثير في تكوين المستوى الإبداعي. فهو يتقصى مواطن الاستحسان المؤلفة لمواقع الهيمشنة على 
مواطن التخفي للإبانة عن أسرار التجلي. وتحاول الأسلوبية إحكام نقاط الفرادة التي يشير إليها 
الجرجاني فهي: "تكشف عن البنى المتميزة التي هي البنى الأسلوبية» إذ تضفي على النص القيم 
الفنية والجمالية والسمات الفريدة التي تكون الباعث على التحليل الأسلوبي» فالأسلوبية وصف للبنى 
التي يتوفر عليها النص الشعري» وصف يكشف عن طرائق القول» ومن ثم فهي كشف عن 
الخصائص المتمخضة عن تلك الطرائق» إنها وصف يندفع ليشمل مناحي الجمالية؛ ويندفع إلى 
المدى الذي يقيم فيه جسراً بينها وبين النقد الأدبي ليخلص الوصف من الإجراءات التقنية 
اللخالضنة!"! ودود ذلك :"أن كودهن الكنتلؤت عند مدال هو أن تعبات ال تقكرة معي ككل 
الملابسات التي من شأنها أن تحدث التأثير الكامل الذي يجب أن تحدثه هذه الفكرة. ومن الواضح 
أن استخدام الكلمات الأقوى تعبيراء ووضعها أحسن وضع في الجملة» وحركة الجملة في اعتدالها 
وايقاعها ونظمهاء كل أولتك يدخل في جودة الكتابة» وكل أولئك لا خير فيه إن لم يكن طبيعيا""ا 
ومن هنا نلاحظ: "أن الأسلوبية علم ألسني حديث يدرس القول» ومنه الأدبي» من زاوية تعبيريته 
اللغوية... أي أن يدرس المظهر الإفصاحي لظاهرة الخطاب اللغوي من الألفاظء والتراكيب 
النحوية» وصور البيان» والشعرية» والبنية التي هي تصير إليهاء والفعل الكلامي الذي وراءهاء 
والاقتضاء في ذلك؛ والتي في مجموعها تساعد في الكشف عن الأسلوب ومن هنا تعرف الأسلوبية 
بأنها: دراسة طريقة التعبير عن الفكر من خلال اللغة'!“! فهذا بيان عن أعلى درجات التشكيل 
البنائي بحثاً عن الإعلامية المكونة لمنابع الإمتاع واللذة الجمالية» إذْ ترتقي الإبلاغية بالنص إلى 
وعي يستثمر دوائر التجاوز بما يصنع مجهول البيان ضمن نصوصية تفرض نفسها على المتلقي. 

وصفوة القول أن انتقال النص من مستوى إلى آخر يكسبه حيوية تأخذ شكلها من المغايرة 


.”1:7 عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز» ص‎ )١( 

.7٠١7 المركز الثقافي العربي» بيروت» ط1اء‎ "٠ حسن ناظمء البنى الأسلوبيّة» "دراسة في أنشودة المطر للسياب". ص‎ )١( 
.١986 »,)١( (؟) شكري عيادء اتجاهات البحث الأسلوبي.» ص 85. دار العلوم الرياض - المملكة العربية السعودية» ط‎ 
.١985 عدنان بن ذريلء النقد والأسلوبية بين النظرية والتطبيق»ء ص3755» نشر اتحاد الكتاب العرب» دمشق‎ ):( 


51 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المائزة التي تؤسسها مسافة التوتر في اجتيازها للعلاقة القائمة بين الدال والمدلول» وهذا يكشف 
التمايز في دقة النظم بما يحقق قوة التأثير الناتج عن إبداع المعاني إبداعاً خاصاً يسجل تفوقاً في 
إحكام النسج ولطف الصنعة» ويؤكد هذه الفكرة أنّ النص الأدبي: "يقوم بعدة وظائف تشكل عناصر 
تعريفه؛ منها الوظيفة الجمالية والوظيفة الاجتماعية والنفسية والوظيفة التاريخية» ولكن ما يهمنا في 
هذا المجال هو الوظيفة الأدبيّة والثقافية» إن هم النص الأدبي إبداعي بالدرجة الأولىء أي قصد 
إنتاج كلام جميل يتوفر على أبعاد تمكنه من القيام بدور فعال في الثقافة» فالطريقة التي يحيل بها 
النص إلى هذا العالم يجب أن تتوفر على قدر كبير من الذاتية» لأنها تنطلق من إدراك جمالي له 
وليس مجرد رصيد لتضاريس هذا الواقع» بل ينصب على خصوصيته الدقيقة قصد إبراز الجوانب 
الجمالية فيها وتوليد إحساس خاص بها''» وبهذا يتبين أنّ النص ينتج الدلالة على وجه خاص 
يؤسس على ارتفاع درجة الكثافة الإعلامية التي تتمتع بها البنى» وهذا يفتح أفقاً هائلً من ملاحظ 
التمايز التي يحققها الرمز في اجتيازه علاقة الدال بالمدلول وكسره للتوقع. 

إنها صورة المغايرة في استحضار جملة المرجعيات التي تعرض لرموز النص عبر 
رحلتها التي أسهمت في تكوين ظلالها المرتوية بمجهول البيان» فتباين الطبقات المعرفية يحدد 
الرمز بالتمرد الناتج عن المعنى الانعكاسي الذي يكسو سيرورة التوقع» فالبحث عن أداء االنص 
لوظائفه يقع في مجال الإبانة عن وجوه تكوين المقصد وفق اختيارات لغوية تفجر قوى الإيحاء 
الكامنة في النص المرصود. 


الثاني: التماسك النصي ومظاهر الوحدة العضوية: 

المراهنة التي تقام مفادها أنّ التماسك النصي قادر على جمع ملاحظ التباين المختلف على 
قواعد التجانس المؤتلف. وينطوي النص على سلطة تراسل ترجع نظرية العلاقات إلى مرجع 
يستقطب آفاق التحكم الذاتي المسؤولة عن بلوغ البنى النهائية إذ تكسب الأسلوب سمة الحيوية 
والقدرة على التأثير. إن التماسك النصي يؤلف بحثا عن فضاء الانسجام نحو تأسيس القواعد الكلية 
تشكيلا للمجموع المنظم الذي يسعى وراء العناصر مقيما بينها جملة من العلاقات المؤلفة للنسيج 
النصي. من هنا يتضح أنّ دور التماسك النصي اكتشاف ما يجعل العناصر اللغويّة تنتظم على نحو 
دون آخر بحثاً عن السيرورة البنائية المسؤولة عن طرق تشكيل الإنجاز اللغويء فالمشترك النظامي 
كيان تنصهر فيه الذرات البنائية بغية تكوين المتصور الذهني الموحد للعناصر اللغوية على تجليات 
النسق. وهكذا يسعى التماسك إلى التحرك في نظام دائري مداره التكثيف المهيمن على الاختيارات 


)0 حسين خمريء بنية الخطاب النقدي»ء ص ١م‏ بغداد» طتى ,.١199٠‏ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


المتاحة عبر طرق التعالق النصيء وتشير فكرة التماسك إلى القانون البنائي الذي يشكل رابطاً ذهنيا 
يبنى على التواصل بين أركان التركيب اللغوي ويظهر هذا المطلب حرصا على قلازم مكونات 
البنية في نسق أساسه المرجع الوظيفي المنطوي على الفضاء الدلالي الذي تتواصل فيه الأبنية 
توصلا للمعنى المراد. ومن المقرر أنّ: "أتساق النص وانسجامه يحتل موقعا مركزيا في الأبحاث 
والدراسات التي تندرج في مجالات تحليل الخطابء ولسانيات الخطاب/النصء وعلم النص ويقصد 
بالاتساق ذلك التماسك الشديد بين الأجزاء المشكلة لنص/خطاب ماء ويهتم فيه بالوسائل اللغوية 
(الشكلية) التي تصل بين العناصر المكونة لجزء من خطاب أو خطاب برمته.ومن أجل وصف 
فذاق :لخطاب | النضى لك الملل + الو اسنف يف3 علي مكدر يها سشرة نداة الكن ا حي 
نهايته. راصدا الضمائر والإشارات المحيلة إحالة قبلية أو بعدية» مهتما بوسائل الربط المتنوعة 
كالعطفء والاستبدال» والحذفء والمقارنة والاستدراك؛. كل ذلك من أجل البرهنة على أن النص 
الخطاب (المعطى اللغوي بصفة عامة) يشكل كلا متماسك"!"! 

ومن الملاحظ أن التماسك يؤلف نقطة تتلاقي عليها عناصر الدلالة بطريقة تخدم البنية 
الكلية في إطار التفاعل العضوي. ويقاس العمل الإبداعي بقدرته على التعالي على الإمكانات التي 
يأتلف منهاء وتكتسب العناصر وجودها عبر نظام علاقات يسعى إلى تكوين الكل الذي يستشرف 
أجزاء الصورة. وتعاين نظرية التماسك النصي البنى بحثاً عن النشاط اللغوي الذي تحتكم إليه. 
وتتقصى وجوه التراسل بكشف مظاهر الاحتجاب واكتناه وجوه الغياب التي تحمل متعة النص 
وبهجته وتتضمن قيم لذته. وبهذا تنتظم الوظائف في تتابع يكسب البنى قيمتها في التشكيل الكلي؛: 
ويتنزل النسق منزلة البعد التكويني الذي يصهر وجوه المعرفة لتصبح العلامات مدلولات على البعد 
العضوي المنظم لأسرار البنيّة. فجدلية العلاقة ترتب طبقات البنية ضمن مرجع يكون أجزاء 
الصورة ويستفطب الروافد التي تظل شرطأ لتحولات النسق. ويشكل ملحظ التماسك نقطة ارتكاز 
للبحث عن قواعد الإبلاغية تحقيقاً للمقصد الذي يثوي في ذهن المرسل. فالوحدة الععضوية تفضي 
إلى جمع العناصر الدلالية في نسق يوحد المواقف في التعبير عن الكل المتعالي على عناصر البنية؛ 
فهي اقتناص لمنظومة العلاقات التي تسري عبرها الدلالات المكونة لتحولات النسق. 

ويكشف النقد العربي القديم رغبة في وحدة العمل الفني وارتباط عناصره بدلالة كلية تحقق 
ملامح النظم في تشكيل النسق. وهذه قصة يسوقها الجاحظ تظهر ذلك: "وقال أبو نوفل بن سالم 
لرؤبة بن العجاج: "يا أبا الجحاف. مت إذا شئت» قال: وكيف ذاك؟ قال: رأيت عقبة بن رؤبة ينشد 


555 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


رجزاً أعجبني» قال: إنه يقول» لو كان لقوله قران"!'' ويبدو أن النظرة النقدية تحمل رصداً 
لمستويات التناسق الداخلي المؤلفة لتعالي النص على الإمكانات التعبيرية التي يأتلف منهاء ويلتقفئت 
الجاحظ في قصة طريفة يرويها إلى رصد ا ل 0 
معاني النفس في تشكيل بنية النص إذ يقول: "وقال بعض الشعراء لصاحبه: أنا أشعر منك. قال: 
ولم؟ قال: لأني أقول البيت 0 وأنت تقول البيت وابن عمه وجعل البيت أخا البيت إذا أشبهه 
وكان حقه أن يوضع إلى جنبه'!". 

وهذا يبدي أهمية الاقتران الداخلي المؤتلف على هيئة كل تتصهر فيه عناصر النص 
فالنظرة إلى وحدة العمل الأدبي ناتجة عن تقصي أنظمة العلاقات التي تحتكم إليها بنية النص. 
وتشكل الدلالة الكلية نقطة الانطلاق التي يكثف فيها المبدع كل الأبعاد في طاقة يختزلها عبر توزيع 
الصور والمعاني الرمزية التي تكفل للعمل الفني وحدته الكلية» ويذهب ابن طباطبا (١7575ه)‏ إلى 
أن عناصر القصيدة تتراسل على وجه من التلاقي الذي يجعلها تتسق على محور دلالي يكفل تأدية 
العناصر لأدوارها الوظيفية وفق مرجعية النسق» إذ يقرر أن: "أحسن الشعر ما ينتظم القول فيه 
انتظاماً يتسق به أوله مع آخره على ما ينسقه قائله» فإن قدم بيت على بيت دخله الخلل... بل يجب 
أن تكون القصيدة كلها ككلمة واحدة في اشتباه أولها بآخرهاء نسجاً وحسناً وفصاحة وجزالة ألفاظ 
ودقة معان وصواب تأليف!" فهو يقارب بنية القصيدة مقاربة تنظر إلى أبنية النص على أنها 
إحالات هدفها تكوين المعنى وفق قرادة التشكيل. 

وبيّن شوقي ضيف الوحدة العضوية عند ابن طباطبا بقوله: "وكأنّ ابن طباطبا تنبه في دقة 
إلى ما رذده ولا يزال يردده النقاد في عصرنا من فكرة الوحدة العضوية في القصيدة» بحيث تصبح 
القصيدة عملا محكماً إحكاماًء فلا تخلخل بين المعاني المتعاقبة إنما انتظام واتساق والتحام حتى 
تصبح القصيدة كأنها كلمة واحدة ومعنى واحد"!؛)» وهذا يظهر حرص ابن طباطبا على امتحان 
السلطة التي تمارسها الوحدة العضوية في هيمنتها على الوظائف الدلالية إذ تفرض قانونا على 
تكوثر البنى في تماسكها النصيء ويرى إحسان عباس أن وحدة القصيدة عند ابن طباطبا هي وحدة 
بناء مبنية على أساس من التدرج وإقامة مدنت باورا إذ يقول: "إن الوحدة فيها قد تكون 
وحدة بناء وحسبء فتلك هي الغاية الكبرى من هذا التدقيق في التوالي والتدرج وإقامة العلاقات بين 


)١(‏ الجاحظهء البيان والتبيين» ج١»‏ تحقيق عبد السلام هارون»ء ص 18» نشر: دار الجيل» بيروت. 

.778 الجاحظء البيان والتبيين» ج١ء ص‎ )١( 

(') ابن طباطبا: عيار الشعرء تحقيق: عباس عبد الساتره ص »١7١‏ دار الكتب العلمية» بيروت.» ط987١١١,‏ 
(4:) شوقي ضيف: البلاغة تطور وتاريخ. ص .١77‏ دار المعارف»ء القاهرة» ط 8: .١997‏ 


51/ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


الأجزاء'!''؛ وهذا دليل على أنّ مساهمة ابن طباطبا تعد دراسة جادة لطرق تشكيل العمل الفني وفق 
الاتحاد العضوي بين عناصره. 

وينفي مصطفى بدوي أن تكون الوحدة في الشعر مجرد وحدة بنائية: "فليست الوحدة في 
الشعر مجرد وحدة بنائية كما هي الحال في المقال الفلسفي والعلمي وإنما هي وحدة عضوية حية. 
ولقد آن لنا أن نبطل الحديث عن استقامة بناء القصيدة ونتحدث عن عضوية القصيدة أو وحدتها 
العضوية الحية. فالقصيدة الجيّدة كائن حي وليست بناء جامد مهما يكن متقناً محكم الصنع. ما 
طبيعة الوحدة التي نجدها في الكائن الحي؟ هي وحدة حية نامية تنبع من مبدأ في باطن الكائن: ... 
أي المبدأ الذي يجعل من الكائن فرداً فريداً من نوعه مختلفاً عن غيره؛ فهناك مبدأ واحد يتحكم في 
الكائن الحي المفرد ويلون كل أجزائه ونواحيه'!"' وهكذا تبنى القصيدة على علاقات تكسب كل 
عنصر معنىّ خاصاً من خلال توافقه مع الكل. وتستند إلى التناسق الداخلي الذي ينظم الدلالات 
نين قانوق: ينات :ينقضبى الوتظائف: الجمالية الث كهيمن: ظلىسيرون البدى: 

ونشير هنا إلى أن الوحدة العضوية في القصيدة تعني: "وحدة الموضوع ووحدة المشاعر 
التي يثيرها الموضوع. وما يستلزم ذلك من ترتيب الصور والأفكار ترتيباً به تتقدم القصيدة شيئا 
فشيئاً حتى تنتمي إلى خاتمة يستلزمها ترتيب الأفكار والصورء على أن تكون أجزاء القصيدة كالبنية 
الحية لكل جزء وظيفته فيهاء ويؤدي بعضها إلى بعض عن طريق التسلسل في التفكير 
والمشاعر"", وهكذا يتم تكامل أبنية القصيدة وفق سمات خاصة تصهر الإمكانات التعبيرية في 
تماسك يؤدي إلى إنتاج الدلالة الكلية» وقد تصور ابن قتيبة (115ه) نمطأ من الوحدة أضحى 
مقرراً عنده دالاً على تراسل تجري عليه أبنية القصيدة في تشكيل أنساقها إِذْ يرى: "أن مقصد 
القصيد إنما ابتدأ فيها بذكر الديار والدمّن والآثارء فبكى وشكاء وخاطب الربع؛ واستوقف الرفيق» 
ليجعل ذلك سببأ لذكر أهلها الظاعنين عنهاء ثم وصل ذلك بالنسيب» فشكا شدة الوجد وألم الفراق: 
وفراط الصبابة والشوقء ليميل نحوه القلوب» ... لأن النسيب قريب من النفوس ... فإذا علم أنه قد 
استوثق من الإصغاء إليه والاستماع له» عقب بإيجاب الحقوق» فرحل في شعرهء وشكا النصب 
والسهرء... فإذا علم أنه قد أوجب على صاحبه حق الرجاءء بدأ في المديح؛ فالشاعر المجيد من 
بيلك .هذة الأمتاليب» وعدل بين هذه الأقسنادة قله يجغك واحدا متها أغله عل“ التنشدزا ومن 


.١19587 إحسان عباس: تاريخ النقد الأدبي عند العرب, ص ا دار الثقافة» بيروت» طق‎ ١ 


مصطفى بدويء دراسات في الشعر والمسرح.» ص ؟ -“ء دار المعرفة» ط١ا,‏ و«ك55١,‏ 
داود غطاشة وحسين راضيء قضايا النقد العربي قديمها وحديثها. ص 2١١5‏ عمان» طاهء ١١8‏ . 
ابن قنيبة» الشعر والشعراع. جء تحقيق: أحمد محمد شاكر.» ص هما لكلل دار المعارف» القاهرة. 


١ 
3 


)0( 
2( 
لو 
)5( 


3 


51 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الواضح أن القصيدة وفق نظرة ابن قتيبة تؤسس على مجموعة من اللحظات التي تأتلف في سياق 
واحد مما يؤدي إلى التراسل المشترك على مستوى الدلالة الكلية» وهذا يبدي: "أنّ ما يسميه النقد 
الحديث بالوحدة العضوية لين في الحفيقة إلا وحدة الضؤنة::ووبحدة'الضوزة "هي بالضووز :وحندة 
الإحساس أو هيمنة إحساس واحد على القصيدة كلهاء ... وأننا عندما نذكر هذه العبارات "الوحدة 
التضتوية أ "الوحذة الففية أو الويكدة الشعؤورنية إنما نعي :شيئا واهذا اهو حيمتة: إحساين و اكمه» أز 
لحظة شعورية واحدة أو رؤية نفسية ذات لون محدد على العمل الفني كله7'/» وانتهى نوري القيسي 
إلى: "أن الشاعر يخطط للبناء منذ البيت الأول ويبدأ بوضع الخطوط العامة» ويهيئ اللوازم» ويلون 
الأشكال والأبعاد والزوايا حتى تتكامل له اللوحة» وتبرز الصورة بالشكل الذي التزم به. وهذا يعني 
أن الوحدة في القصيدة تبدأ من البيت الأول وتتشابك أجزاؤها بشكل متناسق وترتيب منطقي سليم 
حتى تنتهي وهي وحدة موضوعية مهيأة في ذهن الشاعرء ووحدة شعرية التزم بها ووحدة عضوية 
اتحد فيها المضمون والشكل"!"؛ وهكذا تمضي القصيدة في التجمع المنتظم في خط أشبه ما يكون 
بالمفتاح البنائي الذي يستقطب كل الأفكار على محور يستوعب عناصر النص ويرتبها في نسق 
يتعالى على كل البنى التي يأتلف منها. ومن هذا المنطلق ينظر إلى البنية الجمالية في النقد الحديث 
على أنها: "مجموع مركب من مكونات مترابطة ومحققة بصورة عملية وجمالية في سلسلة 
متصاعدة ومعقدة» يربط بينها على التوالي العنصر المهيمن على هذه المكونات» فهي نسق قائم على 
الوحدة الداخلية للكل من خلال العلاقات المتبادلة بين أجزائه» ولا يقوم هذا النسق على العلاقات 
المتوافقة فحسبء بل يقوم على التناقضات والتوتر والصراع'(» وقد تكشف للجرجاني أنّ عناصر 
الصراع والتناقض من الأمور التي تسهم في تحقيق الوحدة العضوية» لأنّ هذه العناصر تؤوسس 
على تناقض مختلف يفضي إلى اتساق مؤتلف. إذ يلاحظ: "أنها لصنعة تستدعي جودة القريحة 
والحذق» الذي يلطف ويدقء في أن يجمع أعناق المتنافرات المتباينات في ربقة». ويعقد بين 
الأجنبيات معاقد نسب وشبكة!“)» فهو يقيم مرجعية النص على ملاحظ التباين المولدة لمسافة التوتر 
عبر الاختلاف المفضي إلى التشاكل. وهذا يوضح أن الجرجاني أدرك الإطار الذي تتحرك في 
سياقه الوحدة العضوية»: فقد اتخذث عنده منحي جديدا يتأسس على بنية العلاقات التشاركية» واكتناه 


.١19175 دار النهضة العربية» بيروت؛:‎ ء.١١١1-‎ ٠١١ محمد زكي العشماويء قضايا النقد الأدبي بين القديم والحديث. ص‎ )١( 

(؟) نوري القيسي» دراسات في الشعر الجاهلي» ص 55؛ جامعة بغداد. 

() يان موكاروفسكيء اللغة بين المعيارية واللغة الشعرية» ص 8”» ترجمة ألفت كمال الروبي» مجلة فصولء المجلد 
الخامسء العدد الأول» ديسمبرء .١985‏ 


):) عبد القاهر الجرجاني» أسرار البلاغة.» ص 2١77‏ نشر: دار المعرفة» بيروت» 11 ام, 


ما 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


الروابط في النظر إلى النص الأدبي على أنه يبنى على: "تعليق الكلم بعضها ببعضء وجعل بعضها 
مدن من يسبع ترح ساي الند بين كلم كين تبح أجِزَاء الكلام ويذخل بعضها في بعسض: 
وأن يشند ارتباظ ثان بأول: كي توضيع الجملة في النفس وضعاً واحداء فليس الغرض بتنظم الكلم أن 
توالت ألفاظها في النطقء» بل تناسقت دلالاتها وتلاقت معانيها على الوجه الذي اقتضاه العقل!", 
وبيان ذلك: "أن العناصر الجزئية لم تكتسب دلالاتها التعبيرية إلا باندماجها في صميم الوحدة الفنية 
المميزة للعمل ككل .... وهكذا ننتهي إلى الفول بأنٌ بناء العمل الفني إنما هو ثمرة امتزاج الصورة 
بالمادة واتحاد المبني بالمعنى» وتكافؤ الشكل مع الموضوع؛ بشرط أن تتوافر للعمل وحدة فنية 
تجعل منه موضوعاً جمالياً يتمتع بشبه ذاتية'!"!» فهذا يبيّن أهمية الانسجام الكلي في تحقيق فاعلية 
الدلالة عبر التماسك الداخلي بالنظر للنص على أنه نظام ينطوي على أنساق من المتجانسات التي 
تصب في الدائرة الكلية. فالتشكيل النصي يستند إلى وحدة بنائية تمزج عناصر العمل الففي فكراً 
وعاطفة وخيالاً في اتحاد تتسق تتسق فيه الألفاظ والمعاني والوزن والقافية» وتتجلى الوحدة في البيان عن 
أشكال العلاقات التي ينتظمها التعبير عن المقصد على نحو دون آخر. وهذا يظهر: "أنّ دلالة أي 
نص شعري ليست في معنى افتراضي مسبق له وإنما هي محصلة مجمعة لكل وسائله الإشارية 
والمجازية وطرق نظمه في التعبير والرمز. من هنا تصبح طريقة القول جزءاً جوهرياً وعنصرا 
مكوناً للقول ذاته وتصبح دلالة الشعر الكاملة معادلة فحسب للقصيدة ذاتهاء وليس بوسع أي ناقد 
حينئذ أن يبسطها ويشرحهاء لأنه يحول بنيتها ويفك تكوينها دون أن يعيد تركيبه؛ وتظل مهمة 
القراءة النقدية الوحيدة هي تتبع كيفية إنتاج الدلالة الشعرية وعوامل تولدها بالتعرف على هذه 
الأبنية وتحديد رموزها لإدراك كيفية قيامها بوظائفها السيميولوجية!": والذي يبدو واضحا أنه 
القصيدة تنتظمها مجموعة من المواقف التي يقيمها الشاعر وفق أدوار وظيفية تروي قصتها على 
نحو تكاملي تأتلف عناصره لتعكس بعداً واحداً هو المفتاح البنائي الذي ينظم التموجات المتناقضة 
والمتوافقة في محور دلالي واحد هو التصور البنائي الكلي الذي يشكله اتحاد النسق. من هنا: 
"تستلزم هذه الوحدة أن يفكر الشاعر تفكيراً طويلاً في منهج قصيدته؛ وفي الأثر الذي يريد أن 
يحدثه في سامعيه» وفي الأجزاء التي تندرج في إحداث هذا الأثرء بحيث تتمشى مع بنية القصيدة 
بوصفها وحدة حية؛ ثم في الأفكار والصور التي يشتمل عليها كل جزءء بحيث تتحرك به القصيدة 


)0 عبد القاهر الجرجاني» دلائل الإعجاز. ص م 6 ار 
)١(‏ زكريا إبراهيم» مشكلة الفن» نشر مكتبة مصرء ص 47 -0٠ه‏ 
فق صلاح فضل» إنتاج الدلالة الأدبية, ص 00 مؤسسة مختار» القاهرة, طىف /11 ام 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


إلى الأمام لإحداث الأثر المقصود منها عن طريق التتابع المنطقي وتسلسل الأحداث أو الأفكقار"!", 
وقد نظر عبد القاهر الجرجاني لنظرية النظم على أنها تصور كلي تحتكم إليه عناصر العمل الففني 
إذ يضع كل لفظة في مكانها مما يحتم وحدة بناء تشبه النواة في انتظام ذراتها. 

وقد أدى تطبيق هذه النظرية عنده إلى تشكيل عناصر البنية من جمع مؤلفاتها الدلالية 
بطريقة تعتمد الانتظام» يقول في تحليل بيت بشار: 


كأن مثار التقع فوق رؤوسنا وأسياففا ليل تهاوى كواكبه 


"فبيت بشار إذا تأملته وجدته كالحلقة المفرغة التي لا تقبل التقسيمء ورأيته قد صنع في الكلم 
التي فيه ما يصنعه الصانع حين يأخذ كستراً من الذهب فيذيبها ثم يصبها في قالب ويخرجها لك 
سوانا أو خلخالاء إن أنث حاولت قطع عضن "القاظ البيت عق بعضن كنت كمعن يكس الخلفة 
ويفصم السوار""ا. فهذا تبصر من الجرجاني بأنّ العمل الفني يستند إلى محيط يستوعب طرائفق 
التشكل بحثاً عن فضاء يجسد جامع النص المفعم بالحيوية والمتضمن لفرادة التعبيير. ويمارس 
الجامع النصي نشاطه البنائي في سعي متوثب لبناء تفاعل عضوي يجسد سيرورة التواصل عبر 
الاحتكام لقواعد النسق» ويمتلك تشكيله الجمالي وفق فضاء يمنح العناصر قيمتها التأثيرية المؤتلفة 
على نظام من التعاقب المحقق للتشاكل المؤتلف. ويتم وضع العناصر في نظام يتوخى اقتناص 
طرق التلازم ويصوغها في نسق عضوي يتيح الهيمنة على عناصر المنظومة ويشكلها تشكيلاً يعلو 
عليهاء وهكذا يلاحظ: "أن الوحدة الموضوعية تقوم على أساس تنمية الشاعر لأقسام القصيدة تنمية 
عضوية بحيث ينشأ كل جزء من سابقه بطريقة مقنعة» ويستدعي الجزء الذي يليه استدعاء حتميا 
حتى تتكامل أجزاء القصيدة وتشملها عاطفة موحدة» ... وهكذا نجد الصلة وثيقة بين موضوعات 
القصيدة الواحدة» فكل جزء منها يذكر بجزء بعده ويستجيب لجزء قبله» فإذا المعاني موصولة يأخذ 
بعضها برقاب بعض؛ لأن الأفكار متماسكة» هذا إذا أحسن الشاعر التخلص والربط بين 
الموضوعات"7"؛ بهذا يتضح أنه: "ليس معنى هذه الوحدة أن تحتوي القصيدة على موضوع واحد... 
لكن معناها أن يكون بين موضوعاتها انسجام في العاطفة المسيطرة» وفي الاتجاه المركزي نحو 
حقائق الكون وتجارب الحياة. والشاعر يحقق هذه الوحدة في بنائه لقصيدته بأن يرتب موض وعاته 


)0 محمد غنيمي هلال» النقد الأدبي الحديث. ص 2,550 دار نهضة مصر. 
(؟) عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز. ص .7١7‏ 
فق يحيى الجبوري» الشعر الجاهلي, ص 755 -35528؛ مؤسسة الرسالة؛ بيروت. طه. ,١9185‏ 


ا" 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


ترتيبا يقوم: على النحقالمطر:"!١!,‏ وهذا يعني: "أن الوعة ف اللطلاوو 0 تهج النعقاهة ين جاده 
التجارب والعواطف في قصيدته. إنما يد ع ا ل ا 
استجلاء وحدة في الوجود أو في موقف النفس البشروية مدي "!4 ويؤية هذا المنحى: "أن القصيدة 
الجاهلية التي تعددت موضوعاتها كانت تفتتح بذكر الأطلال والغزل» وكانت عاطفة الشاعر في هذا 
الافتتاح عاطفة حزينة ترتبط بذكرى الشاعر أو حبه القديم ومعالم آثار الأحباب الذين ارتحلواء 
ويعني ذلك أن تعرض القصيدة منذ البداية مشهداً مؤثراً عاطفياً ومشهداً حسياً مرتبطا بذكريات 
الشاعرء يتمثل في الأماكن التي شهدت جانباً من حياة الشاعر العاطفية. ويتلو ذلك رحلة الشاعر في 
الصحراء وما يصادفه فيهاء ومنها يقصد إلى غرض آخر من أغراض الشعر مثل الفخر أو 
المد "!ا 

ويلتفت الحاتمي ( 808/*ه) إلى وحدة القصيدة بقوله: "وتشبه القصيدة الإنسان في اتصال 
عقر امسا اوعد » قت تقل ولسطو لاخر زوده و عي تركو غادر الجسم ذا 
عاهة لكر ودار وج اعادو “أ وهذا يبدي دعوة واضحة إلى وحدة العمل الأنيحن 
وتماسك عناصره وفق نظام متكامل يسهم في إنتاج الدلالة الكلية. 

وقد تنبه ابن سنان الخفاجي (4577ه) إلى الوحدة العضوية في نقدنا القديم فصدر في بيانه 
عنها بفكرة نصها: "أن يستمر في المعنى الواحد وإذا أراد أن يستأنف معنىَ آخر أحسن التخلص 
إليه حتى يكون متعلقاً بالأول وغير منقطع عنه» ومن هذا الباب خروج الشعراء من النسيب إلى 
المدح"!*!» وهكذا يتبيّن: "أن نقاد العرب يتطلبون في بناء القصيدة أن يكون فيها رابط قوي بين 
أجزائهاء حتى تبدو عملا فنياً متلائم الأجزاء مرتبط العناصرء ويتطلبون كذلك تناسباً بين البيت 
وسابقه ولاحقه» ليكون هناك سلك يجمع بين هذه الأبيات» وفي البيت الواحد يجب أن يتناسب 
شطراه في المعنى وفي الروح؛ وأن ترتاح كل كلمة إلى جوار أختها"'. وبذلك توصل النقد العربي 
القديم إلى ما تنادي به الأنظار النقدية الحديثة إذ: "تنظر إلى العمل الأدبي ننظفرة عضوية نامية 
أساسها البنيان المتماسك الذي يرتبط فيه الجزء بالكل ارتباط الفرع بالشجرة ويؤثر في هذا الارتباط 


١‏ محمد النويهي» الشعر الجاهلي, (منهج في دراسته وتقويمه), ج22 ص لكام الدار القومية» القاهرة. 


محمد النويهي. قضية الشعر الجديد» ص »٠١1- ٠١8‏ مكتبة الخانجي» طى ١لا‏ , 
بهي الدين زيان» الشعر الجاهلي تطوره وخصائصه الفنية, ص 4 دار المعارف» القاهرة. 
ابن رشيق القيرواني» العمدة. ج”. ص 2١١7‏ تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميدء» مطبعة السعادة.» مصرء طاى 


1 
3 


)0( 
2( 
لو 
)5( 
5ام, 


0ص 
0 


ابن سنان الخفاجيء. سر الفصاحة» ص 558, دار الكتب العلمية» بيروت» .1١١9/857‏ 
506 بدوي: أسس النقد الأدبي عند العرب. ص 6 ل دار نهضة مصر للطبع والنشر. 


007 
5 
جحت 


لا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


كل منهما بالآخر أو يتبادلان التأثيرء ولذلك صار تقسيم العمل الأدبي على أساس تجربة شعورية 
واحدة وأصبحت الصورة تظهر على أنها لبنة في بناء أو وحدة في كل مترابط ومتكامل"!". 

ومن هنا يتضح لنا أن القصيدة تنتظمها: "وحدة مصدرها المبدأ الذي يصبغ جميع عناصرها 
بلون .واحد إذ ينساب في أطرافها جميعاً كما تنسئاب العصارة الخضراء التي تغذي الشجرة جذرا 
وساقآء أغصاناً وأوراقاً. ولهذا فنحن نطلب من القصيدة التي تحقق فيها الوحدة أن ترتبط عناصرها 
جميعاً كما يرتبط الجذر والساق والأغصان والأوراق. فيؤدي كل عنصر فيها وظيفة خاصة غير 
منفصلة عن الوظيفة التي يقوم بأدائها عنصر آخر بحيث تسير هذه الوظائف مجتمعة في اتجاه 
واحد وتؤدي إلى غاية واحدة هي الأثر الكلي الموحد الذي تولده القصيدة في نفس القارئ"!". 

من هنا يمكن القول: "فلنفكر قليلاً في هذا المفهوم للوحدة الفنية» أي وحدة الأثر الجمالي 
الذي تتركه القصيدة على قارئهاء وما يقوم عليه هذا المفهوم من وحدة عضوية. أي انسجام الأجزاء 
التي ركب منها الشاعر بناءه العام للقصيدة ونمو هذه الأجزاء وتطور بعضها من بعض بحيث 
تكون جميعها بنية موحدة متكاملة» نجد أنّ هذا المفهوم لا يتحقق للشاعر إلا إذا توفر له شرطان: 
أحدهما وحدة الباعث أو الدافع الذي دفعه إلى نظم قصيدته؛ وثانيهما وحدة الغاية أو الهدف الذي 
يهدف إليه من نظمها"!". 

وصفوة القول أن وحدة القصيدة تمثل قانوناً يؤدي إلى اتتلاف أجزائها في نظام مداره تتابع 
العناصر في نسقء وهكذا فإِنَ: "وحدة الموضوع في القصيدة تأتي من خلال معاناة الشاعر للتجربة 
الشعؤوية حدق [ذا كو افزرة للشاغن :هذه التمرية وكاملك له عداضوها الموذنة اشينايتة عاط 
بشكل متناسق؛ معبرة عن هذه التجربة بما يلاثمهاء راسمة له الأشكال الفنية التي يقوم عليها بناء 
القصيدة وخاضعة للتقاليد التي التزم بها أو فرضت عليه“ '» ويتبيّن من ذلك أنّ: "الوحدة العضوية 
للقصيدة تتمثل في وحدة المشاعر التي تستقطبهاء وفي كيفية ترتيب الصور والأفكار ترتيباً متنامياً 
تتشكل من خلاله القصيدة تشكلاً طبيعياًء يفضي فيه كل جزء إلى وظيفته إفضاء متسلسلء إذزنصل 
في النهاية إلى بنية حية للقصيدة تشابه تماماً بنية الكائن الحي في تساوقها وانسجامها وتشكيلها 


الطبيعي» إن ترتيب الأفكار والإحساسات على أساس من منطقيتها أو سببيتها هو الذي يعطي العمل 


كنا 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 
الشعري مسوغ وجوده المتلاحم على نحو عضوي!". 

وهكذا تمتلك الوحدة العضوية طاقة قادرة على التنسيق الوظيفي الذي يشكل سلطة تحكم 
التواصل النصي. وبهذا تتولى توزيع الوظائف على وجه مخصوص وفق قاعدة العلاقات التي 
ترتب أشكال القصيدة في نظام كلي مداره التلازم والتماسك النصيء فالأنساق ترتبط في قانون كلي 
يضبط الدور الوظيفي توخياً لوضع الألفاظ في مكانها الأشكل بها إِذْ يحقق مظاهر الاقتران وفق 
أصل دلالي يكفل خصوصية التشكيل» وتشكل وحدة القصيدة قاعدة تبلغ الغرض المشترك على نحو 
يسمح بتقاطع الانعكاس المرآتي على مرآة مكثفة تشكل الدلالة الكلية:؛ إِنْ علاقة التجاور هي 
مرجعية الإبداع إِذْ تنهض لمراعاة قواعد التناسق الدلالي تحقيقاً للإبلاغية والتأثير. 

فالوحدة العضوية تؤلف مرجعية قوامها جمع البيانات توخياً لغنى دلالي يرتكز على 
سيرورة متنامية تجعل النص رهينة الانتظام وملاحظ التأثيرء وتنزع القصيدة إلى آفاق التآلف 
المحقق للمقصد عبر تكثيف مداره التوافق والانسجام. وهكذا ينحو بالعناصر منحى يقود الأبنية نحو 
الجامع النصي المؤسس على نمط يتوخى إدراك المقصدء فمعيار التماسك الجامع الدلالي الذي يستند 
إلى سيرورة العناصر سيرورة درامية تغني النص بالمستوى العضويء وتبلغ الوحدة غايتها 
القصوى وفق تخطيط ينزل العناصر منزلاً يتوخى آفاق التحكم الذاتي إذ تستند إلى نسق عضوي 
يتيح الهيمنة على عناصر المنظومة ويشكلها تشكيلاً يعلو عليها. 

فقانون الوحدة العضوية يحقق تفاعل العلاقات على وجه دينامي يجمع الأطراف المتباعدة 
على مبدأ المشاكلة» إنها توجيه لعناصر النص وفق طاقة تسعى نحو غاية خاصة تحتكم لموقف 
شعوري موحد يحفظ التماسك العضوي ويحصل النظم على وجه دون آخر. 


الثالث: النظرية الإبلاغية ومرايا التمايز الأسلوبي: 

إن الإبلاغية تعني قدرة اللغة على التأثير والعدول وامتلاك الحيوية المؤلفة للانفعال 
الوجداني في سياق لذة النصء فهي تعيد إنتاج الرصيد المعجمي وتتحدى الصورة النمطية معبرة 
عن البيان المؤسس على خصوصية التشكيل ومرايا التمايز الأسلوبي . فدينامية النص تلوذ 
بالإبلاغية لتكون نقطة انطلاقها نحو عالم الشعرية المؤلف لطبقات البنية. وتسعى الإبلاغية للك شف 
عن أعلى درجات التنظيم الأسلوبي إذ تتقصى فرادة التعبير التي ترتقي عبر مرقاة الإيحاء مجتازة 
أفق التوصيل نحو خصوصية التشكيل الجمالي. فهي توظيف للعلامات اللغوية على وجه خاص 


)0 محمد العزب» عن اللغة والأذدب والنقد (رؤية تاريخية ورؤية فنية)» ص 5", المركز العربي للثقافة والعلوم» بيروت» 
لبنان. 


ا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


تتخطى فيه سياقها المعجمي وتمارس سلطة المفارقة للمألوف وتكشف العالم اللغوي في رحلة دلالية 
تفرض حضورها بغيابها وتبنى على مغايرة مفادها تشكيل اللذة الجمالية على محاور المشاكلة 
والاختلاف بغية التجانس والإئتلاف البياني المولد للتفاعل النصي. وتهفو إلى إدراك المستوى 
الأعلى للتأثير الذي يقوده التحول المبني على الامتاع والمؤانسة تحقيقاً للتقبلية. 

ومن المقرر أن الإبلاغية (وهي جوهر البلاغة) تعد اللغة الأدبية مسرحها ومربط خيلهاء 
وأنّ الانفعال الكامن في الصيغ والعبارات والاشتقاقات لهي المنهل الأساس الذي تنهل منه!'!. وهذا 
يعني أنّ مدار الإبلاغية فرادة الانتظام وكسر التوقع الذي يدور في أفقه النص بحثاً عن الفضاء 
الذي يحاصر الثوابت الأسلوبية متمرداً عليها. وتتجلى عبر خصوصية التشكيل المضمرة لفنون 
البلاغة وفتنة النص التائهة في عالم الغياب. وتصنع عالمها عبر المعنى العاطفي الذي يكف 
الشعرية ويفرض حضوره بغيابه المتشح بالغموض والمعلن لمتعة التجلي وفق سيرورة التخفيء 
وتوغل بالتخفي الصانع لفجوات شرفة الغياب والمبني على تراسل التجاوز والإلحاح على الإمتاع. 
وتنهض في منتهى الإحكام معدلة الوجوه المألوفة بتصيد التفرد بحثاً عن التمايز الأسلوبي المولد 
للشعرية في أقصى تجلياتها. 

وتقام على تحطيم العلاقات في تراسل يسعى نحو نقطة مجهول البيان الذي يفرض مسافة 
التوتر عبر فراغ معرفي يلوذ بالمستويات المعرفية الناتجة عن الغياب» فسيرورة التوتر الدائم 
يُحمليا الخناء الراحل بالدلالات نحو الفضاء الذي تهيمن عليه آفاق التجاوز فيسترجع وظيفة الغائب 
ويستدعي حضوره. وقد تنبه أبو حيان التوحيدي إلى الوظائف التي تتصدى لها الإبلاغية الجمالية؛ 
وجاء ذلك على لسان أبي سليمان المنطقي الذي يفصح عن ذلك بقوله: "فأما البلاغة فإنها زائدة على 
الإفهام الجيّدء بالوزنء» والبناء» والسجع. والتقفيه» والحلية الرائعة» وتخير اللفظء واختصار الزينة 
بالرقة» والجزالة» والمتانة» وهذا الفن لخاصة النفسء لأن القصد فيه الإطراب بعد الإفهام والتواصل 
إلى غاية القلوب لذوي الفضل بتقويم البيان"!"! فالإبلاغية تحشد الاستراتيجيات القادرة على تحقيق 
التأثير على نحو خاص يوافق الأوضاع التي يرتضيها التكوثر البياني. 

وتتجلى الإبلاغية في الوضع الإعجازي الذي تحقق للقرآن ونال اهتمام البلاغيين في تقصي 
مقوماته الجمالية والتطرق إلى خصوصيات كونه في أعلى درجات البلاغة» فقد تحصل له أفصح 
الألفاظ في أحسن نظوم التأليف وفق مرايا التمايز الأسلوبيء وهذا ما يقرره الخطابي (753/4:ه) 
الذي يرى أنّ: "عمود هذه البلاغة هو وضع كل نوع من الألفاظ التي تشتمل عليها فصول الكلام 


.١191 سمير أبو حمدان: الإبلاغية في البلاغة العربية» ص 7". بيروت». طاء‎ )١( 


,.١19588 أبو حيان التوحيدي: المقابسات؛ تحقيق محمد توفيق حسن.» ص اق دار الآداب» بيروت» طاى‎ (١ 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


موضعه الأخص الأشكل بهء الذي إن أبدل مكان غيره جاء منه إما تبدل المعنى الذي يكون فيه 
فساد الكلام وإما ذهاب الرونق الذي يكون معه سقوط البلاغة'!''. وهذا ملحظ يكشف أثشر تقاطع 
المستوى الأفقي والمستوى العمودي على أصل مشترك مداره إحكام عناصر النص وإعلاء قيمة 
النسق الذي يضع كل كلمة في مكانها المناسب. وهكذا فإنّ الألفاظ إذا وضعت في موضعها الأخص 
كانت منتظمة وفق المقصد الذي أريدت له» فهذه دعوة لتنظيم العناصر على وجه أسلوبي مداره 
الوحدة الدلالية الكبرى المسيطرة على إنتاج الدلالة الكلية. 

ويوافي الرماني (7785ه) هذا المنحى في بيانه أنَ: "أعلى مرتبة في حسن البيان ما جمع 
أسباب الحسن في العبارة من تعديل النظم حتى يحسن في السمع ويسهل على اللسان وتتقبله النفس 
تقبل البردا". فهذا الاثتلاف الصوتي يمتلك سطوة التعاقب البنائي المبني على التجانس بغية التكوثر 
البياني الذي يحقق نظماً خفياً لمجهول البيان. وتمثل هذه الفكرة التي ينادي بها الرماني مراجعة 
لشكل العلاقة التي تنتظم التركيب ودلالته وفق قانون إحكام القيمة المرصودة الناتجة من القوى 
الحنية التي كك ٠:‏ إلبها ماهس «اللخارتوقة) كتصي النطن إلى الى طن أنه #زويهيج لاسن 
بطريقة تفوق مظاهر الإفراد وترتقي لبلوغ النسق. 

وقد هجم الباقلاني (01٠54ه)‏ على فكرة مؤداها أن القرآن معجز بنظمه؛ لأنه خارج عن 
جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب: "فأمًا شأن نظم القرآن فليس له مثال يحتذى عليه ولا 
إمام يقتدى به ولا يصح وقوع مثله اتفاقاً كما يتفق للشاعر البيت النادر والكلمة الشاردة والمعنى الفذ 
الغريب والشيء القليل العجيب"!! وهذا يبدي أنّ النموذج القرآني يمتلك قوة دلالية خاصة مدارها 
التحول الأسلوبي الذي يتمتع بجاذبية الخطاب» وهكذا ترجع أسرار الإعجاز إلى طريقة نظم القرآن 
على وجه خاص يتماسك فيه الأداء اللغوي ضمن سلوك بلاغي يظهر تجليات النسق» وهكذا يتضح 
أن القرآن: "بديع النظم» عجيب التأليف. متناه في البلاغة إلى الحد الذي يعلم عجز الخلق عنه.... 
وذلك أن نظم القرآن على تصرف وجوهه وتباين مذاهبه خارج عن المعهود من نظام جميع 
كلامهم» ومباين للمألوف من ترتيب خطابهم؛ وله أسلوب يختص به؛ ويتميز في تصرفه عن أساليب 
الكلام المعتاد"!2. 


)١(‏ الخطابيء بيان إعجاز القرآن (ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن)» تحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام». ص 
5» دار المعارف؛ مصر. 

)١(‏ علي بن عيسى الرمانيء النكت في إعجاز القرآن (ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن)» تحقيق: محمد خلف الله 
ومحمد زغلول سلام». ص 18. دار المعارف» مصر. 

(") الباقلاني» إعجاز القرآن»ء ص .١11‏ تحقيق: السيد أحمد صقرء دار المعارف؛. مصر. 

(:) الباقلاني: إعجاز القرآن. ص ؟ ١ه‏ -؟5. 


كا" 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


فطرق التشكيل القرآني تنهض موغلة في مدارات التمايز لترسم التحول الهائل وتنتج أوهاج 
التجلي اعتمادا على حيوية البنى المؤلفة للنص المرصود. وبهذا تقتحم الإبلاغية آفاق التوقع 
وتمضي في تصاعدها خلال تشاكل الأنساق المستعلية في توظيفها الجمالي لدينامية المقصد. 

ويظهر ابن الأثير (57171ه) أن تحقيق الإبلاغية يتحصل عبر قواعد النظم وأنَ المزية 
التي تتمتع بها المفردات لا تنهض دليلاً على الحسن والجمال فلا بد من التفاعل النصي الذي يكفل 
طاقة الإبداع على وجه شموليء إذ يقرر: "أن ألفاظ القرآن الكريم من حيث انفرادها قد استعملها 
العرب ومن بعدهمء ومع ذلك فإنه يفوق جميع كلامهم؛ ويعلو عليهء وليس ذلك إلا لفضيلة 
التركيب(, 

ويرجع ابن الأثير أسرار الإبلاغية إلى تصور كلي مداره انسجام كل كلمة في مكانها الذي 
يليق بهاء وهذا يعني تحقيق التماسك ضمن رباط ناظم تحتكم إليه دوائر الشكل والمعنى في التعبيير 
عن المقصدء وهذا يظهر المعاني الإضافية عبر تتبع درجات المعنى باستجلاء صورة النظم من 
خلال نظام العلاقات. 

ويوافق هذا الاتجاه في تفسير أسرار ارتفاع نسبة الإبلاغية ما يذهب إليه القاضي عبد 
الجبار (5١5ه‏ )الذي يقرر: "أن الفصاحة لا تظهر في أفراد الكلام وإنما تظهر في الكلام 
بالضم على طريقة مخصوصة!". وهذا يبيّن أن المعنى الكلي ناتج عن تناسق بنائي يوظ ف القيم 
التعبيرية توظيفاً خاصاً تحقيقاً للقيمة الجمالية» وهكذا فإنَ الطاقة التعبيرية تقام على الترابط المحكم 
لأجزاء البنية إذ تستند إلى تنظيم ذاتي يعيدها إلى قواعد النسق. 


الرابع: اللغة الشعرية وفرادة التشكيل: 

تكتسب البنى طاقتها الإبداعية بتحولاتها عن مستوى الأصل وتكوينها علاقات جديدة 
تمنحها سمة الإيحاء» فهنالك فرق جوهري بَيْن وضع النص ضمن أنساق تحكمها أبنية مأخوذة 
بهاجس الموضوعية وما تفرضه الشعرية من فراده التشكيل إذ تحرر الرمز من علاقة الدال بمدلوله 
وفق فجوات معرفية ينهض في سياقها النص. وتأتلف اللغة الشعرية في عالم يأخذ العلامات في 
رحلة دلالية تحقق استثمار مجموعة الانحرافات التي تفرض حضورها بغيابها. ويتضمن هذا 
الغياب بعدا يجعل الألفاظ تروي قصتها في فضاء يتسق ضاربا في تعدد المدلولات» وبهذا يوظفف 


)١(‏ ضياء الدين بن الأثيرء المثل السائرء ج١»‏ تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد» ص .١5١‏ المكتبة العصرية» بيروت» 
0, 

(؟) القاضي عبد الجبارء المغني في أبواب التوحيد والعدل. ج(") ص 2117 تحقيق: أمين الخولي» مطبعة دار الكتبء 
القاهرة» ط١اء‏ 0٠95١م»‏ 


اا 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


النص العلاقات اللغوية توظيفاً خاصاً تتخطى فيه الكلمات سياقها المعجمي. 

وتمارس سلطة المفارقة للمألوف وتكثف العالم اللغوي إلى أقصى تجلياته بطريقة تتقدم فيها 
اللغة تحقيقا للشعرية. ويأتي البحث عن الشعرية كشفاً عن رحلة الدلالات والاهتداء إلى طرق 
تشكيلها. فهي صياغة جديدة تتم بتصيد مجموعة التجليات وردها إلى أداء يسهم في بناء الصورة. 

وتحتكم اللغة الشعرية إلى تحولات النسق التي تحتفي بفرادة التتشكيل متخذة الأشكال 
المتطابقة مع مقتضيات سياسة البيان المؤثر في طرق التشكيل والمحقق لفتنة القول عبر قواعد 
الصنعة توخيا للذة النص. ومن الملاحظ " أنّ الشعرية هي محاولة وضع نظرية عامة ومجردة 
ومحايثة للأدب بوصفه فنا لفظيآء إنها تستنبط القوانين التي يتوجه الخطاب اللغوي بموجبها وجهة 
أدبية» فهي إذن تشخص قوانين الأدبية في أي خطاب لغويء؛ وبغض النظر عن اختلاف اللغات!" 

من هنا يتضح أن "الشاعرية أو الأدبّية هي ما يمكن أن نسميه بالسر أو المسكوت عنهء. 
ونعني بذلك التشكيل الجمالي أو الفني المنبثق عن اللغة» وهذا المضمر هو ما يثيره النص لدى 
متلقية» ومن هنا فهي تجاوز وتخط للأسلوبّية» والتي بهذا المفهوم الخطوة الأولىء ومجالها هو 
البحث في خصائص لغة النصء وبعده تكون شجرة المنتهى» ويتولى المتلقي البحث عن المضمر أو 
هذا المسكوت عنه"!"! وهكذا تؤسس الشعرية على استشراف تحولات البنية في عبور يختفي وراء 
المعاني المجردة» ويقتنص المعنى بصورة تسبح في فضاء الاحتجاب بوجه يتحرر من قيود الواقع 
نحو أفق تموج فيه فضاءات مطلقة» وتنتظم العلاقات اللغوية على هيئة تشكيل يحول المقاصد إلى 
أشكال تعبيرية» وتستند هذه الأشكال إلى علاقات اقتران تحمل تجليات المضمون في صياغة تكسب 
كل عنصر معناه الدلالي ويقيم نفسه في نسيج داخلي مداره المقصد. 

والذي يبدو واضحاً أن الشعرية تتجسد بغموضها الداخلي عبر رؤية إبداعية تحويلية في لغة 
رمزية» تخفي في طبقاتها العميقة دلالات متعددة» تنمو خلالها وتزداد ثراء في كثافة الايقاع لتؤالف 
حقلا دلاليا عضوياً يتضح دوما على القراءة» التي ترادف الكتابة» بوصفها تشكيلا للشعر في أحد 
تجلياته النصية'!") وانطلاقاً من هذا الأساس يكون الشعر " صياغة جمالية للايقاع الخفي الذي يحكم 
تجربتنا الإنسانية الشاملة» وهو بذلك ممارسته للرؤية في أعماقها ابتغاء استحضار الغائب من خلال 
اللغة» إنه مغاير للنثر الذي قوامه العقل والمنطق والوضوح. ويؤدي وظيفة إبلاغية مباشرة» على 
خلاف الشعر الذي يعتمد على الخيال أو الرؤية التي تحيد بدلالة اللغة الحقيقية عما وضعت له 


18٠ رجاء عيدء البحث الأسلوبي معاصرة وتراث. ص‎ )١( 


للا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


أصفلاك: لتكنطفه) ابتعان كديلاف:نوالتكاء ات عين الد 1" 

وعلى هذا فإِنّ الإبداع يعتمد على الخيال الذي يتعالى على حدود المنطق» فهو يسبح في 
فضاء يفوق المألوف ويتخطى كل المعايير» لأن المعاني الشعرية تحملها ألفاظ مفتوحة الحدود:ء 
ويقرر الجرجاني هذا المعنى مظهراً أن الشعر لا يعتمد على البنية العقلية ولكنه يستند إلى التخييل؛ 
وأما التخييل" فهو الذي لا يمكن أن يقال إنه صدقء وأنّ ما أثبته ثابت وما نفاه منفي"!"ا 

وهذا يلفت انتباهنا إلى أن المعنى التخييلي يتحرر من قيود الواقع ويبني دلالة خاصة 
يستمدها من عالم الفضاء النصي. ويؤكد الجرجاني هذا التوجه في بيانه أنّ التخييل يفوق المعقول 
في تحطيم علاقات الواقع وبناء علاقات جديدة لم تكن من قبل ومرد ذلك عنده إلى أنه "' لا يؤخذ 
الشاعر بأن يصحح كون ما جعله أصلاً وعلة كما أدعاه فيما يبرم أو ينقض من قضية. وأن يأتي 
على ما صيره قاعدة وأساساً ببينة عقلية» بل تسلم مقدمته التي اعتمدها بين"( من هنا يتضح أن 
الشعر يفرض سلطته الرمزية التي تبني واقعا خاصاً يتجلى في أشكال تنتظمها علاقات الانجاز 
اللغوي؛ إنه تحويل للعلاقات على وجه فيه تثوير للواقع بطريقة تقيم وظائف النص وفق نقاط 
المقايز 4 المترهطة 7الدلالة 

ومن الملامح اللافتة أنّ المعاني تختلف بحكم استخدامها في أنساق لم تعهد في مكونات 
الواقع» لأنّ المبدع يستثمرها في وضع يكسب العناصر مستوى إضافيا. 

وقد لا تكون العلاقة بين النص والواقع منطقية» ولكنه يتعالى على علاقات الواقع ويعيش 
في عالم يكسبه المعنى ضمن قواعد الإبلاغية في أقصى تجلياتهاء وعلى هذا تكون : " الكلمة في 
التجربة الجمالية إشارة حرة: تم تحريرها على أيدي المبدع الذي يطلق عتاقها ويرسلها صوب 
المتلقي» لا ليقيدها المتلقي مرة أخرى بتصور مجتلب من بطون المفاهيم» وهو ما نقترفه دائما في 
حق النصوص الأدبية فنسهم في قتلها وإفساد جماليتهاء وإنما للتفاعل معها بفتح أبواب خياله لهاء 
لتحدث في نفسه أثرها الجمالي» وهذا هدف النص الأدبي"*! والملاحظ أنّ غياب احتكام النص 
الشعري لمنطق الواقع يرجع تفسيره إلى أنّ هذا النص ينظم وظائفه تنظيماً ذاتياً تتشاكل فيه البنى 


(١)إبراهيم‏ رماني؛ الغموض - الحداثة دراسة في المفهوم مجلة فصول. ص ”8: المجلد السابع العددان الثالث والرابع » 
ابريل» سبتمبرء ,.١98٠‏ 

( ؟) عبدالقاهر الجرجانيء اسرار البلاغة» ص .77١‏ 

( ") عبدالقاهر الجرجانيء اسرار البلاغة» ص 770. 


( :) عبدالشك الغذامي» تشريح النص.» ص 0 دار الطلعية (طااء بيروت» /ا ةا ١‏ . 


537 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


يتعدى الموضوعي إلى الذاتي. وقد أدى تطبيق هذه الفكرة في المناهج اللسانية الحديثة إلى ظهور 
فكرة مفادها " إذا كان العقل عقالا بالنسبة للفعل الشعريء فإن التخييل هو جود الرغبة:؛ يمتطيه 
الفعل الإبداعي لكي يتسنى له التيه في فضاءاته» إلا أن العملية التخييلية هذا لا تتم إلا عبر نسيج 
بلاغي متداخل ما هو في الأخير إلا أدوات رسم للصورة الشعرية أو الأدبية .. ويمكن ردها إلى ما 
يلي: التشبيه والاستعارة والرمز"'' وهكذا ينطوي النص على مستويات متعددة تصل العلامة 
اللغوية بمدلولها ويعتمد اكتناه هذه المستويات على الاحتمالية» ويقيم النص حضوره على لحظات 
من الخفاء الذي يشكل فراغاً معرفياً إذ يقيم نظامه بطريقة تفوق المعقول ويدخل في عالم خاص من 
التشكيل. 

وبهذا يتضمن سيرورة مسكونة بخفاء يجعل تحويله إلى معرفة يقبض عليها يشكل امراً 
يتعذر بلوغه» ومن هذا المنطلق تم تأكيد مبدأ الشعرية الذي يحقق مشروعيته بالخروج عن المألوف 
بما يحصل للبنى مطلب التمايز الذي يطالعنا بظلال جديدة للعلاقات بين الدال والمدلول. 

وتؤسس اللغة الشعرية لطاقة إبداعية ترسي سيرورتها عبر اقتناص يفارق أشكال المألوف 
توخياً للقيم التعبيرية الخاصة» فالشعرية ناجمة عن مشاهد التشابك العضوي الذي تنتجه مسافة 
التوتر تجسيداً لآفاق الرؤية. فهي استبدال للوجه القار من المدلول بوجه آخر يعلن الانزياح عن 
أسرار بيانه في أكتناه جديد يغني منابع الرؤية. وتظل الدلالات رهينة التعارض الذي يؤدي إلى 
كسر التوقع في إطار مرايا التناسب والإئتلاف المولد لوجوه التمايز والاختلاف بما يبهر الفكقر 
ويشبه السحرء إِنَّه الشعر. 

وبذلك يتضح " أن استخدام الكلمات بأوضاعها القاموسية المتجمدة لا ينتج الشعرية بل 
ينتجها الخروج بالكلمات عن طبيعتها الراسخة إلى طبيعة جديدة؛ وهذا الخروج هو خلف لما أسميه 
الفجوة» مسافة التوترء خلق للمسافة بين اللغة المترسبة اوبين اللغة المبتكرة في مكوناتها الأولية 
وفي بناها التركيبية وفي صورها الشعرية'!'أوهكذا فإنَ الدلالة هي الأصل الذي عليه المدار 
وتأتلف الشعرية على وجوه الاختيار وتأتي الصياغة توظيفاً لشلالات التعبير التي يمنح منها المبدع 
بما يفضي إلى التجانس النص الشعري. وهكذا يعتمد إبداع النص الشعري على التقاط فكرة 
وتشكيلها على صورة وحدة دلالية كبرى» ويؤلف هذا الملحظ نقطة الانطلاق التي يأخذها الشاعر 
وينظم على هديها المعاني والإيحاءات المتعد دة» ويفرض التواصل النصي حشد الدلالات لتنتظم 
تباعاء وبذلك يجمع كل الدلالات في تصور ذهني يوظف الطاقة المخزونة ويوزع الصور والمعاني 


, ١ 51/ كمال أبو ديب» في الشعرية». ص -591؛, مؤسسة الأبحاث العربية» بيروت» ط(ااء‎ )١) 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


الرمزية وفق مقتضيات التشكيل النصي. ويتكشف للشاعر ملامح إشراقية تصدر عن إخصاب 
الفكرة وتفاعلها في التصور الذهني» ويمضي النص في التجمع المنتظم في خط أشبه ما يكون 
بالمفتاح البنائي الذي يستقطب كل الأفكار على محور واحد تتواصل فيه حركة الرموز وتتوارد 
المعاني في تماسك نصي يبنى على الخيال الإبداعي الذي يحول الرموز إلى أداء لغوي. 

وتتواصل العلامات اللغوية مؤلفة النسيج اللغوي الذي يستوعب العناصر المناسبة للنص في 
نسق ينضبط فيه الموقع المناسب لكل عنصرء ويتضمن النص الشعري نسيجاً من الخبرات 
الاجتماعية والصور التعبيرية التي تتحول على شكل أداءء ويتسق فوق المكونات المؤلفة له في 
تفاعل ذهني يحول المعنى العام إلى معن خاص. ومن هذا نلحظ أنه يستقر في أنساق تستقيم 
للع د اي ال . وينتظم النص في تشكيل يمد جسوره بطريقة لا 
تتوقف على إعادة ترتيب المعاني المختارة من الواقع وإنما يتخطاها إلى صياغة جديدة تلتزم نظاماً 
يخرج المعاني عن مألوفها توخياً لما يخدم الموقف. 

والذي يبدو واضحاً أن النص الشعري يتشكل على هيئة نسيج لغوي يحمل مفارقة مدارها 
الفجوة الحاصلة بين معنى المعنى الذي يضمره النص والوجه المعبر عن هذا المعنىء ويتجلى 
الإبداع انطلاقاً من منظومة رمزية تبنى على نظام خاص يوجه حركة النشاط اللغوي. وتفطن 
علماء العرب إلى مفهوم الشعر وظهر مدلوله على أيديهم تباعاً بوجه يكشف عن إحكام تصورهم 
ضمن ملامح مشتركة أسهمت في تأسيس منهج نقدي خاص بهمء فقد أبان الجاحظ عن مفهوم الشعر 
بقوله: "فإنما الشعر صناعة؛ وضرب من النسج وجنسُ من التصوير!'). تصدر هذه العبارة عن 
وعي تراثي قادر على صياغة النص في نسق بنائي ينظم العلاقات بطريقة تكفل الدور الوظيفي 
لعناصر المنظومة» وهكذا تتخذ بنية النص الشعري نشاطأً لغوياً يحقق توازن الإمكانات التعبيرية 
ال ري م ا التي ينتظمها فحوى دلالي يمنح النص 
ضرباً من التجانس الذي تأتلف فيه البنى منتمية إلى الكل. 

وعرف ابن طباطبا الشعر على أنه: "كلام منظوم, بائن عن المنثور الذي يستعمله الناس في 
مخاطباتهم» بما خصّ به من النظم الذي إن عُدّل عن جهته مجته الأسماع» وفسد على الذوق"!". 
ويرى جابر عصفور أن : "أهم ما في هذا الكعر يك أنه يحدك الشعر على أساس الانتظام الخارجي 
للكلمات؛ صحيح أن التعريف لا يشير صراحة إلى القافية إلا أنها متضمنة فيه ا 
عن ذلك لا يهتم بالجانب التخيلي من الشعرء من حيث مصدره أو تأثيره» وإنما يهتم بالشعر في ذاته 


)0 الجاحظء الحيوان» ج32. تحقيق: عبد السلام هارون.» ص ,»١52- ١‏ نشر مكتبة الباري الحلبي» 358 ١‏ . 
(١‏ ابن طباطباء عيار الشعر. ص 2.8 تحقيق : عباس عبد الساتر» دار الكتب العلمية» بيروت» طبعة١»‏ 17ام, 


58 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


باعتباره بنية لغوية منتظمة على أساس من الطبع والذوق"! 

والملاحظ أن هذا المفهوم الذي يقدمه ابن طباطبا يشير إلى أن النظم يشكل نقطة الانخلاق 
التي تلتقي فيها كل أبعاد الطاقة الشعرية بما يفضي إلى تكامل النصء وتأتلف جميع عناصر النص 
في تناسق دلالي قادر على تحريك الرموز بطريقة تلتزم نظاماً يؤلف النص تأليفاً يناسب مقتتضيات 
الموقف. وتظهر عبارة: "بما خص به من النظم”" الحرص على وجود نسق تنداح فيه عناصر 
القصيدة على هيئة عضويّة تجسد المحور الذي تتلاقى عليه تجليات النص. 

ويمثل الاستناد إلى النظم بحثاً عن مرجع موضوعي تحتكم إليه البنى اللغويّة المكونة للنص 
ويقتضي امتحان قيمة النظم استقراء التجليات الداخلية لكل بنية من البنى ثم بيان الأشر الوظيفي 
الذي تقدمه للمجموع الكلي» وهكذا يؤلف النظم قوى خفية تمنح الكلمات دلالات تسري وراء 
المظهر النصيء وهذا يبيّن: "أن النص الأدبي يُفرز أنماطه الذاتية العلاميّة والدلالية فيكون سياقه 
الداخلي هو المرجع لقيم دلالاته حتى لكأن النص هو معجم لذاته» وقد أفضى هذا التفدير أصولياً 
إلى فك:ووابط الانتساب نيق. التضن وما منواه تكفيف: غلائق الانتماء نين وحهوذ التخضن ووتبكنة 
الألسنية حتى غدا ذلك المعيار مسباراً لتمييز الخطاب الأدبي من الوثيقة الموضوعية"!'). وتبدي هذه 
النظرة أن النص يطالعنا بمستويات تأخذ ترتيباً معيناً يبنى عليها النسق ويفصح عن طاقته الدلالية 
مستقلاً عن غيره؛ إنه يحمل مكوناته الذاتية التي تكفل له قاعدة من التواصل الذاتي الذي يحقق 
مجموع الأبنية في انتظامها على وجه خاص.ء فالدلالة رهينة الفضاء الذي تؤلفه العلاقات الداخلية 
بطريقة تفرض التناسق توخياً للإنجاز. 


الخامس: التشكيل الاستعاري ( دراسة أسلوبية) 

إن التشكيل الاستعاري ينقل دلالة الألفاظ من الوجه الظاهري إلى وجه آخر يقصي البنى 
عن أصل وضعها نحو انفتاح دائر ة التأمل كشفاً عن علاقات جديدة يقيم الرمز عالمه السحري من 
خلالهاء إنها قصة التوغل في عالم المجاز. والملاحظ أن البنية ذات طبقات تنداح على فضاء متنوع 
الوجوه وتعتمد دلالتها التحول المؤدي إلى الانزياح الأسلوبي. ويوافي هذا المنحى ؟ أنّ مواضعة 
اللغات في مبدأ النشأة أن يكون لكل دال مدلول واحدء غير أنّ جدلية الاستعمال ترضخ عنامصر 
اللغة إلى تفاعل عضوي بموجبه تنزاح الألفاظ تبعاً لسياقاتها في الاستعمال عن معانيها الوضعية: 
فضلا عما تدخله القنوات البلاغية من مجازات ليست هي في منظور اللغوي إلا انحرافات عن 


(؟) عبد السلام المسديء الأسلوبية والأسلوب. ص .١١١2- ٠١١‏ الدار العربية للكتابء ليبياء تونس» .١91/7/‏ 


اميا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


المعاني الوضعية الأولى» وجملة ما ينتج عن ذلك أنّ أي دال في لغة ما لا بد أن تتعدد مدلولاته من 
سياق إلى آخر"!'' وهكذا تتغير صور المعانى من لفظ إلى آخر على وجه من الاتساع الذي يقع 
في دائرة المجاز. ويبنى هذا التحول على قوانين التراسل الذهني وفق عدول عن الأصل. 

وتؤسس التحولات الأسلوبية على الايحاء الذي يتعدى علاقة الدال بمدلوله بحشا عن 
استدعاء قوة خفية تجتاز العلاقة المباشرة للدال بمدلوله . ويتضح هذا المعنى عند الجرجاني الذي 
يقرر أنه ؟ إذا بُدل باللفظ عما يوجبه أصل اللغة وصف بأنه مجاز على معنى أنهم جاوزوا به 
موضعه الأصلي أو جاز هو مكانه الذي وضع فيه أولا.. والغرض المقصود بهذه العبارة؛ أعنى 
قولنا المجاز : أن تبيّن أن اللفط أصلاً مبدوءاً به في الوضع ومقصور"!'' وبهذا يأتلف المستوى 
الأسلوبي على نحو مقاربات لا يتكشف فيها المعنى مباشرة» بل ترجع الدلالة في هذه الحالة إلى 
قرائن نصية لا تدخل في المستوى الغيابي على إطلاقة وإنما تقدر الدلالة تقديراً يشكل المرجعية 
التي تفرض استدعاء المعنى. 

ويؤيد هذا المستوى أن النظام الاستعاري علاقة تنطوي تحتها دلالة تخدم المعنشى المراد 
وتعبّر عنه» فلا ينظر إلى الدلالة بمعزل عن صياغة الإمكانات التعبيرية في سياق تحكمه وظائف 
الشعريّة موافقة للمقصد. ويبيّن الآمدي هذا القانون بقوله: "وإنما تستعار اللفظة لغير ما هي له: إذا 
احتملت معنى يصلح لذلك الشيء الذي استعيرت له ويليق به؛ لأنّ الكلام إنما هو مبني على الفائدة 
في حقيقته ومجازه(". ويتكشف المستوى الوظيفي لعلاقة الدال بمدلوله برصد التخطيط الذهني 
الذي يستجلي ما بين الأمور من علاقات خفية تتصيد الإيحاء والتشبيه والاستعارة وتعقد ملامح 
التناسب على محور بنائي تتماسك فيه الدلالات الصغرى وتنتمي إلى الدلالة الكلية. من هنا يتتضح 
أن الاستعارة ؟ عملية خلق جديد في اللغة » ولغة داخل لغة» فيما تقيمه من علاقات جديدة بين 
الكلمات: وتتجاوز الاقتصار على كلمة واحدة فهي تحصل من التفاعل أو التوتر بين بؤرة المجاز 
والإطار المحيط بهاء وتبيّن أنّ للاستعارة هدفاً جمالياء وتشخيصياء وتجسيدياء وتخيلياء وعاطفيا!“) 

ويتجلى الفضاء الاستعاري بعقد صلات التنافر والتشابه بما يفضي إلى تناسق الدلالات. 
وتعيد النظرة التراثية جمال الاستعارة إلى منهجين: 


)١ (‏ عبدالسلام المسديء الأسلوبية والأسلوب. ص 05. الدار العربية للكتاب» تونس» .١91‏ 

)١ (‏ عبدالقاهر الجرجانيء اسرار البلاغة» ص 5547 -554؟. 

(؟) الحسن بن بشر الآمديء الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري. ج١.‏ ص ,3١١‏ تحقيق: أحمد صقرء دار المعارف» 
مصرءط3 ؟1995, 

(؛5) يوسف ابو العدوسء الاستعارة في النقد الأدبي الحديث ( الأبعاد المعرفية والجمالية). ص” -6 » الأهلية للنشر » عمان» 
17 , 


اللا 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


الأول منهما يرجع جمالها إلى وضوحها ومقاربتها المعنى الذي استعيرت له: إذ يقول 
الآمدي ؟ وإنما استعارت العرب المعنى لما ليس له إذا كان يقاربه أو يداينه» أو يشبهه في بعسض 
أحواله» أو كان سبباً من أسبابه؛ فتكون اللفظة المستعارة حيئنذ لائقة بالشيء الذي استعيرت له 
وملائمة لمعنا٠''‏ أما الثاني فيمثله الجرجاني الذي تخطى هذه النظرة بدعوته إلى كسر البنى 
المألوفة ونسج بني تمايز تختلس تفردها بخفاء يجتاح التجلي» وبذلك ترتاد الشعرية في مفهومه 
عالماً مجهولاً يتصف مرجعية الاحتجاب البنائي التي تملك قدرة تأثير هائلة. 

وبيان ذلك عنده أن " من شأن الاستعارة أنك كلما زدت إرادتك التشبيه إخفاء إزدادت 
الختتهانة عدا" ويهذة :الفكوية شوكية أنه لاله يعاافاك حنية وسسمن هدول: القسين تعن “اليك اتحفة 
إلى وجوده الاتساع غير المحدود في أداء المعنى. 

وبين الجرجاني أن اللذة الجمالية والبهجة ترجع إلى التباين المنبثق من جدلية الاختلاف 
المفضي إلى التجانس والاتتلاف ومرد ذلك إلى المستوى الاستعاري المجازي: " وهكذا إذا اسقريت 
التشبيهات وجدت التباعد بين الشيئين كلما كان أشد كانت إلى النفوس أعجبء. وكانت النفوس لها 
أطرب"!! وهذا يظهر أنّ المتعة الجمالية ناتجة عن التباين ١‏ لذي يحدث تغيرا يعصف بأبنية 
المألوف مما يشكل تكوثراً بلاغيا مائزاً للإيحاء ومنجزا لحيوية البنى» فالمغايرة تعين سيرورة 
التوتر الذي يحتكم إليه النص في تكوين الفراغ المعرفي الذي يشكل البلاغة العليا ويمنح النص 
إبلاغيتة» وتنبه ابن جني إلى أنّ الاستعارة تسبح في فضاء يتيح لها الاتساع وتجاوز المألوف في 
تعديل سمات البنية وفق علاقات لم تعهد قوامها العدول المتحرر والنزوع نحو نظم مخصوص " 
ألا رى أنه يجوز. غلى هذا أن يقول : شكوت إليها حبها 'المتفلغلا فما زاذها شسكواي الااشدللا 
فيصف بالمتغلغل ما ليس في أصل اللغة أن يوصف بالتغلغلء إنما ذلك وصف يخص الجواهر لا 
الأحداث؛ ألا ترى أن المتغلغل في الشيء لا بد أن يتجاوز مكاناً إلى آخرء وذلك تفريغ مكان وشغل 
مكان؛ وهذه أوصاف تخص في الحقيقة الأعيان لا الأحداث» فهذا وجه اتساع"!*) 

زيقف التشكيل الاسساري:وزاء عياب يشيع يحشد من التوقجات: القن تتركسها الالال 
النفسية في انعكاسها داخل تشكيل النص. وتكتسب البنى طاقاتها الإبداعية ضمن تحولاتها عن 


)١(‏ الآمديء الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتريء تحقيق» محمد عبدالحميد» ص 2357 مكتبة العملية» بيروت. 

)١ (‏ إبراهيم رماني: الشعر - الغموض - الحداثة - دراسة في المفهوم - مجلة فصول. ص 87., المجلد السابع العددان الثالث 
والرابع» ابريل» سبتمبرء /19481. 

( ") عبدالقاهر الجرجانيء اسرار البلاغة» ص .٠١9‏ 


50 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


مستوى الأصل وتكوينها علاقات جديدة تمنحها سمة الإيحاء وتشكل هذه التحولات ملحظ تباين 
يحدث اللذة الجمالية في نفس المتلقي إذ تحيل إلى مشهد غريب يصنع توهجاً دلالياً يجعل الاختلاف 
مرجعية للتعالي على التوقع وكسرة. 

من هنا يبدو أنّ الاستعارة تبنى على علاقات ذهنية ضمن تشكيل تتوقد فيه المكونات في 
تحولات متناقضة فدخول المستوى الاستعاري يعني عبور المطلق الذي يتراجع فيه القبض على 
الدلالات وتكسر العلاقة بين الدال ومدلوله. 

وتظهر تجليات المفارقة الدلالية في الانحراف عن المألوف بَيْن المعنى الأولي الذي يراد 
من ظاهر اللفظ والمعنى الثاني بعبارة الجرجاني: "وهي أن تقول المعنى ومعنى المعنىء تعني 
بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ والذي تصل إليه بغير واسطة» وبمعنى المعنى أنْ تعقل من اللفظ 
معنى ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنىّ آخر'» فالألفاظ تقيم تشكيلها على أنها رموز خفية 
تتخطى الوجه الأولي وتمضي في نسق يرتبها في علاقات بنائية مرجعها الفضاء النصي الذي 
تنتمي إليه. 

وصفوة القول أن الدلالة اللغويّة للكلمة تستند إلى نظامين: أولهما معرفي عام يتحصل ضمناً 
في نسيجها الذاتي ويستند الثاني إلى معنى المعنى ويحتكم إلى النظام المجازي. وهكذا فإن: 
"الاستعمال المجازي قد أوجد صلة مبتكرة بين اللفظ في استعماله الحقيقي» ومعناه الجديد المنقول 
إليه» إلا أن الأول ماض في طريقته اللغوية المحددة له في إرادة أصل الاستعمال المتبادر إليه في 
الذهن العربيء والثاني قد اجتاز حدود الاستعمال الأولي إلى أفق جديد من الإرادة الاستعمالية... إلا 
أن هناك رابطة بين الأصل والفرع لا بد من توافره"!". 

ويقتضي بلوغ الدلالة الكلية للنص تقليب طرق ترتيب عناصره واختيارها وتوزيعها في 
نظام علاقات» ويتطلب التصدي لهذه الملاحظ الاهتمام بالتصورات الذهنية المؤلفة لنظام البنى التي 
تأسس عليها النصء فليست البنية السطحية هي الغرض المراد في توجيه المعنى وإنما يقع هذا 
الغرض في المستوى العميق الذي يشكل البنية السطحية. 

ويمثل البحث عن البنية العميقة مسألة بحث عن الأصل الدلالي الذي أدى إلى انتظام البنية 
على نحو مخصوصء ويلاحظ أنّ: "كل مستوى من مستويات العمل الففي يصبح تحولاً كليا 
للمستوى الدلالي» وتصبح العملية النقدية في جوهرها عملية اكتناه للعلاقات المتشابكة والتفاعلات 
التي تنشأ من اختيار مركز معين من النصء عملية بلورة للبنى المتعددة لمستويات النص» وكشف 


)0 محمد حسين الصغير» أصول البيان العربي رؤية بلاغية معاصرة, دار الشؤون الثقافية» بغداد» ص ١‏ 3., 
(؟) عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز. ص 5"45. 


النظرية الأسلوبية: مقاربة بنائية لاكتناه التماسك النصي وفرادة التشكيل عبدالله عنبر 


لقدرة كل منها على تجسيد البنى الأخرى فيه وتجسيد بنيته الدلالية الأساسية النابعة من مركز 
معين"٠/»‏ وعد الجرجاني الوجه الأول من المستوى البنائي رمزاً أو إشارة خفية إلى معنى دلالي 
عميق لا بد من اكتناهه» يقول: "ولم أزل منذ خدمت العلم أنظر فيما قاله العلماء في معنى الفصاحة 
والبلاغة والبيان والبراعة» وفي بيان المغزى من هذه العبارات وتفسير المراد بهاء فأجد ذلك 
كالرمز والإيماء والإشارة في خفاء؛ وبعضه كالتنبيه على مكان الخبىء ليطلب وموضع الدفين 
ليبحث عنه فيخرج!"» وبيان ذلك أنّ النص يبنى على أبعاد يكتنفها الخفاء ويعلو عليها مما يجعل 
الدلالة تأتلف على صورة انقطاع واتصال مع الواقع الذي كانت تتسق فيه. وهذا يفضي إلى كشف 
تنظاهن الككوق كر رفظ لاقل وامتسات سان الاحرانه عن لقعو و كراتس علص :لحك نان 
التركيب الشعري متغير وفق المواقف التي يقتضيها وتنتظم ألفاظه في تفاعل يؤلف منها طاقة 
عبيرية ماعو للتكامل ترحيا للذلاثة المرادة, 
ويلتقي هذا المنحى البلاغي الذي يقدّمه الجرجاني مع ما توصل إليه البلاغيون المحدثون: 
"الذين اقترحوا نظريّة جديدة ذات أسماء متعددة أشهرها "التفاعليّة"» ومسلماتها هي: 
4 الاقارة# هاور الافتضان على كلمة زاهدة: 
.١‏ إن الكلمة أو الجملة ليس لها معنى حقيقي محدد بكيفية نهائية» وإنما السياق هو الذي ينتجه. 
*. إن الاستعارة لا تنعكس في الاستبدال ولكنها تحصل من التفاعل أو التوتر بين بؤرة المجاز 
وبين الإطار المحيط بها. 
. إن المشابهة ليست العلاقة الوحيدة في الاستعارة. 
4. الاستعارة ليست مقتصرة على الهدف الجمالي... ولكنها أيضاً ذات قيمة عاطفية ووص فية 


000 


والذي يبدو واضحا أن التشكيل الاستعاري يتشكل على هيئة نسيج لغوي يحمل مفارقة مدارها 
الفجوة الحاصلة بين معنى المعنى الذي يضمره النص والوجه المعبر عن هذا المعنى. ويتجلى 
الابداع انطلاقاً من منظومة رمزية تبنى على نظام خاص يوجه حركة النشاط اللغوي. 


)0 كمال أبو ديب» نحو منهج بنيوي في تحليل الشعر.ء ص 5١١؛‏ مواقف؛ عدد 5" صيف 1172 ام, 
(؟) عبد القاهر الجرجانيء دلائل الإعجاز» ص 78 -75. 
فق محمد مفتاح» تحليل الخطاب الشعري» ص 32و الدار البيضاء» المغرب» طه8 1 ١١١ام,‏ 


الا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس 


د. أيمن محمد ميدان * 


تاريخ تقديم البحث: / ٠٠٠١5/‏ تاريخ القبول: ٠٠17/5/١١‏ 


ملخص 
كان الكتّاب الأندلسيون أكثر احتفاء بمعارضة الآثار النثرية لأبي العلاء المعري من الشعراء الذين انصَبً 
اهتمامهم على بعض الملامح الموضوعية والفنية» أما معارضة أشعاره - على كثرتها وتنوعها - فأمر زهدوا فيه 
رادا جَجْل ارصيدهم من مغارضنة قصائدة قليلاً. 
كان لطرافة منحى رسالة 'مَلقَى السّبيل"لأبي العلاء المعري(ت 4495ه) وشرف غايتها كبيرُ أثر في قيام 
ثلاثة كُتَاب أندلسيين بمعارضتها معارضة تَجَمنّهُ تقديرهم للمعري » تحدوهم وك فى المحاكناة تحرو وشيوع 
لكر . فعارضها بق ابي اسان[ 08ت :» واوا المي سليماق بن موسي ون باه الكلاعي لك فت 
وتلميذه محمد بن الأبّار القفضاعي ( ت558ه) . 
ولم يبق لنا من هذه المعارضات الثلاث سوى معارضتي ابن أبي الخصال وابن الأبّار » أما المعارضة الثالئة 
فقد عدت عليها عوادي الزمان. وقد تناولنا هاتين الرسالتين بالدراسة » مقارنين إياهما برسالة (مَلقى السّبيل) » 
راصدين جوانب الاتفاق ومظاهر الاختلاف بينها . 
وقد جارى ابنٌ أبي الخصال أبا العلاء المعري فيما صنع» فجاءت معارضته ناهجة النهج المشرقيّ في ترتيب 
الأحرف الأبجدية» على حين رتب ابن الأبار معارضته وفق الترتيب الأندلسي للأبجدية العربية . 
ولئن كان اللفغر يكن بورح مادته الزهدية انثرية وشعرية على ثلاثين حرفا فإن ابن أبي الخصال وابن الأبار 
قة :افير | "علي تسعة وغار ان فصتلة ٠‏ يضم كل قصل نموذجاً واحداً ذا شقين : شعري ونثري دون زيادة. 
إن قراءة واعية لهذه الرسائل الثلاث تشي بأنَ اتساقاً على مستويي المضمون والغاية يجمعْ بينهماء دون أن 
يُفضي هذا الاتساق إلى تطابق تام في آليات التوظيف التي تباينت فيما بينها سعة وضيقاًء طبْعاً وصّنعَة» مع 
الاحتفاظ بمظاهر التأثر العامة التي يمكن رصَدها بين أبي العلاء وابن أبي الخصال من جهة؛ وبينهما وبين ابن 
اكوم جني" أمزيي زا وك اكه كارن الأثان قاس فيا ملس فيرووناء افا أإياما محاقاة الكاين المييين: 
على اتراقة سزلت لهفينه رارز 0 وين سمففطا اللقيية يجزانج لقا , 
1م 


55ل»25 


* كلية دار العلوم, جامعة القاهرة. 
حقوق النشر محفوظة لجامعة مؤتة. الكركء الأردن. 


1 // 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


0 ا 


مقدمه - 

إذا كان الأمويون قد نجحوا في إقامة دولة لهم في الأندلس؛ تنحو منحىّ مُغايراً ومناوتاً!"! 
للدولة الباسية بالمشرق إن هذه المغاينة لم سصطع إحدلك قطيعة بين ناح الدولة الإسلامية 
حينئذ» فظل الأندلسيون - مُبْدعين وعلماء - يِيَمّمونَ وجوههم شطر المشرق ينهلون من معينه الثرّ 
رحلة إلى المنبع تارة “ أو انتظار مَشوق لما يبلغهم عنه تارات أخرء ينتابهم في الحالتين انبهارٌ يبلغ 
حَدَ الاستلاب » وهو ما أوغر فيدر ان بسّام الشنتريني (ت؟4ئده) فراح يُشْدَدُ النكير على 
مواطنيه الذين "أبوا إلا متابعة أهل المشرق؛ 00 إلى أخبارهم المعتادة رجوعَ الحديث إلى 
قتادة» حتى لو نَعق بتلك الآفاق غراب» أو طن بأقصى الشآم والعراق ذباب» لجِتّوا على هذا صتماء 
وتلوا ذلك كتاباً مُحكم" محاولاً - ما وسعته المحاولة - أن يُظْهِرَ ما لدى الأندلسيين من تراث 
ان دل البعك والإكادة: فها هي تلكا ' اخداراهم الباهرة وأشعارهم الثائرة امزامن القصية» 
ومذاع الرذيّة؛ ولا يُعَسَّرُ بها جَنانٌ ولا خلدٌ؛ ولا يُصرف فيها لسانٌ ولا يَك"!"ا فراح يجمع ما وجده 
من حسنات دهره ومحاسن أهل بلده وعصره. 

إن قؤاءة راغية قرصضة الخلاقة بين الأسين المقرقي والقدلسي فنة شجكل الكينان الأضووا 
وانتهاء بعصر ملوك الطوائف تشي بأنّ تأثير الأدب المشرقيّ - شعراً ونشراً - على نظيره 
للحي كان عظيما!". وقد تجلى هذا في عدد من أعلام العصر العباسي الكبار» من أمثال: أبي 
تمّام) وأبي الطيّب المتنبئ *أوأبي العلاء المعري وبديع الزمان الهمذاني وابن نباقة 
والحريري... إلخ. وعبر مسارات متعددة» بعضئها فني» وبعضها الآخر موضوعي. 


ويمكن رَصدُ هذين الملمحين في قراءة الرسالة الهزلية لابن زيدون (ت”45ه) ؟" إذ تستدعي 


. عنان» محمد عبد الله : دولة الإسلام في الأندلس . دار العلم للملايين » بيروت 1187 م‎ )١( 

(١)الشنتريني‏ » ابن بسّام (إت457ده) : الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: تحقيق: د. إحسان عباس. دار الثقافة؛ بيروت 
48ام.ق١م١اص".‏ 

(؟) الشكعة» مصطفى: الأدب الأندلسي. موضوعاته وفنونه. دار العلم للملايين» ط”»؛ بيروت 185١م.‏ ص559 وما بعدها. 
وعباسءإحسان: تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين) . دار الثقافة» ط”. بيروت 9175١م.‏ ص778. 

(؛) بنشريفة»محمد: أبو تمام وأبو الطيب في أدب المغاربة . دار الغرب الإسلامي. بيروت 1185م.1-١17١.‏ 

(5) ميدانأيمن: المتنبي ومترسلو الأندئس في القرن الخامس الهجري. مجلة كلية الآداب - جامعة المفصورة؛ إصدار 
خاصء أغسطس ١٠٠٠م.‏ ص ١‏ -70. وبنشريفة: مرجع سابق. 

(5) ميدان:أيمن: تأثير أبي العلاء المعري في الأدب الأندلسي. مجلة كلية الآداب - جامعة المنصورة؛ إصدار خاصء يناير 
١‏ م,. ص75 -157, 


(1) الرسالة الهزلية: رسالة كتبها ابن زيدون على لسان معشوقته ولادة بنت السُئتكفي إلى الوزير ابن عبدوس» ساخراً منه 


للا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


قراءثها نصاً غائباً للجاحظ (ت55١ه)‏ » وسمه ب "رسالة التربيع والتدوير"!'! » وقراءة رسالة ابن 
ول لشفو ركان حذا تك ينه +28 بهت "االبديعة في سصييق :أ هع القع على يمحا تسرك مغة 


الوطاء"!"! تستحضر رسالة سّهل بن هارون (ت5١١ه)‏ إلى بني عمّه من آل راهبون» حين ذمّوا 


4 


مذهبه في البخل» وتتبعوا كلامه في الكتب!'!- مضمونا ووسائل تعبير وغاية!')» وهو ملمح مُتفش 
في نثرهم الفني لا تخطنئة عينْ باحث يُعْنى بدراسة نثر المشرق والأندلس من منظور مقارن!. 

ولم تنحصر* عنايةٌ الكُنَّب الأندلسيين بالنثر المشرقي والتأثر به عند حَدٌ الاستسلام لبعض 
السمات الفنية الطاغية عليه» أو بعض المضامين المميزة له» بل تجاوزتهما إلى نمط من المحاكاة 
الناضجة: فراحوا يُعارضون بعض:نماذجه معارضة تتكىء .على عنصري: الممائلة والمقابلة: 
فكانت لهم مغارضات صريحة وأخرى ضمنية لكل من: بديع الزمان الهمذاني (ت798ه) 0 وأبي 
العلاء المعرتي (44 4ه)» وابن نباتة اندي (أبو النصرء عبدالعزيز بن محمد (ته.؛ه) !", 


والحريري إ(ت5اهه) 4 


سخرية مريرة» شرحها ابن نباتة المصري في كتاب: سراح العيون في شرح رسالة ابن زيدون. 

)١(‏ القاضيء وداد: بين الجاحظ وابن زيدون ٠‏ ضمن كتاب "دراسات في الأدب الأندلسي بالاشتراك. الدار العربية للكتاب» 
ليبيا. تونس 315١م.ص85‏ -185. 

)١(‏ ابن بسسام: الذخيرة ق١‏ م١‏ ص 557 -544. وانظر أيضاً ميدان»أيمن: نثر ابن برد الأصغرء دراسة فنية (صحيفة دار 
العلوم» العدد ١5‏ ديسمبر 11919١م).‏ ص59؟ -557 

(') الجاحظ؛ أبو عمرو بن بحر( 755ه ): الُخلاءء؛ ضبطه وشرحه وصححه أحمد العواملى وعلى الجارم » المطبعة 
الأميرية » القاهرة /961١م»‏ ص" -45 . وحجاب » محمد نبيه :بلاغة الكتاب في العصر العباسي. المطبعة الفنية 
الحديثة. القاهرة 555١م»ء‏ ص157١.ء‏ و بلبع» عبد الحكيم : النثر الفني وأثر الجاحظ فيه, مكتبة وهبة:؛ ط ” القاهرة 
15امء ص55١.‏ 

(:) ميدان: نثر ابن بُْرْد الأصغرء دراسة فنية ص594؟ -757. 

(5) رصد الباحث هذا الملمح من خلال تأثير المعرتي في البيئة الأدبية الأندلسية كُتاباً وشعراء» انظر ميدان : تأثير أبي العلاء 
المعرّي في الأدب الأندلسي (مجلة كلية الآداب /إجامعة المنصورة - إصدار خاصء يناير ١١٠٠م).‏ وانظر أيضاً تأثر ابن 
شهيد بكل من الهمذاني والجاحظ وعبدالحميد الكاتب في خضر: ابن شهيد الأندلسي حياته وأدبه ص١١7 .7١5-‏ 

(5)انظر: ابن بسام: الذخيرة ق١‏ م١‏ ص١١:‏ 777 وق”7 م١‏ ص45 . الكلاعيء أبو القاسم محمد بن عبدالغفور (ت 47ه 
ه ): إحكام صنعة الكلام: تحقيق: د. محمد رضوان الداية. دار الثقافة» بيروت 137١م»‏ ص8١75.‏ و الشكعة: الأدب 
الأندلسي ص 774 .181١-‏ وميدان: نثر ابن برد الأصغر ص777. 

(1) انظر: ابن أبي الخصال: رسائله ص55: .١178 ١١5‏ و ضيفء شوقي: المقامة؛ دار المعارف. مصر 554١م‏ ص255 
و سلطانءجميل: فن القصة والمقامة» دار الأنوارء بيروت 3717١م)ص575١.‏ وميدان:أيمن: المعارضات الأدبية في 
الأندلس ص59١ ,11/١-‏ 

(4) جاء الحريري فأنسى الأندلسيين ذكر الهمذاني؛ وكان تأثيره فيهم عظيماًء فتهافتوا على مقاماته رواية وشرحاً ومحاكاة 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


أولاً ‏ عناية الأندلسيين بالمعرّي: 

شكل أبو العلاء المعرتي( ت 445ه ) في أدبنا القديم ظاهرة تستدعي الوقوف أمامها لاس تكناه 
أسرار تنوعها وثرائهاء إذ أسهم في تطور القصيدة العربية والنثر الأدبي من خلال ما أضفاه عليهما 
من عمق وكثرة عطاء وتنوع أطر "اغترفها من بحره؛ واعتمد فيها على فكره... لا مُضاهى فيهما 
ولا يُجارىء ولا يعارض في يواح يديا واي 0 

وقد لقيت تجربته حفاوة بالغة لدى م حكاماً ومبدعين» فها هو ذا المظفر بن الأفطس 
(ت40ه) يحض شعراء بلاطه على النسئج على منواله والتحلّي بسمات شعره؛ فقال: مَنْ لم تكن 
أشعاره كأشعار المتنبي (ت754ه) وأبي العلاء المعري فليّسئكت"٠"ا‏ 

وقد أخذت مظاهر العناية بأبي العلاء لدى الأندلسيين مناحي متعددة؛ إِذْ لقب بعضهم به » وقد 
كان هذا السلوك شائعاً لديهم ''؛ وحذا حَذُوَهُ ترفعاً عن التجوال وطّرق أبواب الملوك إلحافاً: 
والابتعاد عن المدح ما استطاعوا إلى ذلك شبيلاء من أمكال الى يكن المخزويت الذي لعب بالسري 
الثاني!*!» وأبي إسحاق الإلبيريَ (ت0٠47ه)‏ وابن العسّال (إت4480ه) وابن خفاجة إت5757ه) في 
000 


لم تقفه عنايتهم به عند نح الاعتزاف بتميزة والحضر على .محاكاته سلوكا وإبداعاء والتقب 


سمات فنية ومعارضة» وكان ابن أبي الخصال (ت٠55ه)‏ والسّرقسطي (ت578ه) أكثرهم إعجاباً به» وانجذاباً إليه. 
انظرميدان: المعارضات الأدبية في النثر الأندلسي ص7١‏ -181, 
)١(‏ الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص7”, 777, 
)١(‏ ابن بستام: الذخيرة.» ق7 م١‏ ص١5:5‏ . 
والمظفر: هوأبوبكر بن عبدالله بن مسلمة المعروف بابن الأفطس خلف أباه في حكم بطليوس وما صقبها من 
أصقاع؛ وأحرز ملكا عظيماء ضاهى فيه ابن عبّاد وابن ذي النون» وكانت بينه وبينهما حروب وغارات» حدت به إلى 
مهادنة الأذفوتش ودفع الأتاوة» وبقي في حكمه حتى سنة 457ه»ء وكان "أديب ملوك عصره غير مدافع ولا منازع؛ وله 
التصنيف الرائق والتأليف الفائق.. المشتهر اسمه ب "المُظَفَرِي" في خمسين مجلدة» يشتمل على علوم وفنون من مغازٍ 
وسير. ... وجميع ما يختص به علمٌ الأدب." انظر ترجمته في: الذخيرة » ق7 م7" ص550 -551. 
(؟)عبد الحليم» عبد اللطيف (أبو همام) : : أدب ونقد . مطبعة النهضة المصريةء القاهرة 188١م‏ » ص 150. 
(:) المقري : تقح الطيب في ذكر غصن الأندلس الرّطيب؛ تحقيق إحسان عباسء دار صادر. بيروت 558١من 110/١‏ - 
١‏ . وقد كان أبوبكر المخزومي "شديد الهحاءة منلطا على الأغراض» سريع الجواب. . سابقاً في ميدان الهجاء» مدحه 
ابن سعيد إحساناً كليا فقال فيه:. 
ا ظطرقف وتحل وغوص فهموف يحور 
(5) وكان ولع الأندلسيين بكل ما هو مشرقي عظيماًء انظر ملامح هذا الولع في الداية» محمد: تاريخ النقد الأدبي في الأندلس» 
مؤسسة الرسالة» ط؟» بيروت ١38١م,»‏ ص"4» والرقب » شفيق :شعر الجهاد في عصر الموحدينء مكتبة الأققصىء 
عمّان 185١م‏ » ص 755؛ وعبد الحليم :أدب ونقد ص15.: وابن زمرك سيرته وأدبه ص؟١..‏ 


19 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


ل ا ل 006 25 

١/أ-‏ رواية آثاره: 

سلك أدب المعرتي سبيلَهُ إلى الأندلس عبر قنوات متعددة (بغداد» القاهرة» القيروان) ووسائط 
متعددة تبلورت في روايات متباينة» حملها رواة أندلسيون وعراقيون ومصريون ومغاربة» تناولها 
مؤرخو الأدب وأصحاب البرامج» وأشار ابن خير الإشبيليَ (إته7ده) إلى ثلاث منها!"". 

وظلت العناية برواية آثاره ممتدة حتى منتصف القرن الثامن الهجري» وإلى ذلك أشار 
كل من أبي جعفر اللبُلي (ت531ه) والوادي آشي (ت434/اه) (". 

على أنّ عناية الأندلسيين برواية آثار المعرّي واستظهارها لا تعني أنّ الأندلسيين قد رووا 
مجمل ما أبدع من شعر ونثرء ففي القرن السادس الهجريء وهو من أكثر الحقب عناية بالمعري 
يُطالعنا أحد المعجبين به مشيراً إلى أن للمعرري كتاباً في شعر أبي الطيب (معجز أحمد) "لم يبلغني: 
ولا و أيه إلن .يق ذلك مخ التذاليت التي لم (قصبل: إليذاء ولا توزررد ذكزثها بعلينا"!؟! 

١/ب-‏ الوعي وحُسن التمثل: 

إذا كان ابن بسّام أحد الغيورين على الهوية الأندلسية والغاضبين من اتشاحها بوشاح مشرقي 
فإنَ نظرة دقيقة في تضاعيف كتابه الضخم "الذخيرة" تشي بمدى إعجابه بالمعرتي ووعيه بالسمات 
الفنية لديه» ودقة استظهاره لهاء فراح يتتبغ تكرار الفكرة لديه راصداً ما طرأ عليها من تطوير أو 
قنق أ اذا إناها إلى محيفويها الذي الشيت ندا ١‏ 

ولم يقف الأمرُ بهم عند حَدّ الوعي بشعره. بل امتدَّ إلى حُْن التمثل به» وكان ابن بسّام نسيج 
وحده في هذا المجال!”). وكان أبو العباس الغريني (ت 4 ١٠ه)‏ من المولعين بالتمثل بأشعار أبي 


)١(‏ ابن خير الإشبيلي(ت575ه): فهرسة ابن خير فيما رواه عن شيوخه من الدواوين المُصنّقة في دروب العلم وأتواع 
المعارفء. منشورات دار الآفاق الجديدة» بيروت 48امء مصوّرة عن الأصل التطبوع في مظكحة فومقن يي قيليلة علد 
7٠امءص7585.‏ و الوادي آشيء محمد بن جابر(ت155ه). :برنامج الوادي آشي :تحقيق محمد محفوظهء دار 
الغرب الإسلامي» ط؟, بيروت؛: 1187١م؛:‏ ص”5؛ 54 77". وابن بستام: الذخيرة ق؛ م١‏ ص”85 وما بعدها. 
والميمنيء» عبد العزيز: أبو العلاء وما إليه » المطبعة السلفية ومكتبتهاء القاهرة 755١م‏ ع»ص١١5.‏ 

.١5هص الوادي آشي: برنامجه ص7١ . وَاللْبْلّي: برنامجه‎ )١( 

(") الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص 77. 

(5) ابن بستام: الذخيرة ق١‏ م١‏ ص8547:؛ وثمة مواطن أخرى يمكن العودة إليها في: الذخيرة ق١‏ م" ص8١,7‏ -9١لاء‏ وق 
م١‏ ص439١:‏ ص78 ص455» وق7 م7 ص575 -571", 

(5) المصدر السابق ق7 م١‏ ص558؛ وق4 م١‏ ص »4١‏ والتبريزي(ت07٠5ه)‏ وآخران: شروح سقط الزند. تحقيق: د. طه 
حسين وآخرين. دار الكتب المصرية» القاهرة .١55/١ .م١95/- ١915©‏ 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


الاك مقا ذلك تممه ف شدوطن حقو ا لد مق كذ موق :رن الاكنات الفضباعئ 
(رت158ه) قائلاً: "وإن كان قد نقدها ناقد» وطَّعَنَ عليها طاعنٌ فكما قال أبو العلاء المعرتي 
كلك بالقزل لمعتال دف <وكل كاضر الحاسطين م 
١/ج-‏ الشرح: 


إذا كان ابن جني (ت 5 ه) قد تنبّه إلى أنّ الغموض الذي اعترى بعض أشعار المتنبيء 
والذي كان المتنبي يسعى إليه ويطلبها"'قد حال بين الناس وبين إدراك مقاصده. واتخذه أعداؤه الكثر 
مدخلاً للغضً من قدره فراح يشرحه في شرحين هما: القئْر الصغير والقسْرُ الكبير فإنَّ عالما 
أندلسياً جليلاً هو ابنُ السّيد البطليوسي (إت١57ه)‏ قد توفرت فيه من السمات التي جعلته الأقدر 
على التصدّي لاختراق الحُجْب الكثيفة التي ضربها أبو العلاء حول أشعاره * بما تنطوي عليه من 
مرام وغايات جعلت الناس '"يُخبطون فيه خبط عشواء. ويُفسّرُونَهُ بغير الأغراض التي أراد.." / 


وقد لقي شرح البطليوسي إعجاب معاصريه؛ فراح طلابُ العلم يتهافتون على روايته» ووقف 


)١(‏ المقري: تقح الطيب 5*؛ والغبريني» أبو العباس(ت5١7ه).‏ ؛ عنوان الدراية فيمن غرف من العلماء في المائة 
السابعة بيجاية » تحقيق : محمد بن أبي شنب . الجزائر ٠امء»ص ١85‏ . وقد كتب أبو عبدالله بن أبي بكر القضاعي 
المعروف بابن الأبّار قصيدة سينية الروي» لأبي بكر الحفصيً صاحب إفريقية (توتمل اليا )؛ يطلب العون والنجدة. 
يبدؤها بقوله: 
أَدْرك بخيلك خيلا الله أندالسا ل ا 21 امم 
وهب لها من عزيز النصر ما التمسست 2 فلم يَزل منكَ عر النصر مُلتَمسا 

ولأستاذي الجليل د. الطاهر مكي وقفة متأنية وثاقبة أمام هذه القصيدة تشكيلاً فنياً ومحرئضات إنشاءء انظرمكي: 
الطاهر دراسات أندلسية في الأدب والتاريخ والفلسفة, دار المعارف» الجاهرة ام ص ه1١‏ -1” . ونص القصيدة 
تاماً في المقري : تفح الطيب 5 . وقد قدّم المقرتي لها بقوله: "وهي من غرر القصائد الطتانة" . أما بيت المعرتي 
المتمثل به فمن قصيدة يفخر فيها بذاته» يبدؤها بقوله: (شروح سقط الزّند 2 ))., 
ووافميج بجناو خخطاء وو مين مني كريجي مخز 


وثمة مواطن أخرى يمكن مراجعتها في: الذخيرة ق7 م١‏ ص774؛ ق” م7 ص557: وإحكام صنعة الكلام ص75١..‏ 
الخ. 

(؟) روى ابِنُ جني عن علي بن حمزة البَصنريّ تصريح المتنبي بذلكء إذ قال له: "أن هذا الشعر لهؤلاء الممدوحين؟! هؤلاء 
يكفيهم اليسير”ء وإنما أعمله لك لتستحسنه"؛ وذهب ابنُ القطاع الصقلي إلى أنّ مذهبه - أي المتنبي أن يُغمض معانيه حتى 
لايقيسها: إل العلناء انار لع الداع الفيقلن :شرع المشك من شعن التشبي عن اه 

(") البطليوسيء ابن السيد( ت١57ه):‏ الانتصار ممّنْ عدل عن الاستبصارء حققه وشرحه د. حامد عبد المجيد»المطبعة 
الأميرية » القاهرة 155١م‏ » ص 57. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


العلماءً أمامه مبدين إعجابهم به إذ "بلغ الغاية» ويكفي ذكره عند أرباب هذا الشأن وثناؤهم عليه " 
على حَدّ تعبير ابن سعيد الأندلسي (ت 585ه ) !". 
ثانيا - معارضات الأندلسيين للمعري : 


إن قراءة واعية لما أفرزته الأندلس من شعر ونثر فني تشي بما لإبداعات أبي العلاء المعرّي 
سي ور عمق از على عات" الألذليى وتتغراانف وق حلي هذا لان في فحاة طعر اهرنه 
تمثلت في تسرب :شعزنه: صوب تسيجهم النتزي» والاستسلام لبعض السمات العامة والخاصة لنثره 
وشعره معا » ومعارضته في بعض كتبه ورسائله وأشعاره . 

؟"/ ١‏ معارضات الكُتّاب : 


عُني الكتَابُ الأندلسيون بنثر أبي العلاء المعري عناية حدت بأبي القاسم محمد بن عبد الغفور 
الكلاعي ( ت547ه ) أن يتخذ منه نموذجاً أرقى للنثر الفني حتى زمانه» ودفعت طائفة منهم 
لمعارضته في بعض كتبه ورسائله» من بين هؤلاء يأتي ابن عبد الغفور الكلاعي نسيج وَحخده؛ إذ 
قام بمعارضة المعري في أربعة كتب!"؛ معارضة تتكئ على عنصري: المماثلة التي ترتكز على 
غريزة المحاكاة» والمقابلة التي تِجَنَّدُ رغبة المنافسة اللتين فطر الإنسانٌ عليهماء فقال: "جمعني 
وإيّاه - أدامّ الله علياه - مجلس ثالث» فأخذنا في ذكر الشعراء العلماء» حتى جاء ذكر أبي العلاء. 
فتذاكرنا ما له من التواليف البديعة التصنيفء التي اغترفها من بحرهء واعتمد فيها على فكره؛ فذكر 
أنه لا يُضاهى فيها ولا يُجارى؛ ولا يُعارضْ في واحد منها ولا يُبارى. فسولت لي نفسي 
مناهضته. وزيّتت لي نفسي مُضاهاته ومعارضته!" . 

عارض ابن عبد الغفور الكلاعي أبا العلاء المعرتي في أربعة كتبء ثلاثة من بينها تنتمي إلى 
النكن:"فنيا:وكلميا بو لخن شن إل الس نوري : "النتاجعة والكتزيوي رعسناوظن يهنا "وسيدالة 


(10) المتري نفع الظيب81/8/4, وقد:ذهب: اب خلكاق إلى أن شوح البطليوسياجؤق: . .من شرع :ني العلاع تس انظدد: 

ابن خلكان(ت١78ه‏ ): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان» تحقيق: د. إحسان عبّاس. دار الثقافة» بيروت ٠‏ ؟/787. 
وانظر: سمات هذا الشرح. ونقد نشرة دار الكتب في: ميدان: تأثير أبي العلاء المعرّي في الأدب الأندلسي ص٠‏ - 

,/4 

(؟) أشار د. محمد رضوان الداية إلى أن الكلاعي عارض أبا العلاء المعرتي في ثلاثة كتب فقطء متجاهلاً إشارة الكلاعي إلى 
معارضة ديوان "سقط الزند" بكتاب وسمه ب (ثمرة الأدب)؛ انظر:الداية » تاريخ النقد الأدبي في الأندلس ص"١5»‏ 
والكلاعيءإحكام صنعة الكلام ص5؟ . 

(") الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص77 . 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


الصاهل والشاحج"؛ و"خطبة الإصلاح" وعارض بها "خطبة الفصيح» و"المنّجْعْ السلطاني" وعارض 
به كتاباً للمعري يحمل العنوان ذاته؛ وأخيراً 'ثمرة الأدب" وعارض به " سقط الزند".وهاكم إيضاح 
الأمر : 

١/أ-‏ رسالة الصاهل والشاحج: 

أعْجب الكلاعي بهذه الرسالة إعجاباً حدا به إلى معارضتها برسالة وسمها بالساجعة والغربيب» 
واحتفظ كتابه (إحكام صنعة الكلام) بقطع متناثرة منها!! . 

والحقيقة أن رسالة أبي العلاء المعري حَريّة بهذا الإعجاب وتلك العناية؛ لأنه "ابتدع - فيها - 
نمطأ فريداً من التأليف الأدبي"!" بلغ ذروة نضجه في "رسالة الغفران": إذ وفق في التعرية الساخرة 
لعوالم الناس؛ مُظهراً رفضه لسلوكيات مجتمعه؛ مجسداً فداحة ما يعاني من جَهْد شاق لاقتلاع ما 
تجذر في نفوس البشر من تعلق بأعراطن دنيوية زائلة» متخذاً من الأداء المسرحي إطاراً حاضداً 
للتجربة» ومن الحركة والحوار: خارجيا على لسان حمار وبَغل» وداخلياً على لسان المعري 
باعتباره راوياً - سبيلاً للسخرية من عزيز الدولة "البطل غير المنظور على مسرح الصتاهل 
والشاحج" !. 


إن قو اعاها: فك دق ارتدالة (الساحفة والفركية)] قن يمحافاة حقيقة ازيالة المترتي مواقا 
ومضموناً وآليات تعبيرء إذ أدار الحوار فيها بين حمامة وغرابء: متخذاً من المزج بين النشر 


11 انفد اسايق هن 5) انو الشترئ: تفع لطر نابا وافار :لق حير القيلن لق أن لا العلا المعدر :سوه 
رسالته في كتاب (لسان الصاهل والشاحج).» انظر: فهرسة ابن خير ص7”87 . وذهب ياقوت الحموي إلى أنه كتب 
رسالته برسم أبي شجاع فاتك المُلقب بعزيز الدولة والي حلب من قبل المصريين» انظرحسين» طه وآخرين:تعريف 
القدماء بأبي العلاء » الهيئة المصرية العامة للكتابء القاهرة 985١م‏ » ص١١١.‏ 

(١)عبد‏ الرحمنءعائشة: مقدمة تحقيقها لرسالة الصاهل والشاحج للمعرّي» (ت 48ه)ء دار المعارف» القاهرة 11/6 ام 2( 
ص9" , 

(") العبد » عبد الحكيم: أبو العلاء المعرّيّ ونظرة جديدة إليه » دار المطبوعات الجديدة. الإسكندرية 997١م 2٠٠١/7‏ 
ومقدمة رسالة الصاهل والشاحج ص57؛ . 

وعزيز الدولة» هو أبو شجاع فاتك بن عبدالله الرومي» وقد كان والي المصريين على حَلَب أيام الحاكم وبعض أيام 
الظاهرء قتل في سنة 41ه كما ذكر ابن العديم في الإنصاف والتحريء وذكر المحققون أن فاتكاً هذا غير أبي شجاع 
فاتك المُلقّب بالمجنون؛ الذي مدحه المتنبي وتوفي سنة ٠75ه»,‏ انظر؛ تعريف القدماء.. ص١"‏ . 
(:) الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص54١-‏ /!ا5١‏ , 


558 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


وقد نالت رسالة الكلاعي إعجاب معاصريه وعنايتهم» فقام أبو بكر بن العربي!'أبمعارضتها 
في رسالة وسمها ب (لمحة البارق في تقريظ لواحظ السابق)؛ أورد ابن عبد الغفور الكلاعي قطعة 
مق !, 

أما الوزير أبو أيوب بن أبي أمية» وقد " كان 9 من أمراء البيان لاخدافم؛ وركيحسا مسن 
رؤساء المعارف والأدباء لا يُضَاهى فيها ولا يُناَغ "1 فراح يُيْدي إعجابه بهذه الرسالة طرافة 
منحى وبراعة طراح ومعالجة؛ فقال؟ ".:: إنها الشنشنة أعرفها فيكم من أخردء'وفوهية حزتموها 
وأحرزتم السسّئق فيها منذ كم... حيث الأدبُ غض؛ وماءٌ البلاغة مُرقض؛ فاسعد - أعزك الله - 
بكرتهاء وسلها عن أفانين غرتهاء بما تقطفه من ثمارك: وتغرفه من بحارك." /*ا.ومع علو قذر 
هذه الرسالة فإن الكلاعي يقر بضآلة قذرها أمام رسالة (الصاهل و الشاحج) لأبي العلاء المعرتي؛ إذ 


)١(‏ أبو بكر بن العربي : هو أبو بكرء محمد بن عبدالله المعافري الإشبيلي» عرف بأبي بكر بن العربي . قاض مُحَدتْء صدف 
كتباً ذائعة في الحديث والفقه والأصول والتفسير والتاريخ والأدبء منها : قانون التأويل فسّر فيه القرآن الكريم؛ وأحكام 
القرآن» وآخر شرح فيه سنن الترمذي...؛ رحل إلى المشرق بصحبة أبيه وطاف مدن المعرفة الكبرى به» ولقي بها جلة 
العلماء والمبدعين» ثم عاد إلى إشبيلية مثقلاً بعلم كثير لم يدخل أحد قبله بمثله ممن كانت له رحلة إلى المشرق» على حد 
تعنين أبن يشكوال)وكانت له"مإين التي البطليوسي خصومة حول تعر المعريون أنظن ترجيشه قي الكلانني: 
إحكام صنعة الكلام ص188.؛ و: ابن بشكوال ٠‏ أبو القاسم (ت578): الصلة في تاريخ أئمة الأندلس ومُحدثيهم 
وفقهائهم وأدبائهم. نشر وتصحيح: عزت العطار الحسينيء القاهرة 155١م؛‏ ص577, وابن سعيد الأندلسي 
(ت7/85ه). :المغرب في حلي المغرب؛ تحقيق د. شوقي ضيفء ط", دار المعارفء القاهرة:١/759»‏ و ابن سعيد 
الأندلسي: رايات المبرزين وغايات المميزين» تحقيق النعمان عبد المتعال القاضيء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية» 
لجنة إحياء التراث الإسلاميء» القاهرة 5177١م»ء‏ ص" . وابن خلكان :وفيات الأعيان  :7١/”‏ 455» و وابن خاقان» 
الفتحرت75 5ه ) :مطمح الأنفس مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلسء تحقيق ودراسة محمد على 
شوابكة» مؤسسة الرسالة» ودار عمّارء بيروت 387١م,»‏ ص”57. والداية :تاريخ النقد الأدبي في الأندلس ص5؛:” - 
3 ., 

. ١88ص الكلاعي: إحكام صنعة الكلام‎ )١( 

(") أبو أيوب» سليمان بن أبي أميّة» وزير فقيه» على عاتق أبيه قامت دولة المعتمد بن عبّادء عاصر الكلاعي صاحب "إحكام 
صنعة الكلام" وكانت بينهما مراسلات ذكر الكلاعي جانباً منها في كتابه (ثمرة الأدب).» وفيه يقول: "ذو عقل موفورء 
وحَسَّب مشهور ؛ أمير من أمراء البيان لا يُدَافَعُ ورئيس من رؤساء المعارف والآداب» لا يُضاهى فيها ولا يُنازَغ" 
انظرالكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص ١١5١‏ 57 ١عوابن‏ خاقان : مَطمّح الأنفس ص77 -78؛ وابن سعيد :المغرب 
/ة” . 

(:) الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص57 »١‏ وقد ذكر الفتح بن خاقان أن الكلاعي قد دفع بهذه الرسالة إلى الوزير أبي أيوب 

بن أبي أميّةء لعرضها عليه فأقامت عنده أَيَاماًء ثم استدعاها منه. فصرفها إليه» وكتب بصحبتها : "بكر زففتها - أعزتك 
الاج نج وهر حا يتقنيه ا تارك ريه واقي قل ملي لعن قن" انظرابن خاقان: مطمح الأنفس ص”77. وذكر 
صاحب نفح الطيب (551/9 - 2507) أنه صنع هذه الرسالة للوزير أبي أيوب بن أبي أميّة» وهو أمر تنفيه الرواية 
السابقة. 


١ 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


كاقق ع لذ اند مرو كلت "النس لكات" 

١إب-‏ السسحة السلطاتي!: 

كان لانتقاص أحد رفاقه لمقدرته على الخوؤض في كل فنون القول كبيرُ أثر في الإقدام على 
معارضة المعري في كتاب ثان وسمه ب (السجع السلطاني)؛ على أن ضياع الكتاب وقلّة ما بقي 
مده لا ياختذان: بأيديتا مسري لكان جوانب الاتفاق وملامح الاختلاف'".؛ وإن أشار الكلاعيّ في 
معرض الاستشهاد بقطعة منه إلى أنه "مما يجب أن يُحتذى عليه ويُفزّغ في الاهتداء والاقتداء 
إليي"!ة! , 
0 ١/ج-‏ خطبة الفصيح: 
ولم تقف رغبة الكلاعي في معارضة المعرّيّ عند النثر الفني الخالصء بل تخطته إلى النثر العلمي: 
فعارض "خطبة الفصيح" التي راقته فعدها ".. من أطرف الخطب مَعْنىّ وأعذبها منحىّ ومبنئ.. 2٠".‏ 
بخطبة الإصلاح. مُختَطأً نهجه؛ فإذا كان أبو العلاء قد اتخذ من مضمون كتاب الفصيح لتثعلب 
رت ١13ه)‏ مادة لخطبته؛ "وتحميد الله وما قاربه من العظات غاية"!" » فإن الكلاعيّ قد بنى خطبته 
على كتاب (المُتَخل وهو مجرّد (إصلاح المنطق) لابن المتكيت (ت44١ه)‏ ء مع اتفاق في الغاية 
مع المعرتيء أقر به قائلاً: ".. كرهت أن يَخَلّق بُردُ الشباب قبل أن أطرٌزةٌ بعلم المتاب» فعمدت إلى 
خطبة الفصيح فعارضتها بخطبة الإصلا-"!". 

كما عارض هذه الخطبة - أيضا - عالمٌ أندلسي آخر يُدْعى الحافظ أبا الربيع سليمان بن 
توطتى: الكلاكيي :8143 كج يعناجه يدينه وب الجهدة النضيحة خط الكقيع مق “مساكلة: ني علد فني 


5 لبة اله 1 لكا 


. 576 الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص؟” و‎ )١( 

(١)الحموي‏ » ياقوت : إرشاد الأدتيب (ضمن تعريف القدماء) ص .٠١7‏ حيث أشار إلى سبب تأليفه» فقال: "كان بعض ممن 
خدم السلطان وارتفعت طبقته» ولا قدم له في الكتبّة» سأل أن يُنشأ له كتابْ مسجوع من أوله إلى آخرهء وهو لا يشعر بما 
يريد لقلّة خبرته بالأدبء» فألف له هذا الكتاب". فجاء مشتملاً على مخاطبات الجنود والوزراء والولاة وغيرهم. 

؟) الكلاعيّ: إحكام صنعة الكلام ص7”: “77 وقد أورد قطعة صغيرة منه. 

5) المصدر السابق ص9١7‏ . 


6 المصدر السابق ص786 ١‏ 5 


ابن خير الإشبيلي: فهرسة ابن خير ص586؟ . 
)٠‏ الكلاعي: إحكام صنعة الكلام صه” -76؟ , 
6) المقّري: نَفْحُ الطّيب 747/1 وتعريف القدماء بأبي العلاء ص4١٠‏ و 85"؛ ولهذا الكتاب أصل خطي بمكتبة جامع 
الزيتونة بتونس» تحت رقم 5735» وقد وهم الميمني عندما جعل معارضة أبي الربيع الكلاعي ل "تفسير خطبة الفصيح" 
الذي قام المعرّي فيه بشرح خطبة الفصيح, انظر الميمني: أبو العلاء وما إليه ص775؟. وسليمان بن موسى بن 


لو 
)5( 
)5( 
)3 
2( 
0( 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 
١/د-‏ سقط الرّند: 


ولما كان ابن عبد الغفور الكلاعيّ فارس حَلْبَة شعر ونثرا'أوشديد إعجاب بالمعريّ الذي "لم 
يكن في صنعة النظم والنثر مثله؛ لا قبله ولا بعده» إلا ما كان من أبي الطيب في الشعر وحده"!"! 
فإن معارضاته للمعري لم تقف عند حدود النثرء فراح يعارضه في ديوان (سقط الزّند) بكتاب وسمه 
ب (ثمرة الأدب)» على أنني أسارع فأقرر أن ديوان سقط الزند وإن خَلْص للشعر فقطء فإن كتاب 
(ثمرة الأدب) للكلاعي مَرَجَ بين نثره وشعره مزجاً يشي بأنه ما هجر الشعر عَجْزاًء وما اتخدّ النثر 
مركباً سهلا!"!» ثم شفع هذين الفنين بجانب من محاوراته الشعرية والنثرية مع معاصريه؛ قفي 
معرض الاستعانة بقطعة من نثر الوزير أبي بكر بن سعيد البَطْلِيُوسي يقول: "وجرت بيننا مراسلة 
ومخاطبةً ذكرت منها في 'ثمرة الأدب" ما هو أشهى من الشتبء وأحلى من الضتّرب"!؟). 

على أن الكلاعي الذي أجهد نفسه زمناً في معارضة أبي العلاء ومحاولة مضاهاته؛ عاد ليّقَر 
بسعة الهُوّة الفاصلة بينه وبين المعريء فقال: "تالله إني لأعلمٌ قذري ومساحة صدري 5000 
وقصوري عن إشاراته» وعجزي عن أدنى عباراته.. وهيهات!! ما ناهضئته في (سقط الزند) إلا بما 
لففت به رأسي حياءً من المجدء وما أنا في مضاهاته في رسالة (الصاهل والشاحج) إلا كمن ضاهى 
بالنغبّة باب البحر المائج. وما أنا في معارضته في (خطبة الفصيح) إلا كمن عارض ب التَفس 
هبوب الريح. فليجف قلمُ المعتَرضٍ » وليّخبا سهمُ المتَعقب المُغرض"”. 

5 معارضات الشعراء: 

كان الكتاب: الأتتلسيون أكثن احتفاع يتعارضة الآكاز" النثرية لأبي' العلام المغرتي من" التشعواء 


سالم بن حمتان بن سليمان؛ يُكنى أبا الربيع؛ ويُعْرق بابن سالم الكلاعي الحميري.كان حافظ الأندلس ومحدثها في زمانه 
ومن بقية الأكابر من أهل العلم بصقع الأندلس الشرقيء توفي مجاهداً في وقعّة أنيشة على ثلاثة فراسخ من بلنسية سنة 
4ه. انظر المقري: نفح الطيب 761/7, و الوادي آشي :برنامج الوادي آشي ص5١7‏ . 

(0) ان شتات الدقيرة 14] سن 103 ورونه كال #رقد احريكك عن مقر اب تثرو وا ليها كيل القدوة :1 فطل الميز الف 
0 : 

. ١7؟5ص الكلاعي: إحكام صنعة الكلام‎ (١ 

*)المضدن السايق 86 

؛) المصدر السابق صن 3423 . 

8 المفكن ليدانق طرجار 1:ج والسكة؟ الخس مق الما يلقظي] المذائرة بمدفار دوف 1ن "انيه لفت نه و للم التق 
الك" تجل لمكود عون بيك لبي ضام مخ قصودة مدح بها ليا المفيظ موشى .يق يز اكوم الرنافي 4 وقول فيح ؟ ديو انه 
؟/ه١١‏ ., 


/ 
/ 
/ 
/ 


56/ 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


الي انصتف اهتمامهم على بعض الملامح الموضوعية والفنية» أما معارضة أشعاره - على كثرتها 
وقوه قامز زعدواافية راذا حكن رضيدهه من معازسة قضائةافلشيلا؛ فراحوا يعار عون 


قصيدتين من الفخرء تَعَدَان أكثر أشعاره ذيوعاً وامتداداء وهما: داليته التي يبدؤها بقوله: 


0006 ا ور للست ا لك 2 الت ال 2 


ولاميته التي يبدؤها بقوله: 
ألا في سبيل المَجْد ما أنا فاعل عَفاف وإقدامٌ وحَزمٌ ونائل!" 


ما + اليكة ققد عار كنا ماعز ان يوان إل عهس :مارك الطزانفة الأزن: اميق الحطسانة يمن 
عطيون التجيبي الطليطلي في قصيدة يمدح بها المتوكل بن المظفرء يقول فيها: 
أبق قنسوان امتهم أن أقاذة ٠‏ لت أعظيت شارن:3 مفننادا 


عزوق التفن وكلدف بالمعاكي:. ٠‏ إذا كفا ينتشى أو “يعدا :31 


"والقصيدة طويلة» وكلها على هذه الوتيرة من فخامة اللفظ وسمو المعاني... وتبع ما رمى إليه 
أبو العلاء المعرتي من لفظ ومعنى؛ وإن كان قد قصّرَ عنه في جلب الحكم التي جعلها المعرري 
ينوي , 
وقد عارضها - أيضاً - أبو بحر يوسف بن عبد الصمد بقصيدة مدح بها الوزير أبا بكر بن 
زيدون» وكان وذيرا ل لبني عبّادء فقال: 
ونا يت الخيل التموواكا. <وسن يقنمه للخل ”لتحقناذا 
فلا جِلب الزمان إليك هَمَا ولا مَنَعَقَكَ حاشة رقاددال"ا 


فالقصيدتان تحذوان حذو قصيدة المعري بحرا وقافية» وتتماسان معها في جانب كبير من 


مضامينها الجزئية ومفردات قوافيهاء على أن ثمّة جوانب خلاف تتمثل في الخروج من الفخر الذاتي 
إلى مدح الآخرء وعدم الاحتفاء بالحكمة. 


, التبريزي وآخران : شروح سقط الزئد ؟لاده‎ ١ 
. 519/7 ؟) المصدر السابق‎ 


)أنوفل » محمد : تاريخ المعارضات في الشعر العربي »“مؤسسة الرسالة ودار الفرقان» بيروت 187امء ص ١١١‏ 1 


الى 
)0 
(") ابن بستام: الذخيرة ق7 م7١‏ ص7/7/ , 
)5 
زه ابن بعتام: الذخيرة ق” م" ص١؟١١1‏ , 


538 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


أما لاميته فقد عارضها أحد النازحين إلى الأندلسء المستقرين بهاء وهو أبو محمد المصريء 
فقال: 


رعى الله دهراً قد نَعمّنا بطيبه ‏ لياليه من شمْس الكؤوس أصائل!'" 


وقد ذيّل ابن بستام أبيات أبي محمد المصري بقوله: "إلى أبيات غير هذه من قصيدة طويلة 
اهتدم فيها... قصيدتي أبي الطيّب والمعرّيء اللتين في وزنها ورويّها"!". 

ثالثا - مَلقى السبيل ومعارضاتها: "ا 

ملفى السبيل رسالة صغيرة كتبها أبو العلاء المعري في الطور الأخير من حياته (حوالي سنة 
ه) اتسمت بشرف الغاية وطرافة الطراح والمنحى» فدارت حول الزُهد مضموناً والوعظ 
وسيلة» واشتملت على فقرات مسجوعة رتبت وفق الترتيب المشرقي لحروف المعجم؛ فصل بينها 
بمقطعات شعرية تحتضن نفس المعنى؛ مع اتفاق في الفواصل والقوافي غالبا » وتراوحت الفقفرات 
بين سطر وثلاثة أسطرء والمقطعات القتدر ول زرك ونون وقاية "وك مكل لني فقن ححوك 
الثاء: "من أعظم الحَدّثء ستكنى الجَدّث. 

تدرو القطية تمه اللمشكاء. +وفتى يدانه هما تكحيتك 


وما أرْغب المرءَ في عَيْشه لفن قضار 1ك امتكنن "لتقا 


(١)المصدر‏ السابق ق54 م١‏ ص؟ه" -754؟ , 
(١)المصدر‏ السابق ق4 م١‏ ص5 5"» وقصيدة المتنبي التي أشار ابن بسام إليهاء يمدح بها سيف الدولة بعد دخول رسول ملك 
الروم عليه في صفر سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة للهجرة» ويبدؤها بقوله: 
روغ لمك الروم هذي الرسائل2 يرد بها عن نفسه ويُشاغل 


وهي مق ابحو اللويل: انكلن. التضيذة كاطلة ف شرح الواعدي لذيوان المتبي بعتاية فريدواح ليتريضي# برلين 1417م 
ص 43-117 8 , 

(9) نشرت هذه الرسالة ست مرات: أربعاً منها بتحقيق العلامة حسن حسني عبد الوهاب: الأولى في مجلة المقتبس (العدد 
الأول» دمشق 1317م)» والثانية والثالثة والرابعة في تضاعيف "رسائل البلغاء" التي قام محمد كرد علي باختيارها 
وتصنيفهاء وطبعت ضمن مطبوعات لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة أعوام ١91١7‏ و 945١1و‏ 1155م. 
والخاسسة يكطيق كال كياض صنسة: الجوده الام (تسيودن ود ساك المكدى ترينالة القفراف: لكين اميت كز فها دان 
المعارف في طبعتها الثالثة وجاءت غفلاً من تاريخ النشر. أما النشرة الأخيرة ففي تضاعيف كتاب "إتحاف الفضلاء 
برسائل أبي العلاء" لمحمد عبد الحكيم القاضي ومحمد عبد الرزاق عرفات ص١7‏ - 1775 ضمن منشورات دار 
الحديث؛ القاهرة 989١م.‏ 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


وق لقيت:فكن 6 الموج نيم الشطن والدان «اقسانا لد كناف "الالدلين اققناسك لدويه شيريها هذا 
بابن عبد الغفور الكلاعي إلى تتبع قسماتها باعتبارها سمة فنية بارزة في نتاجهم؛ واسماً هذا النمط 
مرخ أنماظ الكتاية ب المتضال؟ء الآنه "فصل فته المتلوم والمنتور فجناء كالوؤكتاع انف 17 
مهيا قوله هذا ابنطدة من فار عافن رونادة #الساضعة والغر يرب "زتها بان مكل فسفويناة لحني 
الطيّب المتنبي» قافيّة الروي» مدح بها سيف الدولة » مُْدلاً بعضّ المفردات والضمائر بأخرى تبديلاً 
يناسب الموضوع والمقام؛ فقال: "وأما عَرْمُهُ فإذا 1 وصلء وإذا هَمّ فصلء كأنّ هواجسته مال 5 
لابْدٌ لها من ثواب» وحروف جزاء لا غنى لها عن جواب: 

كسائله مَنْ يسأل العَيِكَ قطرة كعاذله سن قال للقلّك ارق 


وأما انتقاده الأشعار فكانتقاد الصَيْرفيّ للدينار» يهتزٌ للمديح اهتزاز الغصن للريح. إلا أنه يسقط 
دوا تفوت الع © وسقط ذلك قرا ل يملا الصنتاغ والة المذ: 
ضروب بأطراف السيوف بَنانةُ 2 لعوب بأطراف الكلام المتق" 7" 


ولابن أبي الخصال( 5575‏ ٠4ده‏ ) ولع بفكرة المزج بين الشعر والنثشر تجلى في 
زرزوريّاته التي عارض بها الوزير أبا الحسين بن سراجأ'!؛ وفي رسالة أخرى "بديعة" خاطب بها 
الفققة المكداون آنا النفك حمق مق مهمه يو وس 1 


كما كان لطرافة منحى رسالة 'ملْقَى السّبيل" وشرف غايتها كبيرٌ أثر في قيام ثلاثة كُتَاب 
أندلسيين بمعارضتها معارضة تَجَنَّدُ تقديرهم للمعري ذاتا مبدعة وإبداعا مدهشاء تحدوهم رغبة في 
المحاكاة والتفوق وشيوع الذكر. فعارضها ابن أبي الخصال 5 وأبو الربيع سليمان بن موسى بن 


(١)علي‏ . محمد كرد: رسائل البلغاء» مطبوعات لجنة التأليف والترجمة والنشرء ط”, القاهرة 555١م‏ » ص785. 

.١ الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص58‎ )١( 

(؟) المصدر السابق ص5١١‏ -8ه١‏ . والأبيات من قصيدة مدح بها سيف الدولة ذاكراً كتاب ملك الروم الوارد عليه بذي 
القعدة سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة للهجرة» يبدؤها بقوله : 
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي وللشوق مالم يَيْقَ مني وما بقي 


وما كنت ممن يدخل العشق قلبة ولكن مَن يتنظرً جفونك يَعْشق 


وقد أحدث الكلاعي تغييراً في لفظة القافية في البيت الثاني» فجعلها (المُتَمّق) بدلاً من (المُشقق)ء انظرالواحدي: شرح 
ديوان المتنبي ص5172؛ 50١‏ . 

(:) عيسى ٠‏ فوزي:الزرزوريات في الأدب الأندلسي . مكتبة المعارف » الاسكندرية » ص؟ ١‏ . 

(5) ابن أبي الخصال: رسائله ص5١‏ . 

(5) المصدر السابق ص770 - .7"5٠0‏ وعباس "تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين) ص١؟7‏ . 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


سالم الكلاعي في "منابذة الأمل الطويل بطريقة المعرّي في ملقى السبيل" ('). وتلميذه محمد بن 
الأئار القضاعي في "مظاهرة المسعى الجميل؛ ومحاذرة المرعى الوبيل في معارضة ملقى السبيل" 
)0 

ل ا ا ا : معارضة ابن أبي الخصال 
التي نشرّت ضمن رسائله !" أ؛ ومعارضة ابن الأبّار التي أشار العلامة حسنُ حسني عبد الوهاب 
راوحو ال ختارا ليا يمكدة جام از ف وسو قدت بتعلينا عن مضو : ( ميكروفيلم ) 

سعهد ‏ المتخطوطاك! الغويية "4 انا المعاويطة الفلقة ف كلك لها كور ادي الو مانم سر قت تقشتوند 
بدراسة هذه الرسائل الثلاث راصدين جوانب الانفاق ومظاهر الاختلاف بينها . 

*/أ ‏ الإطار الخارجي : 

إذا كان خطباءً الجاهلية وحكماؤها قد مزجوا بدٍ بين الشعر والنثر لغايات أخلاقية كقسّ بن ساعدة 
الإيادي ( ١٠٠م‏ ) في قوله: أيها الناس» اجتمعوا فاسمعوا وعواء من عاش مات» ومن مات فات» 
وكل ما هو آت آتء في هذه آيات محكمات؛ مطرٌ ونبات» وآباءٌ وأمهات» وذاهبْ وآت؛: ونجومٌ 
تمور» وبحور” لا تغور؛ وسقف مرفوع؛ ومهادٌ موضوع؛ ؛ وليل داجء وسماءً ذات أبراج. مالي أرى 
الناسَ يموتون ولا يرجعونء أرضوا فأقامواء أم حُبسوا فناموا. يا معشر إياد» أينَ ثمود وعادء وأين 


اليا والأجداد» أئ المعروف الذي بشكر والظلم الذي لع يتكرة: 


في الذاهمبين الأوليا عن ةف القشر ون لتنا منسكح ات 
لعنان امف مذ السو انفحتت مدان 


)١(‏ المقري: نَفْحٌ الطّيب 79/7", والبطليوسي ٠‏ ابن السيد ؛ شرح المختار من لزوميّات أبي العلاء ٠‏ تحقيق: د. حامد عبد 
المجيد. مطبعة دار الكتبء» القاهرة ١٠1517م»‏ ص75 . 

)١(‏ حسين» طه :تعريف القدماء بأبي العلاء ص7 5». أما ابن الأيار فهو أبو عبد الله محمد بن عبدالله بن أبي بكر بن عبدالله 
بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي بكر القضاعيّ » مؤرخ ومُحدّث وأديب شاعر » عربي أصلله "من " أدذة" أرطن يتن 
قضاعة بالأندلس .ولد ببلنسية في ربيع الثاني عام 5ه ء وبها تلقى علومه على يدي ثُلّة من العلماء يأتي في مقدمتهم 
بو الربيع ممليمان بن موسى الكلاعي ؛ وكان أبعدهم أثرأ في حياته . كتب لخمسة رجال : ثلاثة منهم بالأندلس واثنان 

منهم بالمغرب » خلف ذخيرة من الكتب توزتعت على ثلاثة حقول » » هي : التاريخ والحديث والأدب » لم يتبق منها سوى 
ستة كتب فقط نجت من الحرق. مات بتونس عن ثلاث وستين سنة » إذ أمر الخليفة الحفصي المستنصر بالله بقتله قعصا 
بالرماح صبيحة يوم الأربعاء العشرين من المحرم سنة 757 ه »ء وحرق جثمانه وما وجد لديه من مؤلفات وسماعات 
وإجازات علمية انظر سيرته :المقري: أزهار الرياض ٠١5/7”‏ », الزركلي :الأعلام7/١٠٠‏ » ابن سعيد:رايات المبرزين 
ص١4‏ », والغبريني :عنوان الدراية ص87١‏ » وابن خلكان :وفيات الأعيان 7/١‏ . 
(؟) ابن أبي الخصال: رسائله » تحقيق د. محمد رضوان الداية»دار الفكرء دمشق؛. ط١ء‏ 341١م‏ ص١/ا"ا‏ -591, 


(:)حسين وآخرون: تعريف القدماء بأبي العلاءء ص"5؛ الحاشية الأولى. 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


حتفت التي لا :تساتفة شيكس ممح از شار دحب 


مما ينفي أصالة انتماء هذا النمط إلى أبي العلاء المعري فإنَ فضل توظيف هذا النمط وفق 
نسّق خاص من الصّنعة يرجِمٌ إلى المعريء لاسيما وللمعري ولّعٌ خاص به تجلّى في لزومياته 
وشيء من سقطياته» عندما ونع من فكرة المزج مُوزّعاً إياها على الأبجدية العربية كاملة عدداً 
كد فيبدأ كل حرف بعدد من السجعات في معنى الزهد» ثم يصلها بعد مماثل تقرييباً من 
الأبيات تمتصٌ نفس المعاني وتُعيدُ تشكيلها غالباً. 

وقد جاراه ابن أبي الخصال فيما صنع؛ فجاءت معارضته ناهجة النهج المشرقيّ في ترتيب 
الأحرف الأبجدية» على حين رتب ابن الأبّار معارضته وفق الترتيب الأندلسي للأبجدية» وهو: أ ب 
ناث ج ح خ دذرزاطاظك ل من ص ض ع غ ف ق س ش ه و لاي. 

ولئن كان المعري قد ونع مادته الزهدية نثرية وشعرية على ثلاثين حرفاء مُضيفا "الألف 
اللينة' إليها ونموذجاً إضافياً إلى حرف الذال فإن ابن أبي الخصال وابن الأبّار قد أسقطا هذا الحرف 
الاق افيف فصول وبنالقيها عه ورين فضت ٠‏ يضم كل فصل نموذجاً واحداً ذا شقين : 
شعري ونثري دون زيادة. 

إن قراءة واعية لهذه الرسائل الثلاث تشي بأنّ اتساقاً على مستويي المضمون والغاية يجمغْ 
بينهماء دون أن يُفضي هذا الاتساق إلى تطابق تام في آليات التوظيف التي تباينت فيما بينها سعة 
وضيقاء طَبْعاً وصنْعَة مع الاحتفاظ بمظاهر التأثر العامة التي يمكن رصنذها بين أبي العلاء وابن 
أبي الخصال من جهة؛ وبينهما وبين ابن الأبّار من جهة أخرىء إذ يبدو للباحث جليّا أن ابنَ الأتار 
ق نوكفي طلتقوة نهرنهما:محاكياً إياهما متحاكاء القادر المميمن على اأنواقة فقللنيت قخصينه 
بارزة» وبقي محتفظاً لنفسه بجوانب تميّز سوف نأتي عليها في حينها. 

"/ب - المعنى: 

ارك وبكالة ا[ملقى: اليل ] اللفعركى حول نبعاني الزثقة مار انها لحي حافك 


)١(‏ الجاحظ (755١ه).ء‏ أبو عثمان عمرو بن بحر: البيان والتبيسين» تحقيق عبد السلام هارون » مطبعة مصطفى البابي 
الحلبي » القاهرة؟195١م: .119/١‏ 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


والعسائية وزابيتضان_العزر ذاو العطلة متكة مرق الاوتمفب :و التداغوك و الأقا الفويقة الذي مسقي 
مُناخاً من الرهيّة وسيلة» وهي معان يمكن رصدُ جذورها لدى قسّ بن ساعدة في خطبته السابقة؛ 
فبينَ الخطبة وملقى السبيل "مطابقة في المعنى ومشابهة في اللهجة' !'أوقد استوحت معارضتا ابن 
أبي الخصال وابن الأبّار هذه المعاني. 
وكاضي شوق امن دوك وناك الدركن هذه الويدائل كط النماه» الكو وا قي 
مقدمتها التكرارء مثال ذلك قول المعري في حرف الهمزة: كم يجني الرجل ويُخطىء» ويعلم أنّ 
حَتفهُ لا يُبطىء 
إن الأعَامَ تَفخصط نفو نويفغفر له القطيتة 
كم يُبطئون عن الجميل ‏ ومامّتياهوبطيتة" 
وقد ألم أبو العلاء المعرتي به في صُور شتى ومواطن متعددة من رسالته» فقال في حرف 
الزّاي: 
يجوز أن نطوة لفيا - والحلة في اللتس ايدو ةا 


وقال في لزومياته: 
أخم باز مداياه فتالية ٠‏ “تاف لضت ا يتكعوضني» 


وقال: 
أبطلكع الليث لما وزاع امتتزسا ٠‏ “باحق قزيب سرف يرن 3 


على أن إلمامَ أصحاب الرسائل الثلاث بالمعاني الجزئية ذاتها في مواطنَ متعددة لم يُصب 
المعنى لديهم بالرتابة ونمطية الطراح» نظراً لتنّع الصور التي عرضوا من خلالها معانيهم » مثال 
ذلك حديثهم عن حتمية وراد حياض الموت وإن طال الأجل؛ وعدالة الحساب وإن تفاوت الناسُ قذراً 
وقيمة» عندما راحوا يستصرخون الذاكرة الجماعية بما تختزنه من أُمم بادت * وأعلام كبار جمعهم 
وغمار الناس مصيرٌ واحدُء فاستدعوا من الأمم الفرس وسبأء ومن الأنبياء (سليمان)» 0 الملوك 


.787/١ كرد: رسائل البلغاء‎ )١ 

المرجع السابق .785/١‏ 

المعرتي: ملقى السبيل (رسالة الغفران» شرح كامل كيلاني »ط",. القاهرة. د. ت) ص7717؟. 
5) المصدر السابق ص5"78. 


1 
3 


)0( 
2( 
لو 
)5( 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


الما نك لد امو لقي 4121 الوق و امورو سفف سومان زمره المنهانة ات عو الي 
ومُعاذ بن جبل وأنس بن مالك وغيرهم » من مثل ذلك قول المعري: 


و 
>اائ ١1١‏ 


ادن بصن و 


و و 


كا اد كرا 


لكر تصن الشحك تسسحا وكية روسضعي كمه أمتحيل 
لاك إلالرب عرش " كر سين اشرو لحرو 
ومثله قول ابن الأبَار: "كل على تناوب النوب لا يُكَاذُ رست فارس» ومتبنت ستبأ.. 

فت نك الى عمعة ‏ لاسي لكيها 

كملا يُشغل بالا بالشقى حيث مِنْقُودُ الرّدى لا يقلا 


وك 3 ا أ 2 مُوق شل 7 : 0 5 ات هُىَ في . 7 ليها 


ثمة ملمحٌ ثالث يتعلّق بهذه الرسائل الثلاث يتجلّى في اتساق كل واحدة منها مع مُنَجَز 
صاحيهاء فقراءة رسالة المعري تشي بِأنَ معانيه الجزئية لم تتكرر في تضاعيف رسالته فقط » بل 
يمكن تلسّئُها في تضاعيف منجزه الشعري الآخرء وقد عني الأستاذ كامل كيلاني بهذا الجانب عناية 
كبيره #قيق ]كنت دراي القزيفة لجان القن تشدها في اانه الأكروو ا 

ورسالة ابن أبي الخصال تحمل سمات نثره وخطبه الدينية» من غلبة النزعة الدينية على نثره 
؛ ومزج بين الشعر والنثرء فكان يبدأ بالشعر ثم يصله بالنثر أو العكس » تحدوه رغبة صادقة كغيره 
من الكتّاب الأندلسيين في "إقامة الحُجّة على أنّ من بين الأندلسيين مَنْ يوضع مع أعلام المشرق في 
كفْنَئْ ميزان" ©) مثال ذلك ما كتبه إلى بعض القرشيين المروانيين رداً على رسالة أرسلها إليه. 
فافتتحها بشعر على رويّه وقافيته وسائر ما اتصل به من نثرء فبدأها قائلا: 


يمن يعر على الدجوم نظامة حبدا:فيقتدي الكانة التحسيسودا 


)١(‏ المصدر السابق ص8”؟7؟. 

(؟) ابن الأبّار([.75ه): مُظاهَرَة المَسسْعى الجميل ومُحَادَرَةٌ المَرعى الوبيل في معارضة مَلْقَى السّبيل » تحقيق د .أيمن محمد 
ندا سجلة كانشدان الكلوم : إضدار شاصن )هد رفك اع مر 

(") المعرتي: ملقى السبيل ( رسالة الغفران/كيلاني) ج17/54؟7 -.5؟, 

(4) شلبي ؛ سعد ؛ الأصول الفنية للشعر الأندلسي (عصر الإمارة) » مطبعة نهضة مصرهء القاهرة 1384١م؛‏ ص707. 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 
رت الكواكب بالكواكب زينة ‏ وهداية وإنارةوسعودا 


ثم أردفها بقطعة نثرية قصيرة تكتظ بما وعى من رموز تراثية» تتسق مع الشعر مضامين 
لقان اسمن كا العرديك يننا سيو امون تبر وو و اميه لعانة روا ديو كور لكر ويل اجن 
لي عدول عن مستلّكه» وخروجٌ عن إحاطة فلكه؟ لا جرم أني في قبضته رهين؛ وتحت شعاعه 
دفين» وبموجه ملتطم؛ وبغباره ملتثم» ومن لي بانسكاب سكاب» وإسبال سبّال» وإخطار الخطّارء 
وتوجيه الوجيه» وتبريز العَسْجّدي» وعصا الأزادي» ونعامة ابن عبّادء وابن النعامة لابن شداد'!". 
أما ابن الأبّار فقد ذيّل معارضته بأربع قصائد ومقطعة » مجمل أبياتها أربعة وثمانون بيتاًء 
نظمّ بعضتها أيامّ مُكثه ببلنسية» وبعضئُها الآخرٌ نظمّ بتونسء: وهي تتسق والمعارضة منحئ 
ومضامين. فقال في صدر قصيدته الأولى والتي قالها ببلنسيّة وعددُ أبياتها أحد عشر بيتاً: 


لو عن لي عون من المقدار ليحرت للدار الكريمة داري 
وَحَلَلَتَ أطيب طينة من طَبِيّة جاراً لمَن أوْصى بحفظ الجارٍ 
وركقك فين صلخن هنالك طاهر كرست في مَعْن مالك جار 
وأما قصيدته الثانية فقد نظمّت - وبقية القصائد - بتونس وهي الأطولء إذ بلغ عد أبياتها 
بلح وطق رح ويك احن ها تل 
نادى المَشيبُ إلى الحُمنى به ودّعا فتاب يَشْعْبْ بالإقلاع ما صَّدّعا 
ا ل ال اش ا 1ك 
0-2 الس ع كف 4 فار > ا ا 5 8 
مستبصرا في اتخاذ الزهد مفزعة ليأمن الروع يوم العرض والفززعا 
لاك وا سجن نانفل ١‏ فاعتدل ليها زا الع متو اكايل 


واخرص على تيْل السّعادة جاهداً بالبر والتقوى فنعْمَ النازل 


.١55ص ابن أبي الخصال: رسائله‎ )١( 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


أعنة و ذا الأراحسويق اناما ١‏ أثاذ :شرك سر صلت مالسل 
وله في مثلها قصيدة رابعة تضم اثني عشر بيتاء يقول فيها: 
تجافت عَنْ مَضّاجعها جُنوبُ 2< تدافع بالإنايّة ماينُوبُ 
وهَبّت أَعْيْنٌ في الله تبْكي خطياها وقد عد الِهُُوبْ 
يُغازلها الكرى قَتَصُه عَنْةُ كما صكت عن القرج الكروب 
دا المسلعة لكر فك لياقها خوينة 1ن كوه له 
شاق من رَبْع الأماني أَرَجْهُْ ولأمْر ماشجاني مَتذرَجُة 
في 3 ني أتها 0 أقني وخيالات القت قمعت رج للق 
وكئة املشة أخيرة يتجلى: في عدم نوو الفتري: إلى إحدات: ممظايقة لقيقة نين حافن الشق 
الشعري وما يقابلها من نثرء إذ يلجأ أحياناً إلى طرخ معان جديعةة في النقق اللنتهوي 
والعكسء مثال ذلك قوله في حرف الخاء: بكى على الميّت - مُوَاخء كأنَ أُجِلّهُ في قراخ فلتنة 
الباكية عن الصُراخ: 
في الله آخى فتئ بيب وأسلم الهَالك المُوَاخني 
جكى عينهة )فيل حرا . ١‏ "في أجصيل :دام الخر لفتحي 
اغتقد الحقء؛ وَاعتّمذه لاا تزرع الحَبّ في السبّاء! "ا 
أما ابن أبي الخصال وابنٌ الأبّار فقد أحدثا تطابقاً دقيقاً بين المعاني المطروحة في الشقين 


"/ ج - الإيقاع: 


إذا كان المعري قد وزع مادّتّه الزهدية عبر ثلاثين قالباً (أحروف الأبجدية)» وراح يكتبُ في 


.١5- ابن الأبَار: مظاهرة المسعى الجميل...مخطوط بالمكتبة الأحمدية بتونسءجامع الزيتونة تحت رقم(؟)4,33 » ق1‎ )١( 
المعري: ملقى السبيل (رسالة الغفران/كيلاني) ص؟؟”.‎ )١( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /47١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


كل حرف مقطعين: الأول نثريٌ والثاني شعريء فإنّه يتجلّى لقارىء رسالته أنه اعتمد إطارين 
إيقاعيين في الشق النثريء هما: الحرص على وحدة السسّجْعَة في الفواصل النثرية غالبا لفل خم 
الازدواج» ويتجلّى في اتساق سجعة كل فاصلتين متعاقبتين قليلاء إذ غطّى النمط الثاني الشق النثري 
ال عراس اعرد مرا مرضي ليد لازا بال العزيك واو ان كل 
ادق لحري ميق القاقية مع احرف الملتمي. ليه 
فمن النمط الثاني قوله في حرف السين :" يَابْنَ آم :كم تخرس وتحترس» والموات أمنة 
حا ا و ا 0 » جل رب العَظمّة 
أذ لعفاف الك فيقجل ف 3و1 17أكا الف الداع حيلد ,تولك شي يكذ 
6 شت ا 00 2525 0 ل شك 
اق ١‏ كك لكا ورا م ا ا ك2 كا شاد 


أقول: إذا كان المعرّي قد اعتمد هذين النمطين فإنّ ابنَ أبي الخصال وابن الأبّار قد اعتمدا 
النمط الأول والتزما به في كل الحروف ٠‏ فجاء الشق النثريُ لديهما متّحدَ المسّْعة مُنسجماً مع روي 
الشق الشعريء مثال ذلك قول ابن أبي الخصال في حرف الخاء: " أينَ مَّنْ أداع» ورحل وأناح؛ 
وواعظ فما أصَاح؛ وأفل سَعْدهُ وباح» وتَرَك العيْش النقاح: 
هَل كان عند اليخ علْمٌّ بَمنْيُديغالذيأداخقا 
لمْيبق منة سوى حديث في حيث ماسر أو أناخا 
كم قرعت سَمْعَهُ الليالي بكل وعظفما أصّاخا 
اوقل مغك اء ته احييون - “ لشااحها تنك وبالخسسنا 


ونُى على عُلّة وبراح واللتك التمناية شاك 7" 


ومثله في اتساق سسَجْعَة الفواصل النثرية قول ابن الأبَار: "أيْنَ من كان بأنفه يشم وعلى أبناء 


)١(‏ المصدر السابق ص71؟7؟. 
١)‏ د ص 776 , 
الكل ال 000 الشحة. 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


جنسه يَيَذْخ؟ كأنّ طينتة لا تسنخ, وعرينتة ليست مما يُدَوّخ» بريء والله منه الول والأخ, وقذف به 
حيث يصرم ولا يصرخ: 


كن ارون مذ عتم مفسشجيرا وستييء 


وأنَ ما حماه من الأتكوافاجحه تتحهرة 
طحتاء وق ةط فيل عياف بسن اتتحدر اها 


9 درى أن أ ذي َم | تدى ل : إن 2 3 )1( 


يُضاف إلى ما سبق أنّ أبا العلاء المعري لم يكن حريصاً على إحداث مطابقة دقيقة بين 
الفواصل النثرية وما يوازيها من قواف صيغة ولفظاً وترتيبًء وكان ابن أبي الخصال أكثر التتزاماً 
مز حي التو قبي :و الاضل الاشتقاقي دون تطابق في الصيغة في الأغلب الأعم . بينما جاء ابن 
الأتار في هذا الجانب نسيج وحده إذ كيك مطايد: تامة بين الشقين ترتيباً وصياغة؛ والاطلاع على 
النماذج الثلاثة السابقة يُدعُمُ ما ذهبنا إليه. 

ثمة ملمحٌ شديد الصلة بما ذكرنا يتجلّى في جعل سجنعة الفاصلة النثرية الأولى قافية لصدر 
البيت الأول من الشق الشعري .٠‏ مما يترتبْ عليه عدمٌ التضابق العددي بين الشقين النثشري 
والشعريه لاتضر عد الأبيات بيتاً عن عدد الفواصل النثرية . وقد أقدم أبو العلاء على هذا الصنيع 
مرة واحدة في حرف الحاء, فقال: إن ابن آدمّ لشحيح» سوف يمْرّض - من القوم صحيح.... 


بأد | الم : كُ أله 1 0 رن السالمُ . 1 غزل إن 


وإذا كان أبو العلاء قد اقتصر على نموذج واحد من هذا النمط التتصريعي فإِنٌ ابن أبي 
الخصال قد تومئع فيه فغطّى أحد عشر حرفاًء هي الدبو بن هوم طم 15 الوا عه 
تحاو 3 هنا اننا الأنار قشكلى هذا اليد من التضويد لدية ابح عفن يحرفا “ومسي اح قفا 
خ؛ زء طع كه لء م ع؛ غ؛ ف. 

ولتق أناح هذا التمعل خلية كُمية ضيلة للق القاري» فإ شه خنطا سن التضبريع:الفننادو: تدم 


.5١ ابن الأبّار: مظاهرة المسعى الجميل.... (نشرة ميدان) ص‎ )١( 
المعرتي: ملقى السبيل (رسالة الغفران/كيلاني) ص؟””.‎ )١( 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


عليه المعري وحاكاه ابن الأبار فيه يتجلّى في جَغل سجعات الشق النثري قوافيَ متعاقبة لصدور 
الشق الشعري وأعجازه» فيقل الشق الشعريُ عن نظيره النثريّ بمقدار النصفء فقال أبو العلاء 
المعري في حرف الباء " يَقتَرُ - إلى الله - الأَرْيَابُ » وبالكافر يَحْل التَّبَابُ » وتَتقَطعْ - بالمّوت - 
الأَسْبَابُ » وفي الخالق تَحَار لباب , 

دانت - لرب القلّك - الأربَاب | وبالكفور يُلْحَق التَقِابْ 

وقد جاراه ابن الأبَار في صنيعه هذاء فقال؟ الحُر عَبْدْ الأطماعء والقناعة نهاية الإقناع» ودلالة 

رم الطباع , أغنى تَلَجْ اليقين عَن الانتجاع » شتان بين الإصنرار والإقلاع » يا بعد الخضيض من 
اليتفاع » ويا قرب العَاريّة من الارتجاع , والصلّة من الانقطاع » ضتُربت الأْمثَال للاستماع » قَحذر' 
تفسك من الانخداع » واشذذ رَحلّك للزّماع . إِنّ الفطام شرط في الرّضاع : 

ياك والإنقاف لأطُمَاع قناعَة المَرء من الإققاع 

في ما ادَعَى من كرم الطباع 2 وعاف من بذلّة الانتجاع 

تالله ما الإصْرارٌ كالإقلاع انخقض الوَفذ عن اليفاع 


تازه انوت إلى" ا اتتواع.. ‏ ا رطا العفو إلى «التستياء 


زايا لالتحا يةة انناء وللين ل ا بالانخفداع 
لو نكنا وبسنة في 7الترياك إن الفطامَ عقب الرضاء' 0 
*/ د توظيف الموروث: 


أشار أبو القاسم الكلاعيّ ('! في كتابه (إحكام صنْعَة الكلام) إلى نمط من الترسيل شاع في 
زمانه أسَهناة (المرصّع)؛ لأنه ' رصع م بالأخبار والأمثال والأشعار وراك القرآن وأحاديث النبي 


)١(‏ المصدرالسابق ص9؟5. 

)١(‏ ابن الأبار: مظاهرة المسعى الجميل...ص7". 

(*) محمد بن عبدالغفور الكلاعيء ويكنى أبا القاسم؛ من أعلام القرن السادس الهجري. كان أبوه (أبو محمد) من طبقة ابن 
بستام» وكان صديقاً له (انظر ابن بسام : الذخيرة ق” م١‏ ص75"). وكان جذه أبو القاسم بن عبدالغفور صديق المعتمدء 
وتديفة؛ والمفوطن: ف أت مملكقه وقد اماك شاباك انظن ابن سام > الشحور ةنوم 1 هن 782 ومحمدة علي + النشين 
النبي الاندلسي في .القن الكامس: الهجرق::مضاتيتة وأشكالة؛ دان الغزج الاسلامي ييزوكاء 4 أي غ120 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


عليه السلام» إلى غير ذلك من النحو والعروض وحل أبيات القريض" "رادا إياه إلى أبي العلاء 

المعرّي الذي "فاز في هذا الباب بالمُتخيّر اللباب؛وكان ةا ار عنه - شهاب فم وَعَلمَ عاسم 

احتوى من المعارف على فنون؛ وأعرس بأبكار من الغلوم وعغون' وروا وس نخير وطامحدرية 

0000 5058 هُ وعلى درابه سعوؤاء فذكر ابن خفاجة الشاعر (زت*7مه)! "'الذي"جمع في هذا الفصل 

5 000 01 5 55 3 3 3-00 9 0 

بين لدونة الفرع ومتانة الأصل..'اوأشار إلى كل من أبي بكر بن سعيد البَطَليُوسي! 

وأبي المغيرة بن حزم (ت478ه) '' الذي قلما تمضى له رسالة "إلا وهي على شعر أبي الطيّب 

مُغيرة "» ولم ينس أن يدرج لنفسه نثرا جارى فيه أبا العلاء فيما انتحى إليه ''! » مشيرا إلى أنهم 

٠. 5 5‏ 8 و لع .هه 5 ١‏ 

في صنيعهم هذا "بين غال متسور... وآخذ معتذر"! . 

.١5”ص الكلاعي: إحكام صنعة الكلام‎ )١( 

(١؟)‏ المصدر السابق صه”؟١,.‏ 

(") ابن خفاجة: أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح» من شعراء الأندلس المعدودين وكتَابها البارزين» له ديوان شعر غلب عليه 
الأعيان: تقديم محمد العناني» مصوّرة عن طبعة باريسء المكتبة العتيقة» تونس 3957١م.ص١77؛,‏ وابن خلكان : وفيات 
الأعيان .١/١‏ 

(:) المصدر السابق ص177. وقد أورد الكلاعي قطعة من رسالة لابن خفاجة رواها ابن بسام كتبها لفتى من أهل الأدب 
ولي ج حضيناً» .وكانت:بينهما مفاظعة؛ يقول فيها: "كنت اعرف الله - عن ود قَدُم... فلا تتخيّل - أعزك الله أنّ رسم 
إخائك كلاق :11 تيا ف وين وهنا ول ا صدري :اد طتة اسن موزر قن فلت انما آنا قعل إذا بي كلوز من دن 
وه ما بطن) ويذا منه مأ كمن....وإنك - وإن تآخر ل ل 
لم يقع إلا مُصغرأء والأيام علل تَبْسَطْ وتقبّضء وعوامل تُرقَعٌ وتُخقض. ة فلا دخل عروضتك قَيْضٌّء ولا عاقب رفعكك 
1 انظر الرسالة في: الذخيرة ق7 م١‏ ص5:ه . وابن خفاجة(ت577ه ) : ديوالنه . تحقيق : السيد 
مصطفى غازيء الإسكندرية ٠97١م‏ »ص3”556 -78” . والمقري : نفح الطيب ؟/ه/ -7/,. 

(5) أبوبكرء عبدالعزيز بن سعيد البَطْلِيُوسي وزير كاتب» غرف بابن القبنطرنة» وهو أحد أخوة ثلاثة يُعْرَقون ببني القبطرنة أو 
القبطورنة» وأخواه هما: أبو محمد طلحة بن سعيد» وأبو الحسن محمد بن سعيد؛ كان من جلّة الأدباء ورؤسائهم؛ كتب 
لمتوكل بن الأقطس ييطليرس؛ ثم ليوسف بن تالخين بعد تغلب المرايظين على الأدلس» قال ان يسام فيه ان 
انظرابن بسام : الذخيرة ق١‏ م١‏ ص4 75, والكلاعي اك طقدة الكو 13 

[5) بو السعيره عد الوهالجدين: أكمد بن عيذ اردق ين كم الترتطن: الالكلسسي» مق الوقن ]ان الشضو ]اه الكناب ترك تراط 
وجال في دور الطوائف. وتوفي بطَلَيْطلّة سنة 4ه عند المأمون بن ذي النون» ولم يُعَمَْ طويلا. وهو ابن عم فقيه 
الأندلس الإمام أبي محمد ابن حزم (المتوفى سنة 455ه) انظرابن بسام : الذخيرة/ق١‏ م١‏ ص”177١.‏ وابن بشكوال : 
الصلة ص 251١‏ والحميدي زت445غه): جذوة المقتبس في تاريخ علماعء الأندلس» الدار المصرية للتأليف والترجمة» 
القاهرة 51757١م.مص7727,‏ وابن سعيد : المغرب .5"0517/١‏ 

(0) الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص78١ .,١55-‏ 


51 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


5 هذا "بين غال ري وآخذ 1 
ولم تقف استجابةٌ الأندلسيين لهذا الملمح عند حَدٌ الكتّاب بل امتدت لدى الشعراء » لاسيما في 
مجال الاعتبار بالماضي أحداثا وأعلاماء ويمكن رصد هذا الملمح لدى ابن عَبْدون (ت١7٠ده)‏ "ا 


والأعمى التطيّليّ (ت5؟7ده) '' وابن الحاجٌ الغرناطيّ (ت١/الاه)‏ 7 وأبي البقاء الرُتدي 
زت58:4ه) عا 


وقد ألم أبو العلاء المعرّي بهذه الأنماط في رسالة (ملقى السبيل) من توظيف للنصً 
الرائ افنباسيحا أو امتصاافتا !""والفكل العري: ١"!‏ ومقزدات العلشوه ومخطتحاتهنا إلى 


)١(‏ ابن بسام: الذخيرة.. ق١‏ م١‏ ص27”5 ودليلنا على صدق ذلك ما قمنا به في بحث سابقء تناولنا فيه تجليات شعر المتنبي 
على مرآة النثر الأندلسي في القرن الخامس الهجري فقط؛ انظر ميدان : المتنبي ومترسلو الأندلس في القرن الخامس 
الهجري. 

:)١(‏ المراكشيء عبد الواحد (ت57157ه): المعجب في تلخيص أخبار المغرب ٠‏ تحقيق محمد سعيد العريان» المجلس الأعلى 
للشئون الإسلامية» لجنة إحياء التراث الإسلاميءالقاهرة 1751١م»ص514١‏ وما بعدهاء وابن بسام: الذخيرة ق” م١‏ 
ص 77٠0١‏ -77. أما قصيدته التي يتجلى فيها هذا الملمح العلائي فقالها في رثاء دولة بني الأفطسء ويبدؤها بقوله: 
الدَهْرٌ يَفَجِمٌ بعد العين بالأثر فما البكاءٌ على الأشباح بالصُور 


وقد "أزرت على الشعرء وزادت على السّئر... فجلّت أن تسامّىء وأنقت من أن تُضاهىء فقل لها النظير وكشر إليها 
العكير على :د يدر المواككني» 

(؟)التطيلي ٠‏ الأعمى: ديوانه ومجموعة من موشحاته»تحقيق: د. إحسان عباس دار الثقافة» بيروت» ص10 .١‏ وقصيدته رثئ 
بها أحد أعيان إشبيلية؛ وتعد من عيون شعره؛ء وطالعها: 
خذا حثّثاني عن فيكل وفلان لعلي - أرى - باق على الحدثشان 


الثقافة, بيروت مصلا -78 1١‏ وقصيدته في رذاء يكاله الفقيه احا موعن القيبي» مسترها يلها 
هْوَ الخطبْ هل عَجِّتَ به قَيْسْ عيلان عَجِيجَ الحجيج استقبلوا عب نغمان 


(5) المقري: تفخ الطّيب :7١/7‏ ومكي: دراسات أندلسية من 47": وقالها وهو ابن الخامسة والستين من عمره؛ عندما تنازل 
محمد الغالب سلطان غرناطة عن عدد كبير من القواعد والحصون الأندلسية عام 57575ه/777١م.‏ ويبدؤها بقوله: 
لكل شيء إذا ماتمٌنقصان فْلايُعْرُ بطيب العَِّش إنسان 


(5) مال المعري إلى امتصاص الدلالة القرآنية» وإن ظلت بعض المسكوكات اللفظية التي تردنا إلى المنبع المستقاة منه باقية » 
مثال ذلك قوله: (ص١5؟)‏ 
5 ان الف" : يمد 8 0 ا 5 
وخحبطلتد أعم ال ة فسمسابكنى ولااكترث 


2 مو |ظن: أحرد عن 20701 ”* 5#", 
لت ع وي تكست موكة رودل ا 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


امتقد اش لد لذلالة عضن الأرجلت ‏ التحوجة السام افيه 1ع مكال: ذلك فونه 


أو عاك شيل فنا سنك فنة .نوف وق الي ل و 


إذ استوحى معناه من قول يزيد بن الحكم الثقفي (.ت5١٠‏ ه ) : 

ويا الكائة والأمتحوخ إلا وكاتتة ١‏ اق زؤوحا ان كر اوداك 
ومن مثل ذلك أيضاً قوله: 

ماتشفعالصُنُ لأصحايبه. إن حَمئن الوَجَةٌ وساءً العمل 


وفي هذا إشارة إلى قول القائل: 
فلا تجعل الّدْنَ الدليل على الفتى فما كل مصقول الحديد يمان "ا 


مما أضر بأهل العشق أنهمُ هووا وما عرفوا الدنياء ولا فطنوا 


تفنى عيونهمٌ دمعاء وأنشسبهم في إثر كل قبيح ووه ذا 


وإذا كان المعري قد ألم بهذه الأنماط إلماماً فإنَ ابن أبي الخصال وابن الآبار قد توسعا فيهاء 
وإن احتل النص القرآنيّ مساحة واسعة » وتباينت وسائل توظيفه » وتوزّعت بين الاقتباس النصصي 
والامتصاص والإشارة» وقد جمّعا في مواطن متعددة بين أكثر من ذ نط مدل كللق رونا والها ابن لعي 
الخصال في حرف الهاء: "وازن بين الهوى ذالم واعلم أن "إلى ربك المنتهى"؛ والنارَ محفوفة 


وقد جاراه ابن الأبّار في توظيفه أيضاً فقال: "أقرَ على جتنه المتمخط... وقرعَ سن الندم على شره المتأبّط.." وكرر 
توظيفه في الشق الشعري فقال: (ص؟4؛ -50) 
وإيكاك والتفريط في البحر والقى نقد قوع الث الأمتصول المقروكط 

)١(‏ المعرتي: ملقى السبيل ص77". 

(؟) السابق ص٠5".‏ 

(؟) البيت لابن نباتة الستّدي. 


(:) المعري: ملقى السبيل ص 55". 


دنا 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


بالشهوات.... أما إنّ الحريص ليبيع اللي اللي لايع عق البدن :ونتطة تحتل في 101 

فبدا هذا النصُ على قصره مُكتنزاً بالمصادر التراثية التي تنتمي ي إلى القرآن الكريم في اقتباس 
جزء من الآية 0 . وامتصاص دلالة الحديث النبوي: امح كدو ركم 
القارة بالشنيواخا! '".وتوطيك المئل العرتي القائل"أريها المنها وتريني:الق1”! 

وقد جاراه ابنُ الأبّار في حشد عدد من الروافد التراثية أيضاً في نطاق ضيقء وإِن فاقه كثرة 
ورود » مثال ذلك قوله في حرف (الزّاي)؟ بَسيط الحياة وجيزء ونوامُ البيّدت عزيزء إن للمُتقين 
مفازا فلا يفوتتك تفويزء أما لحالك من الانتقال عن مُحَالكَ تئييز» مَوَاعيدُ ليس وراءها تنجيز. 
وأناشيذ يصف هواءها تقصيدٌ وترّجيز للمتّعيد بخافه إلى أسه تجهيز» ولجافه كأزيز المرجل أزيزء 
هل تَمنّع شيرونيه أو تمدع أبرتويز» المعصية حَبَت والطّاعَةُ إنريزء إخلائك لليأس قريزء والغزلة 


من الناس حرنٌ حَريز: 


نيوا توي التوكيياة إلا وعمبحذكر ونفعداة لقعلاف كعات 35 محيط 
٠.‏ 3 أ 57 0 م | وذ ازثوا و3 7 ل اك أ 5 3 والثة يز 
وأحجق الحمةاك اجر تع يمتججالا 21 ا ل ا ار 


والقارىء للمقطع السابق يتجلّى له مدى احتشاده بالروافد التراثية المتنوعة المشارب؛ فمنها 
الاقتباس النصي من القرآن (إِنَ للمتقين مفازا)» ومفردات العلم ومصطلحاته (تقصيدء ترجيزء 
الرتقع» الحال» والتمييز)ء والحديث النبوي الشريف (ولجوفه أزيز كأزير المرجل)؛ ومن الأعلام: 
شيرويّه وأبرويز. 

ولم تقف عناية ابن أبي الخصال وابن الأبّار عند هذا الحدء بل امتدّت إلى النصّ الشعريء 
فراحا يَحُلان معقوده تارة » أو يمتصان دلالته تارة أخرىء مثال ذلك قول ابن أبي الخصال : 
"العَجَبُ من ذي اغترار واعتزازء يعلم أنه على وفاز" إذ حل معقود قول أبي العتاهية ( 10 
١ه‏ ): 1 


)١(‏ ابن أبي الخصال: رسائله ص7817. 

» الدارمي(755ه) عبد الله بن عبد الرحمن: سنن الدارمي» تحقيق أحمد زمرلي و خالد السبع »دار الكتاب العربي‎ )١( 
بيروت 5.07١اهب 99/9؟,‎ 

(*) الميداني(ت8١5ه)‏ أبو الفضل أحمد بن محمد: مجمع الأمثال » تحقيق محمد محيي عبد الحميدء دار المعرفة عمص88”. 

(:) ابن الأبّار: مظاهرة المسعى الجميل ...ص48:57 . 


رناذى 


معارضة (ملقي السبيل) للمعري في الأندلس أيمن محمد ميدان 


وهذا الخلق منك على وفاز وأرجلهم جميعاً في الركاب "١‏ 
ومن مثله قول ابن الأبّار: 
وكم ناتت فأسمعت الليللي2- ولكن لا مُصيخ إلى مُناد "ا 


الأسدي: 


لق لمعف لو كاقفت تا ولكن الا حياة لقن كادف ا 


إن تدبّرَ ما سبق تناوله من معارضات أندلسية نثرية اتخذت من خمسة أعمال معريّة محورا 
لها ونقطة انطلاق يُقُضي بنا إلى رصد ملحظين؛ يتمثلان في عناية أربعة كناب أندلسيين بمعارضة 
لسرن تون نج اقرش لاقي :و الشاع 'الوجرم ماف ابن الى الحهيان. كد 6ه بز مدن 
القاسم محمد بن عبد الغفور الكلاعيّ (ه؛ ده ظناً)ء وأبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي 
رك 14ها)ء ولميذه:متحمدين الأثان :القضاعئ (567ه): ونيد في اتكاذهم ليذه الأعمال' العلائية 
الخمسة دون غيرها مجالاً للمعارضة إنما يجسدون الموقف الأندلسيً من إبداع الرجل بصفة عامة ؛ 
فهذه الأعمال تتوزَغٌ بين الفني الخالص (السجع السلطاني)» والأخلاقيّ النزعة (الصاهل و دافم 
وخطبة الفصيح, وملقى السبيل)» والتجاوب مع التراث العربي في انسجامه الكبير مع تقاليد القول 
وشروطه (سقط الزند). 


."8٠١ ابن أبي الخصال: رسائله ص‎ )١( 


. ابن الأبّار: مظاهرة المسعى الجميل ...ص47‎ )١( 
.ومن .مكله أيضنا حله معفوة قول أبئ العتاهية:‎ )*( 


تجالتج' اق واساحو حكن فيحون أل لالخراض فحن لزان 


فقال: "يا من يُغريه القَيْض» ولا يغنيه الشقص؛» أذل أعناق الرجال الحرص" ص50. 


5 


المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابهاء المجلد (”) العدد (") جمادى الآخرة /547١ه‏ / تموز 1١٠٠م‏ 


6 


مه 


3 


رخات 1ك الاقاناكا ]0 دناملعستكا عأاتسعطكد] ع1" 


01 21نتتامل اقتسمل1م ل 
11126111ط 2110 211511256 آ 4131ل 


01111331 ل طء“تدعدع؟1 ل0عع1ع121 121161112101121 ترق 


(2007 لتدمة) 1428 1 15طدخ]آ ,(2) .0لة ,(3) .1701 


15511 1026-1 


01 21نتتتا0 أل تستمتصد :ده أل 


:111121111 2110 121151125 ©1-21ىم 


01111131 ل طءنتوعوع12 ل0عع:1ع141 121111126101121 ترم 


(2007 اتامة) 1425 1 15طةخ]آ ,(2) .30 ,(3) .1/01 


©-1161:24111.آ 21220 121151125 ©21نة 01 0111:1221 أل لاقتطقل1م ل 
011121( 0عع1ع1ع1 20ج :122016 12:61:22010121 ىم 


101 عع ااتلمصصططمن) ت#عطعتاط عطا نإ 10112060 بلمصتناهز لعع2ع121 10161021610021 مله 15 21متتامز عط ]' 
7لله01 6610 لعطكناطتنام 320 ,مقل101 ,مدع تلط تعطعتط 01 لإتاأكتمتلطا عط غ2 لاعموعوع] عللامعاعد 
,كلكا ,01115117 لآ طذغ” كط ,طاعنتوعوع] عتمرع لدعم 01 متطوصدعح<آ عطا 6 


101-لث تتمطتةك 21015501 تأعتطن) 101601-11 
طع ه10 على تمقناعخ ناد مسعلدكد :لتتدماءتدعع5 101601121 


10101121 110: 

7 طاء155آ 21015501 2 »© 
41-2 0ن2طااطا "امووع101ط 
توكلكلة8 11اك5نالا 1015501 
كط 10ا0تقتطد/طا «امووع1»01ط 
7+ ططق :امووع101ط 
اكلدتة] 0ع21ط]آ امووع101ط 


1011601121 401715017 0210 


50خ -لخ مدآ لخ ناء5داظ :زمووع01ط لمكتل طكا مستتهعلان0طخم امووع01ط 
ممخططهة] تتععلقطك 1مدووع201 لخد 5 10اممصطدك/ط امدووع1م00ط 
10 عله[ د مان لطم امووع1م00ط اتدططرا-لخ 0دممط©طك 1مووع01:ط 
71 -1لخم لنقلة01115طق امووع21:01 نغ 0دممط©طك 1مووع01ط 
طعله120ط-لخ 01113217طخى 1مووع1:01ط طواعء21ط51 ملظ 20تتصمقطه/8 امووع001ط 
1“ ]-[خ 1ع11020لطىم 1مووع101 “قصة]8 دلخ 1113217لطى 1مووع101 
لله طقلةك 1مدوع101ط نلطك لتلةزانلطى 1مدووع101ط 


0210 متل-لظ سددمط 201 :«جع0مع1مواط اعتاعومآ1 
1135315 192290 .01آ :7ع0011:20ظ عتطوسدم 


0 مر 
715 .الث واطةا[ 


00115201201612 101601121 
وآعلط')-12-"01غ1,0116 :0غ خدعد ع 512011101 101كك1طنتتطاتاك 101 كام1ت1ءكتاصة 3/1 
©-1161:24111.آ 2120 121151125 ©21 تدخ 01 1:1221نا0 أل لاقتطقل 1م ل 


طءنروعدع؟]آ عتدسعلدعى ]0 متطاعصدوء12 


(19) :1850 .62.0 
و(١١7١51)‏ ط3ا*111/ط ,[اأكتاع اتنا طوا للا 
12191 
م" ا -".) :11 
ا را ل 02 | 


0 ©2121 َل ااتمد 1 


1-:011 [[/:593737:.100111213.601101.[0/0121//:مراغخط عغتقطء .1 24آ1 


(2007 لتدمخة) 1428 1 15طدخ]آ ,(2) .310 ,(3) .1701 


0012101110115 01 5: 


151135 اع015 32 01 اأكتاعطظ 12 11161005مهمن) .عاطوحتث صا ع6 ل1نامطد كه 1)تاطتغممء لاىث 
0210 10101131 عط 01 اأمعكدمه عطا طغل؟ لم أمعععة عط لاقل 


ع5 عأاطنتتخ عطا 0غ 021700 كنا ط ادم ((اتقامطء5 17لنان طاعتط دعطامعاع 021كنامز عط ]' 
.5 2001 لله ذ5اكتع] 0م21 [قطةتا نه 0عغ01» ,دعاع221 عكلتا ,ع:تتنوتء نا لله 


عء0 ا*0ضكقط ملقصاعتاه 15 10116 عغطا أقطا اأاعلاع ةاد طع 1711 2 ما امد ل1تامطد #مطابج عط" 
26.1٠١‏ 01 خذاطا مه 01 دم غ20 15 320 0111031[ نثمة 101 ]اتاد 


طع21ع165 11[أطعككء5 01 5ع1نةا عطا 1011017 10تامطد 17011 عط 1" 


عطا ما دعاع1ة تخاعطا ما غطع11زم0ء تتاعطا أوء؟ 21]6015 أقطا 6005دعناطنام 01 01005ممء 2 15 غ1 
11 طا 17011 تتاعطا 01 ععمهوأاوطناد عطا ع5نا 0غ غطع1؟ عطا طتماء] ,اعلاء207 ,15مطاسث .لومتتامز 
01101[ عطا مآ 1122610طنام 1101م 5غ1 ععل0ع11مطاعة تزإعطا أقطا 0ع20110م ااه 


1101م 11 ,100دعناطنام “عله كتتوعز 1570 50012 2 ا عاعاقدة عطا طاحتاطنام (2023 5امطانكخ 
عط 35 0111031( عطا 10 معئكاع 15 الاعماععلع20171اع2 أقطا 0ع10110م ,لممتتتامز عطا جاه 2ه1دكتممترعم 
1م 01 ع501116 لقصاع 011 


طعتط7؟ مغ خدعاكء عطا 5ه اتاعسصتصدمك مغ العامة ع5 17111 دعع1ء1ع1 101 01 50آ ه[وختطاطناد تعاكم 
.لمع غطا 0غ أوع قعاص 01 ع5 13111 0ه 0111021( عط 01 كمطتة عغطا دأععمطط عاعمتة 0ع05م0م عطا 


5 ,لمم غخ 015 غ510 عه زه مم7 ,لعغتططند ع6 11امطد أمتتء5تامقطط حاعوء 01 كدعاممء تتام 


3 7[ 312160م0102ع26 10211 0101031797 59 غمعد ع5 ده 5أماتككء5تتصد8 .0ععدم؟5 عاطنامل عه كطاع مدر 
لعععه ]20 1نامط5 أماكء5تاتطقطط عطا 01 طاعمعا عط1' .اعطعتط نه د 117020 كط ما ماع ]ستل طاعصا كا 


40 5. 


5 511110121 320 (5)ع2322 عطا ,عاعتاته عطا 01 ع1غن عطا عتحكقط 0[تامطد ععدم أوا عط 1' 


72677 101 105دعتاطنام طغلةا 0ععع10م م10 ]00 غطع1 عطا دعنتاعوع 01و80 80101131 عط 1ل" 
11 


.(2111501)5 عطا 0غ لعمتباع؟ ع6 غ20 7111 10 دع1ا[طنام 101 0ع1أمعع20 ]20 عه أقطا دأمتتعد نامدا 


0 ]م70 علاعع0 ترغطا عكمء صل 5عع1 002هنلهاء لله :23م لاتامطد تإغطا أقطا أخصمدتتة1؟ (1)5مطاندج عط ]' 
177311761 101 2101 عتاطنام 1111 0عع10م 


]31 طامط 2 متطلا؟؟ دععنعاء1 عطا نآ لع أوع51155 15ع70202عمطة عطا عكلقحط ل1نامطد (1)5مطانج عط [' 
عط 10 3550م 15 امهم عطا 


2031 0غ (065531ع2 ع6 203 35 5ع1228ء 01131غ1لع أعناد عكتقطط مغ غطع1 عطا دعتتزعوع] هنامز عط 1" 
101 عاطواتنه عاعتاتتة عطا 


01 ع05ط1] لإلتتهدو5عع26 ]20 ع3 لعطنة *15مطاتتهة عطا 01 عذدمطا عنته وعاعلاتتة عطا ما لعدوع1معء 5م171 
تعطعتط عطا 01 (زعنامم عطا أععللع1 :723 لاله صا 01 ,الداع كلملا طلة“ بلط ده لتتدم8 ل[هل1مغتلظ عطا 
051 11250012 عالمتعطدد]ط عط ]1 مآ 1210ل 01 'إتاأمتمتلة عط :ده عع لمسصطهمن0) 


:1 101 و01 


56221366 1570 01 0ع تا[عصا ع6 10نامطد 10105 ٠١‏ ١.ء‏ 01 أع12و30 لامتاعصط 00د عتطدتذث مخ - 
40 ع221001 ,أوقلط) دعمصقم عطا ,عاعنتد عط 01 غ11 عطا عمساعصا 10تامطد د5عع3م 80 عوعطا 01 اعوط 


.ككلطة1 عتدطع0دع3 تتاعطا لطته بلتقصا-ء عطا ممه ذ5وع2001 0531م عغطا ,(1)5مطاناج عط 01 (عططه تناد 
70] عط 01 حطهغ]0 عطا غ2 تتدعمم3 0لتامطد (7:0105 ٠‏ .ع) 1105م زعا عط 1" 


:5ع© ع 111 

5 12 0م0126 أءاع] عطا ما 1061215ناه عتطوتخ 0ع1315 غ71 علممط عله كمملكوككه ابرع -م[1 
عط 01 جطهغ]0 عطا غ2 05غممتامكصا عستطحتاطنام عأعامصطمء ع101710م غقطا 5غغأ20 م1 عمتمعاءم © طم 
6 320 1 [ةاعمطتتتط عطا غ11 عطتاتةا5 كلة1عجاتام 01 ععمعناوهء5 0170 15 كقط ع38م اعوط .عع28م 
للد عط عمتااعما 5101110 غ20 عطا ,عع1ناه5 2 د5عككء 1مطاناج عغطا عمطتتنا أذت عط]1' .ععهم عط 1ه ممع عط غج 
لمعك معهءط 316203 كقط غهط] عع50111 عمكدد عطا ما دععمعنعا1ع] امعناوء515 .1026102مكصا عمتطكناطنام 
1 لعدعء]01ط5 2 صا ماعككاع ع6 110امطاد 


رده" عزاود ]1 

1001 
115 عطتقط أكهآ) عمتهط 1*5مطاتته عغطا (1) :ذغتمنا ع110 ما لعع صمفتتته ع6 5101110 2م 1أحسمتامكما عط 1" 
:2 2201 11131 ا طلتدعل 501*5]تتج عطا 01 عغهل (2) (وعطتهط ع221001 ممه اكت عط :(6 لع:15ه11ه10 
01 01غ1325136] 01 عتمم (4) غطلام 5010 ما عآه0ه6 عطا 01 عالغتلغطند عمد عاغن عطا (3) .ك5تهلمعلدهء 
01]) تنا 2 ,ملغدعنتاطنام 01 ععدام ممه غعغه1 ,تعطكتاطنام تعطصبه مامغتلء (5) عل امصممء/مغتلء 
.21117 (5)ع2285 320 ,70112 عطن1 170 [ناحط 2 

11 
20101 . 2قة23999ل-لذخ' .(.للذ 528./7/71 255 1) تطو8 ططز نتحسث' تاقصطانا' تاطخ ,12ة1-1اىهظ 
701 ,1965 ,متتتدنت) ,أطهلةلا-لد أطوظحله 1/1156512 بلامغتله 274 20تتتمتدط110 منتقلدك1 لطم 
3,240 


:50111 52126 عا 0) كععرءتع1ع:1 الع تاوعدو طناك 
.701.72 ,37255813لطعلى .عتطة[-1ام 


ل لكا 
طغدع0 01 غ026 لله (دعصتقط ع221001 عمد أكك :(6 لع:101101 11156 ,عمصتمم 56د1[) عتمم 1*5مطاتة (1) 
.11 ع238 :30/01 ناءطلطتتط 10110 ,ععهام (3) غصقام 6010 ا أماتء5تتصهمط عط 01 غ161 (2) 


1 
-21 511216 0113 “انلط)” 112 -لج 1501-لى :للخ 7٠١ خذطق./١ ١+١‏ 0) .تلث' م16 لفطك ,امقمتك]ا-اىم 
:47 1211125261 102اء0116ء طعنت/8 ,01010 ,انا صماع2001 ."اتاعصد1ط-لد علتلد1ظ لد قغلنك 
.٠ه‏ 10110 


61001215 صا دع41011م 
4 12 1031تا0[ عطا 01 ع1 (3) 102115 110136102ن صا عاعلتتد عطا 01 غ11 (2) عممطمم 1*5مطاتسهر1) 
.ك1 2256 320 80633 ,211101 ,عمطنام؟؟ (4) أمتام 


1 
2 1[الاطناطلئا طها ”د81 “.لم 51:31201ناله0متحله طأقتتتفاظ ناتزتاذحلة 033:06 “ .طهله؟ ,ةنول 
.179-66 .مم ,.للث 4281./1995 1415 ,2 تءطتصبص ,701.10 ,أقمهتتتماعله 


(5ك200[1 0160162660 ,55 012ع81:0©6 ع©0211:22) ) 50015 0ع1:0166 


ما عله600 عطا 01 غ11 .(3) 2221125 0]2605نن صا 0ععه1ام عاعلتتة غطا 01 ع1 .(2) عمتمهم 5 مطاسة .1 
و اطلام 01 ععدام انه عنه0 ,تعطكتاطنام ,ممغتلظ .ذ امغتلظ عط 01 (5)عمصدلط .(4) غمتام 10مط 
.21111 (356)5م .6 


1 
8 للتاآكممة0) مدل 81130 15 مللواطوعخ '-لخ 41-0036311 طناأه135” :8115218 ,ترةجان-اىم 
0 115 ملطدسططا غأقكد :انط تطدكتد ١12‏ لخ طقتنطانلا 11 ,”زنط -لخ 1-1501 لمعه -لخ غةتدطالط 
بأناكلء 8 ,آنمند[وآ]-لخ طعدط-لخ 12314 لمه ع0ة5 1231 بممقكتله *1 ,مقة'ودحخ ملسنطةقط1 .280 ,رومقطط4» 
0.7 ,1997 


15 ا عمقمم عط :6 لع:101107 عاطوعخ صا ماع71 ع6 ل1تامطد د5ع تناع معاع101 01 د5عمطتوداح - 
.5 1232 0م0130 132511286 لقطاع 011 

01 6013ماع تلإعصطظ عطا 01 بطاعأزتزد 105غه ع اتاكمةت عطا عدن 'ز[أدعءأكاكطمه 11نامطد 1]015اطتنامه0) - 
لطع ]5 0ع08ع0171اع2 :1710159 2 15 طعتطن8ا ,منمار] 


01 عمتقط عطا ما ععورعاعاع ىا 665 1ع0126ع06 11 0م0126 ع2 وعولء7 1115ل 
5 00111 ا 0عع12م 15 112016105' أعطممءط عط]' .عوء؟ عطا 01 تاعءطلطته ممه غمتتتد عط 
. 11201102" أعطمهظ عط 01 5عع50101 1هملع11ه0 عطا مام ل0ع]10ن معط زر )) :كتطا عكلنا 


©1161:24111آ 2120 121151125 ©21 تنخ 01 0111:1221 أل لاقتطقل01 ل 
لملتتتامل طعستوعدع؟] ل0عع :117 1226122610121 ىم 


20 101126102 “تعطعالط 01 1517صط 1 ا/عء]]تتصصددمن) لطاعستدعدع]1 ع1تامعك5 «تعطعتط عغط) 55 0عن155 
1711لا طذا تالالطا نروعدعغ]1 عتدمعلوع4 01 متطعصدء2آ غطا تبه اعنردعدع؟]1 عتلتاسعكندك 


(3 لال) ع2 11 


الك 


:0 غمعد ع5 11امط5 1005)م 51151 


©-1161:24111.آ 21220 121151125 ©21نة 01 0111:1221 أل لاقتطقل1م ل 
طءتدعدع؟]1 11تاأدسعنء5 01 متطكصوء12 


11 ل 1111*311 
00 ل -1221:31 


10م 1111ل 


1111111 
ننوعنز اه [10 (1آ] : مهلىه10 5 
قوعت زع [530] :ونام ماع01 5 


:5 0181017131710717107خ123ظ2 
ننوعنز ات [20 (1[] : م10 5 
قوعت( نزء2 [540] :5ع متام ماع01 5 


211: 

نوعلا نزءط [5 (1[] 6 
:010115 ع عتصواخا 5*ندع1651اك 
ا 
55م 
00[ 
0111 م 


ع0 205131 |[ ] دآ علموظ اك عناوع 0 |[ ] 


00 /(/ :1266 تا الك 


المجلة الأردنية في اللغة العربية آدابها 
مجلة دورية محكمة تصدر عن اللجنة العليا للبحث العلمي - وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - وعمادة البحث 
العلمي في جامعة مؤتةء الكركء المملكة الأردنية الهاشمية 
ثمن العدد: (") دنانير 
قسيمة الاشتراك 


تصدر المجلة أربعة أعداد في السنة» ويدفع قيمة الاشتراك بالدينار الأردني أو ما يعادله بشيك أو بحوالة بنكية ترسل 
إلى : 


رئيس تحرير المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها 
عمادة البحث العلمي/ جامعة مؤتة 


الكرك - الأردن 


قيمة الاشتراك السنوي: 


- للافراد: 
5 داخل الأردن: )٠١(‏ دنائير 
6 خارج الأردن: (0) دولاراً 
- للمؤسسات: 
5 داخل الاردن: )٠١(‏ ديناراً 
6 _خارج الأردن: (0:) دولاراً 
- للطلبة: (5) دنانير سنويا 


اسم المشترك وعنوانه: 


الاسم 

العنوان 

المهنة 

طريقة الدفع: | | شيك | أحوالة بنكية |[ |حوالة بريدية 


٠.0 / ١  : التوقيع : التاريخ‎